ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء  21/10/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

كتب

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الأصولية المسيحية في أمريكا والرئيس الذي استدعاه الله!

اسم المؤلف: عادل المعلم

عرض وتعليق: أحمد التلاوي

يُخطئ مَن يتصور أنَّ الولايات المتحدة والآلة العسكرية لها خرجت للانتقام فيما بعد أحداث 11 أيلول 2001م، فالحقيقة أن الأمر أوسع من هذا بكثير، وهو مخطط قديم بعيد المدى وجد فرصته في أحداث أيلول، وهذا المخطط لا يرتكز فقط في دوافعه ومرجعياته على الأطماع الإمبراطورية الأمريكية كدولةٍ عُظمى تطمع في قيادة العالم والسيطرة على ثرواته ومقدراته فحسب، بل ترتكز أيضاً على مرجعيات دينية تضرب بجذورها في أعماق المذهب البروتستانتي الذي تحكم أفكاره السياسية ومرجعياته العقيدية الولايات المتحدة والتحالف الغربي الأنجلو- سكسوني كله، مع تعاون وثيق مع الكيان الصهيوني والدوائر اليهودية العالمية.

والكتاب بين أيدينا الآن يتناول حزمة من القضايا والملفات الهامة التي تتعلق بهذه القضية؛ قضية الأصولية المسيحية في الولايات المتحدة والغرب، وكما يقول المؤلف الأستاذ عادل المعلم في مقدمة كتابه هذا: «منذ مطلع العقد الأخير من القرن الماضي، يتصدر مصطلح الأصولية الإسلامية وسائل الإعلام الأمريكية، ومن ثمَّ الغربية، وحتى العربية، ونادراً ما يذكر الإعلام «الأصولية المسيحية» أو «الأصولية اليهودية» برغم حضور كل منهما النافذ على الحكومتين: الأمريكية و«الإسرائيلية» اللتين  تنفذان مخططاتهما بنجاح منقطع النظير، خاصةً في الشرق الأوسط».

وقد لفت النظر كثيراً في مرحلة ما بعد أحداث أيلول المحاولات المستمرة من جانب الولايات المتحدة والإعلام الصهيوني لتلفيق الاتهامات للمسلمين والإسلام عقيدة وجماعات وأفراداً دون تمييز ،وتحويل الحرب ضد ما يُسمَّى «الإرهاب» إلى «حرب صليبية جديدة» كما قال الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في مستهل الحملة الأمريكية على أفغانستان بعد تفجيرات أيلول مباشرة.

والكتاب الذي نطالعه يتكون من جزأين:

الأول عبارة عن عدد من القراءات الغربية المختارة التي توضح الأبعاد الهامة التي تحتلها القضية أو المسألة الدينية في السياسة الغربية، لا سيما في سياسات الإدارة الأمريكية الحالية وعلى رأسها الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن.

أما الجزء الثاني من الكتاب فهو بمثابة دراسة أعدها المعلم عن الأصولية اليهودية والمسيحية من مختلف الجوانب الفكرية والتاريخية، وغير ذلك في محاولةٍ من جانب المؤلف لابراز ما أسماه الدكتور عبد الوهاب المسيري باسم «النموذج التفسيري» للسياسة الأمريكية من وجهة النظر الدينية.

 

.. الرئيس الذي بعثه الرب!

قام معد الكتاب بوضع ثلاث من المواد الصحفية والكتابات السياسية في هذا الجزء من الكتاب، وحرص المعلم على أن تكون هذه المواد بنصها الكامل وهي:

1- «حروب الرحمة» مقال عن مجلة «دير شبيغل» الألمانية نشرته في عددها الصادر يوم 17 شباط من العام 2003م، أي قبيل أسابيع قليلة من الغزو الأمريكي للعراق، بقلم جيرهارد شبورل وهانز هوينغ وهما اثنان من كبار كتاب السياسة الألمان.

2- «بوش والله» عبارة عن تقرير خاص نشرته مجلة «نيوزويك» الأمريكية في عددها الصادر في آذار 2003م، أي قبيل غزو العراق أيضاً، ووضعه المحلل الأمريكي البارز هوارد فاينمان.

3- مقتطفات نصّية من كتاب «مهمة للأداء: لأحقق إرادة خالقي» وهو كتاب كان الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن قد وضعه قبيل حملته الانتخابية لفترة رئاسة أولى في عام 2000م.

ومن خلال ما ورد في هذه المواد- التي حرص المؤلف على أن تكون كلها سابقة في تاريخ كتابتها وإصدارها على الحرب الأنجلو- أمريكية على العراق في آذار - نيسان 2003م لتوضيح حقيقة هذه الحرب وأنها لم تكن وليدة أزمة مفاجئة أو لاعتبارات سياسية فقط - من خلال ما ورد فيها نجد أن فكرة «الدين» في التحالف الأمريكي- الغربي ليست ضائعة بالصورة التي يظهرها «إعلامهم» و«إعلامنا»؛ حيث يروّجون هم في الغرب لفكرة أن الدين لديهم في مجتمعاتهم «العلمانية»- أو التي يدعون علمانيتها- يأتي في الدرجة الثانية، ليدفعوا المجتمعات العربية والإسلامية إلى هجر الدين، فيما هم بلسانهم يعتبرون أنفسهم أكثر شعوب العالم تديناً.

ومن هنا فإن الكنيسة البروتستانتية التي تمثل الأصولية المسيحية مسيطرة في الغالب داخل الولايات المتحدة وبريطانيا، وتلعب توجيهات الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد دوراً كبيراً في رسم السياسة العامة للدولة الأمريكية سواء في الخارج أو على المستوى السلوكي العام لأفراد الإدارة الأمريكية، فالخمور ممنوعة في البيت الأبيض على سبيل المثال، وقامت لورا بوش قرينة الرئيس الأمريكي بمنعها بعد دخولها البيت الأبيض عام 2001م.

وفي هذا الصدد يقول فاينمان في تقريره في «نيوزويك»: «أما داخل البيت الأبيض فإنَّ الأجواء المصبوغة بالصلاة، ومجموعة دراسة الكتاب المقدس- التي كانت دائماً موجودة في البيت الأبيض (حتى آل كلينتون كان عندهم واحدة) موجودة أيضاً الآن، ولكنها أكثر انتشاراً، ومن بين الشخصيات الرئيسية التي تقود هذا الاتجاه جيرسون (الذي يزداد مكتبه اقتراباً من المكتب البيضاوي كل يوم)، وزوجة رئيس طاقم الموظفين أندرو كارد، وهي قسة في الكنيسة المنهجية»، بل إن فاينمان يقول إنَّ والد وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس كان واعظاًً في إحدى كنائس ولاية ألاباما.

وانطلاقاً من هذه «الأجواء الإيمانية» يرضي الرئيس الأمريكي «ضميره» ويقول: «إن حرب العراق «حرب عادلة» وذلك بالطبع- كما يعلق فاينمان- من وجهة نظر المسيحية طبقاً لمصطلحات أوجستين في القرن الرابع وتوما الأكويني ومارتن لوثر قادة الفكر البروتستانتي.

أما كل من شبورل وهوينغ فقد حاولا في مقال «دير شبيغل» أن يؤطرا لكافة المصطلحات التي استخدمها الرئيس الأمريكي بعد أحداث أيلول وقبيل الحرب على العراق مثل: «مَن ليس معي فهو ضدي» و«محور الشر» من خلال المصطلحات التي جاءت في الكتاب المقدس وبعض فقراته التي تتحدث عن «الأغيار» و«الآخر»، وفي هذا الصدد يؤمن الرئيس بوش  كثيراً بقضية بعث السيد المسيح، وبالطابع الإمبريالي للدولة المسيحية لنشر قيمها وأفكارها، وإن كانت الأبعاد السياسية والاقتصادية ليست غائبة عن الأوضاع في العراق والسياسة الأمريكية هناك.

أما لو نظرنا إلى ما كتبه الرئيس الأمريكي ذاته في كتابه المشار إليه، فيكفي أولاً أن نلقي نظرة على عنوانه «مهمة للأداء: لأحقق إرادة خالقي» مما يعني أن الرئيس الأمريكي عندما فكر في ترشيح نفسه لرئاسة الولايات المتحدة كان يعني بذلك أنه في سبيله لأداء رسالة دينية، وأنه بذلك سيكون بمثابة مبعوث إلهي جديد للأرض.

ثانياً ومن خلال سطور هذا الكتاب نلاحظ تأثر الرئيس الأمريكي ومن دعموه من قساوسة- ومن بينهم راعي كنيسة أوستن في ولاية حجر الأساس الأمريكية تكساس- بالفكر المسيحي والكتاب المقدس، وأيضاً بالتراث الديني اليهودي وتاريخ بني إسرائيل، وفي هذا الصدد اختار عادل المعلم بعض الأجزاء ذات الدلالة من كتاب بوش التي يوضح بها فكرته وكلها فقرات توضح مدى ارتباط الرئيس الأمريكي الحالي بالكتاب المقدس ونبوءاته وأفكاره.

 

الأصولية وإمبراطورية «الخير» الأمريكية

يحفل تاريخ المسيحية (واليهودية من قبل) بالعديد من المؤشرات والأدلة التاريخية التي تؤكد على التأسيس الأول لمصطلح «الأصولية الدينية» بمعناه السياسي قد جاء من رحم اليهودية والمسيحية وتبلور أكثر بعد ظهور المذهب البروتستانتي في أوروبا في القرن السادس عشر الميلادي، وتحديداً في ألمانيا على يد كل من مارتن لوثر وجون كالفن في الفترة ما بين عامي 615م إلى 1520م.

ومنذ ظهور الولايات المتحدة أغرم القادة الأمريكيون الجدد بهذا المذهب الذي يضفي الكثير من الهيبة الدينية على كل شيء، وفي الوقت ذاته تتماشى أفكاره مع قيم الحرية والليبرالية التي قامت الولايات المتحدة أوائل أيامها على أساسها، وقام رؤساء مثل توماس جيفرسون بتحدي الآباء الأوائل المؤسسين للدولة الأمريكية وعلى رأسهم جورج واشنطن لفرض هذا المذهب على الكنيسة الأمريكية.

وظهرت في هذا الإطار طائفة «التطهريين» أو «البيوريتانيزم» أو مَن يعرفون باسم الإنجيليين الجدد، وهؤلاء يؤمنون بفكرة «إسرائيل» أكثر من اليهود أنفسهم، لأنَّ الهدف الأسمى الذي ينبغي أن يكون أمام كل مسيحي مخلص هو إعادة بعث السيد المسيح مجدداً إلى الدنيا، وهذا لن يتأتى إلا بقيام كيانٍ يهودي في الأرض المقدسة في فلسطين لجمع يهود الشتات كأول وأهم شرط لنزول السيد المسيح عليه السلام.

ولذلك، ومع صبغ الدولة الأمريكية الجديدة بالصبغة الدينية الأصولية، جرى وضع ذات الصيغة أو الصبغة على السياسة الأمريكية في الخارج باعتبارها «إمبراطورية الخير» في الأرض، وأنها تسعى إلى تحقيقِ رسالة الله تعالى في الأرض؛ ولذلك نجد هذه الحماسة الأمريكية لدعم الكيان الصهيوني وضرب العراق والعرب  والمسلمين باعتبار أننا - عرباً ومسلمين - من «غير المؤمنين»، وأننا سكان الأرض التي يطمعون بها لتحقيق رسالتهم الدينية المقدسة، بل إنه لا ينبغي لنا في هذا الإطار أن ننسى أن الولايات المتحدة حملت لعقود طويلة اسم «إسرائيل الجديدة»!

-------------------

المصدر: http://www.rifaieonline.com/article4.doc

------------------------

عرض هذا الكتاب يعبر عن رأي كاتبه

 

السابقأعلى الصفحة

 

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ