ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 03/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

لماذا يدعم الإيرلنديون فلسطين؟

روي ميلر

السياسة الخارجية

23 حزيران 2010

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

كان يا ما كان، كانت إيرلندة مؤيدا ضخما للطموحات اليهودية في الأرض الموعودة، فما الذي حدث؟

بينما كان العالم يتسابق للرد على غارة إسرائيل الفتاكة على قافلة السفن المتجهة نحو غزة،جاءت ردة الفعل الأولى من مصدر غير متوقع: إيرلندة. ففي صبيحة الخامس من حزيران، فإن ال (إم. في) (راشيل كوري) والتي كانت قد بدأت إبحارها من المحيط الشرقي لإيرلندة في محاولة لخرق حصار غزة، تم اعتراض سبيلها من قبل القوات الإسرائيلية. وقد كان على متن مركب المسافرين الإيرلنديين مايريد ماغوير((MAIREAD MAGUIRE ، وهي حائزة على جائزة نوبل لعملها في تحقيق السلام لإيرلندة الشمالية.

إن المشاحنة الديبلوماسية الحادة بين الحكومتين الإيرلندية والإسرائيلية والتي ترافقت مع رحلة (راشيل كوري) إلى غزة ما هي الا الفصل الأخير في تاريخ البلدين الطويل من العلاقات العدائية.

تصعدت التوترات مؤخرا مرة أخرى مع الطرد الإيرلندي لديبلوماسي إسرائيلي في وسط غضب إيرلندي على إستخدام إسرائل المزعوم لثماني جوازات سفر مزورة في الاغتيال الأخير لمسئول من حماس في دبي.

إضافة إلى ذلك ... فقد احتلت القضية الفلسطينية منذ زمن طويل مكانا في الوعي الإيرلندي أكبر بكثير مما يبدو أن الاعتبارات الجغرافية أو الاقتصادية تسمح به.

إن المتوازيات المدركة مع مع التجربة الإيرلندية، قد أوجدت مع ذلك علاقة وجدانية مع الفلسطينيين والتي ألهمت النشاط الإيرلندي في المنطقة حتى الوقت الحاضر.

في البداية، في عقدي العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، كانت العواطف الإيرلندية مع الصهيونيين بشكل كامل وانسحبت بشكل كبير على الأمور المتوازية المفترضة ما بين المعاناة التاريخية الإيرلندية واليهودية، وكذلك تجربة الألم المشترك  بسبب النزوح واسع النطاق في القرن التاسع عشر.

برسمهم توازيا مع تاريخهم الخاص من الاحتلال، ناصر الإيرلنديون كذلك كفاح الصهاينة من أجل حق تقرير المصير ضد االبريطانيين. وقد ثار غضب مراسل صحفي في مجلة ال(بيل) BELL ، وهي مجلة إيرلندية بارزة، ثار غضبه على الأحداث الجارية في فلسطين الواقعة تحت الإنتداب في آذار 1945: " دعونا لا نسمح أبدا بنسيان أن الشعب الإيرلندي... قد خبر كل ما يعانيه الشعب اليهودي الآن في فلسطين من "السفاحين" المدربين و "الطرزانات" المسلحين بالبنادق و"الإرهابيين" البريطانيين الذين فرضتهم قوات الاحتلال على البلاد."

ولكن مدركات الوطنيين الإيرلنديين تجاه إسرائيل سرعان ما تغيرت. فقد أدت ثورة البلاد الخاصة المعادية لبريطانية إلى حرب أهلية مؤلمة خلفت ستة أقاليم شمالية من الجزيرة تحت التاج البريطاني. ما إن قبلت الحركة الصهيونية بتجزئة فلسطين، بدأ الإيرلنديون برسم متوازيات لا مداهنة فيها ما بين سياسات إسرائيل ووجودهم تحت التقسيم . بالنسبة للكثيرين بدت الدولة اليهودية الآن بدرجة أقل كمجتمع قومي ديني محاصر بقوات معادية يكافح ببسالة من أجل حقوقه الطبيعية وأصبحت تبدو بدرجة أكبر كمستعمرة تم إنشاؤها بطريقة غير شرعية بقوة السلاح وبإصرار بريطانية على فرض نفسها على أهل البلاد الأصليين.

الروائي الإيرلندي الشهير سين أ’وفاولين SEAN OFAOLEAN  ، في كتابة له في تشرين من عام 1947، بينما كانت الأمم المتحدة تناقش خطة لتقسيم فلسطين، عبر عن هذا الشعور عندما رفض المقارنة ما بين الكفاحين الإيرلندي و الصهيوني: "إذا ما استطعنا تخيل أن يتم تحويل إيرلندة بيد البريطانيين إلى وطن قومي لليهود، فليس لدي شك على أي طرف ستكونون."

حتى النضال الصهيوني العسكري ضد البريطانيين في عقد الأربعينيات لم يكن له كبير الأثر لتغيير نظرة كون إسرائيل " ألستر صغيرة يهودية موالية" وذلك وفق تعبير السيد رونالد ستورز، أول حاكم بريطاني للقدس. ومثل ألستر، الإقليم الشمالي لإيرلندة والواقع تحت السيطرة البريطانية، والذي نظر إليه باعتباره معقلا للدفاع ضد القومية الإيرلندية، بدت إسرائيل مصممة لإيقاف القومية العربية. 

ال"عامل الفاتيكاني" كما يحب الكاتب والسياسي كونور كروز أو’برين أن يدعو تأثير الكنيسة الكاثوليكية على الحياة الإيرلندية الإجتماعية والسياسية، ( العامل الفاتيكاني ) أثر كذلك في الوعي الإيرلندي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ففي تشرين الثاني من عام  1948 أصدر البابا بيوس السابع منشورا بابويا، في (الملتيبليسيبس كيرس) MULTIPLICIBUS CURIS ، يوافق فيه علفي القدسى منح "صفة دولية" للقدس وما حولها. منذ ذلك الحين، تبنت الحكومة الإيرلندية الإهتمام الفاتيكاني بوضع الأماكن المقدسة في القدس وأيدت دعوته للإشراف الدولي  عن المدينة.

ما الذي ينبغي فعله فيما يتعلق بفلسطين كان موضوع نقاشات منتظمة ما بين المسئولين الإيرلنديين والفاتيكانيين رفيعي المنزلة. أثناء العشاء في دوبلين في العام 1961، نصح كون كريمان، وهو مسئول كبير في وزارة الخارجية الإيرلندية، نصح ضيفه على الغداء، سفير إسرائيل إلى بريطانية، آرثر لوري، بأن قضية الأماكن المقدسة "كانت عاملا ذا صلة " في التأثير على روابط إيرلندة بإسرائيل." إنه لمن الخطأ أن نتهاون بموقف الفاتيكان" تابع كريمان، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما يمكن أن يبدو واقعيا بالنسبة للشخص العادي."

نتيجة لذلك، قدمت إيرلندة اعترافها الشرعي بإسرائيل فقط في العام 1963، أي بعد خمسة عشر عاما من إعلانها الاستقلال. وفي أواخر عقد الستينيات، شغلت إيرلندة بشكل متزايد بمصير اللاجئين العرب الفلسطينيين، والذين تزايدت أعدادهم بعد حرب الأيام الستة في حزيران من عام 1967.

في حديثهم في عام 1969 في (الديل) DAIL ، وصف مجلس النواب الإيرلندي ووزير الخارجية الإيرلندي تسوية هذه المشكلة باعتباره " الهدف الرئيسي و الأكثر إلحاحا" لسياسة إيرلندة في الشرق الأوسط. ومع ترك إيكن للوزارة في وقت لاحق من نفس السنة، كانت سياسة إيرلندة قد نقشت في الصخر: لا يمكن ان يكون هناك سلام دونما إعادة أكبرعدد ممكن من اللاجئين الفلسطينيين والتعويض الكامل، وليس فقط إعادة التوطين للباقين.

بعد أن انضمت إيرلندة للإتحاد الأوروبي في عام 1973، أخذت الحكومات المتعاقبة في دوبلن زمام الريادة في مناصرة القضية الفلسطينية داخل أوروبة.

في شباط، من العام 1980، كانت إيرلندة أول عضو في الإتحاد الأوروبي يدعو إلى تأسيس دولة فلسطينية. كما كانت كذلك الأخيرة التي سمحت لإسرائيل بفتح سفارة دائمة في كانون أول من العام 1993.

وقد تفاعلت إسرائيل مع هذا الإعراض بالغضب والارتباك. وقد وصف رئيس الوزراء مناحيم بيغن، أثناء حديث له على الإذاعة الإيرلندية في عام 1980، وصف السياسة الإيرلندية باعتبارها معادلة للقبول "بحق منظمة التحرير الفلسطينية في تدمير الدولة اليهودية."

لقد جعلت الصدامات ما بين قوات حفظ السلام الإيرلندية التابعة للأمم المتحدة في لبنان مع الجيش الإسرائيلي وحلفائه من الميليشيات المسيحية في الأعوام ما بين 1978- 2000، جعلت العلاقات أكثر سوءا. لقي خمسة وأربعون من الجنود الإيرلنديون حتفهم بينما كانوا يخدمون الأمم المتحدة في لبنان، وقد حملت الحكومة الإيرلندية إسرائيل المسؤولية إما بشكل مباشر أو غير مباشر على وفاة خمسة عشر جنديا من هؤلاء القتلى على الأقل، بما في ذلك عملية اختطاف وإعدام الجنديين توماس بارييت ودريك سمولهورن على يد جيش جنوب لبنان، وهي ميليشيا متحالفة مع إسرائيل. وقد أثار أحد السياسيين الإيرلنديين غضبا واسعا عندما اعترف أنه

 فقد الكثير من تعاطفه السابق عندما "بدأت إسرائيل باستخدام جنودنا المتطوعين كأهداف للتدرب عليهم."

طوال فترة اتفاقيات أوسلو وما بعد أوسلو، تابعت الحكومات الإيرلندية تزويد القضية الفلسطينية بدعم هام، إن لم يكن غير محدود. وقد وضح رئيس الوزراء الإيرلندي بيرتي أهيرنBERTIE AHERN أثناء حديثه أمام جمعية السياسة الخارجية في مدينة نيويورك في إيلول من العام 2000، إن "البعد الأخلاقي" للشؤون الدولية  كان السبب" الأول والأهم" للمشاركة الإيرلندية.

كمواطنين في دولة صغيرة، ومحايدة على أطراف أوروبة، فإن اهتمام الشعب الإيرلندي الرئيسي بالشؤون الخارجية يتعلق بالقانون الدولي، وحقوق الإنسان ، ومعاداة الإمبريالية، وبتاريخ مشرف من الارتباط مع الأمم المتحدة. هذه الرؤية للعالم، مضافا إليها شهية صحية للغة شعارات المقاتلين من أجل الحرية ومعاداة الاستعمار الذي ترك الأجيال السابقة ضعيفة، يفسر الارتباط الحالي "بالمستضعفين"  الفلسطينيين. لقد استمر التعلق الإيرلندي بفلسطين حتى بعد زمن طويل من انقضاء التفاؤل بعهد أوسلو. في حزيران من عام 2003، قام وزير خارجية إيرلندة، بريان كاوين BRIAN COWEN ، بزيارة ياسر عرفات خلال ذروة الإنتفاضة الثانية... وحتى بعد أن رفضت إسرائيل استضافة ذوي مناصب رفيعة من الأجانب الذين التقوا بالزعيم الفلسطيني بينما كانوا يزورون المنطقة. جاءت زيارة كاوين في وقت كانت فيه درجة الإرهاب مرتفعة طول الوقت، وفي وقت فقدت فيه الولايات المتحدة، وغالبية الإسرائيليين، وقطاعات كبيرة من الشعب الفلسطيني الإيمان بقدرة عرفات على قيادة الفلسطينيين إلى الدولة المستقلة. ولكن كاوين تحدث عن الكثيرين في إيرلندة عندما وصف عرفات باعتباره "رمز الأمل لتقرير المصير للشعب الفلسطيني" وأثنى عليه "لعمله المتميز...وإصراره ومثابرته."

لقد تابعت المنظمات الإيرلندية الغير حكومية عملها بنشاط لترجمة دعمها الشعبي للحقوق الفلسطينية إلى فعل. تستطيع إيرلندة أن تدعي أنها واحدة... من الجماعات الأكثر تنظيما و فعالية في معسكر المناصرة الدولية لفلسطين. في عام ال2004، قامت بتقديم عريضة إلى الحكومة موقعة من قبل اثنا عشر ألفا من العموم، و52عضو من البرلمان، وأعضاء من البرلمان الأوروبي، ومن مجلس الشيوخ، وسياسيين مستقلين يدعون إلى مقاطعة إسرائيل. منذ ذلك الحين قامت بشن عدد من الحملات ذات المستوى الرفيع بغية عزل ولا شرعنة إسرائيل،بما في ذلك محاولة حمل (إير لنجس)AER LINGUS، وهي خطوط جوية مملوكة جزئيا للحكومة حملها على إلغاء رحلاتها إلى الأرض المقدسة. لقد كانت مدعومة بقوة من قبل الحركات الإيرلندية المعادية للحرب، وهو كيان كان بمثابة المظلة للجماعات الناشطة التي قامت بتنظيم إضراب صاخب أمام السفارة الإسرائيلية في دوبلن أثناء أزمة القافلة.

إن الحكومة الإيرلندية، والملتزمة بإتباع سياسة متفق عليها أوروبيا تجاه فلسطين، وهي سياسة حادة فيما يتعلق بتوسيع روابط التجارة والبحث والتطوير مع قطاع التكنولوجيا المتطورة الإسرائيلي، لن تكسر أبدا صفوف شركائها في الإتحاد الأوروبي وتصادق على مقاطعة اقتصادية أو أكاديمية أو ثقافية. ولكن هناك ما يكاد يكون إجماعا دوليا عبر جميع الأحزاب السياسية بأن إسرائيل هي الملومة على الفشل الحالي لإيجاد السلام. وحتى مناخ التأييد السياسي الذي تواجد منذ الاندماج الاقتصادي في ال2008 لم يحدث أي ثغرة في الإجماع على هذه النقطة.

إن اختيار إسرائيل للورد داود  تريمبل، وهو زعيم سابق لحزب اتحاديي ألست وحائز على جائزة نوبل للسلام في العام 1998، باعتباره أحد المراقبين الأجانب في قضية سفن الحرية كان ذا فرصة ضئيلة في تغيير الرأي العام في هذه النقطة. فبالرغم من كونه يحوز على احترام العديدين في المجتمع الوطني الإيرلندي عن دوره في جلب السلام لشمال إيرلندة، إلا أنه يأتي من توجه نقابي، يدعو شمال إيرلندة للمحافظة على روابطها السياسية مع بريطانية العظمى، والتي نظر إليها دائما على أنها موالية لإسرائيل.

يقرن الكثير من العماليين إسرائيل بمجتمع معزول، محاصر بقوات معادية، يفتقر الى الدعم الدولي. إن مشاعرهم الموالية لإسرائيل هي كذلك ردة فعل للدعم الجمهوري الإيرلندي للقضية الفلسطينية. في عقود الثمانينات، مثلت تصويرة زيتية معلقة في المنطقة القومية في بلفاست، لأعضاء من الجيش الجمهوري الإيرلندي(آي.آر.إيه) ومنظمة التحرير الفلسطينية تحت شعار: جيش التحرير الإيرلندي – منظمة التحرير الفلسطينية كفاح واحد." ورغم السلام، فإن هذه الإنقسامات ما تزال عميقة: فكرد على الانتفاضة الثانية، فإن مناطق البروتستانت الشمالية رفعت العلم الإسرائيلي، في حين رفعت المناطق الكاثوليكية ألوان العلم الوطني الفلسطيني.

حتى يومنا هذا، فإن الجناح السياسي للجيش الجمهوري الإيرلندي، الشين فين، والذي انتخب ممثلين له في كل من البرلمانين الإيرلندي والبريطاني ويشارك في السلطة في إيرلندة الشمالية، قد استمر في انتقاده اللدود لإسرائيل. في عام ال2006، وصف إينجس أو سنودييهAENGUS O  SNODAIGH، الناطق باسم الحزب للشؤون  الدولية وحقوق الإنسان في برلمان دوبلن، وصف إسرائيل على أنها "واحدة من أكثر الأنظمة إثارة  للاشمئزاز و أكثرها دناءة  على الكوكب."

في أيار من هذه السنة، كان واحدا من الإيرلنديين الثلاثة الذين منعوا من قبل السلطات من مغادرة قبرص للانضمام الى قافلة السفن المتجهة نحو غزة.

إن هذا الميل الإيرلندي لتصوير العالم الخارجي بلغة الأفكار المحلية ما يزال موجودا. ووتستمر الرواية السياسية القوية التي تربط إيرلندة بكل من إسرائيل وفلسطين بإلهام شعبها وحكومتها بالتحرك نحو الفعل. من وجهة نظر العديد من الإيرلنديين فإن "ألستر" ما تزال موجودة في قلب الكثير من المشاكل التي تحل بالشرق الأوسط.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً

 

  السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ