ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 08/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإزمة الإنسانية في غزة ليست أمرا مفاجئا ...

إنها ما أردناه

جيوفري ارونسون

عن مجلة السياسة الخارجية

22 حزيران،2010

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

في نهاية هذا الاسبوع، اعلنت اسرائيل، تحت ضغط متزايد من واشنطن، أعلنت تغييرا في استراتيجيةالحصار تجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. فحتى الان، كانت استراتيجية اسرائيل منع دخول معظم البضائع ، ما عدا الموارد الاكثر ضرورة والتي تعتبرها وحدها ضرورية لمنع حصول كارثة انسانية. تتغير لائحة البضائع التي تسمح اسرائيل بدخولها في بعض الاحيان يوميا، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الاسرائيلية للإبقاء على سيطرتها التامة المتعسفة.الغزاويون لدى مواجهتهم بالنقص المخطط له في كل شيء بدء من حفاضات الاطفال الى الكزبرة، قد استوردوا جميع أنواع البضائع عبر نظام انفاق تحت ارضي يصل غزة بمصر.

 كنتيجة لمحاولة "سفن الحرية" كسر الحصار و الغضب الدولي الناشىء بقيادة تركية ضد الحصار بدأت التحركات الاسرائيلية بتخفيف سياساتهاالصارمة. مع ذلك فإن الحوار حول نوعية الحصار الذي سيتم فرضه على قطاع غزة وشعبها المحاصر البالغ عدده مليون ونصف نسمة يتحاشى النقطة الجوهرية.

 

بدلا من لعب اللعبة وفقا لقواعد تضعها اسرائيل، يتوجب على المجتمع الدولي التركيز على إنشاء نظام حدودي جديد على ارض غزة الحدودية ومعابرها البحرية والجوية؛ نظام يزيح اسرائيل عن دورها القيادي كحارس بوابة ، ويشجع مصر على تأسيس روابط اقتصادية مع جيرانها الفلسطينيين ، روابط تنشىء معابر بحرية وبرية تعمل وفقا لمعايير مقبولة دوليا وتحتفظ للفلسطينيين بنظام لاستيراد وتصدير البضائع وفقا لقدراتهم وأدائهم... لا تلك التي لإعدائهم.

 

ان فشل المجتمع الدولي في مواجهة قرارإاسرائيل بعزل غزة عن اسرائيل و عن الضفة الغربية هو في اصل شبكة الازمات المتمركزة على غزة اليوم.

وبقدر ما هو التركيز الدولي على حالة غزة الانسانية الملحة مفهوم، فإن ما هو عالق هو حقيقة أن كابوس غزة الحالي انما هو نتيجة لسعي اسرائيل المستمر لعزل مصير الضفة الغربية السياسي و الاقتصادي والامني عن مستقبل قطاع غزة ... و هو هدف قام المجتمع الدولي بدعمه ضمنا بسبب معارضة حكم حماس في غزة( للمزيد حول هذا الموضوع أنظر موضوع توني كارون في مجلة التايم و مارك لينكس في بريد قناة الشرق الاوسط). إن صياغة قضية غزة باعتبارها قضية إنسانية يعتبر نصرا لرؤية أولئك المنكبين على اصلاح الهوامش في الأزمة الجارية.

إن الإستمرار في تصوير كون العواقب الإنسانية المفرطة على غزة و التي تزايدت بشكل تدريجي مؤخرا عبر العقد الأخير بإعتبارها ببساطة نتيجة للعيوب الأمنية أو اللوجستية (وهي رؤية تستمر في أن تكون ما عليه الحال اليوم)، تحكم على شعب غزة، والذين تقل أعمار ما يزيد على نصفهم عن الثامنة عشرة، تحكم عليهم ببؤس لا نهاية له على يد سياسة دمرت النسيج الاقتصادي للمجتمع الفلسطيني.

 

ورغم التظاهر الأخير بالقلق على فلسطينيي غزة، فإن المجتمع الدولي (بقيادة الولايات المتحدة )؛ كان مشاركا فعليا في الأزمة الحالية،مركزا على تشذيب حواف السياسة الإسرائيلية القاسية بطريقة لا تمس بجوهر تلك السياسة وبطريقة تقبل ب ، بدلا من أن تتحدى، سقوط غزة المخطط له إلى الفقر المدقع. إن عدم التحرك الدولي هو على الأغلب نتيجة محضة لمعارضة حماس... والناشء عن خوف من أن أي تحسن في وضع غزة الحالي لصالح حماس هو ليس  فير صالح "نموذج رام الله" والذي يمثله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض.

 

"هذه هي لحظة الحقيقة لكل الفلسطينيين والآن تأتي لحظة الإختيار"، هذا ما نوه به الرئيس بوش في تموز 2007، بعد وقت قصير من طرد فتح من غزة . "إن البدائل أمام الشعب الفلسطيني واضحة، فهناك صورة حماس التي رآها العالم في غزة... مع قتلة يرتدون أقنعة سوداء، وعمليات إعدام عاجلة، ورجال أرسلوا إلى حتفهم بقذفهم من سطوح المنازل، باتباع هذه الطريق سيضمن الشعب الفلسطيني الفوضى، والمعاناة،وأبدية لا نهاية لها من الآلام . سيتخلون عن مستقبلهم لقادة حماس الخارجيين في كل من سورية وإيران. وسيسحقون إمكانية قيام دولة فلسطينية. لقد ضمن الإقتباس الواسع النطاق لملاحظة بوش ال"فوضى، والمعاناة والأبدية اللانهائية من الألم " التي وعد بها.

 

أي لنقل أن الخنق الإقتصادي لغزة كان في الحقيقة متقدما على انتصار حماس في الإنتخابات في كانون الثاني 2006، وعلى طرد فتح الدامي من غزة في حزيران 2007،لقد كان متجذرا في قرار إسرائيل في ال2004" بفك الإرتباط " مع غزة .

لقد أثمرت هذه السياسة انهاء إنتشار الأمن الإسرائيلي والمستوطنات في غزة، ولكنها أسفرت كذلك عن إنهاء حدوث أي تغيير ملحوظ في إقتصاده‘ وتجارته‘ و في علاقة العمالة مع القطاع. إن سياسة إقتصادية من الإقصاء الإقتصادي على طول حدود غزة- إسرائيل تهدف إلى تقليل إنتقال الفلسطينيين ، والعمالة الفلسطينية، والتجارة الإقتصادية عبر حدود قطاع غزة –إسرائيل و إجبار مصر على إستئناف الدور الإقتصادي والأمني الذي لعبته في غزة قبل الإحتلال الإسرائيلي في حزيران عام 1967. هذه السياسة الأخيرة مثلت إنعكاسا في السياسات الإسرائيلية والتي اتبعت منذ بداية الإحتلال في حزيران 1967، وهي تتمتع بتأييد شعبي واسع في إسرائيل.

إن القيود الدراكونية( الصارمة) على دخول العمالة الفلسطينية إلى إسرائيل، والفشل في إنشاء نظام تصدير/ إستيراد يعتمد عليه عبر معبر كارني والمعابر الأخرى ، وطريق (المعبر الآمن) المولود ميتا والذي يربط غزة بالضفة الغربية ... أي جميع العناصر المميزة لسياسة ما قبل حزيران 2007 وفي الواقع قبل انتصار حماس البرلماني حتى  في كانون الثاني 2006، انما هي منتج لإعادة التقييم هذا للمصالح الإسرائيلية . وإذن، فإن السياسات التي أثارت المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة ليست نتائج عرضية يمكن حلها بحلول تقنية من النوع الذي يتم إقتراحه الآن ، بل بالأحرى متمم لإستراتيجية إسرائيل . حتى قبل حزيران 2007، أنتج هذا النظام إنشاء "حجر صحي ناعم"والذي نتج عنه إزاحة إقتصادية فعلية في غزة وأدى إلى هروب واسع النطاق من قاعدة التصنيع الغزاوية.

 

إن هزيمة حماس لفتح في حزيران 2007، أكدت وحسب على سياسة إسرائيل في إبقاء غزة وفق ما وصفه المسؤول الإسرائيلي دوف ويسجلاس مرة ساخرا بال"دايت" "الحمية"، (والذي أعلن عنه لأول مرة في أعقاب انتصار حماس في كانون الثاني 2006) ، وخلق فرصة لكسب الدعم الدولي لتنفيذه على نحو واسع بصورة أكبر... وذلك بتعليق تجارة غزة العادية مع إسرائيل بشكل غير محدد وتخفيض معيار السماح بواردات إنسانية محددة، وهو أمر لايمكن فهمه . ليس أن المجتمع الدولي لم يلاحظ. ففي غضون أسابيع من الحظر الإسرائيلي المكثف قدم البنك الدولي تصويرا خطيرا للوضع الراهن الجديد: إن دخول السلع الإنسانية هو أمر ضروري ولكنه ظرف غير كاف لإستمرار الإقتصاد الغزاوي، والذي يواجه مسبقا عسرا شديدا بعد سنتين من القيود المفروضة عليه.إن حلا مستداما ينبغي أن يسمح للواردات والصادرات على الأقل في مستويات مشابهة تماما لتلك التي ما قبل الأزمة والتي اعتبرت غير كافية أساسا ولا تفي بالحد الأدنى من الأهداف الموضوعة من قبل الإيه. إم . إيه... إن القيود الحالية الموضوعة على دخول السلع والخدمات إلى غزة ومنها ليست مقصورة على تموز 2007. لقد كانت سارية منذ فك الإرتباط، وقد قام البنك وجهات أخرى بتحديد آثار ذلك ... والحال كذلك فإن أعمدة اقتصاد غزة ضعفت عبر سنوات.والآن، ومع الإغلاق المستمر على هذا المنوال الحالي، فإنهم سيكونون في خطر من انهيار لا يمكن إيقافه،في الواقع. لقد كانت عمليات الحدود المقيدة والأساسية التي تمكن من نقل السلع من إسرائيل إلى غزة التي تسيطر عليها حماس قد جرى تفعيلها خلال أيام من تسلم حماس السلطة. وبعد ثلاث سنوات، بقيت هذه العمليات بسيطة، وغير رسمية، وغير مكتوبة، ومؤقتة، وتفتقر الى الشفافية. لقدأعفي النقل الرسمي للسلع من الحظر العام ..وسواء كانت الواردات من الخارج أو من إسرائيل، او من الضفة الغربية...فهي أمر مستحيل، إلا إذا تم منح استثناءات فردية من إسرائيل.

 

إن السلع المسموح بدخولها إلى غزة ينبغي أن تفي بالمعايير الأمنية والعملياتية في حدها الأدنى المقبول لدى الأطراف الفاعلة. تحتاج هذه الحقيقة أن يتم إلقاء الضوء عليها. إن القضايا الأمنية المتعلقة بعملية حدود غزة مع إسرائيل قد تم حلها من قبل إسرائيل وحماس.هذا النظام المقيد والأولي في أبعاده الأمنية والعملياتية، يعمل وفقا للمعايير التي وضعت من أجل إسرائيل (إسرائيل أولا) وهو دليل على نمط العيش المؤسس ما بين الأطراف المهتمة،، وبشكل رئيسي قوات الأمن الإسرائيلية وحماس، بالسيطرة على غزة.

 

لقد وفى هذا النظام بالشروط الأمنية والعملياتية التي تم وضعها من قبل إسرائيل من أجل إمداد ناجح بالسلع الأساسية الإنسانية. وبالقدر الذي يجعل من إسرائيل طرفا في التعاون العملي مع حماس لضمان عمل الحدود بالحد الأدنى، فإن المسؤولين الإسرائيليين يصرون على أن هذه فائدة التعاون العملياتي وحسب ولا تعكس أي إعادة نظر سياسي حول وجوب تدمير حماس. إن حماس مستعدة للتعاون في هذا الجهد... لتظهر لإسرائيل (وآخرين) أنها عنوان المسؤول الأمني في غزة ولتمير شعبها.

 

المثير للسخرية ، أن الحكومة في غزة هي النصير الأكثر حماسا لنظام تجارة حرة مع إسرائيل (ومصر)، وأنها الطرف الأكثر إهتماما باستعادة ولو تغيير طفيف في الوضع الراهن في كل من كارني و رفح.

 

لقد اختارت إسرائيل تخفيض المعيار الذي يحدد مسؤولياتها عن الإحتياجات الإجتماعية للفلسطينيين في قطاع غزة وفق ميثاق جنيف الرابع، وهي مسؤوليات يعترف وزير خارجية إسرائيل نفسها بأنها باقية رغم فك الإرتباط. وهو يعامل غزة باعتبارها" دولة معادية"، فارضا ضغوطا على غزة، تلك الضغوط التي لو فرضت على شعب نيويورك أو باريس، لنشأ عنها فوضى سياسية عارمة وعدم استقرار. أن تبقى غزة مستمرة اليوم فهي شهادة ليس لإسرائيل أو لقوى المجتمع الدولي الإنسانية، بل للتلاحم الإجتماعي المميز للمجتمع الفلسطيني ، ول، لنعترف بالحقيقة،لمهارات حماس في الحكم.

 

ينبغي على الولايات المتحدة أن تبدأ في إظهار فعالية أكبر بكثير وجرأة في كسر تكتيكات إدارة بوش. سيجد الرئيس أوباما من الصعب إن لم يكن مستحيلا تحقيق هدفه المعلن، والذي هو إعلان دولتين متكافئتين في الحرية وآمنتين، بالإستمرار في السياسات الفاشلة التي أدت إلى كارثة قطاع غزة.

ـــــــــــــــ

*جيوفري ارونسون هو (مدير الأبحاث والمنشورات في المؤسسة : من أجل سلام الشرق الأوسط )، ومحرر تقرير المؤسسةفي (نشاطات الإستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة. وهو مستشار للبعثة الأمنية لل إي .يو.بي.أو. إل.سي.أو.بي.بي.اس في الضفة الغربية وكان عضوا في فريق البنك الدولي خلال فك الإرتباط الإسرائيلي عن قطاع غزة في عام 2004-2005.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً

 

  السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ