ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 10/08/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


العراق.. بعد سنتين

(1)

ستيفن زونيس: بروفوسور في العلوم السياسية ورئيس برنامج دراسات السلام والعدالة في جامعة سان فرانسيسكو. وهو محرر (الشرق الأوسط) لـ (السياسية الخارجية تحت الضوء) ومؤلف (صندوق الرعد: السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط وجذور الإرهاب 2003).

في سلسلة من المقالات كتبت بين حزيران/2002، وشباط 2003، تنبأتُ بأنه إذا ما اجتاحت الولايات المتحدة العراق، فمن المرجح إلى حد كبير ألا تجد أياً من أسلحة الدمار الشامل أو برامج لتلك الأسلحة التي تدعي إدارة بوش وقيادة الكونغرس لكلا الحزبين أن العراق يمتلكها في مسعاهم لتبرير الاستيلاء الأمريكي على هذه الدولة الغنية بالنفط. وتنبأتُ كذلك بأنه لن يتم إيجاد صلات عملياتية بين النظام العراقي والقاعدة وأن الاجتياح الأمريكي سيشجع الإرهاب بدلاً من إحباطه. أخيراً، فقد تنبأتُ بأننا قد نجد أنفسنا عملياً معزولين في المجتمع الدولي ونحن نواجه حرب تمرد مضاد دام بغير نهاية تلوح في الأفق.

في السنتين التاليتين منذ أن مضت إدارة بوش قدماً واجتاحت العراق بأي طريقة، لم أكن لأحب أن أكون على صواب. فلا التحرك  العسكري الأمريكي ولا الانتخابات العراقية التي أجريت في 30 كانون الثاني قد أثمرت أي شيء حتى الآن لتهدئة التمرد وقد بدا أنها كانت تفاقم من التوترات الإثنية.

منذ الاجتياح الأمريكي، قتل عشرات الآلاف من العراقيين وغالبيتهم من المدنيين. وقد تضاعفت أمراض سوء التغذية بين الأطفال في حين بلغت وفيات الأطفال ثلاثة أضعاف ما كانت عليه. وقد هرب ما يزيد على مليون لاجئ من البلاد بهدف تجنب السيارات المفخخة، والاغتيالات، وعمليات الاختطاف، وقانون الطوارئ، والحواجز المميتة، وضربات المدفعية والضربات الجوية من القوات الأمريكية. ويبلغ طول الصفوف  التي تنتظر الوقود أياماً، وهناك نقص واسع في الطعام والدواء، وقد تضخمت أسعار الطعام والضروريات الأخرى بشكل كبير، وما يزيد عن نصف السكان هم عاطلون عن العمل. باختصار، فإن العديد من الناس يعانون ويموتون في السنتين اللتين مضتا على الاجتياح الأمريكي بشكل أكبر مما كان عليه الأمر في السنتين اللتين سبقتا الاجتياح الأمريكي. وطالما كانت هذه الحالة، فعلى الأرجح أن التمرد سيستمر.

رغم الجهود الناجحة إلى حد كبير من قبل  إدارة بوش لتغطية مدى التعذيب الأمريكي للسجناء العراقيين، فإنه يبدو الآن أن ما ظهر من الإساءة في سجن أبو غريب لم يكن سوى رأس جبل الجليد. ونظراً إلى كون الغالبية العظمى من المحتجزين ليسوا سياحاً ولا رجال عصابات، بل مجرد شباب عراقيين اعتقلوا خلال اجتياحات شاملة من قبل قوات الاحتلال الأمريكي، فقد تزايد الغضب الشعبي في الولايات المتحدة بشكل كبير. إن تعذيب السجناء، واستخدام السلاح الثقيل ضد الأحياء المدنية المزدحمة، وإطلاق النار على السيارات المملوءة بالمدنيين في نقاط التفتيش، وما يتصل بذلك من الأعمال ضد الأبرياء كان له أثر ضئيل في الفوز بقلوب وعقول الشعب العراقي. وأن الدليل يتزايد على أن الولايات المتحدة تقوم بخلق متمردين أسرع مما يستطيع جيشنا أن يقوم بقتلهم.

بالنظر إلى الروابط العائلية والقبلية ما بين العراقيين والتي تفوق الاختلافات الطائفية، فإن المخاوف من حرب أهلية بين العرب السنة والعرب الشيعة قد تفاقمت على الأرجح، ويعود ذلك جزئياً كوسيلة لتبرير الاحتلال الأمريكي الجاري. رغم ذلك، فليس هناك خلاف حول كون الاجتياح الأمريكي والاحتلال قد زاد من الاختلافات الإثنية سوء. على سبيل المثال، فقد قامت الولايات المتحدة بإبعاد أعداد كبيرة من المختصين العلمانيين المدنيين والطبقات الإدارية والذين عملوا للحكومة العراقية القديمة، وأعادت تأسيس حكومة مؤقتة ترتكز على الخطوط الدينية والإثنية، حيث تسببت الأسس الطائفية والإثنية والقبلية إضافة إلى محاباة الأقارب، بتدمير مساعي إعادة بناء وزارات الحكومة. إضافة إلى ذلك، فإن القوات الأمريكية قد استفادت من المقاتلين الأكراد في معاركها ضد المتمردين العرب، مما زاد التوتر بين تلك المجتمعات.

ـ تكاليف الحرب في الوطن:

إضافة لما يزيد عن (1500) قتيل أمريكي وعدد مسجل من الأمريكيين الذين يعودون إلى وطنهم بأعضاء مبتورة، أو مصابين بالعمى، وإصابات خطيرة أخرى، فإن الإصابة النفسية الفسيولوجية الواسعة الانتشار من خوض حرب كهذه فرضت ضريبتها على جنودنا كذلك. تظهر الاستفتاءات الآن أن 59% من الأمريكيين يعتقدون أن الجنود الأمريكيين ينبغي أن ينسحبوا من العراق خلال عام.

ورغم هذا، فقد صوت مجلس النواب في منتصف شهر مارس بأغلبية ساحقة 388 ـ 43 لدعم تقديم (81) بليون دولار أمريكي أضافية إلى فاتورة النفقات، والتي ستصب معظمها من أجل الاستمرار في الحرب في العراق. وقد جاء هذا مباشرة بعد ظهور أن المدراء الأمريكيين لا يستطيعون اعتماد أكثر من تسع بلايين دولار التي أنفقوها في العراق. وقد قالت تقارير (المركز للدراسات الاستراتيجية الدولية أن حوالي 27% فقط من تمويلات إعادة الإعمار ذهبت لمساعدة العراقيين، بينما ذهب الباقي للأمن، والهدر، والخداع، ونفقات التشغيل، والفوائد).

ـ انتخابات 30 كانون الثاني:

رغم المشاكل والتقييدات العديدة لانتخابات 30 كانون الثاني العراقية، إلا أنها كانت دليلاً مميزاً على رغبة الشعب العراقي في تقرير المصير ومن أجل حكومة مسؤولة. وقد خرج ثلثي المجتمعات الإثنية ـ الدينية الكبرى في البلاد في تجمعات كبيرة خلافاً للتوقعات في محاولة مؤثرة لتأسيس بعض مظاهر تقرير المصير بعد عقود من الحكم الديكتاتوري الذي تلاه ما يزيد على عام ونصف من الاحتلال الأمريكي.

لقد شهدت الانتخابات العراقية التي لم يكن لديها سوى قلة من المراقبين الدوليين، فوضى واسعة الانتشار وتمت مقاطعتها في عدد من الأقاليم الهامة، وعقدت تحت حكم قوة احتلال أجنبية قامت بفرض القوانين الانتخابية واختارت اللجنة الانتخابية التي أشرفت عليها. وكما قال الرئيس جورج بوش مؤخراً، في معرض الإشارة إلى لبنان (فليس بإمكانك أن تعقد انتخابات حرة وعادلة تحت احتلال عسكري أجنبي).

مع ذلك، ورغم عدم توافر معظم المعايير المعترف بها دولياً من أجل انتخابات شرعية، كانت بالتأكيد تطوراً بالنسبة للانعدام الكلي للديموقراطية الانتخابية تحت ديكتاتورية صدام حسين، وقد كانت الفرصة للمشاركة في العملية مرحباً بها بشكل واضح من قبل معظم العراقيين. لذلك بالمقارنة فإن الانتخابات العراقية ينبغي أن ينظر إليها كخطوة هامة للأمام. ولكن هذا لا يشرع بحال الاجتياح المدمر وغير القانوني لهذه البلاد. في الواقع، فإن حقيقة كون العراق قد حصل على انتخابات مباشرة لمجلسه الوطني والذي سيكون مسؤولاً عن كتابة دستور البلاد الجديد.. قد جاءت على الرغم من، أكثر من كونه بسبب، جهود الرئيس جورج دبليو بوش.

ينبغي أن نتذكر أن إدارة الرئيس بوش خلال معظم السنة الأولى من الاحتلال الأمريكي، عارضت بقوة إجراء انتخابات مباشرة. مبدئياً دعمت الولايات المتحدة تنصيب أحمد شلبي أو بعض المتشكين الآخرين الموالين لأمريكا والمنفيين كزعماء للعراق. وعندما أصبح من الواضح أن ذلك سيكون غير مقبول، حاول المسؤولون الأمريكيون الاحتفاظ بنائبهم على العراق، بول بريمر، في السلطة إلى أجل غير مسمى. عندما أصبح واضحاً أن العراقيين والمجتمع الدولي لن يتسامح مع هذا الخيار كذلك، دفعت إدارة بوش باتجاه لجنة سياسية حيث يقوم معينون من الأمريكيين باختيار الحكومة الجديدة وكتابة الدستور. وعندما قوبل ذلك  في كانون الثاني/2004، بمئات الآلاف من العراقيين وهم يخرجون إلى الشوارع متظاهرين على خطة الولايات المتحدة ومطالبين بتصويت شعبي، فقط عندها استسلم الرئيس بوش ووافق على السماح لانتخابات مباشرة للتحرك قدماً.

وبدلاً من التحرك للأمام بالانتخابات في أيار/2004، كما دعا إليها آية الله السيستاني وقادة عراقيون آخرون، إلا أن المسؤولين الأمريكيين أجلوا حتى كانون الثاني/2005.. وكنتيجة لهذا التعويق، استمر الوضع الأمني بالتدهور بحيث أنه عندما تم إجراء الانتخابات، كانت الأقلية السنية العربية غير قادرة إلى درجة كبيرة أو غير مستعدة للمشاركة. في معظم الأجزاء التي يسيطر عليها السنة في المقاطعة، كان من غير الآمن الذهاب إلى الاستفتاءات بسبب تهديدات المتمردين. إضافة إلى ذلك، فقد دعت الأحزاب السنية الكبرى، والتي أثار غضبها الأعداد الهائلة من المدنيين الذين قتلوا في الأشهر الأخيرة في عمليات التمرد المضاد للولايات المتحدة، دعت إلى مقاطعة تلك الانتخابات.

لقد فازت الأحزاب المعارضة لاستمرار الوجود الأمريكي في بلدهم بأغلبية الأصوات الساحقة في انتخابات كانون الثاني. وقد أظهرت استفتاءات الخروج أغلبية واضحة اعتبرت خروج الجيش الأمريكي كحافز رئيسي للتصويت. إن القائمة الموالية لواشنطن والتي يقودها رئيس الوزراء المعين من قبل الولايات المتحدة أياد علاوي قد جاءت في المرتبة الثالثة. إن السمة الأكثر أهمية في إعلان مبادئ التحالف العراقي الموحد والذي حاز على ما يزيد على نصف المقاعد في الجمعية الوطنية الجديدة، كان المطالبة بجدول لانسحاب القوات الأجنبية من بلادهم.

إن السنة والشيعة متحدون في رغبتهم في خروج القوات الأمريكية، إن خلافاتهم هي بشكل رئيسي تكتيكية. يعتقد معظم السنة أن أي انتخابات تحت احتلال القوات الأجنبية هي انتخابات غير شرعية وأن انسحاب القوات الأمريكية ينبغي أن يحقق بالوسائل العسكرية. في المقابل، فقد قرر معظم الشيعة أن أفضل طريقة لإخراج الأمريكيين إنما هو عبر الانتخابات، والتي ستجعل من الحكومة العراقية الشرعية أمراً ممكناً والتي سيكون بمقدورها حينئذ أن تفاوض على انسحاب مرحلي.

 

  السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ