ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 12/08/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ماذا يريد الغرب الأوروأمريكي من الشعب الفلسطيني؟!

أ.د. محمد اسحق الريفي

لا ينظر الأوروأمريكيون إلى معاناة الشعب الفلسطيني على أنها تكفي لتحريك مشاعرهم الإنسانية تجاهه والعدول عن مواقفهم الجائرة من قضيته، بل ينظرون إلي هذه المعاناة على أنها تمنحهم فرصة لمحاولة إقناع الفلسطينيين بالرؤية الأوروأمريكية للصراع العربي–الصهيوني، ولذا يشترط هؤلاء على الفلسطينيين تغيير عقلياتهم ومواقفهم من الكيان الصهيوني قبل أن ينالوا تعاطف الرأي العام الغربي الأوروأمريكي.

 

وبعبارة أخرى، يسعى الغرب الأوروأمريكي لتوظيف معاناة الفلسطينيين في الضفة وغزة لصالح الكيان الصهيوني، وذلك من خلال إقناع الإسلاميين الفلسطينيين بتغيير مواقفهم من هذا الكيان الغاصب، لتنسجم مع شروط اللجنة الرباعية الدولية، وأخطرها الاعتراف بما يسمى (إسرائيل).  ويأتي هذا السعي المحموم مواكباً لتفاقم معاناة شعبنا واستمرار حصار غزة والعزلة السياسية على الحكومة التي تتولاها حركة حماس، وبعد فشل الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية في إجبار حكومة حماس على الخضوع لإملاءات اللجنة الرباعية.

 

وفي هذا السياق، تحاول مجموعة غربية أوروأمريكية من العاملين في الحقل السياسي والدبلوماسي والبرلمانيين، منذ عدة أشهر، التأثير على مواقف حركة حماس، وذلك عبر عقد لقاءات متكررة مع نخبة من منظري حركة حماس والمثقفين والأكاديميين الذين يتصدون للدفاع عن القضية الفلسطينية والأمة العربية والإسلامية.  وتأتي هذه اللقاءات المتكررة في سياق محاولة توظيف معاناة الشعب الفلسطيني لإجراءات تحولات جوهرية في عقلية حركتي حماس والجهاد وإقناعهما بضرورة تعديل مواقفهما من مسألة "التعايش السلمي" مع الصهاينة المغتصبين لأرضنا والمعتدين علينا.

 

وقد تجلت محاولة التوظيف الأوروأمريكي لمعاناة الفلسطينيين سياسياً في المؤتمر الأول الذي عقده معهد بيت الحكمة بعنوان "آفاق السلام: الفرص والمعوقات"، وذلك في فندق غزة الدولي يوم الأربعاء الموافق 30 يوليو 2008، حيث رهنت شخصيات غربية أوروبية بارزة من المشاركين في المؤتمر نجاح الفلسطينيين في نيل تعاطف الرأي العام الغربي الأوروأمريكي ومساعدتهم في تخفيف معاناتهم بقدرتهم على الاستجابة لشروط المجتمع الدولي وإملاءاته.

 

وكان من بين الشخصيات الأوروبية البارزة في المؤتمر أحد المستشارين السابقين لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، والرئيس السابق لحركة الشين فين الأيرلندية، وأحد أعضاء مجلس اللوردات البريطاني، وأحد السياسيين الفرنسيين اللامعين، وتغيب أحد الدبلوماسيين الأمريكيين عن المؤتمر.  زعم بعض هؤلاء الأوروبيين أنهم يعبرون عن الرؤية غير الرسمية لشعوب دول الاتحاد الأوروبي لآفاق السلام ومعوقاته، ولكنهم في الحقيقة عبروا عن الرؤية الرسمية الأوروأمريكية بشكل واضح، وهي رؤية مشوهة وغير إنسانية ومنحازة إلى الكيان الصهيوني ومناقضة لتطلعات الشعب الفلسطيني وطموحاته.

 

وتتمثل هذه الرؤية في إلقاء اللوم على الشعب الفلسطيني وتحميله مسئولية استمرار معاناته على أيدي الصهاينة بتواطؤ ودعم غربي أوروأمريكي، واعتبار شعبنا غير مؤهل للتعامل معه بشكل إنساني والتخفيف من معاناته وفك الحصار عنه، لأنه كما يرى هؤلاء الأوروبيون يتشبث بمواقفه الوطنية ويرفض التنازل عن حقوقه والاعتراف بحكم الواقع، ولأنه يرفض التنازل عن حقه في مقاومة الاحتلال الصهيوني.

 

وقد تضمنت كلمات هؤلاء الأوروبيين المشاركين في المؤتمر دعوة واضحة لإعادة صياغة الرؤية الفلسطينية للصراع العربي–الصهيوني على أسس التغيرات التي حدثت في العالم واختلال موازين القوى العسكرية والسياسية لصالح الاحتلال الصهيوني.  وتشمل هذه التغيرات نجاح الولايات المتحدة في إقامة نظام دولي جديد تهيمن عليه وما ترتب على ذلك من فشل الأمم المتحدة في حل النزاعات بين الدول.  كما تشمل تلك التغيرات فشل الحكومات في حل مشاكلها ونزاعاتها مع الدول الأخرى ونجاح الفوضى الخلاقة الأمريكية في تأجيج الصراعات الداخلية في دول منطقتنا.

 

كما تضمنت كلماتهم دعوة صريحة للفلسطينيين إلى عدم التعويل على المقاومة في نيل الحقوق وتحقيق الأهداف الوطنية، فالمقاومة وعملية التفاوض من حيث المفهوم، وفقاً لوجهة نظر الغرب الأوروأمريكي، كلاهما وسائل لحل النزاعات بين المتنازعين، ومع التغييرات العالمية التي أشار إليها أصحاب هذه الدعوة، فإن المقاومة لا تحقق للفلسطينيين ما يصبون إليه، على حد زعمهم.  وأكد هؤلاء على أن تشبث شعبنا بحقه في مقاومة الاحتلال الصهيوني يؤدي إلى تعميق الفجوة بين شعبنا والغرب الأوروأمريكي، بل وحتى إلى إصراره على التشبث بمواقفه الجائرة ضد شعبنا والداعمة للكيان الصهيوني الغاصب.

 

وتأكيداً على هذه الرؤية المشوهة، زعم الأوروبيون المشاركون في المؤتمر أن حركات التحرر الوطني فشلت في استخدام قوتها وسلاحها لتحقيق أهدافها الوطنية وحل نزاعاتها مع الآخرين، وضربوا لذلك أمثلة لا تمت لطبيعة صراعنا مع الاحتلال بأي صلة، كالقضية الأيرلندية، وقضية التحرر الوطني في جنوب إفريقيا.  ولم تخل تلك الرؤية من محاولات لبث اليأس في نفوس المحاضرين في المؤتمر، كالادعاء بانشغال الشعوب العربية في قضاياها الداخلية وعبث التعويل على تفعيل دورها لخدمة القضية الفلسطينية، وأن شعبنا مشتت لا يمتلك استراتيجية عمل لحل مشاكله وصراعه مع المحتل الصهيوني.

 

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الرد الفصائلي الفلسطيني كان ذكياً وحكيماً، إذ أكد جميع الحاضرين الفلسطينيين بمن فيهم الإسلاميين على دور الغرب الأوروأمريكي وتحديداً البريطاني في معاناة شعبنا واستمرار قضيته منذ نحو مئة سنة.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ