ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 28/07/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محكمة الجنايات الدولية : العدالة في غير موضعها

بقلم : زياد ابوشاويش

Zead51@hotmail.com

بإصدار مذكرة التوقيف الدولية بحق الرئيس السوداني  عمر البشير تكون محكمة الجنايات الدولية قد سجلت سابقة تاريخية بملاحقة رئيس دولة ذات سيادة وهو على رأس عمله وفي سدة الحكم .

إن ما يلفت الانتباه لهذا الإجراء المستهجن من قبل رئيس المحكمة هو عدم صلاحية محكمته على هذا الصعيد حيث ينص القانون الذي أنشئت به هذه المحكمة على عدم ولايتها على من يرفض التوقيع على قرار المشاركة والولايات المتحدة الأمريكية دليل واضح على ما نقول حيث لا تستطيع المحكمة استدعاء أو توقيف أي جندي أو مسئول أمريكي ارتكب جرائم حرب وهي كما نعلم كثيرة ومتنوعة، كما أن ما يثير الغرابة أن لائحة الاتهام التي تلاها اوكامبو بشأن جرائم الحرب والابادة المزعومة لا تتضمن أي دليل مادي أو اتهام مباشر للرئيس بإصدار قرارات بالقتل لقسم من أبناء شعبه ورعاياه واقتصر الأمر على قضايا تؤدي بشكل غير مباشر إلى القتل أو ما يمكن تسميته جريمة حرب ، ولا يستطيع المراقب أن يفهم كيف أن رئيس دولة يمكن أن يقتل مئتي ألف من رعاياه ولا يوجد لدى من يتهمه بذلك أي صورة عن قراراته بالخصوص.

إن ترجيحنا هنا لنظرية المؤامرة عليه ألف دليل ، فتحدي الرئيس البشير لما يسمى بالمحكمة الدولية عبر رفضه القاطع تسليم المطلوبين من وزرائه وبعض معارضيه وقسمه الشهير بهذا الصدد قد أوغر صدور بعض المتربصين بالسودان وهم كثر وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا اللتان تزعمان أنهما تدافعان عن حقوق الإنسان بينما قواتهما في العراق وأفغانستان تنتهك القانون وتمارس حقاً وعلى رؤوس الأشهاد الابادة الجماعية .

يبدو أن ظهور النفط في أي بلد لا يسلم ذقنه للغرب ويقدم إنتاجه تحت تصرفه سيتعرض لما يتعرض له السودان اليوم من حصار وضغط، ولعل حديث نائب الرئيس السوداني عن وجود مشكلة دارفور قبل ولاية الرئيس البشير على رئاسة بلده يمثل أوضح دليل على استهداف السودان ورئيسه في هذه الفترة ، ومحكمة الجنايات الدولية بقرارها إنما ترفع البطاقة الحمراء في وجوهنا جميعاً، وتؤكد المنهج العدواني والعدائي لهذا الغرب الظالم تجاه أمتنا، وها نحن اليوم أمام معضلة حقيقية تتعلق بكيفية معالجة أمر تتضافر فيه كل دعاوي الغرب ووسائل إعلامها المتفوقة على تصوير القرار الظالم باعتباره تحقيقاً للعدل والإنصاف تجاه مجموعة من الناس هي في الأساس جزء من شعب السودان الشقيق وما يجري من اقتتال في دارفور بين بعض القبائل العربية وغيرها من القبائل من غير العرب ليس له علاقة بالسياسة أو فرض النفوذ وما شابه بل لقد استغلت الصراعات القبلية على مناطق الرعي والكلأ والماء والخلاف الأزلي بين الاستقرار الفلاحي والتنقل البدوي والاحتكاك الحتمي بين هؤلاء وهؤلاء في تسعير هذا التناقض والاستفادة منه عبر بعض الأحزاب وقوى التمرد في السودان لتوسيع حصتها في كعكة الحكم في بلد لم يعرف الاستقرار والهدوء منذ عشرات السنين.

من نافل القول أن نتحدث عن جرائم العدو الصهيوني ضد شعبنا وهي تمثل النموذج الأكثر وحشية والدليل الأوضح على عمليات الابادة الجماعية، وفي قسم من هذه الجرائم ما يشبه حديث السيد اوكامبو رئيس المحكمة حول ما يؤدي للموت والابادة الجماعية، فبخلاف الطائرات وقتل الأطفال والعائلات بالجملة والمفرق فان الحصار على شعب تحت الاحتلال وتجويعه جريمة ابادة بامتياز وهو ما تقوم به اسرائيل "على عينك يا تاجر"، ولا تنبس هذه المحكمة ببنت شفة.

وقد يتساءل المواطن العربي عن قرار محكمة لاهاي برفض بناء جدار الفصل العنصري في أرضنا المحتلة بالضفة الغربية وإزالة ما تم بناءه ولماذا لا ينفذ حتى اللحظة برغم أن هذه المحكمة ذات نفوذ وهيبة أعلى من محكمة الجنايات الدولية كونها أعلى منبر قضائي يتصل بالعدل على سطح الكرة الأرضية وتسمى محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، ومع ذلك فلم تعرها اسرائيل أو أمريكا أي اهتمام، ولم يحترم قرارها، ولم نسمع لا بريطانيا ولا فرنسا تحضان المجتمع الدولي وإسرائيل على تنفيذ القرار بينما في موضوع مذكرة التوقيف بحق رئيس عربي وأسبابها المفبركة نجد أن صوت هذه الدول يرتفع للمطالبة بتنفيذ المذكرة.

ليس بمستغرب أن يجري ذات الأمر مع أي رئيس عربي إذا ما كانت مصلحة الغرب تقتضي ذلك وخصوصاً إذا ثبت وجود كميات كبيرة من النفط أو اليورانيوم في بلد هذا الرئيس أو تطلبت مقتضيات السياسة الأمريكية حصار هذا البلد وتطويعه.

إننا نتمنى أن يتحقق العدل على سطح الكرة الأرضية ويستعيد كل ذي حق حقه ، وما أكثرها لأمتنا سواء في فلسطين أو سوريا أو اليمن أو الصومال أو العراق. وفي كل بلد عربي سنجد حقوقاً له تتصل بما يتم نهبه اليوم أو عبر التاريخ من جانب المستعمر الغربي وعمليات القتل والإذلال التي مارسها هذا الاستعمار وتستحق جميعها محاكمة بالمعنى الذي تطرق له رئيس محكمة الجنايات الدولية. إن تطبيق هكذا شعوذات فقط على العرب من دون خلق الله يدل على حالة الضعف والهوان التي نعانيها كأمة وهو أمر يغضب أي مواطن لديه كرامة ويعرف أن هذه العدالة المزعومة هي في غير موضعها وهي عدالة شوهاء وعرجاء ، قبيحة ومن يدعون لها قبيحون ، وتسييس كل قضية وتحويلها إلى قضية رأي عام دولي هي لعبة تجيدها أمريكا وعملاؤها في بعض المنظمات كما أن رشوتها الاقتصادية لبعض الدول تجبرها على مجاراتها حتى لو حادت عن طريق الحق والعدل والصواب وخالفت أبسط قواعد القانون الدولي وهو ما تفعله أمريكا باستمرار كما فعلت  بالعراق وأفغانستان وما تهدد بفعله ضد ايران ، وفي هذا كله لا نسمع أي إدانة أو حتى تهديد بالمحاكمة من أوكامبو وغيره من دعاة "الحق والعدل" على الطريقة الأمريكية.

الجيد أن استشعار الخطر المحدق بالجميع قد دفع لاجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب، وقد يكون ذلك فاتحة لحقبة جديدة من التضامن العربي في مواجهة الاستفرادات المدروسة من جانب أمريكا وحلفائها وعدم وجود أي بلد أو زعيم عربي بمنأى عن الأكاذيب والاتهامات الجاهزة، ولعل خطورة الموقف تجبر الجميع هذه المرة على تناسي خلافاتها والتوحد في وجه عدالة عمياء لا ترى سوى العربي مجرماً ومداناً حتى قبل أن تقدمه للقضاء. إن صمود السودان في وجه هذه الهجمة أمر غاية في الأهمية ويمثل الحلقة المركزية في المواجهة الشرسة في قادم الأيام مع وحوش تنتظر اللحظة المناسبة لتنشب مخالبها في لحمنا ودمنا ، ولكي ننجح لابد لحكومة السودان والرئيس عمر البشير على وجه الخصوص إعادة النظر في سياسته الداخلية بما يضمن وحدة الموقف السوداني والمشاركة الفاعلة لكل القوى والأحزاب السودانية في هذه المواجهة عبر مزيد من الديمقراطية وببرنامج القواسم المشتركة القادر على حشد كل الطاقات في المعركة.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ