ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 19/05/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


دموع أحلام

بقلم الوزير الأسير المهندس وصفي قبها

كنت وثلة من الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني وعدد من رؤساء وأعضاء المجالس البلدية والمحلية الذين تم اختطافهم من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في النصف الثاني من شهر أيار من العام الماضي 2007 ننتظر في غرفة الترحيل ( الامتناة) في سجن الجلمة ( كيشون ) على طريق جنين مجدو حيفا وذلك بعد ان امضينا اكثر من ثلاث اسابيع في التحقيق والاستجواب وبعد ان تم اصدار اللاحكام المختلفة بالإداري لعدم ثبوت ما يدين أيا منا إمام المحاكم الإسرائيلية العسكرية متذرعة بوجود ملف سري يستند إلى معلومات استخباراتية بان كلا منا يشكل خطورة على امن المنطقة الأمر الذي يتطلب وجودنا داخا السجن وبذلك انضممنا إلى اكثر من إلف أسير إداري من أصل 11500 أسير فلسطيني ( مجموع الأسرى ) والملف السري من ابتكارات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تفتقت عنها عقليتها لتوقيف واحتجاز من تفشل في انتزاع اعتراف منه وإدانته وتقديم لائحة اتهام بحقه وهناك من مضى على وجوده حوالي خمس سنوات بهذه الحجة.

لقد كان من بيننا عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وخطيب المسجد الأقصى المبارك والداعية الإسلامي المعروف والقاضي الشرعي الأخ الكبير والشيخ الجليل حامد البيتاوي ( أبو حاتم ) والذي مضى من عمره المديد ما يزيد عن 65 عالم وفجأة خرج من غرفة التفتيش المقابلة ثلاث أسيرات مجلببات ومقيدات الأيدي والأرجل بالسلاسل الحديدية ويحيط بهن ستة من امن مصلحة السجون الإسرائيلية بينهم أربع نساء , وما ان دققت النظر حتى صرخت أحلام التميمي يا إخوان ..أحلام يا إخوان.. – تعرف عن نفسها - ولا أبيح سرا إنني وللحظات دارت بي الأرض وشعرت بدوار وأظلمت الدنيا في عينيّ وما عدت أبصر ما حولي, وما ان عدت إلى كامل وعيي حتى سمعت أحلام تصرخ وهي ترفع يديها المكبلتين بالحديد الى وجهها ...الله اكبر الشيخ حامد معكم ؟؟؟؟ ورأيت دموعها تسيل على وجنتيها وبسرعة فائقة تدخلت عناصر الأمن للحيلولة الحديث مع الأسيرات وقاموا بدفع أحلام ومن معها إلى داخل البوسطة

( سيارة نقل الأسرى ) وهي من نوع جيمس محصنة ويغطي نوافذها شبك من الحديد المثبت كما ولا يمكن رؤية من بداخلها ... وتحركت السيارة أمتارا بعيدا عنا وعلى الرغم ان العملية لم تستغرق اكثر من دقائق معدودة الاانها فتحت لدينا جروحا كثيرة وقرانا في دموع أحلام رسائل كثيرة... فأحلام عارف التميمي مجاهدة فلسطينية لم تنهي العقدة الثالث من عمرها درست السياسة والإعلام في جامعة بير زيت والمحكومة بالمؤبد ستة عشر مرة وقد مضى اكثر من ست سنوات على تغييبها القسري خلف جدران وقضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي .

وللحقيقة لم احظ بشرف لقاء أحلام أو الحديث إليها من قبل, ولكن عرفتها حق المعرفة من على الشاشة الصغيرة, كسياسية وإعلامية صاعدة وواعدة,تحمل بين جنباتها حب وهم الشعب الفلسطيني, وطاقة وطنية دافقة.

وكم كانت المفاجأة كبيرة للجميع عندما تناقلت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة خبر اعتقال احلام, التي أخضعها الأمن الداخلي الإسرائيلي لتحقيق جسدي ونفسي قاسيين ... ومن ثم تابعت أخبارها عبر الصحف ومواقع الانترنت التي ملئت بصورها, وفاضت بتفاصيل مجريات التحقيق معها, ومن ثم جلسات محاكمتها التي انتهت بإصدار الحكم بهذه القسوة حيث تم الكشف عن الجانب المخفي من شخصيتها الجهادية.

واذكر أنني بعثت لها برسالتين عبر محامية وزارة شؤون الأسرى والمحررين, لمتابعة شئون الأسيرات والوقوف على ما لديهن من هموم ومشاكل وطلبات, ولحل بعض الإشكالات التي حصلت في النصف الثاني من العام 2006 , وكنت يومها على رأس هذه المؤسسة الفلسطينية وزيرا في الحكومة العاشرة اعمل خادما للأسرى الذين كنت منهم لأكثر من ست سنوات .. وكم هو شرف عظيم لكل من يستطيع ان يخدم قضية الأسرى ويخفف عنهم ويتابع شؤون الحركة الأسيرة الفلسطينية.

كم هو جميل ان يكون الوزير خادما لأشرف واطهر شريحة فلسطينية .. الأسرى الفلسطينيون وعلى رأسهم الماجدات الفلسطينيات , هم أصحاب الهمم العالية الذين اكدوا بصبرهم وثباتهم وتضحياتهم بزهرة أعمارهم أنهم حقا أعلى من ذرى العلى, وأعظم من يسعى فوق التراب وينبض قلبه بالحياة.

أحلام.. ما زالت صورتها ماثلة أمامي, ومحفورة بوجداني, بدموعها وحالها التي رأيت, وهي ترسف القيود والأغلال الحديدية واثنتين من ماجدات شعبنا, لا زلت لا اعرفهن .. ولا ادري أي عين لا تسفح قطراتها أمام هذا المنظر المؤثر.. منظر أحلام ومن معها يخرجن من العزل الانفرادي في سجن الجلمة .. أحلام التي غرس الإسلام في قلبها الايمان والشرف والعزة والانفة والحمية فكانت تضحياتها وعطاءاتها كبيرة بجانب شخصيتها وسمتها.

أحلام التي رفضت الذل والهوان فانتفضت لكرامة الشعب الفلسطيني ولمقدساته, تكشف عن الجوانب الغامضة من شخصيتها, فإذا بها شخصية فلسطينية فريدة من نوعها , تكاملت فيها وتجسدت كل القيم الإسلامية والوطنية .. أحلام التي تلقت قرار الحكم بنفس هادئة مطمئنة راضية مرضية صابرة محتسبة, دوّى صوتها وملأ قاعة المحكمة العسكرية مخاطبة القضاة الثلاثة الذين أصدروا الحكم بحقها..الحكم حكم اتلله اقض ما انت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ..

أحلام التي أخلصت النيات لله سبحانه وتعالى لا يشوب وطنيتها رياء ولا دهان كما هو حال أدعياء الوطنية .. تعيش أحلام أيامها بين جدران السجن وهي اطهر قلبا وابيض عرضا من أولئك الذين يمضون ايامهم بين جدران المكاتب الفارهة .. ملتصقين بالكراسي وخلف الطاولات من الماركات الاجنبية ويزينونها بالاعلام الفلسطينية ملونة بدماء الشهداء وآلام ومعاناة أحلام ومن معها من اسرى هذا الشعب العظيم.

أحلام.. اعذريني لقد دمعت عيناي وأرسلت عبرات حرى حرقت وجنتيّ حزنا وأسفا على ما آلات إليه حالتنا الفلسطينية من انقسام جغرافي وسياسي.. دمعت على تلك الدماء البريئة التي سالت بغير وجه حق .. دمعت لان هناك في الساحة الفلسطينية من لم يصن عهدك ووصيتك ويحترم وثيقة الأسرى التي مزقها رصاص الفتنة.. دمعت عيناي لعدم وجود معتصم يلبي صرختك وصرخة كل الأسرى ..

أحلام اعذريني.. وثقي أنها دموع الرجال .. فأي قلب يستطيع ان يستقر دون ان ينفطر حزنا ويطير جزعا حينما يرى أحلام وأخواتها بالسلاسل والقيود .. أحلام التي أحبت فلسطين فأحبتها كل الأمة, هي اليوم سراج كل الشعب الذي تحترق ذبالته, ويفرغ زيته ليحمّل سماء الوطن بنور عطائه وسنا تضحياته .. أحلام الشمعة التي تحترق خلف القضبان لتنير درب الحرية.. أحلام الزهرة التي تذبل في مقابر الإحياء لكي ينعم شعبها .. أحلام التي فرضت شجاعتها وهيبتها ووقارها واحترامها..نقف أمامها اليوم حبا واحتراما وإجلالا, فأحرار الأمة يعرفون يا أحلام ما لك من الفضل والشرف اكثر مما تعرفين لنفسك.

أحلام..ان الدموع التي سالت على وجنتيك حرى هي دموع كل فلسطيني حر وشريف .. فلا بأس إذا ولا ضير ان تنساب العبرات من عينيك على رجل ليس ككل الرجال .. رجل كان يعتلي صهوة منبر المسجد الأقصى فيزأر كالأسود .. لتنطلق كلماته مدوية في صدور العظماء والأحرار والشرفاء دوي الرعد في آفاق السماء , مبشرا بالغيث.. كانت دموعك تألما لحال أستاذنا وشيخنا أبي حاتم الذي لم يشفع له مرضه ولا كبر سنه ولا بياض شعره ولحيته من تكبيل بيديه ورجليه بقيود الحديد وزرده.

كانت دموعك لان الاحتلال يغيب الشيخ الجليل في بطن الحوت ليحول بينه وبين منبر السجد الأقصى الذي يستغيث صباح مساء. ليلي نهار .. وااسلاماه .. وا معتصماه .. كان من الطبيعي ان تنهمر دموعك لان بين جنبيك قلبا يعشق الأقصى ويخفق بحب فلسطين .. قطرات الدموع التي أرسلت من جفنيك قد حركت في نفوسنا جميعا مشاعر الحزن والاسى والألم.

بكيت لبكائك يا أحلام انا اعلم انك ما بكيت إلا لبكاء فلسطين والأقصى .. أما الأمة والشعوب من طنجة إلى جاكرتا وبكل طاقاتها ومقدراتها ان كانت لا تملك إلا الدموع فلتدعها الآن, ولتدخرها لذلك الموقف الذي يتطلب من أصحاب الدموع خارج السجن بكاء شديدا ونحيبا على ما سيحل بالمسجد الأقصى الذي من اجله تقبع أحلام بمؤبداتها ال16 في ظلمات السجن , والتي لم تملك الا الدموع لتنفس عما بداخلها من الم وحزن وهي ترى احد فرسان وحماة منبر الأقصى الشريف مغيبا في السجن وفي الوقت الذي يستهدف الاحتلال المسجد الأقصى والشعب الفلسطيني والأرض الفلسطينية في ظل صمت عربي وإسلامي ولا مبالاة دولية.

فيا أبناء الأمة .. ويا أبناء الشعب لاتذرفوا الدموع على أحلام وأخواتها .. لا تذرفوا الدموع على خطيب المسجد الأقصى الشيخ حامد البيتاوي لا تذرفوا الدموع على رأس الشرعية الفلسطينية ورجل فلسطين الثاني الدكتور عزيز دويك الذي اجتمعت عليه آلام القيد وآلام الجسد.. لا تذرفوا الدموع على آلام الوزيرة الأسيرة وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني الأخت الصابرة مريم صالح .. لا تذرفوا الدموع على ممثلي الشعب الفلسطيني الذين اختطفهم وغيبهم الاحتلال خلف القضبان.. لا تذرفو الدموع على اكثر من 11500 اسير فلسطيني في سجون ومعتقلات الاحتلال

لا تبكوا على غزة المحاصرة .. لان القادم اكبر ان بقيتم لا تملكون إلا الدموع والكلام,

إما دموع أحلام الكريمة الغالية التي طهرت بها ما لوثت به الفتنة تربة الوطن من الدماء البريئة..

هي فقط الدموع الصادقة والعزيزة علينا جميعا والتي تلعن الفتنة ومن يغذيها وتلعن الخيانة والغدر,وتلعن الخناجر المعكوفة والمسمومة التي غرست في جسد الوحدة الوطنية وفي جسد القضية وفي خيار الشعب الديمقراطي, وتلعن الأيدي والأرجل التي مزقت وداست وثيقة الأسرى وثيقة الوفاق الوطني

أحلام لا تكره ان تكون حرة أحلام .. لا تكره الحياة.. ولكن أحلام من اجل حرية الوطن باعت حريتها وحياتها .. أحلام لا تحب القتل.. ولكن الاحتلال قتلها اكثر من ألف قتلة.

ان فلسطين لا تسكن قلبا الا مثل قلب احلام ولا تقبل وتقدر الا دموع أحلام.

* مركز أحرار لدراسات الأسرى

http://www.ahrar-pal.info/arabic/

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ