ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 24/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإسلام والغرب.. صراع المشاريع

الحلقة العشرون

الحملة الصليبية الثانية.. فطام مستحيل وهيبة ضائعة

د. علي محمد الصلابي

نستكمل في هذه الحلقة الحديث عن الحملة الصليبية الثانية، والتي كانت ردا على نجاح عماد الدين زنكي في تحرير إمارة الرها من الاحتلال الصليبي، حيث نتطرق إلى النتائج التي ترتبت على فشل هذه الحملة، وذلك بعدما شرحنا ملابساتها في الحلقتين الماضيتين.

هناك مجموعة من النتائج تمخضت عنها الحملة الصليبية الثانية منها:

 

• أججت العداء الغرب أوروبي : تجاه الإمبراطورية البيزنطية؛ إذ أن المعاناة التي لقيها الإمبراطور الألماني كونراد الثالث وكذلك الملك الفرنسي لويس السابع خلال الطريق البري الذي مر بمناطق بيزنطة أكد العداء المتأصل بين الطرفين وهو عداء سيتراكم طول القرن الثاني عشر الميلادي/السادس الهجري حتى يصل إلى ذروته مع مطلع القرن الثالث عشر الميلادي/السابع الهجري.

 

• أثرت تلك الحملة على طبيعة الوجود الصليبي: في الشرق، فالملاحظ أن الحركة الصليبية ارتبطت بحلف دفاعي إستراتيجي مع الغرب الأوروبي، الذي وفر لها كل دعم مادي ومعنوي من أجل القيام والنمو والازدهار، بل وفر لها كل حماية ممكنة وسط المحيط الإسلامي المعادي، والآن بعد المصير الذي وصلت إليه الحملة الثانية بكل الآمال التي علقت على نجاحها، اتضح لنا بجلاء، أن اعتماد الصليبيين على الدعم الأوروبي الخارجي خلال تلك الحملة الفاشلة، لم يغنهم شيئاً، طالماً أن أطماعهم لا تحد، وجشعهم ليس له حدود، ولقد ظل الوجود الصليبي في الشرق أشبه شيء برضيع لم يكتب له النمو الطبيعي من خلال ارتباطه المرضي بالوطن الأم في أوروبا وظل الاعتماد على ذلك الوطن نقطة ضعف لذلك الوليد ليس لها حل حقيقي في آلية الصراع الصليبي الإسلامي (1)  وهذا ما ينطبق على إسرائيل في هذا العصر.

 

• عجز الكيان الصليبي بإمكاناته المحلية عن تغيير واقع عام 539ه/1144م وحتى مع الاعتماد على الوطن الأم عجز أيضاً وتعليل ذلك إلى جانب أخطاء الصليبيين أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء بل من الآن فصاعداً سيحقق المسلمون الإنجاز وراء الآخر حتى يتم طرد الصليبيين نهائياً من المنطقة لتصحيح خطا الانقسام الإسلامي الذي مهد للغزاة القدوم للمنطقة.

 

• بروز نجم نور الدين محمود:  فالحملة المذكورة دعمت وجود نور الدين محمود في حلب إلى حد كبير، فعلى الرغم من خشية الدماشقة من تطلعاته السياسية، إلا أنهم صاروا على علاقات ودية معه أفضل من قبل تلك الأحداث (2)، وتدعم وضعه السياسي في شمال الشام، بصورة أقوى، فقد اعترف الدماشقة ضمنياً بقوة نفوذه السياسي، وطلبوا منه العون ضد مملكة بيت المقدس، حليفة الأمس (3).

 

• ضعف حكام دمشق: الحملة المذكورة تلقي الضوء على مدى الضعف الذي وصلت إليه أتابكية دمشق، إذ أنها لم تتمكن من مواجهة الزحف الصليبي عليها، ولذلك طلبت العون العسكري الخارجي ولا ريب في أن ذلك الوهن أدركه نور الدين محمود بصورة مؤكدة على نحو جعله يخطط أكثر من ذي قبل من أجل توحيد الجبهة الإسلامية وضم دمشق (4).

 

• تدمير حصن العريمة: استغل نور الدين محمود أول فرصة سنحت له للعمل المشترك مع معين الدين أنر فقد استعان رايموند أمير طرابلس بنور الدين ضد أحد أمراء الفرنجة الذين حضروا مع الحملة الفرنجية الثانية من ضمن الجيش الفرنسي هو برتراند كونت تولوز، لم يرجع هذا الأمير مع الجيش الفرنسي إلى فرنسا بعد انتهاء الحملة، وإنما توجه إلى الشمال في البحر محاذيا للشاطئ حتى صار بمحاذاة إمارة طرابلس نزل إلى البر ومعه فرسانه، فاقتحم حصن العريمة التابع لإمارة طرابلس وتحصن فيه وأعلن عن نيته في الاستيلاء على طرابلس معتبراً نفسه أحق بها من أميرها رايموند.

 

 ولم يتمكن رايموند أمير طرابلس من التغلب عليه، فحاول الاستعانة بباقي الإمارات الفرنجية وعندما لم يجد منهم استجابة بعث يستنجد بنور الدين ومعين الدين اللذين بادرا بسرعة لحصار الحصن بقواتهما واستوليا عليه وأسرا كل من مكان فيه ثم دمراً الحصن حتى استوي مع الأرض، وعاد كل منهم إلى مدينته (5) ، وتدل هذه الحادثة على مدى الأثر السيئ الذي أحدثه فشل الحملة الفرنجية الثانية على وضع الإمارات الفرنجية في المشرق الإسلامي (6).

 

• كسر هيبة الصليبيين في نفوس المسلمين: يعتبر العديد من المؤرخين فشل الحملة الصليبية الثانية نقطة تحول في تاريخ الصراع الإسلامي – المسيحي، فبالإضافة إلى أنها أدت إلى انحطاط هيبة الصليبيين في الشام مما شجع القوى الإسلامية على الغارة بجرأة على الإمارات الصليبية، ثم أنها كانت المناسبة التي ظهر فيها نجم آخر من نجوم الجهاد الصليبي هو نور الدين محمود زنكي الذي أحيا مشروع أبيه لتوحيد الجبهة الإسلامية ضد الصليبيين وهو المشروع الذي سيستكمله صلاح الدين فينجح في التمهيد لإنهاء الحروب الصليبية.

 

ولقد نجح نور الدين في استغلال الظروف التي أعقبت فشل الحملة الصليبية الثانية في توحيد الشام تحت قيادته هذه المرة على حساب حاكم دمشق، ثم استأنف جهاده للصليبيين بنجاح مما شجع القوى الإسلامية الأخرى مثل سلاجقة الروم والآراتقة والتركمان على التقدم لمواجهة الصليبيين خاصة في الرها وأنطاكية بل وتحالفوا أيضاً في جهودهم حتى استطاع نور الدين زنكي أن يوحد بلاد الشام كلها تحت قيادته من الرها شمالاً حتى حوران جنوباً فقامت دولة إسلامية موحدة مركزها دمشق، وكانت هذه هي الخطوة الأولى نحو تكوين الجبهة التي ستمتد من الفرات إلى النيل للتصدي بحق لهذا الخطر الصليبي (7).

-------------------

(1) الحروب الصليبية العلاقات بين الشرق والغرب ص 184.

(2) الحروب الصليبية العلاقات بين الشرق والغرب ص 184.

(3) المصدر نفسه ص 185.

(4) المصدر نفسه ص 185.

(5) دور نور الدين محمود في نهضة الأمة ص 97.

(6) المصدر نفسه ص 98.

(7) السقوط ص 136.

يتبع بإذن الله ..

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ