ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 25/07/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

كتب

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

عرض لكتاب

(فارس الخوري وأيام لا تنسى)

د.محمد ناجي الصافي

يبحث هذا الكتاب في شخصية العلامة السياسي العربي الكبير الأستاذ فارس الخوري، وتفصيل أهم الأحداث السياسية والنضالية العربية الكبرى التي عاصرها، من خلال ترجمة مكثفة لحياته، وشرح موجز لسيرته، وتبسيط لآرائه ونظرياته، وتلخيص للبعض المهم من مذكراته وموقفه من الإسلام كدين وشريعة ونظام حكم، ومن الصهيونية كعقيدة مخربة مدمرة وكغزو عنصري رهيب، و تقديم نماذج مختارة من شعره وطرفه ونوادره، ولمحة من حياته الخاصة، وصورة مفصلة عن مرض نهايته، مزداناً بالصور التي تمثله من مختلف فترات حياته. وقد كتب مقدمته الرئيس السوري السابق حسن الحكيم .

وقد قدمه الأستاذ محمد الفرحاني بالإهداء الآتي:

إلى أرواح الذين ماتوا في سبيل القضية العربية عن حق ويقين وصدق وإيمان...

إلى رفاق نضال فارس الخوري وجهاده، الأحياء منهم والأموات....

إلى تلاميذه المستنيرين بهديه، المستضيئين بنبراس عقله وحكمته.....

إلى الأجيال الصاعدة ......من أمة العرب والإسلام .......

أقدم كتابي هذا ....وحسبي أني قمت ببعض الواجب نحو الحقيقة والتاريخ.

 

شخصيته الجذابة

يقول علي الطنطاوي " أديب الشام" أقيمت في ردهة المجمع العربي في دمشق في عام 1929 حفل تكريم لحافظ إبراهيم، حضرتها أنا وأخي سعيد الأفغاني، وكنا يومئذ في مطلع الشباب، نقصد مثل هذه الحفلات لننتقد الخطباء ونبتغي لهم المعايب، فمن لم نعب فكرته عبنا أسلوبه، وكان فيمن خطب رجل قصير القامة، عظيم الهامة، أبيض الشعر، ألقى قصيدة أذكر منها:

ليالـي التصـابي قد جفاني حبورهـا=ولمتـي السـوداء أسـفر نورهـا

ومـن لـي بإنكـار الحقيقـة بعدمـا=تجلى على وجهي  وفودي نذيرهـا

تذكـرت أيام السـرور التي مضـت=فياليت شـعري  هل يعود سرورها

أسـفت على عهد الشـباب ولم تعـد=تثيـر فـؤادي مقلـة وفتورهــا

وأدنتنـي الأيـام مـن هـوة الـونى=فأصبـح منـي قاب قوس شفيرها

وكادت صروف الدهر تطوي صحائفي=وهل بعد هذا النشر يرجى نشورها

وقال الخطيب صاحب القصيدة إن لقاء حافظ إبراهيم قد جدد له عهد الشباب، وكان صوته على انخفاض، مدوياً على وضوح، كان له عشرة أصداء تتكرر معه، فتحس به يأخذك من أطرافك، ويأتي عليك من الأقطار الأربعة، فتسمعه بأذنيك وقلبك، وجوارحك، بل تكاد يدك تلمس فيه شيئاً ضخماً، على صحة في المخارج،وضبط في الأداء، وقوة في النبرات، وثبات في المحطات، واعتداد بالنفس عجيب، تشعر به في هذا الصوت الذي يكون له هذا الدوي كله، وهو يخرج من فم صاحبه باسترسال واسترخاء، لا يفتح له شدقه، ولا يحرك لسانه، ولا يمد نَفَسَه، ولا يجهد نَفْسَه، ........بهذا الصوت وهذا الإلقاء، وأنى لنا أن ننتقد القصيد، وأن نجد لها العيوب، وقد ملك قلوبنا وقلوب الحاضرين، فصفقنا له حتى احمرّت منا الأكف.

وقلت لسعيد: من هذا، قال: هذا فارس الخوري.

ويسترسل علي الطنطاوي في قوله: وبعدها عرفت فارس الخوري عن قرب فوجدت فيه رجلاً وديعاً ظريفاً حليماً واسع الصدر، ولكنه مع هذا كله هائل مخيف، تراه أبداً كالجبل الوقور على ظهر الفلاة لا يهزه شيء، ولا يغضبه ولا يميل به إلى الحدّة والهياج، يدخل أعنف المناقشات بوجه طلق وأعصاب هادئة فيسد على خصومه المسالك، ويقيم السدود من المنطق المحكم، والنكتة الحاضرة، والسخرية النادرة، والعلم الفياض والأمثال والحكم والشواهد، ويرقب اللحظة المناسبة حتى إذا وجدها ضرب الضربة الماحقة وهو ضاحك، ثم مد يده ليصافح الخصم الذي سقط، لا يرفع صوته ولا يثور ولا يعبس ولا يغضب، ولكنه كذلك لا يفرّولا يمل ، وما رأيته يناقش أحدا إلا شبهته بأستاذ يناقش تلميذاً مدللا غبياً، فأنت تلمس في لهجته ولكنته وبسمته وحكمته، صبره عليه وتملكه منه وإشفاقه عليه.

 

المؤلف

مؤلف هذا الكتاب البديع هو محمد الفرحاني، من مدينة دير الزور. ولد عام 1927، اقتصر بعد دراسته الابتدائية على المطالعة الحرة، مارس الصحافة منذ عام 1945، وشغل بعض المناصب الإدارية، انتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1947، وأسس رابطة الشباب المسلم في دير الزور عام 1951. يميل كثيراً إلى السياحة والرحلات، له عدة مؤلفات، وقد عرف فارس الخوري معرفة شخصية عام 1949 عندما قدمه له أحد الأصدقاء وتوطدت أواصر المودة بينهما من عام 1956

ويتحدث المؤلف عن العلاقة " حتى كان قد أولع بي ولعاً شديداً وصرت أقضي الساعات الطوال في مجلسه، وأشاركه الطعام على مائدته، وإذا غبت عنه أياماً أرهق أقاربي المقيمين في دمشق ومعارفي باتصالاته الهاتفية للسؤال عني، لذلك وجدت من الوفاء الذي لمسته من بره وحنانه أن أكرس كل أماني للبقاء بقربه لتسليته والتخفيف من مصابه، وقد شاء الله أن أكون أول من يدخل منزله بعد إصابته بالكسر الأليم عام 1960 وأذكر يوماً أن سرور فارس الخوري كان عظيماً بعد غيبة طويلة عنه، وأنشد بيتين لابن الفارض قال في ثانيهما:

لو أن روحي في يدي لوهبتها لمبشر بقدومكم لم أسـرف

 

حياة فارس الخوري

ستتضمن هذه الفقرة ترجمة مكثفة قدر الإمكان لحياة فارس الخوري منذ الولادة ، مع الإشارة السريعة إلى أهم ما ولي من مناصب، وما حققه لأمته من مكاسب.

ولد فارس الخوري عام 1873 في قرية الكفير وهي منطقة بين سوريا ولبنان، من عائلة فقيرة وطيبة ومسيحية. درس الابتدائية في مدرسة الكفير الابتدائية، وانتقل إلى مدرسة صيدا، وكان لوالدته دور بارز في تعليمه وتربيته. برز فارس الخوري بين أقرانه كافة، متفوقاً عليهم جميعاً، ومما قاله عنه أحد زملائه" كان علماً بين الرفاق، أصغرهم سناً وأصفاهم ذهناً، وأجملهم نفساً، وأرهفهم حساً، وأعلاهم كعباً، وأطولهم باعاً، واثبتهم وداً، وأوفاهم وعداً"

عين معلماً في مدرسة زحلة 1890 وانتقل بعدها إلى دمشق، حيث دعي لإدارة المدارس الأرثوذكسية وللتدريس في ثانوياتها. وعين ترجماناً في القنصلية البريطانية، ودرس اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وتحسن وضعه المادي وضَمِنَ تعليم إخوته، وأخذ يطالع الحقوق لنفسه وامتهن المحاماة متمرناً، وأخذ الإجازة في تعاطيها، ولم تكن المحاماة حينئذ بحاجة إلى شهادة عالية.

توفيت والدته التي كان لها أكبر الأثر في تعليمه وتنشئته تاركة له إخوته وأخواته يعيلهم وهو كبيرهم.

تزوج عام 1909 من ابنة أخت شريكه في مكتب المحاماة أسماء عيد وأنجبت له الولد الوحيد سهيل الخوري الذي حاز على شهادة الدكتوراه في الحقوق، كما دخل مجال الوظائف وولج أبوب السياسة، فأصبح نائباً فوزيراً.

استقال عام 1899 من وظائفه في التعليم والترجمة واستجاب لدعوة رئيس تحرير مجلة المقتطف في مصر، وبدأ يجهز ظروفه للسفر، ولكن تفشى الطاعون في مصر وفرض الحجر الصحي ، مما منعه من الذهاب وبقي في دمشق حيث كان يتابع معاملة السفر.

وفي عام 1914 فاز فارس الخوري بالنيابة عن دمشق وأصبح عضواً في مجلس ( المبعوثان) العثماني في الأستانة، وعاش في هذا المجلس السعادة الغامرة، وقدم العطاء الكثير للأمة والوطن، لكن هذا النشاط لفت النظر إلى شخصيته، الأمر الذي انعكس على وضعه في سورية فأصبح هدفاً لجمال باشا السفاح، وكان له بالمرصاد كما كان لكل الأحرار من قبل الذين علقهم على أعواد المشانق، فتم التحقيق معه ثم محاكمته ثم براءته.

دخل فارس الخوري السياسة من أوسع أبوابها، ومهدت له شخصيته الجذابة، وثقافته الواسعة المتنوعة، وحرصه على تراث الأمة وثقافتها وتاريخها وفخره برجالات العرب والإسلام. وقد استهل حياته السياسية بمجلس المبعوثان في الأستانة. كما مثل سورية في الحياة العامة، فكان نائباً ورئيساً لمجلس النواب ووزيراً ورئيساً لمجلس الوزراء، وكان أستاذاً جامعياً وحقوقياً حريصاً ومحامياً فذاً. وكان في كل هذه المشاركات العامة يمثل الشعب السوري بكل فئاته مسلمة ومسيحية، فلم يكن يمثل فئة أو أقلية لكنه كان منصفاً وعادلاً. دخل دمشق وهو ابن الريف المسيحي – وقد كان يصعب دخول الريفي إلى دمشق- فاعتلى منابرها كافة، وخاصة في المجالات العامة الصعبة موازياً العائلات الدمشقية العريقة، ومنافساً على أهم مناصب الدولة وبكفاءته المعهودة. وكان من صفوة الوطنيين البارزين في الأمة، ومثّل سورية في الأمم المتحدة، ودافع عن قضية المسلمين المركزية قضية فلسطين ونجح في ذلك أيما نجاح.

عاد إلى سورية بعد رحلته الطويلة في الأمم المتحدة، فاستقبله الشعب السوري ممثلاً بوجهائه وعلمائه ومفكريه وسياسييه. وهنا يجدر الذكر أن نروي حادثة طريفة أثناء استقباله في المطار حيث كان قد أوصى ابنه سهيل بالهاتف أن يأتيه بالطربوش إلى المطار ليلتقي به الناس الذين جاؤوا لاستقباله احتفالاً به وشكره على مواقفه ووسطيته وإنصافه، فلما رأى ابنه سأله عن الطربوش، فعبر ابنه عن أسفه للنسيان، فتقدم شيخ الميدان بهجت البيطار – وهو المعروف بسلفيته- وقدم له عمامته ووضعها على رأسه ، فلك أخي القارئ أن تفسر هذا المدلول الرمزي لوضع عمامة الشيخ على رأس فارس الخوري السياسي المسيحي.

 

فارس الخوري والإسلام

فارس الخوري – كما عبر المؤلف- واثق كل الثقة من عدالة الإسلام، ومن صحة أحكامه، رغم أنه مسيحي متعصب لمسيحيته، لكنه منصف في آرائه متجرد في أحكامه، عميق في تفكيره، صائب في نظراته. وقد جره هذا الإنصاف ليقول: " الإسلام الذي الذي درسته، هو دين يحقق العدالة الاجتماعية بين بني البشر"

ويرى فرقاً واضحاً بين المسيحية والإسلام، ويرى الإسلام أفضل الأنظمة لحكم البشرية.

وكان فارس الخوري يثير المواضيع والخطب والأحاديث مدعمة بالتراث الإسلامي والأحاديث والآيات القرآنية. وقد قال في أحد مجالسه بحضور عدد من زواره ومنهم رجل دين مسحي : " أنا مسيحي، لكنني أجاهر بصراحة أن عندنا النظام الإسلامي، والدول العربية ببساطة باعتبار أغلبيتها يمكن أن تأخذه كنظام لها"، وقال في مجلس آخر: " يمكن تطبيق الإسلام كنظام دون الحاجة للإعلان عنه كإسلام" وقال: " نحن بحاجة إلى حكومة حازمة تؤمن بالإسلام كدين ونظام متكامل وتعمل لتطبيقه" وكان يقول: " أنا مؤمن بالإسلام وبصلاحه لتنظيم أصول المجتمع" ، ويقول أيضاً: " علينا إحياء آثار السلف الصالح".

 

فارس الخوري والإخوان

في النصيحة التي بعث بها فارس الخوري إلى المشير عبد الحكيم عامر: " من أجل مكافحة الأساليب الهدامة أعتقد أن وجود الإخوان ضمان لتأمين الشعب على سلامة عقائده" .

وكان في سورية صديقاً لمعظم قادة الإخوان وسياسييهم بدءاً من مصطفى السباعي وعصام العطار ومحمد المبارك الذي دعاه أكثر من مرة ليكون معه في الوزارة. وكان المبارك- رحمه الله- يقول: " من الغريب حقاً أن يستهان بأمر الإسلام من قبل بعض أبنائه ويعمل على إبعاده عن واقع الحياة، في حين يقف أعظم مسيحي في الشرق ليجهر بضرورة الأخذ بأحكام الإسلام والعمل بشريعته"

وكان الخوري يقول في أكثر من جلسة " إن من الضروري تسليم الحكم لجماعة الإخوان المسلمين ليقيموا حكم القرآن والسنة في الأمة"

لقد ملك فارس الخوري بشخصيته وثقافته ومنطقه قلوب الأمة وحاز على رضاها وتربع على عرش دمشق، فمثلها في كل المحافل ، وقد كان من تلك الفئة القليلة من أهل الحكم والسياسة الذين يعتنقون مذهب عدم الفصل بين السياسة و الأخلاق.

 رحم الله فارس الخوري وغفر له، فقد كان علماً يأتم به الهداة من السياسيين ويثق به أهل العلم والصالحون.

والحمد لله رب العالمين

--------------------

هذا الكتاب يعبر عن رأي كاتبه

 

 

السابقأعلى الصفحة

 

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ