ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 31/05/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

كتب

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كتاب : على خطا اوباما

الحلقة: (4)

الصفحات: 233 صفحة

الكتاب: على خطى اوباما

تأليف: نيل بلانيل

عرض ومناقشة : د. محمد مخلوف

الناشر: هاشيت ـ باريس ـ 2009

حملة اوباما الانتخابية ركزت على كسر الجمود

كانت الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية لعام 2008 لحظة هامة في التاريخ الحديث للولايات المتحدة، كما يؤكد مؤلف هذا الكتاب. ففي الوقت الذي كان القلائل يؤمنون بحظ باراك أوباما بالفوز في ترشيح الحزب الديمقراطي له، ناهيك عن فوزه في الرئاسة، استطاع ذلك السناتور «ذو البشرة الداكنة» أن يغيّر مجريات الأمور تحت شعار «التغيير».

لقد خاض اوباما حملته الانتخابية كلها، في الإطار الديمقراطي أولا، ثم الوطني لاحقا، باسم «المستقبل» ضد الماضي. وقدّم نفسه كمرشح «الحداثة» في وجه ممثلي «الجمود». وبعد حملة انتخابية «أولية» فاز بترشيح الحزب الديمقراطي له لخوض الانتخابات الرئاسية في مطلع شهر نوفمبر- تشرين الثاني 2008. جرت الانتخابات الرئاسية الأميركية في سياق اقتصادي مثير للقلق في الولايات المتحدة وفي ظل حالة من التشاؤم العام. ونجح اوباما في أن يجذب لبرنامجه أغلبية الأميركيين ليصبح بعد حملة انتخابية هي الأطول والأكثر كلفة في تاريخ الولايات المتحدة الرئيس الأميركي الأول «الأسود» في البلاد.

في الحملات الانتخابية يتم اكتشاف ما يمتلكه شعب ما من مناقب ومسالب. وعلى هذا الأساس يعتبر مؤلف الكتاب الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية لعام 2008 كسلحظة عظيمة في تاريخ الولايات المتحدة». ذلك بعد أن كان قد تابع يوما بيوم، في عين المكان، اللقاءات الانتخابية لباراك اوباما في مختلف الولايات والمدن. لقد كان، كما يقول، سعيدا بكونه في الصف الأول في المسرح السياسي الأميركي الكبير.

ويلخّص المؤلف الإستراتيجية التي انتهجها اوباما في الانتخابات الأولية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي بثلاث أفكار بسيطة حددها منذ عام 2007 وتتمثل في: القيام بحملة تحت شعار «التغيير» والفوز بالمرحلة الأولى في الانتخابات الأولية وأخيرا القيام بحملة على الصعيد الوطني للحصول على أكبر عدد ممكن من المندوبين. هؤلاء «المندوبون» هم الذين يحددون مرشح الحزب الديمقراطي. وطيلة الحملة الانتخابية لم تتغيّر رسالة اوباما ولا نهجه.

وفي خريف عام 2007 كان القلائل يعتقدون بإمكانية فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي له، بل كان التصور السائد هو أن المعركة ستكون بين السيدة هيلاري كلينتون ورودي جولياني، رئيس بلدية نيويورك. لكن نقاشا عاما آنذاك غيّر جميع المعطيات حيث قدّمت السيدة كلنتون إجابات «متناقضة» على عدد من الأسئلة مما أظهرها كتجسيد حي لما يجري في كواليس السلطة بواشنطن. تلك الصورة لم تغادرها أبدا بعد ذلك.

 

ذكرى كينج

في مثل ذلك السياق أثار باراك اوباما في خطاب له بتاريخ 10 نوفمبر 2007 إعجاب عدة آلاف من الديمقراطيين من سامعيه عندما استعاد ذكرى مارتن لوثركنج واقترح «التغيير الذي يمكن لأميركا أن تؤمن فيه» و«التغيير الذي يمكننا نحن أن نؤمن فيه»، كما قال ثم أضاف: «إن لحظتنا قد جاءت». وهذا ما كرره باستمرار خلال أسابيع كثيرة تالية.

كذلك أصرّ اوباما في حديثه للناخبين على أن يجعل رسالته فوق كل ما يثير النزاع مع التطلع إلى المستقبل. وهذا ما يجد المؤلف تعبيره في الجملة التالية المنقولة من خطاب له في كارولينا الجنوبية وجاء فيها: «إن الاختيار في هذه الانتخابات لا يقوم على أساس المعتقدات الدينية أو المناطق أو الأجناس. وليس الغني ضد الفقير ولا الطاعن في السن ضد الشاب ولا الأسود ضد الأبيض، لكنها معركة الماضي ضد المستقبل».

على مثل هذه الخلفية خاض باراك اوباما جميع حملته الانتخابية باسم «الحداثة» و«المستقبل» في مواجهة «الجمود» المهيمن وممثليه. وتحدث اوباما مع الذين توجّه إليهم لغة الصراحة. ولم يتردد في وضع سيرة حياته الشخصية كمثال على الواقع الأميركي الذي لا ينبغي تجاهله. لقد تحدث عن أصوله وماضيه مما جعله يبدو ك«مرشح له خصوصياته»، ولكن بنفس الوقت ك«أميركي عادي في عصر العولمة».

وينقل عنه المؤلف قوله: «لقد تعلّمت بأفضل المدارس الأميركية وعشت في أحد الأمم الأكثر فقرا في العالم. أنا متزوج من سيدة أميركية سوداء يجري في عروقها دم العبيد وأسياد العبيد، وهذا إرث نقلناه إلى ابنتينا. لي إخوة وأخوات وأبناء وبنات أخوة وأعمام وأخوال وأبناء عمومة من جميع العروق ومن مختلف الألوان. إنهم موزعون بين ثلاث قارات، ولن أنسى طيلة حياتي أن قصتي ليست ممكنة في أي بلد آخر من العالم».

 

حانت ساعة الحقيقة

ولم يتردد في القول بعد قليل إن ساعة الحقيقة قد دقّت مؤكدا: «علينا أن نتذكّر أن العديد من أشكال العامة الموجودة في الأوساط الأميركية لذوي الأصول الإفريقية يمكن ربطها مباشرة مع واقع مختلف صنوف اللا مساواة الموروثة من جيل سابق كان قد عانى من الإرث القاسي للعبودية. والمدارس التي عرفت التمييز العنصري كانت، وستبقى، من الصنف الأدنى».

مثل هذه الكلمة «جابت» بسرعة أجواء أميركا التي لا تزال مسألة الأعراق فيها صعبة الطرح. لكن اوباما تعرّض إلى ما يحرّك مشاعر الحقد العنصري نفسها مؤكدا أن «الغضب حقيقي وشديد، والاكتفاء بمجرد الإعراب عن أمنية ابتعاده وإدانته دون فهم جذوره، لن يكون منه سوى تعميق هوّة عدم الفهم القائمة بين الأجناس». ثم أضاف: «هذه هي الحالة التي نحن فيها اليوم.

إنه مأزق عنصري يكبّلنا منذ سنوات». لقد عرف اوباما كيف يحرّك مشاعر الأميركيين الدفينة ويخلق لديهم رغبة تجاوزها. لكنه أكّد بالمقابل أن المعركة الحقيقية هي ضد البطالة وأشكال اللا مساواة والمصالح الخاصة والثقافة السياسية الفاسدة في واشنطن.

انتهت الانتخابات الأولية للحزب الديمقراطي بتاريخ 3 يونيو 2008 عندما نجح باراك اوباما أن يجمع حول ترشيحه ما يكفي من أصوات «المندوبين» ليخوض المعركة الرئاسية الانتخابية، بمواجهة الخصم الجمهوري جون ماكين.

وكان عندها على الناخب الأميركي عندما يتوجه في شهر نوفمبر التالي للإدلاء بصوته أن يجيب عن عدة أسئلة يحددها المؤلف بالتالي: هل ينبغي اختيار الاستمرارية بنهج بوش؟ أو اختيار رئيس أسود؟ أو اختيار التجربة (مع ماكين)؟ وكان مطلوبا من ذلك الذين سوف يصبح رئيسا أن يتوصل إلى إقناع الناخب بوجهة اختياره.

 

الحملة الرئاسية

كان الكثير من الأميركيين قد تعوّدوا عدم الذهاب إلى مراكز الاقتراع يوم الانتخابات لأسباب تتراوح بين الجهل والعزوف الواعي عن الاهتمام بسياسة لم تقدّم أي تغيير منذ فترة طويلة. وبنفس الوقت دلّت الدراسات واستطلاعات الرأي أن أغلبية الأغنياء يقترعون بالقياس إلى نسبة المقترعين من الفقراء. بالتالي كان أمام الجمهوريين حظوظا أكبر في فوز مرشحهم رغم السياسات التي انتهجتها إدارة بوش وأصابت آثارها السلبية أغلبية الأميركيين.

كانت تعبئة الناخبين «الفقراء» هي المهمة الأساسية لدى اوباما بعد ضم أصوات الناخبين الديمقراطيين لمنافسته في المعسكر الديمقراطي هيلاري كلنتون. الخطوة الأولى التي قام بها بعد يومين فقط من ترشيح الحزب الديمقراطي له لخوض الانتخابات الرئاسية تمثّلت في إعلان أن حزبه لن يقبل منذئذ «الهبات» من أعضاء مجموعات الضغط ومجموعات المصالح الأخرى.

وقرر خوض الانتخابات بمبلغ الـ 84 مليون دولارا التي يحظى بها كل من المرشحين، الديمقراطي والجمهوري، لخوض المعركة الانتخابية. لكن المبلغ الذي جمعه عبر حملة كان قد أطلقها في عام 2007 عبر شبكة الانترنت وصل، دون توقع ذلك، إلى 265 مليون دولارا، فما كان منه إلا أن رفض المساعدة العامة، أي الـ 84 مليون دولار، مما كان سابقة لا مثيل لها منذ تأسيس تلك المبادرة.

وقبل أشهر قليلة من الانتخابات بدا أنه من الصعب على الكثير من الأميركيين القيام باختيار «نهائي» بين المرشحين. لكن في صيف عام 2008 تعاظمت موجة أولئك الذين يخسرون فرص عملهم وتزايد التضخم واستمر فقدان أعداد جديدة من الأميركيين لمنازلهم التي كانوا قد اشتروها بواسطة قروض لم يعد بإمكانهم تسديدها بسبب فوائدها العالية.

وبالإجمال أبدى حوالي 80 بالمائة من الأميركيين تشاؤمهم حول مصير اقتصاد بلادهم. هذه الأمور كلها أصبحت في عداد رهانات الانتخابات الرئاسية. ونتيجة ذلك أيضا كانت انحسار اهتمام أغلبية الأميركيين بمسائل الأمن القومي في حين أن الاهتمام الحقيقي تحوّل إلى كيفية دفع «الفاتورات» المتكدّسة في نهاية كل شهر. بالتوازي قام اوباما في أواسط شهر يوليو 2008 بجولة إلى الشرق الأوسط وأوروبا.

لقد أراد أن يثبت للرأي العام الأميركي، أي للناخبين، أنه على دراسة عميقة بملفات السياسة الخارجية. هذا في الوقت الذي كانت فيه استطلاعات الرأي تقدمه على أنه «متراجع» جدا في هذا المجال بالقياس إلى منافسه الجمهوري «المخضرم» ومن ذلك الوقت بدأ اوباما بتكريس فكرة انسحاب القوات الأميركية من العراق في أفق عام 2010، دون تحديد أي تاريخ معيّن. وكانت فكرة تلقى أصداء أكبر لدى أغلبية الأميركيين مما كان يطرحه المرشح الجمهوري، المؤيد أصلا للحرب ضد العراق.

جرى الإعداد لحضور 75 ألف شخص في الاحتفال المقرر لإعلان اوباما مرشحا للرئاسة عن الحزب الديمقراطي. كانت الفكرة هي تعبئة الألوف من المشجّعين لاستخدام هاتفهم المحمول في ذلك اليوم والاتصال بناخبين غير المسجّلين على القوائم الانتخابية وما مجموعه 55 مليون ناخب جرى رصدهم أثناء الحملة الانتخابية وحيث كان يُنتظر أن يقترع ثلثاهم لاوباما.

وعشية يوم الاحتفال أفصح المرشح الديمقراطي عن اسم نائبه المقبل «جو بايدن»، ابن الخامسة والستين، الكاثوليكي، الأبيض والقريب من الطبقة الوسطى وصاحب الخبرة في ميدان العلاقات الدولية من موقعه كرئيس للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ والعارف بآليات عمل الكونجرس حيث أمضى 35 سنة. وتتم الإشارة في هذا السياق إلى الخطاب «التاريخي» الذي ألقاه اوباما بتاريخ 18 أغسطس 2008 أمام 84000 شخص وحوالي 40 مليون مشاهد للتلفزيون.

لقد عرض فيه ما سيصبح «الوعد الأميركي» وشنّ هجوما شديدا على «مجتمع المالكين» الذي خدم بوش مصالحه والذي ترك الآخرين وحيدين أمام مشاكلهم. بالمقابل على هؤلاء «الآخرين»، وعلى الجميع، إمكانية تأمين سبل العيش الكريم وأن يكون أسياد مصيرهم، مقابل عملهم باختصار، أراد اوباما، على شاكلة ما كان قد فعله روزفلت، أن يصحح التجاوزات الصارخة للرأسمالية والحد من مدى أشكال التخريب التي عرفتها السنوات السابقة.

ومما ينقله المؤلف عن اوباما قوله يوم ذاك: «إننا نقيس قوة اقتصادنا ليس بعدد أصحاب المليارات عندنا أو بما تحققه الشركات الكبرى من أرباح، ولكن بالأحرى بقدرة أن يستطيع فرد ما لديه فكرة جيدة أن يغامر بتحقيقها أو عندما تستطيع خادمة في مقهى أن تأخذ إجازة ليوم واحد كي تهتم بطفلها المريض دون أن يكون ذلك سببا في فقدانها لعملها». كان اوباما يهدف أولا إلى كسب الطبقة الوسطى التي تركها اليمين الذي لم يكن يهتم سوى بزيادة مكاسبه. وكان قد صاغ برنامجه بطريقة يجذب فيها أغلبية الأميركيين. ذلك على خلفية التأكيد أن «المسؤولية الفردية والمسؤولية المتبادلة يمثلان صميم الوعد الأميركي».

 

حملة انتهت بالاقتصاد

وإذا كانت الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية قد بدأت ب«السياسة» فإنها انتهت ب«الاقتصاد». فبتاريخ 15 سبتمبر بدا النظام البنكي الأميركي على وشك الانهيار مع بروز أعراض الإفلاس على بنك «ليهمان» للأعمال ومؤسسات مالية أخرى.

وفي مثل ذلك السياق كان من الطبيعي أن يحتل الاقتصاد المكانة المركزية في أول مناظرة رئاسية تلفزيونية بين المرشحين، وبعد ذلك تأتي المسائل المتعلقة بأفغانستان والعراق وإيران وروسيا. بدا اوباما يومها واثقا من نفسه بينما ظهرت إجابات ماكين مشوشة، خاصة حيال المسائل الاقتصادية، الأكثر أهمية بالنسبة للناخبين. ولم يكن من المناظرة التلفزيونية الثانية يوم 7 أكتوبر سوى أن كرّست تفوق اوباما. وفي النهاية، وبعد حملة رئاسية كانت الأطول والأكثر كلفة في تاريخ الولايات المتحدة انتصر اوباما وأصبح الرئيس الأميركي الأول «الأسود» في تاريخ بلاده.  

يتبع

ـــــــ

المصدر : الراصد للتوثيق الإعلامي

----------------

هذه الكتاب يعبر عن رأي كاتبه

 

السابقأعلى الصفحة

 

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ