ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 21/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

(40)

د. محمد سعيد حوى

علل احاديث في المعازف:

في سياق مناقشة القاعدة الثانية عشرة المتعلقة بضرورة تحرير استيفاء شروط صحة الحديث وانتفاء علله، لاحظنا ان هناك احاديث تصحح ويبنى عليها احكام اقل ما يقال انها خلافية، ومع ذلك فهذه الاحاديث تنطوي على علل تقدح في صحتها، فلا يكون النقد مستوفى لشروطه، وقد ناقشت من قبل ثلاثة احاديث وفيما يلي بعضاً آخر.

4- حديث عبدالله بن عمرو بن العاص مرفوعاً "إن الله حرّم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء, وكل مسكر".

هذا الحديث اخرجه احمد (2/158) و(2/171) وابو داود (3685) وغيرهم من طرق عن يزيد بن ابي حبيب عن عمرو بن الوليد بن عبدة عن عبدالله بن عمرو.

وعمرو هذا لا يعرف, مجهول, كما قال الذهبي على خلاف ما قال ابن حجر: صدوق وفي الحديث علة اخرى وهي الانقطاع, فقد روى البيهقي هذا الحديث من طريق عمرو بن الوليد عن قيس بن سعد.

وقال عمرو بن الوليد في حديثه بلغني عن عبدالله بن عمرو بن العاص مثله، مما يدل ان عمرو بن الوليد لم يسمعه من عبدالله بن عمرو.

وقد يقال للحديث متابعة من طريق ابن الهيعة عن عبدالله بن هبيرة عن ابي هريرة او هبيرة العجلاني عن مولى لعبدالله بن عمرو بلفظ "ان ربي حرّم علي الخمر والميسر والمزر والكوبة" وفي رواية "والطبل والكوبة", وفي هذه المتابعة علل شتى:.

1-        تفرد ابن الهيعة فيها وهو ضعيف سيء الحفظ.

2-        خالف غيره ممن رواه من الطريق السابقة.

3-        الاضطراب في سنده فمرة عن ابي هبيرة ومرة عن ابي هريرة او هبيرة ومرة عن ابن العاص ومرة عن مولى له عنه.

 

4-        جهالة مولى عبدالله بن عمرو.

وقد يقال للحديث متابعة اخرى من طريق الفرج بن فضالة ثنا ابراهيم بن عبدالرحمن بن رافع عن ابيه عن عبدالله بن عمرو بن العاص وهذه المتابعة فيها علل:.

1-        عبدالرحمن بن رافع حديثه منكر.

2-        الفرج بن فضالة منكر الحديث ضعيف.

3-        وابراهيم بن عبدالرحمن مجهول.

فلا تصلح هذه المتابعات لتقوية الحديث اذ لم تثبت الى المتابع بل رويت عن طرق ضعيفة وفيها جملة علل.

والطريق الاول من رواية مجهول وفيها انقطاع.

 

نقد المتن.

ان الحديث كله يتكلم من اوله الى آخره عن الاشربة وفي هذا السياق ذكرت الكوبة وكل المحدثين خرجوا الحديث في باب الاشربة، فلماذا نفسر الكوبة – على فرض صحتها ولم تصح – بالطبل.

 

5-عن قيس بن سعد بن عبادة:.

ان رسول الله قال: ان ربي تبارك وتعالى حرّم عليّ الخمر والكوبة والقنين واياكم والغبيراء فانها ثلث خمر العالم, والحديث اخرجه احمد وابن ابي شيبة والبيهقي من طريق يحيى بن ايوب عن عبيدالله زحر عن بكر بن سوادة عن قيس وفي هذا الاسناد علل:.

1-        يحيى بن ايوب, قال ابو حاتم: لا يحتج به, وذكر له الذهبي مناكير وقال النسائي: ليس بالقوي.

2-        عبيد الله بن زحر: منكر الحديث فهذا طريق شديد الضعف لا يعتبر به لا في المتابعات ولا الشواهد.

وقد روى البيهقي هذا الحديث من طريق عمرو بن الوليد عن قيس بن سعد، لكن عمرو بن الوليد مجهول.

وقد يقال ان هذا الحديث روي عن عبدالله بن عمرو وعن قيس بن سعد، الا يتقويان بالشواهد، فيقال ان الحديث لم يثبت الى أي واحد منهما فكيف يقوي احدهما الآخر مع كون الطريقين رويا من طريق عمرو بن الوليد وهو مجهول والطرق الاخرى اشد ضعفاً.

6-حديث عمران بن حصين مرفوعا: يكون في امتي قذف ومسخ وخسف .. اذا ظهرت المعازف وكثرت القيان وشربت الخمور"..

اخرجه الترمذي من طريق عبدالله بن عبدالقدوس عن الأعمش عن هلال بن يساف عن عمران.

وقال الترمذي: روي هذا الحديث عن الأعمش عن عبدالرحمن بن سابط عن النبي مرسلاً وهذا حديث غريب.

اقول: ومعنى قول الترمذي: غريب أي ضعيف لا يحتج به. وفي هذا الحديث علل:.

1-        فيه عبدالله بن عبدالقدوس شديد الضعف كما بين يحيى بن معين والنسائي والدارقطني على خلاف ما قال ابن حجر: صدوق يخطئ ولذا قال الترمذي: حديث غريب.

وقد ذكر لهذا الحديث عدة متابعات لم يصح منها شيء.

1-        فالمتابعة الاولى من طريق حماد بن عمرو عن الاعمش مرسلاً وحماد هذا متهم بالكذب.

2-        الثانية من طريق ليث بن ابي سليم مرسلاً شديد الضعف.

3-        الثالثة من طريق اسحاق بن اسماعيل قال ثنا جرير عن ابان بن تغلب مرسلاً أ.هـ. واسحاق وابان كلاهما مضعف.

4-        من طريق عبدالله بن عمرو بن مرة مرسلاً وعبدالله متكلم فيه.

وجميع هذه المتابعات مرسلة.

ومن هنا قال الترمذي روي الحديث مرسلاً وهذا حديث غريب.

كأنه يقول: اني اطلعت على جميع متابعاته فلا يصح شيء منها للتقوية.

وقد مر معنا من قبل ان للاحتجاج بالمتابعات والشواهد شروطاً منها ان يصح الطريق الى المتابع، وهذا لم يتوافر مع شدة ضعف طرقه.

سيأتي من يقول لك ان لهذا الحديث شواهد مروية من طرق صحابة آخرين، وقد تتبعتها جميعاً ووجدتها كلها بأسانيد ضعيفة، لم يثبت اسناد الى أي صحابي.

ولا اريد ان اطيل في نقد هذه النصوص لانها تحتاج الى مباحث مستقلة ان شاء الله. لكنني اردت ان اقدم لطلاب العلم نماذج من نصوص يحتج بها ويبنى عليها احكام قطعية عند بعضهم ينطلقون من خلالها الى اطلاق اوصاف التفسيق والتضليل لمجرد ان انساناً سمع شيئاً ما من المعازف من غير تمييز بين انواعها وآثارها وما يرافقها من كلمة طيبة وغير ذلك من الامور المؤثرة في الحكم.

ويتساءل المرء هل تبنى الاحكام الشرعية على مثل هذه الأدلة المعلولة او التي لا تعدو ان تكون ظنية لا يصح منها شيء بوضوح.

ان ثمة مساحة في الشرع للهو والفرح والسرور والمتعة .. والنفس الانسانية تستمتع بالجميل من الصوت والمنظر, فتراها تطرب وتهتز مشاعرها لزقزقة العصافير وهديل الحمام وخرير الماء وحفيف الاشجار، وما ان تقع عين على منظر جميل الا وتُسبّح الخلاق الجليل.

ولقد هذّب الشارع الكريم الانسان ووجّهه, فتراه أمَرَهُ بغض البصر عن المحرمات، فليس كل جميل تستحليه العين يجوز النظر اليه, وكذلك نقول وجهنا الى ما يجوز ان نسمع وما لا نسمع، فليس كل صوت يسمع وليس كل ذلك يحرم (قل من حرّم زينة الله التي اخرج لعباده).

فالغناء وآلات الطرب تشتمل على عناصر عدة هي (الكلمة, الآلة، المؤدي, كيفية الأداء، وجه وطريقة الاستماع، وآثاره وغايته).

فأما الكلمة المغناة بمفردها: فبحسب موضوعها فان كانت كلمة هادفة صادقة نظيفة مذكرة بالله ورسوله وبالايمان والحماسة والنخوة والاخلاق.. فهي عمل صحيح.. جائز بل قد يكون واجباً.

واما آلات الطرب بمفردها: فرأينا من العلماء كابن حزم والقاضي ابن العربي المالكي ومن المعاصرين الغزالي والقرضاوي والطنطاوي وابو زهرة رحمهم الله من يقولون: لا يصح في الباب شيء يدل على التحريم ورأينا من المعاصرين من يصحح ستة احاديث مرفوعة.

امام هذا التعارض اقول اتساءل؟ من اين نستمد حكم الشارع في المعازف وآلات الطرب امن النص الشرعي وهل ثبت ام لا, وان لم يثبت فهل نقول الاصل الاباحة, ام نستمد الحكم من نظر العقل الخاص, امن من اثرها؟ ام من مبدأ البر ما اطمأنت اليه النفس والإثم ما حاك في الصدر؟.

انه من غير وجود النص الشرعي الثابت الذي لا مطعن فيه يبقى الأمر خاضعاً للاجتهاد والأخذ والرد ويبقى في الأمر متسع، ولا يلزم احد بنظر أحد، فلا يبقى الا النص الشرعي.

ولقد درست الاحاديث الستة التي صححها بعض اهل العلم فرأيت ان جميعها لم يسلم من المطاعن المؤثرة.. والعلل الفادحة، والله اعلم ولكل وجهته..

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ