ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 22/06/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


شعارات النظام السوري! .. هل بقي من يصدقها؟  

سالم أحمد*

في نهاية السبعينات وحتى منتصف الثمانينات كتب الشاعر والأديب المسرحي الراحل "محمد الماغوط" مجموعة مقالات جمعها في كتاب تحت عنوان "أريد أن أخون وطني"، أراد أن يعبر فيهاعن رفضه التقديس المزيف للوطن. هذا الرفض عند شاعرنا المبدع لم ينشأ من فراغ. فقد كان الزمن هو زمن شعارات بامتياز، كأنه يقول: أريد أن أخون شعارات هذا النظام. وإذا كان عهد حافظ أسد، -بعد انقلابه على رفاقه في نوفمبر 1970- هو امتداد لانقلاب حزب البعث على الديمقراطية في آذار عام1963 ، فإن هذا العهد ضرب رقماً قياسيا بمخالفة شعاراته التي كان يرفعها، لواقعه السياسي. تعالوا نبدأ القصة من البداية:

قرأنا في أكثر من مقال عن دورٍ ما لحافظ أسد في انسحاب الجيش السوري من القنيطرة في حزيران 1967 وذلك قبل دخول الإسرائيلي إليها بيومين، وكيف كوفئ على ذلك بترجيح كفته ضد رفاقه البعثيين في انقلاب نوفمبر1970 في ما سمي بالحركة التصحيحية.

أما حرب 6 أكتوبر عام 1973 التي خاضها حافظ أسد مع شريكه "السادات"، فكانت مسرحية حبكها "هنري كيسنجر" انتهت بتوقيع اتفاقيتي فك الارتباط في سيناء أولا، وفي جبهة الجولان ثانيا، لتتوقف الحرب نهائيا على الجبهتين. وإذا كان الوضع في مصر قد انكشف عن مؤامرة كبرى بتوقيع اتفاقية "كمب ديفيد" وتطبيع مصر علاقاتها مع إسرائيل بعد حرب أكتوبر، فقد أدرك "كيسنجر" أن اتفاقية مشابهة في نفس الوقت مع سورية سوف تغضب الشعوب العربية. لذا اقتضى مرور أكثر من ثلاثة عقود ليأتي دور توقيع النظام السوري لمعاهدة "كمب ديفيد" السورية. كما أن هذا التأخير سيجعل من حافظ أسد بطلا قوميا يسهل عليه أن يخدم مخططات واشنطن في المنطقة. هذا التأخير أوصلنا إلى عهد بشار أسد، الذي سيكون هو من يوقع صك الاستسلام عن طريق "أنقرة"، وهذا ما بدأت تلوح بوادره الآن.

كرسي الحكم الذي اعتلاه حافظ أسد في نوفمبر عام 1970، اقتضى منه أن يقدم ثمنه باهظا،لا من حساب جيوبه –فقد ملأ جيوبه من دولارات واشنطن ثمنا لذلك- بل من حساب فلسطين وسورية ولبنان والعراق. بل وأكثر من ذلك، فقد كان على حساب التضامن العربي، حيث كان لحافظ أسد دور مشرزم لهذا التضامن.

ففي لبنان استغلت واشنطن الحرب الأهلية التي ابتدأت فيه عام 1975 ، فعقدت مع حافظ أسد اتفاق "جنتلمان" أدخل بموجبه الجيش السوري إلى لبنان. استطاع حافظ أسد بذلك يطع الطريق على معارضي نظامه فلا يستطيعون القيام بانقلابات تدبرمن لبنان كما كان يحصل في سورية بعد الاستقلال. في المقابل تعهد "حافظ أسد" بضبط المخيمات الفلسطينية، وإن اقتضى الأمر فتدمر كما حصل في تل الزعتر فتصبح إسرائيل في مأمن من أي هجوم فلسطيني إذا ما فكر فلسطينيو لبنان بالقيام بغارات عليها من الجنوب اللبناني.

بعد أن استتب الأمر لحافظ أسد في لبنان، التفت إلى الداخل السوري. وكانت أواخر السبعينات والنصف الأول من الثمانينات سنواتٍ عجافاً، تسلطت فيها الأجهزة الأمنية على رقاب الشعب السوري، تقيتلا واعتقالا وتشريدا. وحتى ندرك مدى التدمير الذي ألحقه حافظ أسد في سورية، فيمكن مقارنة عدد الرجال السوريين الذين برزوا في عهد حافظ أسد كشخصيات لها وزنها في سورية بعدد الزعامات اللبنانية. فقد كان الذين ظهروا على الساحة السياسية اللبنانية يعدون بالآلاف. أما في سورية فلا يكاد يعدون بالعشرات. بل إن شمعة الواحد منهم كانت تطفأ نهائيا إذا ما غضب عليه حافظ أسد.

خلال سنوات حكم حافظ أسد ومن بعده وريثه بشار أسد امتلأت الساحة بشعارات أقل ما يقال فيها أنها كلام منمق من دون مضمون. قبل هزيمة حزيران عام 1967، كان حافظ أسد –كان وزيرا للدفاع- قد صرح بأن الجيش السوري مستعد لإلحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي. وقد رأى العالم الهزيمة النكراء التي لحقت بالجيش السوري تحت قيادته.

وبعد حرب تشرين التي كانت توطئة لفرض معاهدات الذل والاستسلام، رفع النظام السوري شعار الصمود والتصدي، ليس في وجه إسرائيل وحدها بل وحتى ضد واشنطن. حاول حافظ أسد أن يقوم بابتزاز الأموال من دول النفط العربي بحجة أنه يسعى إلى التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل وليحقق الصمود ومن ثم يتصدى لإسرائيل. غير أن السوريين فوجئوا أن أول ما رأوه من التصدي كان أن أرسل حافظ أسد وحدات من الجيش السوري لتقاتل الجيش العراقي تحت راية الجيش الأمريكي في عام 1991.

بعدما انتهت خرافة الصمود والتصدي والتوازن الاستراتيجي، خرج علينا الرئيس بشار أسد بمسمى "الممانعة". وهو ما يعني –بحسب تفسير منظري النظام- رفض الانصياع للخطط الأمريكية في المنطقة. حتى يبيع هذا الشعار للنخب العربية التي مشت –على عماها- وراءه، فقد خاض في سبيل ترسيخ هذه المقولة حربا اتهامية ضد دول عربية لطالما أحسنت إلى نظام حكمه وحكم أبيه. فزعم أن تلك الدول تسير في ركاب واشنطن، واتهم قيادات عربية باتهامات ظالمة نرفض ذكرها هنا. 

الغريب أن نخبا عربية –للأسف البعض منها إسلامية- صدقت هذا الشعارات وروجت لها. بل إن بعضها عقدت مؤتمرات قومية لمناصرة نظام دمشق والسير في ركابه. هذه الشعارات هي من الزيف والتهافت بحيث لا تحتاج إلى تفنيد، فسلوك النظام السوري أصدق تفنيد لها.

فقد فتح هذا النظام أبواب حلب للمخابرات الأمريكية لاقتفاء آثار محمد عطا –الزعيم المزعوم لتفجيرات 11 سبتمبر- يوم كان يحضر أطروحته حول قلعة حلب. ولمن لا يعلم، فإن التعاون المخابراتي السوري الأمريكي لم تنكره دمشق أبدا ونوهت به أكثر من مرة، في معرض ردها على اتهامات واشنطن لها بأنها تدعم المقاومة العراقية في غرب العراق.

قد تكون بعض النخب العربية صدقت اتهامات الرئيس بشار لرموز في الحكومة اللبنانية بأنهم "منتج إسرائيلي". لكن الشعب السوري يعرف "بئر النظام وغطاءه" ويعرف من هو المنتج الإسرائيلي؟ بل ويعرف أن النظام السوري محاط بالعناية الأمريكية من يوم أطاح حافظ أسد برفاقه في نوفمبر عام 1970.

الآن وقد بدأ بشار أسد بمفاوضات صلح مع حكومة أولمرت، -أغلب الظن أن بنودها وضعت في عهد حافظ أسد، ولا ينقصها إلا التوقيع- فإن الشعب السوري ينتظر النخب العربية ليسمع  منها ما ستقوله عن مفاوضات النظام مع إسرائيل. هذا الشعب لا ينتظر ليسمع شيئا يجهله، فوضع حكام دمشق مكشوف ومعروف، ولكن ليرى هل تعود تلك النخب إلى جادة الصواب؟ يبقى أن نقول إن كثيرا من السوريين يترحم على الشاعر ويرددون معه:

صمود فتصدي فممانعة ... فمفاوضات فمصافحة فتطبيع.

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ