ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 24/07/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الغرب يدافع عن رموزه،

ونحن نحط من شأن رموزنا! .. لماذا؟

الطاهر إبراهيم*

قيل في الحكمة: "من يعرف حجة على من لا يعرف". فمن يتصدى للكتابة في قضية ما، عليه أن لا يصدر أحكامَه من دون أدلة يقينية يُعتدّ بها، وتعتمد على شهود عدول أو استقراء منطقي صحيح، لأن الحكمة تقول: "إذا كنت ناقلا في الصحة، أو مدعيا في الدليل".

فقد قرأنا للكاتب السوري "أحمد مولود الطيار" في مقال نشرته "النهار" يوم 19 تموز الجاري، كما نشره موقع الرأي 23 منه بعنوان: (مذكرة اعتقال الرئيس السوداني.. ولنبحث قبل التأييد أو الرفض بمضمون الاتهامات نفسها). فقد ألزم الكاتب نفسه –من خلال العنوان- بالتدقيق في مضمون الاتهامات قبل أن يؤيد أويرفض مذكرة اعتقال الرئيس السوداني. فهل فعل ذلك حقا؟

ابتداء، لابد من الإشارة إلى أن الكاتب أراد منا أن لاننساق وراء القبول والرفض اعتمادا على أن "هنالك مؤامرة تقف خلفها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني". ونحن لا نخالفه بهذا المنهج، لكنه لم يأخذ بيدنا ليقول: هذا صح وهذا خطأ بدليل كذا وكذا.

حاولت أن أمسك –من خلال المقال- بطرف خيط يبين لي ما أراده الكاتب. لكنه أبى إلا أن يظهر في مقاله كواعظ يقول لا تعتمدوا في أحكامكم على (استصدار " فتاوى فقهية " لا تصدر عن إسلاميين، بل من قبل كتاب ومثقفين ومعارضين وصحافيين ونقابات وأحزاب كلها يقودها قائد اوركسترا واحد، لا تصدر عنها إلا نغمة نشاز واحدة ووحيدة: "هنالك مؤامرة تقف خلفها الولايات المتحدة الأمريكيةوالكيان الصهيوني). صحيح أن الكاتب نبّه: إلى أن العواطف كانت دائما هي التي تملي على أصحابها قراراتهم، والعواطف غالبا ما تكون مقياساً غير دقيق، إلا أنه لم يعتمد –في مقاله- أسلوبا علميا للاستدلال، فوقع في ما عاب عليه الذين انتقدهم.

يقول "الطيار": (المتذرعون بأن هناك مؤامرة لتفتيت السودان وتقسيمه من قبل "أمريكا والكيان الصهيوني فليهنأوا بالاً، فالديكتاتور السوداني قسمها قبل ذلك ويقدمها الآن على طبق من ذهب لكل من يود البيع والشراء، وميليشيا "الجنجويد" أفصح دليل على سياسة الأمن الوطني المطبقة في السودان). فهو هنا قد جاء بقضيتين وكأنهما مسلم بهما وغير خاضعتين للنقاش. الأولى أن "الدكتاتور السوداني قسم السودان".. فهو إذن يريد منا أن نقبل بمسلمته هذه من دون أن يحاول إثبات مقولته بأدلة أو استدلال منطقي. صحيح أن الرئيس السوداني البشير قدم تنازلات مؤلمة  لشركائه الجنوبيين في سبيل أن يحافظ على وحدة السودان، حتى لا يصل السودان إلى ما كان يخططه له الآخرون. وصحيح أن الائتلاف بين الشماليين والجنوبيين كان هشاً ومايزال، إلاّأن الصحيح أيضا، أن البشير حاول، فسدد وقارب حتى لا يصل مع شركائه إلى "الطلاق البائن"، ويعود السودان إلى الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، كما أرادها له أعداء وحدة السودان. ولنذكّر "الطيار" بقضية هامة وهي أن النظام المصري كان على خلاف مع نظام "البشير" في بدايات حكمه، ربما لأن حكومة الإنقاذ أظهرت ميولا إسلامية، وربما بتحريض من واشنطن. وعندما تبين للرئيس المصري أن السودان يتعرض لمؤامرة تغير موقفه من القضية لأنه عرف أن السودان إذا ما أكل، فستكون مصر هي الضحية المأكولة التالية.

ثم يقول "الطيار": (إن الدكتاتور السوداني يقدم السودان على طبق من ذهب لكل من يريد البيع والشراء). ومرة أخرى لا يخبرنا الطيار من هي هذه الجهة التي قدم البشيرُ السودانَ إليها على طبق من ذهب؟ ويريد منا أن نقبل منه هذا الإدعاء على عواهنه من دون أدلة أو إثباتات.

نأتي الآن إلى القضية الأكثر إيلاما في موضوع السودان. يقول "الطيار": (وميليشيا "الجنجويد" أفصح دليل على سياسة الأمن الوطني المطبقة في السودان). وإذ نؤكد أن هذه القضية هي من الأمور المؤلمة والمعقدة التي يعاني منها السودان، إلا أن الرئيس السوداني احتار ما ذا يفعل بشأنها؟ ولقد قدر لنا أن نلتقي مع وزير سوداني سابق قبل ثلاثة أعوام، شرح لنا المأزق الذي وجدت فيه حكومة الخرطوم نفسها. وأكد أن "الجنجويد" عنصرٌ أساسٌ في المشكلة، ولم يبرئهم مما يحصل في "دار فور". وأنهم عبارة عن رعاة من العرب السودانيين المسلمين يركبون الخيل. وأنهم كثيرا ما أغاروا على قبائل سودانية مسلمة من الأفارقة فيقتلون وينهبون. وأكد أن البديل أن يقوم الجيش السوداني بشن حرب على "الجنجويد" لتأديبهم، وهذا الحل أخطر مما هي عليه "دار فور" الآن. وأن حكومة الخرطوم تسدد وتقارب وتحاول أن تمسك العصا من الوسط. ولا ننسى ما تفعله دول الجوار الأفريقي –التي لا تربطها علاقات طيبة مع السودان- من "التحريش" بين السودانيين الأفارقة والسودانيين العرب. ولا ننسى دور الأفارقة السودانيين في تأجيج الصراع، والنزعة الانفصالية التي يدعون إليها. (يلاحظ أني لم أعتمد في كلامي على نظرية المؤامرة، وعلى ما تريده واشنطن وتل أبيب من هذه القضية).

أخيرا، أتوقف عند قضية أقحمها الطيار، (ليست من الموضوع الذي عنون له، وسأعلق في الخاتمة على أسباب هذا الإقحام)، وأشار فيها إلى: (استطلاع لمجلة أمريكية تتعرف فيه على أهم الرموز في كل أمة من الأمم، كان نصيبنا الشيخ القرضاوي والسيد عمرو خالد مقابل علماء فيزياء وكيمياء وأدب وفنون ومسرح وطب وذرة نصيب الأمم الأخرى. إذا كانت هذه رموزنا فالمستقبل يُنذر بالكوارث).

هذا الخبر ذكرته كاتبة عربية أفردت له مقالا في صحيفة عربية تصدر في لندن. وهذه الكاتبة كثيرا ما أساءت في كتاباتها إلى الشيخ "يوسف القرضاوي"، ونسبت إليه أقوالا زعمت أنه قالها في برنامج "الشريعة والحياة" في قناة الجزيرة. وقد عدت إلى البرنامج كما هو على موقع قناة الجزيرة فوجدت الكاتبة قد كذبت على لسان الشيخ ما لم يقله. وقد كتبت مقالا نشرته الصحيفة نفسها، أثبت فيه تحريف الكاتبة لكلام الشيخ "القرضاوي".

فقد وقع "الطيار" -قاصدا أو جاهلا- في ما وقع فيه كثير من الذين يرفضون الإسلام المعتدل. وتمنيت لو أن "الطيار" تجنب ذكر هذا الموضوع، لأن الشيخ "القرضاوي" يقود التيار "الوسطي المعتدل" في الساحة الإسلامية، وليس له من ذنب إلا أن واشنطن ترفض اعتداله هذا وتريد أن يكون متطرفا لتنعته بالإرهاب. بل كثيرا ما تصدى "القرضاوي" لواشنطن التي احتلت العراق وأفغانستان فدمرتهما حجرا عن حجر، ماجعل واشنطن تعتبره من ألد أعدائها في المنطقة. فإذا لم تكن هذه هي الرمزية التي يحسب على أساسها الرمز، فما تكون إذن؟

وهنا لا بد من أن نؤكد حقيقة واضحة، وهي أن الغرب عموما وواشنطن" خصوصا، يحاربون قادة التيار الإسلامي المعتدل، أكثر مما يحاربون "القاعدة"، وإن كانوا يخفون ذلك. فبريطانيا قد رفضت السماح للشيخ "القرضاوي" بزيارة لندن للاستشفاء. ولوعرف الطيار الشيخ القرضاوي عن قرب لما قال عنه في مقاله ما قال. وقديما قيل: "الإنسان عدو ما يجهل".

أخيرا: وإذ سمح الطيار لنفسه أن يغمز من قناة الشيخ القرضاوي من دون أن يورد دليلا يبين فيه ما يأخذه على القرضاوي ليكون علما بين الرموز العرب. وأول ما يتبادر إلى ذهن القارئ المنصف أن القاسم المشترك في هجوم "أحمد مولود الطيار" على الرئيس "البشير" والتقليل من قيمة الشيخ "القرضاوي"، هو الإسلامية التي يستظل بها الرجلان. وأنا لا أتهم "الطيار"، وإنما كتاباته هي التي تشي بذلك.

كلمة أخيرة لا بد منها، أقولها وفي الحلق منها غصة، وهي أن صحفا عربية، كثيرا ما فتحت صفحاتِها لمقالات تهاجم التيار الإسلامي المعتدل ورموزَه. ونادرا ما تسمح هذه الصحف بنشر الردود على تلك المقالات. ولله في خلقه شئون.

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ