ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 04/08/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تركية.. ما بعد قرار المحكمة الدستورية

محمود العمر

أثار قرار المحكمة الدستورية عدم إغلاق حزب العدالة والتنمية – رغم إدانته له - ارتياحا كبيرا لدى قطاع واسع على الصعيدين المحلي والدولي . وبالرغم من توليف القرار ليكون حلا وسطا يرضي الجميع لكنه لم يرق للكثيرين خاصة أولئك الذين عملوا حساباتهم على أساس أن الحزب سيغلق لا محالة .

من خلال قراءة متأنية لقرار المحكمة الدستورية يمكننا ملاحظة ما يلي :

1- لقد أخذت المحكمة الدستورية على عاتقها مهمة حماية النظام العلماني بدل المؤسسة العسكرية . تجلى ذلك من خلال إلغائها المادتين 10 و42 اللتين أقرهما البرلمان بأغلبية ساحقة فقد صوت لصالح القرارين 411 نائبا من أصل 548 . على الرغم من وجود إجماع بين الحقوقيين أنه ليس من صلاحيات المحكمة الدستورية إلغاء قرار أقره البرلمان , وإنما تقتصر صلاحيتها على النظر في مواءمة هذا القانون لنصوص الدستور أم لا . لكن المحكمة الدستورية تعدت صلاحيتها وألغت هاتين المادتين بحجة تعارضهما مع مبدأ العلمانية . وهناك كثيرون يظنون أن هاتين المادتين تنصان على حرية ارتداء الحجاب ,والصحيح أنهما تنصان على حرية كل شخص في تلقي التعليم دون قيد أو شرط , وبغض النظر عن زيه ولباسه .

إلغاء هاتين المادتين قرأه البعض على أنه مؤشر لإغلاق حزب العدالة والتنمية . خاصة بعد أن اعتبر المدعي العام مجرد اقتراح هاتين المادتين من طرف حزب العدالة والتنمية دليلا على نوايا هذا الحزب في تقويض العلمانية واستبدالها بالشريعة .!

2- إن التوتر السياسي الحاصل لم يكن نتيجة خلافات في وجهات النظر , أو أسلوب العمل السياسي . لكنه ناتج عن قيام بعض الأطراف السياسية استعمال أسلحتها ضد خصومها . وما الدعوى التي تقدم بها المدعي العام إلا مثالا صارخا لذلك . قد أدركت بعض القوى أن لا سبيل لإيقاف تقدم حزب العدالة والتنمية بالوسائل السياسية التقليدية مثل الانتخاب وغيرها , فعمدت إلى استعمال سلاح المحكمة الدستورية .

 مثلا هناك جدل واسع حول تعريف العلمانية فحزب العدالة والتنمية ومعه القوى المطالبة بتوسيع قاعدة الديمقراطية تعِرف العلمانية بمفهومها الغربي أي فصل الدين عن السياسة مع مراعاة الحريات الشخصية وفي مقدمتها حرية الدين والاعتقاد . فيما يرى المعسكر الآخر العلمانية درعا وسدا واقيا تتكسر عنده التيارات المطالبة بحصتها السياسية .متذرعين بأن أوربا لا يمكن أن تفهم مشاكل تركيا فلا حركة إسلامية لديها ولا من مطالب لعودة الدين إلى أخد دوره في حياة الناس .

 

3- حاولت الصحافة العلمانية إيجاد بديل عن حزب العدالة والتنمية من محيطه المحافظ نفسه ,واستطاعت على ما يبدو إقناع عبد اللطيف شنر أحد أهم مؤسسي حزب العدالة والتنمية والشخصية الرابعة في الحزب بالانفصال وتشكيل حزب سياسي ذو أرضية محافظة يستطيع استقطاب الجماهير الداعمة للعدالة والتنمية .لكن قرار المحكمة جاء مخيبا لها ومؤكدا لحقائق تاريخية دامغة أن من يستعين بالعدو على أخيه مصيره الفشل ونهايته النسيان .

4- إن قرار المحكمة الدستورية قوبل بارتياح من قبل العالم الغربي -أمريكا وأوربا- فلم يمت الذئب ولم تفن الغنم . ولا مصلحة لا اقتصادية ولا سياسية في إضعاف تركيا في هذه المرحلة . لأنها النموذج الذي يشار إليه بالبنان بكونها بلدا إسلاميا علمانيا ذو توجهات غربية .

5- كذلك قوبل قرار المحكمة الدستورية بارتياح من قبل العالم العربي والإسلامي أيضا وعلى الصعيدين الرسمي والشعبي . خصوصا لدى الحركات الإسلامية العطشى للنجاح والتي  ترى في تجربة حزب العدالة والتنمية نموذجا يحتذى به .فأي نجاح للحزب نجاح للحركة الإسلامية في زمن عز فيه البقاء على قيد الحياة فضلا عن النجاح .

6- بالرغم من أن قرار المحكمة جنَب تركيا أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة إلا أن حزب الشعب الجمهوري اعتبره غير كاف ,وبحسب رئيس الحزب دنيز بايكال فان المحكمة  شخصت المشكلة لكنها تركتها دون حل.إشارة منه إلى أن عشرا من قضاة المحكمة صادقوا على كون حزب العدالة والتنمية مركزا مهددا للعلمانية لكنه لم يصل إلى درجة تستحق الإغلاق .

وهنا تجدر الإشارة إلى أن حزب الشعب الجمهوري هو مصدر المشروعية السياسية وهو الذي بيده صكوك العلمانية , وهو صاحب الدار الأصلي ولو حصل على نسبة أصوات متدنية , فلا توجد لديه مشكلة  كسب الانتخابات , ورغم أن رئيسه لم ينجح في أي انتخاب منذ التسعينات حتى اليوم, بل إن أصوات الحزب في تناقص مضطرد لكنه باق في منصبه دون معارضة تذكر فهو بيضة القبان التي لا غنى عنها حال اضطراب الأحوال !. هذا إلى جانب خبرته الطويلة في تأزيم الأمور وجعلها عصية على الحل . هذا الحزب –وهو حزب المعارضة الأم – سوف يحمل سيف المحكمة الدستورية –بعد قرارها الفضي – مسلطا فوق رأس حزب العدالة والتنمية , وبالتالي ستبقى مشروعيته السياسية محل نقاش دائم متذرعا بقرار المحكمة العتيد .

7- مقابل ذلك سوف يستمر حزب العدالة في قيادة البلد ومحاولة تعديل المسار بعد المطَبات الخطيرة التي تعرض لها .وسيتركز نشاطه على الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة للمواطن , والتصدي للأزمات التي تعصف بالعالم جراء ارتفاع الأسعار. ولن تكون مهمته هذه سهلة فقد وصل الغلاء والبطالة حدا مرتفعا جدا , وأي محاولة لتحسين ظروف المواطن الفقير ستصطدم باعتراض كبير من أرباب رؤوس الأموال وزبانية العولمة .

كما أن الحزب سيضاعف من جهوده في طريق الانضمام للاتحاد الأوربي . فقد جنى بعض ثمار التقارب مع أوربا خاصة في كبح جماح الحرس القديم خصوم الانفتاح السياسي الديمقراطي . وقد كان لموقف الاتحاد الأوربي الرافض لإغلاق حزب العدالة والتنمية دور هام في قرار المحكمة . لكن لسوء حظه فان رئاسة الاتحاد الأوربي عند سركوزي هذه المرة , وهو الذي لم يخف معارضته لانضمام تركيا للاتحاد الأوربي .

مهمة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ليست سهلة هذه المرة خصوصا وأنه يحمل على عاتقه تأييد 47 % من الشعب .. ومقود العربة بيده لكن فراملها أضحت بيد غيره ..وهو كلاعب حصل على البطاقة الصفراء في الدقيقة الخامسة من المباراة فهو مهدد بالبطاقة الحمراء طول زمن المباراة .. والبطاقة الحمراء - لمن لا يتابع الكرة – معناها الطرد خارج الملعب .. فالطريق مملوءة بالعثرات ومحفوفة بالمخاطر والانتخابات البلدية على الأبواب..

لكنه هو قال في كلمته الأخيرة عقب قرار المحكمة الدستورية : ( لا توقف .. المسيرة مستمرة .. لتركيا ومن أجل تركيا ) .

وصدق من قال : السياسة فن الممكن .. والديمقراطية لا تعدم الحلول ..

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ