ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 06/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

كتب

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كتاب : على خطا اوباما

الحلقة: (5)

الصفحات: 233 صفحة

الكتاب: على خطى اوباما

تأليف: نيل بلانيل

عرض ومناقشة : د. محمد مخلوف

الناشر: هاشيت ـ باريس ـ 2009

لون بشرة أوباما كاد يحول دون انتخابه رئيساً

لا تقل التحديات التي تواجه العالم في القرن الحادي والعشرين خطورة عن تلك التي عرفها القرن الماضي. وما يؤكده الرئيس اوباما أن الولايات المتحدة لن تستطيع مواجهة هذه التحديات وحدها، ولن يستطيع العالم أن يواجهها بدونها.

قائمة التحديات كما حددها أوباما طويلة وفي مقدمتها إيجاد نهاية «مسؤولة» للحرب في العراق وإيجاد حل للصراع العربي ـ الإسرائيلي ووضع حد نهائي لانتشار الأسلحة النووية بل وتوقيع معاهدة دولية لضمان «أمنها». هذا على خلفية التصميم على أن تلعب الولايات المتحدة دورا مركزيا في العلاقات الدولية، بعد السنوات «العجاف» لإدارة جورج دبليو بوش.

على الصعيد الداخلي الأميركي يتركز برنامج اوباما المستقبلي على تنشيط دور الطبقات الوسطى والفقيرة ودفعها للاندماج الحقيقي في سوق العمل، وذلك على خلفية قناعة ثابتة هي أن قيام «أميركا جديدة أمر ممكن». إن أميركا دخلت بقيادة اوباما في مغامرة البحث عن المصالحة مع نفسها ومع بقية العالم. وبنجاحها أو فشلها قد تتحدد معالم العالم المقبل.

أميركا بالتعريف هي أمة من المهاجرين، يضاف إلى ذلك القول أنها أرض القوانين و«شعب الشعوب». وهي البلاد التي استقبلت المغامرين وجميع أولئك الذين يحلمون بالثروة وحيث حقق الكثيرون منهم ذلك بعرق جبينهم.

ما يؤكده مؤلف هذا الكتاب هو أن «الحلم الأميركي» أصبح أكثر تشوشا. لكن هذا لا يمنع واقع أن حوالي مليون مهاجر يأتون إلى هذه البلاد للإقامة فيها منذ عام 1990، وذلك مقابل حوالي 300 ألف مهاجر خلال سنوات الستينات المنصرمة.

ومع حساب حوالي النصف مليون شخص الذين يدخلون سنويا البلاد سرا أو كسائحين منذ سنوات يتم تقدير عدد الذين يقيمون في الولايات المتحدة بصورة غير نظامية بـ 12 مليون نسمة. وإذا كان المهاجرون يتقاضون اليوم أجورا تقل بحوالي 20 بالمئة عن الأميركيين الذين يقومون بنفس الأعمال، فإن أميركا لا تزال تؤمّن مصيرا أفضل لأولئك المهاجرين مما لو كانوا قد ظلّوا في بلدانهم الأصلية.

بكل الحالات من الواضح أكثر فأكثر أن قلق الهجرة «يثير قلقا متزايدا لدى الأميركيين. وتتوزع آراء هؤلاء بين تيارين، يرى أحدهما أن المهاجرين «يثقلون كثيرا» على أصحاب الشرائح الأدنى من الأجور، بينما يرى التيار الآخر أنهم يدعمون الاقتصاد الذي هو بحاجة لسواعدهم، هذا فضلا عن أنهم يستهلكون كبقية الأميركيين وبالتالي يساهمون في تنشيط اقتصاد البلاد.

 

إصلاحات لم تتم

الإدارة الأميركية السابقة حاولت القيام بإصلاحات في مجال القوانين الخاصة بالهجرة. وأراد الرئيس بوش الوصول إلى مصالحة، تقضي بتسوية أوضاع «المهاجرين السريين» قانونيا مقابل تعزيز الرقابة على الحدود. كانت حساباته وراء ذلك بسيطة وهي أن الأقلية الأكثر عددا من المهاجرين في المجتمع الأميركي تتكوّن من الناطقة باللغة الاسبانية، ويبلغ عددها 46 مليون نسمة، أي ما يعادل 15 بالمئة من مجموع السكان مقابل 12 بالمئة بالنسبة للأميركيين ذوي الأصول الإفريقية «السود».

وهناك نسبة 60 بالمئة من المهاجرين السريين قدموا من المكسيك. كما بلغت نسبة الأميركيين-اللاتينيين، أي القادمين من بلدان أميركا اللاتينية، في عام 2008 حوالي 9 بالمئة من مجموع الناخبين الأميركيين. بالنتيجة كان مشروع الإصلاح المقترح لمسألة الهجرة يصبّ في مصلحة المعنيين من الناطقين بالاسبانية.

لكن المشروع كله سقط عام 2007، أمام مقاومة صدرت من عدة جهات. إن الأميركي «المتوسط» لا يروقه عامة وصول مهاجرين جدد. وينقل المؤلف عن «الايكونوميست» نتيجة استطلاع للرأي يعود لنهاية عام 2007 جاء فيها أن أغلبية الأميركيين يرون أن الهجرة تشكل «تهديدا للقيم وللعادات التقليدية» في البلاد. وهذا ما يعلّق عليه المؤلف بالقول أنه من الصعب على الإنسان أن «يحبس ابتسامته» وهو يقرأ عن القيم التقليدية والعادات في الولايات المتحدة، بلد المهاجرين بامتياز. وتتم إعادة «حذر» أغلبية الأميركيين حيال المهاجرين إلى تقليل فرص العمل.

وفي عام 2008 أبدى الديمقراطيون موقفا حازما جدا حيال الذين يريدون الهجرة إلى الولايات المتحدة، وموقفا منفتحا جدا حيال المهاجرين المتواجدين أصلا في البلاد. وكان ذلك النهج يتماشى في الواقع مع إرادة ناخبيهم. أما الجمهوريون فظهروا وكأنهم لا يعرفون ماذا يخترعون أمام ما يطالب فيه المتطرفون من ناخبيهم بخصوص «طرد» المهاجرين السريين.

وإذا كان موضوع الهجرة والمهاجرين يثير اهتماما كبيرا لدى الأميركيين، فإن المرشحين الديمقراطي والجمهوري تجنّبا إلى حد كبير التطرق إليه أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية. إنه «موضوع حار جدا»، كما ينقل المؤلف عن أحد الأخصائيين بميدان الهجرة في مؤسسة «بروكينجز» الشهيرة.

لكن تجنّب المرشحين له، لا يلغي واقع أنه سيكون من بين أولويات الرئيس الأميركي بعد جورج بوش، ذلك أن «جغرافية جديدة للهجرة» ترتسم في نسيج المجتمع الأميركي. إنهم يتواجدون في السواد الأعظم للأحياء والضواحي في مختلف الولايات الأميركية. بكل الحالات تتوصل التحليلات المقدّمة إلى القول أنه من الصعب جدا لجوء أميركا إلى طرد مهاجريها «السريين». وربما أن طريقا قد ينفتح في ظل إدارة باراك اوباما لتسوية أوضاع هؤلاء المهاجرين.

 

مسألة الانتماء العرقي

لا شك أن مسألة الانتماء العرقي والاثني هي في مقدمة المسائل التي تثار حولها نقاشات كثيرة في الولايات المتحدة الأميركية. وتتوزع «الخارطة العرقية» في الولايات المتحدة حسب المعطيات الإحصائية لعام 2007 بالشكل التالي: هناك 75 بالمئة من الأميركيين هم من «البيض» و12 بالمئة من الأميركيين ذوي الأصول الإفريقية «السود» وأقل من 5 بالمئة من ذوي الأصول الآسيوية وحوالي 15 بالمئة من الناطقين باللغة الاسبانية. هذا بالإضافة إلى عدد قليل من الهنود ومن قوميات أخرى.

كان باراك اوباما هو أول أميركي من أصل إفريقي يتولّى رئاسة تحرير «مجلة هارفارد للقانون»، وخامس «سناتور» في تاريخ الولايات المتحدة. هذا وقد أُثيرت حوله في البداية تساؤلات كثيرة مثل هل هو أسود «حقيقي»؟ أو أسود ما فيه الكفاية؟ وكان كُثر قد أكّدوا دون مواربة أن «أميركا العميقة» ليست مستعدة لانتخاب «أسود» على رأسها. هكذا كتب المحلل السياسي «جون جوريس» قائلا: «إن الانتماء العرقي هو الأكثر عمقا والأكثر قدما والأكثر مرارة بين النزاعات في التاريخ الأميركي كله، وهو السبب الحقيقي وراء الحرب الأهلية التي عرفناها ووراء اضطرابات سنوات الخمسينات وسنوات الستينات».

وشرح آخرون أن الأميركيين «البيض» اقترعوا لصالح اوباما كرمز للبرهان على أن بلادهم قد انتهت من التمييز العنصري. لكن مما يترجم بنفس الوقت شكلا من الإحساس الحارق بالذنب حيال تاريخ مسكون بالعبودية والتمييز على أساس العرق. وكان الجمهوري ابراهام لنكولن الذي جرى انتخابه رئيسا لأميركا عام 1860 قد سعى إلى إلغاء العبودية على الصعيد الدستوري وضمان الحقوق المدنية للجميع.

وكان مما قاله في خطاب له سابق على انتخابه: «إن بيتا منقسما على ذاته لا يمكنه أن يصمد» وأنه لا يريده أن يسقط. لكن حول ذلك الرهان اندلعت الحرب الأهلية التي استمرت ما بين 1861 و1865 لتتأكد أميركا كسولايات متحدة» قد تخلّصت من قيود العبودية. لكن كان لا بد من انتظار انتخاب باراك اوباما في عام 2008 لتقديم البرهان النهائي على ذلك.

 

... ورهان الأمن القومي

أدّت الانقسامات التي عرفها الديمقراطيون حول الحرب الفيتنامية في سنوات الستينات والسبعينات، والفشل الذي عرفته السياسة الخارجية للرئيس كارتر خاصة فيما يتعلق بأزمة الرهائن الأميركيين في طهران عام 1979، إلى فقدان اليسار الأميركي لمصداقية في نظر الرأي العام بخصوص رهان الأمن القومي.

بالمقابل كان وصول رونالد ريجان إلى سدة الرئاسة والمواقف العدائية التي أعلنها حيال الاتحاد السوفييتي السابق والنفقات الهائلة التي كرّسها لقطاع الدفاع وبرنامجه الشهير الخاص بسحرب النجوم» بمثابة أمور أدت كلها إلى أن تستقر في المخيلة السياسية الأميركية فكرة أن الجمهوريين خبراء بما يتعلق بالأمن القومي. وكانت فترة إدارتي جورج بوش الأب ثم الابن قد عرفت ما يسمح بتأكيد تلك الفكرة.

ومن الملفت للانتباه أن أحداثا كبرى مثل سقوط جدار برلين عام 1989 وتفجيرات 11 سبتمبر 2001 «لم تدفع الديمقراطيين كي يستيقظوا ويتنبّهوا» لأهمية موضوع الأمن القومي بالنسبة للرأي العام الأميركي. بل إنهم خسروا الانتخابات الرئاسية لعام 2004 على خلفية هذا الرهان. وكان تلك مفارقة كبيرة إذ تواجه يومها جورج دبليو بوش، الهارب عمليا من حرب فيتنام مع جون كيري، الذي كان قد عاد كسبطل» من تلك الحرب. لكن إدارة بوش عرفت يومها أن تستغل خوف الأميركيين من خطر «الإرهاب الدولي». وحول هذا الملف بالتحديد استطاع الجمهوريون أن يحققوا التقدم على الديمقراطيين.

لكن في أميركا اليوم، أميركا ما بعد 11 سبتمبر 2001 وما بعد بوش، كانت هيلاري كلينتون هي الشخصية الديمقراطية التي أدركت مدى أهمية رهان الأمن القومي. ولم تتردد في أن تُبدي مواقف متشددة وصولا إلى القول في شهر أبريل 2008 أنها سوف «تمحو إيران من الخارطة» إذا هاجمت إسرائيل، بينما كانت إجابة جون ماكين الجمهوري «أكثر اعتدالا» على نفس السؤال. بل ورفضت طيلة حملتها الانتخابية أن تعترف بخطأ دعمها لغزو العراق بحيث تثبّت حيالها فكرة «السيدة الحديدية».

 

ملامح سياسات أوباما

على العكس، كان باراك اوباما أعلن معارضة للحرب ضد العراق. وكان قد أعلن في خطاب عام 2002 حيث كان عضوا في مجلس شيوخ ولاية الينوى قوله: «أنا لا أعارض جميع الحروب (...). لكن ما أعترض عليه يتمثل في حرب غبية». لقد رفض الانضواء، كما فعلت السيدة كلينتون، تحت لواء سياسة صقور إدارة بوش. وبعد أن وجّه انتقادات عنيفة للرئيس العراقي السابق صدام حسين، أضاف: «أعرف أنه حتى شن حرب ناجحة سيستدعي احتلالا أميركيا لفترة غير محددة ونفقات غير محددة أيضا مع ما يترتب على هذا كله من نتائج غير محددة».

ثم وجه خطابه بنوع من التحدي للرئيس بوش: «هل تريد خوض معركة، السيد الرئيس بوش؟ حسنا، فلنقاتل كي يستطيع مفتشو الأمم المتحدة القيام بعملهم، وكي تنفذ اتفاقية لمنع انتشار الأسلحة النووية وكي يقوم أعداء سابقون وحلفاء ماليون كروسيا بتدمير مخزوناتهم منها وكي لا تستخدم أمم كالهند وباكستان الأسلحة الرهيبة التي تمتلكها وكي يتوقّف تجار الأسلحة في بلادنا عن تغذية الكثير من النزاعات في مختلف أصقاع الأرض».

جذب ذلك الخطاب الديمقراطيين كثيرا، خاصة منهم أولئك الذين كانوا يفضلون «حرب» الدبلوماسية. ولم يتردد اوباما في التصريح أثناء حملته الانتخابية الرئاسية أنه مستعد للقاء قادة بلدان، إذا فاز، لم تكن تحظى ب«مودة» واشنطن. وطرح في نفس السياق منظور الانسحاب من العراق. دخول هذه الملفات كلها استطاع اوباما أن يُقنع الأميركيين أنه يريد تجاوزها دون ضعف، بل وفي أفق تدعيم الأمن القومي الأميركي.

يتبع

ـــــــ

المصدر : الراصد للتوثيق الإعلامي

----------------

هذه الكتاب يعبر عن رأي كاتبه

 

السابقأعلى الصفحة

 

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ