ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 15/07/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


وحتى الفقر تستخدمه الإدارة الأميركية كسلاح

العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم

burhank45@yahoo.com

وحتى الفقر تستخدمه الإدارة الأميركية  كسلاح.ليترنح  تحت وطأة ثقله الشعوب, وفي كل مكان وزمان.

والفقر بنظر الإدارة الأميركية سيشغل الإنسان في تحصيله للقمة عيشه طيلة يومه, ويجهده ويضنيه, بحيث لا يعد لديه من أي وقت لمتابعة التطورات. أو الانتباه لما تحيكه القوى الاستعمارية من مخططات ماكرة تستهدفه وتستهدف وطنه وعقائده. ومن ثم  تتنصل من فعلتها السوداء بخبث وداء لتنحوا باللائمة على الحكومات والأنظمة التي  تتصدى لمخططاتها الاستعمارية ,على أنها هي المسئولة بسياساتها عما يعانيه مواطنيها من فقر.

ونتيجة لهذه اللعبة القذرة بقوت الشعوب تفاقمت الأزمات وخرجت عن نطاق السيطرة, وأقرت الإمبريالية ومعها القوى الاستعمارية بأن ما يشهده العالم من مشاكل وأزمات تتعلق بأسواق المال والطاقة والغذاء والمياه والنفط ليس لها من حل, سوى التأقلم معها من قبل كل حكومة وشعب حتى تتحول إلى أمور طبيعية وعادية وروتينية بمرور الوقت.  فلا زيادة أنتاج النفط بقادرة على التخفيف من أزمة الطاقة وارتفاع الأسعار, ولا المساعدات الأممية قادرة على الحد من تنامي ظاهرة الفقر, أو بقادرة على  سد رمق الجياع, ولا مؤتمرات قمم دول الثمانية ( أو الدول الغنية أو دول الشمال) بقادرة  حتى على إيجاد أي حل, أو حتى الخروج بوصفة سحرية أو مفيدة ولو لبعض الوقت. وأنه لم يعد  أمام بعض ساسة وزعماء وقادة الدول الغنية من مفر سوى السطو على دور رجال الدين,ليتحولوا إلى واعظين, فجورج بوش مازال يدعي على أنه  نبي بعث للأمم كافة. وكذلك السيدة رشيدة داتي وزير العدل الفرنسي  تعظنا وتقول: أن الإنسان الجاهل ليس أنسانا حرا. لأن الجهل يدعوا إلى الانغلاق على الذات, ويزيد المخاوف,ويغذي المتطرفين الذين يريدون سلبنا قيمنا القائمة على الحرية والمساواة والديمقراطية. لأن المتطرفين يريدون إستبدال التسامح الديني بالتشدد,فرض الفكر الظلامي مكان الفكر النير. ثم تعود لتقول: الحق في القانون مترافقا مع الحق في العلم هو الركيزة الأساسية الأخرى للحق في المواطنة,لأن القانون هو حجر الزاوية في الديمقراطية. ونسألها أليس الفقر هو سبب البلاء وهو من ينشر الجهل وغيره من باقي الآفات, ويقف حجر عثرة في منع العلم من أن يأخذ مداه؟ وأليس الظلم هو من ينشر الإرهاب حين يشتد ويتعاظم  ويتفاقم؟ ولماذا خرقت حكومات بلادها  مع بقية الحكومات الأوروبية وإدارة جورج بوش القوانين الدولية وقوانين بلادهم, وهدروا حقوق الإنسان وراحوا يضعون العوائق والحواجز بوجه الهجرة والسفر والتواصل بين شعوبهم وبقية الشعوب, بذريعة محاربة الإرهاب؟ ولماذا تتجاهل السيدة رشيدة (مع حفظ المناصب والألقاب) دور الاستعمار الفرنسي والبريطاني الذين هم من  قرروا أن تكون ثروات الشعوب محصورة بيد أسر وأنظمة عبثية, ليعبثوا بشعوبهم,وتعبث بهم  وبهذه الثروات  القوى الاستعمارية؟ وهم  من جزئوا الدولة الواحدة إلى كيانات , وسلخوا منها مناطق النفط والثروات ليعهدوا بهم  إلى دول مجهريه وأمارات فتات تحتكر الثروة, ليحرموا باقي الجماهير من هذه الثروات . ومازالوا مع الامبريالية يتبعون هذا النهج حتى الآن مع كل دولة حين يكتشف فيها النفط والثروات والخامات الكامنة في باطن الأرض, ويسعون لتقسيمها وتفتيتها وتلغيمها بقوانين طائفية ومذهبية. 

وهي من تعرف جيدا أن السياسات الاستعمارية السابقة والحالية, والمواقف المنحازة , وتعدد الموازين والمعايير في القضايا الدولية ,هي من تنشر الفقر والظلم والجور. ولذلك كان من المفروض عليها أن تعظ  رئيسها وإدارتها والإدارة الأمريكية والقوى الاستعمارية, وتدينهم على سياساتهم  الخاطئة, وتحملهم كامل المسئولية. بدل أن تتجه إلى الضحايا من الشعوب بمواعظها ونصائحها وتنظيراتها وإرشادتها ووجهة نظرها لتسوق كلامها المعسول.

ربما تتجاهل السيدة رشيدة داتي كما تتجاهل إدارتها وإدارة الرئيس جورج بوش أن الفقير ليس الفقير بالدراهم والمال فقط. أو الذي لم  ولن يغطي دخله وجهده نفقته الضرورية. أو من زادت نفقته على دخله بسبب تلاعب الفاسدين والمستغلين وبعض التجار والاحتكارات العالمية بالأسعار. أو الذي لا يملك من المال أو المتاع  أو المأوى والملجأ ما يسد معدته ويستر عريه. فهؤلاء هم الصنف الأول, وهو من يتفاصح عليهم العوز والجوع والفاقة ليحدثونهم بأفصح  لغاتهم, ويجلدونهم بكل وحشية على مدار الساعة. وهم من يغطي الفقر فضائلهم. ويضعهم في مستوى أدنى من غيرهم, وحتى بما لا يليق بهم.فكم من غني يزدريهم, وعلم يتمنع عليهم,وحتى الدراهم تهجرهم, أو تعاملهم بكل إرهاب ووحشية لتخطفهم بنفس الطرق التي مارسها الاستعمار حين تحول في بعض المراحل إلى عصابات لصوص ونخاسين راحت تخطف الأفارقة والأسيويين والهنود ليتاجرون  بأجسادهم ويبيعونهم كرقيق وعبيد. وحتى الصحة تنغص  حياتهم بين الحين والحين. وهؤلاء هم  من حضت جميع الديانات السماوية الجميع على ضرورة مساعدتهم والإحسان إليهم. وحتى أن الله حلل لهم  حين يجور الفقر عليهم   بعضا مما حرمه على باقي العباد. ولكن الخطر يكمن في الصنف الثاني والذي يضم كل من هو فقير بالأخلاق والمعتقد الديني, أو فقير بالعلم والمعرفة, أو فقير بتربيته وبقواعد السلوك والدب والقيم, أو فقير بالوجدان والضمير وحس المسئولية, أو فقير بمعاني الإنسانية, أو فقير بكثير من كل هؤلاء. وهؤلاء باجتماعهم وتحالفهم يشكلون الخطر الأكبر على المجتمعات. وهؤلاء من أذاقوا الشعوب ومازالوا يذيقونهم شتى صنوف الويلات والبلاء والعذاب والإرهاب . وهؤلاء هم من يتحالفوا مع الشيطان لتحقيق مصالحهم الشخصية والنفعية والذاتية المريضة. وهؤلاء هم من  ينجح كل من الكفر والإرهاب والأنانية بحرفهم  حين يتزلفون إليهم  محاولين ثنيهم عن إيمانهم, أو يجندهم الإرهاب بين صفوفه كإرهابيين أو مجرمين, أو تسترقهم  الأنانية  بمصالحها الشخصية الضيقة ليكونوا لها عبيد. ومن هؤلاء على سبيل المثال جورج بوش ورايس وتشيني وبللير وأزنار وبيرلسكوني وبعض  ممن هم متخمون بالثروة أو الجاه أو المال, ومنهم أيضا الخونة والعملاء وحكام إسرائيل.وهؤلاء تجدهم حكاما ومحكومين, وما أتعس الإنسانية والشعوب  حين يكون هؤلاء حكاما ومسئولين وساسة ورجال صناعة واقتصاد وتجارة ومال وإعلام ,أو حين يمتهنون أو يختصون بأحد العلوم أو الفنون ليمارسون من خلاله التجارة بما يعانوه  الناس  من المصاعب والأمراض الجسمية والنفسية. وحين يتحدون ليكونوا نخب في مجتمعاتهم على شاكلة النازيين والفاشيين والليبراليين الجدد المتصهينيين والمحافظين الجدد المتصهينيين وصقور بوش.وهؤلاء هم من يعتدون ويستقوون على من هم فقراء المال والدرهم والدينار فقط, وعلى المساكين واليتامى وأبناء السبيل, وعلى الشعوب والوطنيين والشرفاء والأحرار, وعلى كل  من هو صادق مع ربه ووطنه وذاته,لينغصون عليهم ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم. ويحولون حياتهم إلى جحيم لا يطاق. وبعض هؤلاء قوى الهيمنة والاستعمار. والمصيبة  الكبرى أن قوى الاستعمار والإدارة الأميركية يعتبرون عدوانهم وعدوان هؤلاء حربا على الإرهاب. وقواتهم المسلحة وأجهزتهم الإستخباراتية رسلا لنشر قيم الحرية والديمقراطية, وتآمر الخونة والعملاء مع الإدارة الأمريكية على شعوبهم  على أنها ثورات ملونة, و حتى أن عدوانهم على دول أخرى مظاهر قوة ودليل صحة وعافية, وأكاذيبهم وتصريحاتهم فصاحة, ومراوغتهم ومكرهم في  بعض القضايا صمتا. وتدخلهم بشؤون الغير وخرقهم للشرعية الدولية شجاعة. وحماقتهم حكمة , وتعصبهم وتزمتهم الديني والطائفي والمذهبي تسامحا وإخاء. بينما يعتبرون  صحة فقراء الصنف الأول وهنا, وشجاعتهم هوجا, وصمتهم بلادة, ووقارهم رعنا, وفصاحتهم ثرثرة وعيا, وحكمتهم حمقا. ونضالهم ومقاومتهم في الدفاع عن حقوقهم وأوطانهم وحتى رد العدوان الآثم عليهم إنما هي إعمال إرهابية, وإيمانهم بالله وتسامحهم أصولية وتزمت ديني ورفضا للآخر والرأي الأخر. وحتى جمعياتهم الخيرية والتي هدفها البر والإحسان للتخفيف عن فقراء المال إنما هي أذرع لتنظيمات إرهابية.

ولذلك قال الأمام علي كرم الله وجهه : لو كان الفقر رجلا لقطعته بسيفي هذا. وحتى المهاتما غاندي يعتبر الفقر أسوأ أنواع العنف. وقال الحكماء عن الفقراء:الحياة مع الفقر مرة كالعلقم. لأن الفقير في الحياة تتحالف ضده كل منغصات السعادة في الحياة. ويمارسون بحقه شتى صنوف الإرهاب. وقالوا: الفقر أقسى من الموت لأن ألمه يبقى مدى الحياة,أما الم الموت فوقته قصير جدا ومحدود. وقالوا: أفقر الناس من ليس عنده أمل. وقال حكيم: الجهل أسوأ أنواع الفقر لأنه فقر اضطرار,وأكبر الفقر الحمق, والسيدة رشيدة تعرف من هم الذين يكنون بالحمقى حاليا.

وكما هو من حق السيدة رشيدة وغيرها أن تعظ  الآخرين , فمن واجبها أيضا أن تعلم أن أسوأ الوعاظ والواعظين هو من ينهى عن خلق ويأتي بمثله , أو يحض غيره على فعل الخير وانتهاج الطريق القويم بينما هو لا يفعله ولا يتبعه ولا يسير عليه. وحينها يكون أشبه بالثعلب في مراوغته, والذي  وصفه الشاعر بهذه الأبيات:

خرج الثعلب يومـا في      ثيــاب الواعظينـا          

فمشــى  في الأرض      يهدي ويسب الماكرينا

ويقـول  يا عبـاد الله      توبوا  فهو خير التائبينا

واطلبوا الديك يـؤذن       لصلاة الصبـح فينـا

 ليت السيدة رشيدة داتي وزير العدل الفرنسي وغيرها وحتى  فناني العالم والعرب تعلموا من النجمة الأمريكية الجميلة أنجلينا جولي سفيرة النيات الحسنة لدى وكالة الأمم المتحدة, والتي قالت بعد أن زارت العراق مرتين بعد الغزو والاحتلال.وزيارة سوريا للتعرف على أوضاع مخيمات اللاجئين العراقيين:أننا نتحدث عن مستقبل العراق لذا يجب أن يكون التعامل مع خوف هؤلاء الأطفال وذعرهم وإعادة توجيه عقولهم في مطلع أولويتنا.فنحن بحاجة إلى هؤلاء الأطفال لإعادة بناء العراق والعمل على استقراره. وأكدت في حديثها أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: أن لكل طفل عراقي الحق في التعليم.وقالت: إن الصراع المسلح ليس سببا لتجاهل ذلك,وأوصت ببناء المدارس وتوفير الكتب ودعم الحكومات التي تستضيف العراقيين بالمال والمؤن والأدوية وليس بالكلام. رغم أن السيدة أنجلينا صمتت على معظم  ما شاهدته من دمار وخراب حل بالعراق حفاظا على سمعة بلادها وقواتها المسلحة. أو أن السيدة رشيدة تعلمت ممن زاروا الضفة الغربية وقطاع غزة الذين هالهم ا الوضع المأساوي الذي يعيشه الفلسطينيين نتيجة الحصار والعدوان والذي يفتت القلب. أو ممن زار الضاحية الجنوبية من بيروت وقرى جنوب لبنان ووصف الدمار الذي قام به العدو الصهيوني صيف عام 2006م, والوضع المأساوي لسكان المخيمات الفلسطينية في لبنان والذي سيبقى وصمة عار في جبين الأنظمة التي  تدعم إسرائيل وتساندها وتدعي التقدم والتمدن والحضارة. أو أن السيدة رشيدة على الأقل استنكرت ما تضعه حكومتها من حواجز في وجه كل من يقصد السفر إلى بلادها من العرب والآسيويين والأفارقة فقط.رغم أن المسافر إنما هو ضيف لا يحق له الانتخاب والترشح وحق التصويت. أو تضع حدا لما تقوم به قنصلياتها من إجبار كل من يتقدم بطلب تأشيرة إلى فحص مطول, مع دفع مبلغ من المال يفوق دخله الشهري وإمكانياته, وحتى حين رفض طلبه  لا يرد له المبلغ الذي دفعه على الأقل. وكأن بلادها بحاجة لأموال هؤلاء, والتي هي قوت عيالهم وبأمس الحاجة إليها.

كنا نتمنى على السيدة رشيدة داتي وهي وزير العدل الفرنسي أن تحدثنا عن المظالم وانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها بعض الحكومات الأوروبية بذريعة محاربة الإرهاب, وعن السجون التي تتفاخر بها الإدارة الأميركية والتي تكتظ بالمختطفين من شعوب دول أخرى. أو تنطق بالعدل فيما تقوم به كل من إدارة جورج بوش و إسرائيل من حروب عدوانية وانتهاكات  وجرائم حرب  وأعمال إرهابية يندى لها جبين الإنسانية خجلا, ولا تقرها الشرائع والشرعية والقانون الدولي ,ويتعارض مع ما تقول. وهي من تعرف أن العدل أساس الملك والحكم.

وأخيرا نسأل السيدة رشيدة داتي: أليس العرب والأفارقة والآسيويين ممن استعمرت بلادها بعض أوطانهم أكثر تسامحا ومحبة وإنسانية وكرم أخلاق وفضيلة من إدارتها, حين يسعون لتعزيز علاقتهم مع بلادها, ويناء علاقات متميزة معها رغم ما عانوه من مصائب ونكبات خلال فترة استعمارها لبلادهم, بينما يقابلون بالجحود والنكران؟

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ