ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 14/02/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

 

 

   ـ دراسات  ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

في التطويروالتنوير

 

جســور

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


دراسات / رقم (10)

بسم الله الرحمن الرحيم

على طريق الحوار الإسلامي

زهير سالم*

هذا البغي المذهبي

لن نسكت عنه.. ولن نستجر إليه

لا يحب الله الجهر بالسوء من القول

إلا من ظلم

أمة واحدة

هذه ورقة طالما تمنينا أنها لا تكون، وإنما نكتبها بقلم الاضطرار. لأننا نعتقد أن المعركة الكبرى المفتوحة على هذه الأمة، أمة الإسلام، في ميادينها: العقائدية والسياسية والفكرية والاجتماعية تشغل العقلاء عن كل المعارك البينية الصغيرة، وتتقدم حسب الأولويات الشرعية والعقلية على كل الاهتمامات.

تعج الساحة الإسلامية اليوم بالتناقضات والصراعات. ومنذ أن وطأ المحتل الأجنبي أرض العراق الشقيق، برز بشكل أوضح وجه آخر للصراع. وجه كنا نلمحه على ساحتنا منذ عقود فنتغاضى عنه حكمة لا غفلة، وتجاهلا لا جهلاً؛ ولكنه يوما بعد يوم بات يمعن في بغيه وغلوائه حتى غدا السكوت عليه ضربا من التفريط، والتغافل عنه تغافلاً عن باب للشر إذا تمادى أودى.

أمة واحدة

نعتقد نحن، أهل السنة والجماعة، أو العامة بمعنى خامة الإسلام وخاصة أهله وسوادهم أن  أمة الإسلام واحدة. وأن ما يجمع أهل القبلة أكثر، وأن على المسلمين في كل أحوالهم وتقلباتهم أن يكونوا يدا على من سواهم. وأن حاجة أمة الإسلام إلى إبراز ملامح وحدتها، وشد عرى إخوتها في النائبات أصل لا يزيغ عنه إلا باغ أو مفرط. وأن تعظيم الجوامع للبناء عليها، وتجاوز التباينات أو تهميشها فعل العقلاء الراشدين، ومنهج الهداة المهتدين.

ونعتقد أن المذهب الإمامي الجعفري هو مذهب من مذاهب أمة الإسلام. وأن الشيعة الإمامية (الاثنا عشرية) مسلمون موحدون. وهم على ما يقرر جمهور علمائنا جزء من نسيج هذه الأمة، ومكون من مكوناتها، ولا نبالي بقول من شذ أو خرج على قول الجمهور. وأنهم أي الشيعة الإمامية الاثنا العشرية في أصولهم وفروعهم أكثر خصوصية في القرب من الجادة والبعد عن الغلو، شهادة لا تلغي المفارقات، ولا تتجاوز التباينات، ولا تدهن في مقام بيان، ولا تجامل إذا اقتضى المقام مقالا، ولا تتناسى ما صدر أو يصدر عن بعض القوم من غلو.

ولقد ظلت هذه العقيدة دائما، وهي والحق يقال، متبادلة بين أولي الأحلام والنهى، أساساً للعقلاء يبنون عليه ويلتقون في رحابه فيمتنون الأواصر، ويشدون العرى ويخففون من ضرام الفتنة وأوار التعصب.

بهذا الإيمان الذي لا نماري فيه، وفي ظلال هذه الشهادة التي نتمسك بها، نكتب هذه الورقة. نتوجه بها إلى أبناء أمتنا كافة ليعوا ما حولهم ويدركوا حقيقة ما يدبر لهم، ونتوجه بها إلى إخواننا أهل السواد الأعظم حدا يلزمونه، ومحورا يدورون حوله، وفي الوقت نفسه نذير خطر يرصدون معنا أبعاده وانعكاساته ويتنبهون وينبهون إليه. ويبادرون  لدفعه بالتي هي أحسن، أو لاحتوائه إذا أمكن احتواء، أو للتصدي له بمنهج لا يغيب عنه الرشد والحزم، وتجتمع عليه القيادات والنخب والشعوب.

ونتوجه بها إلى أشقائنا الشيعة إلى أولي الأمر على كل صعيد، وإلى النخب الواعية المثقفة المدركة لموطئ القدم ولحقيقة ما يرصد لهذه الأمة. دعوة إلى صياغة ميثاق شرف إسلامي يحط عن الأمة إصر التدابر والصراع، ويكف يد التعصب، ويلجم لسانه، ويغلق علينا وعليهم بابا للشر لا خير للأمة في فتحه.. فهذه الورقة دعوة للخير وبالخير تحاول أن تضع بعض الحق في نصابه، وتعفو عن كثير، على أمل ورجاء، ألا يضطرها مقام آخر إلى مقال الاضطرار..

نكتب هذه الورقة مذكرين أن العدو المتربص أو الجاثم على أرضنا لم يفرق في معركته بين سني وشيعي وعربي وعجمي متطلعين إلى مستقبل تعيش فيه الأمة وحدتها الحقيقية؛ الوحدة لتي تشكل السلاح الذي دونه كل سلاح تنفق من أجله الأموال وتخاض التحديات.

أمة واحدة

حقيقية لها رصيدها الشرعي (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون..) وتجسدها التاريخي، ومقتضاها الواقعي. وهذه هي ركيزة موقفنا وأساس رؤيتنا وأفق حركتنا والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

المسلمون الشيعة

يشكل المسلمون الشيعة 15% من تعداد المسلمين العام في العالم، حسب أقرب الإحصاءات للحقيقة. ويتوزعون بنسب مختلفة في كل من إيران وأذربيجان والهند وباكستان وبعض جمهوريات آسية الوسطى والعراق وأطراف الجزيرة العربية ولبنان واليمن.

ولقد واكب الوعي الإسلامي الشيعي الوعي الإسلامي السني وتحرك معه في أفق واحد منذ مطلع القرن الماضي. وعانق الدعاة الحركيون من الشيعة دعوة جماعة الإخوان المسلمين، فنهلوا من مناهجها، وترجموا كتبها ووجدوا في فكر البنا وسيد قطب والمودودي ضالتهم، فانعقدت أواصر الأخوة والتراحم بين الطرفين. واعتمد الإخوان المسلمون كتب السيد باقر الصدر في مناهجهم، واعتبروه مرجعا من مراجعهم العلمية، وعدّوه، رحمه الله، بعد إعدامه واحدا من شهداء الحركة الإسلامية الذين طالتهم يد الظلم في مصر والشام والعراق. وقد سبقه إلى الشهادة في العراق العلامة الشيخ عبد العزيز البدري فلم يكن الظلم يفرق بين سني وشيعي.

الدعاة المسلمون ودورهم في وحدة الأمة

خاضت حركة الإخوان المسلمين مع نخبة صالحة من أهل العلم والفقه والتقى في العالم الإسلامي معركتها على محورين: الأول التصدي لمشروع التغريب الخارجي الذي حملت رايته أنظمة الاستبداد والنخب المتحالفة معها. والمحور الثاني عملية مراجعة داخلية للموروث الإسلامي كما آل إلى المجتمعات الإسلامية وما علق به خلال خمسة عشر قرناً، فجاهدت لتنفيذه لتنقية الموروث الإسلامي من كل ما أضيف إليه أو حمل عليه، ولتصحيح الموقف الإسلامي المعاصر برفض كثير من أنماط السلوك القائمة على الشذوذ والتطرف والتعصب.

كما عملت حركة الإخوان المسلمين متحالفة مع نخبة من أهل العلم في الميادين المختلفة على تخليص المجتمع المسلم من عقائد وعوائد وطرائق للتعبير عن الالتزام الإسلامي ليست من الإسلام في شيء. كما حررت السلوك الإسلامي من كثير من (الطقوس) الضارة التي لا تناسب روح العصر ولا مقتضيات المشروع الإسلامي الناهض إلى استرداد راية الريادة البشرية. علمت الناس أن الجهل مادة التعصب. وأن الفقه يفتح دائما الآفاق لسعة الناس باختلافاتهم وتبعياتهم. علمت الناس أن الكتاب والسنة الثابتة الصحيحة هي مصدر الإسلام الثابت، وأن كل ما عدا ذلك قابل للنظر والأخذ والرد. علمت الناس أن زيارة القبور لا تكون إلا للعبرة بحال أهلها، وأن ما يجري في الكثير من مآتم المسلمين، أو في (موالدهم) ليس له أصل شرعي وعقلي يعتمد عليه. فتحت أمام جماهير المسلمين آفاق المعرفة وحضت الرجال والنساء على طلب العلم ويسرت لهم سبله، ودعتهم إلى التفكير العقلاني القاصد لإدراك حقيقة ما يقبلون وما يردون.

وكانت جماعة الإخوان المسلمين مع العلماء الصالحين يراقبون عن بعد الساحة الإسلامية الشيعية، مفوضين حركة الإصلاح لأهلها، مقدرين أن النخب الدعوية من الإخوة الشيعة، يسيرون بالتوافق في نفس الطريق لنبذ كل ما ألحق أو لحق بالموروث الإسلامي. وكانوا دائماً يغذون ساحتهم بعوامل الحب والتسامح وقواعد الإخاء والتفاهم على القاسم المشترك الكبير (أركان الإسلام والإيمان).

تمسك الإخوان المسلمون مع علماء الأمة في حركتهم الإصلاحية بالكتاب الكريم وبما ثبت لديهم من صحيح السنة. واعتبروهما أساس حركة تجديد إسلامي معاصر يرقى بالأمة إلى غايتها، وأراحوا أنفسهم من كثير من العنعنات التاريخية، والرؤى المذهبية الضيقة فاختفت من حياة مجتمعاتهم تقريبا العصبية التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر ومطلع القرن لعشرين إلى المذاهب الفقهية الأربعة!! كما تجاوزت الحركة الإسلامية في اليمن التحدي الزيدي – الشافعي بحكمة الطرح عند النخبة الزيدية نفسها وبخلوص النية وباعتماد أعلام من تاريخ الفقه الزيدي مثل (الصنعاني والشوكاني) أمثلة نضربها في هذا السياق لتكون منهجا.

في جلسات الحوار العام والخاص يلتقي المسلمان السني والشيعي في إطار الموقف الدعوي أو الحركي على الكلمة السواء. ويستشعرون معا ظل الإخوة والمعاني الحقيقية للانتماء للأمة. ومع أننا كنا نتوقع جهدا على الساحة الشيعية يوازي ما جرى ويجري على الساحة السنية إلا أننا والحق يقال فوجئنا بأن الواقع العام للمسلمين الشيعة لم يغادر صفين ولا (كربلاء)، بل زاد عليهما حصيلة أجيال من التعصب والعقائد الباطلة والأفكار الخاطئة.. فكرّ علينا جميعا البلاء.

هذه الشكوى من بعض البواعث الحقيقة لكتابة الورقة. لأنه لا يمكن أن يكون لجمهورية إسلامية، أو لمجموعة مسلمة، أو لفرد مسلم يعيش همّ الأمة وهمّ مستقبلها الإنساني والحضاري والسياسي والاقتصادي، وهو مشغول أو متشاغل بترهات النزاع الطائفي وبأيهما أولى بالخلافة منذ ألف وخمس مائة عام. يشغل نفسه ويشغل من حوله من المسلمين في وقت أحوج ما نكون إلى طرح سؤال أيهما أولى بريادة العالم: الرأسمالية المادية الجشعة بكل زيفها وغثائها أو الإسلام العظيم الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم؟! فجأة اختفى عن الساحة في إيران والعراق وإلى حد كبير في لبنان صوت الدعاة المسلمين من الشيعة الذين كان العالم الإسلامي يعول عليهم في المشاركة في تحمل العبء، والدفع بالركب، ليستقل بهذه الأقطار فريق من أهل التعصب الذين ما زالوا يعيشون التاريخ، ويرفضون مغادرة خيامه، ويبذلون جهودا مضنية إلى جر الأمة، كل الأمة إلى مستنقعات الصراع على أساس ما كان فيه.

ومن هنا تأتي ورقتنا هذه نداء إلى أولي الأحلام والنهى مرة أخرى، إلى كل الذين آمنوا بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، وبالقرآن إماماً وحجة قبل أن يكون سنة وشيعة، وخلافة وإمامة. إلى الذين آمنوا بالإسلام الرسالة الرحمة للعالمين؛ للعمل للعودة بالركب إلى الجادة، وبالأخذ على أيدي أهل الغلو والتعصب لننجو جميعا من فتنة يدبرها عدو ماكر ويديرها قاصد أو جاهل.

ندعوهم لننقي معاً واقع المسلمين من الإرث التاريخي الذي ينوء به. ممثلاً في ملحقات لا تصح من العقائد والأفكار والوقائع والمواقف والأدبيات. ملحقات صنعها ظرف تاريخي مضى وهي بالباطل أشبه منها بالحق، من وعاء الفتنة خرجت وإليها تدعو وتعود، ونذكرهم قوله تعالى (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون..) وقوله، بعد أن أصبح النيل من أصحاب رسول الله الذين كانوا معه يصبحنا ويمسينا، (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً..)  وقوله (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان. ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ..)

نذكرهم أن حب محمد وآل محمد دين يعتقده جميع المسلمين. فلا ينبغي أن يكون ساحة مراء أو جدل أو مزاودة من فريق على فريق. ونذكرهم أن النيل من الصحابة صغيرهم أو كبيرهم، قريبهم أو بعيدهم إنما هو مدرجة لزعزعة بناء الإسلام، والإتيان عليه من قواعده. فعن طريق الأصحاب هؤلاء رضي الله عنهم تلقينا القرآن والإسلام والإيمان!! فماذا يبقى لنا من بعد غير قال أرسطو وقال أفلاطون وقالت الحكماء.. وأين يقع ما يرويه أشقاؤنا الشيعة أنفسهم من أقوال الأئمة، إن صح، من تراث الأمة العظيم؟!

نذكرهم أن التقية.. أصل شرعي في فقه الضرورة مقرر عند فقهاء الإسلام أجمعين.قال تعالى: (إلا أن تتقوا منهم تقاة..) وقال: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان..) وأن عمار بن ياسر يوم اكره فقال ما قال تقية، جاء رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، يبكي!! فهل لبكاء عمار بن ياسر رضي الله عنه وعن أبيه وأمه في هذا السياق معنى عند الإخوة الشيعة؟! أليس من معانيه ألا تستمرئ هذه الضرورة فتكون عادة ونمطا للسلوك، لا أسلوباً للتعامل مع الناس.

(التقية) كما آلت إليه عند بعض الناس قاعدة أساسية لنسف وقائع التاريخ لقراءته بالرغبة والهوى. ولإبطال كل الشواهد القائمة على وحدة الأمة.. فهل يعقل أن يقال أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عن صلى عشرين سنة، بل يزيد، وراء الخلفاء الثلاثة من قبله: أبي بكر وعمر وعثمان تقية!! ألا تكفي هذه لأولي الأحلام والنهى للاعتبار.

بايع تقية!! وصلى خلف الأئمة من قبله تقية!! وزوج بنته زينب لعمر رضي الله عنهم أجمعين تقية!! وأرسل ولديه الحسن والحسين للدفاع عن عثمان رضي الله عنهم جميعا تقية!! وشاوره وناصحه مناصحة الصادق في مواطن كثيرة تقية!! وبايع الحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة معاوية بن أبي سفيان، فأصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين تقية!! وبايعه الحسين بن علي ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشرين سنة تقية!! كلمات نكتبها للتأمل والذكرى..

نذكرهم وهم أهل للذكرى –أن الشورى بنص القرآن العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هي مناط (الأمر) وعليها مداره. و(الشورى) تتنافى والعصمة في أمور الإمامة وتتنافى والنص على (الإمام). قال (وأمرهم شورى بينهم) وأي أمر أعظم عند المسلمين من أمر إمامتهم، وخاطب المعصوم في البلاغ عن الله فقال له: (وشاورهم في الأمر..) فأي خيار أصدق تعبيراً عن حقيقة الإسلام وأكثر تحقيقاً لمصالح الأمة من القول به إشارة ثالثة للذكرى.

نذكرهم أن زيارة القبور والوقوف بالمشاهد لم تكن إلا للعبرة لحال الأموات، وللاستعداد لضمة القبر. ولو أراد الرسول أن يخص أحدا من آل بيته بشيء لخص عمه حمزة، وزوجه خديجة أم الزهراء رضي الله عن الزهراء وأمها، ولخص ابنتيه أم كلثوم ورقية[1]. ونذكرهم أن في الكثير من المزارات التي يبنون عليها المشاهد قبورا خالية!!

أو ليس من حقهم أن يتساءلوا عن نزيل أو نزيلة قبر السيدة زينب الحقيقي في دمشق؟! وهل جسدها الطاهر في مصر أو في الشام؟! أو كيف وصلت إلى هذا أو ذاك المكان؟! وأن يتساءلوا بالمنهج العلمي عن نزيل القبر الموسوم في القاهرة بسيدنا (الحسين)؟! وماذا وصل بالحسين إلى القاهرة؟! هل يتفرغ باحث فهم للتحقيق في أمر المشهد الذي يحشدون لتعظيمه اليوم في حلب ليعلموا أن هذا المشهد الذي يسمونه مشهد النقطة!! وأي نقطة؟! كان ديراً للنصارى يذكره شعراء حلب ويتغنون به وبما حوله من أشجار وثمار دير (مرث مروثا..)

أليس من اللائق شرعا وعقلا أن يوجه عامة المسلمين وخاصتهم عن إضاعة أوقاتهم وأموالهم في الحج إلى هذه المزارات!! وأن يلقن عامة المسلمين وخاصتهم أن اللطم على الأموات كائنا ما كان شأنهم ليس من شريعة الله في شيء!! ولو كان اللطم شرعة لبادرت إليه الزهراء على أبيها وهي التي لم تزد على أن قالت: كيف طابت أنفسكم حتى حثوتم التراب على رسول الله قالتها تعبيرا عن ألم وليس عن استنكار وضمت إليها أن أنشدت:

ماذا على من شم تربة أحمد           ألا يشم على الزمان غواليا

هذه الطقوس والمشاهد إنما أريد لها أن تكون نقاط ارتكاز للإمساك بتلابيب المسلمين الغفل الأبرياء من أبناء المذهب وتسييرهم والسيطرة عليهم. كما أريد منها أن تكون نقطة انطلاق لتصيد مسلمين آخرين وجذبهم من حقيقة حبهم لمحمد وآل محمد، صلى الله على محمد وآله.

ذكرى نضعها بين أيدي أولي العلم والحلم والذكرى تنفع أهلها إن شاء الله، وإنما أردنا مقاربات لا استقصاء لميادين المراجعات التي يجب أن يتوقف عندها قادة الشيعة ونخبهم للانطلاق بالمسلمين إلى أفق العصر، ووضعهم أمام تحدياته الحقيقية، ولإعادة قراءة التاريخ، وصياغة الواقع على ضوء من الحقيقة والفهم المستقيم. ذكرى والذكرى تنفع أهلها لنميط عن كاهل هذه الأمة، وعن أبناء هذه الأمة الكثير من عبء الاغترار والتغرير.

الحركة الإسلامية وموقفها من القضية الطائفية

على أساس المقررات السابقة، العقيدية والشرعية والسياسية، وقبل أن تنتصر الثورة الإسلامية في إيران، كانت الحركة الإسلامية قد حزمت موقفها، وبدأت تبشر بين قواعدها وفي محيطها بضرورة السعي الحثيث إلى وحدة الأمة وتجاوز أخاديد الفرقة. تتمسك بالموقف الشرعي تارة، وتنظر بعين الضرورة إلى طبيعة الصراع القائم تارة  أخرى. ومنذ وقت مبكر انخرطت الحركة الإسلامية في سورية – مثلا-  في مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية. واستقبلت المجاهد نواب صفوي على أنه أحد رجالات الإسلام في العصر الحديث. ومدت يدها إلى المسلمين العاملين في إيران، إخوة في الدين والدرب على طريق التحرير..

مع تباشير مرحلة انتصار الثورة وقيام جمهورية إيران الإسلامية، قادت الحركة الإسلامية تيار التعاطف الشعبي مع هذه الثورة على أنها ثورة المسلمين في إيران، متجاوزة البعد المذهبي بل كانت تفند كل الشبهات التي يطلقها الحذرون والمترددون. وتحملت عبء معارضة الموقف العربي الرسمي الذي اتخذ موقفا معترضا للثورة ومسيرتها. وتبنت الحركة الإسلامية في العالم العربي أجمع أمر الثورة، ودافعت عنها وبيانات الحركة ومقالات كتابها في كل من مصر وسورية والمغرب العربي أكثر من أن تحصى..

-اتخذت الحركة الإسلامية موقفا وسطا في الحرب العراقية الإيرانية. انحازت دائما إلى المطالبة بوقف إطلاق النار، وحقن دماء المسلمين من أبناء البلدين الشقيقين. وأدانت الحركة بأكثر من طريق كل أعمال الإبادة التي كان يتعرض لها المسلمون في البلدين بأي سبب أو تحت أي ذريعة.

- تمسكت الحركة الإسلامية –من جانبها- بموقف إيجابي طيب ومتفائل مما يجري في إيران، ووظفت ثقلها في إطار التأييد للمشروع الإسلامي هناك بكل أبعاده.

- انغمست الحركة الإسلامية في لبنان في علاقة واسعة مع شيعة لبنان موحدة الموقف الإسلامي، متجاوزة كل العنعنات الطائفية على بصيرة وعزم وتصميم.

- ما تزال الحركة الإسلامية في عموم الأقطار تتقدم بالدعم المعنوي الذي تقدر عليه للتصدي للتحديات التي تواجه إيران في صراعها مع العالم الخارجي وتدافع عن قضاياها.

- في المعركة الأخيرة على الساحة اللبنانية أسقطت الحركة الإسلامية العناوين الطائفية على حساسيتها لتعلن دعمها للمقاومة. وانطلق هذا الموقف من كثير من أقطار المسلمين.

- ما يزال الخطاب الإسلامي الحركي العام، رغم فداحة الخطب- يتمسك بفحوى الانتماء إلى الأمة الواحدة[2]، ويستنهض الموقف للالتقاء عليه وإن لم تخل الساحات من دعوات انفعالية ترد على ما جرى ويجري هنا وهناك.. ولكن أمام هذا أو ذاك ماذا كان الواقع على الطرف الآخر!!

على الطرف الآخر

لقد كانت الصدمة الأولى للحركة الإسلامية العالمية، في إعلان جمهورية إيران الإسلامية لهويتها المذهبية في الدستور الجديد. خطوة نظر إليها بريبة وحذر، ولكنها استوعبت في سياق عام لرؤيتنا للأمة الواحدة.

ثم بدا لنا، ما ظن أنه حركة تصفيات داخلية، كما يحدث في كل الثورات، أن الثورة التي كانت تستوعب المتعدد بطيفه الإيراني: الوطني والإسلامي باتت تميل إلى التضييق على ذاتها وعلى الآخرين.. ويوما بعد يوم غدونا نلحظ تصفيات لرموز شاركوا عمليا في الثورة وقادوا ركبها. اعتبرنا هذا إلى حين شأنا إيرانيا إلا أن الموقف من (أهل السنة) الذين يعيشون في إيران، وهم يشكلون ثلث السكان، لم يكن مما يبشر بالخير.

وعلى قادة إيران أن يتأكدوا أننا لا ننسى إخواننا هؤلاء، نتحسس جراحهم وآلامهم، وما يعانون من عزل سياسي واجتماعي، ومما هو أكثر من العزل، نؤثر مداراة الجراح والسكوت على الآلام، انطلاقاً أيضاً من استشعارنا للهم الأكبر في سياقه العام.

يذكر أبناء الحركة الإسلامية في سورية الصمت (المهيب!!) الذي قابل به آية الله الخميني وفد الحركة يوم وضعت بين يديه مجريات الوضع الداخلي الدامي!! صمت ما يزال أبناء الحركة يذهبون في تفسيره مذاهب شتى دون أن يقر لهم على رأي قرار. يستشفع كثيرون في تفسير هذا الصمت بما تكشف بعد ذلك من تحالف بنيوي بين نظامين: نظام ثوري بمشروع إسلامي يشمل الحياة بكل آفاقها، ونظام قومي علماني تغريبي!! نظام يرفض حتى الآن التنازل عن أرض فلسطين ويرسل رئيسه الصواعق المحرقة يوما بعد يوم مهددا وجود إسرائيل وبقائها، ونظام يصافح رئيسه الرئيس الإسرائيلي، ويعلن أنه مستعد للعيش جنبا إلى جنب مع هذه الدولة، ويجعل (السلام!!) خياره الاستراتيجي الوحيد. علاقة لا يزال المحللون الموضوعيون عاجزين عن إيجاد تفسير عملي لها. ولقد تمادت هذه العلاقة لتتجاوز أفق المصالح السياسة أو التحالفات التكتيكية إلى حالة أمست تطرح بإلحاح الكثير من التساؤلات.

في رؤيتنا السياسية لهذا التحالف في أفقه الإقليمي والإسلامي يتراكم الكثير من الغبار والتساؤلات ومهما يكن من شأن فقد باتت رؤيتنا أكثر وضوحا لمشروع خطير يهدد وجود الأمة ووحدتها. حالة نضع عناوينها فقط بين يدي الرأيين العام والخاص ذكرى.

- حقيقة التعاون الإيراني الإسرائيلي، إبان الحرب العراقية الإيرانية.. أهدافه وأبعاده ومغزاه..

- حقيقة الإعلان عن أمريكا أنها الشيطان الأكبر ثم الصفقة المريبة مع الإدارة الأمريكية المعروفة (بإيران غيت)

- حقيقة التصريحات الأمريكية - الإيرانية: أنه لولا المساندة الإيرانية لما كان باستطاعة الإدارة الأمريكية احتلال أفغانستان والعراق.

- الموقف المريب الذي تصطنعه القوى المؤتمرة بأمر طهران من الاحتلال الأمريكي في العراق. وما يقابله من لعب بالورقة الفلسطينية لكسب تعاطف الشارع المسلم بشكل خاص.

- التهديدات الحماسية الطيارة ضد إسرائيل!!

- الموقف على الساحة اللبنانية وتبنى حزب الله كمشروع مقاوم.. العقلاء يتساءلون أيهما أولى بالتحرير (مزارع شبعا) أم (الجولان) أم العراق الأرض والإنسان، سؤال موجه إلى السيد خامنئي –وأحمد نجاد وآية الله العظمى السيستاني، والسيد حسن نصر الله، وليس إلى بشار الأسد.

- القتل الطائفي الذي تمارسه عصابات الموت ضد المسلمين السنة في العراق: قتل كبار الضباط وقتل العلماء. والقتل على الاسم، والقتل على الهوية. القتل الذي تجاوز كل الحدود كماً وكيفاً!!

على الساحة العراقية ينبغي التمييز بين حالتين: حالة من القتل العشوائي ترتكبه مجموعات ليست بذات مرجعية، ولا يسأل أحد غيرها عن أفعالها المدانة من قبل الجميع وعلى رأسهم علماء الأمة وجمهورها الغفير في كل مكان. والقتل المنظم المستند إلى فتوى المرجعية، وقوة الاحتلال. ثم هذا الصمت المريب على جرائم الاحتلال، والمحاولات الهدامة لتمزيق العراق وتفتيت وحدته أرضا وإنسانا. ولعل المقام يقتضي منا التنويه.

إننا مع حرية العراق والعراقيين، مع نظام يقوم على العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان في العراق. وإننا مع وحدة أرض العراق وسيادته واستقلاله، ومع أي مشروع مقاوم أو سياسي لإخراج المحتل من العراق. وإننا مع حصانة الدم العراقي، وضد العدوان وبأي شكل من الأشكال على أي عراقي مهما كان انتماؤه. ونحن ضد كل ما يجري للأبرياء العراقيين من سنة وشيعة وعرب وأكراد ومسلمين ومسيحيين.. نألم لألمهم، مصابهم مصابنا، ودمهم دمنا. وإننا كلما أمعنا النظر في الساحة العراقية لنتلمس ملامح مشروع إسلامي نهضوي تحرري يشارك فيه جميع الأطراف ارتد إلينا البصر خاسئا وهو حسير. فالذين اخترعوا مصطلح (العرب السنة) سكتوا عن الوصف القومي للشيعة لحاجة في نفوس المريبين.

أين ملامح المشروع الإسلامي الشيعي على أرض العراق؟! من أين يبدأ وأين ينتهي؟! ما هي حقيقته؟! وما هي أدواته؟! أسئلة كثيرة تكفي وحدها لإثارة الخوف والفزع من مشروع خفي رهيب.

كل الذي نأمله وكل الذي نتمناه ألا يخطف المتعصبون الغلاة من قوميين أو مذهبيين انتماء الشيعة الإسلامي، ورؤيتهم الإسلامية، ومشروعهم الإسلامي.. لأن الذي نراه على أرض العراق مما يجري على أيدي غلاة المتعصبين لا يمت للإسلام ولا للمدنية بصلة.. ونلح مرة أخرى على إدانة كل ما يصدر عن المتعصبين من أي فريق وعلى التمييز بين فريق يرتكز على مرجعية الأصل فيها العلم والعقل.

بالعودة إلى الحلف (الإيراني - السوري) الذي تتساقط مرتكزاته السياسية الحقيقية في تناقض المشروعين المطروحين: الإسلامي في أفقه المفتوح على الأمة والقومي العلماني في أفقه الذاتي أو القطري.. نجد أن إيران أو الغلاة من رجالها قد استثمروا الاحتلال الأمريكي للعراق واستفادوا منه أكثر مما فعل الأمريكيون أنفسهم. فهم قد أصبحوا بحق (سادة المنطقة) بغير منازع، وبقليل من الغوغائية واللعب بالشعارات على أكتاف الشعوب المحبطة بالقهر والعجز، اكتسبوا ولاءً وجيشوه في خدمة مشروع مذهبي ضيق فهددوا وحدة الأمة ومستقبلها..

المشروع المذهبي الإيراني يضرب أوتاده، مستغلاً الظروف الناجمة عن الاحتلال، في أديم الشعوب المسلمة والمجتمعات السنية بشكل خاص. وقد استعاض الغلاة من القوميين والمذهبيين الإيرانيين مشروعهم المسكوت عنه: (تصدير الثورة) بمشروعهم الجديد (تصدير المذهب). لأنهم رأوا في قواعدهم البشرية المذهبية، ضمن نظام المرجعية، أدوات تحكم يمسكون بها الدول والشعوب من خناقها.

الشيعة في سورية

استغل الإيرانيون منذ البداية أي منذ انتصار الثورة، وإعلان تحالفهم الاستراتيجي مع حافظ أسد، والذي كان تحالفا سياسيا –طائفيا في الوقت نفسه، هذا التحالف لمصلحة انتشار مذهبي داخل سورية بدأ يدب دبيبا في حياة المجتمع السوري. واستغل الغلاة من الدعاة الإيرانيين حالة الإرهاب والقهر التي يفرضها النظام على المسلمين في سورية تحت الكثير من الذرائع والعناوين في تثبيت وجودهم ومد ساحة تحركهم، وتجاوز كل الحدود في نشر مذهبهم، متلاعبين بالأوراق السياسية والمذهبية هنا وهناك..

كانت جمعية المرتضى التي تزعمها شقيق حافظ أسد جميل الأسد، التي افتتحت لها مقرات في العديد من المحافظات السورية المظهر الأول للوجود الشيعي ذي الطبيعة الطائفية السياسية. وقد استمرت هذه الجمعية بالقيام بأنشطتها المريبة حتى تم إغلاقها في الصراع الداخلي الذي جرى في بيت الأسد، بين باسل الأسد وأبناء عمه جميل.

وتمدد الوجود الشيعي أكثر فكان لأحد غلاة الشيعة برنامج تلفزيوني شبه أسبوعي يطل من خلاله على المجتمع السوري، يخلط فيه القول، ويلقي على مسامع الشعب السوري لأول مرة خطابا ذا صبغة مذهبية واضحة، ومع أن هذا التالف في تشيعه قد صدرت منه في مقامات كثير مقالات ضد الصحابة الكرام رضي الله عنهم بل في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين. إلا أنه التزم التقية على الشاشة السورية فلم يقارب إلا لماماً هذه الطروحات.

ويوما بعد يوم بدأ الناس يتسامعون عن بناء (مستعمرات إيرانية)  داخل الأراضي السورية تتركز حول ما يزعم أنه مشاهد للشيعة في السيدة زينب إحدى ضواحي دمشق أو في المشهد في حي الأنصاري في حلب، والذي هو في أصله دير للنصارى. أو حول مقام سيدنا عمار رضي الله عنه في الرقة أو حول ما يقال عن استحداث مزار جديد للسيدة سكينة في قبر جديد استحدثوه في (داريا) قرب دمشق وقد أصبحت هذه المزارات وما يجري حولها في التجمعات البشرية بؤرة للفساد الأخلاقي، مقصوداً أو غير مقصود، ومرتعا للاتجار في المخدرات وترويجها، ومستنقعا نافعا لشراء ضعاف النفوس. يبذل المغريات المالية وغيرها أيضا لكسب جديد للمذهب!! ننهي هذه الحقائق إلى علماء الشيعة الحقيقيين ليقولوا أقوالهم في مثل هذا وفيما هو أكبر منه..

في خطوة تالية امتدت حركة التشيع إلى بعض الرموز والشخصيات ذات المكانة السياسية والاجتماعية والعلمية.. وجاراهم العديد من هذه الشخصيات لا تقيّة كما يمكن أن نقول وإنما طمعا في عرض من الدنيا قليل، فنظموا الرحلات إلى طهران، وقدموا المنحات الدراسية للدراسة في قم، ووظفوا الوظائف، وبذلوا الرواتب والمكافآت، واستمالوا كل ذي ميل من علماء السنة فهادنوهم في الخطاب، أو لحنوا لهم ألحانا يرتاحون إليها، فمهدوا لهم السبيل إلى خداع الجمهور، والانقضاض على الضعاف منهم توسلا بآل البيت تارة والحديث عن مظلوميتهم، ثم الإشادة بالحسين الشهيد الثائر على الظلم أخرى.. وأهل الميل من العلماء هؤلاء اليوم يحتل مراكز مرموقة في المواقع العلمية، وآخرون يحتلون كراسي في التدريس الجامعي.

ثم أضافوا إلى أنشطتهم المريبة هذه، تحت سمع الحكومة وبصرها، وحيرة أهل العلم والتقوى توزيع الكتب المجانية والأشرطة التسجيلية، وإقامة الحفلات والولائم، والتحرك على كل صعيد وفق خطة مدروسة ومقررة. وهم أينما حلوا يجدون الدعم والتأييد من رجال الأمن والمباركة من رجال السياسة بينما يحاط علماء البلد في دروسهم المسجدية وفي مدارسهم الشرعية بالتضييق والمطاردة.

وإذا كنا قد رصدنا حتى الآن مدارات خطر البغي المذهبي على الساحتين السورية والعراقية.. فإن خطرا أكبر يتهدد نسيج الأمة وينذر بذهاب ريحها، ولا سيما حالة اللامبالاة التي تسود الموقف الإسلامي الرسمي والنخبوي.. ذلك هو السيل الجارف من الفضائيات الني لا تكتفي بالتبشير بأصول المذهب ومنطلقاته في جو من المحافظة على الحدود الدنيا من اللباقة والأدب المدني ولا نقول أدب الإسلام. حيث أصبح دأب بعض الغلاة على الكثير من الفضائيات الناطقة باسم الشيعة والمدافعة عن موقف موغل في الغلو النيل من الصحابة ومن تاريخ الإسلام وأئمته.. يجري هذا في بلاد المسلمين وبين ظهرانينا لإحداث الفتنة بينما يضطر المسلم في أجزاء من هذا العالم للارتداد عن دينه مقابل 50 دولارا يقتات بها وعياله فأين هذا من أولويات المسلم يا إخوة الإسلام؟! إن الذي يجري في سورية اليوم صورة لما يجري على نحو ما في كثير من بلاد المسلمين في دول المغرب العربي ومصر والسودان وفي الأردن إلى جانب ربط وضبط وتنظيم وتوكيد. ولاء في آسيا الوسطى وفي الخليج العربي وفي شرق العربية السعودية بشكل خاص. حالة سمحت لبشار الأسد أن يعتد أمام الصحفي الأمريكي تشارلي روز بقدرته على إحداث قلاقل من آسية الوسطى إلى العراق إلى لبنان إلى الخليج العربي.

في هذا النداء الإسلامي الحار نطلق صرخة الإخوة في اتجاه العلماء والدعاة الحقيقيين في إيران لوقف هذا الاتجاه الخطير الذي نحاول من طرفنا حتى اليوم أن نكفكف غربه، وأن نحول دون أن يبلغ مداه

ونطلق النداء إلى أصحاب القرار من حكام المسلمين أن يتبصروا مواقع أقدامهم، وأن يقابلوا المشروع بمشروع والموقف بموقف، في إطار من الحكمة التي تحفظ على الأمة أجمع وجودها ووحدتها ومستقبلها، والتي تقينا جميعا من مصارع (الغفلة) ومصارع (السوء).

نوجه النداء إلى علماء المسلمين عامة وإلى قياداتهم الحركية: أن نكون على وعي من حقيقة البغي المذهبي وأهداف المخطط الإيراني وأبعاده وأن نضع الموقف الأنسب لاحتوائه وحماية هوية المسلمين، والذب عن عقائدهم، وصون جانب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين..

نطلق النداء إلى علماء سورية، علماء الشام، واحداً واحداً في الجامعات والمعاهد، في المساجد وعلى المنابر، في المدن والقرى والأرياف والبادية للدفاع عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصون حرمته وحرمة أصحابه، ولنبذ كل ذي ميل وهوى، ولا سيما أولئك الذين يحتلون مواقع أو يرتقون المنابر لكشفهم وتعريتهم وتحذير الجماهير من شرورهم وسمومهم فهو بعض الواجب وبعض الحق.

نخاطب جماهير شعبنا في سورية فرداً فرداً وقرية قرية وبلدة بلدة ومدينة مدينة: اللهَ اللهََ في أمكم عائشة، في ثاني اثنين إذ هما في الغار، اللهَ اللهََ في الفاروق عمر، اللهَ اللهََ في ذي النورين عثمان..

اللهَ اللهََ في حقكم في الشورى وفي اختيار من يحكمكم، اللهَ اللهََ في قومكم العرب الذين كانوا أصل الإسلام ومادته؛ بلغتهم نزل القرآن، وعلى أكتافهم ضرب الإسلام بجرانه في الأرض..


[1] بل لعل بعضهم يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج ابنتيه أم كلثوم ورقية من ذي النورين، وهم يقولون فيه ما يقولون، تقية!!

[2] نتيجة الكثير من الممارسات الخاطئة تتعرض الحركة الإسلامية في العالم العربي إلى ضغوط حقيقية وانتقادات حادة على تمسكها بهذه المواقف وأحيانا لالتزامها بقول الجمهور!!

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ