ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 28/04/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بسم الله الرحمن الرحيم

سيد قطب ضد العنف

الحلقة السادسة : في ظلال القرآن

د. منير محمد الغضبان*

قد يقول الكثيرون : إن كل ما كتبته عن (سيد قطب ضد العنف ) ليس جديداً علينا , فسيد قطب الذي يعتبره الخصوم أساس الإرهاب في العالم هو سيد بعد الستينات , وسيد( معالم في الطريق) وسيد الذي أعدمته الحكومة المصرية لتأسيسه تنظيما سريا خطط للاطاحة بنظام عبد الناصر , ومحاكمته أثبتت ذلك

وكتاب ( في ظلال القرآن) و) معالم في الطريق ) هي فكر سيد قطب الجديد التكفيري العنيف

نقول للأخوة أو الخصوم المتسرعين : مهلاً فنحن ماضون في العرض , وقد وصلنا الآن إلى لب القضية

وأنا مع هؤلاء الإخوة والخصوم أن

سيد هو ( في ظلال القرآن )

مراحل تأليف ( الظلال )

ونأخذ  هذه المراحل مختصرة من الدكتور صلاح الخالدي المتخصص في  الظلال الذي يقول :

وكانت رسالتي في الدكتوراه عنه ( في ظلال القرآن دراسة وتقويم) فهو أولى من يحدثنا عن ذلك . يقول بعد المرحلة الأولى التي كتب فيها من ( الظلال) مقالات في مجلة ( المسلمون)

المرحلة الثانية : الظلال قبل اعتقال سيد قطب

(.... ظهر الجزء الأول من الظلال في شهر أكتوبر /تشرين الأول 1952م عن دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة , ووفى سيد في تعهده للقراء فكان يصدر كل شهرين جزءاً من الظلال فيه تفسير جزء من القرآن

وفي الفترة مابين اكتوبر/تشرين الأول 1952 إلى يناير/كانون الثاني عام 1954 أصدر ستة عشر جزءا من الظلال

المرحلة الثالثة : سيد قطب يكمل الظلال في السجن

قدم سيد للمحاكمة , ثم حكم عليه بالسجن لمدة خمسة عشر عاما ...

وقد يسر الله لسيد الكتابة في السجن , وللناشر طبع الظلال . رغم أن لوائح السجون تمنع الكتابة داخلها , ولا تسمح للسجين امتلاك أدوات الكتابة وتعاقبه إن ضبطت في حوزته , وذلك أن سيد كان قد تعاقد من الناشر –دار إحياء الكتب العربية- على كتابة تفسير كامل للقرآن , فلما منعته الحكومة من الكتابة داخل السجن رفع الناشر على الحكومة دعوى يطالبه فيها بدفع آلاف الجنيهات تعويضاً له عن الضرر الذي وقع بسبب ذلك واختارت الحكومة السماح لسيد بالكتابة , بدل دفع التعويض للناشر ....

وقد أكمل سيد الظلال في السجن في نهاية الخمسينات ) سيد قطب للخالدي /545-546

المرحلة الرابعة : الطبعة المنقحة للظلال :

 كان تفسير سيد في الطبعة الأولى من الظلال لا يعدو أن يكون تسجيلا لخواطره المتنوعة حول الآيات , وبيانا لما فيها من جمال وفن وتصوير , وعرضا لما تضمنته من مبادئ ومناهج )

من هنا بدأ سيد الجديد

أثر السجن في بنائه الجديد : 

( ولكنه في سجنه طالت حياته مع القرآن , وتفكيره في الأحداث المتتالية , والمحن المتتابعة -كما ذكر في مرافعته  لماذا أعدموني- التي مرت به وبالإخوان المسلمين وتعليله سر هذه الأحداث , ونظره في منهج الحركة الإسلامية , في الدعوة والتربية والإصلاح والجهاد والتغيير )

المفتاح الحركي :

( وقد هداه الله إلى إدراك المفتاح الحركي الذي فتح به كنوز القرآن الحركية ووقف به على المنهج الحركي في الدعوة والحركة , وعلى الطبيعة الحركية للقرآن الكريم )

الأجزاء الأخيرة الثلاثة من الظلال :

( وقف على ذلك وهو يفسر الأجزاء الثلاثة الأخير من الظلال , فسجل في تلك الأجزاء بعض مفهوماته الحركية الجديدة , وكان هذا في أواخر الخمسينات كما قلنا ولذلك دعت الحاجة إلى أن يعيد تفسير القرآن على أساس هذه المنهج الحركي الجديد وأن يعيد كتابة الظلال ليضمنه هذه المعاني الجديدة ) سيد للخالدي /546-547

إن الفرق كبير بين طبعتي الظلال , ولا أزال أذكر أن الجزء الأول من الظلال في الطبعة الأولى كان دون المائة صفحة , بينما جاء الجزء الأول في الطبعة المنقحة ينوف عن المائتي صفحة , وهو الذي بثه فهمه الجديد لكتاب الله

لقد كان جانب الإعجاب بالتصوير الفني في القرآن هو الذي يسيطر على تفكير سيد في المرحلة الأولى بينما كان جانب الحركة بهذا القرآن لتغيير واقع الناس هو الذي يسيطر على تفكير سيد في المرحلة الثانية , إنه لم يتخل عن شيء مما كتب , ولكنه أضاف فقه الحياة بالقرآن فيما أضافه وكتبه .

الأجزاء الثلاثة عشر من الظلال :

( كتب سيد الأجزاء العشرة الأولى من لطبعة المنقحة ( المزيدة) على ضوء منهجه الحركي الجديد في فهم القرآن وتفسيره , وكان يسهب القول فيها ويطيل النفس , ويكثر من التفسير وكانت أطول وأعمق وقفاته تلك التي تتعلق بقضايا العقيدة والدعوة والحركة والجهاد والتشريع والجاهلية , ولما أفرج عنه بعفو صحي عام 1964م تابع كتابة الأجزاء , فنشر الأجزاء الجادي عشر والثاني عشر والثالث عشر . وبذلك يكون قد وصل في الطبعة المنقحة من الظلال إلى آخر الجزء الثالث عشر الذي تنتهي به سورة إبراهيم عليه السلام )سيد للخالدي /546-546

لقد استشهد سيد رحمه الله وضمن فكره الجديد في أكثر من نصف القرآن , في ستة عشر جزءا ثلاثة عشر من بدايته , وثلاثة من نهايته

سبعد أجزاء من الطبعة الأولى في سبع مائة صفحة وخمسة أجزاء في ثمانمائة صفحة بعد التطور الفكري الجديد وليست القضية بالكم فقط , إنما تقاس بالنوع كذلك

ونستطيع أن نقول بعد هذه المقارنات السريعة : إن سيد رحمه الله وفكره الجديد هو في ستة عشر جزءا من الظلال , بينما عاجلته الشهادة قبل إتمام النصف الثاني من القرآن الكريم .

مقدمة الظلال :

والمطلع على مقدمة الظلال , يلاحظ أنها تحمل المرحلة الأولى من حياته والتطور الفكري الجديد في المرحلة الثانية

فالصفحات الأربع الأولى , تكاد تتحدث عن الجانب الشخصي عند سيد , وتفاعله وتأثره مع القرآن الكريم مع بيان عظمة القرآن وشموله ويختمها بقوله :

(أي طمأنينة ينشئها هذا التصور ؟ وأي سكينة يفيضها على القلب , وأي ثقة في الحق والخير والصلاح ؟وأي قوة واستعلاء علىالواقع الصغير يسكبها في الضمير ؟)

القسم الثاني من المقدمة :

ويعطينا صورة القرآن الحي المتحرك الذي يغير البشرية إلى الطريق القويم , ويمكن أن نحلل هذه الصفحات الثلاث إلى العناصر التالية :

العنصر الأول : لا صلاح لهذه الأرض ..إلا بالرجوع إلى الله :

( وانتهيت من فترة الحياة في ظلال القرآن –إلى يقين جازم حاسم .. إنه لاصلاح لهذه الأرض ولا راحة لهذه البشرية ولا طمأنينة لهذا الإنسان , ولا رفعة ولا بركة ولا طهارة ولا تناسق مع سنن الكون وفطرة الحياة إلا بالرجوع إلى الله

والرجوع إلى الله – كمايتجلى في ظلال القرآن. له صورة واحدة وطريق واحد لا سواه .إنه العودة بالحياة كلها إلى منهج الله الذي رسمه للبشرية في كتابه الكريم .

العنصر الثاني : تحكيم القرآن بالحياة كلها :

( إنه تحكيم هذا الكتاب وحده في حياتها , والتحاكم إليه وحده في شؤونها وإلا فهو الفساد في الأرض , والشقاوة للناس , والارتكاس في الحمأة والجاهلية التي تُعبّد الهوى من دون الله " فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم , ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله . إن الله لا يهدي القوم الظالمين "القصص /50) مقدمة الظلال /5

العنصر الثالث : الاحتكام إلى منهج الله هو الإيمان :

(إن الاحتكام إلى منهج الله في كتابه ليس نافلة ولا تطوعا , ولا موضع اختيار , إنما هو الإيمان أو ..فلا إيمان" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ".." ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ,وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ".)الجاثية /18019

العنصر الرابع : إنه أمر العقيدة من أساسها :

(والأمر إذن جد .. إنه أمر العقيدة من أساسها , ثم هو أمر سعادة هذه البشرية أو شقائها , ولا تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يخرج من يده سبحانه , وقد جعل في منهجه وحده مفاتيح كل مغلق , وشفاء كل داء " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ".إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم "

ولكن هذه البشرية لا تريد أن ترد الفضل إلى صانعه , ولا تذهب بالمريض إلى مبدعه , ولا تسلك في أمر نفسها , وأمر إنسانيتها , وفي أمر سعادتها أو شقوتها . ما تعودت أن تسلكه في أمر الأجهزة و الآلات المادية الزهيدة التي تستخدمها في حاجاتها اليومية الصغيرة , وهي تعلم أنها تستدعي لإصلاح الجهاز مهندس المصنع الذي صنع الجهاز , ولكنها لا تطبق القاعدة  على الإنسان نفسه .. ومن هنا جاءت الشقوة للبشرية الضالة , البشرية المسكينة , البشرية التي لن تجد الرشد , ولن تجد الهدى ولن تجد الراحة ولن تجد السعادة , إلا حين ترد الفطرة البشرية إلى صانعها الكبير)

العنصر الخامس : النكبة القاصمة في تاريخ البشرية : ( ولقد كانت تنحية الاسلام عن قيادة البشرية حدثا هائلا في تاريخها , ونكبة قاصمة في حياتها , نكبة لم تعرف لها البشرية نظيراً في كل ما ألم بها من نكبات , لقد كان الإسلام قد تسلم القيادة بعدما فسدت الأرض وأسنت الحياة وتعفنت القيادات , وذاقت البشرية الويلات من القيادات المتعفنة و" ظهر الفساد في البر والبحر بماكسبت أيدي الناس "

العنصر السادس : تسلم الإسلام القيادة بالتصور القرآني والشريعة المنبثقة فيه :

( تسلم الإسلام القيادة بهذا القران , وبالتصور الجديد الذي جاء به القرآن , وبالشريعة المستمدة من هذا التصور , فكان ذلك مولداً جديدأ للإنسان أعظم من حقيقته من المولد الذي كانت به نشأته , لقد أنشأ هذا القرآن للبشرية تصوراً جديدأ عن الوجود والحياة والقيم والنظم , كما حقق لهم واقعاً اجتماعيا فريداً كان يعز على خيالها تصوره مجرد تصور قبل أن ينشئه لها القرآن إنشاء , نعم لقد كان هذا الواقع من النظافة والجمال والعظمة والارتفاع والبساطة واليسر والواقعية والإيجابية والتوازن والتناسق بحيث لا يخطر للبشرية على بال , لولا أن أراده لها , وحققه في حياتها في ظلال القرآن ومنهج القرآن وشريعة القرآن )

العنصر السابع : عصابة من المضللين الخادعين :

(... إن هناك عصابة من المضللين الخادعين أعداء البشرية , يضعون لها المنهج الإلهي في كفة , والإبداع الإنساني في عالم المادة في الكفة الأخرى ثم يقولون لها : اختاري ؛ اختاري إما المنهج الإلهي في الحياة , والتخلي عن كل ما أبدعته يد الإنسان في عالم المادة ,وإما الأخذ بثمار المعرفة الإنسانية والتخلي عن منهج الله , وهذا خداع لئيم خبيث , فوضع المسألة ليس هكذا أبداً , إن المنهج الإلهي ليس عدواً للإبداع الإنساني , إنما هو منشيء هذا الإبداع وموجه له الوجهة الصحيحة , ذلك كي ينهض الإنسان بمقام الخلافة في الأرض , المقام الذي منحه الله له , وأقدره عليه , ووهبه من الطاقات المكنونة ما يكافئ الواجب المفروض عليه فيه , وسخر له  من القوانين الكونية ما يساعده على تحقيقه , ونسق بين تكوينه وتكوين هذا الكون ليملك الحياة والعمل والإبداع .. على أن يكون الإبداع نفسه عبادة لله ووسيلة من وسائل شكره على آلائه العظام , والتقيد بشرطه في عقد الخلافة , وهو أن يعمل ويتحرك في نطاق ما يرضي الله .

فأما أولئك الذين يضعون المنهج الإلهي في كفة , والإبداع الإنساني في عالم المادة في الكفة الأخرى , فهم سيئو النية , شريرون , يطاردون البشرية المتعبة الحائرة كلما تعبت من التيه والحيرة والضلال , وهمت أن تسمع هذا الصوت الحادي الناصح , وأن تؤوب من المتاهة المهلكة , وأن تطمئن إلى كنف الله )

و آخرون لا ينقصهم حسن النية , ولكن ينقصهم الوعي العميق :

( وهناك آخرون لا ينقصهم حسن النية , لكن ينقصهم الوعي الشامل , والإدراك العميق , هؤلاء يبهرهم ما كشفه الإنسان من القوى والقوانين الطبيعية , وتردعهم انتصارات الإنسان في عالم المادة , فيفصل ذلك البهر وهذا الروعة في شعورهم بين القوى الطبيعية , والقيم الإيمانية وعملها وأثرها الواقعي في الكون وفي واقع الحياة , ويجعلون للقوانين الطبيعية مجالاً وللقيم الإيمانية مجالاً آخر ... هذا وهم .. إنه فصل بين نوعين من السنن الإلهية هما في حقيقتهما غير منفصلين .. إن الايمان بالله وعبادته على استقامة , وإقرار شريعته في الأرض كلها إنفاذ لسنن الله . وهي سنن ذات فاعلية إيجابية , نابعة من ذات المنبع الذي تنبثق منه سائر السنن الكونية التي نرى آثارها الواقعية بالحس والاختبار .

العنصر الثامن :شريعة الله للناس طرف من قانونه الكلي في الكون :

(..إن شريعة الله للناس هي طرف من قانونه الكلي في الكون , فإنفاذ هذه الشريعة لابد أن يكون له أثر إيجابي في التنسيق بين سيرة الناس وسيرة الكون , والشريعة إن هي إلا ثمرة الإيمان لا تقوم وحدها بغير أصلها الكبير , فهو موضوعة لتنفذ في مجتمع مسلم , كما أنها موضوعة لساهم في بناء المجتمع المسلم وهي متكاملة مع التصور الإسلامي كله للوجود الكبير , للوجود الإنساني , ومع ما ينشئه هذا التصور من تقوى في الضمير , ونظافة في الشعور , وضخامة في الاهتمامات , ورفعة في الخلق , واستقامة في السلوك , وهكذا يبدو التناسق والتكامل بين سنن الله كلها سواء ما نسميه القوانين الطبيعية , وما نسميه القيم الإيمانية , فكلها أطراف سنة الله الشاملة لهذا الوجود )

العنصر التاسع : والإنسان كذلك قوة من قوى الوجود :

(والإنسان كذلك قوة من قوى الوجود وعمله وإرادته وإيمانه وصلاحه , وعبادته وإيمانه وصلاحه وعبادته ونشاطه , هي كذلك قوى ذات آثار إيجابية في هذا الوجود , وهي مرتبطة بسنة الله الشاملة للوجود , وكلها تعمل متناسقة وتعطي ثمارها كاملة حين تتجمع وتتناسق , بينما تفسد آثارها وتضطرب وتفسد الحياة معها وتنشر الشقوة بين الناس والتعاسة حين تفترق وتتصادم " ذلك بأن الله لم يك مغيرا ً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "

فالارتباط قائم وثيق بين  عمل الإنسان وشعوره , وبين مجريات الأحداث في نطاق السنة الإلهية الشاملة للجميع) .

العنصر العاشر :عدو البشرية يطاردها دون الهدى , وينبغي لها أن تطارده :

(ولا يوحي بتمزيق هذا الارتباط , ولا يدعو إلى الإخلال بهذا التناسق , ولا يحول بين الناس وسنة الله الجارية , إلا عدو للبشرية يطاردها دون الهدى , وينبغي لها أن تطارده وتقصيه من طريقها إلى ربها الكريم )سيد قطب , في ظلال القرآن , المقدمة بتصرف 15-18

لم يكن لي من تدخل في هذه المقدمة إلا وضع العناوين الجانبية من جهة , وحذف فقرة واحدة من جهة ثانية , وجدتها مكررة ومؤكدة لهذه المعاني

إن ماعرضه سيد رحمه الله لم يكن جديداً على عقله ولا على قلبه , ولم يكن سيد ساكنا ً فتحرك , فسيد حركة كله , وثورة للحق منذ أن أطل على الحياة , والقرآن في قلبه وعمره سبع سنين , ولو لم يكن كذلك لما كان في السجن وهو ينضج هذه الأفكار .

لكن الجديد في حقيقته أنه اكتشف منهج الحركة من القرآن ذاته , من طيلة معايشته معه , وهو لم يحدثنا في المقدمة عن منهج الحركة بهذا الدين , إنما كانت " الظلال " هي المنهج .والعنف إنما يكون في منهج الحركة أو لايكون .

1- لقد قام أولا ً بتصحيح العقيدة , وما أسماه فيما بعد بالتصور الإسلامي للكون والحياة والإنسان , وأخرج كتاباً بعينه أسماه –خصائص التصور الإسلامي – وكتاباً آخر سماه- مقومات التصور الإسلامي بحيث أبرز الشمول والتوازن والتكامل بين عناصر الوجود كله كما فقهه من كتاب الله .

2- ثم ربط العقيدة بالشريعة من خلال أهم قضيتين :

القضية الأولى :الشريعة منبثقة من العقيدة , والإيمان بها وبصلاحياتها جزء من إيمان المسلم .

القضية الثانية : تطبيق الشريعة جزء لا يتجزأ من هذا الدين , ولن تستقيم الحياة بدون تطبيقها , ولن تستقر البشرية دون إعادة القيادة لهذه الشريعة , فهي الحفيظة والكفيلة على إلغاء الشقوة والنكد والتعاسة للبشرية

3- وأعاد الإبداع البشري في عالم المادة إلى موقعه الطبيعي في هذه العقيدة حيث ينبثق في الإسلام والقرآن من القرآن ذاته , بل هو الذي أنشأه , ورب العزة جل جلاله خالق الإنسان والكون والحياة , ذلل الكون للإنسان , وأعطى الإنسان الطاقات المبدعة لللإستفادة من هذا التسخير لصالح الإنسان والحياة

4- ثم تحدث عن العدو,  وقسم الناس إلى فريقين في موقفهم من هدى الله , كما تجلى له ذلك من القرآن ذاته

الفريق الأول : عدو أسماه عصابة من المضللين الخادعين أعداء البشرية وهم الذين يعرضون على البشرية الاختيار بين هدى الله وبين الإبداع المادي , إما هذا وإما ذاك ولايمكن أن يجتمعا معاً

الفريق الثاني : لا ينقصهم حسن النية , ولكن ينقصهم الوعي الشامل بحيث لايرون صلة البتة بين الإبداع المادي للإنسان والهدي الإلهي المنبثق من القرآن , ولابد من إيضاح أن كليهما من سنن الله في الحياة فمصدرها الله تعالى وحده , والشريعة طرف من قانون الله الكلي في الكون .

5- والإنسان قوة من قوى هذا الوجود , فهو العنصر الفاعل المسؤول عن الاستفادة من قوانين الله المادية والمسؤول عن تطبيق الشريعة الإلهية , وعلى ضوء موقفه من هذين العنصرين يتحدد شقاؤه أو سعادته في الدنيا والآخرة

6- لكنه لم يحدثنا عن طريقة تطبيق هذا المنهج وتنفيذه , وترك لسبحاته في الظلال ومعيشته مع كتاب الله تحديد المنهج التنفيذي للتصور الإسلامي , معتمداً على ماورد في كتاب الله عن المنهج الأول للأنبياء والرسل عامة , ثم لرسول البشرية في امتداد الزمان والمكان خاصة , وكانت أحداث السيرة في كتاب الله هي النور الهادي في ذلك .

قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين

7- مطاردة أعداء البشرية

وجاءت هذه العبارات الحادة في المقدمة , ومثيلاتها في الظلال

( ولا يحول بين الناس وسنة الله الجارية إلا عدو للبشرية يطاردها دون الهدى وينبغي لها أن تطارده , وتقصيه من طريقها إلى ربه الكريم ) المقدمة/18

تاركاً لقارئ –الظلال – كله أن يرى كيف تتم المطاردة , ومتى وكيف يتم التعامل مع العدو في عمليات التهيئة لإقامة شريعة الله في الأرض , ووضع له بعض الملامح السريعة  في المقدمة ليتعقبها في الظلال ويستخرجها منه

8- من هذه الملامح

أولاً : (...والشريعة  إن هي إلا ثمرة الإيمان لا تقوم وحدها دون أصلها الكبير ..)

ثانياً: ( فهي موضوعة لتنفذ في مجتمع مسلم)

ثالثاً: (.... كما أنها موضوعة لتساهم في بناء المجتمع المسلم)

رابعاً: ( وهي متكاملة مع التصور الإسلامي كله للوجود الكبير وللوجود الإنساني )

9- وجاء السذج من الشباب المتحمس ليقرأ هذه العبارات وأمثالها التي لم تأخذ من المقدمة التي هي ثمان صفحات إلا سطرين فقط

( ولا يحول بين الناس وسنة الله الجارية إلا عدو للبشرية يطاردها دون الهدى , وينبغي لها أن تطارده , وتقصيه من طريقها إلى ربها الكريم )

ترك استنباط المنهج كاملاً من الظلال , وترك الملامح العامة للمنهج في المقدمة , وترك المعالم ليأخذ مايناسب حماسته متجاهلاً المعالم كلها التي طبعت والتي لم تطبع ليقوم بوضع منهج من عنده هو منهج العنف والقتل للناس ويدعي انتسابه لسيد , وسيد برئ منه براءة الذئب من دم يوسف

10- وسنتابع في بقية الحلقات الحديث عن المنهج كما طرحه سيد في ( الظلال )وبعض أجزائه في ( المعالم)مؤكدين ما زعمناه من قبل : إن سيد قطب ضد العنف , والله الهادي إلى سواء السبيل

*باحث إسلامي سوري

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ