ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 10/06/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


نكبة حزيران في ذكراها 41 ،

جراحها ما زالت مؤلمةًٌَ ... متى يغسل هذا العار ؟ 

دكتور علي حسين

في مقال سابق قلنا أن الخامس من حزيران .... جرح في الذاكرة العربية ، أبطالها سجلوا الهزيمة تلو الهزيمة .... هزيمة الارادة العربية عبر سحق الحريات واستبعاد الناس عن كل معاركهم بدءاً بلقمة الخبز وصولا لتقرير مصيرهم في الحرب والسلم معا . في الخامس من حزيران سقطت الارض ، والارض محددة يمكن استعادتها ، وفيما بعد هزيمة حزيران أسقطوا الارادة والعزيمة فاخترعوا انتصارات زائفة لم تكن سوى انتصارات على شعوبهم ، وفيما بعد فتحوا طريق الهزائم عبر فتح الطريق للسجن بحيث بات الوطن سجنا وليس بامكان المواطن الدفاع عن سجنه .

أحدى وأربعون عاماً مضت على هزيمة الخامس من حزيران العام  1967 ، وما زالت الجراح مؤلمة وما زال الجدل دائراً ، بعضه يتم في إطار البحث عن الحقيقة ، وبعضه الآخر جزء من تصفية حسابات تتجاوز الكارثة الى محاولة الإدانة الشاملة لعهد دون التناول الموضوعي لحقائق تاريخ مرحلة مهمة من مراحل التاريخ العربي . وأنه  لمن الظلم أن نختصر التاريخ في لحظة واحدة بأخطائها وكوارثها من دون أن نضعها في إطار أوسع . وأقصد بذلك عدم محاولة الهروب من مواجهة حقيقة ما حدث نتيجة أخطاء وتراكمات ، القيادات العربية في تلك الحقبة ، ولا يمكن لنا أن نعفي أحد منهم وبالذات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والنظام الطائفي في سوريا من تحمل تبعية ما حدث .

أحدى وأربعون عاما بالتمام والكمال قد مرت على أشنع هزيمة عسكرية وسياسية وحضارية في تاريخ العرب المعاصر ، اقترفها النظام الرسمي العربي ، كان لها من النتائج السلبية و من الذيول التاريخية ومن الإنعكاسات المتوالية ما جعلها حية و معاشة حتى اليوم ، وهي كانت السبيل والطريق والممهد لهزائم قومية لاحقة تأسست أسسها وأسبابها الحقيقية على ضوء النتائج التي تمخضت عنها ( أم الهزائم ) في الخامس من حزيران عام 1967 . وهذا اليوم ما زال في ذاكرة الشعب السوري ، وفي هذا اليوم لطخ النظام الطائفي جبين دمشق الفيحاء ، والشام الوضاء الأبي بهزيمة نكراء تأباها كل ذرة تراب في سوريا ، وتستمطر اللعنات على صانعيها صباح مساء حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

الإعلام العربي الرسمي البائس ومؤرخوه سمّوا الهزيمة المدويّة التي لحقت بالجيوش العربية عام 1967 نكسة ليهوّنوا الخطب والهول على المواطن العربي المسكين ، وكي لا يبالغوا في حرق وجدانه ومشاعره، ولاسيما أن النكبة جاءت بعد نحو تسعة عشر عاماً من التعبئة الإعلامية والإعداد العسكري المحكم الفذ لمحو عار نكبة 1948؛ فقد أصبحت هزيمة إسرائيل قاب قوسين أو أدنى ، والمواطن العربي ليس بحاجة إلى أكثر من أن يغمض عينيه ، وبأسرع من رد الطرف سيكون اليهود في البحر طعاماً للسمك ، وأحمد سعيد المعلق السياسي في صوت العرب دعا السمك أن يتجوع استعداداً للانقضاض على الآلاف المؤلفة من اليهود الذين سيلقون أحياء في البحر!! .

الإعلام العربي سمّى مصيبة حزيران نكسة على وزن مزحة، وكأنها فعلاً مزحة بسيطة، رغم ضياع قدس الأقداس أولى القبلتين وثالث الحرمين، وسقوط الضفة الغربية -التي كانت أرضاً أردنية - وسقوط سيناء المصرية ، وسقوط الجولان!! وجزء من الأرض اللبنانية تحت أقدام جيش الدفاع الإسرائيلي في حرب أشبه بالنزهة ، ولم تهتز شعرة في مفرق أي زعيم من زعماء هذه البلدان؛ ففي الأردن ازداد الشعب الوفي التفافاً حول مليكه، وناصر في مصر خرجت المظاهرات الصاخبة تنادي ببقائه في السلطة وتحول دون سقوطه ، وفي سوريا هلل النظام وطبل لصمود عاصمة البعث وفشل إسرائيل في القضاء على تجربة الحزب وقيادة الرشيدة ، واستمرت وتيرة الأحداث في المنطقة ، وكأن ما جرى أهون من وخز شوكة،  أو عثرة قدم! ولم تطالب البرلمانات في هذه الدول بمحاكمة رؤوس هذه الدول وقيادات جيوشها بتهمة التقصير أو الخيانة العظمى ، كما جرى في الأرجنتين مثلاً عندما أخفق جنرالات الجيش الأرجنتيني في حرب الفوكلاند في مواجهة عسكرية مع البحرية البريطانية ؛ فاستقالوا من مناصبهم، وجرت محاكمتهم على المغامرة التي تسببت في هزيمة جيشهم ، وجرح الكرامة الوطنية لشعبهم!

لقد فتحت هزيمة حزيران المرة الباب وكل الإحتمالات على مصرعيها في العالم العربي أمام متغيرات كبيرة وتحولات مدهشة أسست لمراحل صراع طويلة شرسة ومستقبلية ، وهي تطورات لم تكن إيجابية بقدر ما كانت خروجا من رحم الهزيمة ، حيث بدأت سلسلة من الإنقلابات في العالم العربي كانت بدايتها الفعلية من العراق  في السابع عشر من تموزعام 1968 وحيث عاد حزب البعث للسلطة والذي أكد من خلال بيانه الأول ، على أن ثورة تموز جاءت  رداً على هزيمة الخامس من حزيران ، وبعدها بعامين ، أي في 16 تشرين الثاني عام 1970 استطاع حافظ الأسد القضاء على رفاق وشركاء هزيمة الخامس من حزيران ، صلاح جديد وأحمد السويداني وإبراهيم ماخوس ، محملاً أياهم مسؤولية النكبة وهزيمة الجيش السوري وسيطرة إسرائيل على كامل الجولان دون قتال ، متناسياً سيادة الفريق حافظ الأسد أنه كان وزيراً للدفاع والقائد العام للجيش والقوات المسلحة ، وتناسى كذلك البيان رقم 66 والذي أعلن فيه سقوط الجولان قبل 48 ساعة من إخلائها وفق الاتفاق بين نظام أسد ، جديد وإبراهيم ماخوس وإسرائيل . ويؤكد هذه الرواية السيد دريد مفتي الوزير المفوض في سفارة الجمهورية العربية السورية أنذاك في مدريد : جاء إلى سعد جمعة بمكتبه في لندن وعرفه على نفسه قائلاً قرأت كتابك المؤامرة ومعركة المصير عن جريمة تسليم مرتفعات الجولان المنيعة دون قتال والتي اقترفها جديد ..أسد ..ماخوس ، وأحب أن أزيدك بياناً فقال : يوم كنت وزيراً مفوضاً لسورية في مدريد استدعاني وزير خارجية إسبانيا لمقابلته صباح 28/7/1967م وأعلمني ووجهه يطفح سروراً أن مساعيه الطيبة أثمرت لدى أصدقائه الأمريكان بناء على تكليف السيد ماخوس البعثي النصيري ، ثم سلمني مذكرة تتضمن ما يلي : تهدي وزارة الخارجية الإسبانية تحياتها إلى السفارة السورية عبر وسيطها ، وتعلمها أنها نقلت رغبة الخارجية السورية إلى الجهات الأمريكية المختصة بأنها ترغب بالمحافظة على الحالة الناجمة عن حرب حزيران 1967 وأنه ينقل رأي الأمريكان بأن ذلك ممكن إذا حافظت سورية على هدوء المنطقة وسمحت لسكان الجولان بالهجرة من موطنهم والاستيطان في بقية أجزاء الوطن السوري وتعهدت بعدم القيام بنشاطات تخريبية من جهتها تعكر الوضع الراهن (عن مجتمع الكراهية لسعد جمعة صفحة 130) ثم تابعوا دريد مفتي إلى لبنان وقتلوه لأنه أذاع هذا السر ولم يرض الخيانة ، ودريد ضابط بعثي سني من أريحا السورية ، نعم لقد وافق النظام الطائفي على  تسليم الجولان الحصين المتحكم في الأراضي المحتلة وتهجير أهله للأسباب التالية  :

 

1- لا قيمة لجزء من الأرض لقاء حفاظهم على كرسي الحكم.

2- لأن الجيش معظمه من الطائفة وهم حريصون على أرواحهم أن تزهق في الحرب.

3- أن معظم الضباط السنه المؤهلين فنياً قد سرحوا لأنهم ليسوا من الطائفة ، لذا كان لابد من الاستجابة لطلب إسرائيل فسلمها الجولان لقاء البقاء على الكرسي . وسوف نكتفي بهذه الشهادة ، وهي تكفي وتؤكد دور النظام الطائفي في دمشق بتسليم الجولان للدولة العبرية دون قتال ، والدليل القاطع  والأكثر أهمية ، هو سكوت نظام آل الأسد على استرداد الجولان بالحرب أو بالتفاوض مع إسرائيل لعودة الجولان وأهل الجولان للوطن الأم سوريا . ولا يخفى على أحد  وهذا ما أكده تقرير غربي تناول التناغم السوري ـ الاسرائيلي حول مفاوضات سلام بوساطة تركية ان اربعة عوامل اساسية دفعت نظام آل الأسد للموافقة على الدخول في عملية التفاوض على الرغم من عدم قيام الاسرائيليين بمنحه اية ضمانات باستعدادهم الانسحاب من الجولان الى حدود الرابع من حزيران العام 1967 مقابل اتفاق للسلام ، وتتحدد العوامل الاربعة المذكورة في :

- محاولته نظام آل الأسد  عبر التفاوض تأمين حماية لنظامه من اي عمليات عسكرية اوامنية اسرائيلية كتلك التي استهدفت في سبتمبر الماضي المنشأة النووية .

- اواغتيال الارهابي عماد مغنية في قلب العاصمة دمشق، ومن ثم استخدام هذه المفاوضات كذريعة للمماطلة في التحقيق وعدم توجيه الاتهام لاسرائيل بتصفية مغنية وبالتالي عدم تشجيع حزب الله على شن عملية انتقامية.

-  محاولته عبر التفاوض اقناع العواصم الغربية الكبرى بأن نظامه ليس اسير السياسة المتشددة التي تنتهجها  ايران، وبأنه قادر على التحرر من قيود تحالفه مع ملالي طهران والانفتاح على اسرائيل والغرب عموما.

-  محاولته تأمين اجواء سلمية بين بلاده واسرائيل لدفع الرئيس الامريكي المنتخب الذي سيتولى مهامه في 20 يناير المقبل على التحاور المباشر معه ومنح دعمه ومباركته لمفاوضات بينه وبين تل ابيب ، وبالتالي خروجه من العزلة العربية والدولية الراهنة.

-  رهانه على ان قيام مفاوضات بينه وبين اسرائيل بدلا من حالة المواجهة ، سيفتح اجواء تساعد على حمايته ونظامه من المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الحريري ورفاقه الاستقلاليين .

ويقول الدكتور عبد الله السويجي (أربعون عاماً من النكسة، وستون عاماً من النكبة وضياع فلسطين، ولا يزال العرب يراهنون على النيات السلمية الصهيونية، وعلى الصديقة الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه ، لا يراهنون على شعوبهم وقدراتهم الاقتصادية والعسكرية، بل يستجيبون للأطروحات الغربية التي ترمي إلى خلق فتن طائفية ومذهبية في الوطن العربي، تمهيداً لإثارة حروب أهلية، ناهيك عن العقوبات التي تصدر عن مجلس الأمن ضد العديد من الدول العربية، ولا أحد يسعى لوقف هذا الهجوم المنظم الذي يتعرض له الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه.

إن النكبة أو النكسة أو الهزيمة ، كلها تحمل معنى واحداً ، وسيبقى هذا المعنى يطل برأسه بوضوح شديد ، مادام العمل العربي المشترك لا يتم وفق نيات صادقة وأسس متينة ، ومادام يرضخ العرب للمقولات (الحضارية) الغربية مثل: ثقافة السلام ، والعولمة ، والالتحاق بالأمم المتحضرة ، وحوار الثقافات )

 

في الختام نكتفي بهذا القدر المتواضع من تغطية الذكرى الحادية والأربعين لنكبة الخامس من حزيران ، والتي ما زالت ذكراها تأرق مضاجع الأمة عموماً ، والشعب السوري على وجه الخصوص ، ذكرى لا يمكن لها أن تنتسى وتزال من بال المواطن العربي ، قبل أن يغسل عارها النظام العربي الذي ساهم وشارك النظام السوري بالتحضير والتنفيذ ، مع قناعة الأمة ، بأن النظام العربي عاجزاً عن القيام بأي شيء  يخدم ويدغدغ مشاعر المواطن العربي من المحيط الى الخليج ..... حمى الله سوريا وشعبها الأبي من سياسات نظام آل الأسد الرعناء ، وحمى المنطقة وجيران نظام آل الأسد من تحالفته المذهبية والطائفية مع نظام الملالي في قم وطهران ، أحفاد ابن العلقمي خائن الأمة وغادرها وبائعها وهو من كاتب التتر وأطمعهم في بغداد وحسن لهم أخذها فلما قدموا وحاصروها خرج للتفاوض معهم واتفق معهم على مؤامرة تسليم بغداد واستباحتها وأخرج لهم الخليفة والعلماء بخدعة منه لهم فقبضوا عليهم وقتلوهم وفتح لهم أبواب بغداد ففعلوا فيها الأعاجيب ، وهذا ما يفعله الآن النظامين الطائفيين وحليفهم الأحمق نصر الله بحق لبنان واللبنانيين ، عندما أقدمت عصابات الحزب الشيطاني بإحتلال بيروت وترويع سكانها الآمنين تحت حجج ومبررات واهية ، ظاهرها الأعتراض على قرارين صدرا عن مجلس الوزراء ، وباطنهما تنفيذ أجندة إيرانية سوريا تخدم مصالحهم وأطماعهم الجهنمية التوسعية ، ولحماية مشروعهم الطائفي والسياسي في المنطقة ، ولكن نرجوا الله أن يأخذهم ومشاريعهم الجهنمية أخذ عزيزاً مقتدر ، ويحطمهم ونهجهم الطائفي ، ويحمي المنطقة وشعبها من هؤولاء الأشرار الغادرين .

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ