ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 21/02/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

قراءة مغايرة لحيثيات اغتيال عماد مغنية

علي الحفني*

من هو عماد مغنية.. لماذا اغتيل في دمشق  وبهذا التوقيت.. ما الذي قتله.. من قتله.. من وكيف يستثمر مقتله.. وما تداعيات مقتله..؟

 

من هو عماد مغنية؟

ولد عماد مغنية في لبنان بتاريخ 7/12/1962م. وهو فلسطيني الأصل، وكان من عسكريي فتح، اختير ليكون أحد الحراس الشخصيين لياسر عرفات. بعد خروج الفلسطينيين من لبنان تشيع وانضم عام 1983 لحزب الله، وصار قياديا فيه ثم المسؤول عن العمليات الخارجية للحزب.

 

لماذا ملاحق؟

يعيش عماد مغنية متخفياً منذ الثمانينيات، لأنه مطلوب في 42 دولة. وملاحق من قبل الانتربول بتهمة ضلوعه كرأس مدبر أو مشرف أو منفذ للعديد من الحوادث الدموية منها التخطيط لمقتل أمير الكويت الراحل جابر الأحمد الصباح عام 1985، اختطاف الطائرة الكويتية "الجابرية" عام 1986 ، إعدام اثنين من المواطنين الكويتيين، تفجير مركز يهودي في عاصمة الأرجنتين بوينس آيرس أوقع 85 قتيلا ونحو 300 جريح في يوليو 1994م. خطف جنديين إسرائيليين في يوليو 2006. خطف مسؤول الاستخبارات الأمريكية في بيروت وليام باكلي سنة 1984. تفجير معسكرات القوات الفرنسية في بعلبك، تفجير السفارة الأمريكية في بيروت أثناء غزو لبنان 1982، تفجير السفارة العراقية في بيروت، نسف مقر قوات المارينز في مطار بيروت عام 1983 ، الذي أسفر عن مقتل حوالي 250 جنديا أميركيا. اختطاف طائرة الركاب الأميركية " تي دبليو " في العام 1985 أي الرحلة 847 التي كان ضحيتها ضابط البحرية الأمريكية روبرت شيتم بمساعدة كل من حسن عز الدين وعلي عطيوي. وفقا لصحيفة "ويب هوستنك راتن" التي نشرت في عام 1996 أنه وراء تفجيرات مجمع الخبر السعودي والذي أسفر عن قتل 19 أمريكيا.

أعلنت الولايات المتحدة عن جائزة مقدارها خمسة ملايين دولار لمن يدل عليه، وبعد إحداث سبتمبر 2001 رفعت الجائزة إلى 25 مليون دولار، وتصدر اسمه قائمة من 22 مطلوبا للولايات المتحدة ، مما دعى إيران لترحيله من أراضيها خشية الانتقام الأمريكي بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن. وفي عام 2002، نشرت صحيفة "دي فيلت" الألمانية عن دوره في عملية تمويه وتهريب قيادة منظمة القاعدة من أفغانستان وعلى رأسها أسامة بن لادن.

يشرف عماد مغنية بنفسه على ترسانة الأسلحة التي تصل من طهران بصناديقها إلى مطار دمشق ، دون السماح حتى للجمارك السورية الإطلاع عليها ، وتذهب برفقة الاستخبارات السورية عن طرق عدّة إلى مخازن حزب الله في لبنان، ومغنية يعرف الكثير، فلا بدّ التخلص منه بأسرع ما يمكن إذ صار عبئا على من يأويه.

 

مكان وزمان الاغتيال

اغتيل في منطقة كفر سوسة وهي محصنة ومزروعة بالكاميرات، التي ترصد حتى حركة كل نملة، ولها شريط مسجل، ما لم يتم إنتاجه على طريقة أبو عدس. إذ تقع في هذه المنطقة وجوارها قيادة المخابرات العسكرية وإدارة المخابرات العامة، فرع المنطقة، وفرع التحقيق العسكري، فرع فلسطين، وفروع مثل التقانة والتحقيق والمخابر العملياتية والفنية وعدد هائل من مقار أجهزة مخابراتية ومفارز أمنية مختلفة. واغتياله هنا بالذات له دلالة كبيرة.

 

سوريا وفبركة التهم مسبقا

تسعى دمشق لتوظيف واستثمار حادثة الاغتيال من خلال إيهام الرأي العام بتعاون أجهزة عربية هي على خلاف مع حكوماتها مع جهات أجنبية، وذلك ردا على عزلتها المزمنة، بغية استخدمها كورقة جديدة بدأت تلوح بها. وبفرض عدم وجود صفقة بيع لمغنية من قبل سوريا على غرار يوجالان، فإن الخرق على مستوى رفيع في القيادة السورية حيث كانت علاقات مغنية محصورة بهذا المستوى . وما سيفضي إليه تحقيق النظام بالاغتيال لن يكون حسن الإخراج ويعيدون إنتاجه وتغييره مما يفقده أية مصداقية، وله سوابق في حالات مماثلة حين يعدل منتجاته أثناء توزيعها للاستهلاك وتكثر الروايات وتتعدد وجوه أبو عدس وقتلة الخزنوي وغيره، وكما عودتنا دمشق، يتم توقيف عددا من الأشخاص اعتباطيا، وإلباسهم التهمة، إذ لا تحتاج الأجهزة السورية لأدلة بينة، بل سيعترف "الجناة" عبر التلفزة بمسرحية رديئة الإخراج لا تختلف عن استنحار غازي كنعان ومحمود الزعبي.

عرف عن دمشق استنساخ وتوليد منظمات وهمية وأشباح تفصلها بمقاييس حسب الطلب وترسم لها خيوطا توصلها بمن تشاء من المحيط العربي أو الدولي، ولتمييع الموضوع وتسفيه أي حادثة تزيد من الروايات وتفبرك الاعترافات على طريقة أبو عدس واعترافات قتلة الخزنوي. إذ ما من شك هذه المرة تمت تأدية المسرحية على  خشبة مسرح المخابرات السورية، وتملك شريطا مصورا من كافة الزوايا بالصوت والصورة، وبعد استقراء ردود الأفعال يتم تشذيبه وتنميقه وفقا لمقاصده النهائية. والتي من أهم تداعياته النفخ في رماد الأزمة اللبنانية وإشعالها من كل زواياها كما وعد وهدد قادة دمشق غير مرة. إذ ليس صعبا أن تفصل التهمة على مقاس معارضي الهيمنة السورية مثل الحريري وجنبلاط ورسم خيوط أولية تشرك الموساد، وتبقي الباب مفتوحا لتوسيع التهمة لتشمل دولا نعت النظام قادتها بأنصاف الرجال، إن بقيت متصلبة نحوه، وفي مقدمتها السعودية..

 

دمشق وصفقات بيع الحلفاء

ليس لأن دمشق كانت تفاوض إسرائيل من تحت الطاولة أثناء حرب حزب الله وإسرائيل فحسب، وقبلها بيع الزعيم الكردي أوجالان، بل سجلها حافل بمثل هذه الصفقات، وبالتالي تكون فرضية بيع مغنية بصفقة سورية-إسرائيلية يبرهن النظام السوري من خلالها لواشنطن عن شراكته معها في الحرب على الإرهاب، وهذا ما يخيف خالد مشعل وجبريل والبقية الباقية من كباش الفداء التي تأويها دمشق وتستخدمها، وقد حان الوقت لتقبض ثمن هذه الأتعاب التي أحوج ما يكون نظام دمشق المتصدع إليها، أما سقف طموحاته فلا يمكن أن يرقى لأكثر من طلب تخفيف الضغوط والحصار عليه، وقد يكتفي بتعطيل المحكمة الدولية عبر إلصاق تهمة الاغتيال بمقتول وبعض الأحياء-الأموات مثل رستم غزالة وبعض الفلسطينيين، كي توصد المحكمة الدولية في لاهاي أبوابها والتي بدأت تشكل للنظام السوري كابوس رعب يومي. وكما تفرقت الحشود التركية عن الحدود الشمالية بعد تسليم أوجالان وهدرت المياه في الفرات، يؤمل أن تعود المياه لمجاريها بين دمشق وواشنطن. ويبقى مسلسل سوق المضاربة مفتوحا لما بعد عماد مغنية وكثيرون من يخيمون في دمشق وضواحيها وصولا للثور الأسود. ناهيك عن الصراع الداخلي في بيت الحكم السوري والحاشية، إذ كثرت التكهنات بأن حان موعد التضحية بالضابط جامع جامع ورستم غزالة وآخرين من الرتب الدنيا.

جدير بالإشارة الاختلاف الجوهري بين صفقتي أوجالان ومغنية كما ونوعا، وباستثناء مريدي الزرقاوي لم يسلم النظام السوري مؤخرا أحدا من المطلوبين دوليا، ويلجأ لطرق أقل فضائحية إذ لا يمكن تسليم مغنية علانية خشية فقدان بقية ماء وجه نظام أدعى الصمود والتصدي وبعده الممانعة، مما قد يسيء للعلاقة مع إيران وينعدم وزن الثقة من قبل بقية الأوراق التي يتاجر بها كرموز حماس والمنظمات الفلسطينية العشر التي ترتع في دمشق، وسيفقده جلاؤها عن دمشق خشية التمويت حق التفاوض والمقايضة أو عدم إمكانية طرحها في سوق النخاسة أصلا.

 

تناغم موقفي دمشق وحزب الله

استعصى عماد مغنية على أعتى أجهزة المخابرات الدولية بسبب السرية والتكتم الذي منحه إياه النظامان السوري والإيراني لما يملك من معلومات هائلة وخطرة، ولم يعرف شيئا عن تنقلاته ولا حتى ملامح وجهه، ومع ذلك اغتيل بعبوة ناسفة في سيارته كتلك التي استخدمت لاغتيال عدد كبير من المسؤولين اللبنانيين. والملفت أنه فور ذيوع نبأ مقتله  اتهم حزب الله ومن بعده دمشق جهاز الموساد الإسرائيلي باغتياله، ورغم تشابه الظروف حين كان الأمن بيد القوات السورية أثناء اغتيال الحريري فاليوم يتم الاغتيال في عقر دار الأمن السوري وبين فروعه ومخابراته. ولوحظ تسريب مبطن لمنظمة تم استولادها للتو باسم "حراس سوريا" تحضيرا لتبني العملية على طريقة سالف الذكر أبو عدس وجند الشام، ولمزيد من المصداقية هدد التنظيم المستنسخ باغتيال آصف شوكت. وهذا لا ينفي احتمال فبركة مقتله أصلا وأنه حي يرزق وبوجه جديد.

 

لم يمت وإنما شبه لهم

كان مغنية شخصية شبحية منذ أكثر من ربع قرن ، تحاك عنه القصص والأساطير، بما في ذلك التشكيك بوجوده أصلا، فيما إن كان لم يزل على قيد الحياة، ولم ير وجهه أحد باستثناء عددا محدودا جدا من قياديي حزب الله، وقلة من ضباط الجيش والمخابرات في سوريا بحكم طبيعة عملهم وتعاونهم. لذا فإن أي خرق أمني سيكون على هذا المستوى مما يجعل من النظام فزاعة متهالكة، بينما هو صامد بوجه عشرين مليون سوري.

عماد مغنية المتخصص بزرع الألغام ورجل الأمن الذكي الذي دوخ العالم بعملياته لعقود لا يمكن أن يكون قد اغتيل بهذه البساطة، سيما وأنه صار عبئا ثقيلا على سوريا وإيران، لذا يرجح احتمال تدبير وتنفيذ اغتياله المزعوم بالاتفاق مع آصف شوكت. وهذا ما جعلهم يختارون ساحة التنفيذ في دمشق، حيث بمقدورهم إجراء البروفات ويفصلون التحقيقات والتصريحات وفقا لما يرتأون. والملاحظ أن كل آثار الحادث أزيلت فورا ورفعت سيارته من مكانها بأسرع وقت دون أن يسمح لأحد تصويرها سوى شخص علي جمالو. وهذا ما يجعلنا نعتقد أن عماد مغنية يتفرج على حادثة تشييعه وخطب توديعه وهو مشغول مع الزملاء السوريين والإيرانيين بالتحضير للعملية التالية، بوجهه الجديد، الذي سبق له أن عدله مرتين في طهران. وهذا ما حدا بالباحث المصري مجدي كامل، مؤلف كتاب "عماد مغنية - الثعلب الشيعي" إمكانية الوصول إلى مغنية وقتله بهذه السهولة، ويعتقد أن فبركة وفاته  بمظهر استشهادي ليس سوى جعله مفاجأة لتشييعه بالضبط يوم 14 شباط لتعطيل حشود الاحتفاء بمناسبة اغتيال الحريري. ويعتقد أنها محاولة ذكية من جانب حزب الله اللبناني لاستغلال حدث صغير على وجه الاضطرار بسبب التوقيت الحرج للأوضاع في لبنان لإغلاق ملف كبير هو ملف عماد مغنية الذي يمثل صداعا مزمنا لأطراف عديدة، حيث إن إيران وسوريا كانتا متهمتين بإيوائه.

 

 

أياد خارجية تعبث في العمق السوري

 عودتنا أنظمة القمع والشمولية أنه كلما عطس أحد يقال إسرائيل وراء ذلك، وحتى فقدان المازوت والأدوية والبطالة والفقر سببه خارجي، ودائما يلقي أصحاب الياقات البيضاء في أنظمة الطهراء ونظيفي الذيل والثوب كل نواقصهم وجريرة ما يقترفون على عاتق إسرائيل والاستعمار والصهيونية والرجعية.

إذا كانت إسرائيل هي التي قتلت مغنية بهذه الظروف والحيثيات لما تأخرت لحظة عن إعلانه مسجلة إنجازا طالما سعت إليه طويلا وفشلت، ولبثت صورا للعملية جريا على عادتها في إظهار قوتها وطول ذراعها الأمنية.. وهذا ما يفسره الباحث مجدي كامل بقوله "فضلا عن أن رد الفعل الإسرائيلي اتسم بشيء من الغموض، على عكس العادة، حيث تسعى إسرائيل في أي عملية تقوم بها إلى التباهي بقدراتها". حتى وإن صدقت مقولة أن إسرائيل هي التي فعلتها فهذا يعني أن سوريا لم تعد واحة أمن لأبطال التفجير وخطف الطائرات وقتل المدنيين، وسيهجرون معسكرات التدريب ويعزفون عن الضيافة الشامية. وقتذاك من الطبيعي أن يدب الذعر في صفوف رجال النظام، لإدراكهم أنهم أضحوا أهدافا عارية لشباك الصيادين. ولم يعد النظام قادرا على حماية أركانه، أي أن سوريا قد أنهت حقبة الصمت لنصف قرن مضى.

ترتكز فرضية الاختراق الخارجي على عدة عوامل أهمها الاختراقات الإسرائيلية العسكرية والصحفية في مناطق مختلفة من العمق السوري، وبوجود ثغرة في جهاز الأمن على أرفع المستويات الأمنية كاف للوصول لهذه النتيجة، لأن ما يتصل بتحديد: مكان وجود مغنية، توقيت تواجده، بلا شك أيضا الغرض منه وبرنامج الزيارة، حتى يرتب عملية اغتياله في هذا المكان بالذات (كفر سوسة) والإلمام بتفاصيل برنامج الزيارة و ترتيباتها اللوجيستية والأمنية ومكامن الضعف الأمني فيها، وهذا متاح لحلقة أمنية-مخابراتية ضيقة جدا، الأمر الذي له دلالة وخصوصية تمثل صفعة قوية ترسل الرعب في بعض أركان النظام. ولتنفيذ هذه المهمة يفترض تجنيد أكثر من عميل في أكثر من مفصل داخل النظام السوري للحصول على المعلومة الأمنية بكل تفاصيلها الميدانية العملياتية بلا انقطاع، والتواصل بين حامل معلومات الملاحظة والمراقبة وطاقم التنفيذ الذي على استعداد واستكمال كافة التحضيرات اللوجستية وبحث كافة السيناريوهات المحتملة وسبل تنفيذ عملية الاغتيال بأكبر حظوظ النجاح، ومما لا شك فيه أن "الضحية" كان يتصرف على خلفية أن تحركاته مأمونة وحراسته مكفولة بنيران صديقة كونه في منطقة تحت مسؤولية المخابرات السورية المكلفة بحمايته، وليس بمقدوره اتخاذ إجراءات بنفسه. لذا لتنفيذ عملية الاغتيال وسط هذا الحجم من الترتيبات يفترض تعاون وتجنيد عدد هائل من المشاركين في العملية، مما يفتح الباب أمام فرضية مكملة وتتويج هذه الترتيبات بقرار سياسي سوري أو سوري إيراني معا.

 

التنفيذ سوري بمباركة إيرانية

قبل أشهر سربت وسائل إعلام مختلفة أن صراعا داخليا على مستوى القيادة قد يمزق وحدة حزب الله، تمثلت حدتها بشهوة الشيخ نعيم قاسم تولى قيادة الحزب، وأن الشيخ حسن نصر الله قيد الإقامة الجبرية، وترجح كفة من يقف معه مغنية، وبذات الوقت كان مغنية يصر على شن معارك جانبية مفتوحة على شكل حرب عصابات ضد إسرائيل، ويعترض على بقاء الحزب رهنا لتشابك الدبلوماسية والإستراتيجية الإيرانية والسورية، الأمر الذي يرفضه الشيخ حسن نصر الله... مما يرجح فرضية موافقة وضلوع جهازي الحرس الثوري والمخابرات بتصفتيه. وأنيط دور التصفية بالسوريين، ليوظفوا الحدث بما يعزز موقفهم في بعض القضايا الساخنة التي تحاصرهم وإيصال رسالة للإسرائيليين والأمريكان بأنه مازال بمقدور دمشق إرضائهم، والثمن لا يمكن أن يتعدى تعطيل مجرى المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري التي باتت ترعب النظام كما أرعبت سلابودان ميلوشيفيتش وقبله زعيم بنما. وبذلك تم تنظيف الطريق أمام حسن نصر الله على عرش الحزب.

لقد تم اغتيال مغنية بعيد ذيوع أنباء عن تورط شخصيات رفيعة بالقصر الجمهوري بعملية تجسس إيراني على التفاصيل السورية. وهذا يقود لفرضية اغتيال مغنية على ذمة دمشق فقط. سيما وأن السيناريو والبصمات ذاتها تتكرر على الساحة اللبنانية تحت الوصاية السورية منذ عقود.

يحتضن نظام دمشق كل رموز الإرهاب في العالم، يستقبلهم على أرضه، يفتتح لهم مراكز تدريب، ويمنحهم حرية الحركة وتنفيذ المخططات, ويستخدمهم لغاياته ثم يرمي بهم في أول سلة مهملات حين لزوم دفع فاتورة ما. ومغنية آخر مثال والسلسلة طويلة ممن ينتظر التسديد. وهذا يعني أن دمشق لم تعد ملاذا آمنا لأحزاب وحركات المقاومة والممانعة والصمود والتصدي.

 

تعددت الأسئلة والجواب واحد

- من الذي يستطيع اختيار الوقت والمكان والقدرة على التنفيذ في دمشق سوى دمشق؟

- ما علاقة مغنية بالاغتيالات التي تمت على الساحة اللبنانية خلال السنوات الخمس الأخيرة؟

- هل يعقل أن يحصر النظام السوري عدد من يعطس من مواطنيه في الأرياف القصية ولم يلمح قاتل مغنية ويوقفه قبل تنفيذ فعلته؟

- فهل الاغتيال صدفه، أم  كبش فداء لتخفيف حدة الضغوط التي يتعرض لها النظام السوري؟

- نظرا للقيمة الرمزية لمغنية لدى  الأمريكيين والإسرائيليين، ما هو ثمن رأس مغنية بالنسبة للنظام السوري، أو لأطراف منه؟

- هل يعقل أن يصل حجم الاختراق لهذا المستوى ويبقى نظام دمشق صامدا أمام معارضيه من الداخل والخارج؟

- هل يعقل أن يغتال عماد مغنية في منطقة كفر سوسة الحصينة دون علم وغض طرف من دمشق؟

- كيف يمكن لوك وابتلاع حزب الله مقولة أن إسرائيل وراء عملية اغتيال قائدهم العسكري؟

- هل يعقل أن يكون آصف شوكت وراء عملية الاغتيال للحصول على الفدية التي رصدتها الولايات المتحدة الأمريكية لرأس عماد مغنية ورفع الحظر عن أرصدته الشخصية؟

- طالما النظام السوري وأمنه بهذه الهشاشة، فما حال معارضيه نياما لا يصحون ويصلحون؟

- هل قيمة جائزة مغنية الضخمة أسالت لعاب كبار ضباط الأمن السوري؟

*   *    *

باعتبار أن الدولة بحد ذاتها كائن غير أخلاقي، ولا تنطبق عليه معايير الأفراد، والضابط الوحيد لحماية الشعب من عبث الساسة هو النظام المؤسسي الذي تفتقر إليه كل الأنظمة الشمولية، وتتسم بالفوضى والإرهاب والقتل، وتبادل العنف والاغتيال، وكما تابع نظام التقدم والاشتراكية بدمشق معارضيه ليغتال سيدة مثل بنان الطنطاوي في منفاها، كذلك هو نظام الملاليقراطية ليغتال عبد الرحمن قاسملو في قلب أوربا.

ختاما نعتقد أنه لا يمكن أن يرصد عماد مغنية في هذا المكان والتوقيت دون مشاركة أساسية من دمشق سواء على صعيد النظام الأمني أو بقرار سياسي لتصفيته، وبدونه تبقى رغبة حسن نصر الله والحرس الثوري الإيراني مجرد أمنيات، ولا يمكن تنفيذ عملية الاغتيال بهذه الدقة والبساطة، والحرفية، بدون وجود اختراق هائل أو مشاركة سورية أو كلاهما معا.

إبان ضلوع نظام دمشق بكل ما نسب إليه من جرائم داخلية وخارجية، ومعاكسته لمعظم دول العالم، قد يفقد التساؤل معناه لماذا عماد مغنية في دمشق وماذا يفعل، كمطلوب رقم واحد من قبل أجهزة مخابرات عدة في العالم، ويستمر نظام دمشق مستقويا على محيطه وشعبه بإيران، وفي الوقت الذي تنشغل أجهزة أمنية بإحصاء أنفاس مثقفيه من أمثال عارف دليلة، ماهر اسبر، طارق الغوراني، البني والحوراني يجهل ماذا يحدث في كفرسوسة قعر الأمن والمخابرات.

ومهما يكن من أمر إن حيثيات حادثة اغتيال مغنية سابقة مهمة وفي كل الأحوال تشكل فضيحة لدمشق ومؤشر خطير على الدرك الأسفل الذي آل إليه جهاز أمنه الذي يتبجح به.

_________________

*كاتب سوري –  ديترويت

alihafni@gmail.com

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ