ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 27/03/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

- 62 -

د. محمد سعيد حوى

هل في الصحيحين ما يعارض ظاهره القرآن

2- حديث الشؤم في ثلاثة:.

بدأت بذكر نماذج من الاحاديث التي في الصحيحين مما يعارض ظاهرها القرآن.

واكدت فيما سبق ان أي تعارض بين حديث وآية ليس حقيقياً، فاما ان يكون الحديث غير صحيح النسبة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) او هو تعارض في ذهن الدارس وناشئ عن عدم الفهم وفيما يلي حديث آخر في الصحيحين يتعارض ظاهره مع القرآن:.

الحديث الثاني:.

اخرج البخاري (2858) ومسلم (2225) عن ابن عمر مرفوعاً لرسول الله: "انما الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار". ونحوه عن سهل بن سعد.

واخرج البخاري (5753) ومسلم (2225) عن ابن عمر عن رسول الله "لا عدوى ولا طيرة, وانما الشؤم في ثلاثة: المرأة والدار والدابة" وروي نحوه عن ابي هريرة (مسند احمد 6/150 و240) وللحديث الفاظ اخرى, وينظر سنن الترمذي بتحقيق د. بشار (2824).

 

نقد الحديث:.

هذا الحديث مما اتفق عليه الشيخان لكن هل يصح متناً، الا يعارض ظاهره القرآن وكان اول من اعترض على صحة نسبة هذا الكلام الى رسول الله السيدة عائشة.

فقد اخرج الامام احمد (24894) ان رجلين دخلا على عائشة فقالا ان ابا هريرة يحدث ان نبي الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقول: "انما الطيرة في المرأة والدابة والدار" قال: فطارت شقة منها في السماء وشقة في الارض (أي غضبت غضباً شديداً) فقالت والذي انزل القرآن على ابي القاسم ما هكذا كان يقول ولكن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "كان اهل الجاهلية يقولون الطيرة في المرأة والدار والدابة" ثم قرأت عائشة "ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها" والحديث صحيح عن عائشة ينظر مسند الامام احمد رقم (24013) و(24841) وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة وشكل الآثار للطحاوي (665) والمستدرك للحاكم رقم (3747) والسلسلة الصحيحة للألباني (993). وجاء في مسند الطيالسي (1630) عن محمد بن راشد عن مكحول قال: قيل لعائشة ان ابا هريرة قال: قال رسول الله "الشؤم في ثلاثة" فقالت: لم يحفظ، انه دخل وهو يقول: "قاتل الله اليهود، يقولون الشؤم في ثلاثة فسمع آخر الحديث ولم يسمع اوله".

وأُعل هذا الحديث بأن مكحول لم يسمع، من عائشة اقول: لكن الطريق السابق صحيح، ومع هذا فان ابن حجر وتبعاً لغيره من اهل العلم لم يرتضِ انكار السيدة عائشة وقال: "ولا معنى لانكار ذلك على ابي هريرة مع موافقة من ذكرنا من الصحابة له في ذلك" فتح 6/76.

اراد ابن حجر ان يقول: ما دام ابو هريرة لم ينفرد بالحديث فهو صحيح, لكنه لم يلتفت الى سر انكار السيدة عائشة للحديث وان انكارها كونه مخالفاً للقرآن العظيم.. مما يعني انه مهما روى هذا الحديث عدد من الصحابة سيبقى الاشكال قائماً.

اذ لنا ان نتساءل الا يتعارض هذا النص مع النصوص القطعية التي تبين ان لا فعل ولا تأثير في الكون كله الا لله سبحانه وان النفع والضر بيده سبحانه، "الا له الخلق والأمر"، "قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا"، "ان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو" ولقد بين سبحانه ان عقيدة التطير انما كانت عند من اشرك ولم يؤمن، "قالوا انا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب اليم، قالوا طائركم معكم" (سورة ياسين 18-19), وقال تعالى: "وان تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه، الا انما طائرهم عند الله، ولكن اكثرهم لا يعلمون" (الاعراف 171)، والله تعالى يقول: "أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون".

الا يتصادم مع قوله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيرة) خ (5756) وم(2220) الا يتصادم مع حديث ابن عباس .. (واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان يضروك لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك)

الم يأت الاسلام ليحرر العقول من الخرافات والاوهام والاعتقادات الفاسدة ومنها الاعتقادات التي ترى ان لشيء في هذا الكون تأثيراً ذاتياً دون الله.

لقد استشعر كل شراح الحديث مصادمة هذا الحديث لحقائق القرآن وحقائق التوكل على الله.. فتراهم اذا اصروا على القول بصحته كيف وقد اخرجه الشيخان – يجتهدون في تأويل الحديث، فتجدهم يقولون شؤم المرأة: سوء خلقها وسوء طباعها ونقول: اذن اذا كان الرجل سيء الخلق فكذلك هو شؤم، فما معنى تخصيص ذلك بالمرأة ويقولون شؤم المرأة ان لا تلد وتقول اذا كان الرجل عقيماً فهل نقول هو شؤم..

وتجد من يحتج لصحة الحديث (الشؤم في المرأة) بقوله تعالى: "ان من ازواجكم واولادكم عدواً لكم" كما فعل البخاري في كتاب النكاح ونقول هذا ابلغ رد، فلماذا حصرتم الامر بالمرأة مع ان المعنى مختلف تماماً.

وقال ابن قتيبة محاولاً تفسير النص "ووجهه ان اهل الجاهلية كانوا يتطيرون فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم واعلمهم ان لا طيرة، فلما ابوا ان ينتهوا بقيت الطيرة في هذه الاشياء الثلاثة" فتح 6/76.

اقول: مفاد كلامه ان النبي اقر القوم على بعض ما لا يجوز، فهل يعقل هذا شرعاً.

وقال القرطبي: "ولا يظن به انه يحمله على ما كانت الجاهلية تعتقده بناء على ان ذلك يضر وينفع بذاته فان ذلك خطأ، وانما عنى ان هذه الاشياء هي اكثر ما يتطير به الناس, فمن وقع في نفسه شيء ابيح له ان يتركه ويستبدل به غيره" فتح 6/76.

اقول: وبناء على هذا فيجوز للمرأة ان تتشاءم من الرجل او الزوج فلماذا التخصيص بالمرأة، واذا كان الاسلام اقر الناس على اكثر ما يقع التطير به, واباح لهم ترك الشيء حسب زعمهم، فهل جاء الاسلام ليعالج فقط ما كان سهل المعالجة ام من باب اولى ان يعالج ما كان اشد انتشاراً والخلاصة:.

1-        اننا امام حديث يعلم شراح الحديث انه لا يتفق مع حقائق القرآن والشرع، اذ ان المرأة اما أمُّاً، او بنتاً او اختاً او زوجة، ولا يمكن التشاؤم من الأم ولا البنت ولا الاخت، اذ اين سيذهب بهم فما بقي الا الزوجة او من ستكون زوجة، وهذا مراد حديث الشؤم من المرأة حسب الظاهر, فاذا كانت المرأة زوجاً اليس هذا مما يتصادم مع قوله تعالى: "هن لباس لكم وانتم لباس لهن" ومع قوله تعالى: "هو الذي خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها".

واذا كان المقصود المرأة مطلقاً الا يتصادم هذا مع قوله تعالى: "يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى..." وقوله: "اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة..." وقوله "ولقد كرمنا بني آدم".

والاسلام هو الذي جاء ليعيد للمرأة مكانتها ويصحح كل التصورات الخاطئة والسلوكيات المنحرفة تجاهها، فكيف يقر التشاؤم منها, فلما كان الامر كذلك نجد الشراح حاروا في تأويله – ولم يقنعوا برد السيدة عائشة له حتى نقل بعضهم انه ربما اتفق قدر مع ما يكره من سكنى الدار فتصير في ذلك كالسبب (فتح 6/76) واقول: أليس كل شيء يحدث في الوجود هو قدر الله – فلماذا التخصيص بهذه الثلاثة؟.

2-        ان السيدة عائشة ردته رداً صريحاً لما ترى فيه من مخالفة للقرآن ومن ثم، فان النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن ان يكون نطق به هكذا.

3-        ان هذا المنهج ثابت لدى السيدة عائشة – اعني منهج عرض النصوص مع القرآن.

4-        ان الرواة الثقات بل الصحابة يمكن ان يهموا او يخطئوا من غير قصد، فلا بد من نقد الحديث سنداً ومتناً.

5-        وحتى لو سلمنا بصحة الحديث بناء على بعض التأويلات فيبقى ان في الصحيحين ما قد ناقشه اهل العلم.

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ