ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 27/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الأحزاب الليبرالية هل هي ديمقراطية؟

قراءة أولية في نموذج حزب لبناني 

د. هدى رزق*

هنالك ضرورة للتمييز بين الديمقراطية، وبين الليبرالية، لاْن عدم القيام بذلك يعطي للتيارات الليبرالية الحق في مصادرة رصيد الديمقراطية.

إن الليبرالية والديمقراطية؛ وغيرها من المفاهيم السياسية أو الاقتصادية؛ ليست مفاهيم ثابتة وجامدة؛ وإنما هي دينامية، أي أنها تغيرت بالممارسة مع الزمن؛ و اغتنت من خلال الخبرة عبر التاريخ.

 

فالليبرالية تشير إلى فلسفة ارتبطت منذ البداية بالنزعة الإنسانية؛ والرفض المطلق لكل أشكال التقييد؛ ولكل أشكال الاضطهاد السياسي للأفراد، سواء أجاء من طرف السلطة؛ أم من طرف الهيئات الاجتماعية، وتشير الليبرالية إلى الحرية الفردية؛ مقابل النظم الدينية أو القومية؛ التي تنكر على الفردية الحرة؛ حقها في الوجود؛ وتركز على الحقوق الجماعية.

 

لقد أدت النظم الليبرالية الكلاسيكية التي عرفتها البلدان الصناعية في القرن التاسع عشر إلى أزمات اجتماعية كبرى؛ بسبب تجاهلها أثر العوامل الاقتصادية والاجتماعية في ممارسة الحرية؛ حيث نشأت بعض التيارات السياسية التي طالبت بالعدالة الاجتماعية.

 

غير أن الليبرالية قادت إلى نقيض ما تقول، وذلك من خلال:

 

 أولاً: في احتكار القرار السياسي من قبل فئات معينة؛ أي ملكيات؛ أو أحزاب غير ديمقراطية.

 

 ثانياً: أدى هذا الأمر إلى سيطرة قلة من أصحاب المصالح الكبرى على الحياة الاقتصادية؛ ومن ثم الاجتماعية؛ مما دعا بعضهم إلى اتهام الحريات بأنها أصبحت شكلية.

ثالثاً: انحياز نظام الليبرالية على المستوى الاقتصادي كليا؛ لصالح القلة الغنية؛ ضد مصالح الأغلبية الاجتماعية؛ التي لا تملك السلطة؛ أو الموارد الاقتصادية الكافية، ولا حتى وعي مستقل بذاته، وذلك بسبب عدم السماح بالممارسة الديمقراطية وكبت الحريات.

 

قام الاقتصاديون اثر سيطرة عدم المساواة والعدالة الاقتصادية؛ بأخذ المسائل الاجتماعية بعين الاعتبار، وشجعوا تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية عن طريق التوجيه والإنفاق وسياسات الأجور.

 

ولقد حصل تطور مماثل في الفكر السياسي الليبرالي؛ في اتجاه القبول بتطوير نظام من الحقوق والضمانات الاجتماعية؛ التي أصبحت شرطا من شروط المشاركة في الحياة الوطنية والاندراج فيها.

 

ومنذ ذلك الوقت، لم تعد هناك تشكيلات سياسية كثيرة تربط اسمها بالليبرالية بل بالديمقراطية، وتسمية الأحزاب بهذا الاسم سواء أكانت ديمقراطية اشتراكية أم ديمقراطية مسيحية.

 

هذه التجارب تجاوزت الليبرالية؛ إلى الديمقراطية؛ لتعميم قيمة الحرية نفسها وترسيخها؛ ومن هنا لم يعد الخلاف بين الليبراليين والاجتماعيين الديمقراطيين خلافا مبدئيا يدور حول قيمة الحرية في النظام السياسي الاجتماعي؛ وإنما هو خلاف سياسي يتعلق بتحديد أفضل وسيلة لتحقيق الحرية؛ وضمان استمرار نظامها السياسي؛ وتعميم ممارستها في الوقت نفسه.

 

بين الليبرالية الجديدة والديمقراطية

 

تحتاج الديمقراطية لكي تتحقق؛ إلى إحاطة نظام الحرية بمنظومة من الإصلاحات السياسية؛ والإجراءات الإقتصادية والإجتماعية التي تحفظ حق ممارسة الحرية للجميع، ومن هنا تستدعي الحرية المساواة والعدالة الإجتماعية؛ حيث لا تترك فئة من أصحاب السلطة المالية والاقتصادية تسيطر على موارد السلطة.

 

اما المستجد اليوم؛ فهو ارتباط فكرة السياسة الليبرالية بتحرر الدولة من التزاماتها الاجتماعية؛ والسعي لتخصيص كل القطاعات العامة؛ كما ترتبط بسياسة بناء السوق العالمية الكبرى؛ التي تفتح المنافسة على أشدها بين جميع البلدان في الميدان الاقتصادي؛ والتي تستفيد منها بشكل أكبر الدول الأكثر قدرة على المنافسة.

 

يدور الهدف حول استخدام كلمة ليبرالي في الفكر العالمي المعاصر؛ للإشارة إلى مذهب سياسي؛ يركز على أولوية المنطق الاقتصادي في التنظيم الاجتماعي؛ على حساب منطق المجتمع والسياسة والثقافة معا؛ ويشير إلى انسحاب الدولة من العطاءات الاجتماعية، ومن الإشراف والمراقبة؛ ويميل إلى مسايرة استراتيجيات الدول الكبرى؛ في مسألة بناء سوق عالمية واحدة؛ خاضعة للمنافسة الدولية؛ مما يهمش الدول النامية؛ غير القادرة على المنافسة.

 

هناك العديد من تيارات الفكر السياسي العالمي التي تتبنى اليوم عقيدة الليبرالية الجديدة.

 

إن الصراع يدور اليوم إذا؛ بين ليبرالية؛ تنزع إلى القضاء على دولة العدالة الاجتماعية لصالح النيوليبرالية؛ من اجل تحقيق التنافس في الإنتاجية من جهة؛ ومن جهة ثانية؛ بين ديمقراطية تسعى إلى حد أدنى من الضبط والتنسيق؛ باسم المزيد من الحرية والعدالة الاجتماعية؛ وليس ضد الحرية الفردية أو الجماعية.

 

الأحزاب العربية واللغط القائم بين الليبرالية والديمقراطية

 

يتم اللغط بين المثقفين والسياسيين في البلدان العربية حول هذين المفهومين؛ ولا يمكننا ان نتكلم عن تجارب ديمقراطية فعلية اليوم؛ في ظل وجود الأنظمة العسكرية؛ أو الوراثية؛ أو نظام الحزب الواحد؛ مع العلم بأن معظم هذه الأنظمة؛ اتجه؛ أو هو بصدد الاتجاه نحو اصلاحات هيكلية للاقتصاد؛ والاتجاه الى الليبرالية الاقتصادية؛ وذلك بالنظر إلى فشل النموذج الاشتراكي الذي اتبعته بعض هذه الدول قبل 1990.

 

يقبض الحكام في البلدان النفطية الغنية على موارد الثروة ويتحكمون بها؛ ويمارسون القبض على الحرية الفردية والسياسية؛ حيث لا مكان لفكرة وجود أحزاب سياسية؛ كما أنهم لا يعترفون بحقوق الأقليات بالمشاركة في الشأنين السياسي والاقتصادي؛ كما أن الأنظمة الأخرى، أي الجمهورية؛ تمارس قبضة اليد الحديدية؛ فيما يتعلق بالشأن السياسي الديمقراطي.

 

 وتمعن بعض الدول؛ في عدم إعطاء الحق لشعوبها بالمشاركة أو بتقاسم السلطة؛ تحت طائلة التهديد بحروب أهلية كالبحرين مثلا، وتستند بذلك الى تحالفاتها وانتمائها إلى محاور سياسية دولية.

 

لذلك من غير الطائل الحديث عن أحزاب ليبرالية؛ أو ديمقراطية في تلك البلدان.

 

وسيقتصر عرضنا على التجربة اللبنانية؛ حيث يمكننا الحديث عن ظاهرة حزبية؛ بفضل وجود نظام ديمقرطي (توافقي). قادت إليه الصيغ اللبنانية عامي 1943 و 1989، الأمر الذي أدى إلى اعتماد ما يسمى اليوم الصيغة التوافقية؛ القائمة على أساس الديمقراطية؛ عبرالإعتراف بحق كافة الطوائف والكتل المشكلة للكيان؛ بالمشاركة في التمثيل السياسي؛ عبر الإنتخابات البرلمانية؛ والحصول على عدد من المقاعد في المجلس النيابي؛ وفي مجلس الوزراء؛ كما في الوظائف و الحياة العامة.

 

لقد تأثر لبنان بالأفكار:القومية والماركسية والاشتراكية والليبرالية وحتى الفاشية في بدايات القرن العشرين؛ كما تأثر بالتيارات العربية المعاصرة:البعثية والناصرية، ونشأت الأحزاب التي تبنت هذه الأفكار؛ وحافظت على وجودها؛ رغم فشل بعض التجارب في دول المنشأ.

 

لذلك سنتحدث عن ظاهرة حزبية؛ حاولت أن تنأى بنفسها عن الطائفية؛ و حاولت حمل لواء الليبرالية؛ واعتمدت شعارات ديمقراطية؛ ألا وهي الكتلة الوطنية اللبنانية؛ التي سنستعرض مسارها تاريخيا؛ وحاضرا باختصار؛ ونعود إلى الاستنتاجات التي سوف تؤكد تأثير البيئة السياسية؛ والعوامل المحلية؛ على مسار هذا الحزب؛ الذي ارتضى لنفسه شعارات ليبرالية وديمقراطية؛ لكن الممارسة عكست تأثره بالبيئة الاجتماعية السياسية.

 

حزب الكتلة الوطنية

 

تألف حزب الكتلة الوطنية اللبنانية سنة 1946 من الرئيس إميل إده؛ إلى جانب شخصيات من ذوي الفكر والنضال والسياسة والاقتصاد والقانون، وأحفاد الشهداء والمنفيين اللبنانيين إبان الحكم العثماني، من المناطق والطوائف اللبنانية كافة، بهدف بناء الديمقراطية والعلمانية؛ وإنشاء الدولة الوطنية والحديثة في لبنان.

 

وكان الرئيس إميل إده من أوائل مؤسسي الدولة اللبنانية؛ وهو الذي خطط؛ وعمل طوال سنوات؛ للتوصل إلى إعادة تكوين لبنان؛ من أجل ضمان وجوده وحدوده التاريخية واستقلاله.

 

وكان إميل إده قد انتخب رئيسا للجمهورية سنة 1936 في زمن الانتداب الفرنسي؛ وتأثر بالأفكار الديمقرطية؛ وقرر تحويل الكتلة الوطنية اللبنانية؛ إلى حزب؛ وتبنى أعضاء الحزب منهجا مستقبليا، ومن نقاطه الأساسية:

 

- استقلال لبنان التام.

- تعليق لبنان بميثاق عصبة الأمم.

- توثيق العلاقات الودية مع الأقطار الشقيقة المجاورة على أساس الاحترام المتبادل والسيادة الكاملة.

- التأكيد على أن يكون بلدا ديمقراطيا يحترم جميع الأديان؛ ولا يستند الى أحدها للحكم، ويضمن المساواة في الحقوق المدنية والسياسية بين جميع اللبنانيين من غير تمييز، ويؤمن لمختلف عناصر البلاد تمثيلا عادلا في الوظائف العامة؛ على أساس الكفاءة والاستحقاق.

- إصلاح الإدارة العامة.

- صيانة مصالح اللبنانيين المغتربين.

- ضم جميع اللبنانيين على اختلاف مذاهبهم في قومية موحدة في الوطن اللبناني.

- اعتماد النظام الاقتصادي الليبرالي الحر.

 

وعند وفاته، انتخب ابنه ريمون إده عميدا لحزب الكتلة الوطنية اللبنانية سنة 1949 وتابع المسيرة.

 

عارض الفساد؛ وتدخل الأجهزة الأمنية في الحياة السياسية؛ وفي الانتخابات؛ وتصدى لقمع الحريات العامة في الستينات.

 

حذر حزب الكتلة الوطنية اللبنانية من المطامع الصهيونية التاريخية بأراضي لبنان ومياهه، وعارض اتفاق القاهرة سنة 1969 (الذي يفتح في الجنوب جبهة)؛ كما انه وقف في وجه لجوء بعض القوى السياسية إلى إنشاء ميليشيات والى الاقتتال الطائفي سنة 1975، ودعا إلى تعزيز المشاركة الوطنية الديمقراطية بين اللبنانيين.

 

وكان الحزب أول من اعترض على دخول الجيش السوري الى لبنان سنة 1976، باعتبار أن التدخل السوري سيحول لبنان الى رهينة في الصراع العربي الإسرائيلي؛ وتعرض الكتلويون وأصدقاؤهم، إزاء مواقفهم الجريئة والمبدئية، كما تعرض عميدهم إلى محاولات اغتيال عديدة، إضطر على إثرها إلى اللجوء إلى المنفى.

 

وفي فترة المنفى؛ سجل الحزب وعميده محطات أساسية منها:

- المساهمة في تعبئة الرأي العام الدولي لإصدار القرارين 425 و 426 لمجلس الأمن والدعوة إلى تطبيقه.

- رفض مشروع اتفاق 17 أيار سنة 1983؛ الذي يشكل قاعدة صلح منفرد يهدد وحدة لبنان واستقراره.

- فضل عدم المشاركة في أي اجتماعات داخل لبنان وخارجه لبحث تعديل الدستور اللبناني، إذ لا يجوز أي تعديل دستوري في ظل قوة خارجية ومسيطرة على ارض الوطن.

- عارض نظام ما بعد الطائف في الممارسات اليومية للمؤسسات، وانتشار الفساد والمحسوبية، وزيادة حدة ألازمة الاقتصادية؛ وتقلص العمل السياسي إلى حدوده الدنيا، وتفاقم هجرة الشباب.

 

 عند انتهاء الحرب سنة 1990، كان الحزب قد فقد جزءا كبيرا من محازبيه بسبب الممارسة السياسية عن بعد.ولأسباب موضوعية أهمها:

 

1 - الحرب الأهلية التي قسمت الشعب اللبناني على أسس طائفية فأفقدته قسما كبيرا من قاعدته العلمانية.

2 – محاولة حزب القوات اللبنانية السيطرة لتوحيد البندقية المسيحية تحت رايته؛ حيث استطاع أن يضم بعض الكتلويين إلى صفوفه؛ بعد إعراض الحزب عن حمل السلاح؛ والمشاركة في الحرب الأهلية.

3– الخوف من التهديدات الأمنية منعت رئيس الحزب من المشاركة في صناعة القرار السياسي اللبناني

الخلافات الحزبية وإعادة التموضع

 

اعتمد الحزب الديمقراطية في نظامه الداخلي، فتم انتخاب المكتب التنفيذي والمكتب السياسي من الأعضاء؛ وبالرغم من وجود آليات ديمقرطية؛ كالتصويت والاجتماعات الدورية والنقاشات؛ إلا أن تدأول السلطة لم يطل رأس الحزب؛ حتى عندما كان منفيا طوعا؛ اذ لم يتم انتخاب بديل عنه؛ مما جعل أمر اتخاذ القرار مسألة يحددها العميد اده من باريس؛ حيث كان منفاه الطوعي؛ اذ كان الحزب بالرغم من ادعائه الليبرالة؛ كان غير ديمقراطي؛ لاسيما في هذه المسألة، أي الوراثة.

 

وبعد وفاته في الخارج، قام ابن أخيه كارلوس اده؛ المقيم في البرازيل؛ بتصفية قسم من أعماله، والمجيء لوراثة قيادة الحزب، مما أثار اعتراض قسم كبير من اللذين حافظوا على الحزب في أثناء نفي العميد اده.

 

أما أسباب الاعتراض؛ فتبلورت في المسائل التالية:

 

- معظم الكتلويين؛ كانوا يعتبرون أن مبادئ الحزب ليبرالية و ديمقراطية؛ ويجب أن تكون حكما ضد مبدأ الوراثة؛ لا سيما وان كارلوس اده قضى معظم عمره في البرازيل.

- ان المكتب السياسي منتخب؛ ويمكنه أن يقرر بهذا الشأن.

-  صمود الحزبيين على مبادئهم؛ بالرغم من الحرب؛ والتغييرات التي اصابت البنية السياسية اللبنانية.

هذا الجدل أدى إلى خروج المعارضين الديمقراطيين أو تجميد عضوية بعضهم.

إن برنامج حزب الكتلة الوطنية اللبنانية، برنامج اقتصادي - اجتماعي شامل، ويهدف في عناوينه العريضة؛ إلى تطوير الاقتصاد وتعزيز النمو، وإحلال نسبة أعلى من العدالة في توزيع الثروة، ودمج لبنان في الاقتصاد العالمي التنافسي، وتدعيم قدرات لبنان الغنية في مجال رأس المال البشري؛ بما فيها قدرات المرأة، واستغلالها بالشكل الايجابي الذي يفضي إلى تعزيز الإنتاجية العامة والتنافسية وتحسين المعايير المعيشية.

 

غير أن الاسئلة التي لطالما طرحت نفسها نفسها؛ تمثلت فيما يلي:

 

- كيف لحزب يدعي الديمقراطية والليبرالية أن يكون وراثيا؟

- وكيف يمكن أن يكون المنتمون إليه من طائفة واحدة؟

- لماذا إبقاء اللغط قائما بين الليبرالية الاقتصادية؛ والديمقراطية؛ بحجة ممارسة الحرية؟ فالكثير من الحرية؛ لا يعني الديمقراطية.

 

الخلاصــــــــــــــة

 

بالرغم من عودة الكتلة الوطنية إلى الساحة السياسية بعد النفي الطوعي، وبالرغم من إعادة النظر ببرنامجها السياسي والاقتصادي؛ فإنها تعاني من غياب العنصر الشاب؛ الذي لم يتوقف عن العمل السياسي؛ ولكن هذه المرة تحت مظلة التيار العوني؛ الذي تحول إلى حزب تحت مسمى حزب الإصلاح والتغيير، وهو تيار ليبرالي وديمقراطي يحمل تقريبا المبادئ نفسها.

 

كان ميشيل عون قد استنهض الشارع المسيحي ضد الوجود السوري سنة 1989، بوصفه احتلال، وضد الميليشيات، وطرح سيادة الدولة على أراضيها، وأسس ما يسمى التيار الوطني الحر، لكنه نفي إلى فرنسا؛ بعد إقرار اتفاق الطائف بسبب رفضه للاتفاق المذكور.

 

إن تغيير قواعد اللعبة السياسية في لبنان، اتخذ وجها مختلفا بعد الانسحاب السوري؛ حيث انعكس الصراع السني-الشيعي الإقليمي والعربي على لبنان، لاسيما بعد احتلال العراق؛ واختلال موازين القوى لمصلحة الشيعة هناك؛ كما أن اغتيال الحريري أدى إلى الاختلال الامني والسياسي، وقسم القوى السياسية بين داعم للمقاومة ضد إسرائيل، و بين مؤيد لمبادرة الملك السعودي عبدالله ابن عبد العزيز:الارض مقابل التطبيع مع إسرائيل.

 

لا سيما في ظل الحديث عن توطين الفلسطينيين، الذي يمكنه أن يقلب المعادلة العددية التي ارتكز عليها لبنان، وكذلك صيغة التعددية التي أمـّنت له مساحة من الحرية والديمقراطية، سيما وان لبنان هو بلد الأقليات الطائفية.

 

 إن الحديث عن الديمقراطية في ظل الصراعات التي عاشها ويعيشها لبنان؛ هو مظهر من مظاهر التشبث بالقيم التي قام عليها.

فالبيئة السياسية في لبنان؛ تعيش اليوم إستقطابات وإصطفافات طائفية ومذهبية، بعدما أصبحت البلاد تعكس صورة الواقع العربي الذي يبعث صور تناقضاته المحلية والإقليمية، ويكاد أن يمحي الصورة التقليدية للمشهد السياسي اللبناني.

 

وأخيراً نعود إلى السؤال الأساسي: هل من أحزاب ليبرالية أو ديمقراطية حقة في المنطقة العربية؟ هل كانت التجارب الحزبية الماضية نتيجة لصراع الأيديولوجيات واتخذت من مصلحة الإنسان محورا لها؟ إن الصراعات اليوم تدور حول الفساد وعدم الشفافية التي حكمت رؤوس اللذين أتيحت لهم فرص الانقضاض الشرعي على الثروة؛ واللذين يجدون تبريراً لوجودهم في النيوليبرالية؛ ويستأثرون بالسياسة.

ـــــــــ

أستاذة العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية/لبنان

التاريخ  13 - 06 - 2009

المصدر : مركز القدس للدراسات

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ