ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 25/03/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


إسكات المعارضة

ديفيد شنكر*

الستاندر الأسبوعية أون لاين 13/2/2008

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

في الشهر الفائت، دخل المعارض السوري الكبير إلى السجن مرة أخرى، ولم يأت اعتقال رياض سيف كمفاجأة، فقد كرس عضو البرلمان السابق ومناصر حقوق الإنسان لوقت طويل، معظم العقدين السابقين لانتقاد نظام الأسد السلطوي. وقد تم إطلاق سراحه منذ سنتين وحسب بعد أن أمضى خمس سنوات في السجن لقيامه بالتنظيم للاجتماعات من أجل تعزيز التغيير الديموقراطي. هذه المرة، كانت مخالفة سيف حضور اجتماع للجماعات المعارضة الموالية للديموقراطية.

إن احتجاز الإصلاحيين ومناصري الديموقراطية وحقوق الإنسان ليس أخباراً معهودة في سورية. لا الادعاءات بالإساءة الجسدية والتي ذكرها عدد من المحتجزين الموالين للديموقراطية من زملاء سيف للـ(هيومان رايتش ووتش). ولكن اعتقال سيف الأخير جدير بالذكر لأنه يشكل حكماً بالإعدام للناشط ذي الـ61 عاماً. فسيف لا يعاني من مرض السكري ووضع القلب وحسب بل إنه قد شخص لديه سرطان البروستات العام الفائت. وكي لا نخاطر بالتسرع في مدح سيف، فإن إنجازاته في سورية ومثاربته لا تقصر أبداً عن كونها مميزة. تاجر ألبسة محترف، فإن فطنة سيف في العمل قد جلبت له النجاح وكانت ستضمن له ولأسرته حياة سعة مادية لو لم يدخل السياسة.

بدأت مشاكل سيف عام 1994 عندما تم انتخابه للبرلمان لمدة أربع سنوات. ولم تكن منصة حملته الانتخابية والتي وجهها عمله ضارة وكان لها اهتمام ظاهري ضئيل بالنظام. إلا أنه وذات مرة في البرلمان، حرض سيف على الإصلاح الاقتصادي والمالي وأطلق حملة ضد الفساد، والذي عبر عنه على أنه (مصدر جميع الشرور التي تصيب الشعب السوري). ومنذ ذلك الحين أخذت الأمور تسير نحو الجنوب. في آب 1996 توفي ابن سيف ذي الـ21 عاماً تحت ما وصفه هو (بظروف غامضة). ثم وبعد قيام سيف بنشر دراسة عالية المستوى حول الركود الاقتصادي في سورية، فإن وزارة التمويل اتهمته بالتهرب من الضرائب واستهدفت مملكاته المالية. غرمته الحكومة على ما يزيد على 2 مليون دولار مما أدى بالضرورة إلى إفلاس الإصلاحي. بالرغم من ذلك ثابر سيف وتمت إعادة انتخابه لفترة ثانية عام 1998. وفي البرلمان استمر في التركيز على القضايا الشفافية والفساد، وأكثرها شهرة قضية احتكار عقود الخليوي المنتشرة في كل مكان، والتي منحت لأصدقاء النظام. إن هذا الطلب للشفافية خصوصاً قد ورط أعضاء من الدائرة الداخلية للنظام بمن فيهم رامي مخلوف (ابن خال الأسد)، وضرب بشكل واضح على عصب. بدأ سيف كذلك في إنشاء مؤسسات مكرسة لزيادة الوعي المدني. في عام 1999، أكسبه دوره في تأسيس واحدة كهذه المنظمات (منتدى أصدقاء المجتمع المدني) مقابلة مع نائب مع نائب الرئيس المرهوب الجانب عبد الحليم خدام.

لاحقاً حرم النظام المنتدى من الترخيص، وهو من مستلزمات التجمعات الكبيرة في الدول القمعية، إلا أن سيف على الرغم من ذلك، دعا إلى اجتماع المنظمة والمنظمة التي خلفتها والمعروفة أكثر باسم (منتدى الحوار الوطني)، ممعنا في ذلك في إغضاب النظام. مع بداية فترة المكاشفة السياسية القصيرة والمعروفة (بربيع دمشق)، والتي بدأت مع تنصيب بشار الأسد رئيساً في عام 2000، ازدادت نشاطات سيف للإصلاح السياسي الديموقراطي: (كان هناك المزيد من الاجتماعات والمنتديات، وحتى الحديث عن إنشاء حزب سياسي يدعى حزب حركة السلم الاجتماعي. ثم صعد هجماته على الحكومة من موقعه في البرلمان. وفي خطاب له في شباط من عام 2000 إلى رئيس الوزراء ومجلس الوزراء، والتي كتب عنها سيف في عام 2007، تزودنا بمعرفة جيدة للمدى الذي كان يدفع فيه الملف: (إن كسر احتكار حزب البعث السياسي هو شرط ضروري لتوظيف مبدأ الشفافية.. إن أي احتكار لا يمكن أن يساعد إلا على إنسال العقم ووقف التطور والنمو. إنه ليس من الممكن الفصل بين الاقتصاد والسياسة.. فالاحتكار السياسي ينتج عنه احتكارات أخرى اقتصادية وثقافية وتعليمية..).

قطعت الغالبية البعثية بيان سيف من السجل البرلماني، ولكن ملاحظاته لم تنس. عندما انتهى (ربيع دمشق) في شباط 2001، تحرك النظام بقوة لتجريد سيف من حصانته البرلمانية. وفي ذلك الصيف بدأت اعتقالات الإصلاحيين.

ولكن حتى من السجن، استمر سيف في الدفع من أجل الإصلاح في سورية. وربما جاء إنجازه الأفضل بهذا الصدد في 2005، عندما شارك من سجن عذرة في تأليف (إعلان دمشق)، والذي يطالب بين أشياء أخرى بإنهاء احتكار نظام الأسد وحزب البعث للسلطة، وإلغاء قانون الطوارئ، وكتابة أولية لدستور سوري جديد. عندما تم اعتقاله في الأسبوع الفائت، كان سيف يشارك في اجتماع (للمجلس الوطني لإعلان دمشق)، وهي منظمة مظلية مكرسة لتنفيذ هذه الإصلاحات.

غير قانع بمنع سيف من طلب العلاج في الخارج فقط، بل إن نظام الأسد يبدو أنه قد حكم على إصلاحي سورية البارز بالموت وراء القضبان. إن احتجازه هو رسالة قوية لمن سيصبحون ديموقراطيين سوريين. ولكنه كذلك رسالة واضحة لواشنطن: إن نظام الأسد ليس مهتماً بالتحرير السياسي، وكما قد تشير الإعاقة السورية المستمرة للانتخابات الرئاسة اللبنانية، فإن سياسات التدخل وخلخلة الاستقرار الخارجيين هي ليست للنقاشات كذلك. إن نظام الأسد ليس نادماً حيال المعاملة القاسية بشكل غير اعتيادي بحق سيف. وقد كان وليد المعلم من التهور بحيث وضع اللوم في الاعتقال على جمعية حقوق الإنسان (لقد شجعت الأهمية التي أعطيت لقضية رياض سيف) أخبر المعلم وزير الخارجية الأسترالي (شجعته على خرق القانون).

بالنسبة لإدارة بوش، فإن الحكم على سيف بالموت ينبغي أن يكون لحظة حاسمة. وبالنظر إلى الظروف، فإن الانتقاد السطحي في الأسبوع الفائت، والذي دعى سورية إلى (تعديل سلوكها ورفد مواطنيها بالحقوق التي يستحقونها)، ليس كافياً. فسيف هو حتماً أكثر المعارضين السوريين مصداقية. إنه ليس مقرباً من واشنطن على نحو خاص الأمر الذي عزز مناشدته المحلية، ولكن مخاوف الإدارة حول تقويض مركزه في سورية عبر ترحيب غربي يتجاهل إلحاحية الوضع.

كما في مصر، فإن لدى واشنطن خياراً عليها القيام به. عندما تم اعتقال المصلح المصري سعد الدين إبراهيم وإدانته في عام 2002، هددت الإدارة بحجز مبلغ المساعدة المقدر بـ130 مليون دولار. وقد تم إطلاق سراحه لاحقاً. وعندما تم اعتقال المصلح المعارض والمرشح الرئاسي أيمن عبد النور في 2005، قررت الولايات المتحدة أن القضية كانت شأناً مصرياً، وبقي في السجن حتى هذا اليوم.

في السنوات الأخيرة انزاحت سياسة تعزيز الديموقراطية إلى جانب الطريق، ولكن بالحكم من الانتقادات المستمرة للبيت الأبيض وإدارة الولاية لممارسات سورية الفظيعة تجاه حقوق الإنسان، فإن الإدارة لا تزال تعتبر القضية هامة. ونظراً لنقص الأدوات، فإن الضغط على سورية في مجال حقوق الإنسان هو أكثر صعوبة بشكل واضح مما هو في مصر. مع ذلك فإن الكثيرين في الإدارة يعترفون أن استجابة واشنطن لقضية عبد النور لم تكن أفضل ساعتها.

مع بقاء أحد عشرة شهراً وحسب، فإن الوقت ينفذ من الإدارة ومن سيف. لقد كانت حقوق الإنسان دائماً بنداً في أجندة التبادل الثنائي بين احتجاجات واشنطن ودمشق. وإن كان ذلك في أسفل اللائحة. إن لدى الإدارة نطاقاً واسعاً من التشكيات من سورية، تتراوح من تدخلها في لبنان ودعمها لحماس وحزب الله، إلى استمرارية تدخلها في العراق. ومن بين هذه الملفات المزدحمة، فإن الإدارة تنصح فعلاً بزيادة مستوى مخاوفها فيما يتعلق بممارسات سورية في مجال حقوق الإنسان.

نظراً لقمع نظام الأسد الذي لا يرحم، فقد يستغرق الأمر سنوات لدى رحيل سيف حتى يظهر زعيم آخر بمكانته. في غياب لأي معارضة موالية للديموقراطية داخلية المنبت، ستواجه دمشق قيوداً أقل حتى أمام متابعة سياساتها المؤذية في الوطن وخارجه.

* ديفيد شنكر: باحث كبير ومدير للبرنامج السياسي العربي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. لقد عمل من 2002 ـ 2006 في مكتب وزير الدفاع كمدير دولة لكل من سورية والأردن والمناطق الفلسطينة.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً

 

  السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ