ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 17/05/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لا تقيسوا البيض على الباذنجان ..

 أيها المثقفون العرب!

الطاهر إبراهيم*

يعجب المرء من التعسف في الرأي يبديه مثقفون عرب عندما يقسمون الأرض إلى أرضَيْن والعرب إلى عربَيْن والانتماء السياسي إلى انتمائين، ويختصرون المجتمع العربي بمقولة هي التعسف بعينه. فالناس عندهم مقاومون للمشروع الأمريكي وعملاء لهذا المشروع ، من دون أن يكون هناك حاجة إلى هذا التعسف في توزيع ولاء الناس بهذا الشكل المقيت.

استطرادا، فإن أول من اتخذ هذا التقسيم هم البعثيون في سورية بعد أن استولوا على الحكم في سورية بانقلاب آذار 1963 وتحديدا في ستينات القرن العشرين، فقالوا: كل من ليس معنا فهو  ضدنا، فسبقوا بذلك جورج بوش بأكثر من أربعة عقود. قسموا الناس إلى تقدميين ورجعيين، وكادحين وإقطاعيين، ووطنيين وعملاء لواشنطن وهكذا.. للأمانة، فإنه مع انقلاب "حافظ أسد" على رفاقه في نوفمبر عام 1970 فقد سحبت هذه المقولة من التداول، ولكن إلى حين.     

بعيدا عن العموميات، ولو دخلنا في لب الموضوع، سنجد أن أساس هذا التقسيم الصوري ينبع من نظرة أغلب الناس إلى قضية العرب الكبرى فلسطين، وتقسيم الدول وفق هذه النظرة إلى دول مناصرة للقضية الفلسطينية العادلة ودول معادية يوجزها العرب بإسرائيل وأمريكا. على أن هناك من استثمر عدالة هذه القضية لتسويق نفسه عند الشعوب.

الذين أرادوا استثمار قضية فلسطين زعموا أن كل من ليس على رأيهم فهو مع واشنطن. على هذا الأساس قسموا العرب إلى عَرَبَيْن، والحكام إلى وطنيين وعملاء لواشنطن. وتعاملوا مع الناس على هذا الأساس. ولقد حاول أصحاب هذا الرأي أن "يبتزوا" المواطن العربي، فدفعوا به إلى الزاوية، ولم يتركوا له فرصة ليعبر عن موقفه في رفض هذا الابتزاز، وبالتالي فإن أكثر المواطنين العرب اشمأزوا من هذا التقسيم، مع أن مناصرة قضية فلسطين تجري مجرى الدم في عروقهم. وإنه لمن المؤسف أن يتهم العربي بانتمائه بدون بينة أو دليل.

مع اشتداد أزمة الحكم في لبنان، طرأ على الساحة العربية تقسيم جديد، تبلور مع بروز إيران كلاعب قوي على الساحة الإقليمية. فكان لإيران محازبون وأنصار، كما احتشد الذين يخشون النفوذ الإيراني على الطرف الآخر. هذا التقسيم لم ينشأ من فراغ، إذ لعبت طهران دورا بالغ الخطورة، عندما استثمرت أموالها وسياستها في تقوية "حزب الله"، وزودته بالسلاح لتحرير الجنوب اللبناني من إسرائيل، ظاهرا، ولوضع نواة المشروع الإيراني في المنطقة، حقيقة.

أثناء اجتياح التحالف أفغانستان واحتلال العراق، استفادت واشنطن كثيرا من طهران وإن كانتا خصمين في الحقيقة، كلاهما يريد تحقيق مكاسب في العراق. مع وضوح هذه الحقيقة التي لم يُفطن لها، فقد انقسم الشارع الرسمي والشعبي في العالم العربي، أو هكذا أريد له.

الذين رفعوا قضية فلسطين كقميص عثمان في وجوه خصومهم فشلت مواقفهم أن تكون صدى  صادقا للقضية. هذا النموذج تمثله إيران وبصورة أقل النظام السوري. إذ كانت نقطة الضعف في موقف النظام هي معرفة السوريين بمحاولته دائما وصل ما انقطع مع واشنطن ليعود الحال بينهما إلى ماكان عليه أيام الرئيس "حافظ أسد" من تنسيق شبه كامل، خصوصا في لبنان حيث تتوج ذلك بدخول الجيش السوري عام 1976 لبنان بضوء أخضر من واشنطن. وقد كان أكثر هذا التنسيق على حساب الفلسطينيين وأطراف لبنانية كثيرة. أما حزب الله فقد انقلب رأسا على عقب، وظهر بصورة مغايرة لما كان يعتقده الكثيرون خصوصا بعد أن استدار سلاحه، مؤخرا للداخل. خصوم الحلف الذي يضم حزب الله وطهران والنظام السوري، حاولوا، خصوصا في لبنان، أن يضعوا الذين كانوا على علاقة طيبة مع هذا الحلف في سلة واحدة. ولقد كانت حركة "حماس" في مقدمة من وُضِعوا في هذه السلة، وذلك بتحريض من واشنطن.

لا نريد أن ندافع عن موقف حماس في علاقتها مع النظام السوري. لكن ما هو معروف أن "خالد مشعل" رئيس المكتب السياسي اضطر للإقامة في دمشق بعد أن منعته دول عربية كثيرة أن يقيم على أرضها. فإذا كان "مشعل" يمتدح سورية وحزب الله، فإنه لم يسجل عليه أنه هاجم قوى 14 آذار بلبنان مثلما هو حال حلفاء حزب الله الآخرين، فلماذا لا نعذره؟ بل إن حكومة حماس في غزة لم يعهد عنها أنها امتدحت النظام في سورية. حتى عندما زار "إسماعيل هنية" طهران وحضرت الصلاة، لم يصلّ "هنية" خلف الإمام الشيعي لأنه يعلم أن الصلاة وراءه لا تجزئ، ففيها الكثير من المخالفات لمذهب أهل السنة والجماعة.

لمن لا يعرفها نذكّر بالطرفة التي تقول: إن أماً طلبت من ابنها شراء باذنجان فأحضره وكانت خارج الدار فذهب يلعب. عندما عادت قالت: هلاّ ألقيته من فوق السور في صحن الدار؟ في المرة الثانية أرسلته لشراء بيض. فأحضره. ولمّا لمْ تكن بالبيت، قذف بالبيض من فوق السور فتكسّر. عندما حضرت أمه قالت: عليك أن لا تقيس البيض على الباذنجان. وذهبت مثلا.

من هذه المقدمة المستفيضة وهذا المثل المُعَبّر، نخلص إلى قضية هامة من شقين وهما:              

أولا: ينبغي على المثقفين العرب، -الإسلاميين منهم على وجه الخصوص- وحركات الاتجاه الإسلامي وكل من يناصب واشنطن العداء: ألا يعتقدوا أن إيران والنظام السوري -واستطرادا حزب الله- هم دائما على نقيض كامل مع واشنطن. كما عليهم ألا يضعوا واشنطن والموالاة في لبنان، في سلة واحدة.

نذكّر هؤلاء، وخصوصا الحركات الإسلامية، بأنه كما أن أهل مكة أدرى بشعابها، فإن أهل بيروت أدرى بزواريبها وحاراتها. إذا استشكل عليهم أمر لينظروا أين تقف الجماعة الإسلامية في لبنان فيزول الإشكال قبل أن يطلقوا لتصريحاتهم العنان. فقد يؤذون أهل السنة من حيث لم يحتسبوا. وبلغة أهل المنطق، يلزم توجيه سلاحك إلى إسرائيل لتكون مدافعا عن فلسطين، لكن ذلك لا يكفي. إذ يجب أن لا يستدير هذا السلاح ويوجه إلى اللبنانيين.

وبلغة أهل المنطق أيضا، فإنه لا يكفي أن تمتدح واشنطن حكومة "السنيورة" لنقول أنها حكومة عميلة لها. إذ لا بد أن يكون هناك ما يؤكد هذه العمالة قطعا. لذلك فإن اتهام نصر الله وأعوانه لقوى 14 آذار بالعمالة، عدا عن أنه فقاقيع صابون، فهو افتراء ما لم يأتوا بالدليل.

ما فعلته طهران في العراق فالأدلة عليه ثابتة ويقينية، حتى مزقت شعبه شزر مزر! أما "نصر الله" فلم يسجل عليه أنه انتقد المذابح التي أوقعها جيشُ المهدي وميليشيات "بدر" في أهل السنة. وقد افتضح مؤخرا أن حزب الله  ظهر كشوكة غرستها إيران في حلوق اللبنانيين. لعله يأتي اليوم الذي ينكشف فيه المستور ليتضح أن مقاومة حزب الله لإسرائيل في الجنوب اللبناني لم تكن إلا خطوةً على طريق المشروع الإيراني في بلاد الشام.     

ثانيا: ينبغي على قوى 14 آذار ومن يناصرها من المثقفين العرب ألا يضعوا حماس، و"حزب الله" وإيران والنظام السوري في سلة واحدة. والمرء يعجب مما يكتبه المفكر اللبناني "رضوان السيد" من مقالات قيمة، لكنه ينتقد فيها حماس. فيقيس فيها بيض "حماس" على باذنجان "حزب الله"، ويمتدح "محمود عباس" فيترك المجال لمن يتهم قوى 14 آذار بموالاة واشنطن. ألا يكفي حماس الحصار والتجويع وانقطاع كهرباء والدمار في البنية التحتية؟ فلا تكونوا عونا للحصار وبوش وأولمرت عليها. نحن معكم أيها اللبنانيون في وجه الاستهداف الإيراني، لكننا لن نتخلى عن "حماس"، ولا نرى أي تناقض بين الموقفين، فلا تكلفونا ما لا نطيق.

*كاتب سوري

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ