ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 11/03/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

بين المغامرتين... غزة أصعبها!

ناصر السهلي

الفرق بين "مغامرة" تموز 2006 و"مغامرة" غزة في شباط 2008 لا يتوقف عند حدود البجاحة والعلنية في الاصطفاف الواضح الذي أرادته رايس من البوابة اللبنانية لمجموعة سياسية معروفة الهوية والتوجه وإن كانت في تلك البوابة لعبت لعبة القفازات الناعمة.. أو النفاق والديماغوجية المبطنة.. فإن مثيلتها في غزة 2008 لم ترتدي المساحيق.. ولن نخوض الان كثيرا في ترابط العدوان على غزة ومخطط جهنمي يستهدف المنطقة وأطراف عربية أخرى يحضر لها نفسيا من بوابة غزة واستقدام المدمرة كول الى شرق البحر المتوسط بتأمر ومعرفة مسبقة من أطراف اقليمية ودولية صمتت على ما يجري من محرقة في غزة إنتظارا لنتائج أوسع من غزة..

 

 صواريخ.. مبررات..

فقد تجاوزت الفروقات ما عادت رايس لتطرحه فور إندفاع حمم القتل الصهيوني في غزة طالبة الاستسلام من المقاومة الفلسطينية.. إلى أن إنبرت أصوات فلسطينية، منها من يحتل موقعا رسميا ومنها أصوات تجاوزها الزمن، لتعلن وبكل وقاحة ما لم يعلنه في تموز 2006 مجموعة النفاق اللبنانية.. ومنذ اللحظة الاولى خرج علينا المدعو رياض المالكي، بعد مقدمات سياسية وإعلامية ممهدة عربية وفلسطينية، ليستغبي عقل الشعب الفلسطيني والعربي.. بل وزد عليه العقل الغربي حين يتحدث الرجل بلغة انكليزية مستخرجة من عقل ديكتاتور صغير.. وهنا كم بودي أن أسأل من وضع هذا "الوزير" في موقعه عما إذا كانوا يفهمون اللغة التي يتحدثها؟ وبودي لو يجيبنا أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والتي ما زال الحديث عنها كمرجعية لكل السلطة، عما إذا كانوا يدركون الخراب الذي يسببه هذا الخطاب الاعلامي الذي تجاوز المعقول في "التعقل" الذي لا يمكنك أن تجد له مثيلا حتى في معسكر ما يسمى السلام الاسرائيلي وعند من يسمون "اليسار المتطرف".. أم أن زمن الإعلام المنبطح صار لازمة من لوازم القول والكتابة لثورة تضيع كل تراكماتها من يعتلي المناصب بطرق غير شريفة ولا هي مهنية كما ادعى عباس حين عين حكومة "التكنوقراط".. وهم، أكاد أن أُقسم، بأنهم لا يفقهون من معنى التكنوقراطية شيئا سوى تمرير الاجندة الخفية التي باتت غير خفية حتى لهؤلاء الذين قُمعوا وقُمعن في تظاهرات الضفة للتضامن مع شعبهم في غزة.. ونحن نعتب على العرب صمتهم..

 

لقد إنتظر لفترة 33 يوما ذلك الرهط السياسي والاعلامي في لبنان قبل أن يتحدث علنا عن "محاسبة" المغامرين وخلال 33 يوما بدا المشهد الشعبي والاعلامي والسياسي منسجما نوعا ما مع معاناة المدنيين وتحدث هؤلاء ضد آلة الدمار الصهيونية وكذبها المتكرر في ارتكاب مجازرها ومسح الارض بالامم المتحدة والقانون الدولي الانساني..

 

في غزة 2008 بدا المشهد أكثر إيلاما :

"القاعدة في غزة"... "الصواريخ عبثية وألعاب نارية"... "يجب وقف إطلاق الصواريخ"..." التألم على المدنيين الاسرائيليين"... "الانقلابيين وعبثية المقاومة".. وزد ما تريد من المبررات التي يتلقفها الاعلامين العربي والدولي المنتظر أصلا صوتا "متعقلنا" فلسطينيا ليتخلص هؤلاء من خفية الموقف من القضية الفلسطينية وبالتالي العودة الى شعار صنعته اوسلو : هل نكون فلسطينيون أكثر من الفلسطينيين؟

 

فهل حقا "القاعدة في غزة"؟

تلك تحتاج من مطلقها لأن يخبرنا عن عبقرية استخباراته التي استطاعت أن تعرف هذه المعلومة الخطيرة بينما هي غير قادرة عن أن تحدد لنا ما تفعله في نابلس، النموذج البائس والغير مقنع حتى للاحتلال، وفي الخليل وحتى اريحا من ممارسات "استدعاء" وقمع المواطن.. في حين تختفي تماما من الشارع حين يحضر الصهيوني مستعربا كان أم ظاهرا في آلياته؟

 

يعتقد مطلقي التبريرات للاحتلال بأن الناس أغبى من أن تكتشف ما يخططون له.. فهم يقعون في مطبين إذا لم يكن عشرة مطبات.. مطب المعرفة التي صارت مقرفة في حالة الشعب الفلسطيني تجاه قيادة عاجزة عن أن تفهم معنى أن المقاومة ليست كما يريدونها حالة عبثية عند الشعب الواقع تحت الاحتلال.. بل ويصورونها على أنها استثنائية وشاذة.. بينما المطب الآخر هو الاكثر شواذا في تاريخ الشعوب التي عانت من الاحتلال.. فالتقبيل والعناق والشد على أيدي من يخترعون قولا وفعلا مجازر تستهدف الانسان والارض والمقدسات معتقدين عن قصد أو غير قصد بأن تلك الادوات البائسة بما فيها الجلوس العبثي مع قتلة من أمثال باراك وصنع علاقات حميمة مع قادة صهاينة وشتم ووصف المقاومة الفلسطينية بما لا تستحق ممن يدعي أنه يمثل شعبه هي أدوات لم تقدم لا للشعب ولا للقضية حتى تحريك أو إزالة حاجز أو تغلق معتقلا صهيونيا أو ترفع حالة الحصار المفروضة على الفلسطينيين منذ أن مارسوا تجربة ديمقراطية خسرت فيها أطراف ونجحت أخرى.. لكن هؤلاء الذين يفاوضون مازالوا يمارسون السياسة والديبلوماسية وكأن شيئا لم يحدث.. إحتكار كلي للقرار وتسخيف بل واستهانة بالرأي الاخر..

 

الحالة شاذة بكل تأكيد.. فمن يفاوض وهو ينزع إلى سياسة التخلي عن مكامن القوة عند الشعب والمقاومة لا يمكنه أن يحقق شيئا.. لا مناورة ولا إستراتيجية.. ومن غير المفهوم ما يريده هؤلاء الممسكون بالقرار من شعبهم الذي يعاني من بطش احتلال لم يشهد التاريخ مثيلا لأدواته التي تدعمها سياسة النفاق والازدواجية الدولية.. وحين تكون قيادة أي شعب ضعيفة بهذا الشكل الذي تظهر عليه قيادة السلطة التي تحاول أن تُلبس نفسها لباسا على غير مقاسها فإنها بلا شك ستؤثر على هذا الشعب وقضيته سلبا..

هي سياسة الهروب من استحقاقات المشاركة الواسعة في القرار.. وبغير هذا التبرير لا يمكن فهم هروب قيادة السلطة من كل المبادرات التي كانت قبل وصول حماس الى السلطة وتلك التي جاءت من أطراف وفصائل مختلفة بعد أزمة يونيو 2007.. ويبدو أنه هروب مفروض على هؤلاء بفعل الأوهام التي تصيغها الادارة الاميركية لهؤلاء، وبدل أن يهددوا هم بوقف المفاوضات إذا لم تلتزم دولة الاحتلال بشروط ونتائج التفاوض وجدنا أنفسنا أمام سلطة تُهدد من الاحتلال فتستجيب وتحديدا تجاه مسألة الوحدة الوطنية..

 

الحالة شاذة لأن هؤلاء المنتقدون لمقاومة شعبهم، حتى مقاومة الحجارة باتت ممنوعة ومصنفة ارهابا، لا يقدمون بديلا مقنعا وفي الحقيقة لا يقولون شيئا عما يمكن فعله مع مثل هذا الاحتلال الذي يريد إخضاع الشعب الفلسطيني وجره إلى القبول بفتات ما يلقى له من حقوقه الاساسية والتاريخية.. فالعنف الاحتلالي المتواصل والذي لا يترك طرفا دون طرف، حتى هؤلاء الذين تدعي السلطة أنهم "تائبون" يُقتلون ويعدمون دون احتجاج من الرسميين، فهل مطلوب من الشعب الفلسطيني أن يتلقى الضربات ويصمت أو يذهب ليستشير المالكي ومعسكر التفاوض عما إذا كان مسوح له الدفاع عن نفسه؟

 

كذبة.. أكبر من أختها..

تدعي السلطة الغير معصومة عندنا عن الخطأ ولا النقد بأنها سلطة سيادية وهذه أكبر الكذبات المعتمدة في تصرف السلطة الفوقي مع شعبها وقواه الوطنية من كل المشارب الايديولوجية.. وبناءا على تلك السيادة الكاذبة يقال بأن لا "سلاح غير سلاح السلطة".. وقد رأينا أية كارثة جلبته هذه السياسة على القوى الامنية في الانتفاضة الثانية فهو ما تتمناه دولة الاحتلال التي تريد أن تكرر لعبة المواجهة مع شئ نظامي لتنهي وبسرعة كل سلاح فلسطيني..

إذا كانت رام الله ذاتها غير محمية من الاجتياحات والاعتداءات وإذا كان قادة السلطة أنفسهم يُذلون ويهانون على الحواجز، فما بالنا بشعب بأكمله كان ولا زال شعبا يعشق ويقدر كرامته وحريته؟

 

بقيت السلطة الفلسطينية تضيع الفرصة تلو الفرصة لإعلان الاستقلال منذ 1999 وبناءا على ذات الاتفاقات المجحفة التي تم التوصل إليها من وراء ظهر الشعب وقواه الوطنية.. أما أن تقول لنا كلاما كبيرا عن السيادة والمصلحة الوطنية العليا لإنهاء كل أنواع المقاومة بما فيها اللفظية التي أقلعت عنها نكاية شخصيات كانت معروفة في نقدها اللاذع للاحتلال والسياسات الاميركية قبل أن تستبدل لغتها وتصرفاتها الانتهازية وفق المصلحة الضيقة لاصحاب الامتيازات..

 

وإذا كنا نتحدث عن منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية، رغم محاولات إفراغ مفهوم التحرير من مضمونه، فما بال هذه السلطة لا ترى بأن المقاومة الفلسطينية ليست محصورة في حماس.. وحتى لو أرادت حماس ممارسة إحتكار لهذه المقاومة فهي مخطئة وغير قادرة، وعليه لا نفهم كيف يجري التركيز على الصواريخ كمبرر بينما كتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية يمارس الكفاح المسلح وإطلاق الصورايخ والقذائف في معركة الدفاع عن الشعب مع كتائب أبو علي مصطفى والمقاومة الشعبية وتلك جميعها ليست في وارد لا التحالف مع "القاعدة" المفترضة في خطاب أبومازن ومستشاريه ولا حتى السكوت على الاعتداءات الصهيونية على شعبها لأنها في الأصل هي من هذا الشعب وليست مقاومة مستوردة ولا غريبة في حالة الحصار المطبق على الفلسطينيين..

 

ثم لماذا كل هذه الضجة عن الصواريخ.. وعن أنها ألعاب نارية.. ليتهم يخبروننا ما هي الادوات الشرعية للمقاومة؟

أشك في أنهم يرغبون في وجود مقاومة في الاصل.. والسلاح الذي يراد له أن يكون هو ذلك الذي يستعرض قوة وهيبة كاذبة لسلطة باتت تفقد شرعيتها كلما اتسعت الهوة بينها وبين شعبها وكلما عمقت من أزمة برنامجها القائم على الاحتكار والارتجال بدون استراتيجية حقيقية.. وإلا لما كنا شهدنا كل هذه الكوارث التي تجلبها تصريحات وفقاقيع أمثال المالكي والاقلام التي تجرم الدفاع عن النفس تقفيا لأثر الخطاب الأميركي في المنطقة..

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ