ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 13/04/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


وقائع ميدانية تثير القلق بعد "مؤتمر أنابوليس"

فادي شامية*

عندما يقول عمرو موسى في القمة العربية في دمشق إن اجتماعاً عربياً على مستوى وزراء الخارجية سيعقد "لنقرر في ضوء الوضع في أي اتجاه نتحرك، فإذا كان هناك تقدم حقيقي فعلينا أن ندعمه. أما إذا كان الوضع سوف يراوح مكانه، كالمعتاد، فعلينا أن نتخذ القرارات التي تناسب الموقف، وربما تكون قرارات مؤلمة"، فإن ذلك يؤشر إلى اقتراب النهاية المحبـِطة للآمال التي عقدها بعضهم على مؤتمر أنابوليس في العام الماضي.

الواقع السياسي يقول إن لا مؤشرات على أي تسوية عربية ـ "إسرائيلية" قريبة، فالحكومة الإسرائيلية أضعف من أن تقدم على تسوية تاريخية، والتوجهات العامة في منطقة الشرق الأوسط لم تحسم بعد، والواقع العربي، والفلسطيني منه على وجه الخصوص، "غير مؤهل" حالياً للتفاوض، فضلاً عن أن الملفات المتعلقة بالحل النهائي، ولا سيما ملفات: القدس والاستيطان واللاجئين، فيها من الصعوبة ما يكفي لإطاحة أي مسار تفاوضي.

 

فرض الوقائع في ملفَي اللاجئين والاستيطان

في ظل هذه المراوحة تستمر الحكومة الإسرائيلية في سياسة فرض الوقائع على الأرض، وقد نجحت هذه المرة بانتزاع موقف لافت من الرئيس الأميركي جورج بوش في كانون الثاني من العام الجاري "اقترح" فيه آلية دولية لتعويض اللاجئين الفلسطينيين حسماً لهذا الملف، متجاوزاً الحديث عن حق العودة، ومتناغماً بشكل واضح مع الموقف الإسرائيلي التقليدي الذي يرفض العودة بشكل قاطع، و"يقترح" بديلاً عنها هو التعويض والتوطين من قبل الدول العربية أو غير العربية، خصوصاً بعد التنامي في أعداد الفلسطينيين داخل حدود فلسطين ليقترب للمرة الأولى من عدد اليهود (5.1 ملايين في المناطق المحتلة عام 1948 والضفة وغزة، مقابل 5.2 مليون يهودي).

 

وفي ملف الاستيطان فإن حركة البناء الاستيطاني قد شهدت تصاعداً كبيراً بعد أنابوليس على نقيض ما هو منتظر، وقد أكدت حركة "السلام الآن"، وهي حركة يهودية، أن "فترة الشهرين ونصف الشهر التي تلت مؤتمر أنابوليس شهدت ارتفاعاً كبيراً في نطاق وكثافة الاستيطان، ولا سيما في محيط القدس الشرقية المحتلة، مقارنة بالسنوات الخمس الماضية، وبما يعادل 11 مرة أكثر من العام 2004 وضعفي ما أقيم (من بناء) في عامي 2002 و2003"، وهو الخطر الذي توقف عنده الأمين العام لجامعة الدول العربية صراحة معتبراً أن "سياسة الاستيطان تدق صفارات الإنذار لنا جميعاً". ومع ذلك فإنه لم تكد تمر ثلاثة أيام على هذه التصريحات، حتى تعهد أولمرت بإحياء خطط مجمدة لبناء 800 وحدة سكنية في مستوطنة "بيتار عيليت" في الضفة الغربية، موضحاً أن "ثمة المزيد على الطريق"، والأنكى أن ذلك لم يمنع وزيرة الخارجية الأميركية التي كانت تزور "إسرائيل" في هذه الفترة من القول "إن المحادثات الإسرائيلية ـ الفلسطينية تسير في الاتجاه الصحيح"!.

 

... وفي ملف القدس

وفي ملف القدس، فمن الواضح السعي الإسرائيلي للحسم بأقصى سرعة ممكنة، وفي هذا الإطار أُعلن في 19/12/2007، أي بعد أقل من شهر على مؤتمر أنابوليس، عن بناء حي يهودي جديد يشمل أكثر من 10.000 وحدة سكنية، وسيكون في حال إقامته أكبر حي يتم بناؤه في شمال شرقي القدس منذ احتلالها في العام 1948، كما أُعلن في 20/1/2008 عن مناقصتين جديدتين للبناء الاستيطاني في القدس، الأولى لبناء 440 وحدة استيطانية في مستوطنة "أرمون هنتسيف" المقامة على أراضي جبل المكبر، والمناقصة الثانية لبناء فنادق على أرض مساحتها 6 دونمات مع إمكانية إعادة هيكلتها لتصبح منطقة سكنية في مستوطنة "غيلو" المقامة على أراضٍ بين مدينة القدس وبيت لحم. بدورها أعلنت بلدية القدس عن بناء 600 وحدة استيطانية جديدة في "بسغات زئيف" شمالي شرقي القدس في إطار خطة تشمل بناء 40.000 وحدة سكنية في المدينة". فضلاً عن توسيع مستوطنة "النبي يعقوب" شمال شرق القدس، بـ400 وحدة سكنية على حساب القرى الفلسطينية المحيطة، والتحضير لبناء 800 وحدة سكنية أخرى في "كيدمات صهيون" بالقرب من بلدة أبو ديس. كما أعادت سلطات الاحتلال إحياء مشروع شارع الطوق من خلال مصادرة 1250 دونماً من أراضي الفلسطينيين لشق وتوسيع الطريق الممتدة من "معاليه أدوميم" شمال شرقي القدس، والتي تنتهي جنوب قرية أم طوبا جنوب شرق القدس، وتتصل بها طرق أخرى.

تزامن ذلك مع محاولة تكريس وشرعنة الوجود اليهودي في البلدة القديمة للقدس من خلال التسجيل في "الطابو" للأملاك العقارية التي أقامها اليهود في حارة الشرف بعد هدمها بعيد احتلالهم الكامل للقدس، لتثبيت الملكية اليهودية على هذه الأملاك العقارية رسمياً وبصورة "قانونية"، وقد أعلنت سلطات الاحتلال في 14/3/ 2008 أنه قد تم لغاية هذا التاريخ تسجيل أكثر من 120 ملكاً عقارياً يهودياً من أصل 600. إضافة إلى قيام سلطات الاحتلال بعملية تشويه مقصود ومبرمج لإعطاء صورة مشوّهة عن القدس من خلال برامج سياحية ومطبوعات، والإعلان عن اكتشافات مخادعة، الهدف منها تصوير القدس وكأنها مدينة لليهود منذ القدم وحتى اليوم، وأن الوجود العربي والإسلامي في المدينة طارئ، فيما الحقيقة هي عكس ذلك تماماً.

 

ويضاف إلى ذلك كله الاستيلاء بحجج قانونية على بيوت المقدسيين، خاصة في محيط الأقصى، من خلال بلدية الاحتلال في القدس و"سلطة الحدائق العامة". وشراء عدد من عقارات الفلسطينيين إما مباشرة أو من خلال وسيط. وزعم العثور على أدلة للهيكل المزعوم. وتدمير الآثار العربية والإسلامية في القدس ولا سيما في سلوان. وإحياء أنشطة فنية و"ثقافية" لترسيخ الوجه اليهودي للقدس. وأخيراً منع أي مظهر ولو كان بسيطاً من مظاهر إعلان احتفالية القدس كعاصمة للثقافة العربية للعام 2009.

 

الأقصى: الملف الأكثر حساسية وتفجراً

محاولات فرض الوقائع الميدانية انسحبت أيضاً على الأقصى لجهة تكثيف الحفريات حتى باتت أساسات المسجد مهددة فعلياً، وأكثر من أي وقت مضى، وقد برز ذلك من خلال الانهيار الذي اكتُشف داخل المسجد الأقصى يوم الجمعة 15/2/2008 بالقرب من باب السلسلة، أحد الأبواب الغربية للمسجد، كنتيجة لافتتاح كنيس يهودي كبير تحت باب السلسلة وعلى بعد أقل من مئة متر من قبة الصخرة وسط المسجد الأقصى المبارك.

يضاف إلى ذلك عودة الحفريات وإزالة الأتربة في طريق باب المغاربة، بعد توقف قصير وذلك في 17/12/2007 والشروع بحفر نفق يمر بمحاذاة المسجد الأقصى ويربط حائط البراق (المبكى) بما يسمي "خيمة اسحق" على بعد 150 متراً فقط عن المسجد الأقصى المبارك، وفق ما كشفت عنه صحيفة هآرتس العبرية في 29/1/ 2008، وقد تأكد الخبر بالفعل في 11/2/2008 بإعلان رسمي من سلطات الاحتلال، وتبين أن النفق بطول 200 متر وأنه يمر من خلال فراغات أرضية لأبنية إسلامية، من العهود الإسلامية المتعاقبة، ويتفرع عنه أنفاق أخرى يقود أحدها إلى باب السلسة، غرب المسجد الأقصى، وربما يصل إلى المدرسة الشرعية داخل المسجد، ليصله بساحة البراق وبالكنيس اليهودي عند حمام العين.

وبحسب توقعات الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في مناطق 48، والمدعومة بوثيقة كشف عنها في 10/1/2008، فإن سلطات الاحتلال أخذت موافقة كافة قادة اليهود في العالم، وحصلت على الموارد المالية اللازمة لتنفيذ مشروع مدته ست سنوات لبناء أكبر كنيس يهودي في العالم تحت المسجد الأقصى، وأن الكنيس "سيكون له أبواب تقود مباشرة إلى داخل المسجد الأقصى بحيث تتحول كل الساحات الداخلية للأقصى إلى ساحات لهذا الكنيس الكبير وأنه بمثابة الخطوة الأخيرة التي تسبق بناء الهيكل المزعوم"، ويتضمن المشروع أيضاً إغلاق الباب المؤدي إلى مصلى البراق من الساحات الداخلية للمسجد الأقصى وبناء باب آخر ووصله مباشرة بالمصلى لتحويله إلى كنيس يهودي، وستؤدي المخططات الجديدة إلى "الإغلاق النهائي لباب المغاربة ولبناء جسر يوصل إلى المسجد لضمان السيطرة الكاملة عليه"، أما في الجهة الجنوبية من المسجد فمن المخطط له "فتح الباب الثلاثي المغلق حالياً والذي يوصل إلى المصلى المرواني، وهو يتسع لأكثر من ستة آلاف مصلٍ، بهدف إقامة طقوس اليهود الدينية داخل هذا المصلى، وأنه قد تم بناء مدرج يوصل إلى الباب الثلاثي ومصطبة مستوية على امتداده". أما من الجهة الغربية فوفقًا للمخطط فسيتم "حفر نفق تحت الحائط الغربي للمسجد الأقصى ليكون بمثابة طريق طوارئ لقوات الاحتلال في حال احتاجت إلى اقتحام المسجد الأقصى لاحتواء ما يصفونه بأعمال الشغب من جانب المسلمين، أما أسفل الجدار الشرقي للمسجد فمن المخطط له اقتطاع المساحة التي توجد فيها مقبرة الرحمة، والمدفون فيها جيل من الصحابة الفاتحين، رضوان الله عليهم، بهدف بناء محطة "تلفريك"، كان قد أُعلن إنشاؤها سلفا".

 

في ظل هذه الوقائع والمعطيات فإن القلق جاد جداً من حصول تطورات دراماتيكية من النوع الذي يصعب احتواؤه، ولا سيما في ملف الأقصى الذي يمس كل مسلم في هذا العالم، الأمر الذي سيترك آثاره على الواقع العربي، الشعبي والرسمي، ويدفع الجميع نحو "الخيارات المؤلمة" وفقاً لتعبير عمرو موسى.

*باحث في شؤون القدس

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ