ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 21/07/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تابع ـ مشروع الإصلاح

(الأمريكي ـ الأوروبي)

والمقابل الإسلامي

زهير سالم

رؤيتنا للمرتكزات الأساسية لمشروع

الإصلاح العام

ثانياً ـ المجتمع

في رؤيتنا الإصلاحية صلاح الفرد ينبغي أن ينتهي إلى صلاح المجتمع. فالمجتمع الصالح هو مجموعة أفراد صالحين، تنظم علاقاتهم نظم صالحة.

و(الأسرة) هي الخلية الأولى في المجتمع. وهي مؤسسة أولية تأخذ على عاتقها الحفاظ على النوع، وتغذية المجتمع الإنساني بأفراد صالحين.

إن منظومة الأحوال الشخصية في مجتمعاتنا العربية ترتكز أصلاً على الشريعة الإسلامية. وهي ـ منظومة الأحوال الشخصية ـ قابلة للنظر الشرعي الذي يدفع عن المرأة بعض أشكال الضيم، ويلحقها بالإيجابي من حال العصر.

إن من حقنا أن نعرب عن قلقنا لما تتعرض له هذه الوحدة الإنسانية الاجتماعية التي رافقت جميع الحضارات الإنسانية وكانت أساساً لها. إن المشروعات التي تهدد هذا البنيان تحت مسميات /الإصلاح/ أو /الحداثة/ أو /الحرية/ أو حقوق المرأة هي مشروعات ارتدادية خارجة على الفطرة ومؤسسة لمشروع الانهيار الإنساني.

في الإصلاح الاجتماعي..

     نلحظ في مجتمعاتنا انتشار العديد من العادات والتقاليد السلبية الموروثة والمتسربلة أحياناً باسم الإسلام، مما يكسبها بعض القداسة، كما نلحظ انتشاراً مقابلاً لعادات وافدة ليست من العلم والحضارة الحقيقية في شيء. في رؤيتنا الإصلاحية الاجتماعية السعي إلى تقويم الموروث من العادات والتقاليد والانتقال بها إلى دوائرها العلمية والموضوعية الصحيحة كما نسعى إلى التصدي لجملة العادات السلبية المتسربة إلينا من الآخرين.

إن مجتمعاتنا الغارقة أصلاً في دوائر الفردية تحتاج إلى تعزيز جملة من الأخلاق الجماعية والسلوكيات التعاونية لكي يقوم المجتمع المتعاون على البر والتقوى حسب تعليمات شريعتنا (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله..) المائدة: 2.

نحتاج في مشروعنا الإصلاحي إلى التركيز على أخلاقيات التعاون والتناصح في مجتمع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي مصطلحات شرعية تعني الحض الاجتماعي على التمسك بكل ما هو إيجابي والإقلاع عن كل ما هو سلبي.

في إصلاحنا الاجتماعي مطالبون بالتركيز على الإنجاز والإتقان والإبداع كمعطيات حضارية أصيلة في شريعتنا غابت عنها أمتنا طويلاً. إن قيمة الوقت المهدور هي بعض السر فيما نحن عليه من تخلف وقصور.

فد لا نستطيع في هذه السطور أن نمر على كل محطات الإصلاح الاجتماعي ولكننا نقدر أن إصلاح المجتمع في أساسيات موقفه هو بوابة العبور الثالثة بعد الفرد والأسرة إلى مجتمع الإنجاز.

الإطار السياسي

     من أساسيات أي مشروع إصلاحي يقدم لعالمنا العربي والإسلامي أن يتوقف طويلاً عند أشلاء الجسد الواحد الممزق.. عبثاً نحاول أن نصلح عضواً معزولاً عن أصله.

حين يفكر الأوروبيون، وهم على حق، في مشروع تكتلهم الكبير ليخوضوا التحدي الحضاري والاقتصادي المفروض عليهم، كيف يمكنهم إن كانوا يريدون لنا الإصلاح أن ينظروا إلينا فرقاً وأن يفرزونا إلى كتل ومجموعات؟!!

وحدة أمتنا حسب رؤيتنا الشرعية واجب لا يمكن التنازل عنه أو تأخيره (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) الأنبياء: 92. ولكن من مزق هذه الأمة وفرض عليها مخططات التجزيء؟ من فرط عقدها؟ واستحدث لأبنائها من الأسماء والمسميات ما تدور له الرؤوس؟! من مازال يقف في وجه وحدتها أو اتحادها، ويصر على الإمعان في شتاتها مستغلاً نفوساً مريضة، وعنعنات عرقية أو دينية أو مذهبية؟!

لا نقول إن الآخر هو السبب في كل ما أصابنا ومايزال. فثمة رغبات وأهواء ودعاوى كثيرة من بني جلدتنا تصنع واقعنا المطحون.

ولكننا نعتقد جازمين أن طريقنا إلى الإصلاح، وإلى الإنجاز وإلى الحضارة وإلى العصر الذي نعيش لن يكون إلا عبر وحدة حقيقية تأخذ بالحسبان التكامل بين مقدرات الأمة البشرية والطبيعية والسياسية والجغرافية.

إن الوحدة بكل أطرها إنما تقوم على الهوية الجامعة، كل ما بذلته تركية لدخول الإطار الأوروبي لم يشفع لها. الكتلة الأوروبية أصبحت خمساً وعشرين دولة. دول أوروبية صغيرة وكبيرة متخلفة ونامية قُبلت قبل أيام في 1/5/2004 بدون شرط. والعين الأوروبية على هوية الإنسان التركي.. كيف تقبل دولة مسلمة في هذا الإطار المسيحي ـ يتساءلون ـ ثم يتوقفون. لأن السؤال، وإن كان مخالفاً لطروحاتهم إلا أنه يستند على قناعاتهم.

محمول مبادرتي الإصلاح ـ الأمريكية والأوروبية ـ يتركز في هذه النقطة؛ في نفي الهوية الجامعة، الهوية العقائدية (الإسلام) والهوية الإثنية (العروبة).

وبنفي هذه الهوية الجامعة تفقد المنطقة عنوانها وخصوصيتها وتتكرس التجزئة التي هي المحور الثاني لمحمول المبادرتين وبغياب الهوية والعنوان تنشأ القابلية لإدماج الدولة العبرية أي لتحقيق المحور الثالث من محمول المبادرتين.

فلسطين.. والوجود الصهيوني

لن نأتي بجديد إذا قلنا إن حماية الوجود الصهيوني، والسعي بإلحاح إلى إدماجه في المنطقة هي لب السياسات الخارجية المفروضة علينا. وأن هذا الوجود هو السبب المباشر لما نعاني منه من اضطراب وفوضى واستبداد وتخلف.

كل الظروف التي فرضت أو انشئت إنما كانت لخدمة المشروع الصهيوني. الوجود الصهيوني كان هدفاً وكان سبباً وكان ذريعة ومايزال..

وإدماج هذا الوجود في المنطقة هدف غير الاعتراف الشكلي به، هذا الاعتراف الذي لم يحقق المقصود منه ـ تجربة مصر ـ على الضمير العربي والإسلامي أن يدفع ضريبة رفضه لهذا الوجود.. ولذا تشن هذه الحروب، وتساق هذه المبادرات. إسرائيل قامت وماتزال بقوة الآخر بدعمه بالسلاح. إسرائيل ماتزال تعتاش على أموال دافع الضرائب الأمريكي. المطلوب اليوم أن تتحول هذه الكفالة الاقتصادية إلى المواطن العربي. أن يعتقد المواطن العربي أن إسرائيل (البقعة النظيفة) كما قال بيريز في عالم القذارة تستحق أن تجبى إليها الخيرات، وأن على (الجوبيم) العربي أن يؤدي الأتاوة إلى سيده العبري.

أي مشروع إصلاحي في المنطقة لن ينجح إذا لم يتصد لبؤرة الفساد هذه. لا بد لمبضع الجراح أن يعمل، ولا بد للعدل كقيمة إنسانية أن يأخذ مجراه، ولا بد للفلسطيني الذي طرد من دياره أن يعود إليها، ولا بد لليهودي أن يقنع أنه واحد من البشر وأن ينسى أساطيره عن شعب الله المختار.

المنهج

     يحتاج الإصلاح إلى منهج رشيد يقوم عليه. نعتقد في الإسلام ديناً وشريعة ومنهج حياة. في هذا الإعلان الإصلاحي على أساس الشريعة الإسلامية بعض النقاط التي تحتاج إلى تحرير..

أولاًـ الخلاف بين مسمى (الدين) حسب المسيحية أو اليهودية وبين الإسلام. فكلمة (إسلام) مع أنه دين رباني منزل تشمل دوائر أوسع منها ما هو في عالم النفس ومنها ما هو في عالم الواقع. وليس في الإسلام طبقة تسمى رجال الدين أو الأكليروس أو الكنيسة. المؤسسة الدينية غير موجودة في الإسلام. وإنما العلم النظري مع التقوى هو الذي يؤهل كل مسلم للاجتهاد في أمر الإسلام.

ثانياًـ إن الشريعة الإسلامية قامت في معظمها على مقاصد عامة في حياة الناس تتركز في العدل والإحسان وتحقيق المصالح ودرء المفاسد عن الإنسان وحماية دينه وحياته وعقله وعرضه وماله. وهذه تركت دائماً للإنسان ليجتهد بطرق تطبيقها وتحرير مناطاتها. وأما الأحكام التفصيلية فهي لا تشكل 10% من الشريعة الإسلامية، وهي تشمل بشكل عام قانون الأسرة والأحوال الشخصية، وجانباً من قانون العقوبات فيما اعتبره الإسلام جنايات كبرى على النفس أو العقل أو العرض أو المال.

العقود في الشريعة الإسلامية جميعها، بما فيها عقد الزواج عقود مدنية رضائية، تقوم على الإيجاب والقبول بين أطرافها. والعقد في الإسلام شريعة المتعاقدين مادام في إطار القانون العام وهي ببعدها المدني هذا لا تحتاج إلى تدخل من رجل دين أو كنيسة وإنما يمضيها أصحابها بمحض إرادتهم وتوثق صيانة لها بشهادة الشهود.

والحاكمية في الإسلام لله..

     ليس بمعنى كف الفكر والاجتهاد عن تدبير المصالح والنظر في العواقب. بل بمعنى أن المرجعية النظرية والعملية للمجتهد المسلم في شرعة الله، وليست رغباته أو هواه ودائماً ردد الفقهاء المسلمون (حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله).

إن الدراسة المقارنة للتأسيس التشريعي للشريعة الإسلامية بعيداً عن الهوى، أو أخذ الجانب العرضي من العلم، تؤكد أن الشريعة الإسلامية هي فوق كل الشرائع من حيث قدرتها على حماية الإنسان وتحقيق مصالحه والخروج به من دوامات الهوى التي يحاول البعض أن يزجه فيها..

الحقيقة الكبرى في التشريع الإسلامي تكمن في التجديد الإسلامي وتنزيل النصوص على الوقائع، وربط المبادئ بالنتائج وهي التي تضفي على الشريعة الإسلامية أسرار خلودها.

الإدارة.. الحكم الصالح

     كل التأسيسات التي سبقنا بها لن تكون ذات بال إن لم تتوج بإدارة صالحة، أو بحكم صالح. في السعي إلى الحكم الصالح تعتبر آلية الاختيار الحر مدخلاً أساسياً ولكننا لا نراه مدخلاً وحيداً.

في منهجنا الإسلامي الذي أشرنا إليه اعتبرت الأمة بإجماع الفقهاء مصدر الولايات.. واعتبرت الإمامة عقداً بين الحكام والمحكومين قوامه الإيجاب والقبول. وأعطي كل فريق من طرفي العقد حق الاشتراط المسبق. وأعطي الفريقان إذا ما أخل أحدهما بالعقد حق الإقالة والاستقالة..

واقعنا العربي والإسلامي بعيد عن معطيات شريعتنا كما هو بعيد في الوقت نفسه عن منجزات العصر الذي نعيش..

إصلاح آلية اختيار الحاكم على أساس شوري (ديموقراطي) مطلب تأسيسي أولي. وتبادل السلطة مطلب مكمل. وألية محاسبة الحاكم مطلب ثالث مسدد وإنضاج المؤسسات والوسائل لتحقيق الأهداف العامة كل أولئك من مناطات الحكم الصالح.

نعتقد أن إقامة الحكم الصالح في المجتمع الصالح هو أساس نجاح أي مشروع إصلاحي. وحين تأخذ هذه الخطوات بعضها برقاب بعض ينتفي تلقائياً من عالمنا: الجهل والفقر والتخلف والظلم والفساد وتقوم دولة العدل والحق، والإنجاز والحضارة. دولة الإسلام.

خاتمة

     في رؤيتنا الإصلاحية المختصرة تلك أحببنا أن نؤكد أن مشروعات الإصلاح لا يمكن أن تكون انتقائية أو جزئية أو منقوصة. وفي هذه الخاتمة نحب أن نقول إن أي محاولة للتسلل إلى المنطقة من غير إذن أهلها لن تكون ناجحة أو مسددة. وأن احترام الشعوب الأولي، والحوار معها على أساس هذا الاحترام هو أول الطريق إلى الغد الأفضل.

وإن إصرار الآخر على أن يأخذ ما يريد ويفرض ما يريد بالطريقة التي يريد هي أساس البلاء.

الخلل يكمن في العقلية وفي الموقف وليس في المناهج والأدوات وعندما يصلح الآخر هذه العقلية وهذا الموقف فإن الجميع سيلتقي في ساحة التعارف والتآلف والتعاون على الخير.

انتهــى

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ