ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 21/07/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


سمير قنطار وسيطان الولي

و"قناطير" الأسرى في سورية!

د.نصر حسن

مبروك سمير قنطار وسيطان الولي والرحمة على روحك الطاهرة هايل أبو زيد , وتحية لكل الأسرى من كل الرتب في السجون الإسرائيلية المعروفين بالاسم والمكان و المتمتعين بشكل ما من الصلات الإنسانية مع أهلهم والمتابعين بالحد الأدنى من منظمات حقوق الإنسان ....وأما الأسرى المجهولين منذ عشرات السنين ولايعرف ( الذبان الأزرق ) عنهم شيئاً في سجون النظام السوري ! ماذا نقول ؟وبمن نستنجد؟ ومن نسأل ؟وهل هم أحياءً في سجنهم يهانون أم أمواتاً في المقابر الجماعية مجهولون ,أين رفاتهم ؟! أين أنت أيها النظام من أدنى مسؤوليتك الوطنية والإنسانية والأخلاقية في الحفاظ على كرامة الشعب السوري الأسير ؟!.

ففي حالة سمير قنطار وسيطان الولي وأسرى وعشرات الألوف من مفقودي حماه وتدمر وسورية  , مفارقات غريبة عديدة بين أسر وأسير !,أولها فرق القيمة الإنسانية بين أسير وآخر , وبين مكان وآخر ,وبين سجان وآخر ,وبين نظام وآخر , وثانيها أن تحرر الأسرى السوريين من السجون الإسرائيلية كان صامتاً ومتواضعاً جداً ,وعكس استحقاقاً زمنياً وإنسانياً أكثر منه صفقة , وثالثها أن ثمن الحرية في حالة سمير قنطار ...كان قناطير من الدماء ...كان باهظاً جداً على لبنان وصاخباً جداً ورمزياً جداً من الناحية الإنسانية والسياسية , ورغم التناقض والملابسات في المشهد والإخراج ! تبقى حرية سمير قنطار ببعدها الإنساني هي المعنى المباشر للكرامة البشرية في زمن عربي كارثي فقد كل تجليات المعنى وكل محددات الكرامة, تلخصه حالة المقارنة وشكلها ومضمونها وحقها وباطلها .. ومفارقاتها بين التوأمين النظام السوري وإسرائيل !.

ففي بعض فصول المشهد نرى أن الأسير لدى إسرائيل معرف ومعروف المكان والعنوان ,يزوره أهله ومنظمات حقوق الإنسان ,وتتوفر له بعض متطلباته الأساسية وصلاته مع العالم الخارجي من مذياع وتلفيزيون والدراسة وتلبية بعض رغباته الإنسانية , في حين أن الأسير في سورية مجرداً ومهاناً ومعزولاً عن العالم كله وعارياً ولايعرف ذويه أهو حياً أم ميتاً وأين هو في الحالتين !,  ومع وضوح النوايا والمقاصد وراء إظهار تلك الصورة بعنفها وتناقضها وإنسانيتها من عدمها ,  فهي تصب في مصلحة الأسير وحريته والحفاظ على حياته وكرامته في نهاية المطاف , ولسنا هنا بصدد مقارنة تفضيلية تقريرية لشرعية هذا السجان أو ذاك ولإنسانية هذا الجلاد أو ذاك! .

فالنظام السوري قديمه وجديده على مرأى ومسمع العالم كله , مارس ويمارس العنف المروع بحق الشعب السوري واللبناني والفلسطيني والعراقي ...بدءاً من بيروت إلى غزة إلى بغداد إلى تدمر1980  إلى  حماه 1982 إلى القامشلي ...إلى صيدنايا 2008 ومابينهما من فصول مأساوية, راح ضحيتها الآلاف من السوريين والعرب أطفالاً ونساءً ورجالاً , شهداءً ومفقودين ومجهولين وحتى اليوم لايعرف عنهم ذويهم شيئاً , ومارس النظام السوري كماً هائلاً من العنف لزرع الرعب عند الناس إلى الحد الذي يعتبر مجرد السؤال عن الابن أو الأب أو الأخت أو الأم أو السجين أو المفقود , يعتبره جرماً يعرض صاحبه للمساءلة والسجن والعقوبات المتعددة! .

وخلال عشرات السنين من البطش المبرمج المتعدد الأشكال والمستويات ,والشعب السوري كله يعيش مأساة حقيقية صامتة وكأن قيمة وكرامة المواطن السوري لاتساوي شيئاً ,وأن الأسرى السوريين لابواكي عليهم , فالأم تنتظر خبراً عن ابنها وبعضهم لم يتجاوز الثانية عشرة ,والطفل ينتظر أبيه وأمه اللذين اعتقلهم النظام وغاب أثرهم وذكرهم , والزوجة تنتظر زوجها لعشرات السنين ,والوطن ينتظر حريته في مشهد عنفي مستمر يعيشه الشعب السوري أعزلاً وحيداً , هو الأسوأ في تاريخ الأنظمة وانتهاك حقوق الإنسان في العالم !.

لانريد أن نفتح الجراح النازفة في سورية , بقدر ماتضغط الملفات الإنسانية المغلقة  بشدة على الضمير والوجدان , تلك الملفات المهملة التي تحاصر فصولها  المأساوية  الشعب السوري ,  ملفات الأسرى السوريين في سجون النظام المفقودين والمجهولين من جهة , ومن جهة أخرى بقدر مانسعى إلى الضغط على الضمير الحي لدى المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان للقيام بدورها بالضغط على النظام السوري لفتح هذه الملفات الخطيرة وحسمها وطنياً وإنسانياً في ظروف داخلية وإقليمية ودولية ملتبسة وخطيرة  قبل فوات الأوان .

لاندري إذا كان ممكناً  إقناع طفل بأنه بلاأب ولاأم !, وقد يكون ممكناً تقبل الوفاة والقضاء والقدر في  مجتمع يغلب عليه الإيمان , لكن كيف يتم تفسير أن الأب أو الأم أو الإبن أو الأخ أو الجار أو الصديق أو جميعهم اختطفهم النظام وغاب أثرهم عن الحياة ؟!, فالمعتقل , لاهو سجيناً يزار ولاهو متوفياً يقام له قبراً ومزار ... ولاهو معدوداً في حساب الأحياء ولاهو مفقوداً يحسب في ذمة الله...ويبقى أهله وذويه معلقون بين الأمل واليأس , بين الموت والحياة على صحوة ضمير الأشرار!. لاندري كيف يقبل العالم الحر التعامل مع نظام اختطف مئات النساء في سورية والقليل القليل منهن بقي على قيد الحياة في السجن ؟ ولاندري كيف تصنف ممارسة أبشع أنواع التعذيب والعنف والإهانة والتعدي على كرامة البشر ومنهم النساء والأطفال , والقدر اليسير من  الجرائم ماذكرته المواطنة السورية السجينة هبة الدباغ في كتابها " خمسة دقائق فحسب..."  , ورغم أن تفاصيل ماحدث في السجون السورية للنساء والأطفال والرجال يندى له الجبين الإنساني ,فهو لازال طي الكتمان الشديد لغماً خطيراً  ,لاأحد يتكهن كيف سيكون حال الشعب السوري حال انفجاره؟!.

يقول أحد السجناء الذي أطلق سراحه معوقاً مع كبار السن والمعوقين في عام 2000, نقلاً عن أحد الأطفال اللذين تم اعتقالهم عام 1982 والذي غاب أثره فيما بعد ! يقول السجين ذو الثلاثة عشر عاماً ... نقلتنا شاحنات الموت إلى سجن تدمر وأدخلونا قطعاناً من البشر إلى الزنازين , افترقت مع والدي من ذاك التاريخ ,وأثناء التحقيق ونحن عراة ومنتهكي الكرامة وفاقدي الصلة بالحياة , كان المحقق يسمعني كاسيت مسجل لوالدي وهو يصرخ تحت التعذيب وبعد ممارسة كل أبشع صور الإهانة يصر الضابط اللعين ورائحة الخمرة تملاً المكان , هل تريد رؤية والدك ؟ ربما بتداعيات الخمرة وكسر الإرادة والترهيب في أحد المرات , قال خذوه ليرى والده ...! اقتادوني ليلاً معصوباً وفي مكان ما في سجن تدمر أزاحوا عن وجهي اللثام , لم أر في حلكة الظلام سوى أقنعة سوداء , ربطوني بإحكام بحبل ورموني من خلال فتحة إلى حفرة ..! شعرت أنني وقعت من مسافة عالية  إلى الأسفل , ارتطمت بهياكل  بشرية ...عظام ولحى وشعور طويلة وأظافر طويله وأشباح تئن بشبه أصوات بشرية مختنقة , لاأدري كم بقيت ولاأدري ماذا شاهدت, كل ماأدريه أني صحت بكل صوتي وجنوني  ..والدي والدي أنا فلان أين أنت ؟ لم أسمع سوى الأنين المتقطع للعديد من الأصوات في ظلمة ورعب ليس لهما وصف ! اختلطت أشلاء البشر وروائح الجثث المتحللة في حالة إنسانية يصعب تصورها والتكهن بانحطاط فاعلها ووحشيته !.عرفت حينها أنني في " حفرة الموت " التي كنا نسمع عنها سراً في سجن تدمر , وكان بعض العاملين في السجن يسربون أخبارها وصورها وهولها لكسر إرادة الأحرار ....!.

 

إنها إحدى المقابر الجماعية التي ارتكبها  وحوش النظام السوري في أسوأ عملية إبادة صامتة للمدنيين في العصر الحديث ...ولاحقاً كانت هي السبب في إغلاق سجن تدمر , حيث لسنوات وبسرية تامة يتم إخفاء وتوزيع دلائل  الجريمة ورفاة الأموات وإخفائها نهائياً عن العالم كقرائن على جرائم النظام...  ورغم الصمت والسرية والتعتيم واللامبالاة من العالم كله والخوف من الحديث عنها , إن العديد من أسماء المجرمين اللذين ارتكبوا تلك الجرائم معروفة وأفعالهم معروفة ... من الجلاد  ذو الكوبرا التي يتلذذ برؤيتها تلدغ السجناء ....إلى المهووس بتعذيب النساء ...إلى مُطعم الفئران للسجناء  .... إلى صاحب الكلب المسعور  ... إلى الطبيب الجلاد الذي يجري اختبارات كيميائية على السجناء ..إلى  منتهك أعراض السجناء  ...إلى تجار الأعضاء البشرية ... إلى كل جوقة الموت اللذين سينالون عقابهم عاجلاً أو آجلاً  لامحال ...

 

بقي أن نكرر ونذكر في سياق فعاليات الاحتفال بحرية سمير قنطار الطافية  على سطح الذل العربي  , بفعل الكرامة الذي عبر عنه الشيخ حسن نصرالله , وفي حدود المشهد الإنساني الذي نتج عنه لايسعنا سوى أن نقول كلمتي حق , الأولى هي أن نفرح لعودة الحرية والكرامة إلى سمير قنطار بماهما معنى وجوده وأيضاً رجوع رفاة الشهداء إلى ذويهم , مقدرين عالياً الرمزية الأخلاقية والوطنية فيها , والثانية أن الحرص على الحرية والحق كل لايتجزأ لكل أسير وأسيرة ,  يفرضه الواجب الديني والعربي والإنساني , وعليه نرى أن اتساق الإيمان بالحق والحرية والعمل على طريقهما يفرض على الشيخ حسن نصراالله  أن يولي الأسرى رجالاً ونساءً وأطفالاً,  سوريين ولبنانيين وفلسطينين وأردنيين ومن كل الجنسيات في سجون النظام السوري قدراً أكبر من الاهتمام , وهو يملك من الجرأة والشجاعة مايكفي وقادرً على ذلك بدون شك , وهو خير العارفين بأن ذلك لايحتاج إلى صواريخ وحروب , ولاإلى مفاوضات ومقايضات ! بل برفع سماعة الهاتف على الرئيس السوري بشار أسد طالباً منه حسم هذا الملف الإنساني المروع , وسحبه من ساحة المساومات والمتاجرات وإنتاج المزيد من عوامل التشقق والتمزق والألم والتطرف والثأر , وتضميد الجراح الوطنية النازفة التي تتطور سرطاناً في نسيج الشعب والوطن ,وتعيشه سورية شعباً ونظاماً كابوساً مخيفاً مستمراً لعقود .... نفرح لحرية كل الأسرى في كل مكان ... وننتظر وقفة عز وكرامة ورجولة للأسرى في سجون نظام الممانعة والمواجهة , بل الأدق نظام الأسرى وانتهاك حقوق الإنسان ! ...وقفة مع الحق تعطيه صدقه وتبرر تضحياته , وتعمق وحدة الإيمان وتساوي قيمة الإنسان وتريح الضمير والوجدان , وتبدد الهواجس والشكوك , وتثبت أن للحق وجهاً واحداً ومكيالاً واحداً , ورجالاً من صنف واحد ...

فإذا كان تعثر دابة لعدم تعبيد الطريق لها له حسابه ...فماهو حساب الساكت عن قول الحق والمشارك بصمته في سلب الحرية , والتعذيب وتدنيس المقدسا ت , وقتل الأنفس ظلماً وعدوانا... وامتهان الكرامة الإنسانية ؟!.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ