ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 02/11/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

هذا التقرير

اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية

هذه الدراسة الأكاديمية أحدثت دوياً في المجتمع الأمريكي وماتزال موضع جدل مع أن اللذين قدماها لا جدل فيهما.. وهما:

جون. جي. ميرشيمار ـ دائرة العلوم السياسية، جامعة شيكاغو.

ستيفن. ام. والت ـ جامعة هارفارد/ كلية كنيدي للحكم.

ترجمة الباحثة : ميسرة زهير سالم

راجع التقرير: زهير سالم ـ مدير مركز الشرق العربي

إذا كنت لم تقرأ هذا التقرير فاترك ما في يدك، وبادر إلى قراءته. إنه أول الغيث على طريق انقشاع الضباب الصهيوني عن الرؤية الأمريكية.

ربما تحتاج أمتنا إلى تدخل سببي آخر لتنبيه الوعي الأمريكي وإيقاظه. وبالتالي لفك الالتحام بين الحلمين الأمريكي والصهيوني!! وكذلك لإبراز المفارقات الواضحة بين الرؤيتين التوراتية والإنجيلية.

تدخل سببي منتظر مني ومنك، منتظر من جميع أبناء الأمة. لتشرق شمس الحقيقة على العقل الأمريكي بفعل فاعل. لا نريد أن نشير أكثر إلى الضجة التي أحدثها التقرير، فسيكون في قراءته من قبل السياسي العربي والمثقف العربي كل الغنى.

قسم الترجمة

مركز الشرق العربي

للدراسات الحضارية والاستراتيجية

اللوبي الإسرائيلي

والسياسة الخارجية الأمريكية

( 1 )

تنويه:

إن مؤلفي ورقة العمل هذه مسؤولان وحدهما عن الآراء المعبر عنها فيها. كمؤسستين أكاديميتين، فإن كلاً من جامعة هارفارد وجامعة شيكاغو لا تتخذان مواقف بخصوص الأبحاث الفردية للأساتذة الجامعيين. ولا ينبغي تفسير أو تصوير هذا التقرير على أنه يعكس الموقف الرسمي لأي من المؤسستين.

جون. جي. ميرشيمار

ستيفن. ام. والت

تصنع سياسة الولايات المتحدة الخارجية الأحداث في كل ناحية من نواحي العالم. ولا يصح هذا على مكان كما يصح على الشرق الأوسط، وهي منطقة ذات توتر متكرر وأهمية استراتيجية عظمى.

إن محاولة إدارة بوش الأخيرة لتغيير المنطقة إلى مجتمع من الديموقراطيات قد ساعد في إحداث تمرد في العراق، وارتفاع حاد في أسعار النفط العالمية، وتفجيرات إرهابية في مدريد، ولندن، وعمّان. مع وجود الكثير مما هو في وضع خطر بالنسبة للكثيرين، فإن جميع الدول تحتاج أن تفهم القوى التي تؤثر في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط.

إن المصلحة الأمريكية القومية ينبغي أن تكون الهدف الرئيسي للسياسة الخارجية الأمريكية. لبضعة عقود خلت، وخصوصاً منذ حرب الأيام الستة في 1967، كان أهم جزء في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط علاقتها مع إسرائيل.

إن ازدواج الدعم الأمريكي الثابت لإسرائيل والسعي المتعلق به لنشر الديموقراطية عبر المنطقة قد ألهب الرأي العام العربي والإسلامي وعرض الأمن الأمريكي للخطر[1].

إن هذا الوضع ليس له شبيه في التاريخ الأمريكي السياسي. ما هو السبب الذي جعل الولايات المتحدة على استعداد لوضع أمنها الخاص جانباً بغية تقديم مصالح دولة أخرى؟! قد يفترض المرء أن الرابطة بين كلا الدولتين مرتكزة على المصالح الاستراتيجية المشتركة أو حتميات أخلاقية مقنعة. كما سنعرض لاحقاً، فإن أياً من هذين التفسيرين لا يمكنه تعليل المستوى المميز للدعم المادي والدبلوماسي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل.

بدلاً من ذلك، فإن الدفع الكلي للسياسة الأمريكية في المنطقة عائد بشكل كامل تقريباً للسياسات الأمريكية الداخلية، وخصوصاً لنشاطات (اللوبي الإسرائيلي). لقد استطاعت جماعات مصالح خاصة أخرى حرفَ السياسة الخارجية للولايات المتحدة إلى الاتجاهات التي يفضلونها، ولكن لم يستطع أي لوبي، مع ذلك، أن يحول السياسة الخارجية الأمريكية إلى هذا الحد عما كانت المصلحة القومية الأمريكية تقتضيه.

في نفس الوقت الذي يقنعون فيه الأمريكان بأن المصالح الأمريكية والإسرائيلية هما متماثلتان بالضرورة. في الصفحات التالية، وصفنا كيف حقق اللوبي الإسرائيلي هذا العمل البارع، وكيف صاغ ناشطوه تحركات أمريكا في هذه المنطقة المتأزمة.

بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط وتأثيرها المحتمل على الآخرين، فإن كلاً من الأمريكيين وغير الأمريكيين ينبغي أن يفهموا ويحاضروا عن تأثير اللوبي الإسرائيلي على السياسة الأمريكية.

قد يجد بعض القراء هذا التحليل مزعجاً، ولكن الوقائع المذكورة هنا ليست محل جدل فعلي بين الباحثين. في الحقيقة، فإن روايتنا تعتمد إلى حد كبير على عمل الباحثين والصحفيين الإسرائيليين، والذين يستحقون الإقرار بعظم فضلهم لإلقائهم الضوء على هذه القضايا. لقد اعتمدنا كذلك على الدليل الذي قدمته منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والدولية المحترمة. على نحو مشابه، فإن الدعاوى حول تأثير اللوبي تعتمد على شهادة من أعضاء اللوبي أنفسهم، وكذلك شهادات السياسيين الذي عملوا معهم. قد يرفض القراء استنتاجاتنا، بالطبع، ولكن الدليل الذي يطمئنون إليه ليس موضع خلاف.

ـ المحسن الكبير:

منذ حرب أكتوبر في عام 1973، زودت واشنطن إسرائيل بمستوى من الدعم تتضاءل بجانبه كميات الدعم المقدم إلى أي دولة أخرى. لقد كانت أكبر متلق سنوي للمساعدات الأمريكية الاقتصادية والعسكرية منذ عام 1976، وأكبر متلق في مجموع المساعدات منذ الحرب العالمية الثانية. إن مجموع المساعدة الأمريكية لإسرائيل تبلغ فعلاً ما يزيد على (140) بليون دولار في عام 2003. تتلقى إسرائيل حوالي 3 بليون دولار كمساعدة خارجية مباشرة كل عام، والتي هي تقريباً خمس ميزانية المساعدة الأمريكية الخارجية. باعتبار حصة الفرد، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تمنح كل إسرائيلي إعانة مالية مباشرة تقوّم بحوالي 500 دولار كل عام.

إن هذا السخاء ملفت بشكل خاص عندما يدرك المرء أن إسرائيل هي الآن دولة صناعية ثرية يعادل دخل الفرد الواحد فيها تقريباً دخل الفرد في كوريا الجنوبية أو إسبانيا.

تحصل إسرائيل كذلك على مساعدات خاصة أخرى من واشنطن. فمتلقو المساعدة الآخرون يحصلون على أموالهم مقسطة أرباعاً، ولكن إسرائيل تتلقى حصتها الكاملة في بداية كل سنة مالية، وهكذا تحصل على فائدة إضافية. إن معظم المتلقين للمساعدة الأمريكية مطالبين بإنفاقها كلها في الولايات المتحدة، ولكن إسرائيل تستطيع استخدام ما نسبته 25% تقريباً من المساعدة المخصصة لها لتقديم العون لصناعتها الدفاعية. إن إسرائيل هي المتلقي الوحيد الذي ليس عليه أن يقدم بياناً عن الكيفية التي تصرف بها المساعدة، وهو إعفاء يجعل من المستحيل عملياً منع المال من أن يتم استخدامه لأغراض تعارضها الولايات المتحدة، مثل بناء المستوطنات في الضفة الغربية.

إضافة إلى هذا، فإن الولايات المتحدة قد زودت إسرائيل بثلاثة بلايين دولار تقريباً لتطوير أنظمة الأسلحة من مثل طائرة (لافي) والتي لا يريدها ولا يحتاجها البنتاغون، في الوقت الذي تُمنح فيه إسرائيل إذن الوصول إلى أعلى مخزن للأسلحة الأمريكية مثل طائرات (البلاك هوك الأمريكية) وطائرات (جت إف 16). أخيراً، فإن الولايات المتحدة تمنح إسرائيل إذن الوصول إلى معلومات استخبارية تنكرها على حلفائها في الناتو، وقد تجاهلت امتلاك إسرائيل لأسلحة نووية.

إضافة إلى ذلك، تزود واشنطن إسرائيل بدعم ديبلوماسي منتظم. منذ عام 1982، عارضت الولايات المتحدة بطريقة الفيتو 32 قراراً من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي كانت قرارات حاسمة لإسرائيل، وهو عدد يفوق بمجموعه اعتراضات بالفيتو التي قام بها جميع أعضاء مجلس الأمن!! كما أنها تعيق مساعي الدول العربية لوضع الترسانة النووية الإسرائيلية على أجندة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتصل الولايات المتحدة لنجدة إسرائيل في زمان الحرب، وتقف إلى جانبها عند مفاوضات السلام. لقد أعادت إدارة نيكسون تزويد إسرائيل خلال حرب أكتوبر، وحمت إسرائيل من تهديد التدخل السوفييتي. لقد كانت واشنطن منخرطة إلى حد كبير في المفاوضات التي أنهت الحرب، وكذلك العملية المطولة (خطوة خطوة)، بينما كانت تلعب دوراً رئيسياً في المفاوضات التي سبقت وتلت اتفاقيات أوسلو 1993.

لقد كان هناك احتكاكات في بعض المناسبات بين الولايات المتحدة والمسؤولين الإسرائيليين في كلا الحالين، ولكن الولايات المتحدة نسقت مواقفها بإمعان مع إسرائيل وجمعت بثبات المقاربة الإسرائيلية للمفاوضات. في الحقيقة، فإن أحد المشاركين الأمريكيين في (كامب ديفيد 2000) قال لاحقاً: (لقد عملنا في كثير من الأحيان كمحام إسرائيلي إلى حد بعيد..). وكما سيتم مناقشته لاحقاً، فقد منحت واشنطن إسرائيل نطاقاً واسعاً في التعامل مع الأراضي المحتلة (الضفة الغربية وقطاع غزة)، حتى عندما كانت تحركاتها مخالفة لسياسة الولايات المتحدة إضافة إلى ذلك، فإن استراتيجية بوش الطموحة لتغيير الشرق الأوسط ـ بدء من اجتياح العراق ـ يهدف في جزء منه على الأقل إلى تحسين وضع إسرائيل الاستراتيجي. بعيداً عن تحالفات الحرب، فإن من الصعب التفكير في مثال آخر زودت فيه دولة ما دولة أخرى بقدر مشابه من الدعم المادي والدبلوماسي لفترة طويلة كهذه.

إن دعم أمريكا لإسرائيل هو باختصار دعم فريد. إن هذا الكرم الاستثنائي قد يكون مفهوماً فيما لو كانت إسرائيل كياناً استراتيجياً ضرورياً أو كان هناك وضع أخلاقي مقنع للدعم الأمريكي الثابت. ولكن أياً من هذه الدوافع ليس مقنعاً.

اللوبي الإسرائيلي

والسياسة الخارجية الأمريكية

(2)

ـ مسؤولية استراتيجية:

وفقاً لموقع لجنة الشؤون العامة الأمريكية ـ الإسرائيلية، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل قد شكلتا شراكة فريدة لمواجهة التهديدات الاستراتيجية المتنامية في الشرق الأوسط. ويقدم هذا الجهد المتعاون فوائد هامة لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل. إن هذا الادعاء هو ركن الإيمان بين مؤيدي إسرائيل، ويتم الاستشهاد به بشكل روتيني من قبل الساسة الإسرائيليين والأمريكيين ذوي الميول الإسرائيلية. إن إسرائيل ربما كانت تشكل كياناً استراتيجياً خلال الحرب الباردة، لكونها كانت تعمل كوكيل بعد حرب الأيام الستة (1967)، حيث ساعدت إسرائيل في احتواء التوسع السوفييتي في المنطقة وأنزلت خسائر مذلة بعملاء السوفييت من مثل مصر وسورية. في بعض الأحيان ساعدت إسرائيل في حماية حلفاء أمريكيين آخرين (مثل الحسين ملك الأردن) وقد ساعدت براعتها العسكرية على إجبار موسكو لتنفق المزيد لنصرة عملائها الخاسرين. لقد منحت إسرائيل كذلك الولايات المتحدة معلومات استخباراتية مفيدة حول القدرات السوفييتية.

رغم ذلك، لا ينبغي المبالغة بقيمة إسرائيل الاستراتيجية خلال هذه الفترة. إن دعم إسرائيل ليس رخيصاً، كما أنه يعقد علاقات أمريكا مع العالم العربي. على سبيل المثال، فإن قرار الولايات المتحدة بمنح إسرائيل 2.2 بليون دولار كمساعدة عسكرية طارئة خلال حرب أكتوبر تسبب في حظر للنفط من قبل الأوبك والذي نشأ عنه دمار معتبر في الاقتصاد الغربي. إضافة إلى ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي لم يستطع حماية المصالح الأمريكية في المنطقة. على سبيل المثال، فإن الولايات المتحدة لم تستطع الاعتماد على إسرائيل عندما أثارت الثورة الإيرانية في عام 1979 المخاوف حول موارد النفط في الخليج الفارسي، وكان عليها أن تنشء (قوة انتشارها السريعة) الخاصة بها بدلاً من ذلك. حتى وإن كانت إسرائيل كياناً استراتيجياً خلال الحرب الباردة، إلا أن حرب الخليج الثانية (1990 ـ 1991) قد أظهرت أن إسرائيل آخذة لأن تصبح عبئاً استراتيجياً. لم تستطع الولايات المتحدة أن تستخدم القواعد الإسرائيلية خلال الحرب دون تمزيق الائتلاف المعادي للعراق وكان عليها تحويل مصادرها (على سبيل المثال، حاملات صواريخ باتريوت) لمنع تل أبيب من القيام بأي شيء قد يحطم التحالف ضد صدام. وقد أعاد التاريخ نفسه في عام 2003: فالبرغم من تلهف إسرائيل على مهاجمة صدام، إلا أن الرئيس بوش لم يكن يستطيع أن يطلب مساعدتها دون إثارة المعارضة العربية. لذلك فقد بقيت إسرائيل على الخطوط الجانبية مرة أخرى.

مع بداية عقد التسعينات وخصوصاً بعد 11/9، فقد سُوغ دعم الولايات المتحدة لإسرائيل بالادعاء بأن كلا الدولتين قد تم تهديدهما من قبل جماعات إرهابية ذات أصول عربية أو مسلمة، وبمجموعة من (الدول المارقة) التي تدعم هذه الجماعات وتسعى للحصول على أسحلة الدمار الشامل.

إن هذا التعليل يتضمن أن على واشنطن أن تطلق يد إسرائيل في التعامل مع الفلسطينيين وأن لا تضغط على إسرائيل للقيام بتنازلات حتى يتم سجن أو موت جميع الإرهابيين الفلسطينيين. كما يتضمن كذلك أن على الولايات المتحدة أن تلاحق دولاً من مثل جمهورية إيران الإسلامية، وعراق صدام حسين، وسورية بشار الأسد. بالتالي ينظر إلى إسرائيل على أنها حليف هام في الحرب على الإرهاب، لأن أعداءها هم أعداء أمريكا.

يبدو التبرير الجديد مقنعاً، ولكن إسرائيل هي في الحقيقة عبء في الحرب على الإرهاب وفي السعي الأوسع للتعامل مع الدول المارقة. بداية، فإن الإرهاب ليس وسيلة مستخدمة من قبل مجموعة عريضة من الجماعات السياسية، إنه ليس عدواً واحداً مفرداً.

إن المنظمات الإرهابية التي تهدد إسرائيل (على سبيل المثال، حماس وحزب الله) لا يهددون الولايات المتحدة، إلا عندما تتدخل هي ضدهم (كما في لبنان 1982). إضافة إلى ذلك، فإن الإرهاب الفلسطيني ليس عنفاً عشوائياً موجهاً ضد إسرائيل أو الغرب، بل هو إلى درجة كبيرة رد على الحملة الإسرائيلية المطولة لاستعمار الضفة الغربية وقطاع غزة[2].

ما هو أكثر أهمية، إن القول بأن إسرائيل والولايات المتحدة يوحد بينهما التعرض لتهديد إرهابي هو قول له أثار عكسية للعلاقة العارضة: بالأحرى فإن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة إرهاب في جزء كبير بسبب تحالفها الحميم مع إسرائيل، وليس العكس.

إن الدعم الأمريكي لإسرائيل ليس المصدر الوحيد للإرهاب المعادي لأمريكا، ولكنه مصدر هام، وهو يجعل الانتصار في المعركة ضد الإرهاب أكثر صعوبة. ليس هناك شك، على سبيل المثال، في أن العديد من زعماء القاعدة بمن فيهم ابن لادن يعبئهم وجود إسرائيل في القدس، ومأساة الفلسطينيين. وفقاً للجنة 11/9، فإن ابن لادن يسعى بشكل واضح لمعاقبة الولايات المتحدة على سياساتها في الشرق الأوسط، بما في ذلك دعمها لإسرائيل، بل إنه يحاول توقيت هجماته بحيث يلقي الضوء على هذه القضية.

ما يعادله في الأهمية، أن الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل يجعل من السهل على المتطرفين أمثال ابن لادن حشد الدعم الشعبي واجتذاب المجندين. تؤكد استفتاءات الرأي العام أن الشعوب العربية معادية بعمق للدعم الأمريكي لإسرائيل، وقد وجدت (المجموعة الاستشارية بخصوص الديبلوماسية العامة للعالمين العربي والإسلامي والتابعة للإدارة الأمريكية) أن (المواطنين في هذه الدول مكروبين فعلاً بمأساة الفلسطينيين وبالدور الذي يرون أن الولايات المتحدة تلعبه). أما بالنسبة لما يدعى بالدول المارقة في الشرق الأوسط، فإنها تشكل تهديداً مريعاً لمصالح الولايات المتحدة، بعيداً عن الالتزام الأمريكي لإسرائيل نفسها. ورغم أن الولايات المتحدة لديها عدد من الخلافات مع هذه الأنظمة فإن واشنطن لن تكون على الأغلب قلقة حيال إيران وبعث العراق أو سورية في حال لم تكن مرتبطة بهذه الحميمية مع إسرائيل. حتى لو امتلكت هذه الدول أسلحة نووية ـ وواضح أن هذا أمر غير مرغوب ـ فإنها لن تكون كارثة استراتيجية للولايات المتحدة. فلم تكن دولة مارقة مسلحة نووياً لتبتز أياً من الولايات المتحدة أو إسرائيل، لأن المبتز لم يكن لينفذ تهديده دون تعرضه لانتقام بالغ.

إن خطر القنبلة النووية بالنسبة للإرهابيين هو بعيد بنفس القدر، وذلك لأن أي دولة مارقة لا يمكنها أن تكون أكيدة من بقاء نقطة الانتقال غير معروفة أو أنها ستتعرض للوم والعقوبة فيما بعد. ما هو أكثر من ذلك أن العلاقة الأمريكية مع إسرائيل تجعل من الصعب في الواقع التعامل مع هذه الدول.

إن العتاد الإسرائيلي النووي هو أحد الأسباب التي تجعل بعضاً من جيرانها يريدون السلاح النووي، وأن تهديد هذه الدول بتغيير النظام يزيد وحسب من هذه الرغبة. مع ذلك، فإن إسرائيل ليست مصدراً كبيراً للقوة عندما تنوي الولايات المتحدة استخدام القوة ضد هذه الأنظمة، لأنها لا تستطيع المشاركة في القتال. باختصار، فإن معاملة إسرائيل باعتبارها حليف أمريكا الأكثر أهمية في الحملة ضد الإرهاب ودول الشرق الأوسط المصنفة كديكتاتوريات بالغ في قدرة إسرائيل على المساعدة في هذه القضايا، وتجاهل الكيفيات التي تجعل سياسات إسرائيل مساعي الولايات المتحدة أكثر صعوبة. إن الدعم غير المشروط لإسرائيل يضعف كذلك من موقف الولايات المتحدة خارج الشرق الأوسط. إن النخبة الخارجية تنظر باستمرار إلى الولايات المتحدة على أنها مؤيدة بشكل مبالغ فيه لإسرائيل، وتعتقد أن تسامحها مع القمع الإسرائيلي في الأراضي المحتلة هو بلادة أخلاقية، وتشكل معوقاً في الحرب على الإرهاب. في نيسان 2004، على سبيل المثال، أرسل 52 من الديبلوماسيين البريطانيين السابقين رسالة إلى توني بلير قالوا فيها إن الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني قد (سمم العلاقات بين الغرب والعالم العربي والإسلامي)، وحذروا من أن سياسات بوش ورئيس الوزراء آرييل شارون كانت أحادية وغير شرعية.

سبب أخير لوضع قيمة إسرائيل الاستراتيجية موضع تساؤل إن إسرائيل لا تتصرف كحليف مخلص. فالمسؤولون الإسرائيليون يتجاهلون باستمرار طلبات الولايات المتحدة ويخلفون الوعود التي قطعوها لأرفع الزعماء الأمريكيين (بما في ذلك تعهدات سابقة بإيقاف بناء المستوطنات والتوقف عن الاغتيالات المستهدفة للقادة الفلسطينيين).

إضافة إلى ذلك فإن إسرائيل قدمت تكنولوجيا عسكرية أمريكية حساسة لمنافسين محتملين للولايات المتحدة مثل الصين، فيما دعاه المفتش العام في إدارة الدولة في الولايات المتحدة (نموذجاً منتظماً ومتنامياً للنقل غير المسموح به). وفقاً لمكتب المحاسبة العامة الأمريكي، فإن إسرائيل (تدير كذلك أشد عمليات التجسس عدوانية ضد الولايات المتحدة من أي حليف آخر). فبالإضافة إلى قضية (جوناثان بولارد)، والذي منح إسرائيل كميات كبيرة من المواد السرية في أوائل عقد الثمانينات (والتي مررتها إسرائيل كما تقول التقارير للاتحاد السوفييتي لتحصل على المزيد من تأشيرات الخروج لليهود السوفييت)، قد أثير جدال جديد في 2004 عندما اكتشف أن مسؤولاً كبيراً في البنتاغون (لاري فرانكلين) قد مرر معلومات سرية لديبلوماسي إسرائيلي، يزعم أنه قد تمت مساعدته من قبل اثنين من مسؤولي ال (ايه.آي.بي.إيه.سي). إن إسرائيل ليست الدولة الوحيدة التي تتجسس على الولايات المتحدة ولكن استعدادها للتجسس على نصيرها الاستراتيجي يلقي مزيداً من الشك على أهميتها الاستراتيجية.

اللوبي الإسرائيلي

والسياسة الخارجية الأمريكية

(3)

تضاؤل الوضع الأخلاقي:

بعيداً عن أهميتها الاستراتيجية المزعومة، يجادل مؤيدو إسرائيل كذلك بأنها تستحق دعماً أمريكياً مطلقاً لأنها:

1ـ ضعيفة ومحاطة بالأعداء.

2ـ أنها ديموقراطية، والتي هي من حيث المبدأ الأخلاقي، أفضل طريقة للحكم.

3ـ لقد عانى الشعب اليهودي من جرائم في السابق واستحق بالتالي معاملة خاصة.

4ـ وأن سلوك إسرائيل كان متفوقاً أخلاقياً على سلوك خصومها.

إلا أنه لدى التدقيق عن قرب، فإن كلاً من هذه الحجج لا يكون مقنعاً. إن هناك دافعاً أخلاقياً قوياً لدعم الوجود الإسرائيلي، ولكن هذه ليست موضع خطر. وبالنظر بشكل موضوعي، فإن سلوك إسرائيل في الماضي والحاضر لا يقدم على أسس أخلاقية لمنحها امتيازاً على الفلسطينيين.

ـ دعم المظلوم؟

كثيراً ما يتم تصوير إسرائيل على أنها ضعيفة ومحاصرة، داود يهودي محاط بجالوت عربي عدائي. لقد تمت تغذية هذه الصورة بعناية من قبل الزعماء الإسرائيليين والكتّاب المتعاطفين، ولكن الصورة المعاكسة هي أقرب للحقيقة. فعلى العكس من الاعتقاد الشعبي قفد كان لدى الصهاينة قوات أكبر، ومجهزة بمعدات أفضل، وقوات ذات قيادة أفضل خلال حرب الاستقلال في 1947 ـ 1949، وقد فاز جيش الدفاع الإسرائيلي بانتصارات سريعة وسهلة ضد مصر في عام 1956، وضد مصر والأردن وسورية في عام 1967 ـ قبل بدء المساعدات الأمريكية بالتدفق على نطاق واسع إلى إسرائيل.

إن هذه الانتصارات تقدم دليلاً بليغاً على الوطنية الإسرائيلية، والبراعة التنظيمية، والقوة العسكرية، ولكنها تكشف كذلك أن إسرائيل لم تكن ضعيفة في سنواتها المبكرة.

اليوم، فإن إسرائيل هي أقوى قوة عسكرية في الشرق الأوسط. فقواتها التقليدية متفوقة بدرجة كبيرة على جيرانها، وهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك أسلحة نووية. لقد وقعت كل من مصر والأردن معاهدات سلام مع إسرائيل، وعرضت السعودية فعل ذلك كذلك. لقد فقدت سورية نصيرها السوفييتي، وأضعفت العراق بثلاث حروب مشؤومة، وتقع إيران على بعد مئات الأميال. والفلسطينيون لا يملكون أكثر من قوة شرطة فعالة، ناهيك عن جيش يستطيع تهديد إسرائيل. وفقاً لتقويم في 2005 من قبل (مركز جافي للدراسات الاستراتيجية) ذي السمعة الحسنة، والتابع لجامعة تل أبيب فإن (التوازن الاستراتيجي هو لصالح إسرائيل بلا جدال، والتي استمرت في توسيع الشقة بين قدرتها العسكرية الخاصة وقوى الردع لديها وبين تلك التي لدى جيرانها)، فإذا ما كان نصر المظلوم دافعاً مقنعاً، فإنه كان ينبغي أن تدعم الولايات المتحدة خصوم إسرائيل.

ـ مساعدة صديق ديموقراطي؟

كثيراً ما يتم تبرير الدعم الأمريكي لإسرائيل بالادعاء بأن إسرائيل هي صديق ـ ديموقراطي ـ محاط بديكتاتوريات معادية. إن هذا السبب قد يبدو مقنعاً، ولكنه ليس مسوغاً للدرجة الحالية من الدعم الأمريكي. فبعد كل شيء، فإن هناك الكثير من الديموقراطيات حول العالم، ولكن أياً منها لا يتلقى الدعم السخي الذي تتلقاه إسرائيل. لقد أطاحت الولايات المتحدة بحكومات ديموقراطية في الماضي ودعمت ديكتاتوريين عندما كان يعتقد أن ذلك يحسن وضع المصالح الأمريكية، ولديها علاقات جيدة مع عدد من الديكتاتوريين اليوم. هكذا، فإن كون إسرائيل ديموقراطية لا يبرر ولا يفسر دعم أمريكا لإسرائيل. إن  الدعم بسبب (الديموقراطية المشتركة) يضعفه كذلك جوانب الديمقراطية الإسرائيلية والتي تختلف مع القيم الأمريكية الجوهرية. فالولايات المتحدة هي ديموقراطية ليبرالية حيث يتوقع للناس من أي عرق ودين أو إثنية أن يتمتعوا بنفس الحقوق المتساوية. في المقابل، فقد تأسست إسرائيل بشكل واضح كدولة يهودية والمواطنة مرتكزة على قرابة الدم. ونظراً لهذا المفهوم للمواطنة، فليس مفاجئاً أن تتم معاملة عرب إسرائيل الـ 1.3 مليون كمواطنين من الدرجة الثانية، أو أن تجد لجنة إسرائيلية حكومية مؤخراً أن إسرائيل تتصرف بطريقة (تجاهلية وتمييزية) تجاههم.

على نحو مشابه، فإن إسرائيل لا تسمح للفلسطينيين الذين يتزوجون من مواطنات إسرائيليات بأن يصبحوا هم أنفسهم مواطنين، ولا يعطى هؤلاء الأزواج الحق بالعيش في إسرائيل. لقد وصفت المنظمة الإسرائيلية لحقوق الإنسان (بيتسليم) هذا التقييد بـ (قانون عنصري يحدد من يستطيع الحياة هنا وفقاً لمعايير عنصرية). إن قوانين كهذه يمكن فهمها نظراً لمبادئ تأسيس إسرائيل، ولكنها لا تنسجم مع التصور الأمريكي عن الديموقراطية.

ويقوض الوضع الديموقراطي لإسرائيل كذلك رفضها منح الفلسطينيين دولة خاصة بهم قابلة للحياة. إن إسرائيل تسيطر على حياة حوالي 3.8 مليون فلسطيني في غزة والضفة الغربية، في الوقت الذي تستعمر فيه أراضي سكنها الفلسطينيون منذ زمن طويل. إن إسرائيل ديموقراطية شكلياً، ولكن ملايين الفلسطينيين الذين تسيطر عليهم محرومون من الحقوق السياسية الكاملة، وبالمقابل يضعف ذلك سبب (الديموقراطية المشتركة).

ـ التعويض عن الجرائم السابقة:

تبرير أخلاقي ثالث هو تاريخ المعاناة اليهودية في الغرب المسيحي، خصوصاً الفصل التراجيدي المتعلق بالهولوكوست، فلأن اليهود قد تم اضطهادهم لتسع قرون، ويستطيعون أن يكونوا بأمان فقط في وطن يهودي، يعتقد الكثيرون أن إسرائيل تستحق معاملة خاصة من الولايات المتحدة. ليس هناك جدال في أن اليهود قد عانوا معاناة هائلة من التراث الدنيء لمعاداة السامية، وأن إنشاء إسرائيل كان الإجابة المناسبة لسجل طويل من الجرائم. إن هذا التاريخ كما هو ملاحظ، يقدم قضية أخلاقية قوية لدعم الوجود الإسرائيلي. ولكن إنشاء إسرائيل تضمّن جرائم إضافية ضد طرف ثالث بريء إلى درجة كبيرة: الفلسطينيون.

إن تاريخ هذه الأحداث مفهوم تماماً. فعندما بدأت الصهيونية السياسية جدياً في أواخر القرن التاسع عشر، كان هناك حوالي 1500 يهودي فقط في فلسطين. في عام 1893، على سبيل المثال، شكل العرب 95% من السكان تقريباً. ورغم أنهم كانوا تحت السيطرة العثمانية، إلا أنهم كانوا في حالة ملكية مستمرة لهذه الأراضي لأكثر من 1300 سنة. حتى عندما تم تأسيس إسرائيل، كان اليهود يشكلون 35% من سكان فلسطين ويمتلكون 7% من الأرض. إن هذا التيار الغالب في القيادة الصهيونية لم يكن مهتماً بإنشاء حكومة ثنائية الوطنية أو قبول تجزئة ثابتة لفلسطين. لقد كانت القيادة الصهيونية في بعض الأحيان ترحب بالقبول بالتجزئة كخطوة أولى، ولكن هذا كان مناورة تكتيكية ولم يكن هدفهم الحقيقي. وكما صاغ (ديفيد بن غوريون) الأمر في أواخر عقد الثلاثينات (بعد تشكيل جيش كبير في أعقاب تأسيس الحكومة، فإننا سوف نبطل التقسيم، ونتوسع لضم فلسطين كلها). لتحقيق هذا الهدف، كان على الصهاينة طرد أعداد كبيرة من العرب من الأراضي التي ستصبح إسرائيل في النهاية. ببساطة لم يكن هناك أي طريقة أخرى لتحقيق هدفهم. لقد رأى ابن غوريون المشكلة بوضوح، فكتب في عام 1941 أن (من المستحيل تصور إخلاء عام "من السكان العرب" من غير إكراه، وإكراه وحشي). أو كما يصوغها المؤرخ الإسرائيلي (بيني موريس)، إن (فكرة التهجير هي قديمة قدم الصهيونية الحديثة وقد صاحبت تطورها وتطبيقها العملي خلال القرن الماضي). وقد جاءت هذه الفرصة في 1947 ـ 1948، عندما دفعت القوات اليهودية ما يقدر بـ (700) ألف فلسطيني إلى المنفى.

لقد ادعى مسؤولون إسرائيليون منذ زمن طويل بأن العرب فروا لأن قادتهم أمروهم بذلك، ولكن دراسة دقيقة (معظمها قام بها مؤروخون إسرائيليون من أمثال موريس) قد دحضوا بها هذه الخرافة. في الحقيقة، فإن معظم القادة العرب قد حثوا الشعب الفلسطيني على البقاء في الوطن، ولكن الخوف من الموت القاسي على أيدي القوات الصهوينية دفع معظمهم إلى الهرب. بعد الحرب حظرت إسرائيل عودة المنفيين الفلسطينيين.

إن حقيقة كون إنشاء إسرائيل يتطلب ارتكاب جريمة إخلاقية ضد الشعب الفلسطيني كان أمراً فهمه قادة إسرائيل جيداً. كما أخبر (ابن غوريون) (ناحيم جولدمان)، رئيس الكونغرس اليهودي العالمي، (لو كنت زعيماً عربياً فلن أقوم بأي صلات مع إسرائيل. فهذا طبيعي: لقد أخذنا بلادهم.. لقد أتينا من إسرائيل، ولكن منذ ألفي سنة خلت، وما الذي يعنيه هذا لهم؟ لقد كان هناك معاداة السامية، والنازيون، وهتلر، وأوسشتز. ولكن هل كان ذلك خطأهم؟ إنهم يرون شيئاً واحداً فقط، لقد أتينا إلى هنا وسرقنا بلادهم؟ لماذا عليهم أن يتقبلوا ذلك).

منذ ذلك الحين سعى القادة الإسرائيليون باستمرار لإنكار طموحات الفلسطينيين الوطنية. فقد قالت رئيسة الوزراء (جولدا مائير) في ملاحظتها الشهيرة (لا يوجد هناك شيء اسمه فلسطيني). وحتى رئيس الوزراء (اسحاق رابين)، الذي وقع اتفاقية أوسلو في 1993، عارض بالرغم من ذلك إنشاء دولة فلسطينية مكتملة. ولكن ضغط عنف المتطرفين والشعب الفلسطيني المتنامي قد دفع القادة الإسرائيليين اللاحقين إلى الانسحاب من بعض الأراضي المحتلة وإلى دراسة تسوية إقليمية، ولكن أي حكومة إسرائيلية لم تكن مستعدة لتقديم دولة قابلة للاستمرار للفلسطينيين وحتى عرض رئيس الوزراء (ايهود باراك)، والذي زعم أنه عرض كريم في كامب ديفيد في تموز 2000، كان سيعطي الفلسطينيين مجموعة ممزقة ومنزوعة السلاح من الـ (البانتستان) تحت السيطرة الإسرائيلية الفعلية. إن جرائم أوروبا ضد اليهود تقدم مبرراً أخلاقياً قوياً لحق إسرائيل في الوجود؟ ولكن نجاح إسرائيل في البقاء ليس موضع شك ـ حتى وإن كان بعض المتطرفين الإسلاميين يدلون بتصريحات عنيفة وغير واقعية عن (إزالة إسرائيل من الخارطة) ـ وإن التاريخ المأساوي للشعب اليهودي لا يلزم الولايات المتحدة بمساعدة إسرائيل. مهما كانت تعمل اليوم.

(الإسرائيليون الفاضلون) في مواجهة (العرب الأشرار) إن المقولة الأدبية الأخيرة تصور إسرائيل على أنها دولة سعت إلى السلام على كل منعطف وأظهرت ضبطاً كبيراً للنفس حتى عندما يتم استفزازها. في حين يزعم بالمقابل أن العرب يتصرفون بطريقة بالغة الشر. إن هذه القصة التي يكررها القادة الإسرائيليون والأمريكيون الاعتذاريون بلا توقف من أمثال (ألان ديرشويتز) هي مع ذلك خرافة أخرى. فبلغة السلوك الواقعي، فإن سلوك إسرائيل لا يتميز أخلاقياً عن تصرفات خصومها. وتظهر دراسة إسرائيلية أن الصهاينة الأوائل لم يكونوا أخياراً تجاه العرب الفلسطينيين. لقد قاوم السكان العرب عدوان الصهاينة، وهو أمر لا يثير الاستغراب نظراً لأن الصهانية كانوا يحاولون إنشاء دولتهم الخاصة على الأراضي العربية. ورد الصهاينة العدوان بقوة، ولا يملك أي طرف أرضية عالية من الأخلاق في هذه الفترة. تكشف هذه الدراسة كذلك أن إنشاء إسرائيل في 1944ـ1948 اشتمل على عمليات تطهير اثني واضحة، بما في ذلك اعدامات، ومجازر، واغتصابات قام بها اليهود.

إضافة إلى ذلك، فإن سلوك إسرائيل اللاحق تجاه خصومها العرب ومواطنيها الفلسطينيين غالباً ما كان وحشياً، مما يناقض أي ادعاء بسلوك أخلاقي متفوق. فما بين عامي 1949 و 1956، على سبيل المثال، قتلت قوات الأمن الإسرائيلية ما بين 2700 و 5000 من المتسللين العرب، كانت الغالبية العظمى منهم غير مسلحة. وقد أدار جيش الدفاع الإسرائيلي العديد من الغارات العابرة للحدود ضد جيرانه في أوائل عقد الخمسينات، ورغم ذلك فقد تصورت هذه التحركات على أنها ردود دفاعية، بينما كانت في الحقيقة جزء من محاولة أكبر لتوسيع حدود إسرائيل. إن طموحات إسرائيل التوسعية هي التي دفعتها كذلك للانضمام إلى بريطانيا وفرنسا في مهاجمة مصر عام 1956، وفقط في مقابل ضغط أمريكي مكثف انسحبت إسرائيل من الأراضي التي احتلتها.

لقد قتل جيش الدفاع الإسرائيلي مئات من الأسرى المصريين بعيداً عن الحرب في كل من 1956 و 1967، ونفي ما بين (100) ألف و(260) ألف فلسطيني من أراضي الضفة الغربية التي كانت قد احتلت للتو، وأخرج (80) ألف سوري من مرتفعات الجولان. وقد كانت متواطئة كذلك في مجزرة صبرا وشاتيلا حيث قتل (700) من الفلسطينيين الأبرياء في مخيمات اللاجئين بعد اجتياحها للبنان في 1982، وقد وجدت لجنة تحقيق إسرائيلية أن وزير الدفاع حينها آرييل شارون (مسؤول شخصياً) عن هذه الفظاعات. لقد عذب الموظفون الإسرائيليون العديد من السجناء الفلسطينيين، وقاموا بشكل منتظم بإذلال ومضايقة المدنيين الفلسطينيين، واستخدموا القوة ضدهم دون تمييز في عدة مناسبات. خلال الانتفاضة الأولى (1987 ـ 1991)، على سبيل المثال، وزع جيش الدفاع الهراوات على جنوده وحثهم على كسر عظام المتظاهرين الفلسطينيين. وقد قدرت منظمة (أنقذوا الأطفال) السويدية أن (23600ـ 29900) طفل احتاجوا إلى معالجة طبية لجروحهم الناجمة عن الضرب في السنتين الأوليين للانتفاضة، مع ما يقارب ثلثهم أصيبوا بكسور في العظام. وكانت أعمار حوالي ثلث الأطفال المضروبين تبلغ عشر سنوات وما دونها). وقد كان رد إسرائيل على الانتفاضة التالية أكثر عنفاً فحسب، مما قاد هآرتز إلى إعلان أن (قوات جيش الدفاع قد تحولت إلى آلة للقتل والذي تثير فعاليته الرهبة، وهو مع ذلك أمر فظيع). لقد أطلقت قوات جيش الدفاع مليون رصاصة في الأيام الأولى للانتفاضة، وهو أمر بعيد عن أن يكون ردة فعل مدروسة.

منذ ذلك الحين، قتلت إسرائيل( 3.4) فلسطيني عن كل إسرائيلي تفقده، وكانت غالبيتهم من المتفرجين الأبرياء. إن نسبة الأطفال الفلسطينيين المقتولين إلى الأطفال الإسرائيليين هي أكبر حتى (5.7 ـ1). لقد قتلت القوات الإسرائيلية عدة ناشطي سلام أجانب، بمن فيهم فتاة أمريكية عمرها 23 عاماً تم سحقها بجرافة إسرائيلية في آذار/2003.

إن هذه الحقائق حول سلوك إسرائيل كان قد وثق باستفاضة من قبل العديد من منظمات حقوق الإنسان ـ بمن فيهم جماعات إسرائيلية بارزة ـ وليست موضع شك لدى المراقبين ذوي العقول المنصفة. وهذا هو السبب في كون أربعة من المسؤولين السابقين في الشين بيت (منظمة الأمن الداخلي الإسرائيلي) قد شجبوا سلوك إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية في تشرين ثاني/2003. وقد صرح أحدهم (إننا نتصرف بطريقة شائنة)، في حين نعت آخر سلوك إسرائيل بأنه (لا أخلاقية بينة). ولكن أليست إسرائيل مخولة بعمل كل ما تتطلبه حماية مواطنيها؟ ألا يبرر شر الإرهاب الدعم الأمريكي الفريد المتواصل؟ حتى وإن كانت إسرائيل ترد بقسوة في الغالب؟

في الحقيقة فإن هذه الحجة ليست مبرراً أخلاقياً مقنعاً كذلك. لقد استخدم الفلسطينيون الإرهاب ضد مستعمريهم الإسرائيليين. وهم مخطئون في ترحيبهم بمهاجمة أبرياء. إن هذا السلوك ليس مدهشاً رغم ذلك، لأن الفلسطينيين يعتقدون أنهم ليس لديهم أي طريقة أخرى للحصول على تنازلات إسرائيلية. وقد اعترف رئيس وزراء سابق (باراك) مرة بأنه لو ولد فلسطينياً (لانضم إلى منظمة إرهابية).

أخيراً فإن علينا أن لا ننسى أن الصهاينة استخدموا الإرهاب عندما كانو في وضع مشابه، وكانوا يحاولون تأسيس دولتهم الخاصة. وقد استخدمت عدة منظمات صهيونية التفجيرات الإرهابية لإخراج البريطانيين من فلسطين ما بين عامي 1944 ـ 1947، وحصدوا أرواح الكثير من الأبرياء على طول الطريق.

لقد اغتال الإرهابيون الإسرائيليون كذلك وسيط الأمم المتحدة الكونت فولك بيرنادوت في عام 1948، لأنهم عارضوا اقتراحه بتدويل القدس. ولم يكن مرتكبو هذه الأعمال متطرفين فرديين، فقد تم العفو عن قادة مدبري الاغتيال في النهاية من قبل الحكومة الإسرائيلية وانتخب أحدهم للكنيست. زعيم إرهابي آخر، وهو اسحاق شامير، أيد القتل ولكنه لم يتعرض للمحاكمة، وأصبح رئيس وزراء مستقبلاً. في الحقيقة، فإن شامير كان يقولها بشكل مفتوح: (أن لا الأخلاقيات ولا التقاليد اليهودية بإمكانها أن تسقط الإرهاب كوسيلة للنضال)، بل إن الإرهاب (لديه دور كبير ليلعبه في حربنا ضد المستعمر "بريطانيا" ). فإذا ما كان استخدام الفلسطينيين للإرهاب مستحق للشجب من ناحية أخلاقية، فكذلك كان اعتماد إسرائيل عليه في الماضي، وهكذا فإننا لا نستطيع تسويغ الدعم الأمريكي لإسرائيل على أرضية أن سلوكها في الماضي كان متفوقاً أخلاقياً.

ربما لا تكون إسرائيل قد تصرفت بطريقة أسوأ من العديد من الدول الأخرى، ولكن من الواضح كذلك أنها لم تتصرف بأي طريقة أفضل. وإذا لم تكن لا الحجج الاستراتيجية ولا الأخلاقية قادرة على تعليل الدعم الأمريكي لإسرائيل، فكيف بإمكاننا أن نفسره..؟

اللوبي الإسرائيلي

والسياسة الخارجية الأمريكية

(4)

لوبي إسرائيل:

تكمن الإجابة في قوة اللوبي الإسرائيلي التي لا مماثل لها. فلو لم يكن بإمكان اللوبي التلاعب بالنظام السياسي الأمريكي، فإن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة ستكون أقل حميمية بكثير مما هي عليه اليوم.

ما هو اللوبي؟

إننا نستخدم كلمة (اللوبي) كمصطلح اختزالي مريح للتعبير عن ائتلاف واسع من الأفراد والمنظمات والذين يعملون بنشاط لتشكيل سياسة الولايات المتحدة الخارجية في اتجاه مؤيد لإسرائيل. إن استخدامنا لهذا المصطلح لا يعني كون اللوبي حركة موحدة مع قيادة مركزية، أو أن الأفراد في داخلها لا يختلفون في قضايا معينة، إن جوهر اللوبي مؤلف من يهود أمريكيين يبذلون جهداً كبيراً في حياتهم اليومية للي السياسة الخارجية الأمريكية بحيث تقدم المصالح الإسرائيلية. ويذهب نشاطهم إلى ما هو أبعد من من انتخاب مرشحين مؤيدين لإسرائيل لتشمل كتابة الرسائل، والإسهامات المالية، ودعم المنظمات المؤيدة لإسرائيل. ولكن ليس جميع اليهود الأمريكيين جزء من اللوبي، لأن إسرائيل ليست قضية هامة للكثير منهم. في مسح أجري في 2004، على سبيل المثال، قال ما نسبته 36% تقريباً من الأمريكيين اليهود إنهم إما (ليسوا مرتبطين كثيراً) أو إنهم (ليسوا مرتبطين إطلاقاً) عاطفياً بإسرائيل.

يختلف الأمريكيون اليهود كذلك حيال سياسات إسرائيلية محددة. كثير من المنظمات في اللوبي من مثل الـ(ايه.آي.بي.ايه.سي) و(جمعية رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى الـ(سي.بي.ام.جي.او)، يديرها المتشددون الذين يؤيدون في العموم السياسة التوسعية لحزب الليكود الإسرائيلي، بما في ذلك عدائيته لعملية السلام (أوسلو). إن التكتل اليهودي الأمريكي، من جهة أخرى، هو أكثر ميلاً لتقديم تنازلات للفلسطينيين، ولجماعات قليلة ـ من مثل الصوت اليهودي للسلام ـ والتي تؤيد بقوة اتخاذ مثل هذه الخطوات. ورغم هذه الاختلافات، يؤيد الحداثيون والمتشددون الدعم الأمريكي الثابت لإسرائيل.

مما لا يثير الدهشة، أن زعماء اليهود الأمريكيين غالباً ما يستشيرون المسؤولين الإسرائيليين، بحيث يستطيع زعماء اليهود الأمريكيين توسيع تأثيرهم في الولايات المتحدة. وكما كتب أحد الناشطين في منظمة يهودية كبرى (إنه أمر معتاد لنا أن نقول "إن هذه هي سياستنا فيما يتعلق بقضية بعينها، ولكن علينا أن نتأكد مما يفكر فيه الإسرائيليون" إننا كمجتمع نفعل ذلك طوال الوقت). إن هناك كذلك عادة قوية ضد انتقاد السياسة الإسرائيلية، فالزعماء اليهود الأمريكيون لا يدعمون الضغط على إسرائيل. لذلك، فقد اتهم السيد ادغار برونفمان، رئيس (الجمعية اليهودية العالمية)، بالخيانة عندما كتب رسالة إلى الرئيس بوش في أواسط 2003 يحثه فيها على الضغط على إسرائيل لإيقاف بناء جدارها الأمني المثير للجدل. وقد أعلنت الانتقادات أنه (لمن الفحش في أي وقت كان بالنسبة لرئيس الجمعية اليهودية العالمية أن يحاول التأثير على رئيس الولايات المتحدة بغية مقاومة السياسات التي تروج لها حكومة إسرائيل). على نحو مشابه، عندما نصح رئيس منتدى السياسة الإسرائيلي سيمور رايتش وزيرة الخارجية كوندليزا مرايس بالضغط على إسرائيل لإعادة فتح حدود العبور الهامة في قطاع غزة في تشرين الثاني/2005، شجب الناقدون تصرفه باعتباره (سلوكاً لا مسؤولاً). وأعلنوا أنه (ليس هناك أي مكان أبداً في التيار اليهودي الرئيسي على الحض الفعلي ضد سياسات إسرائيلية ذات تعلقات أمنية). متراجعاً أمام هذه الهجمات، صرح رايتش بأن (كلمة ضغط ليست موجودة في قاموسي عندما يتعلق الأمر بإسرائيل).

لقد شكل الأمريكيون ـ اليهود مجموعة مهيبة ومؤثرة من المنظمات للتأثير على السياسة الخارجية الأمريكية، وتعد جمعية الـ(ايه.آي.بي.ايه.سي) أشدها قوة وشهرة. في عام 1997، قامت مجلة (فورتن) بسؤال أعضاء مجلس النواب الأمريكي وموظفيه لجدولة لائحة بأقوى تجمعات اللوبي في واشنطن تم منح جمعية الـ(ايه.آي.بي.ايه.سي) المرتبة الثانية بعد الجمعية الأمريكية للمتقاعدين (ايه.ايه.آر.بي)، ولكنها كانت متقدمة على تجمعات من ذات الوزن الثقيل من مثل الـ(ايه.اف.ال) والـ(سي.آي.او) و(جمعية الرماية الوطنية). وقد توصلت دراسة في الصحيفة الوطنية في آذار/2005 إلى نتيجة مشابهة، واضعة جمعية (ايه.آي.بي.ايه.سي) في المرتبة الثانية مشتركة مع الـ(ايه.ايه.آر.بي) في لائحات سلطة واشنطن. يتضمن اللوبي كذلك انجيليين مسيحيين بارزين من أمثال جاري باوير، وجيري فول ويل، ورالف ريد، وبات روبرستون وكذلك ديك آرمي وتوم ديلاي، وزعماء الغالبية السابقين في مجلس النواب. إنهم يعتقدون أن ولادة إسرائيل هو جزء من نبوءة إنجيلية، تدعم أجندة التوسع، وتعتقد أن الضغط على إسرائيل هو ضد إرادة الله. إضافة إلى ذلك، فإن عضوية اللوبي تشتمل على سادة من غير اليهود من المحافظين الجدد من مثل جون بولتون، ومدير تحرير صحيفة الوول ستريت الراحل روبرت بارتلي، ووزير التعليم السابق وليام بينيت، وسفير الأمم المتحدة السابق جين كيرك باتريك، وكاتب العمود جورج ويل.

ـ مصادر القوة:

إن لدى الولايات المتحدة حزمة مقسمة تقدم العديد من الطرق للتأثير على العملية السياسية. نتيجة لذلك، فإن بإمكان جماعات المصالح تشكيل السياسة بعدة طرق مختلفة ـ عن طريق التأثير على الممثلين المنتخبين وعلى أعضاء من الفرع التنفيذي، والقيام بحملة تبرعات، والتصويت في الانتخابات وتشكيل الرأي العام، إلى أخره.

أيضاً فإن جماعات المصالح الخاصة تتمتع بقوة غير متكافئة عندما يلتزمون بقضية معينة تكون فيها كتلة الشعب حيادية.

سيميل صناع السياسة للتعايش مع هؤلاء الذين يهتمون بالقضية موضع التساؤل، حتى وإن كانت أعدادهم قليلة، واثقين من أن بقية الشعب لن تعاقبهم. إن قوة اللوبي الإسرائيلي تنبع من قدرتها التي لا مثيل لها للعب هذه اللعبة مع سياسات جماعة المصالح ـ في عملياتها الأساسية، فإنها لا تختلف عن جماعات المصالح مثل (لوبي المزرعة)، عمال المعادن والغزل، واللوبيات الإثنية الأخرى. ما يضع اللوبي جانباً هو فعاليته الاستثنائية. ولكن ليس هناك أي شيء غير عادي فيما يتعلق باليهود الأمريكيين وحلفائهم النصارى الذين يحاولون إمالة السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل. إن نشاطات اللوبي لا تتم بطريقة المؤامرة كما يتم تصويرها في الكراسات المعادية للسامية كما في (بروتوكولات لحكماء صهيون).

في غالبيتهم، فإن الأفراد والجماعات الذين يؤلفون اللوبي يقومون بما تقوم به منظمات المصالح الخاصة الأخرى، ولكن بطريقة أفضل بكثير. إضافة إلى ذلك، فإن جماعات المصالح العربية هي ضعيفة إلى حد العدم مما يجعل مهمة اللوبي أسهل.                       

اللوبي الإسرائيلي

والسياسة الخارجية الأمريكية

(5)

استراتيجيات النجاح

يتبع اللوبي استراتيجيتين اثنتين على نحو واسع للترويج للدعم الأمريكي لإسرائيل. أولاً، فإنه يدير تأثيراً هاماً في واشنطن، حيث يقوم بالضغط على كل من الكونغرس والحكومة لدعم إسرائيل على طول الخط. ومهما تكن رؤى صانع القانون أو صانع القرار السياسي الفردية، فإن اللوبي يحاول أن يجعل من دعم إسرائيل الاختيار السياسي الذكي.

ثانياً، يكافح اللوبي لضمان أن يكون الخطاب العام حول إسرائيل مصوراً لها بضوء إيجابي، وذلك عن طريق تكرير الأساطير حول إسرائيل وإنشائها، وعن طريق الترويج للجانب الإسرائيلي في المناقشات السياسية اليومية. والهدف هو منع التعليقات الانتقادية حول إسرائيل من الحصول على فرصة سماع عادل في الميدان السياسي. إن السيطرة على الحوار هو أمر أساسي لضمان الدعم الأمريكي، لأن مناقشة صريحة للعلاقات الإسرائيلية الأمريكية قد تدفع الأمريكيين إلى تفضيل سياسة مختلفة.

التأثير في الكونغرس:

دعامة أساسية في فعالية اللوبي هي تأثيره في الكونغرس الأمريكي، حيث إسرائيل محصنة فعلياً من تلقي الانتقاد. إن هذا بحد ذاته وضع جدير بالملاحظة، لأن الكونغرس في الغالب لا يتراجع أمام القضايا اللجوجة. فسواء كانت القضية قضية إجهاض، أو عمل إيجابي موجه، أو عناية صحية، أو قضية خدمة اجتماعية فإن من المؤكد أن تتم مناقشتها في (الكابيتول هل).

إلا أنه حينما تكون إسرائيل هي المعنية، يسقط النقاد المحتملون صامتين، ولا يكون هناك أي نقاش من الأصل. أحد الأسباب لنجاح اللوبي في الكونغرس هو أن بعض الأعضاء هم صهيونيون مسيحيون من مثل (ديك آرمي)، والذي قال في أيلول/2002 (إن أولويتي الأولى في السياسة الخارجية هي حماية إسرائيل). قد يعتقد المرء أن الأولوية الأولى لأي رجل في الكونغرس هي (حماية أمريكا)، ولكن ليس هذا هو ما قاله آرمي. إن هناك كذلك نواباً يهوداً، ورجال كونغرس يعملون على جعل السياسة الخارجية الأمريكية مؤيدة لمصالح إسرائيل. موظفو الكونغرس المؤيدون لإسرائيل هم مصدر آخر لقوة اللوبي. فكما اعترف (موريس آميتاي)، وهو رئيس سابق في الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي)، مرة (فإن هناك العديد من الأشخاص في مستوى العمل هنا في (الكابيتول هل) والذين يصادف أنهم يهود، إن هؤلاء هم جميع الأشخاص الذين هم في موقع القيام باتخاذ القرار لهؤلاء النواب، إن بإمكانك انجاز قدر هائل من العمل على مستوى الموظفين).

إنها الـ(إيه.آي.بي.إيه.سي) ذاتها، والتي تشكل مركز تأثير اللوبي في الكونغرس. ويعود نجاح الـ(إيه.آي.بي.إيه.سي) إلى قدرتها على مكافأة المشرعين ومرشحي الكونغرس الذي يدعمون أجندتها، ومعاقبة أولئك الذين يتحدونها. إن المال مهم جداً للانتخابات الأمريكية. (كما تذكرنا الفضيحة الأخيرة حول التعاملات المختلفة المشبوهة لرجل اللوبي جاك أبراموف، وتتأكد جمعية الـ(إيه.آي.بي.إيه.سي) من حصول أصدقائها على دعم مادي قوي من آلاف اللجان، للتحرك السياسي المؤيد لإسرائيل. من جهة أخرى، فإن أولئك الذين يبدو أنهم معادون لإسرائيل، بإمكانهم أن يتأكدوا من أن جمعية الـ(إيه.آي.بي.إيه.سي) ستوجه حملة تبرعات لخصومهم السياسيين. تنظم جمعية الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) كذلك حملة كتابة رسائل وتشجع محرري الصحف لتأييد المرشحين ذوي الميول الإسرائيلية. ليس هناك شك حيال فعالية هذه الوسائل. لنأخذ مثالاً واحداً فقط على ذلك، ففي عام 1984 ساعدت جمعية الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) على هزيمة النائب تشارلز بيرسي من إلينوي، والذي وفقاً لأحد الشخصيات البارزة في اللوبي قد (أظهر تبلداً في الشعور وحتى عدائية تجاه اهتماماتنا). وقد وضح توماس دين، رئيس الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) في ذلك الوقت، ما حدث: (لقد تجمع اليهود الأمريكيون من المحيط إلى المحيط لطرد بيرسي، وقد تسلم كل السياسيين الأمريكيين ـ أولئك الذين يحتلون مراكز الزعامة في الوقت الراهن وأولئك الذين يطمحون لذلك ـ الرسالة). بالطبع فإن جمعية الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) تقدر عالياً سمعتها كخصم مرعب، لأنها تثبط أياً كان عن مساءلتها عن أجندتها. إن تأثير الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) في (الكابيتول هل) يذهب إلى ما هو أبعد حتى. فوفقاً لدوجلاس ملوم فيلد، وهو عضو سابق في الجمعية (فإنه لمن الشائع في أعضاء الكونغرس وموظفيهم أن يلجؤوا إلى الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) أولاً عندما يحتاجون إلى المعلومات، قبل أن يتصلوا بمكتبة الكونغرس، أو جهاز الأبحاث الكونغرسي، أو موظفي اللجنة، أو خبراء الإدارة)، وينوه بأن ما هو أكثر أهمية أن جمعية الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) هو (ما يدعى غالباً بمسودات الخطابات، والعمل على التشريعات، وتقديم النصائح بخصوص الوسائل، والقيام بالأبحاث وحشد المؤيدين المشاركين، وأصوات المارشالات). إن النقطة الجوهرية هي أن الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي)، والتي هي العميل الفعلي لحكومة أجنبية، تمسك بخناق كونغرس الولايات المتحدة. إن النقاش المفتوح حول سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل لا يحدث هناك، رغم أن هذه السياسة لديها نتائج هامة للعالم بأسره. هكذا، فإن أحد الفروع الثلاثة للحكومة الأمريكية ملتزم بقوة بدعم إسرائيل. وكما نوه النائب السابق (ارنست هولنجر) بينما كان يغادر المكتب، (ليس ممكنناً أن يكون لديك سياسة إسرائيلية أخرى غير التي تعطيك إياها جمعية الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) هنا). ما يثير قليلاً من الدهشة أن رئيس الوزراء آرييل شارون أخبر مستمعاً أمريكياً: (عندما يسألني الناس كيف بإمكانهم مساعدة إسرائيل، فإني أخبرهم ـ ساعدوا الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي)).

التأثير على الفرع التنفيذي:

إن لدى اللوبي نفوذ هام كذلك على الفرع التنفيذي. تشتق هذه القوة جزئياً من تأثير الناخبين اليهود على الانتخابات الرئاسية. ورغم أعدادهم الضئيلة بالنسبة للسكان (أقل من 3%)، إلا أنهم يقومون بحملات تبرع كبيرة للمرشحين من كلا الطرفين. وقد قدرت واشنطن بوست مرة أن المرشحين الديموقراطيين الرئاسيين (يعتمدون على المؤيدين اليهود لتقديم ما يقدر بـ 60% من المال). إضافة إلى ذلك، فإن الناخبين اليهود لديهم معدلات حضور عالية وهم متمركزون في مدن هامة مثل كاليفورنيا، وفلوريدا، وإلينوي، ونيويورك، وبنسلفانيا. ولأنهم مهمون في الانتخابات المغلقة يذهب المرشحون الرئاسيون إلى مدى بعيد في عدم إثارة عداوة الناخبين اليهود. إن المنظمات الهامة في اللوبي تستهدف بشكل مباشر كذلك الإدارة في السلطة. على سبيل المثال، فإن القوى ذات الميول الإسرائيلية تضمن ألا يحظى ناقدو الدولة اليهودية بتعيينات ذات أهمية في السياسة الخارجية. لقد أراد (جيمي كارتر) أن يتخذ من (جورج بول) أول وزير خارجية له، ولكنه علم أن (بول) كان يعتبر ناقداً لإسرائيل وأن اللوبي كان سيعارض التعيين. إن اختبار عباد الشمس هذا يجبر أي صانع سياسة طموح لكي يصبح مؤيداً علنياً لإسرائيل، وهو ما يفسر كون الانتقادات العامة للسياسة الإسرائيلية قد أصبحت من المصنفات المعرضة للخطر في مؤسسة السياسة الخارجية للولايات المتحدة. إن هذه القيود ماتزال فاعلة اليوم. عندما دعا مرشح الرئاسة في الـ2004 هاورد دين الولايات المتحدة للقيام بدور أكثر إنصافاً في الصراع العربي الإسرائيلي، اتهمه النائب جوزيف ليبرمان بخذلان إسرائيل، وقال إن تصريحه كان (لا مسؤولاً). عملياً، فإن جميع الديموقراطيين رفيعي المستوى في المجلس قد وقعوا رسالة شديدة موجهة إلى (دين) ينتقدون فيها تعليقاته. وقد أوردت صحيفة (شيكاغو ستار اليهودية) أن (مهاجمين مجهولين يقومون بعرقلة محتويات (إيه ميل) القادة اليهود حول البلاد، محذراً بأنه لا حاجة إلى كبير استدلال على أن (دين) سيكون سيئاً على نحو ما لإسرائيل). لقد كان الرئيس المشارك لحملته رئيساً سابقاً في الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي)، وقد قال (دين) إن رؤاه الخاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط تعكس بشكل أقرب رؤى الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) أكثر مما تعكسها رؤى جمعية (الأمريكيين المعتدلين للسلام الآن). لقد اقترح (دين) فقط (إحضار الطرفين معاً) وأن على واشنطن أن تتصرف كوسيط شريف. إن هذه ليست فكرة متطرفة على الإطلاق، ولكنها ملعونة من قبل اللوبي، والذي لا يتسامح حتى مع فكرة الإنصاف عندما يتعلق الأمر بالصراع العربي الإسرائيلي. إن أهداف اللوبي يتم خدمتها كذلك عندما يقوم أفراد ذوو توجه إسرائيلي باحتلال مراكز في الفرع التنفيذي.

خلال إدارة كلينتون، على سبيل المثال، كانت سياسة الشرق الأوسط تصاغ إلى درجة كبيرة من قبل مسؤولين ذوي روابط حميمة مع إسرائيل أو مع منظمات بارزة مؤدية لإسرائيل ـ بمن فيهم (مارتين إنديك)، نائب المدير السابق للأبحاث في الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي)، والمؤسس المشارك في معهد واشنطن لأبحاث الشرق الأدنى (دبليو.آي.إن.إي.بي)، و(دينس روس) الذي انضم إلى المعهد بعدما ترك الحكومة في 2001، و(آرون ميللر) والذي عاش في إسرائيل وكثيراً ما يقوم بزيارات إلى هناك؛ لقد كان هؤلاء الرجال من بين أقرب مستشاري الرئيس كلينتون في قمة كامب ديفيد في تموز 2000. ورغم أن الثلاثة قد دعموا عملية السلام أوسلو، واستحسنوا إنشاء دولة فلسطينية، فإنهم فعلوا ذلك فقط في حدود ما يمكن اعتباره مقبولاً لإسرائيل. بشكل أكثر تحديداً، فإن الوفد الأمريكي كان يأخذ إيعازاته من رئيس الوزراء الإسرائيلي (إيهود باراك)، وكانوا يقومون بتنسيق المواقف في المفاوضات مقدماً، ولم يقدموا مقترحات مستقلة لتسوية الصراع. ولا يثير الدهشة أن المفاوضين الفلسطينيين قد تذمروا من أنهم كانوا (يتفاوضون مع فريقين إسرائيليين أحدهم يظهر العلم الإسرائيلي والآخر يظهر العلم الأمريكي).

إن هذا الوضع ملحوظ بدرجة أكبر حتى في إدارة بوش، والتي تضم صفوفها أفراداً ذوي ميول إسرائيلية متقدة مثل إليوت أبرامز، جون بولتون، دوجلاس فيت، آي.لويس ليبي، ريتشارد بيرل، باول وولفوتيز، وديفيد وارمسر. وكما سنرى فإن هؤلاء المسؤولين يدفعون باستمرار من أجل سياسة تفضلها إسرائيل وتدعمها المنظمات في اللوبي.

اللوبي الإسرائيلي

والسياسة الخارجية الأمريكية

(6)

التلاعب بالإعلام

إضافة إلى التأثير على سياسة الحكومة بشكل مباشر، يبذل اللوبي جهوداً كبيرة لتشكيل مدركات عامة حول إسرائيل والشرق الأوسط. فهو لا يريد نقاشاً مفتوحاً حيال قضايا تشتمل على إسرائيل، لأن حواراً مفتوحاً قد يدفع الأمريكيين لمساءلة مستوى الدعم الذي يقدمونه حالياً. بناء على ذلك، فإن المنظمات الموالية لإسرائيل تعمل بجد للتأثير على الإعلام، وأحواض التفكير، وعالم التدريس، لأن هذه المؤسسات أساسية في تشكيل الرأي العام. إن رؤية اللوبي لإسرائيل منعكس بشكل كبير في تيار الإعلام الرئيسي ويعود ذلك في درجة كبيرة منه إلى أن معظم المعلقين الأمريكيين هم ذوو ميول إسرائيلية. إن الحوار بين المتبحرين بالشرق الأوسط، كما يكتب الصحفي ايريك ألترمان (يهيمن عليه أناس لا يستطيعون تخيل انتقاد إسرائيل).

وقد أدرج (خمسة وستين من كتاب الأعمدة الصحفية والمعلقين الذين يمكن الاعتماد عليهم لدعم إسرائيل تلقائياً ودون تحفظ). على العكس من ذلك، وجد ألترمان فقط خمسة من المتبحرين الذين ينتقدون السلوك الإسرائيلي باستمرار أو يؤيدون المواقف الموالية للعرب. تنشر الصحف عرضياً افتتاحيات مستضافة تتحدى السياسة الإسرائيلية، ولكن موازنة الآراء تحابي الجانب الآخر بشكل واضح. وينعكس هذا التميز الموالي لإسرائيل في افتتاحيات الصحف الكبرى. وقد نوه روبرت بارتلي، المحرر السابق للـ (وول ستريت جورنال) مرة بقوله (شامير، شارون، بيبي ـ بنيامين نتنياهوـ كل ما يريده هؤلاء الرجال هو على الأغلب مستحسن من قبلي).

ليس مثيراً للدهشة، أن (الجورنال)، إضافة إلى صحف بارزة أخرى مثل (شيكاغو صن تايمز) و(واشنطن تايمز) تنشر بانتظام افتتاحيات مؤيدة بقوة لإسرائيل. وتدافع مجلات مثل الـ(commentary) و(نيورببلك)، و(ويكلي ستاندرد) بحماس عن إسرائيل في كل منعطف. إن تحيز المحررين موجود كذلك في صحف من مثل (نيويورك تايمز). تنتقد التايمز عرضياً السياسات الإسرائيلية وفي بعض الأحيان تقر بأن لدى الفلسطينيين تظلمات صحيحة، ولكن ذلك ليس منصفاً. في مذكراته، على سبيل المثال، يعترف المدير التنفيذي السابق للتايمز (فاكس فرانكل) بالتأثير الذي تركه موقفه الشخصي الموالي لإسرائيل على خياراته في افتتاحياته الصباحية. وفقاً لكلماته: (لقد كنت مخلصاً لإسرائيل بعمق أكبر بكثير مما أجرؤ أن أعلن). ويستمر قائلاً: (محصناً بمعرفتي عن إسرائيل وصداقاتي هناك فقد كتبت أنا نفسي معظم تعليقاتنا عن الشرق الأوسط. وكما لاحظ القراء العرب أكثر من اليهود، فقد كتبتها من منظور موال لإسرائيل). إن إعداد تقارير الأحداث الإخبارية والتي تشتمل على إسرائيل في الإعلام هي إلى حد ما أكثر إنصافاً مما هو التعليق الافتتاحي، ويعود ذلك في جزء منه إلى أن الصحفيين يبذلون كل ما بوسعهم ليكونوا موضوعيين ولكن أيضاً لأن من الصعب تغطية الأحداث في الأراضي المحتلة دون الاعتراف بسلوك إسرائيل الفعلي.

لتثبيط التقارير غير المستحبة عن إسرائيل، ينظم اللوبي حملات لكتابة الرسائل، ومظاهرات، ومقاطعات للمخرجات الإخبارية التي تعتبر محتوياتها معادية لإسرائيل. لقد قال أحد المديرين التنفيذيين في الـ(سي.ان.ان) أنه يتلقى في بعض الأحيان (600)[3] رسالة عبر البريد الالكتروني تتشكى من مقال معاد لإسرائيل. على نحو مشابه، فإن (اللجنة لتقارير أدق عن الشرق الأوسط في أمريكا) (سي.ايه.ام.أي.آر.إيه) قد قامت بتنظيم مظاهرات خارج محطات الراديو الوطنية العامة في (33) مدينة في أيار 2003، كما أنها حاولت إقناع المشاركين بسحب دعمهم للمحطات حتى تصبح تغطيتها للشرق الأوسط أكثر تعاطفاً مع إسرائيل. لقد فقدت محطة بوستون التابعة للمحطات الوطنية العامة ما يزيد على مليون دولار من المساهمات كنتيجة لهذه المساعي. وقد تلقت محطات الراديو الوطنية العامة ضغوطاً كذلك من أصدقاء إسرائيل في الكونغرس، والذين طالبوها بتدقيق داخلي أكبر وكذلك بمراقبة أكبر لتغطيتها للشرق الأوسط. تساعد هذه العوامل على تفسير السبب في اشتمال الإعلام الأمريكي على القليل من النقد للسياسة الإسرائيلية، وعلى ندرة مساءلة علاقة واشنطن بإسرائيل، والمناقشة العرضية فقط لتأثير اللوبي العميق على السياسة الأمريكية. إن قوى أحواض التفكير التي تفكر بطريقة واحدة مؤيدة لإسرائيل هي المهيمنة في أحواض التفكير الأمريكية، والتي تمتلك دوراً هاماً في تشكيل النقاش العام وكذلك السياسة الفعلية. لقد أنشأ اللوبي حوض التفكير الخاص به في عام 1985، عندما ساعد مارتن انديك في تأسيس معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. ورغم أن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يقلل من أهمية صلاته بإسرائيل ويدعي بدلاً من ذلك أنه يقدم رؤية (متوازنة وواقعية) لقضايا الشرق الأوسط، إلا أن الحال ليست كذلك. في الحقيقة، فإن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يتم تمويله وإدارته من قبل أفراد ملتزمين بعمق بتقديم أجندة إسرائيل. إن تأثير اللوبي في عالم أحواض التفكير يمتد حقيقة إلى ما وراء معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. عبر (25) عاماً الماضية، أسست القوى المؤيدة لإسرائيل وجوداً مهيمناً في (معهد انتربرايز الأمريكي)، و(معهد بروكنغز)، و(21) مركزاً للسياسة الأمنية، والمعهد لأبحاث السياسة الخارجية، ومؤسسة هيرتاج، ومعهد الهدسون، والمعهد لتحليلات السياسة الخارجية، والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي (جي.آي.إن.أس.إيه). إن أحواض التفكير هذه هي موالية لإسرائيل قطعياً وتشتمل على القليل، هذا إن وجد أصلاً، من الانتقادات للدعم الأمريكي للدولة اليهودية. دليل جيد على تأثير اللوبي في عالم أحواض التفكير هو تطور معهد بروكنغز. لسنوات عديدة، كان خبيرها الكبير في قضايا الشرق الأوسط هو السيد ويليام.بي كواندت، وهو أكاديمي مميز ومسؤول سابق في الـ(إن.إس.سي) بسمعة يستحقها عن جدارة لإنصافه فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي. أما اليوم فإن عمل بروكنغز فيما يتعلق بهذه القضايا يتم إدارته من قبل (مركز سابان) وهو مركزها لدراسات الشرق الأوسط والذي يتم تمويله من قبل حاييم سابان، وهو رجل أعمال إسرائيلي ـ أمريكي ثري وصهيوني متحمس. إن مدير مركز سابان هو مارتين انديك الذي لا يخلو منه مكان. وهكذا، فما كان مرة معهداً للسياسة غير المتحيزة حيال مشاكل الشرق الأوسط هو الآن جزء من الفرقة المكونة من أحواض التفكير المؤيدة لإسرائيل بشكل كبير.

تسييس التعليم:

لقد وجد اللوبي الصعوبة الأكبر في كبت النقاش حول إسرائيل في حرم الجامعات، لأن الحرية العلمية ذات قيمة جوهرية ولأن البروفيسورات الموظفين يصعب تهديدهم أوتسكيتهم. ورغم ذلك، كان هناك انتقاد خفيف فقط لإسرائيل في عقد التسعينات، عندما كانت عملية أوسلو للسلام جارية. لقد ثارت انتقادات بعد أن انهارت هذه العملية بعد مجيء آرييل شارون إلى السلطة في أوائل 2001، وقد أصبحت مكثفة بشكل خاص عندما أعاد جيش الدفاع الإسرائيلي احتلال الضفة الغربية في ربيع 2002، ووظف قوة ضخمة ضد الانتفاضة الثانية. لقد تحرك اللوبي بعدوانية (لاسترداد حرم الجامعات)، وظهرت جماعات جديدة مثل (كارفان للديموقراطية والتي أدخلت متحدثي إسرائيل إلى الجامعات الأمريكية). وقفزت جماعات معروفة من مثل (المجلس اليهودي للشؤون العامة والهيلل Hillel) إلى النقاش، وثم تشكيل جماعات جديدة ـ ائتلاف إسرائيل في حرم الجامعة ـ لتقوم بتنسيق الجماعات الكثيرة التي تسعى الآن لتقديم قضية إسرائيل في الحرم.

أخيراً، فقد قامت الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) بمضاعفة انفاقها ثلاث مرات من أجل برامج مراقبة النشاطات الجامعية لتدريب المدافعين الصغار من أجل إسرائيل، بغية (تضخيم أعداد الطلاب المشاركين في الجامعة.. في الجهود الوطنية المؤيدة لإسرائيل). يراقب اللوبي كذلك ما يكتبه البروفيسورات وما يعلمونه. ففي أيلول 2002، على سبيل المثال، قام كل من مارتن كريمر ودانيال بايبس وكلاهما من المحافظين الجدد الموالين المتحمسين لإسرائيل، بتأسيس موقع (مراقبة الحرم الجامعي) والذي يرسل ملفات إلى (22) أكاديمية مشبوهة ويشجع التلاميذ على الإخبار عن التعليقات والسلوك الذي قد يعتبر معادياً لإسرائيل. هذه المحاولة الواضحة لتكوين قوائم سوداء وتخويف العلماء أثارت ردة فعل شديدة وقد قام بايبس وكريمر بإزالة الملفات لاحقاً، ولكن الموقع مايزال يدعو التلاميذ إلى تقديم تقارير حول السلوك المزعوم المعادي لإسرائيل في جامعات الولايات المتحدة.

لقد وجهت جماعات في اللوبي كذلك نيرانهم إلى أساتذة معينين وعلى الجامعات التي توظفهم. فجامعة كولومبيا والتي كانت توظف الأستاذ الراحل ادوارد سعيد في إحدى كلياتها، كانت هدفاً متكرراً للقوى ذات الميول الإسرائيلية. وقد نقل عن جوناثان كول، رئيس جامعة كولومبيا السابق أنه قال (يستطيع المرء أن يتأكد من أن أي تصريح عام مؤيد للشعب الفلسطيني يقوم به الأديب الرفيع الناقد ادوارد سعيد ستستدعي مئات من رسائل البريد الالكتروني، ومقالات الصحفيين التي تدعونا إلى شجب سعيد والقيام إما بمعاقبته أو طرده). عندما أعادت جامعة كولومبيا توظيف المؤرخ (راشد خالدي) من جامعة شيكاغو، كما يقول كول (فقد بدأت الشكاوى تتدفق من أناس لا يؤيدون مضمون رؤاه السياسية). وقد واجهت برنستون نفس المشكلة بعد سنوات قليلة عندما بدأت تلح على خالدي ليخرج من كولومبيا. أفضل مثال لتوضيح محاولة السيطرة على الدنيا العلمية حدثت في أواخر 2004، عندما أنتج (ديفيد بروجكت) فلماً دعائياً يدعي فيه أن برنامج دراسات الشرق الأوسط في كلية جامعة كولومبيا كان معادياً للسامية وكان يخوف الطلبة اليهود الذين يدافعون عن إسرائيل. لقد شويت كولومبيا على الفحم في الدوائر ذات الميول الإسرائيلية، ولكن لجنة كلية تم تعيينها للتحقيق في التهم لم تجد أي دليل على معاداة السامية والحادثة الوحيدة التي وجدت لم تكن ذات قيمة، وهي أن أحد الأساتذة قد (رد بانفعال) على سؤال أحد الطلاب. لقد اكتشفت اللجنة كذلك أن الأساتذة الذي جرى اتهامهم كانوا هدفاً لحملة تخويف علنية. قد يكون الجانب الأكثر إزعاجاً في هذه الحملة أن إقصاء نقد إسرائيل من حرم الجامعات هو جهد تبذله الجماعات اليهودية لدفع الكونغرس إلى تأسيس آلية لمراقبة ما يقوله الأساتذة حول إسرائيل. إن المدارس التي قررت أن تكون مضادة للتحيز لإسرائيل ستحرم من الحصول  على التمويل الفيدرالي. هذا السعي لحمل حكومة الولايات المتحدة للسيطرة على حرم الجامعات لم ينجح بعد، ولكن المحاولة توضح الأهمية التي تعلقها الجماعات الموالية لإسرائيل على السيطرة على النقاش المتعلق بهذه المواضيع. أخيراً، فإن عدداً من اليهود المحبين للخير قد أسسوا (برنامج دراسات إسرائيل إضافة إلى 130 برنامج دراسة تقريباً والموجود حالياً) بغية زيادة أعداد الأساتذة المحبين لإسرائيل في الجامعات.

لقد أعلنت الـ(إن.واي.يو) تأسيس (مركز تاوب للدراسات الإسرائيلية) في 1 أيار 2003، وقد تم تأسيس برامج مشابهة في جامعات أخرى مثل (بيركلي) و(برانديز) و(إموري). ويؤكد المدراء الأكاديميون على القيمة التربوية لهذه البرامج، ولكن الحقيقة هي في أنها معدة في جزء كبير منها لتعزيز صورة إسرائيل في الجامعة. يوضح فريد لافر، رئيس مؤسسة تاوب، أن مؤسسته تقوم بتمويل مركز الـ (إن.واي.يو) لتساعد في مواجهة (وجهة النظر العربية) التي يعتقد أنها سائدة في برامج الـ (إن.واي.يو) للشرق الأوسط. بإيجاز فإن اللوبي قد سار شوطاً معتبراً لحماية إسرائيل من النقد في حرم الجامعات. هو لم يكن ناجحاً في الدنيا العلمية بقدر نجاحه في الكابيتول هل، ولكنه عمل بجد لكبت النقد الموجه لإسرائيل من قبل الأساتذة والطلاب وهناك قدر أقل بكثير من النقد في الجامعات اليوم.

كاتم الكلام العظيم:

لا يمكن لأي نقاش عن الكيفية التي يدار بها اللوبي أن يكتمل دون دراسة أحد أقوى أسلحته: وهي تهمة معاداة السامية. فأي شخص ينتقد التصرفات الإسرائيلية أو يقول بأن جماعات موالية لإسرائيل هي ذات تأثير كبير على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ـ وهو تأثير تحتفي به جمعية الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) لديه احتمال كبير في أن يضنف كمعاد للسامية. في الحقيقة، فإن شخص يقول أن هناك لوبي إسرائيلي يخوض مجازفة أن يتم اتهامه بمعاداة السامية. حتى وإن كانوا في الإعلام الإسرائيلي يشيرون هم أنفسهم إلى (اللوبي اليهودي ـ الأمريكي). بالنتيجة، يتفاخر اللوبي بقوته الخاصة ومن ثم يهاجم أي شخص يلفت الانتباه إليه. هذه الوسيلة فعالة جداً، لأن معاداة السامية أمر كريه، ولا يوجد شخص مسؤول يريد أن يتهم به. لقد كان الأوروبيون أكثر استعداداً من الأمريكيين لانتقاد سياسة إسرائيل في السنوات الماضية، الأمر الذي يعزوه البعض إلى عودة معاداة السامية في أوروبا. وقد قال السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي في أوائل 2004 (إننا نصل إلى نقطة هي من السوء بقدر ما كانت في عقد الثلاثينات). إن قياس معاداة السامية هو أمر معقد، ولكن ثقل الدليل يشير في الاتجاه المعاكس. على سبيل المثال، في ربيع 2004، عندما ملأت الاتهامات الهواء في أمريكا بالمعاداة الأوروبية للسامية، أظهرت مسوح مختلفة للرأي العام الأوروبي أديرت من قبل (اتحاد حماية السمعة) و(مركز بو للأبحاث وللنشر والصحافة) أنها كانت في الواقع في انخفاض. فبالنظر إلى فرنسا، والتي كثيراً ما تصورها القوى ذات الميول الإسرائيلية على أنها الدولة الأكثر معاداة للسامية في أوروبا. وقد وجد استفتاء للمواطنين الفرنسيين في الـ2002 أن ما نسبته 89% يستطيعون تقبل العيش مع يهودي، وما نسبته 97% يعتقدون أن الكتابات المجونية المعادية للسامية (على الجدران والأماكن العامة)، هي جرائم جدية، وأن ما نسبته 87% يعتقدون أن مهاجمة الكنس اليهودية هو عمل غير أخلاقي، وأن ما نسبته 85% من معتنقي الكاثوليكية الفرنسيين يرفضون تهمة أن اليهود لديهم تأثير أكبر من اللازم في الأعمال والتمويل. إن من غير المدهش أن يصرح رئيس المجتمع اليهودي الفرنسي في صيف 2003 أن (فرنسا ليست أكثر معاداة للسامية من أمريكا). وفقاً لمقال أخير في صحيفة هآرتس، فإن البوليس الفرنسي ذكر أن الحوادث المعادية للسامية في فرنسا قد انخفضت بما نسبته 50% في 2005. وهذا رغم حقيقة أن فرنسا فيها أكبر جالية مسلمة من أي دولة أخرى في أوروبا. أخيراً، فعندما قتل فرنسي يهودي بقسوة من قبل عصابة مسلمة، تدفق عشرات الآلاف من المتظاهرين الفرنسيين إلى الشوارع لشجب معاداة السامية. إضافة إلى ذلك، فإن الرئيس جاك شيراك ورئيس الوزراء دومينك دوفيلبان، حضرا كلاهما الطقوس الشعائرية للضحية ضمن عرض عسكري عام مع اليهود الفرنسيين. ما هو جدير بالذكر كذلك أنه وفي 2002 كان اليهود المهاجرون إلى ألمانيا أكثر من المهاجرين إلى إسرائيل، مما جعلهم (أسرع مجتمعات اليهود نمواً في العالم). وفقاً لمقال في الصحيفة اليهودية (إلى الأمام). إذا كانت أوروبا (تتراجع باتجاه عقد الثلاثينات، فمن الصعب تخيل أن اليهود يتحركون هناك بأعداد كبيرة. إلا أننا نعلم رغم ذلك، أن أوروبا ليست خالية من آفة معاداة السامية. لن ينكر أحد أنه مايزال هناك بعض معاداة السامية الأصلية الخطرة في أوروبا كما هي موجودة في الولايات المتحدة، ولكن أعدادهم صغيرة ورؤاهم متطرفة مرفوضة من قبل الغالبية العظمى من الأوروبيين. ولن ينكر أحد أن هناك معاداة للسامية بين الأوروبيين المسلمين بعضها يستثيرها سلوك إسرائيل تجاه الفلسطينيين وبعضها عرقي ببساطة. هذه المشكلة مثيرة للقلق، ولكنها ليس أبداً خارج السيطرة. فالمسلمون يشكلون ما نسبته أقل من 5% من مجموع سكان أوروبا، والحكومات الأوروبية تعمل بجد لمكافحة المشكلة. لماذا؟ لأن معظم الأوروبيين يرفضون رؤى كراهية كهذه. باختصار، فعندما يتعلق الأمر بمعاداة السامية فليس هناك أي شبه بين أوروبا اليوم وأوروبا في عقد الثلاثينات. هذا هو السبب في أن القوى ذات الميول الإسرائيلية، عندما يضغط عليها لتقدم ما هو أكثر من التأكيد، تدعي أن هناك (معاداة جديدة للسامية) والتي يساوونها بانتقاد إسرائيل. بكلمات أخرى انتقد السياسة الإسرائيلية وستصبح معادياً للسامية بالتعريف.

عندما قام المجمع الكنسي في انجلترا مؤخراً بالتصويت على التخلص من شركة المجنزرات على أرضية كون المجنزرات تصنع البلدوزرات المستخدمة لهدم البيوت الفلسطينية، وقد عبر الرابي الرئيس من استيائه قائلاً (إن هذا الأمر سيكون له أكبر صدى عكسي على العلاقات اليهودية ـ المسيحية في بريطانيا)، في حين قال الرابي توني بايفيلد، رئيس حركة الإصلاح (إن هناك مشكلة معاداة الصهيونية واضحة على تخوم مشكلة المواقف المعادية للسامية آخذة في الانبثاق في جذور وحتى في الصفوف الوسطى في الكنيسة. رغم ذلك فإن الكنيسة لم تكن مذنبة بمعاداة الصهيونية ولا بمعاداة السامية، لقد كانت طريقة احتجاج ضد السياسات الإسرائيلية وحسب).

يتهم الناقدون كذلك بمحاكمة إسرائيل وفقاً لمسار غير عادل أو التشكيك في حقها في الوجود. ولكن هذه هذ اتهامات زائفة كذلك. فالناقدون الغربيون لإسرائيل لا يضعون حقها في الوجود موضع التساؤل. بدلاً من ذلك فإنهم يشككون في سلوكها تجاه الفلسطينيين، والذي هو انتقاد شرعي: فالإسرائيليون أنفسهم يتساءلون حوله، كما  أن إسرائيل لم تحاكم بطريقة غير عادلة. بدلاً من ذلك، فإن المعاملة الإسرائيلية للفلسطينيين تجتذب الانتقادات لأنها مخالفة لمعايير حقوق الإنسان المقبولة على نحو واسع وللقانون الدولي، وكذلك لمبدأ حق تقرير المصير. وهي الدولة الوحيدة التي لم تواجه انتقادات حادة على هذه الأراضي. بإيجاز، فإن اللوبيات الإثنية الأخرى بإمكانها فقط أن تحلم بالقوة السياسية التي تمتلكها المنظمات الموالية لإسرائيل. إن السؤال بالتالي: ما هو تأثير اللوبي على السياسة الخارجية للولايات المتحدة؟

اللوبي الإسرائيلي

والسياسة الخارجية الأمريكية

(7)

الذيل يهز الكلب:

لو كان تأثير اللوبي مقتصراً على المساعدة الأمريكية الاقتصادية لإسرائيل، فإن تأثيره قد لا يكون مقلقاً إلى هذه الدرجة. إن المساعدة الخارجية لها وزنها، ولكنها ليست مفيدة بقدر حمل القوة العظمى الوحيدة في العالم على أن تضع مقدراتها الهائلة لدعم سلوك إسرائيل. بناء على ذلك، فقد سعى اللوبي كذلك لتشكيل العناصر الجوهرية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. بشكل أكثر تحديداً، فقد سعى بنجاح لإقناع القادة الأمريكيين لدعم قمع إسرائيل المستمر للفلسطينيين ولاستهداف خصوم إسرائيل الرئيسيين الإقليميين: إيران، والعراق، وسورية.

إخضاع الفلسطينيين:

لقد نسي ذلك الآن إلى حد بعيد، ولكن في خريف 2001، وخصوصاً في ربيع 2002، حاولت إدارة بوش خفض المشاعر المعادية لأمريكا في العالم العربي وتقويض دعم الجماعات الإرهابية كالقاعدة بوقف سياسات إسرائيل التوسعية في الأراضي المحتلة وتأييد إنشاء دولة فلسطينية. لقد كان لدى بوش فعالية كبيرة تحت تصرفه. فقد كان بإمكانه أن يهدد بتخفيض الدعم الاقتصادي والديبلوماسي لإسرائيل، وكان الشعب الأمريكي سيؤيده بالتأكيد. وقد أشار استفتاء أجري في أيار 2003 إلى أن ما يزيد على 60% من الأمريكيين كانوا مستعدين لإمساك المساعدة عن إسرائيل فيما لو قاومت الضغط الأمريكي لتسوية النزاع، وقد ارتفع هذا الرقم إلى 70% بين (الناشطين سياسياً) من الأمريكيين.

في الحقيقة، فإن 73% قد قالوا أن على الولايات المتحدة أن لا تفضل أياً من الطرفين. ومع ذلك فقد فشلت إدارة بوش في تغيير سياسات إسرائيل، وانتهى الأمر بواشنطن وهي تدعم مقاربة إسرائيل المتشددة بدلاً من ذلك. ومع الوقت، تبنت الإدارة تبريرات إسرائيل لهذه المقاربة، وهكذا فقد أصبح الخطاب الأمريكي والإسرائيلي متشابهاً. بحلول شباط 2003، لخص أحد عناوين الواشنطن بوست الوضع: (إن كلاً من بوش وشارون متماثلان تقريباً في سياسة الشرق الأوسط). إن السبب الرئيسي لهذا التغيير هو اللوبي.

لقد بدأت القصة في أواخر أيلول 2001 عندما بدأ الرئيس بوش يضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون ليظهر ضبط النفس في الأراضي المحتلة. فقد ضغط كذلك على شارون ليسمح لوزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز بمقابلة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، رغم كون بوش انتقادياً بشكل كبير لزعامة عرفات. لقد قال بوش كذلك علنيا أنه يدعم قيام دولة فلسطينية. مذعوراً من هذه التطورات، اتهم شارون بوش بمحاولة (استرضاء العرب على حسابنا) محذراً من أن إسرائيل لن تكون تشيكوسلوفاكيا. لقد كان بوش كما يقال غاضباً من تشبيه شارون له بـ(نيفل تشامبرلين)، وقد وصف مدير العلاقات العامة في البيت الأبيض آري فليتشر ملاحظات شارون بأنها (غير مقبولة). وقد قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي اعتذاراً شكلياً، ولكنه ن غ\نننواخر  تتنتت محذ     سرعان ما انضم إلى قوى مع اللوبي لإقناع إدارة بوش والشعب الأمريكي بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تواجهان تهديداً مشتركاً من قبل الإرهاب. لقد أكد المسؤولون الإسرائيليون وممثلو اللوبي بشكل متكرر على أنه لم يكن هناك أي اختلاف بين عرفات وأسامة بن لادن، وأصروا على أن الولايات المتحدة وإسرائيل ينبغي أن تعزلا زعيم الفلسطينيين المنتخب، وأنهما ليس لديهما أ                 نتلنتكبسشينتمبسشينتك اما تفعلانه معه. لقد ذهب اللوبي كذلك ليعمل في الكونغرس. في 16 تشرين أول، قام 89 سناتوراً بإرسال رسالة إلى بوش يشنون فيها عليه هجوماً لرفضه مقابلة عرفات، ولكنهم يطالبونه كذلك بعدم قيام الولايات المتحدة بتقييد إسرائيل من الرد انتقاماً ضد الفلسطينيين ويصرون على أن توضح الإدارة علنياً أنها تقف بثبات وراء إسرائيل.

وفقاً للنيويورك تايمز فإن الرسالة قد (نبعت من مقابلة أجريت منذ أسبوعين بين زعماء المجتمع اليهودي الأمريكي وبين نواب مهمين)، مضيفاً أن جمعية ال(إيه.أي.بي.إيه.سي) كانت (نشطة بشكل خاص بتقديم النصيحة حول الرسالة). بحلول أواخر تشرين الثاني، تحسنت العلاقات بين تل أبيب وواشنطن بشكل ملحوظ. وكان هذا يرجع جزئياً إلى مساعي اللوبي لثني السياسة الأمريكية باتجاه إسرائيل، وكذلك إلى انتصار أمريكاً مبدئياً في أفغانستان، والذي خفض الحاجة الملحوظة للدعم العربي في التعامل مع القاعدة. لقد قام شارون بزيارة البيت الأبيض في أوائل كانون أول وحظي بلقاء ودود مع بوش. ولكن المشاكل ثارت مرة أخرى في نيسان 2002، بعد قيام جيش الدفاع الإسرائيلي بإطلاق عملية (الدرع الواقي) استأنفت السيطرة فعلياً على جميع المناطق الفلسطينية الرئيسية في الضفة الغربية. لقد علم بوش بأن تحرك إسرائيل سيدمر صورة أمريكا في العالمين العربي والإسلامي وسيقوض الحرب على الإرهاب، لذلك فقد طالب في 4 نيسان بقيام شارون (بوقف الإنشاءات وبدء الإنسحاب). وقد أكد على أهمية هذه الرسالة بعد يومين، قائلاً أن هذا يعني (انسحاباً بغير تأخير). في 7 أبريل، أخبرت مستشارة الرئيس للأمن القومي كوندليزا رايس (أن من غير تأخير تعني من غير تأخير، إنها تعني الآن). وفي اليوم نفسه بدأ وزير الخارجية كولن باول رحلته إلى الشرق الأوسط ليضغط على جميع الأطراف لإيقاف القتال وبدء المفاوضات.

انهمك اللوبي الإسرائيلي في العمل. وكان باول هدفاً رئيسياً، باول الذي بدأ بالشعور بتوتر كبير من المسؤولين المؤيدين لإسرائيل في مكتب نائب الرئيس ديك تشيني والبنتاغون، وكذلك من كبار المحافظين الجدد من مثل روبرت كاجان وويليان كريستول، والذين اتهموه بأنه (لا يفرق عملياً بين الإرهابيين وأولئك الذي يحاربون الإرهاب). وكان الهدف الثاني هو بوش نفسه، والذي كان يتعرض للضغط من قبل الزعماء اليهود والإنجيليين اليهود، حيث يشكل اللاحقون عنصراً رئيسياً في قاعدته السياسية. لقد كان كل من توم ديلي وديك آرمي صريحين بشكل خاص حول الحاجة إلى دعم إسرائيل. وقد قام ديلي وقائد الأقلية الكبير ترنت لوت بزيارة البيت الأبيض وحذر بوش شخصياً من التراجع. وقد جاءت الإشارة الأولى على رضوخ بوش في 11 نيسان ـ بعد أسبوع واحد فقط من أمره شارون بسحب جنوده ـ عندما قال آري فليتشر أن الرئيس يعتقد أن شارون هو (رجل السلام). كرر بوش هذا التصريح علنياً لدى عودة باول من بعثته الفاشلة، وقد أخبر الصحفيين أن شارون قد استجاب بشكل مرض لدعوته لانسحاب كامل وفوري. ولم يكن شارون قد قام بشيء من ذلك ولكن رئيس الولايات المتحدة لم يكن مستعداً لجعل ذلك قضية. في نفس الوقت، كان الكونغرس يتحرك كذلك لدعم شارون. ففي 2 أيار أقر قرارين يعيدان التأكيد على دعم إسرائيل، متتجاوزاً اعتراضات الإدارة. (كان تصويت النواب بنسبة 94 : 2، وأقر القرار في المجلس التشريعي بنسبة 352 : 21) وقد أكد كلا القرارين على أن الولايات المتحدة أن (تقف متضامنة مع  إسرائيل) وأن البلدين هما الآن، بنص المجلس التشريعي (منخرطان في صراع مشترك ضد الإرهاب). وقد شجبت نسخة المجلس التشريعي كذلك (دعم الـ28 المستمر من قبل ياسر عرفات)، والذي تم تصويره على أنه عنصر أساس في مشكلة الإرهاب. بعد أيام قليلة، نادى وفد من الكونغرس من الحزبين في بعثة إيجاد الحقائق في إسرائيل على الملأ بأن على شارون مقاومة الضغط الأمريكي للتفاوض مع عرفات. في 9 أيار، وقد قامت لجنة فرعية مخصصة تابعة للمجلس التشريعي بالاجتماع لدراسة منح إسرائيل مليون دولار إضافية لمحاربة الإرهاب. وقد عارض وزير الخارجية الحملة، ولكن اللوبي ناصرها بنفس الطريقة التي ساعد فيها على إصدار قراري الكونغرس الآخرين. خسر باول، باختصار، فقد استحوذ شارون واللوبي على رئيس الولايات المتحدة وانتصرا. وقد ذكر هيمي شاليف، وهو صحفي في جريدة معاريف الإسرائيلية، (أن مساعدي شارون لم يستطيعوا إخفاء رضاهم أمام مشهد فشل باول. لقد رأى شارون البياض في عيني بوش، وتبجحا متفاخرين، ورمشت عينا الرئيس أولاً). ولكنها كانت القوى المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، وليس شارون أو إسرائيل، هي التي لعبت الدور الرئيسي في هزيمة باول. وقد تغير الوضع قليلاً منذ ذلك الوقت، فقد رفضت إدارة بوش الاستمرار في التعامل مع عرفات، والذي توفي في النهاية في تشرين الثاني 2004. وقد قبلت لاحقاً بالزعيم الفلسطيني الجديد محمود عباس، ولكنها لم تفعل شيئاً لتمنحه دولة قابلة للحياة. وقد استمر شارون في تطوير خططه من أجل (فك ارتباط) أحادي مع الفلسطينيين، يركز على انسحاب من غزة مترافقة مع استمرار التوسع في الضفة الغربية، مما سيستلزم بناء ما يدعى بـ(الجدار الأمني) بالاستيلاء على أرضي الفلسطينيين المملوكة لهم، وتوسيع مجموعات المستوطنات وشبكات الطرق. برفض التفاوض مع عباس (والذي يفضل تسوية متفاوضاً عليها) وجعل من المستحيل عليه توصيل منافع ملموسة للشعب الفلسطيني، لقد أسهمت استراتيجية شارون بشكل مباشر في انتصار حماس في الانتخابات الأخيرة. مع كون حماس في السلطة فإن لدى إسرائيل عذراً آخر لعدم التفاوض. لقد دعمت الإدارة تحركات شارون وتصرفات خلفه ايهود أولمرت، بل إن بوش قد وافق على الاستيلاء الإسرائيلي الأحادي في الأراضي المحتلة، مخالفاً بذلك السياسة المعلنة لكل رئيس منذ الرئيس ليندون جونسون.

لقد وجه مسوؤولون أمريكيون انتقادات معتدلة لبعض التصرفات الإسرائيلية، ولكنهم لم يقوموا بشيء للمساعدة في إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة. بل إن مستشار الأمن القومي السابق برنت سكوكروفت صرح في تشرين أول 2004 بأن شارون (يلف الرئيس بوش حول إصبعه الصغير) لو حاول بوش إبعاد الولايات المتحدة عن إسرائيل، أو حتى انتقاد التصرفات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، فإنه متأكد من مواجهة غضب اللوبي ومؤيديه في الكونغرس. لقد فهم مرشحو الحزب الديموقراطي الرئاسي حقائق الحياة هذه كذلك، وهذا هو السبب وراء ذهاب جون كيري أشواطاً بعيدة في إظهار دعمه الخالص لإسرائيل في 2004، ووراء قيام هيلاري كلينتون في فعل الشيء نفسه اليوم. إن الحفاظ على الدعم الأمريكي للسياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين هو هدف جوهري للوبي، ولكن طموحه لا يتوقف هناك. فإنه يريد من أمريكا كذلك مساعدة إسرائيل على أن تبقى القوة المهيمنة في المنطقة. ومما لا يثير الدهشة قيام الحكومة الإسرائيلية والجماعات الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة بالعمل معاً لتشكيل ن تسياسة إدارة بوش تجاه العراق وسورية وإيران، وكذلك مشروعها الضخم لإعادة تشكيل الشرق الأوسط.

إسرائيل وحرب العراق:

لم يكن ضغط إسرائيل واللوبي هو العامل الوحيد وراء قرار الولايات المتحدة بمهاجمة العراق في آذار 2003، ولكنه كان عنصراً حاسماً. يعتقد بعض الأمريكيين أن هذه كانت حرباً من أجل النفط، ولكن لا يوجد أي دليل مباشر يدعم هذه الدعوى.

بدلاً من ذلك، تم تحفيز الحرب برغبة كبيرة لجعل إسرائيل أكثر أمناً. وفقاً لفيليب زيليكو وهو عضو في المجلس الاستشاري للاستخبارات الأجنبية للرئيس (2001ـ2003)، والمدير التنفيذي للجنة 11/9، ومستشار وزيرة الخارجية حالياً كوندليزا رايس، فإن (التهديد الحقيقي من العراق) لم يكن تهديداً للولايات المتحدة. لقد كان (التهديد غير المصرح تهديداً لإسرائيل). هذا ما أخبر به زيليكو مستمعيه كثر أمنفي جامعة فرجينيا في أيلول 2002، ملاحظاً إضافة إلى ذلك، أن (الحكومة الأمريكية لا تريد الاستناد بقوة أكثر مما ينبغي إلى ذلك في خطابها، لأنها ليست سبباً يلقى رواجاً). في 16 آب 2002، أي قبل أحد عشر يوماً قبل قيام نائب الرئيس ديك تشيني بإطلاق الحملة من أجل الحرب بخطاب متشدد للمحاربين في الحروب الخارجية. أوردت الواشنطن بوست أن (إسرائيل تحث المسؤولين الأمريكيين على عدم تأجيل ضربة عسكرية ضد عراق صدام حسين). عند هذه النقطة، وفقاً لشارون، فإن النتسيق الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة قد وصل إلى (أبعاد غير مسبوقة)، وقدم مسؤولو الاستخبارات الإسرائيلية إلى واشنطن مجموعة من التقارير المروعة حول برامج العراق لأسلحة الدمار الشامل. وكما صاغها أحد الألوية الإسرائيليين المتقاعدين مرة، (فإن الاستخبارات الإسرائيلية كانت شريكاً كاملاً في الصورة التي قدمتها الاستخبارات الأمريكية والبريطانية فيما يتعلق بمقدرات العراق غير التقليدية).

لقد شعر المسؤولون الإسرائيليون بضيق عميق عندما قرر الرئيس بوش الحصول على تفويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالحرب في أيلول، بل إنهم شعروا بالقلق عندما وافق صدام على السماح لمفتشي الأمم المتحدة بالعودة إلى العراق، لأنه بدا أن هذه التطورات كانت ستقلل من احتمالية الحرب. وقد أخبر وزير الخارجية شمعون بيريز الصحفيين في أيلول 2002 أن (الحملة ضد صدام حسين هي حتمية. فالتفتيشات والمفتشون جيدون للأناس المحترمين، ولكن من يعوزهم الشرف من الناس يستطيعون بسهولة التغلب على التفتيشات والمفتشين). في نفس الوقت كتب رئيس الوزراء ايهود باراك افتتاحية للنيويورك تايمز يحذر فيها من أن (المخاطرة الأعظم الآن تكمن في التراخي). وقد نشر سلفه، بنيامين نتنياهو قطعة مشابهة في الوول ستريت جورنال بعنوان (الحجج المقنعة للإطاحة بصدام. وأعلن نتنياهو أنه (لا شيء أقل من تفكيك نظامه سيكون مجدياً) مضيفاً (إنني أعتقد أنني أتحدث باسم الغالبية العظمى من الإسرائيليين في دعم ضربة استباقية ضد نظام صدام). أو كما ذكرت صحيفة الحياة في شباط 2003 (فإن الجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية متشوقون للحرب في العراق). ولكن وكما يشير نتنياهو فإن الرغبة في الحرب لم تكن محصورة على القادة الإسرائيليين. فباستثناء الكويت، والتي احتلها صدام في عام 1990، كانت إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم حيث آثر كل من السياسيين وعامة الشعب بحماس الحرب.

وكما لاحظ الصحفي (جدعون ليفي) في ذلك الوقت، (فإن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الغرب التي أيد قادتها الحرب دون قيد وحيث لم يسمع أي رأي بديل). في الحقيقة فقد كان الإسرائيليون متحمسين للغاية للحرب إلى درجة أن حلفاءهم في أمريكا طلبوا منهم تخفيف خطابهم الصقوري خشية أن يبدو وكأن الحرب كانت من أجل إسرائيل.

اللوبي وحرب العراق داخل الولايات المتحدة:

إن القوة الدافعة الرئيسية وراء حرب العراق كانت عصبة صغيرة من المحافظين الجدد، والذين لدى العديد منهم روابط حميمة مع حزب الليكود الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك، فإن قادة بارزين في منظمات اللوبي الرئيسية قد أعطوا أصواتهم لصالح الحملة من أجل الحرب. فوفقاً للـ(فوروارد) (إلى الأمام)، (فبينما كان الرئيس بوش يحاول تسويق الحرب في العراق، فإن أهم المنظمات اليهودية في أمريكا كانت تتسابق كما لو كانت تدافع عن نفسها. وأكد رؤساء الجمعيات في بيان إثر بيان على الحاجة إلى تخليص العالم من صدام حسين وأسلحته للدمار الشامل). ويستمر المحررون في القول أن (القلق على أمن إسرائيل قد أثر بحق على تفكير الجماعات اليهودية الرئيسية). ورغم أن المحافظين الجدد وقادة اللوبي الآخرين كانوا متلهفين على اجتياح العراق، فإن المجتمع اليهودي الأمريكي الأوسع لم يكن كذلك. في الحقيقة فقد قال صامويل فريدمان في تقرير له بعد بدء الحرب مباشرة أن (مجموعة استفتاءات أجريت على نطاق قومي من قبل (مركز أبحاث بو) قد أظهرت أن اليهود هم أقل تأييداً للحرب على العراق من مجموع السكان عموماً 52% إلى 62%) هكذا فسيكون من الخطأ إلقاء تبعة حرب العراق على (التأثير اليهودي). بدلاً من ذلك، فإن قرار الحرب يعود في قسم كبير منه إلى تأثير اللوبي، وخصوصاً المحافظون الجدد فيها. لقد كان المحافظون الجدد قد عقدوا العزم فعلاً على الإطاحة بصدام قبل أن يصبح بوش رئيساً. لقد تسببوا بإحداث جلبة في أوائل عام 1998 بنشر رسالتين مفتوحتين إلى الرئيس بيل كلينتون يدعون فيها إلى إزاحة صدام من السلطة. ولم تكن لدى الموقعين ـ والذين لدى العديد منهم روابط حميمة مع الجماعات المؤيدة لإسرائيل مثل (جي.آي.إن.إس.إيه) أو (دبليو.آي.إن.إي.بي)، والذين تضم صفوفهم إليوت أبرامز، وجون بلتون، ودوغلاس فيث، وويليام كريستول، وبرنارد لويس، لم تكن لديهم مشكلة في إقناع إدارة بوش في تبني الهدف العام بتجريد صدام من السلطة. ولكن المحافظين الجدد لم يكونوا قادرين على تسويق الحرب لتحقيق هذا الهدف، ولم يكونوا قادرين على توليد الكثير من الحماس لاجتياح العراق في الأشهر الأولى لإدارة بوش. وبقدر ما كان وجود المحافظين الجدد هاماً لجعل الحرب في العراق تقع، بقدر ما احتاجوا إلى مساعدة لتحقيق هدفهم، وقد وصلت هذه المساعدة مع 11/9.

بشكل أكثر تحديداً، فإن أحداث هذا اليوم المشؤوم قد دفعت ببوش وتشيني إلى تغيير مسارهما وليصبحا مؤيدين قويين لحرب وقائية لإزاحة صدام. وقد لعب المحافظون الجدد في اللوبي منهم (سكوتر ليبي)، و(باول وولفوتيز)، ومؤرخ جامعة برنستون (برنارد لويس) أدواراً هامة بشكل خاص في إقناع نائب الرئيس ليستحسن الحرب. بالنسبة للمحاظفين الجدد كان 11/9، فرصة ذهبية لتقديم الحجج من أجل حرب مع العراق. في مقابلة هامة مع بوش في كامب ديفيد في 15/9، ناصر وولفوتيز مهاجمة العراق قبل أفغانستان، رغم أنه لم يكن هناك أي دليل على أن صدام كان مشتركاً في الهجمات على الولايات المتحدة وكان معروفاً أن ابن لادن كان في أفغانستان. وقد رفض بوش هذه النصيحة واختار حرب أفغانستان بدلاً من ذلك، ولكن الحرب في العراق كانت قد أُخذ ينظر إليها الآن كإمكانية فعلية. وكلف الرئيس مخططي الجيش الأمريكي في 21 تشرين أول 2001، لوضع خطط واقعية للاجتياح. في الوقت عينه كان محافظون جدد آخرون يعملون في أروقة السلطة. لم نحصل على القصة الكاملة بعد، ولكن علماء من أمثال لويس وفؤاد عجمي من جامعة جون هوبكنز قد لعبوا دوراً هاماً في إقناع نائب الرئيس تشيني ليستحسن الحرب وقد تأثرت رؤى تشيني كذلك بالمحافظين الجدد الموجودين في طاقمه، خصوصاً، إيريك إدلمان، وجون هاناه، ورئيس الطاقم سكوتر ليبي، وهو أحد أقوى الأشخاص في الإدارة. وقد ساعد تأثر نائب الرئيس في إقناع الرئيس بوش بحلول أوائل 2002. ومع تأييد بوش تشيني، سبق سيف الحرب العذل. خارج الإدارة، لم يضع كبار المحافظين الجدد الوقت في تقديم الحجج للبرهنة على أن اجتياح العراق كان أمراً ضرورياً للانتصار في الحرب على الإرهاب. وكانت جهودهم تهدف في جزء منها إلى إبقاء الضغط مستمراً على الرئيس بوش وتهدف في جزء إلى التغلب على المعارضة للحرب في داخل وخارج الحكومة. في 20 أيلول قامت مجموعة بارزة من المحافظين الجدد وحلفائهم بإصدار رسالة مفتوحة أخرى، يخبرون فيها الرئيس بأنه (رغم أن الدليل لا يربط العراق بشكل مباشر مع هجومهم 11/9، فإن أي استراتيجية تهدف إلى اجتثاث الإرهاب ومؤيديه ينبغي أن تشتمل على جهد أكيد لإزاحة صدام حسين من السلطة في العراق). وقد ذكرت الرسالة بوش كذلك بأن (إسرائيل كانت وستبقى حليف أمريكا المخلص ضد الإرهاب الدولي). في إصدار 1 تشرين أول من (الستاندرد) الأسبوعية دعى روبرت كاجان وويليام كريستول إلى تغيير النظام في العراق فوراً بعد أن تمت هزيمة الطالبان. في اليوم نفسه ناقش تشارلز كراتمار في الواشنطن بوست أنه وبعد أن انتهينا من أفغانستان، ينبغي أن تكون سورية هي التالية، وأن تتبعها إيران والعراق. (الحرب على الإرهاب) كما يقول (ستختتم ببغداد) عندما نقضي على (النظام الإرهابي الأخطر في العالم). لقد كانت هذه لإطلاق بداية حملة لا هوادة فيها في العلاقات العامة للفوز بالتأييد لاجتياح العراق. جزء هام من هذه الحملة كان التلاعب بالمعلومات الاستخباراتية، وذلك بغية جعل صدام يبدو كتهديد وشيك. على سبيل المثال، فقد قام ليبي بزيارة الـ (سي.آي.إيه) عدة مرات ليضغط على المحللين ليجدوا دليلاً يشكل حجة للحرب، وساعد على تحضير موجز مفصل حول تهديد العراق في أوائل 2003، والتي تم دفعها إلى كولين باول، ثم تحضير موجزه سيء السمعة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول التهديد العراق. وفقاً لبوب وود وارد، فقد كان باول (لقد جزع باول مما اعتبره اختراقاً وغلواً، لقد كان ليبي يرسم فقط أسوأ النتائج من الشظايا والخيوط الحريرية). ورغم أن باول اطرح دعاوى ليبي الأكثر تطرفاً، إلا أن تقدمته للأمم المتحدة كانت لا تزال مليئة بالأخطاء، كما يعترف باول الآن. إن الدعوة للتلاعب بالمعلومات الاستخباراتية تضمنت كذلك منظمتين تم إنشاؤهما بعد 11/9 وكانت تقدمان تقاريرهما مبشارة لوكيل وزارة الدفاع دوغلاس فيث. وقد كلفت (مجموعة تقويم سياسة مضادة للإرهاب) بإيجاد روابط بين القاعدة والعراق على فرض فقدان كيان الاستخبارات لها. وقد كان العضوان الرئيسان فيها (وارمسر) وهو أحد المحافظين الجدد الأصيلين المتشددين. و(ميشيل معلوف)، وهو أمريكي من أصل لبناني ذو علاقات حميمة مع بيرل. وقد كلف مكتب الخطط الخاصة بإيجاد أدلة يمكن استخدامها لتسويق الحرب على العراق. وقد كان يترأسه إيبرم شلسكي، وهو من المحافظين الجدد والذي يحتفظ بعلاقات قديمة العهد مع وولفوتيز، وتشتمل صفوفه على أعضاء من أحواض التفكير ذات الميول الإسرائيلية. ومثل ما هم المحافظون الجدد جميعهم في الواقع، فإن فيث مرتبط بعمق بإسرائيل. كما أنه يحتفظ بعلاقات قديمة العهد مع حزب الليكود. فقد كتب مقالات في عقد التسعينات يؤيد فيها المستوطنات ويحاجج بأن على إسرائيل الاحتفاظ بالأراضي المحتلة. ما هو أكثر أهمية، أنه قام بمعية كل من بيرل ووارمسر بكتابة التقرير المعروف (القصف النظيف) في حزيران 1996 لرئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل، بنيامين نتنياهو. وقد أوصى إضافة إلى أشياء أخرى، بأن على نتنياهو (أن يركز على إزاحة صدام حسين من السلطة في العراق وهو هدف إسرائيلي استراتيجي عام لصالحها الخاص). كما أنه دعى إسرائيل كذلك إلى اتخاذ خطوات لإعادة ترتيب الشرق الأوسط بكامله. إن نتنياهو لم يطبق نصيحتهم، ولكن فيث وبيرل، ووارمسر سرعان ما أخذوا يدعون بحماسة إلى هذه الأهداف عينها. لقد دفع هذا الوضع كاتب العمود آكيفا إلدار في صحيفة (هآرتس) إلى التحذير من أن فيث وبيرل (كانا قد قطعا شوطاً كبيراً بين ولائهم للحكومات الأمريكية وبين المصالح الإسرائيلية). إن وولفوتيز ملتزم لإسرائيل بدرجة مساوية. وقد وصفته صحيفة التقدم ذات مرة بأنه (الصوت المؤيد لإسرائيل والأكثر صقورية في الإدارة) وصنفته في 2002 على أنه الأول من بين خمسين من البارزين والذين يتبعون عن وعي مذهب الجهاد السياسي اليهودي). في نفس الوقت تقريباً، منحت الـ (جي.آي.إن.إس.إيه) وولفوتيز منحة (هنري جاكسون لخدمة المتميزين) وذلك لتعزيزه شراكة قوية بين إسرائيل والولايات المتحدة، وسمته (الجيروزالم بوست) (رجل العام) في 2003 واصفة إياه بأنه (موالي لإسرائيل بإخلاص). أخيراً فمن المتاح ذكر كلمة موجزة حول تأييد المحافظين الجدد قبل الحرب لأحمد جلبي، المنفي العراقي عديم الضمير والذي كان يترأس المجلس الوطني العراقي (آ.إن.سي) فقد احتضنوا جلبي لأنه كان قد عمل على إنشاء روابط حميمة مع الجماعات الأمريكية اليهودية وتعهد بتعزيز علاقات جيدة مع إسرائيل ما إن تسلم السلطة. لقد كان هذا بالضبط ما يريد مقترحو تغيير النظام الموالون لإسرائيل سماعه، ولذلك فقد دعموا جلبي بالمقابل. وقد وضح الصحفي ماثيو بيرجر جوهر الصفقة في (الصحيفة اليهودية) (ينظر المجلس الوطني العراقي إلى تحسين العلاقات كطريقة للاستفادة من التأثير اليهودي في واشنطن والقدس ولجمع دعم متزايد لقضيته. من جانبهم ترى الجماعات اليهودية فرصة لتعبيد طريقهم من أجل علاقات أفضل بين إسرائيل والعراق، عندما يشارك المجلس الوطني العراقي في استبدال نظام صدام حسين.

نظراً لإخلاص المحافظين الجدد لإسرائيل، وهوسهم بالعراق، ونفوذهم في إدارة بوش، فليس مثيراً للدهشة أن يشك الكثير من الأمريكيين في أن الحرب كانت قد صممت من أجل تعزيز المصالح الإسرائيلية. على سبيل المثال، فقد اعترف باري جاكوبس من اللجنة المركزية اليهودية في آذار 2005 أن الاعتقاد بأن إسرائيل والمحافظين الجدد قد تآمروا لإحضار الولايات المتحدة إلى حرب في العراق كان متغلغلاً في المجتمع الاستخباراتي الأمريكي. مع ذلك فإن قلة من الناس سيقولون ذلك علنياً، ومعظم الذين فعلوا ذلك (بمن فيهم عضو مجلس الشيوخ (ارنست هولنجز)، وعضو مجلس النواب (جيمس موران) تم انتقادهم لإثارة القضية. وقد وضح ميشيل كينزلي النقطة بشكل جيد في أواخر عام 2002، عندما كتب أن (انحسار النقاش العام حول دور إسرائيل.. كمثل فيل في الغرفة: يراه الجميع، ولا يذكره أحد).

وكما يرى في أن سبب هذا التردد، هو الخوف من أن يتم تصنيفهم على أنهم معادون للسامية. ومع ذلك، فليس هناك شك في أن إسرائيل واللوبي كانا عاملين هامين في صياغة قرار الحرب. بدون مساعي اللوبي، فإن احتمالات ذهاب الولايات المتحدة إلى الحرب في آذار 2003 كانت ستكون أقل بكثير.

أحلام التغيير الإقليمي:

لم يكن من المفترض أن تكون حرب العراق مستنقعاً مكلفاً. بل بالأحرى، كان يعتزم أن تكون الخطوة الأخرى في خطة أشمل لإعادة ترتيب الشرق الأوسط. إن هذه الاستراتيجية الطموحة كانت تحولاً مثيراً عن السياسة الأمريكية السابق. وقد كان اللوبي وإسرائيل هما القوى الدافعة الأساسية وراء هذا التغيير. لقد تم توضيح هذه النقطة بشكل واضح بعد بدء حرب العراق في مقال في الصفحة الأولى في الـ (وول ستريت جورنال) ويقول العنوان كل شيء: (أحلام الرئيس: لا تغيير النظام وحسب، بل المنطقة: إن منطقة ديموقراطية موالية لأمريكا هي هدف ذو جذور إسرائيلية وجذور لدى المحافظين الجدد). لقد كانت القوى الموالية لإسرائيل مهتمة منذ زمن طويل في حمل الجيش الأمريكي على انغماس مباشر بشكل أكبر في الشرق الأوسط، حتى يستطيع المساعدة في حماية إسرائيل. ولكن نجاحهم على هذه الجبهة خلال الحرب الباردة كان محدوداً، لأن أمريكا تصرفت (كموازن عن بعد) في المنطقة. وقد تم الاحتفاظ بمعظم القوات الأمريكية المصممة من أجل الشرق الأوسط مثل (قوة الانتشار السريعة) فوق الأفق، وبعيداً عن مصادر الضرر. لقد احتفظت واشنطن بتوازن إيجابي للقوى بجعل القوى المحلية تلعب ضد بعضها البعض، وهذا هو السبب وراء دعم إدارة ريغان لصدام ضد إيران خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980ـ1988). لقد تغيرت هذه السياسة بعد حرب الخليج الأولى، عندما تبنت إدارة كلينتون استراتيجية (الاحتواء المزدوج). وقد دعت إلى وضع قواعد لقوى أمريكية أساسية في المنطقة لاحتواء كل من إيران والعراق بدلاً من استخدام أحدهما ضد الآخر. ولم يكن متبني سياسة (الاحتواء المزدوج) إلا مارتين انديك، والذي وضح هذه الاستراتيجية لأول مرة في أيار 1993 في حوض التفكير الموالي لإسرائيل (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)، ثم قام بتنفيذها كمدير لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مجلس الأمن القومي. لقد كان هناك الكثير من عدم الرضا حيال (الاحتواء المزدوج) بحلول أواسط عقد التسعينات، لأنها جعلت من الولايات المتحدة العدو اللدود لدولتين تكرهان بعضهما كذلك، وأجبرت واشنطن على تحمل عبء احتوائهما كلتيهما.

وليس مثيراً للدهشة أن يعمل اللوبي بنشاط في الكونغرس لحماية (الاحتواء المزدوج) مدفوعاً من قبل جمعية الـ(إيه.آي.بي.إيه.سي) والقوات الأخرى الموالية لإسرائيل. فقد قام كلينتون بتمتين هذه السياسة في ربيع 1995 بفرضه حظراً اقتصادياً على إيران. ولكن جمعية الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) أرادت المزيد. وكانت النتيجة فرض قانون عقوبات على كل من إيران وليبيا في 1996، والذي فرض عقوبات على أي شركات أجنبية تستثمر ما يزيد على 40 مليون دولار لتطوير مصادر النفط في كل من إيران وليبيا. وكما نوه زئيف سكيف، المندوب العسكري لصحيفة هآرتس في حينه، (إن إسرائيل ليست سوى عنصر ضئيل في مشروع كبير، ولكن لا ينبغي أن يستنتج أحد من ذلك أنها لا تستطيع التأثير على أولئك الذي هم في الطريق المطوقة لها). رغم ذلك، فإنه وبحلول أواخر عقد التسعينات، كان المحافظون الجدد يجادلون بأن الاحتواء المزدوج لم يكن كافياً وأن تغيير النظام في العراق قد أصبح ضرورياً الآن. وقد جادلوا أنه، بإسقاط صدام، وتحويل العراق إلى ديموقراطية قوية، فإن الولايات المتحدة ستطلق عملية واسعة النطاق للتغيير في الشرق الأوسط بأسره. بالطبع، فإن هذا الاتجاه في التفكير كان جلياً في دراسة (القصف النظيف) التي كتبها المحافظون الجدد لنتنياهو. بحلول 2002، عندما أصبح اجتياح العراق قضية إلهاب الواجهة، وأصبح التغيير الإقليمي إيمان لا شك فيه في دوائر المحافظين الجدد. وقد وصف تشارلز كروتمر هذا المشروع الضخم على أنه من بنات أفكار ناتان شارانسكي، السياسي الإسرائيلي الذي أثرت كتاباته في الرئيس بوش. ولكن شارانسكي لم يكن صوتاً منعزلاً في إسرائيل. في الحقيقة، فإن الإسرائيليين على طول الطيف السياسي يعتقدون أن إسقاط صدام سيغير الشرق الأوسط لصالح إسرائيل. وقد ذكر آلف بين في صحيفة هآرتس في 17 شباط 2003، أن ضباطاً كباراً في جيش ن أن أن الدفاع الإسرائيلي وأولئك المقربين من رئيس الوزراء آرييل شارون، من مثل مستشار الأمن القومي آفريان هاليفي، قد رسموا صورة وردية للمستقبل الرائع الذي سيكون بإمكان إسرائيل توقعه بعد الحرب. لقد توقعوا صورة وردية، مع سقوط صدام حسين يتبعه أعداء إسرائيل الآخرون. وإلى جانب اختفاء هؤلاء الزعماء سيختفي الرعب وأسلحة الدمار الشامل. باختصار فإن الزعماء الإسرائيليين، والمحافظين الجدد، وإدارة بوش كلهم رأوا الحرب مع العراق على أنها الخطوة الأولى في حملة طموحة لإعادة ترتيب الشرق الأوسط. وفي أول دفقة من النصر، حولوا أبصارهم تجاه خصوم إسرائيل الإقليميين الآخرين.

اللوبي الإسرائيلي

والسياسة الخارجية الأمريكية

(8)

إطلاق المدافع على سورية وإيران

لم يدفع القادة الإسرائيليون إدارة بوش لتضع مقياس عدسة التصويب على سورية قبل آذار/2003، لأنهم كانوا مشغولين في الضغط من أجل الحرب على العراق. ولكن ما إن سقطت بغداد في منتصف أبريل، بدأ شارون وموظفوه بِحث واشنطن على استهداف دمشق. في 16 أبريل، على سبيل المثال، قام شارون ووزير دفاعه شاؤول موفاز، بمقابلات عالية المستوى في مختلف الصحف الإسرائيلية، وقد دعا شارون، في (يديعوت احرونوت)، الولايات المتحدة (لتضغط بقوة على سورية). وقد أخبر موفاز معاريف (أن لدينا لائحة طويلة من القضايا التي نفكر بمطالبة السوريين بها ومن الملائم أن يحدث ذلك عن طريق الأمريكيين). إن مستشار شارون للأمن القومي (إفريم هاليفي) قد أخبر مستمعاً للـ(دبليو.آي.إن.إي.بي) أنه قد أصبح من الهام الآن للولايات المتحدة أن تصبح صارمة مع سورية. وقد قالت واشنطن بوست أن إسرائيل كانت (تغذي الحملة) ضد سورية بتغذية تقارير استخبارات حول تحركات الرئيس السوري الأسد[4].

لقد قدم أعضاء بارزون في اللوبي نفس الحجج بعد سقوط بغداد. لقد صرح وولفوتيز بأنه ينبغي (أن يكون هناك تغيير في النظام في سورية)، وقد أطلع ريتشارد بيرل صحفياً بأن بإمكاننا تسليم رسالة قصيرة، رسالة من كلمتين للدول الأخرى المعادية في الشرق الأوسط: (أنتم التالون). في أوائل أبريل، أطلقت (دبليو.آي.إن.إي.بي) تقريراً يخص الحزبين الجمهوري والديموقراطي وضحت فيه أن سورية (لا ينبغي أن تخطئ رسالة أن الدول التي ستسلك سلوك صدام المتهور، واللامسؤول والمتحدي قد تنتهي بمشاركته نفس المصير). في 15 نيسان، كتب يوسي كلين هاليفي قطعة في اللوس أنجلوس تايمز بعنوان (التالي، تحويل الضغط إلى سوريا). في حين كتب زيف تشافيز في اليوم التالي موضوعاً لأخبار النيويورك اليومية بعنوان (سورية صديقة الإرهاب تحتاج إلى تغيير كذلك)، وحتى لا يفوته أحد، كتب لورانس كابلان في الجمهورية الجديدة في 21 نيسان (أن الزعيم السوري الأسد كان تهديداً حقيقياً لأمريكا). وبالعودة إلى (الكابيتول هل)، فقد قام رجل الكونغرس إليون إنجل بإعادة تقديم محاسبة سورية، وقانون استعادة سيادة لبنان في 12 نيسان.

وهو يهدد بفرض العقوبات على سورية إذا لم تنسحب من لبنان، ولم تسلم أسلحتها للدمار الشامل، ولم تتوقف عن دعم الإرهاب كما أنها دعت سورية ولبنان لاتخاذ خطوات ملموسة لصنع السلام مع إسرائيل. لقد أيد اللوبي بقوة هذا التشريع وخصوصاً الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) وتمت صياغته وفقاً لوكالة التلغراف اليهودية، من قبل بعض أفضل أصدقاء إسرائيل في الكونغرس). لقد كان موضوعاً جانباً لبعض الوقت، إلى حد كبير لأن إدارة بوش لم يكن لديها حماس له، ولكن التشريع ضد سورية تم إقراره بأغلبية كبيرة (4 ـ 398) في مجلس النواب و(4ـ89) في مجلس الشيوخ، فإن إدارة بوش كانت ماتزال منقسمة حيال حكمة استهداف سورية في هذا الوقت. ورغم أن المحافظين الجدد كانوا تواقين للوصول إلى حرب مع دمشق، فإن الـ (سي.آي.إيه) وإدارة الولاية كانوا معارضين. وحتى بعد أن وقعت إدارة بوش القانون الجديد، فقد أكد على أنه سيطبق ببطء.

إن تناقض مشاعر بوش هو أمر مفهوم. أولاً، فإن الحكومة السورية كانت تقوم بتزويد الولايات المتحدة بمعلومات استخبارية هامة حول القاعدة منذ 11/9، وقد حذرت واشنطن حيال هجمة إرهابية مخططة في الخليج. لقد منحت سورية كذلك محققي الـ (سي.آي.إيه) حرية الكلام مع (محمد الزمار)، الذي يدعى أنه قام بتجنيد بعض من مرتكبي 11/9. إن استهداف نظام الأسد سيعرض هذه الصلات الثمينة للخطر، وسيقوض بالتالي الحرب الأوسع على الإرهاب.

ثانياً، فإن سورية لم تكن على علاقات سيئة مع واشنطن قبل حرب العراق (على سبيل المثال، فإنها قد صوتت حتى لقرار الأمم المتحدة رقم 1441)، ولم تشكل أي تهديد للولايات المتحدة. إن عدم التعاون في التعامل مع سورية سيجعل الولايات المتحدة تبدو كطاغية ذات شهية نهمة لضرب الدول العربية. أخيراً، فإن وضع سورية على لائحة الضرب الأمريكية ستمنح دمشق حافزاً قوياً للتسبب بالمشاكل للعراق. حتى إن أراد المرء الضغط على سورية، فإن إكمال العمل في العراق سيكون تعقلاً جيداًَ. مع ذلك فقد أصر الكونغرس على تهديد دمشق إلى درجة كبيرة كاستجابة للضغط من المسؤولين الإسرائيليين والجماعات ذات الميول الإسرائيلية مثل (إيه.آي.بي.إيه.سي). لو لم يكن هناك أي لوبي، فلن يكون هناك أي قانون لمحاسبة سورية وستكون سياسة الولايات المتحدة تجاه دمشق أكثر اتساقاً مع المصالح الوطنية الأمريكية.

بوضع إيران تحت عدسات التصويب يميل الإسرائيليون إلى وصف كل تهديد بكل ما في الكلمة من معنى، لأن إيران ينظر إليها على نحو ما  على أنها عدوهم الأكثر خطورة لأنها الخصم الأكثر ترجحاً لإحراز أسلحة نووية. واقعياً ينظر الإسرائيليون إلى دولة إسلامية لديها أسلحة نووية في الشرق الأوسط على أنها تهديد وجودي.

وكما نوه وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين إليعازر قبل شهر واحد من حرب العراق: (العراق مشكلة.. ولكن ينبغي أن تفهموا، إذا سألتموني، إن إيران اليوم هي أكثر خطورة من العراق). في تشرين الثاني 2002، في مقابلة رفيعة المستوى مع التايمز اللندنية،  بدأ شارون علنياً بدفع الولايات المتحدة لمواجهة إيران، واصفاً إيران باعتبارها (مركز الإرهاب العالمي). وتحول إلى قضية امتلاك أسلحة نووية، حيث صرح بأن على إدارة بوش وضع يد ثقيلة على إيران غداة فتحها للعراق. في أواخر نيسان 2003، ذكرت صحيفة هآرتس أن السفير الإسرائيلي في واشنطن كان يدعو الآن إلى تغيير النظام في إيران. كما أنه نوه إلى أن (الإطاحة بصدام لم تكن كافية). ووفقاً لكلماته فإن على أمريكا (أن تستمر، فما يزال لديها تهديدات عظيمة بهذا الحجم تأتي من سورية، وتأتي من إيران).

لم يضع المحافظون الجدد كذلك وقتاً في إثارة قضية تغيير النظام كفي طهران. في 6 أيار مولت الـ(إيه.إي.آي) مؤتمراً حول إيران ليوم كامل بتمويل مع مؤسسة (الدفاع عن الديموقراطيات) الموالية لإسرائيل ومعهد هدسون. لقد كان جميع المتحدثين ذوي ميول إسرائيلية قوية، ودعا العديد منهم الولايات المتحدة لتقوم باستبدال النظام الإيراني بالديموقراطية. وكالعادة، فقد كان هناك مجموعة من المواضيع طرحها محافظون جدد بارزون لمتابعة إيران. على سبيل المثال، فقد كتب ويليام كريستول، من المحافظين الجدد، في الـ (ستاندر) الأسبوعية في 12 أيار، أن (تحرير العراق كان أول معركة عظيمة للمستقبل في الشرق الأوسط.. ولكن المعركة العظيمة التالية، والتي لا نأمل أن تكون عسكرية، ستكون إيران).

لقد تجاوبت إدارة بوش مع ضغط بالعمل المتزايد لإنهاء برنامج إيران النووي. ولكن واشنطن لم تحقق نجاحاً، وتبدو إيران مصممة على امتلاك ترسانة نووية. نتيجة لذلك، فقد كثف اللوبي ضغطه على حكومة الولايات المتحدة، مستخدماً كل الاستراتيجيات الموجودة في قواعد اللعبة. تحذر افتتاحيات الصحف والمقالات الآن من مخاطر وشيكة من إيران نووية، والتحذير من أي ترضية في مقابل تنازلات يقدمها نظام (إرهابي)، والإشارة بغموض إلى عمل وقائي في حال فشل الدبلوماسية. يدفع اللوبي كذلك الكونغرس إلى المصادقة على قانون (دعم حرية إيران)، والذي سيوسع العقوبات الموجودة على إيران. يحذر المسؤولون الإسرائيليون كذلك من أنهم قد يقومون بفعل شعبي فيما لو تابعت إيران سيرها على الطريق النووي، ويقصد بالإشارات جزئياً إبقاء واشنطن مركزة على هذه القضايا. قد يجادل المرء بأن إسرائيل واللوبي لم يكن لديها كبير تأثير على سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، لأن الولايات المتحدة لديها أسبابها الخاصة لمنع إيران من أن تصبح نووية. هذا صحيح جزئياً، ولكن طموح إيران النووي لا يشكل تهديد وجود للولايات المتحدة، فإذا استطاعت واشنطن التعايش مع اتحاد سوفييتي نووي، وصين نووية، وحتى كوريا شمالية نووية، فإن بإمكانها بالتالي أن تعيش مع إيران نووية. وهذا هو السبب في وجوب إبقاء اللوبي ضغطاً مستمراً على السياسيين الأمريكيين لمواجهة طهران. إن إيران والولايات المتحدة لن تكونا حليفتين إذا لم يكن اللوبي موجوداً، ولكن سياسة الولايات المتحدة ستكون أكثر اعتدالاً ولن تكون الحرب الوقائية خياراً جدياً. بإيجاز، فليس من المدهش أن تريد كل من إسرائيل ومؤيديها الأمريكيين من الولايات المتحدة أن تتعامل مع أي وكل تهديد لأمن إسرائيل. ولو نجحت جهودهم في تشكيل سياسة الولايات المتحدة، فإن أعداء إسرائيل سيتم إضعافهم حينها أو الإطاحة بهم، وستطلق يد مع الفلسطينيين، وستقوم الولايات المتحدة بكل القتال، الموت، وإعادة البناء، والدفع. ولكن حتى إذا ما فشلت الولايات المتحدة في تغيير الشرق الأوسط ووجدت نفسها بشكل متزايد في صراع مع عالم عربي مسلم قد تم دفعه إلى التطرف. وسينتهي الأمر بإسرائيل وهي ماتزال محمية من قبل القوة العظمى الوحيدة في العالم. إن هذه ليست النتيجة الفضلى من وجهة نظر اللوبي، ولكن من الواضح أنها المفضلة لواشنطن أن تبعد نفسها عن إسرائيل، أو تستخدم قوتها لدفع إسرائيل لصنع السلام مع الفلسطينيين.

اللوبي الإسرائيلي

والسياسة الخارجية الأمريكية

(9)

الخاتمة

ـ هل يمكن تقليص اللوبي؟

قد يعتقد المرء ذلك، بالنظر إلى كارثة العراق، والحاجة الواضحة إلى إعادة تشكيل صورة أمريكا في العالم العربي والإسلامي، وما اكتشف أخيراً عن قيام مسؤولي الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) بتمرير أسرار الحكومة الأمريكية إلى إسرائيل. قد يعتقد المرء كذلك، أن موت عرفات وانتخاب أبو مازن الأكثر اعتدالاً قد يدفع واشنطن إلى الضغط بقوة وإنصاف من أجل معاهدة سلام.

باختصار، فإن هناك أرضيات واسعة لقادة الولايات المتحدة لإبعاد أنفسهم عن اللوبي وتبني سياسة شرق أوسطية أكثر ثباتاً وذات مصالح أمريكية أرحب. بشكل محدد، فإن استخدام القوة الأمريكية لتحقيق سلام عادل بين إسرائيل والفلسطينيين قد يساعد على تعجيل تحقيق الأهداف الأكبر كمحاربة التطرف وتعزيز الديموقراطية في الشرق الأوسط. ولكن هذا لن يحدث في أي وقت قريب. فإن الـ (إيه.آي.بي.إيه.سي) وحلفاءها (بمن فيهم الصهيونيين المسيحيين) ليس لديهم خصوم جديون في عالم اللوبيات. وهم يعلمون أنه قد أصبح من الصعب تقديم قضية إسرائيل اليوم، وهم يستجيبون بتوسيع نشاطاتهم وطواقم موظفيهم. إضافة إلى ذلك، فإن السياسيين الأمريكيين الذين لا تزال لديهم حساسية كبيرة تجاه حملة التبرعات وتجاه أشكال الضغط السياسي ونتاج وسائل الإعلام الكبرى هم على الأرجح سيبقون متعاطفين مع إسرائيل مهما فعلت. إن هذا الوضع هو وضع مقلق بشكل كبير، لأن تأثير اللوبي يتسبب بالمشاكل على عدة جهات. فهو يزيد الخطر الإرهابي الذي تواجهه كل الدول بمن فيها حلفاء أمريكا الأوروبيين. بمنع قادة الولايات المتحدة من الضغط على إسرائيل لصنع السلام، فإن اللوبي قد جعل من المستحيل كذلك إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. إن هذا الوضع يمنح المتطرفين أداة تجنيد قوية، ويزيد مجموعة الإرهابيين المحتملين والمتعاطفين، ويؤدي إلى التطرف الإسلامي حول العالم. إضافة إلى ذلك، فإن حملة اللوبي من أجل تغيير النظام في إيران وسورية قد دفعت الولايات المتحدة إلى مهاجمة هذه الدول، مع وجود احتمالية آثار كارثية لذلك. إننا لسنا في حاجة إلى عراق آخر.

في الحد الأدنى فإن عدائية اللوبي تجاه هذه الدول قد جعلت من الصعب بشكل خاص على واشنطن تجنيدهم ضد القاعدة والتمرد العراقي، حيث مساعدتهم ضرورية بشكل كبير. إن هناك بعداً أخلاقياً هنا كذلك. يعود الفضل للوبي في أن الولايات المتحدة قد أصبحت المخول الفعلي للتوسع الإسرائيلي في الأرض المحتلة، مما يجعلها متورطة في الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين. هذا الوضع يقلص جهد واشنطن لتعزيز الديموقراطية في الخارج ويجعلها تبدو كالمنافق عندما تدفع الدول الأخرى إلى احترام حقوق الإنسان.

إن مساعي الولايات المتحدة لتحديد الانتشار النووي تظهرها بشكل معادل بصورة منافق نظراً لاستعدادها لتقبل السلاح النووي الإسرائيلي، والذي يشجع إيران والآخرين على السعي للحصول على قدرات مشابهة. إضافة إلى ذلك، فإن حملة اللوبي لإسكات النقاش حول إسرائيل هو أمر غير صحي للديموقراطية. إن إسكات المتشككين عن طريق تنظيم لوائح سوداء ومقاطعات، أو عن طريق اقتراح كون الناقدين معادين للسامية، ينتهك مبدأ النقاش المفتوح الذي تعتمد عليه الديموقراطية. إن عدم قدرة الكونغرس الأمريكي على إدارة نقاش حقيقي حول هذه القضايا الأساسية يشل عملية الحوار الديموقراطي بأسرها. إن مؤيدي إسرائيل ينبغي أن يكونوا أحراراً في طرح قضيتهم وتحدي هؤلاء الذين لا يتفقون معهم. ولكن الجهود المبذولة لخنق النقاش عن طريق التخويف ينبغي إدانته بقوة من قبل أولئك الذين يعتقدون بحرية التعبير والحوار المفتوح للقضايا العامة المهمة. أخيراً، فإن تأثير اللوبي قد أصبح سيئاً على إسرائيل. إن قدرتها على إقناع واشنطن بدعم أجندة توسعية قد ثبطت إسرائيل عن إحراز الفرص بما فيها معاهدة السلام مع سورية. وتطبيقاً كاملاً وسريعاً لاتفاقيات أوسلو ـالتي كانت ستنقذ حيوات الإسرائيليين وتقلص صفوف المتطرفين الفلسطينيين. إن حرمان الفلسطينيين من حقوقهم السياسية المشروعة لم يجعل إسرائيل أكثر أمناً بالتأكيد، وإن الحملة الطويلة لقتل أو تهميش جيل من القادة الفلسطينيين قد منح القوة للجماعات الإرهابية مثل حماس، وقلل عدد الفلسطينيين الذي سيكونون على استعداد لقبول تسوية عادلة وقادرين على جعلها  تعمل. هذا الأسلوب قد رفع شبح إسرائيل الكريه مرة وهي تشغل الوضع المنبوذ الذي كان محجوزاً ذات مرة للدول العنصرية مثل دولة جنوب أفريقيا.

المثير للسخرية، أن إسرائيل نفسها ستكون على الأرجح في وضع أفضل فيما لو كان اللوبي أقل قوة، وفيما لو كانت سياسة الولايات المتحدة أكثر إنصافاً. ولكن هناك شعاعاً من الأمل. فرغم أن اللوبي مايزال قوة إجبار قوية، إلا أن الآثار السلبية لاستخدامه يصعب إخفاؤها بشكل متزايد. قد تحتفظ الدول القوية بسياسات خاطئة لبعض الوقت، ولكن الحقيقية لا يمكن تجاهلها للأبد. لذلك فإن ما نحن بحاجة إليه هو حوار صريح حول تأثير اللوبي وحوار أكثر انفتاحاً حول مصالح الولايات المتحدة في هذه المنطقة الحيوية. إن سلامة إسرائيل هي واحد من هذه المصالح، ولكن ليس احتلالها المستمر للضفة الغربية أو أجندتها الإقليمية الأوسع. إن نقاشاً مفتوحاً سيعرض حدود الحالة الاستراتيجية والأخلاقية للدعم الأمريكي لجانب واحد وقد يجعل الولايات المتحدة تتحرك لاتخاذ موقف أكثر توافقاً مع مصالحها الوطنية الخاصة، ومع مصالح الدول الأخرى في المنطقة، ومع مصالح إسرائيل البعيدة الأمد كذلك.


[1] ـ يخلط التقرير بين دعم  إسرائيل والسعي لنشر الديموقراطية في المنطقة متناسياً أن السياسة الغربية عموماً دعمت الاستبداد تحت شعار الاستقرار لقرن مضى لمصلحة المشروع الصهيوني.  المراجع

[2] ـ لن نتوقف في عرض هذا التقرير عند المصطلحات التي يستخدمها المنطق الأمريكي بدمج المقاومة بالإرهاب، أو بتسمية الفصائل الفلسطينية المقاومة بأنها فصائل إرهابية!!        المراجع

[3] ـ لنقارن ذلك بصمتنا ولامبالاتنا!!       المراجع

 [4] ـ عبر القادة الصهاينة على اختلاف توجههم عن مطالبتهم بعصر النظام السوري وابتزازه حتى النهاية ولكنهم أكدوا في الوقت نفسه تمسكهم بهذا النظام وحرصهم عليه.     المراجعكدو

 

  السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ