ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 30/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

النقاب وسياسة علمنة الدولة في سورية

مركز التواصل والأبحاث الاستراتيجية

27/10/2010

http://ar.strescom.org/research/society-niqab

في الوقت الذي كانت دولاً أوروبية تشهد إصدار قوانين تحظر النقاب تحت شعار "الحفاظ على العلمانية"، أعلن وزير التربية السوري علي سعد في نهاية تموز/يونيو الفائت عن إحالة 1200 معلمة من المنقبات إلى وظائف إدارية ليس لها علاقة بالتعليم، وتحديداً إلى البلدية، معللاً ذلك بـ"أن العملية التعليمية تسير نحو العمل العلماني الممنهج والموضوعي"، مؤكداً أن "بقية الوزارات ستقوم بنفس الإجراءات"، في حين صرح مسؤلوون آخرون بأن هذا القرار "يهدف إلى وقف نمو تيار ديني متشدد في سورية"، وإلى التأكيد على "علمنة التدريس"، وقد شجع هذا القرار وزير التعليم العالي لاتخاذ إجراء منع دخول المنقبات إلى الحرم الجامعي

 

من الطبيعي أن يثير هذا القرار نقاشاً واسعاً لدى السوريين حول مدى صحته، وفي الوقت نفسه يبث مخاوف وشكوك لدى المجتمع السوري ذي الأغلبية السنية المحافظة. وبمعزل عن الأسباب التي دعت إلى إصدار هذا القرار والنقاش الذي دار، فإن هذا القرار استقبل على نطاق واسع في المجتمع بكثير من الريبة والخوف من أن يكون "خطوة" للإجبار على خلع الحجاب وهو أمر يذكر بواحدة من أسوأ الحوادث في الثمانينيات عندما أمر رفعت الأسد (شقيق حافظ الأسد) نائب الرئيس وقائد "سرايا الدفاع" بنزع حجاب النساء في شوارع دمشق بالقوة! مما أدى إلى وقوع مجزرة مروعة بسبب مقاومة الأهالي، الأمر الذي اضطر الرئيس الأسد لتقديم ما يشبه الاعتذار على شاشة التلفزيون السوري الرسمي لتجاوز النقمة التي تسببت بها الحادثة، في وقت كانت أحداث العنف منتشرة في كل مكان في سورية. ومن المهم أن نلاحظ أيضاً في هذا السياق أن بعض الجماعات الدينية السياسية سارعت بإصدار بيانات تنتقد بشدة القرار الحكومي

 

هل موضوع المنقبات حقاً يمثل مشكلة في "علمنة الدولة"؟ وإلى أي حدّ تدعم طريقة اتخاذ القرار هذه العلمانية؟

بالتأكيد أن واحدة من الخطوات المهمة في التعليم النظامي والحكومي على وجه التحديد هو الحرص على تنشئة سياسية تنسجم مع نظام الدولة كما هو معرّف دستورياً كدولة علمانية متعددة الأديان. ولكن هناك شكوك عديدة يمكن أن ترد على هذا القرار، وما إذا كان بالفعل يخدم "علمنة الدولة" و"الحماية من التطرف الديني". فالقرار تم تسريبه بطريقة غير معروفة يبدو أنها كانت محاولة لجس نبض الشارع ثم "اضطر" الوزير للإفصاح عنه وتبريره. كما أنه صدر بشكل مفاجئ ولم يكن هناك من الظروف ما يشير إلى خطوات من هذا النوع، خصوصاً وأن "قضية المنقبات" لم تكن مطروحة من قبل كواحدة من المشكلات في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة أو في المجتمع السوري عامة. إضافة إلى هذا لم تكن هناك أي مؤشرات واضحة أو معلنة من قبل عن أن الجهاز التعليمي الحكومي يعاني من انتشار التطرف الديني. فالمصادر لهذا النوع من التطرف كما هو شائع ومعلوم خارج العملية التعليمية يمكن أن توجد هذه المصادر في بعض المؤسسات الدينية التي لا تخضع لرقابة مشددة من قبل الحكومة، أو في واقع اجتماعي يعاني من ارتفاع معدل البطالة والفقر بين الفئات الشابة بشكل خاص. وفي ظل مثل هذا الوضع يمكن أن يكون التساؤل عما إذا كان أنسب وقت لاتخاذ مثل هذا القرار هو الآن وليس بعد أحداث أيلول/سبتمبر ٢٠٠١. وإذا كانت الدولة تسعى لتأكيد علمانيتها أمام شعبها، لماذا وقع اختيارها على النقاب الذي بات يملك رمزية خاصة في العالم الغربي ويثير حفيظة المجتمع السوري، في وقت كان بإمكان الحكومة العمل على تغييرات أكثر تأثيراً وأقل إثارة مثل "جريمة الشرف" والقوانين المتعلقة بالمرأة والتي تشكل مطالب للمنظمات الحقوقية وتحظى بتأييد واسع في المجتمع السوري، في حين يبدو قرار المنقبات استفزازياً وموجهاً ضد فئة أو جماعة دينية محددة، خصوصاً وأن مظاهر تطرف شبيهة أخرى تثير حفيظة السوريين وتعزز الغرائز الطائفية على نطاق واسع، كان يمكن اتخاذ قرارات بحظرها أو الحد من انتشارها مثل إزالة الرموز الدينية من الأماكن العامة ومؤسسات التعليم، وحظر المؤسسات الثقافية التي تقوم بتعزيز اللغة الطائفية

 

إن القرار الذي أريد منه أن يكون معززاً للعلمانية لم يعط فرصة للمتضررين لكن ينسجموا مع سياسات التعليم، ولم يسلك أي طريق من الطرق الدالة على العلمانية السياسية، وخاصة أن هذا القرار لا يسنده أي مظهر من مظاهر الديمقراطية، أو حتى لم يكلف المسؤولون أنفسهم تسويغ هذا القرار دستورياً وعلاقته مع الحريات الشخصية. يمكن في ظل الظروف التي أحاطت بهذا القرار المصمم لدعم علمنة الدولة أن يفهم في ظل متغيرات السياسة الخارجية بشكل أفضل، فسورية التي تحاول أقصى ما يمكنها تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بشكل عام حريصة على إثبات علمانيتها وتبديد ما قد يعلق في صورتها من ارتباطاتها وتحالفاتها مع إيران والإسلاميين، وتقديم نفسها كدولة تنتمي إلى النسق الثقافي الغربي، في وقت كان الحديث عن إعادة السفير الأمريكي إلى سورية، وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة أمراً ملحاً بالنسبة لسورية مع بوادر مأزق في لبنان ومحكمته الدولية التي بات من شبه المؤكد أن الاتهام سيوجه من قبلها إلى عناصر من حزب الله ولربما يصل الأمر إلى سورية، والقرار الظني كان على الأبواب إلى أنه أجّل بسبب ظروف لبنان. يجب أن نلاحظ هنا أيضاً أن المسؤولين السوريين حرصوا على إبلاغ وسائل الإعلام العالمية ووكالات الأنباء الدولية أن سورية تعمل من أجل حماية علمانية الدولة في مواجهة أصولية متطرفة. وواقع الأمر أن هذه الرسالة المزدوجة الترغيبية الترهيبية تأتي في سياق مفهوم دقيق جداً. يؤكد صلة هذا القرار بظروف السياسة الخارجية باعتباره رسالة إلى الطرف الآخر، إلى الأميركيين بشكل خاص، أن وكالة الأنباء سانا عندما نشرت خطبة العيد التي حضرها الرئيس الأسد بعد شهر واحد من القرار والتي انتقد فيها الخطيب بقوة الولايات المتحدة و"ديمقراطيتها" الزائفة حذفت كل ما يتعلق بنقد أمريكا في موقف هو الأول من نوعه في نقل خبر سوري في ظل خطاب رسمي لطالما انتقد الولايات المتحدة. هذه القراءة تعزز سياسة سورية مستمرة تتصل بالجماعات الدينية ترهن السياسة الداخلية بمتطلبات السياسة الخارجية

 

هل سيحقق هذا القرار علمنة الدولة والتعليم الحكومي؟ علينا آن نضع في اعتبارنا أن المعلمين في المدارس الحكومية يتقاضون رواتب تتراوح بين 220-250 دولار شهرياً، بينما معدل الإنفاق للأسر المتوسطة هو 600 دولار شهرياً، وهذا يعني أن شريحة المعلمين تنتمي إلى الطبقة الفقيرة التي تنتشر فيها أعلى نسب البطالة والجرائم والتطرف (حسب التقارير الحكومية فإن معدلات الجريمة ارتفع بنسب كبيرة في السنوات الأخيرة)، وهذا يعني أن هذا القرار على مستوى الواقع سيدعم هذه الظروف، كما أن هذا القرار لا يحظى بتأييد إلا فئات محدودة من المجتمع، بل إنه لا يوجد أي ربط اجتماعي بينه وبين موضوع العلمانية، خصوصاً أن هذا النوع من النقاب هو جزء من عادات اجتماعية واستمراراً لتراث مازال قائماً منذ مئات السنين. يبدو القرار كما لو أنه موجه ضد جماعات محددة من المجتمع، مما يفقده تأثيره العمومي ويخلف نتائجاً غير محمودة العواقب

 

التأكيد على علمانية الدولة وحماية علمانياتها هو أمر مفهوم في مجتمع متعدد الديانات وفي منطقة تمر بأحداث العنف وتهددها الحروب الطائفية، لكن اختيار موضوع المنقبات للتأكيد على علمانية الدولة ليس هو المدخل المناسب لعلمنة الدولة في سياق المجتمع السوري، والاستمرار بسياسات من هذا النوع لا تأخذ بحسبانها مدى قبول المجتمع لها سينتج عنه على المدى البعيد العديد من النتائج التي تناقض علمنة الدولة أقلها استنفار الغرائز الطائفية وتعزيز التطرف. وإذا كان للأوروبيين مفهومهم ومنظورهم الخاص عن النقاب في ظل ثقافة مختلفة عن الثقافة العربية الإسلامية في بلد مثل سورية فإن إثارة موضوع مثل هذا ستكون له نتائج معكوسة، وبدلاً من ذلك فإن الخيار الأفضل هو القيام بمجموعة من الإصلاحات القانونية في موضوعات تحظى بتأييد واسع في مختلف شرائح المجتمع وطوائفه، واتباع طرق أكثر شفافية وديمقراطية في تنفيذها ليقبل بها السوريين عن رضى. إضافة إلى ذلك من الضروري إجراء نقاشات واسعة في المجتمع السوري لتعميق مفهوم العلمانية السياسية وفصلها عن أي ارتباطات محتملة بالسياسات الخارجية، ووضعها في أجندة التعليم من أجل تنشئة سياسة تنسجم ومتطلبات المجتمع السوري

 

The Niqab, and the Policy of State Secularisation in Syria

27 October 2010

The confirmation and defence of state secularism is understood in a multi-religious society, and in a region which is experiencing violent incidents and is threatened by sectarian wars. But is choosing the subject of veiled women to demonstrate state secularism an appropriate approach towards secularisation of the state in the Syrian social context? Are veiled women really a problem in the “secularisation of the state”? And to what extent does the manner in which this decision was taken support this secularism? The pursuit of policies of this kind does not take into account their level of acceptance within society, and will result in the long term in various results that work against state secularism, the least of which is the arousing of sectarian instincts and the fortification of extremism

 

At a time when European states were passing laws banning the Niqab in the name of “the defence of secularism”, Syrian Education Minister Ali Saad announced at the end of June the transfer of 1,200 veil-wearing teachers to administrative positions, unrelated to education, within the municipality. He justified this decision by stating that “the educational process is moving towards becoming secular, systematic and objective work”, confirming that “the other ministries will take the same measures”. Other officials, meanwhile, stated that this decision aimed to “stop the growth of the extremist religious movement in Syria ”, and to “secularise teaching”. The decision encouraged the Minister of Higher Education to take the step of preventing veiled women from entering university campuses.

 

Naturally this decision has caused widespread debate among Syrians on the question of its validity. At the same time, it has spread fear and doubt within Syrian society, especially among the conservative Sunni majority. Aside from the reasons for the Education Minister’s actions and the debate which has emerged, the decision has been widely met in society with a good deal of suspicion and fear that this may be a step towards the enforced removal of the Hijab headscarf. One of the worst incidents in the eighties occurred when Rifaat Al-Asad (Hafiz Al-Asad’s brother), the vice-president and commander of the “Defence Companies”, ordered the removal of women’s Hijabs in the streets of Damascus by force. This led to a terrible massacre when the people resisted. President Hafez Al-Asad was forced to offer what resembled an apology on Syrian official television, in order to overcome the resentment resulting from the incident, at a time when violent incidents were common throughout Syria . It is also important to note here that some political religious groups have been quick to issue statements strongly critical of the government’s decision.

 

It is clear that one of the important elements of formal education, and governmental education in particular, is the insistence on developing a policy which is harmonious with the constitutional system of state, i.e. as a multi-religious secular state. However, there are a number of doubtful aspects which lead us to question this decision, and whether it in fact contributes towards “secularisation of the state” and the “protection from religious extremism”. The decision was sneaked through by unknown means, which were seemingly an attempt to feel the pulse of the people. The minister was then “forced” to declare it, and justify it. Its issuance was also a surprise, as there had been no circumstances indicating steps of this kind. The “veiled women issue” had not previously been presented as a problem in any state institution or in Syrian society in general. Moreover, there were no clear or public prior indications that the government’s educational body was suffering from the spread of religious extremism.

 

The origins of this type of extremism, as is commonly understood, lie outside of the educational process. Such origins can be traced to certain religious institutions which are not subject to close supervision by the government, or to the reality of a society suffering from a rise in unemployment and poverty among the young in particular. In the light of such a situation, it must be asked whether this is the most appropriate time to take this decision, rather than after the tragic events of September 2001. If the state wished to demonstrate its secularism before its people, why did it choose the Niqab, which has gained particular symbolism in the Western world, yet the banning of which causes resentment in Syrian society? Meanwhile the government could be working towards more effective and less provocative changes, such as with regard to “honour crime” and laws related to women. Such changes form the demands of rights organisations, and enjoy widespread support in Syrian society. The decision regarding veiled women meanwhile appears provocative, and directed against a specific social section or religious group. Other similar manifestations of extremism meanwhile both inspire resentment among Syrians, and strengthen sectarian instincts on a broad scale. It would have been possible to take decisions to ban them, or to limit their spread. Examples include removing religious symbols from public places and educational institutions, and banning cultural institutions which reinforce sectarian language.

This decision, which was intended to strengthen secularism, did not give the opportunity to those affected to comply with educational policies, nor did it follow any of the paths which lead towards political secularism, in particular as this decision is not supported by any manifestations of democracy. Even the officials themselves were not asked to justify this decision constitutionally, or its connection with personal freedoms. In view of the circumstances surrounding this decision, designed to support the secularisation of the state, it can be better understood in the light of changes to foreign policy. Syria, which has tried its utmost to improve its relations with the United States and the West in general, is intent on demonstrating its secularism, dispersing any stains on its reputation regarding its links and alliances with Iran and the Islamists, and presenting itself as a member state of the Western cultural order. This comes at a time of talk of the return of the American ambassador to Syria , and improving relations with the United States . This is a pressing matter as far as Syria is concerned, given emerging signs of a problematic situation in Lebanon, where the Hariri Tribunal now seems almost certain to point the finger at Hezbollah elements, and perhaps even at Syria. The indictment was imminent, but was delayed as a result of circumstances in Lebanon . We must also note here that Syrian officials have insisted on informing the global media and international news agencies that Syria is working to protect state secularism in the face of radical fundamentalism. The reality of the matter is that this intriguing, intimidating double message is related to a precise concept. This decision is undoubtedly connected with the circumstances of foreign policy, as it a message to the other side, and to the Americans in particular. SANA news agency, when it published the Eid sermon attended by President Asad one month after the issuance of the decision in which the speaker strongly criticised the United States and its “false democracy”, omitted everything critical of America . This was the first move of its kind in Syrian news reporting of such an official address, which so often criticises the United States . This understanding strengthens an ongoing Syrian policy, linked to the religious groups, of pawning domestic policy for the requirements of foreign policy.

Will this decision achieve the secularisation of the state, and of governmental education? We must take into consideration that teachers in government schools receive wages of between 220-250 dollars per month, while the average expenditure of the typical family is 600 dollars per month. This means that teachers belong to the poorer section of society, in which the highest proportions of unemployment, crime and extremism are found. (According to government reports crime rates have risen significantly in recent years.) In reality this means that this decision will consolidate these circumstances, just as the decision only enjoys the support of limited sections of society. In fact it has no social link with the subject of secularisation, in particular as the Niqab veil is a social custom, and a continuation of a tradition which has existed for hundreds of years. The decision appears to be directed against specific social groups, which robs it of its overall effect and results in undesired consequences.

While Europeans have their particular concept and view of the Niqab, within a culture that is different to the Islamic and Arabic culture of a country such as Syria , this matter will have an inverse effect here. On the contrary, the best method of confirming the secularism of the state, and of defending this secularism, is to undertake a number of legal reforms in areas which enjoy wide support in the various sections and groups of society, and to follow more transparent and democratic ways of implementing them so that Syrians accept them readily. In addition to this, widespread discussions must be held within Syrian society to embed the concept of political secularism, to separate it from any possible links with foreign policies, and to place it on the educational agenda, so that a policy which suits the requirements of Syrian society can be developed.

http://www.strescom.org/research/niqab-and-policy-state-secularisation-syria

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

   

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ