ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 04/05/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عندما يعطينا القتلة دروساً في تربية الحمائم

في ظل الحديث عن "التنمية" و"التجارة الحرة"!

نوال السباعي - مدريد

مثل مئات الآلاف من أبناء المنطقة العربية لا أفهم ولم أفهم ولن أفهم ماذا جاءت تفعل في الدوحة القاتلة مجرمة الحرب ومنتهكة حقوق الانسان والحيوان والنبات والتراب وزيرة الخارجية الاسرائيلية ؟! ، مثل عشرات الملايين من هؤلاء المواطنين "العرب" المقهورين من أقصى الأرض إلى أقصى الأرض لاأستطيع أن أفهم كيف يمكن أن تُستقبل وزيرة "الكيان الاسرائيلي العدو" الوالغة في دمائنا في واحدة من أهم العواصم العربية اليوم ؟!، وباسم أية ديمقراطية أو تنمية أو تجارة حرة يمكن لمثل هذه المرأة أن تجلس في صالونات العرب وتتناول طعامهم وتتبادل الابتسامات مع مسؤوليهم ، بل وتملي علينا رؤيتها عن الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة ؟! ، وكأن أحدا على وجه هذه المعمورة لايعرف الرؤية الصهيونية الخاصة عن الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة وحقوق الانسان والحيوان والجراثيم.

حدثتني إحدى الباحثات في شؤون التعاون والتنمية بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط من جامعة الأوتونوما في مدريد – وقد طلبت إلي عدم ذكر اسمها حاليا- : (أنها وأثناء عملها الميداني في البحث اكتشفت ومن خلال زيارتها لبعض الدول العربية أن أكبر عملية سرقة وتدمير وغزو وتكريس للاستعمار يشهدها التاريخ الانساني إنما تجري اليوم في هذه الدول تحت اسم "التنمية والتعاون" ). فمابالنا إذا أضفنا إليها "التجارة الحرة مع اسرائيل" ؟ ، والتي لن تكون حرة إلا من طرف "اسرائيل الشقيقة" ، إن الهدف الرئيسي من تلك الخطط "التنموية" إنما هو فتح أبواب الأسواق العربية أمام "اسرائيل" بالدرجة الأولى والتي هي في أمس الحاجة إلى هذه الأسواق لتصريف صناعاتها ومنتجاتها في ظل عملية تطبيع وانبطاح عام تُحول شعوب المنطقة إلىعبيد مستهلكة ، خاصة في ظل التعطل شبه التام للصناعات العربية والتدمير المنظم للاستثمار في المنتجات الزراعية المحلية التي تعتبر الأساس في قيام المنطقة إنسانياً ، وقد أصبحت منتجاتنا اليوم محصورة في كونها مجموعة من الصناعات اليدوية البدائية ، والتي يريدون لنا أن نفهم أنها يمكن استخدامها في تجارة متبادلة مع منتجات دولة كإسرائيل "الحليفة"  والتي لاتخرج في هذا المجال عن كونها ملخصا متواضعا عن مجمل الصناعات الأمريكية والأوربية مجتمعة ، فضلا عن كونها أي "اسرائيل الشقيقة" القاعدة العسكرية الاستعمارية الغربية في بلادنا والتي أقيمت وفقط لحفظ مصالح الغرب في المنطقة بشقيه الأمريكي والأوربي .

لكن أمرا آخر ينطوي تحت عنواني  "التنمية" و "التجارة الحرة" وهو أمر على غاية من الأهمية لايمكن طرحه إلا من خلال مُسميان آخران هما "التطبيع" و "عملية السلام" واللذان يُترجمان وفورا في إطار المصلحة الوحيدة التي يمكن مراعاتها أو يجب مراعاتها في هذه الأطر مجتمعة وهي مصلحة "الكيان الاسرائيلي الصديق " – في المنطقة- وهذا الأمر يتلخص في توفير اليد العاملة شبه المجانية وشبه المستسلمة بالكامل لهذا الغزو الاقتصادي الذي يلحق اليوم بالغزو الثقافي ومن قبله العسكري للمنطقة. فاسرائيل "الصديقة" ستقيم المصانع وتديرها بكوادرها المختصة ، وأيدينا العاملة شبه المجانية هي التي تكبس الأزرار وتراقب الآلات وتحمل المنتجات وتكدس البضائع بانتظار تصديرها إلى الغرب أو إلى السوق الاستهلاكية المستقبلية الخليجية بثلاثة آلاف ضعف ثمن التكلفة على الأقل!! ، ودون أن يكون للعامل من المنطقة العربية أي حق ولاأي أمل في الاستهلاك ، فحقه محفوظ بالدراهم التي تمنحه إياها السلطات التي تدير هذه المصانع،  وأمله مقطوع لأن ثمن تلك البضائع لايمكن أن يؤديه إلا أغنياء الغرب أو أغنياء العرب . وماهو معلوم بالضرورة في هذا الباب أن البترول الذي يشغل هذه المصانع عربي وأن المواد الأولية التي تحتاجها هذه المصانع يجب أن تنتج في الأراضي العربية المهملة والتي تحتاج إلى العقول الاسرائيلية " الرفيقة والشفيقة " لكي تساعدنا في إصلاح الأرض وزراعتها وإعادة الحياة إليها.

هذا الأمر عينه يجري اليوم في ثلاثة مناطق رئيسية في العالم ، أمريكا اللاتينية ، والمملكة المغربية ، وفلسطين المحتلة ، ففي أمريكا اللاتينية والمغرب بدأت سياسات "التنمية " تأخذ مكانها بهيمنة إسبانية – وأهمها العقول الاسبانية اليهودية المرموقة تجاريا- رؤف رحيمة تريد مساعدة المواطن المغربي والأمريكي اللاتيني ولاشيء غير مساعدة هذا المواطن الذي يموت جوعا لكي لايموت جوعا .

وأما في فلسطين المحتلة فإن الأمر تعدى ذلك فإسرائيل "المتألقة إنسانيا"  تفتح معابرها للشغيلة من الفلسطينيين لكي لايموت المواطن الفلسطيني جوعا ، ولكن يجب عليه من أجل ذلك وكشرط أساسي للسماح له بالعمل في مصانعها وبناء هياكلها العمرانية ولكي لايموت جوعا أن يموت قهرا.

 

وكما أنه لايمكن الحديث عن "التنمية" دون أن تقرن معها "التجارة الحرة" ، فإنه لايمكن الحديث عن "الديمقراطية" دون أن تقرن معها "حقوق الانسان" مضافا إليها بالطبع مصطلح "مكافحة الإرهاب" !!.

لم نجد أغنية استخدمها "القتلة" في أنحاء العالم اليوم لدغدغة مشاعر العالم كالديمقراطية ، هذه "الديمقراطية" التي "صرعونا" بها آناء الليل وأطراف النهار ، والتي لم نر منها في بلادنا إلا منح الحاكم نفسه كل الحريات الممكنة ليفعل ماشاء وكيف شاء على مرأى ومسمع من هذه الجماهير التي يستحمرها باسم الديمقراطية . أما خارج حدود بلادنا فلانعرف من هذه الديمقراطية إلا حفظ حقوق البشر المادية – وبالضبط كحفظ حقوق الحيوان المادية- مع إطلاق العنان لأشد أنواع التعسف والتعصب والعنف والعنصرية والعنف ضد الآخرين باسم الحرية.

 

لاشك أننا نعاني من انفصام مذهل في الشخصية والتفكير والشعور بالكرامة الانسانية ، لم نسمع من هذه "المخلوقة"  قبل أن يُسمح لها بدخول بلد عربي أي اعتذار عن الذبح والسحل والقتل والتعذيب والحصار الذي يأكل الأرواح والإيمان والأمل في أرضنا المقدسة المحتلة منذ ستين عاما ، لم نسمع منها ولامن حكومتها كلمة واحدة تقدمها بين يدي زيارتها تنم عن أدنى قدر من الاحترام لهؤلاء "العرب" الذين جاءت تعطيهم درسا في كيفية التعامل مع شعوبهم لترويضها وتربيتها على ثقافة "السلام" و "التعايش" وضرورة العمل لتغيير الرأي العام "العربي" حتى يصبح مطواعاً لخطط الادراة الأمريكية- الصهيونية في المنطقة.

لم نسمع منها حسا ولاهمسا يتعلق بحقوق الانسان والحيوان في فلسطين ، يدل على انتمائها إلى الجنس البشري وليس مصاصي الدماء في تعاملها المستقبلي مع الملايين المسجونة في القطاع والضفة ، لم نسمع منها مايشير إلى أي وخز في الضمير أو حياء من التاريخ والانسانية تجاه مايجري من ذبح المواليد والأطفال والنساء والشباب في هذه الأرض التي احتلها اليهود بدعم وتغطية من بريطانية العظمى ومن ورائها قوى الغرب مجتمعة، ومازال أهلها مرابطون دون الأمة كلها دفاعا عن وجود هذه الأمة .

 

"العرب" الذين تضرب بهم وزيرة الخارجية عرض حائط الإهانة في عقر دورهم ، هي وحكومتها ومن ورائها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وكل الحكومات الغربية مجتمعة هم في أمس الحاجة إلى بترولهم وعقولهم وأيديهم العاملة وشبابهم وشاباتهم وأرضهم وترابهم وشجرهم وهوائهم وبحارهم وأنهارهم ودمائهم وخلاياهم وتعاملهم وتفاهمهم معها حكاما ومحكومين.

من هذا الذي يمكنه أن يفهم مايجري في ظل الوضع الفلسطيني الأليم الذي يعيشه كل من يتابع قناة الجزيرة من قطر؟! ، تجويع وتركيع وإذلال وإبادة جماعية بطيئة ومحرقة منصوبة آناء الليل وأطراف النهار لكل من تسول له نفسه التفكير مجرد التفكير بالكفاح في سبيل أرضه وحريته ، والثبات مجرد الثبات على بعض مابقي لهذه الأمة من كرامة إن كان قد بقي لهذه الأمة من كرامة. لو أن وزير خارجية الدانمارك أو هولندا قاما بزيارة الى أية دولة اسلامية أو عربية في هذا العالم لكان من الضروري أن لايتجاوزا حدود البلد قبل أن يذكرهما المسؤولين فيه بالإساآت التي قام بها رسام واحد في بلادهما أو نائب واحد في برلمانهما ، فكيف بنا ووزيرة الكيان المعتدي الغاصب القاتل سافك دماء إخواننا وأهلنا في فلسطين تقيم بين ظهرانينا في عاصمة العروبة النابضة و"الجزيرة" الفيحاء التي يستظل بها "العرب " اليوم من لفح لهيب واقعهم الأجرب !!، بل ولقد أتتنا لتلقي علينا الخطب العصماء في "الديمقراطية" وكيفية الحفاظ على هذا المحور المعتدل صفا واحدا لاشرخ فيه ، وذلك بترسيخ ثلاثة أمور رئيسية أولها: اعتبار "المعتدلين من العرب" وإسرائيل صفا واحدا في مواجهة هذا العدو الغاشم والذي هو ودون أدنى مكان للشك "الأمة كلها" والتي أصبحت في مفهوم الديمقراطية الغربية- الاسرائيلية ومكافحة الارهاب ومشروعات التنمية عبارة عن مجموعات من الأصوليين والارهابيين والمتعصبين !!، وثانيها : اعتماد "اسرائيل " لاعبا أساسيا في المنطقة من أجل عمليتي السلام والتنمية اللتين أسلفت في تفنيد بعض المفاهيم عنهما  ، وثالثا : الاعلان من الدوحة عن أن النشاطات النووية الايرانية أصبحت هي – وليست إسرائيل ونشاطاتها النووية والغير نووية - العدو الأول والأخير لمحور الخير الجديد في منطقتنا المنكوبة المتمثل في "العرب المعتدلون" ، و"اسرائيل الشقيقة" ، ومن لف لفيفهما من الطبقات المثقفة والمرتزقة . إنه من سخرية الأقدار أن نشهد القتلة يعطون العالم دروسا في تربية الحمائم؟!.

 

في الواقع ..إنني لاأستطيع أن أفهم ولم أفهم ولن أفهم قط ماذا جاءت الوزيرة الاسرائيلية تفعل في الدوحة ؟ ومهما تحدثوا لنا عن التنمية والازدهار في عصر الموت جوعا ، ومهما أسهبوا في العزف على قيثارة الديمقراطية في عصر الاستعباد ، ومهما دندنوا بحقوق الانسان في عصر القهر والصبر وأيام النحس التي تعم هذا العالم المنكوب فإنني لن أفهم ، ومعي مئات الملايين من الذين لم يفهموا ولن يفهموا كيف يمكن لهذه الوزيرة أن تطأ الارض التي تبث منها قناة الجزيرة ؟! وأعظم من هذا أن تسكت "الجزيرة" عن هذه الزيارة ، بل وتسكت معها كل الأقلام والأصوات "العروبية " " القومية" "الثورية" التي تفح ليلا ونهارا بسباب وشتيمة الأنظمة الحاكمة في السعودية ومصر وموريتانيا والواق والواق ، ولانسمع صوتا واحدا يقول شيئا عن مثل هذا الحدث المهول الذي مرّ وكأن شيئا لم يحدث ، في دولة عربية فتحت أبوابها لكل الأقلام ولكل الأصوات ولكل الآراء والتيارات والتوجهات ليقول كل مايشتهي في أجواء من الحرية التي لم تعرفها من عواصم "العرب" إلا بيروت من قبل أن تدمر على رؤوس أهلها ، ولكننا وعلى الرغم من ذلك لم نسمع أحدا يقول شيئا !! .

 

 لاأدري في واقع الأمر إن كنت على درجة من الغباء والحمق لم أستطيع معهما فهم ملابسات هذه "الزيارة-الدعوة " في ظل الاستعمار الذي يهمين على المنطقة العربية من أقصاها إلى أقصاها ، أم أنني على درجة من السذاجة والبلاهة لم أستطع معهما فهم طبيعة الاستعمار الذي نرزح تحت نيره في ظل خنوع ومذلة تسيطر على النفوس فلا تستطيع أن تجهر بكلمة حق حتى لو فُتحت لها كل الأبواب مشرعة على مصراعيها !.

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ