ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 24/01/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

 

   ـ دراسات  ـ كتب

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الشرق الأوسط الجديد

2 ـ 2

عن الفورين أفيرز

عدد تشرين ثاني، كانون أول 2006

ريتشارد.ان.هاس

خامساً:

من غير المحتمل أن يكون هناك ما يشبه عملية سلام قابلة للاستمرار في المستقبل. في أعقاب عملية إسرائيل المثيرة للجدل في لبنان، فإن الحكومة التي يقودها حزب كاديما ستكون بالتأكيد ضعيفة جداً لقيادة دعم داخلي لأي سياسة قد ينظر إليها على أن فيها مخاطرة أو كرد لاعتداء مكافئ. إن فك الارتباط الأحادي قد شوه الهجمات التي تبعت انسحاب إسرائيل من لبنان وغزة. ولا يوجد هناك شريك سلام واضح على الجانب الفلسطيني قادر على ومستعد للتفاوض، مما يشكل مزيداً من الإعاقة لفرص التوصل إلى مقاربة متفاوض عليها. لقد خسرت الولايات المتحدة كثيراً من مكانتها كوسيط أمين ذي مصداقية، على الأقل في الوقت الحالي. في نفس الوقت، فإن توسع المستوطنات وبناء الطرق سيتابع سرعته مما يعقد الديبلوماسية بشكل أكبر.

سادساً: سيبقى العراق، والذي يعتبر المركز التقليدي للقوة العربية، في حالة فوضى لسنوات آتية، مع حكومة مركزية، ومجتمع مقسم، وعنف طائفي دائم. وفي أسوأ الحالات سيصبح دولة فاشلة محطمة بفعل حرب أهلية شاملة ستجر إليها جيرانها.

سابعاً: سيبقى سعر النفط مرتفعاً، ونتيجة لطلب قوي من الصين والهند، ونجاح محدود في كبح الاستهلاك في الولايات المتحدة، والاحتمال المستمر لنقص الموارد، ومن المرجح أن يتجاوز ثمن برميل النفط 100 دلار، من أن ينزل عن 40 دولار. وستستفيد إيران، والسعودية العربية، والمصدرين الكبار الآخرين بدرجات متفاوتة.

ثامناً: ستتابع (الملشنة) مسارها. فالجيوش الخاصة في كل من مناطق العراق ولبنان وفلسطين يزدادون قوة. إن الميليشيات والتي هي نتاج وسبب لدول ضعيفة، ستنبثق في كل مكان ينظر إليه، أو أنه، فعلياً يعاني من قصور في سلطة الدولة ومقدراتها. إن القتال الجاري أخيراً في لبنان سيفاقم هذا الميل، بما أن حزب الله قد فاز بعدم معاناته من هزيمة كلية، في الوقت الذي خسرت فيه إسرائيل بعدم إحرازها انتصاراً كلياً. وهي نتيجة ستحمس حزب الله ومن حذا حذوه.

تاسعاً: الإرهاب، والمعروف على أنه استخدام متعمد للقوة ضد المدنيين سعياً وراء أهداف سياسية، سيبقى سمة المنطقة.

عاشراً: سيملأ الإسلام الفراغ السياسي والثقافي تدريجياً في العالم العربي وسيشكل قاعدة سياسية لغالبية السكان في المنطقة. إن القومية العربية والاشتراكية العربية هي أشياء من الماضي، في حين أن الديموقراطية ستتحقق في المستقبل البعيد، في أحسن الأحوال. والوحدة العربية ستبقى شعاراً لا واقعاً، وسيتعزز تأثير إيران والجماعات المرتبطة بها. وستتعقد المساعي من أجل تحسين العلاقات بين الحكومات العربية وإسرائيل والولايات المتحدة. في نفس الوقت، فإن التوترات بين السنة والشيعة ستتزايد عبر الشرق الأوسط، مسببة مشاكل في البلدان ذات التجمعات التي تشتمل على فِرق مثل البحرين ولبنان والسعودية العربية.

الحادي عشر: من المرجح أن تبقى الأنظمة العربية سلطوية، وسيزداد عدم تسامحها دينياً وعدائها لأمريكا. ستصبح كل من مصر والسعودية العربية زعيمتان. ومصر، التي تمثل ما يقرب من ثلث سكان العالم العربي، ستكون قد أدخلت بعض الإصلاحات الاقتصادية البناءة. ولكن سياستها ستفشل في موازاة ذلك. على العكس من ذلك، ويبدو أن الأنظمة عازمة على قمع الليبراليين القليلين المتواجدين لديها، وسينحصر خيار للشعب المصري بين السلطويين التقليديين والإخوان المسلمين. والمخاطرة تكمن في أن المصرين سيختارون يوماً ما الخيار الثاني، وسيكون ذلك لتعبهم من الأولين، أكثر من دعمهم غير المتحفظ للآخرين. وكبديل لهذا، قد يرتدي النظام ألوان خصومه الإسلامويين في محاولة منه لمشاركتهم فتنتهم، ويقوم خلال هذه العملية بإقصاء نفسه عن الولايات المتحدة. في السعودية العربية، تعتمد الحكومة والنخبة الحاكمة على استخدام عائدات الطاقة الضخمة لتهدئة المناشدات الداخلية للتغيير. والمشكلة تكمن في أن معظم الضغط الذي استجابوا له قد أتى من اليمين المتدين أكثر منه من اليسار الليبرالي، مما أدى بهم إلى اعتناق أجندة السلطات الدينية.

أخيراً، ستبقى المؤسسات الإقليمية ضعيفة، متخلفة وراء أي كان في مكان آخر. والمنظمة الشرق أوسطية الأكثر شهرة، الجامعة العربية، ستمنع انضمام أقوى دولتين في المنطقة، إسرائيل وإيران. وسيستمر الصدع العربي ـ الإسرائيلي الدائم في إعاقة مشاركة إسرائيل في أي علاقة إقليمية ثابتة. وكذلك فإن التوتر بين إيران ومعظم الدول العربية سيحبط ظهور التأقلم. وستبقى التجارة في الشرق الأوسط متواضعة لأن دولاً قليلة تقدم البضائع والخدمات التي يريد الآخرون شراءها على نطاق واسع، وستستمر البضائع المصنعة المتقدمة في المجيء من مكان آخر. وستصل قليل من حسنات الاندماج الاقتصادي العالمي إلى هذا الجزء من العالم رغم الحاجة إليها.

عثرات وفرص:

رغم أن الملامح الأساسية لهذا العهد الخامس في الشرق الأوسط غير جذابة على نحو كبير، إلا أن هذا لا ينبغي أن يكون سبباً للقدرية. فكثير من الأشياء هي مسألة درجة. إن هناك اختلافاً أساسياً بين شرق أوسط يفتقر إلى اتفاقيات سلام رسمية وآخر موسوم بالإرهاب، والصراع الداخلي، والحرب الأهلية، وبين أشرق أوسط يستضيف إيران وآخر تهيمن إيران عليه. أو بين شرق أوسط ذي علاقة متقلقلة مع الولايات المتحدة وآخر مملوء بالكراهية لهذا البلد. كما أن الزمان يحدث تغييرات. فالعهود في الشرق الأوسط قد تستغرق مدة طويلة تصل إلى قرن، أو قصيرة لا تتعدى العقد ونصف العقد. إن من الواضح أنه من مصلحة الولايات المتحدة وأوروبا أن يكون هذا العهد قصيراً قدر الإمكان، وأن يتبعه عهد أفضل.

لضمان هذا، فإن على صناع السياسة في الولايات المتحدة تجنب ارتكاب الأخطاء، في نفس الوقت الذي يحرزون فيه فرصتين اثنيتن. الخطأ الأول، سيكون اعتماداً مبالغاً فيه على القوة العسكرية. فكما تعلمت الولايات المتحدة من بلواها في العراق.. وإسرائيل في لبنان، فإن القوة العسكرية ليست دواء لجميع العلل، وهي ليست ناجعة نهائياً ضد الميليشيات المتخلخلة والإرهابيين الذين مايزالون مسلحين تسليحاً جيداً، وتتقبلهم الشعوب المحلية، وهم مستعدون للموت في سبيل قضيتهم. كما أن تنفيذ هجوم وقائي على المنشآت الإيرانية النووية لن يحقق الكثير من النتائج الطيبة. فليس من المحتمل أن يفشل الهجوم في تدمير جميع المرافق النووية، بل إنها قد تدفع طهران إلى إعادة إنشاء برنامجها بطريقة أكثر سرية، وتدفع الإيرانيين للالتفاف حول النظام، وستقنع إيران بالرد (وسيكون ذلك عن طريق عملائها على الأغلب) ضد مصالح الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، وربما بشكل مباشر ضد الولايات المتحدة. كما أنها ستزيد من تطرف العالمين العربي والإسلامي وستولد نشاطاً أكثر إرهابية وأكثر عداء لأمريكا. إن التحرك العسكري ضد إيران سيرفع كذلك أسعار النفط إلى مستويات جديدة، وسيزيد من فرص الأزمات الاقتصادية الدولية والانسحاب العالمي. لكل هذه الأسباب ينبغي اعتبار القوة العسكرية ملجأ أخيراً.

الخطأ الثاني، سيكون الاعتماد على ظهور الديموقراطية لتهدئة المنطقة. فصحيح أن الديمقراطيات الناضجة تميل إلى عدم شن الحرب إحداها على الأخرى. إلا أنه ولسوء الحظ، فإن إنشاء ديموقراطيات ناضجة ليس مهمة سهلة، وحتى إن نجحت المهمة في النهاية، فإنها ستستغرق عقوداً. في خلال تلك الفترة فإن على حكومة الولايات المتحدة أن تستمر في العمل مع الكثير من الحكومات غير الديموقراطية. إن الديموقراطية ليست الحل للإرهاب كذلك. إنه لمن المعقول ظاهرياً أن يكون الشباب والشابات القادمين من جيل ينتمي إلى مجتمعات تقدم لهم فرصاً سياسية واقتصادية، إرهابيين أقل. ولكن الأحداث الأخيرة تشير إلى أنه حتى أولئك الذين يترعرعون في ديموقراطيات ناضجة، مثل المملكة المتحدة، ليسوا محصنين أمام إغراء التطرف. إن حقيقة أن كلاً من حماس وحزب الله قد تدبرا أمرهما بشكل جيد في الانتخابات ثم قيامهما بتنفيذ هجمات إرهابية تعزز وجهة النظر بإن الإصلاح الديموقراطي لا يضمن الهدوء. وستكون عملية الدمقرطة قليلة الفائدة لدى التعامل مع راديكاليين ليس لديهم أمل كبير في تلقي تأييد الأكثرية. إن المبادرات الأكثر فائدة ستكون التحركات المصممة لإصلاح الأنظمة التعليمية، وتعزيز اللبرلة الاقتصادية وفتح الأسواق، وتشجيع السطات العربية والمسلمة للتحدث بطريقة تبطل شرعية الإرهاب وتخزي مؤيديه، وتخاطب المظالم التي تدفع الشباب والشابات إلى انتهاجه.

بالنسبة للفرص التي ينبغي إحرازها، فالأولى هي زيادة التدخل في شؤون الشرق الأوسط بأدوات غير عسكرية. فيما يتعلق بالعراق، فبالإضافة إلى أي إعادة لانتشار الجنود الأمريكيين، وتدريب الجيش والشرطة المحليين، فإنه ينبغي على الولايات المتحدة تأسيس منتدى إقليمي لجيران العراق (تركيا والسعودية العربية بشكل خاص) والأطراف الأخرى المهتمة، مشابه لذلك الذي استخدم في المساعدة على إدارة الأحداث في كل من أفغانستان بعد التدخل هناك في 2001. إن هذا الأمر يتطلب بالضرورة إحضار كل من إيران وسورية. إن سورية التي تستطيع التأثير على انتقال المقاتلين إلى العراق، والأسلحة إلى لبنان ينبغي أن يتم إقناعها بإغلاق حدودها في مقابل منافع اقتصادية من (الحكومات العربية، وأوروبا، والولايات المتحدة)، والتزاماً بالعودة إلى المحادثات حول وضع مرتفعات الجولان. في الشرق الأوسط الجديد، هناك خطر من أن تهتم سورية بالعمل مع طهران أكثر منها مع واشنطن. ولكنها انضمت إلى الائتلاف الذي قادته الولايات المتحدة خلال حرب الخليج وانضمت إلى مؤتمر السلام في مدريد في 1991، وهما إشارتان تلمحان إلى إمكانية انفتاحها للتعامل مع الولايات المتحدة مستقبلاً.

إن إيران حالة أكثر صعوبة. ولكن وبما أن تغير النظام في طهران ليس احتمالاً قريباً، فإن الضربات العسكرية ضد المواقع النووية في إيران تعد خطيرة، والردع فيها غير مؤكد، والديبلوماسية هي الخيار الأفضل المتاح أمام واشنطن. إن على حكومة الولايات المتحدة أن تفتتح بدون أي شروط مسبقة محادثات شاملة تخاطب برنامج إيران النووي ودعمها للإرهاب وللمليشيات الأجنبية. وينبغي أن يعرض على إيران مجموعة من الحوافز الاقتصادية والسياسية والأمنية. ويمكن أن يسمح لها بالحصول على برنامج إرشادي بدرجة كبيرة بخصوص تخصيب اليورانيوم فيما لو قبلت تفتيشات اقتحامية على درجة عالية. إن عرضاً كهذا سيحظى بتأييد دولي عال، شرط أول فيما لو أرادت الولايات المتحدة الحصول على الدعم لفرض عقوبات أو تصعيد الخيارات الأخرى فيما لو فشلت الديبلوماسية. إن وضع بنود عرض عام كهذا ستزيد من فرص نجاح الديبلوماسية، وعلى الشعب الإيراني أن يعلم الثمن الذي سيدفعه في مقابل تطرف السياسة الخارجية لحكومته. فمع اهتمام حكومة طهران برد الفعل العام المضاد، سيكون قبول عرض الولايات المتحدة أكثر احتمالية.

كما أن الديبلوماسية بحاجة إلى انعاش في الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، والذي مايزال القضية التي تعتبر أكبر مشكلة للرأي العام ولتطرفه في المنطقة. ولن يكون الهدف في هذه المرحلة جلب الأطراف إلى كامب ديفيد أو أي مكان آخر بل البدء بإنشاء الظروف التي يمكن للديبلوماسية أن تبدأ من جديد. وعلى الولايات المتحدة أن تفصل تلك المبادئ التي تعتقد أنها ينبغي أن تشكل عناصر تسوية نهائية، بما فيها إنشاء دولة فلسطينية ترتكز على حدود 1967. ينبغي أن يتم تعديل الحدود لحماية أمن إسرائيل ولكي تعكس التغييرات الديموغرافية، وسيتوجب تعويض الفلسطينيين من أي خسائر ناتجة عن التعديلات. وكلما كانت الخطة كريمة ومفصلة أكثر، كلما كان من الأصعب على حماس رفض التفاوض وتفضيل المواجهة. اتساقاً مع هذه المقاربة، فإن على المسؤولين في الولايات المتحدة الجلوس مع مسؤولي حماس، بقدر ما جلسوا مع قادة الـ(سين فين)، والذين قاد بعضهم الجيش الإيرلندي الجمهوري. إن تغيرات كهذه ينبغي أن ينظر إليها لا كمكافأة لتكتيكات الإرهابيين بل كأدوات مع احتمالية أن تؤدي إلى سلوك متفق مع سياسة الولايات المتحدة. وتتضمن الفرصة الثانية أن تعزل الولايات المتحدة نفسها قدر الإمكان عن عدم الاستقرار في المنطقة. وسيعني هذا أن تقوم الولايات المتحدة بتقييد استهلاك النفط واعتماد الولايات المتحدة على مصادر الطاقة في الشرق الأوسط (لنقل عن طريق زيادة الضرائب على النقل والتعويض بتخفيض الضرائب في مكان آخر.. وتشجيع السياسات التي ستعجل التعرف إلى مصادر بديلة للطاقة). إن على واشنطن كذلك القيام بخطوات إضافية لتقليل تعرضها للإرهاب، وذلك كالتعرض للمرض فالتعرض للمرض لا يمكن التخلص منه بشكل كامل، ولكن يمكن القيام، وينبغي أن يفعل، لتوفير حماية أفضل للأراضي الأمريكية، ولاستعداد أفضل لتلك الحالات الحتمية التي سينجح الإرهابيون فيها. إن تجنب هذه الأخطاء وإحراز هذه الفرص سيساعد، ولكن من المهم الاعتراف بعدم وجود حلول سريعة أو سهلة للمشاكل التي يفرضها العهد الجديد. فالشرق الأوسط سيبقى جزءاً مضطرباً ومثيراً للاضطراب في العالم لعقود آتية. إن كل هذا كاف للحنين مرة واحدة إلى الشرق الأوسط القديم.

 

  السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ