ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 19/03/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

برميل النفط العربي بمئة دولار أمريكي ، والدم العربي مجاناً

 د . علي حسين*

خلال تصفحي لموقع الراصد العربي استوقفني كاريكاتير منقول عن جريدة الإتحاد الإماراتية تحت عنوان (برميل النفط العربي بـ 100 دولار أمريكي ، وبرميل الدم العربي بـ "مجاناً")، عند تصفح القراء للكاريكاتير ، يمرون عليه مر الكرام والبعض منهم قد لايدقق في معناه ، في حين تعبر ريشة الفنان في كل حركة عن شيء ما أو عن فعل ما ، وهي في غالب الأحيان تعبر عن وضع سياسي معين . وبسبب بعض الكاريكاتيرات دفع العديد من أصحابها حياتهم ثمن لرسوماتهم أمثال الفنان الكاريكاتيري المرحوم ناجي العلي ، فهو لم يحمل البندقية ليقاتل الإحتلال الغاشم لأرض فلسطين ، بل قاتلهم حتى صرعوه في لندن بالقلم وبالرسومات التي كانت تعبر عن حجم وهول ومصيبة الشعب الفلسطيني وحتى يومنا هذا نتيجة الإحتلال والممارسات الا إنسانية التي يمارسها الإحتلال بحق أصحاب الأرض الأصليين . ووصف رسام الكاريكاتير العربي ناجي العلي ذات يوم ، مهمة الكاريكاتير بأنها " تعرية الحياة بكل ما تعني الكلمة ونشرها دائما على الحبال ، وفي الهواء الطلق ، وفي الشوارع العامة "، و التبشير بالأمل بالثورة ،  وبولادة إنسان جديد . بيد أن مهمة ورثة ناجي العلي في عالمنا العربي الان لا تبدو سهلة في ظل سيادة محرمات يحرم عليهم الاقتراب منها وخطوط حمراء تحد من حريتهم ، وغياب منبر حر يتحمل سخريتهم وانتقاداتهم المرة ، كما واعتبرها وسيلة مثلى للتعبير عن آراء ومواقف سياسية بطريقة ساخرة ، وهو من أكثر الوسائل التي تعبر عن هموم الشعب ومشاكله وآلامه في الصحف ، وهي وسيلة تستقر في ذهن المتلقي بطريقة سهلة خالية من التعقيد.
 

أما النفط فهو سلعة شديدة الحساسية لارتباطها بالسياسة والاقتصاد اللذين يتغيران ويتقلبان بسرعة تدير الرؤوس ، ويعود تاريخ اكتشاف النفط في الدول العربية للفترة من عام 1868 في مصر الى العام 1967 في عمان  ، وكانت تسيطر عليه الشركات الأجنبية التي أشرفت على عمليات البحث والتنقيب ، لقد كانت هذه الشركات تتحرك في منطقة الشرق الاوسط تحت اعلام بلادها وحماية مدافعها واساطيلها وجيوشها التي تسيطر على مصائر الناس وهي تواجه حكومات ضعيفة تمزقها الانقسامات الداخلية ولا تملك اكثر من البنادق القديمة والاسلحة البسيطة وكانت هذه الشركات الاحتكارية اهم ثمار الثروة الصناعية في الغرب في تقدمها العلمي او تكوينها الاداري والاقتصادي وكانت هذه الشركات الاجنبية تملك كل اسباب القوة والتفوق ، ولقد قطعت الوعود للحكام العرب الذين اكتشف النفط في بلدانهم بتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم للحرية والاستقلال .

ان الطمع في النفط العربي والرغبة في الاستيلاء عليه واستغلاله قد جعل بريطانيا تتراجع عن وعودها التي اعطتها للعرب وخاصة للشريف حسين في الحرب العالمية الاولى بتأييد تطلعاتهم للوحدة والاستقلال والحرية التي ثاروا في سبيلها ضد الحكم التركي – وبعد انتهاء الحرب وانهيار الدولة العثمانية غرزت بريطانيا انيابها في الجسم العربي تجزئه وتقاسمه طمعاً في نفط العراق – وكانت اتفاقية سايكس بيكو  1916 ثمرة هذه السياسة البريطانية الخادعة " فرق تسد " وبالاتفاق مع فرنسا قامت بترسيم الحدود بين سوريا والعراق وفي رسم وتجزئة الجسم الواحد حتى تريد الاستئثار بنفط العراق منفردة ، وفي  2 تشرين الثاني عام 1917 اكملت بريطانيا الأستعمارية وعدها بإعطاء فلسطين لليهود . وفي عام 1919 عقد اجتماع سري في لندن في الشقة الخاصة برئيس الوزراء البريطاني لويد جورج وحضره وزير الخارجية الفرنسية المسيو بيشون للتأكيد على التمسك باتفاقية سايكس – بيكو ولكن الجانب البريطاني استطاع في هذا الاجتماع ان ينال الموافقة الفرنسية على ان تقع ولاية الموصل ضمن منطقة النفوذ البريطاني – ويومها قالت فرنسا الاستعمارية لبريطانيا اطلقي يدي في سوريا ولبنان لكي اطلق يدك في الموصل العراق .
 
 
وجاءت حرب الخليج عام 1991 وكان من اهم نتائجها اغراق دول النفط العربي بالديون وتعطيل اي محاولة او حتى توجه عربي لربط سلاح النفط انتاجاً وتسعيراً وتسويقاً بالموقف السياسي ، والسبب في ذلك الدور السياسي الذي تمارسه امريكا من خلال وجودها العسكري المباشر في المنطقة. ولم ينتهي دور الدول والقوى الطامحة بالسيطرة على النفط فحسب ، بل على وضع يدها على منابع وممرات تصدير النفط والسيطرة على عملية توزيعة كما تشاء ولمن تشاء ، مما دفعهم لإحتلال العراق تحت حجج ومبررات واهية ، ولكن السبب الأهم لإحتلال العراق هو وكما ذكرنا السيطرة على منابع وممرات تصدير النفط ، لذا من هنا تأتي أهمية الموقع الجغرافي للوطن العربي ، وكذلك حجم مخزونه الإحتياطي النفطي ، صحيح نحن نملك النفط ونملك الممرات الهامة لوصول النفط الى مختلف بلدان العالم ، ولكن لا نملك السيطرة على سعر برميل النفط ، فهم من يأخذ النفط ، وهم من يسعر النفط ، ومن هنا وصل سعر برميل النفط لأكثر من 105 دولار أمريكي ، بينما سعر برميل من الدم العربي لا يساوي أي ثمن ، أن الدم العربي رخيص ولا قيمة ولا سعر له ، والتأكيد على ذلك شلال الدم المتدفق في العراق ، وفي فلسطين ، وفي لبنان ، وفي سوريا عندما استباح نظام حافظ الأسد معظم المدن السورية ، لا الأمم المتحدة ، ولا منظمات المجتمع المدني في بلدان العالم المتحضر ينظر وبجدية للدماء الزكية الطاهرة التي تهدر في بلادنا ، ولا أحداً منهم يطالب بوقف العدون ووقف المجازر الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ، وما تعرض له الشعب اللبناني صيف 2006 من قبل الجيش الإسرائيلي ، ولكن يسارع المجتمع الدولي للشجب والتنديد عندما تتعرض إسرائيل لأي عملية فلسطينية ، مع أننا ضد استهداف المدنيين في أي مكان من العالم . ولكن ما بالنا نطالب المجتمع الدولي يشجب العدوان ، وشجب إهدار الدم العربي ، وما بالنا نطالب المجتمع الدولي لرفع الغطاء عن إسرائيل ، والعديد من الدول العربية يلتزم الصمت المدقع وينظر الى الجرائم التي ترتكب بحق الشعب العربي وكأنها لا تعنيه لا من قريب ولا من بعيد ، وهذا ليس موقف الحكام العرب فحسب ، بل المواطن العربي المنهك لم يعد في كثير من الاحيان يكترث أو يعبر عن حالة مأساوية قد تحل بدولة عربية ما .

سوريا بلدنا الحبيب ، بلدنا الجريح ، بلدنا المغتصب المورث ، في سوريا وبهمة النظام الدكتاتوري ، كرامة المواطن السوري مستباحة ، ولقمة عيش المواطن مرتهنه ، والحرية والديمقراطية معدومة ، ومعتقلي الرأي في سجون النظام حدث ولا حرج ، والبعض منهم خرج من السجن ليموت بعد أيام ، السوريات الشريفات في سجون نظام آل الأسد دون خوف أو حياء ، أمام كل هذه المصائب التي يتعرض لها الشعب السوري فما زالت الدول تغض الطرف عن سلوكيات وتصرفات هذا النظام الشاذ وكأن قيمة المواطن السوري لا تساوي قطرة نفط تستخدم في تطوير صناعة الوسيلة التي يحارب بها العرب والسوريين ، دمكم أيها العرب ، دمكم أيها السوريين لا قيمة ولا وزن ولا ثمن له .

* كاتب سوري

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ