ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 24/07/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

هل دول الخليج في طريقها للإتحاد ؟ 

إعداد : يوئيل جوجنسكي

ترجمة : لبنـى نبيــه

صدر مؤخراً المجلد (2) من العدد السابع لسلسلة "مفترق الشرق الأوسط - تسوميت هامزراح هاتيخون" التي ينشرها مركز "موشي ديان" لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو عبارة عن دراسة أعدها يوئيل جوجنسكي تحت عنوان "هل دول الخليج في الطريق للإتحاد" ، جاء فيها أن الإضطراب الذي يعتري المنطقة العربية والصراع المتفاقم ضد إيران، يدفعان الدول العربية إلى تجربة وتبني حلولاً متعددة إزاء التحديات الداخلية والخارجية. حيث تصدرت جدول البحث في الشهور الأخيرة المبادرة السعودية بتحويل "مجلس التعاون الخليج"، المنظمة التي تضم إلى جانب المملكة العربية السعودية كلاً من (الكويت – البحرين – قطر – الإمارات العربية وعُمان) إلى اتحاد سياسي وأمني. كمحاولة لتمثيل جبهة متحدة وتحصين الدول الست أمام التهديدات المحتملة.

ففي ديسمبر عام 2011 دعا العاهل السعودي - الملك عبدالله - الدول الست "إلى الإنتقال من تعاون إلى اتحاد في إطار كيان واحد". وكان مقرراً أن يتم إعلان هذا الإتحاد في قمة المشاورات التي عقدها الزعماء العرب في الرياض نهاية مايو من العام الجاري، ولو في صورة اتحاد جزئي. إلا أنه وعلى خلاف التوقعات، تم تأجيل الأمر؛ على ما يبدو، من أجل منح الأعضاء فترة زمنية إضافية لدراسة المُخطط المقترح وحل القضايا موضع الخلاف. تصريح وزير الخارجية السعودي ، سعود الفيصل، بأنه "يأمل أن تتحد الدول الست في الإجتماع القادم، يشير إلى إصرار المملكة على دفع نظام إقليمي جديد. ووفقاً للتقارير، فإن الحديث، على ما يبدو، يتعلق بتطوير مؤسسات مجلس التعاون الخليجي إلى جانب إقامة مؤسسات جديدة، من منطلق "الحفاظ على سيادة الدول الأعضاء". وحقيقة الأمر لم تتم هذه العملية بسرعة، مما يشير إلى مدى عمق الخلاف بين الدول الستة. وعلى نفس الشاكلة، في مايو عام 2011 تم الإعلان عن مبادرة أخرى، والتي بمقتضاها تنضم الأردن والمغرب للمنظمة، غير أن هذه المبادرة اصطدمت بصعوبات في ضوء مخاوف بعض الدول الأعضاء من احتمال المساس بمكانتها في المنظمة والعبئ الإقتصادي المرتبط بالأمر.

لقد جاءت إقامة منظمة مجلس التعاون الخليجي في 1981 نتيجة إجراءات مبكرة للغاية كان هدفها، حسبما أكدت الدول في الميثاق التأسيسي، "وضع أسس لاندماج شامل". لقد كانت دول الخليج في حاجة لفوضى تدفعها إلى التغاضي عن الشك المتبادل والتغلب على الخلاف فيما بينها. وقد أتاحت الثورة الإسلامية في إيران وحرب إيران / العراق هذا الدافع الضروري والتعجيل باتحاد الممالك الستة. غير أن مجلس التعاون الخليجي لم يكن نتاج التطورات الإستراتيجية السلبية لهذا الوقت فقط وإنما أيضاً هو تعبير عن (المصالح المشتركة - الطابع الملكي لأنظمة الحكم – الرابطة الدينية باعتبارهم مسلمين يتبعون المذهب السني والعِرق العربي المشترك)، وكل هذا في مقابل إيران الثورية ، الشيعية وغير العربية.

لكن، بعيداً عن إنجازات محددة في المجال الإقتصادي، ظلت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي منقسمة تقريباً حول كل قضية يتصدرها جدول الأعمال. لهذا زادت الخلافات إزاء أساس مهمة المنظمة وسياستها. لقد أثبت مجلس التعاون الخليجي نفسه، لأقصى حد، كهيئة تهدئ النزاع بين أعضائها. الإخاء والترابط العلني بين أعضاء هذه المنظمة يشكل غطاءً رقيقاً لمصالح متنافسة ورؤية مختلفة للبيئة الإستراتيجية.

وبعد مرور 31 عاماً على إقامة منظمة مجلس التعاون الخليجي، تعرض المنظمة مساهمة هامشية للأمن القومي. فتصريحات قادة المنظمة التي تصاحب أي اجتماع قمة وتثني على التحديات المشتركة، وروابط الثقة والجيرة الطيبة، تتناقض مع افتقاد أعضائها القدرة على صياغة توافق في الآراء حول القضايا الأساسية للأمن القومي. وذلك على خلفية (انعدام الثقة من الأساس – الخصومة التاريخية – المنافسة القبلية والنزاعات الإقليمية).

وهنا يطرح الكاتب تساؤلاً حول السبب في إعادة طرح فكرة الإتحاد الآن، ويرى أن التعاون السياسي والأمني المتزايد أصبح ضرورة خليجية ملحة، خاصة إزاء التهديد الإيراني. فحتى الآن يمكن ملاحظة تنسيق محدود في استراتيجية بعض دول منظمة مجلس التعاون أمام إيران وتبنيها موقف علني أكثر حزماً، والذي من شأنه إنعاش هذا التحالف الواهن. وليس هناك ما يهم في ذلك، طالما أن دول مجلس التعاون تميل على الأغلب إلى كبح ردة فعلها العلنية بخصوص إيران وتصر على عرض سياسة واحدة في هذا الشأن.

ورغم ضآلة ما يعرف عن هذا الإتحاد المقترح إلاً أنه ورد أن البحرين ستكون أول من ينضم إليه. فعاهل البحرين، حمد بن عيسى آل خليفه، هو الوحيد الذي تطرق بإيجابية وعلانية إلى المبادرة السعودية من خلال تصريحه بأنه يأمل في إرساء "اتحاد الخليج". وفي المقابل، تحدث وزير الخارجية العماني ، يوسف بن علوي، بحدة ضد المبادرة السعودية. وذلك عندما سئل عن التطور إزاء تدشين المبادرة حيث قال "أنه ليس هناك أمر كهذا اتحاد (دول) الخليج.. الإتحاد موجود فقط في عقل الصحفيين". وهي رسالة للسعودية بأن عُمان ليست مستعدة للتحول لتنفيذ اقتراح السعودية، وبالنسبة لإيران – فهي لا تعتبرها تهديداً. وفي المقابل، أعرب وزير الخارجية السعودي عن تفاؤله إزاء فرص الإتحاد وأوضح أنه تقرر في الوقت الحالي عدم اتخاذ أي خطوات لإرساء علاقات خاصة بين البحرين والسعودية نظراً لأن الهدف هو ضم كل دول مجلس التعاون، "وليس فقط دولة واحدة أو اثنتين".

لقد أشادت إفتتاحيات الصحف السعودية والعربية بالإجماع إلى ضرورة اتحاد دول الخليج. وبالغ طارق الحميد، محرر "الشرق الأوسط" السعودية، في قوله بأن الإتحاد "هو ضرورة وليس من الكماليات" وذلك بسبب التهديدات المشتركة على دول الخليج، وفي مقدمتها إيران.

إيران من جانبها، ردت في حدة على المبادرة ورئيس المجلس، علي لاريجاني، أعلن أنه "إن كان مقدراً للبحرين أن تتحد مع دولة أخرى، فستكون إيران وليست السعودية". وفيما وراء محاولات إيران لدق إسفين بين دول مجلس التعاون، تنبع الصعوبة في بلورة سياسة خارجية وأمنية موحدة من القوة السعودية وانعدام التوازن الموجود بينها وبين بقية دول المنظمة. حيث تخشى بعض الدول تلك من أن يؤدي تجسيد المبادرة إلى تدعيم السعودية بشكل فعلي. فبالنسبة لتلك الدول، فإن الرياض ترغب في ذلك من أجل فرض جدول أعمالها السياسي والإقتصادي عليهن. ومثال على ذلك عُمان والإمارات، عندما تراجعتا عن فكرة العملة المشتركة. فقد كان هذا، بسبب الخوف من تعاظم السيطرة السعودية، حسبما بدا الأمر لدى اعتزامها إقامة البنك المركزي للمنظمة في الرياض.

ويستطرد الكاتب في مقاله قائلاً أن الحزم السعودي عاود الظهور بشكل نسبي قبل أحداث "الربيع العربي"، تلك الأحداث التي أدت إلى تفاقم حالة التوتر الديني بين جانبي الخليج، والتي بلغت ذروتها إثر تلك الأحداث. فالإعتبارات المرتبطة بميزان القوة النموذجي والتنافس العرقي متشابكة مع بعضها البعض في النشاط السعودي الذي يعمل على كبح إيران وتكوين جبهة سنية ضدها. لقد جاءت المبادرة السعودية على خلفية زيارة الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى في أبريل من العام الجاري، إحدى الجزر الثلاث موضع الخلاف في الخليج، وهي الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس إيراني لتلك الجزر. وهذه الزيارة دفعت السعودية إلى تشديد لهجتها وتحذير إيران من أي محاولة مساس بسيادة دول الخليج وأن المساس بأي من تلك الدول يعتبر مساساً بالسعودية نفسها.

ويرى الكاتب أن المحاولة السعودية لتوحيد الأنظمة الملكية جاءت بسبب الخوف من اندلاع ثورة شعبية ضدها – مثل إيجاد بديل للجامعة العربية الآخذ دورها في التقوُض وتكوين هيئة سنية متحدة ذات ثِقل أمام إيران – لم تنجح حتى الآن. وعلى الرغم من أن السعودية تربطها حدود بأكثر بؤر النزاع في الشرق الأوسط، إلاَ أنها تفضل حتى الآن إبطال مفعول المخاطر المحدقة بأمنها القومي من خلال الإمتناع عن استخدام وسائل عسكرية بصورة واضحة ومحاولة التهرب من أدوار القيادة والزعامة. فكانت الدبلوماسية والتمويل هي الأدوات المفضلة لديها. لكن، ومنذ اندلاع أحداث "الربيع العربي" أدركت النخبة السعودية أنه ينبغي عليها خلال البضعة أعوام القادمة إيجاد بيئة سياسية مختلفة لها. ووفقاً لرؤيتها، فإنه لا يمكن الإكتفاء بالوسائل التقليدية التي بمساعدتها شكلت بيئتها الإستراتيجية وأنه ينبغي عليها الخروج من السلبية النسبية من أجل منع المخاطر المحدقة بأمنها القومي وحتى إذا كانت هناك ضرورة فلا مانع من السعي لتزعم المنطقة العربية.

إن عدم قدرة دول مجلس التعاون على التنازل عن بعض تأثيرات السيادة وتبني خط سياسي – أمني واحد ساهم في صعوبة التقدم نحو هذا الهدف. هذا، على الرغم من تزايد التهديدات عليها والتي بسببها تم إنشاء المنظمة من البداية، ورغم الهياكل الإقتصادية، السياسية والثقافية المتشابهة بين الدول. فقد كانت النتيجة أنه منذ إقامة المنظمة عام 1981 بدأت التوقعات من المنظمة. والتي كانت تربو نحو وحدة أو اتحاد، أو على الأقل تعاون فعَال، لكن المنظمة تحولت حسب رأي نقادها إلى ما لا يعدو عن كونها تمثيل لوحدة عربية. ومع هذا، عرفت كتلة تلك الدول أنه عليها تكييف نفسها مع التغيرات الإقليمية والمواقف المتغيرة لأعضائها من خلال التقدم البطئ إزاء تحقيق أهدافها. حيث يمكن الزعم بأن عملية اتخاذ القرارات التي تسير ببطئ ومرونة، والتي أتاحت لبعض الأعضاء العمل بعيداً عن الإجماع الخليجي، ساهمت في إطالة عمر المنظمة، وبالتأكيد فإنه من خلال المقارنة مع محاولات أخرى للتعاون في المنطقة العربية. يظهر أن مؤسسات المنظمة تواصل العمل بصورة منتظمة وأن هناك مشاريع اقتصادية مشتركة تشغِلها من خلال رفع العوائق التجارية بين الدول بشكل تدريجي. كما يوجد تنسيق في الملفات السياسية والإقتصادية، مثل التعاون في قضايا مراقبة الحدود ومحاربة الإرهاب وكذلك تأسيس قدرة عسكرية مشتركة، حتى وإن كانت بشكل محدود.

ويختتم الكاتب مقاله قائلاً إنه بالنظر إلى النصف المملوء من الكأس، فإن مجلس التعاون الخليجي يشكِل بالفعل حتى الآن النموذج الأنجح للتعاون بين الدول العربية. فتاريخ تلك الدول يثبت أنه كلما زادت التهديدات عليها كلما أصبح أكثر يسراً عليها إلقاء الخلافات وراء ظهرها، لكن ليست كل الدول الستة مقتنعة بأن هذه المبادرة محل النقاش ستسهم في أمنها.

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

   

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ