ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 12/06/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


السياسات الأمريكية تجاه موسكو ...

وحرب باردة جديدة

الكاتبة : أناستاسيا مقدادي*

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ظهرت روسيا الاتحادية كوريث وحيد للقوة السوفيتية فقد ورثت عن الاتحاد السوفيتي قوة عسكرية هائلة و ترسانة ضخمة من الاسلحة النووية , بالاضافة الى امتلاكها لمخزون هائل من الذهب الاسود .

و هذا جميعه يمهد الطريق للاتحاد الروسي بأن يكون قوة عظمى جديدة و تكسر حالة الاحادية القطبية في العالم...وتعيد توازن القوى المهيمنة على العالم منذ اكثر من نصف قرن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي و انتهاء الحرب الباردة.

و قد عرفت السياسة الامريكية منذ الحرب الباردة بمحاولاتها لاسقاط الاتحاد السوفيتي و سياسة الاحتواء و الحصار التي اتبعتها من اجل تطويق الاتحاد السوفيتي و حصاره...

و بعد انتهاء الحرب الباردة و انهيار الاتحاد السوفيتي كان من المفترض ان تنتهي هذه النزعة في الولايات المتحدة و تتوقف عن سياساتها السابقة على اساس تفردها على الساحة الدولية و اعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم.

لكن لقد شعرت الولايات المتحدة بخطورة الاتحاد الروسي وريث الاتحاد السوفيتي و قررت اتباع نفس سياسة الحصار و التضييق, على الرغم من التصريحات الامريكية بأنها مرحلة جديدة و نظام عالمي جديد انتهت فيه اجواء المشاحنات التي سادت طوال النصف قرن من الزمان.

لقد تعددت السياسات الامريكية المتبعة لحصار الاتحاد الروسي ، فقد بدأت بمحاولة للسيطرة على جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق خاصة من الناحية الاقتصادية و اقامة قواعد عسكرية محيطة بالاتحاد الروسي بدعوى حماية الامن القومي الامريكي من الدول المارقة و حركات الارهاب مع تأكيدها على انها غير موجهه تجاه الاتحاد الروسي و بدا ذلك واضحا في اقامة قواعد عسكرية في تركمنستان و قيرغستان.

فكيف سوف تحمي واشنطن امنها عند الحدود الروسية؟

بعد ذلك بدأت بالتوسع نحو الشرق اي  من خلال ضم جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق لحلف شمال الاطلسي  ، وأعادت إحياء وتنشيط أحلافها العسكرية في شرق وجنوب شرق آسيا. واحتلت عملياً وسط آسيا، وكل الشرق الأوسط الكبير. وشجعت سلسلة ثورات وانتفاضات معادية للروس في الجمهوريات السوفياتية السابقة.

 وقد بدأت بتكملة مشروعها ودرعها الذي ارادت به حصار الاتحاد السوفيتي ، واليوم بمشروع اقامة درع صاروخي امريكي عند حدود روسيا ، في التشيك و بولندا !!

 

والدرع الصاروخي هو شبكة حماية مكونة من انظمة صواريخ ارضية ، منتشرة في عدة نقاط ، قادرة على اسقاط اي صاروخ بالستي عابر للقارات يستهدف الاراضي الامريكية وقواعدها ..

و بسبب هذه المواقف الامريكية ثارت موسكو التي تعتبرها استهدافاً لامنها القومي ، وبدأت حرب كلامية بين موسكو و واشطن وبدأت حالة التوتر بين البلدين فكأننا عدنا الى اجواء الحرب الباردة او ان الحرب الباردة تطرق الابواب وتقول لنا انها قادمة لا محالة  ..

وقد ادعت واشنطن ان هذه الصواريخ لا تهدد الامن القومي الروسي وليس المقصود بها موسكو ، ولكنها موجهة ضد الدول المارقة واعداء واشنطن .. وقد قصدت واشنطن بالدول المارقة ايران وكوريا الشمالية ..

 لكن كوريا الشمالية لاتمتلك مثل هذه الصواريخ وقد تخلت عن برنامجها النووي ، اما ايران ، فهل تمتلك مثل هذه الصواريخ او قادرة على امتلاكها ؟؟ وان امتلكتها فهل تجرؤ على ضرب واشنطن وحلفائها ؟؟

لقد اتضحت الاهداف الامريكية ، وكشفت واشنطن على حقيقتها ، فهي لا تهدف الا على القضاء على موسكو وحصارها لكي تنفرد بزعامة العالم ..

ووسط هذا المد والجزر في المواقف والتبريرات باتت لغة التهديد القاسم المشترك بين القوتين الاستراتيجيتين .. وهذه السياسات الامريكية لن تؤدي الا للمزيد من سباق التسلح وهي سمة ميزت الحرب الباردة ، وهذه التصرفات والسياسات الامريكية تجاه الاتحاد الروسي ليست الا مؤشرا لحرب باردة جديدة ، عانى منها العالم طوال عقود من الزمان ..

وفي ظل هذه الظروف يتعين على الاتحاد الروسي اتخاذ مواقف اكثر حسما تجاه السياسات الامريكية ، وهذا ما نراه بالفعل .. فقد ظهرت روسيا مؤخرا كقطب جديد يواجه الولايات المتحدة في المسرح الدولي ، وتتخذ سياسات وقرارات معارضة لواشنطن  وبدأ بوتن باتخاذ مواقف متعارضة تمامًا مع السياسة الأمريكية وخاصة في أكثر المناطق توتراً في العالم ..

فمثلاً: (الولايات المتحدة الأمريكية ترفض التعامل مع حكومة حماس وترفض أيضا التعامل مع النظام السوري بشكل أفضل  .. ولكن بالمقابل نرى أن موسكو ترحب بحركة حماس وتعترف بها .. وكذلك تعتبر سوريا حليفتها في المنطقة وقد وافقت موسكو قبل فترة على بيع أنظمة صواريخ متطورة إلى الحكومة السورية، غير آبهة بالاعتراضات الأمريكية والإسرائيلية )..

لقد بدأت موسكو تتبع سياسة جديدة ومغايرة عن تلك السياسة المذلة التي كانت متبعة في فترة التسعينات ، وبقيت السياسة الروسية على هذا الحال إلى أن فجر الرئيس بوتن خطابه التاريخي في مؤتمر ميونخ للأمن الذي يعتبر نقطة تحول مفاجئة في السياسة الروسية .. و بداية انهيار مفهوم " العالم الأحادي القطبية " !!

فقد انتقد الرئيس بوتن السياسة الأمريكية بشكل لاذع ، فالولايات المتحدة تحاول فرض أرادتها على العالم ، وان تكون الدولة العظمى الوحيدة في هذا العالم .. ومن ابرز ما قاله الرئيس بوتن في  هذا المؤتمر والذي يعكس وجهة نظر الكثير من الدول والتي لا تستطيع التصريح به بالصورة التي فجرها بوتن :

( إن الولايات المتحدة تخرج من حدودها الوطنية في جميع المجالات وهذا خطير جدا ) واعتبر الرئيس بوتن أيضا ( " ان العالم الأحادي الجانب " بقيادة الولايات المتحدة بعد نهاية الحرب الباردة لم ينجح مطلقا إلا في زعزعة الاستقرار في العالم ) ...

وبتحليل الخطاب نرى ان السياسة الروسية ومخططاتها تعمل من اجل إنهاء السيطرة الأمريكية المنفردة على الدول وشعوبها ..

التي لم ينتج عنها سوى الكوارث والويلات على العالم، والمستفيد الوحيد .. واشنطن .

وبعد ذلك أعلن الرئيس الروسي عن صواريخ جديدة قادرة على ضرب الأنظمة الصاروخية المضادة ( ردا على الدرع الأمريكي ) كصواريخ اسكندر .. وقد وصف الرئيس بوتن السياسة الأمريكية بالامبريالية والاستعمارية ، وبدأ باستخدام مصطلح الإمبراطورية الأمريكية تعبيرا عن استيائه و رفضه للسياسات الأمريكية !!

وقد اتخذت الحكومة الروسية قرار الانسحاب من اتفاقية خفض القوات التقليدية في أوروبا، التي لم يحترمها الغربيون. ثم باشر الروس تطوير منظوماتهم الصاروخية العابرة للقارات، ومنظوماتهم المضادة للصواريخ.. وزادوا مبيعاتهم من السلاح لحلفائهم الحاليين، وبعض حلفاء الاتحاد السوفياتي السابق، وخاصة للصين والهند وإيران وفنزويللا وسوريا.... لموازنة زيادة المبيعات الأميركية والغربية لحلفائهم.

فقد انتهت فترة التسعينات المذلة عندما كانت روسيا دمية في يد واشنطن تديرها بما يناسب مصالحها ..

فالحرب الباردة تدق الابواب ، وهي قادمة لا محالة!!!

*باحثة سياسية - خبيرة في الشؤون الروسية

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ