ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 06/08/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


السياسةالخارجية تحت الضوء

قوانين سورية الجديدة تبدو كالقديمة

رونالد بروس: محلل للسياسة الخارجية تحت الضوء، قد قام بالنشر على نحو واسع في قضايا السياسة الخارجية، مؤلف (ليبيا والولايات المتحدة: قرنين من الكفاح، مطابع بن،2002)، كتابه الأخير (الثورة والإصلاح، والإقليمية في جنوب شرق آسيا، كمبوديا، لاوس، وفيتنام) سيتم نشره من قبل روتليدج في تشرين أول 2005.

يشكل المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث السوري الذي اختتم أخيراً نقطة تحول في رئاسة بشار الأسد. والذي عندما أتيحت له فرصة النجاح الهائل أو الإخفاق الكلي لتعزيز الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فقد ركز بدلاً من ذلك على دمج قوته الخاصة في حزب البعث التصلبي. قد تكون هذه هي فرصته الأخيرة لاحتواء الضغوط الداخلية والخارجية المتعاظمة من أجل إصلاح هادف في سورية.

ـ متحدون لكن معزولون:

من البداية، كان من الواضح أن مؤتمر حزب البعث لن يكون حول التغيير. على العكس من ذلك، فقد كان حول تقديم جبهة موحدة للشعب السوري. في افتتاحيته وضع الرئيس الأسد المنحى الذي ستسير عليه الأمور في الشهور والسنوات القادمة. لقد وصف حزب البعث باعتباره (قوة شعبية ومحورية للحياة في سورية) والتي (تبقى قوة طليعية) في حياة المجتمع السوري. وليفعم الحماس في القضية فقد ناقش بكون الحزب ذا (أهمية وطنية ضرورية يعتمد عليها تطور جميع المناحي السياسية)، واصفاً إياه بأنه (ذو رسالة حضارية قبل أن يكون حزباً).

إذا وضعنا البلاغة الخطابية جانباً، فإن افتتاحية الرئيس تظهر قائداً معزولاً عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بدرجة كبيرة.

في بلد تطالب بإصلاح داخلي حقيقي ومكثف بشكل فوري، فإنه يقترح إصلاحات تمويلية ونقدية هامة كانت قد حصلت فعلاً في التشريع الضروري لمسارعة التطور الاقتصادي والاجتماعي الموجود فعلاً في الكتب. هو يقول: ما الذي يجعلنا متفائلين حول المرحلة التالية، أهو حقيقة كون الجزء الأكبر والأهم من التشريع الضروري قد أقرت، مما يفسح مجالاً عريضاً يمكن البناء عليه بعد أن قمنا بتطوير الإجراءات والتغلب على المعوقات الداخلية). الأمر الذي لا شيء أبعد منه عن الحقيقة.

ـ إصلاح اقتصادي محدود:

لقد قامت الحكومة السورية بإصلاحات اقتصادية خجولة في السنوات الأخيرة، ولكن الاقتصاديين متفقون على أن الاقتصاد مايزال في بيئة نمو متوسطة وفي حاجة لإصلاح هيكلي كبير. إن معدل النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة قد ساير بالكاد معدل النمو السكاني، موسعاً من فجوة الإنتاج. إن الاستثمار الخاص المنخفض نسبياً بالنسبة للإنتاج الداخلي الإجمالي التي تعزل كلا الدول النامية والمعدلات العالمية في الاستثمار، تلقي الضوء على افتقار سياسات النظام الاقتصادية للثقة الضرورية لتحقيق الاستثمار الداخلي والخارجي المطلوب. إن سورية بحاجة ملحة لتجديد مناخها القانوني والمالي، وذلك بإدخال تعديلات على القوانين المشددة والتشريعات، وإصلاح القطاع البنكي.

وتجاوباً مع هذه الحاجات، دعا مؤتمر حزب البعث إلى إنشاء (اقتصاد السوق الاجتماعي) ولكنه لم يعط توضيحاً لما عناه بهذا القتل الرحيم الواضح، والذي يذكرنا بالصين أو فيتنام. وقد نقل التلفزيون السوري لاحقاً نقاشات عن خطوات اقتصادية محددة خلال المؤتمر تضمنت تخفيض البطالة، والتي تقدر بحوالي 20%، ومحاربة الفساد، وتحديث القطاع العام، وإزالة عقبات الاستثمار.

ـ إصلاح اجتماعي مرتبك:

في خطابه الافتتاحي بدا أن الرئيس الأسد كان في بعض الأحيان يرفض كثيراً من القيم التي كان في وقت ما يربط نفسه بها. فقبل استلامه الرئاسة على سبيل المثال، عمل كرئيس لجمعية الكمبيوتر السورية، وهي منظمة مكرسة لتعزيز انتشار تكنولوجيا المعلومات عبر البلاد. وقد تم التنويه بدوره هنا سابقاً في معرض الإشارة إلى اهتمامه بالحداثة.

لذلك فقد صُدم المراقبون عندما قام الرئيس بافتتاحيته، بوصف تكنولوجيا المعلومات عموماً، والانترنت خصوصاًَ، على أنه تهديد للثقافة العربية والمجتمع العربي، فقد قال في سياق الأحداث العالمية والإقليمية الأخيرة:

(بفعل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أصبح سيل من المعلومات والأفكار متاحاً، مما أفسح المجال للنظريات والمشاريع، وكذلك لأساليب الحياة التي غمرت العرب وهددت وجودهم وهويتهم الحضارية، وزادت الشكوك والارتياب في عقول العرب. لقد أنشأت القوى التي تقف وراء هذه الأحداث واقعاً وهمياً لتسوقنا في اتجاه يحدده الآخرون، والذي سيؤدي في النهاية إلى انهيار ثقافي وسياسي وأخلاقي للأفراد العرب والهزيمة النهائية بدون حرب حتى).

بالنسبة لبشار الأسد، والذي هو طبيب عيون متدرب أكمل تعليمه بعد التخرج وتخصصه في المملكة المتحدة، فإن رفضه التحديات والفرص التي تقدمها تكنولوجيا المعلومات بهذا الاستخفاف كان مفاجئاً في أقل تقدير.

في ملاحظة أكثر إيجابية، فقد دعا مؤتمر الحزب إلى حرية أكبر في الصحافة، موصياً بتشكيل مجلس أعلى للإعلام. قد تكون هذه مبادرة واعدة في دولة حيث سيطرت الحكومة على الإعلام كاملة. أكد المؤتمر كذلك على أهمية المرأة السورية في صنع القرار، ودعت الحكومة إلى تطوير برنامج شامل مع جدول للتطبيق. لقد تداخلت هذه التوصية بشكل جميل مع دعوة السيدة السورية الأولى أسماء الأسد في أواخر شهر أيار لوضع منهج تعليمي حديث بهدف توسيع الفرص وتقليل الفجوة بين الجنسين. معترفاً بالقضايا الأخرى الطويلة الأمد، أوصى المؤتمر بتجديد المواطنة لتشمل آلافاً من الأكراد محرومين من الجنسية المقيمين في سورية.

لقد دعى المؤتمر كذلك إلى تضييق قوانين الطوارئ التي أصدرت أول مرة في كانون أول/1962، وأعيد إصداره من قبل نظام البعث عندما استلم السلطة في آذار/ 1963. مع اتساعه مع الوقت، أعطى قانون الطوارئ قوى استثنائية للحكومة. داعياً إلى تدخل في حيوات الناس اليومية، فقد دعا الحزب إلى تقييد قانون الطوارئ في المستقبل بحيث يقتصر على أمن الدولة، والتي ماتزال مقولة شاملة إلى حد كبير في دولة مثل سورية مسيطر عليها بقوة.

ـ إصلاح سياسي تجميلي:

فتح حزب البعث كذلك الباب قليلاً أمام المشاركة السورية في شكل أحزاب سياسية، مقترحاً أن تكون (أكثر انفتاحاً أمام القوى الوطنية) في نفس الوقت، فقد وضح أنه لن يوافق على الأحزاب السياسية المرتكزة على أرضيات طائفية، أو اثنية، أو دينية، مغلقاً الباب بذلك أمام الانفصاليين الأكراد والحركات الإسلامية الأصولية.

قامت الحكومة السورية قبل افتتاح المؤتمر مباشرة باتخاذ إجراءات صارمة بحق منتدى جمال الأتاسي للحوار الديموقراطي في سورية، وهو المنتدى السياسي المستقل المتبقي الوحيد المسموح به في البلاد، وذلك بعد قيام مشاركين في المؤتمر بقراءة رسالة من الرئيس المنفي للفرع السوري لحركة الإخوان المسلمين. وعندما تم إطلاق سراح أعضاء المنتدى لاحقاً، فقد أكدوا أن الحكومة قد تعمدت اعتقالهم بغية إرسال رسالة لهم مفادها أن التعاون مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة مايزال ممنوعاً ويعاقب عليه. بناء عليه، فلم يكن مفاجئاً أن مؤتمر حزب البعث قد رفض أن يوصي برفع الحظر الطويل الأمد عن العضوية في الإخوان المسلمين، وهي جريمة عقوبتها الإعدام في سورية منذ عقود.

إن تغييراً مخيفاً قد يقوض سلطة الحزب، لقد فشل المؤتمر كذلك في التوصية بإحداث تغيير في المادة 8 من الدستور السوري والتي تقدس البعث باعتباره (قائد الدولة والمجتمع).

على العكس من ذلك، فقد تحرك الرئيس الأسد باتجاه تعزيز مركزه ضمن الحزب، وذلك بدمجه المنتخبين حديثاً في مجلس الحكم في الحزب بمؤيديه. خلال تحركه لتعزيز قوته، ظهر أن الرئيس كان يحاول زيادة صلابة التصميم الداخلي ضد الضغط الخارجي، خصوصاً من إسرائيل والولايات المتحدة. بهذه العملية كان يأمل أن يظهر أن النظام لم يكن في طريقه إلى الانهيار.

فيما إذا كان استبدال الحرس القديم في قيادة حزب البعث بوجوه جديدة وشابة هو بشير للتغيير في السياسة الداخلية أو الخارجية السورية مسألة أخرى. فبينما تبقى هذه إمكانية مثيرة للاهتمام، إلا أنه لا يوجد شيء في المؤتمر يتنبأ بهذا الاحتمال. أي لنقل، الصعوبة الكبرى في تقويم نتائج المؤتمر هي في كون المؤتمر نفسه ليست لديه القوة لتغيير القوانين بل فقط لإصدار توصيات ينبغي أن يتم إقرارها بعد ذلك من قبل المشرعين. قد تكون هذه عملية طويلة، وتوصيات الحزب والقوانين الجديدة الناتجة هي ليست متجانسة في الغالب.

ـ رد الفعل الخارجي:

إن انهيار مؤتمر حزب البعث في 9 حزيران تتزامن مع مراقبة متجددة ومكثفة للسياسة السورية الخارجية والداخلية. تبعاً لتقارير عن استمرار الوجود السوري في لبنان، فقد أعلن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان خططاً لإرسال فريق إلى لبنان ليتحقق من أن القوات السورية قد انسحبت كلياً وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1559.

بعد يوم واحد من ذلك، ادعت إدارة بوش أن لديها معلومات موثوقة بأن ناشطين سوريين في لبنان يخططون لقتل قياديين سياسيين لبنانيين كباراً. ولأنها جاءت بعد أسبوع فقط من اغتيال الصحفي المعادي لسورية في بيروت سمير قصير، فقد قام كل من وليد جنبلاط وسياسيين لبنانيين آخرين في المعارضة بالمصادقة مباشرة على اتهامات البيت الأبيض.

ـ قفزة كبيرة إلى الوراء:

لدى مراجعة إجراءات المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث، فإنه سيظهر أن ما يعتقد بقوة أنه حوار في سورية عن الإصلاح قد يأخذ مكان تطبيق الإصلاح. فرغم بعض التعديلات التجميلية، فإن الكونغرس لم يغير شيئاً عن الوضع الحالي. قبل افتتاح مؤتمر حزب البعث، وصف الرئيس بشار الأسد الاجتماع المقبل على أنه (قفزة كبيرة للأمام)، إذا كان الأمر كذلك، فيبدو أن سورية تتحرك بشكل عكسي باتجاه المستقبل.

ممتنعاً عن إلقاء الضوء  على المشاكل الداخلية، الأمر الذي كان قد وعد به، اختار الرئيس بدلاً من ذلك تقديم صورة لسورية باعتبارها قلب الأرض العربية، والتي تكافح للحفاظ على هويتها في وجه ضغط خارجي قوي. في الوقت الذي اتخذ فيه المؤتمر خطوات اعتبرت من قبل حزب البعث بعيدة المدى، إلا أنها لم تكن كافية للكثير من السوريين أو للعالم الخارجي. إن كلاً من حزب البعث والدولة السورية مُخترَقَيْن بعدم الكفاءة والفساد.

إذا لم يكن نظام الأسد قادراً على أو لن يبدأ بعملية إصلاح حقيقي، فإنه على الأرجح سيكون أكبر تهديد لنفسه.

 

  السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ