ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  21/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


صناعة وتسويق الحرب ضد العراق

الباحث: الدكتور مهند العزاوي - مركز صقر للدراسات

Saqr_v@yahoo.com

أن النفط هو احد أسباب, الإعداد للحرب ضد العراق وإذا حاول إي شخص أن يقنعنا بغير ذلك فانه قطعا لا يحترم عقولنا -  "توماس فريدمان" في مقالة عام2003 نشرته "هيرالد تريبون"

يتذكر العراقيين هذا الشهر الذكرى السادسة المؤلمة لغزو العراق, سنوات أيامها عصيبة عجاف دموية, تعرض فيها العراق لأبشع هجمة تترية قادتها الولايات المتحدة الأمريكية لغزو واحتلال العراق مطلع القرن الحادي والعشرين, بدون سند قانوني أو شرعي منتهكة بذلك الشرعية الدولية, لتنتشر الفوضى والدمار في بلاد الرافدين عراق الحضارات, وتقسم العراق وفق أهواء اليمين المتشدد في أمريكا وعقيدة رئيسها السابق الراديكالي "بوش" الذي أوغل بدماء العراقيين, وحول الشعب العراقي إلى طوائف وأعراق وأقليات  ومراكز نفوذ ومغانم مليشياوية ,وجعل من العراق ميدان وحقل تجارب للأسلحة الفتاكة والاستراتيجيات الشاذة السادية التي تصادر حق الشعب العراقي في تقرير المصير والعيش الرغيد الآمن,باعتماد فلسفة القتل الصادم والمريع الذي اجتاحت كافة مدن ومناطق العراق(نشر الديموقراطية) لينزلق العراق إلى الفوضى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتطهير الطائفي والعرقي في ظل غياب القانون والدولة ومؤسساتها التي من واجبها الأساسي تأمين حماية المواطن, بل اتجهت إلى إذكاء العنف وممارسة سياسة التهجير التي بلغت حتى نهاية عام2007 أكثر من 4,6مليون عراقي خارج العراق كضحايا للتعذيب والعنف الجنسي وإرهاب قوات الاحتلال وإرهاب السلطة والأحزاب,وإرهاب المليشيات الطائفية والحزبية التي مابرحت تقتحم وتجتاح المدن والمناطق بشكل واسع ومنظم وبإسناد مبرمج من قبل عدد من التشكيلات الحكومية ذات الشحذ الطائفي والتي أشاعت الفوضى والقتل وسفك الدماء بدلا من فرض القانون والنظام  , وتركت المليشيات تسيطر على العاصمة بغداد في محاولة لتغير ديموغرافية العاصمة وفق مخطط  تكتيكي الغاية منه أبعاد استراتيجية ممزوجة بأطماع إقليمية صفراء,كما خلفت 2,2مليون نازح داخل العراق(1) خصوصا بعد انتماء المليشيات الطائفية والحزبية إلى القوات المسلحة وفق قرار "ببول برايمر" بدمج المليشيات في الجيش والشرطة(2),لقد عصفت تلك الحرب الدموية الظالمة بالعراق واقتصاده ومجتمعه وسيادته وحولته إلى خراب,والعالم باجمعه يشهد ذلك.

 لقد كانت الحرب ضد العراق من وجهة نظر الإدارة السابقة مناقصة تجارية ذات منحى حربي سياسي اقتصادي, لصنع أسواق في بقع مختلفة من العالم  بقوة السلاح وضغط السياسة واستخدام الدعاية الأمريكية , وكان غزو العراق "المرتكز الأول" في "مشروع القرن الأمريكي" لإلحاق العراق إلى النظام الرأسمالي بالقوة, بين توكيل وجذب وبيع واستثمار وتسويق لمختلف الشركات-النفطية-السلاح -الإلكترونية-الإعلامية-الإنشائية- الغذائية-المرتزقة- تبييض الأموال-الأمنية..الخ في بيئة فوضى عارمة , وتلهث تلك الشركات خلف العقود المغرية بأسعار فلكية وبشروط ترفيهية وصفقات مختلفة متنوعة تعزز أرصدة تجار الحرب وصناعها .

 مارست الإدارة الأمريكية السابقة اكبر خطة خداع وتضليل استراتيجي عرفها التاريخ, حيث استخدمت الحرب الإعلامية ومؤسسات العلاقات العامة بكامل قدراتها لتسويق الحرب ضد العراق, وباستخدام الدعاية عبر الخداع والتضليل والتلاعب والتأثير وتزييف الحقائق والتقارير وإيهام الرأي العام الأمريكي والعالمي حول العراق, وكانت غالبية المؤسسات ووسائل الإعلام الأمريكية والغربية قد انتهجت الخيار الحكومي لتكون بوق لترويج الأكاذيب ضمن برنامج الدعاية الموجهة ضد العراق, يا ترى ماهو موقفهم بعد ثبت زيف وكذب المبررات الحرب(3)

 

قانون تحرير العراق1998

شدد مؤسسي "مشروع القرن الأمريكي الجديد "عام1998 الضغط على الكونجرس للتصديق على ما يسمى مشروع((قانون تحرير العراق1998)) وهو القانون الذي جعل من تغيير النظام العراقي سياسة أمريكية رسمية ذات منحى عسكري مخابراتي(4), وصادق على صرف" مبلغ97مليون "دولار كمساعدات للمجموعات والورش العراقية التي تعاونت مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومنها المؤتمر الوطني العراقي(*), وفي شهادة" بول وولفوفيتز" في25/2/1998أمام الكونغرس لتمرير القانون كطريقة للتخلص من الرئيس العراقي  دون الحاجة لاستخدام قوات برية أمريكية واستخدام عبارات الخطاب المزدوج "ساعدوا الشعب العراقي على إزاحة السلطة" "(5), ويبدو الهدف من هذا الخطاب طمأنة أعضاء "الكونغرس" أن الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت على عاتقها تغيير النظام كذريعة, وأراد وولفوفيتز أن يوضح بأنه لا يطالب منهم التوقيع على فكرة اشد خطورة تقضي بانخراط أمريكا في شن حرب رمال متحركة في العراق, ولكن بعد تسعة أيام من أحداث ايلول2001أرسلت جماعة "مشروع القرن الأمريكي الجديد" رسالة مفتوحة إلى بوش الابن ودعته إلى توسيع الحرب لتشمل العراق بعد أفغانستان, وتوظيف " الحرب على الإرهاب" لذلك, وبالفعل تسارعت الأحداث وحشدت مؤسسات ووسائل الأعلام الأمريكية لذلك , بينما انشغلت المؤسسة العسكرية لتحضيرات  الحرب التي باتت أكيدة على العراق وفق الأهداف العسكرية المرسومة لها ضمن المتغيرات الجديدة في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية . 

 

لجنة غزو العراق(CLI)

أنجز العمل ضمن حملة العلاقات العامة لترويج غزو العراق, من قبل مجموعات المجابهة والخبراء المرتبطين بالبيت البيض والبنتاغون, ليروجوا للحرب في أروقة القطاع الخاص من خلال اللقاءات والبرامج التلفزيونية الإخبارية وصفحات التعليق في الصحف.

لقد شكلت "لجنة تحرير العراق(CLI)" بعد اتخاذ القرار في الكونغرس والمصادقة على عملية تحرير العراق عام1998, وكانت "لجنة تحرير العراق(CLI)" نقطة الارتكاز للحملة الدعائية وعززت بمجموعات أخرى تروج بنشاط وفعالية الهجوم على العراق ومن بينهما "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط", "منبر الشرق الأوسط", "مشروع القرن الأمريكي الجديد", "معهد المشروع الأمريكي", "معهد هد سون", "معهد هوفر", " وشركات علاقات عامة "بنادور آسوشياتز" وترسل لجنة تحرير العراق رسائلها إلى المواطنين الأمريكيين عبر اجتماعات تعقدا مع هيئات تحرير الصحف, وترتبط اللجنة بشكل غير مباشر بمستشار الأمن القومي, وترأس اللجنة"راندي شيوفمان" مستشار في السياسة الخارجية من الحزب الجمهوري وهو مستشار للأمن القومي سابق, ويملك شركة علاقات عامة صغيرة"اوريون استراتيجي"  تحظى اللجنة بمساندة البيت الأبيض وتعتبر كأحد المنابر التي تدعم أفكار المحافظون الجدد .

 

حرب من اجل النفط

كان الهدف الإستراتيجي في الحرب على العراق هو النفط, , والتحكم بمصادر الطاقة لديمومة الصناعة الحربية, وإدامة انتشار الجيوش والقواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة في العالم(استراتيجية التواجد), وإيجاد سوق تصريف للشركات الحاكمة, وقال "توماس فريدمان" في مقالة عام2003 نشرتها جريدة "هيرالد تريبون" قال فيها ((أن النفط هو احد أسباب الإعداد للحرب ضد العراق وإذا حاول إي شخص أن يقنعنا بغير ذلك فانه قطعا لا يحترم عقولنا)), تشير دراسات أعدتها "هيرالد تريبون" (6)إلى أن أخر برميل نفط في العالم سيكون من العراق, الذي يملك122مليار برميل كاحتياط نفطي ويمثل 15% من احتياط نفط العالم, فيما نشرت دراسات أمريكية أخرى صادرة عن "إدارة معلومات الطاقة الأمريكية",أن احتياط النفط العراقي أكثر من200مليار برميل والكثير من حقول النفط لم تستغل حتى الآن, وعدد الحقول المستغلة بسيطة جدا بالمقارنة مع الاحتياط النفطي للولايات المتحدة وكندا الذي ينفذ بعد عشر سنوات, وفي العراق يتجاوز100 عام, علاوة على كلفة استخراج برميل النفط في العراق اقل بكثير عن بقية الدول المنتجة للنفط في العالم, وتصل كلفة الاستخراج في العراق إلى 95سنت , كما أن احتياط الولايات المتحدة يصل2% من احتياط العالم, وأصدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية(7) بالاشتراك مع شركة "بريتش بتروليوم" دراسة تفيد أن الإنتاج النفطي العالمي عام1997بلغ75 مليون برميل في اليوم, وسيصل في عام2010الى94مليون برميل في اليوم, ويرتفع في عام2015ليصل105مليون برميل في اليوم, وفي عام2020يصل إلى 115مليون برميل, وبهذا الموقف يكون العراق الأول في قدرته على تلبية احتياج الأسواق العالمية, وتأتي السعودية-الأمارات-الكويت-إيران –فنزويلا-بعده, أنها حروب شركات النفط الدموية؟.

 

منظومة تسويق الحرب

تمتلك الولايات المتحدة منظومات ومؤسسات إعلامية ذات قدرة دعاية ضخمة, ومراكز دراسات ومكاتب متطورة يعمل فيها باحثين وأساتذة جامعات ودبلوماسيين وعسكريين سابقين, لغرض أعداد خطط التأثير على الرأي العام وتسويق الحرب عبر تلك المؤسسات وتعتبر وزارة الخارجية الأمريكية الدعاية "دبلوماسية عامة", وتكلف  بمعالجة الأزمات والحروب ومخاطبة الرأي العام وإقناعه ومن تلك المؤسسات (8):-

أ. مركز التحالف الإعلامي: تأسس عام2001باشراف "كارين هيوغز" مستشارة "بوش" و"اليسير كمبل" أمير التلاعب المستشار الإعلامي السابق ل"توني بلير" لإدارة الإعلام المتعلق بغزو أفغانستان والحرب الدائرة هناك.

ب. مكتب الخطط الخاصة( مكتب الدسيسة): بأشراف نائب وزير الدفاع "بول وولفوفيتز" ويديره "أبرام شولسكي" واستعمل للتلاعب بالمعلومات بهدف تضخيم التهديد التي تمثله أسلحة الدمار الشامل في العراق وللمكتب علاقات وثيقة مع جهاز الموساد الإسرائيلي.

ج. منظمة "اللجنة من أجل تحرير العراق" تأسست في تشرين الثاني2002 كلف بإدارتها مستشار سابق ل رامسفيلد(راندي شينمان)وأخذت على عاتقها إن تبيع علنا منطق الإدارة الأمريكية في خوض الحرب واستراتيجيتها ضد العراق.

د.مكتب التأثير الإستراتيجي: الذي تأسس عام2002واسسه وزير الدفاع السابق "دونالد رامسفيلد" بهدف رسمي معلن هو استمالة العالم العربي وشن حملات التضليل والتلاعب وقد أغلق هذا المكتب في شباط2003 اثر كشف "نيويورك تايمز" عن حقيقة مهامه وأساليبه في التعامل مع الصحافة الدولية وما أثاره ذلك من احتجاجات في أوساط معتدلة كثيرة.

هـ. مكتب الدبلوماسية العامة: ترأسه "شارل بيرز" وهي من اشهر وابرز شخصيات الصف الأول في عالم الدعاية بأمريكا.

و. مكتب الاتصال الكلي: الذي تأسس عام2003 وكلف بتنسيق الرسائل الأمريكية الموجهة إلى الرأي العام الأمريكي.

ز. مجموعة "رندون" في واشنطن من اكبر شركات الدعاية والعلاقات الدولية العامة وقد اعتمت وأنشأت المجلس الوطني العراقي في ظل الاحتلال(**).   

 

العمليات النفسية(التأثير)

تعود الدعاية بالفائدة لسياسة الولايات المتحدة الخارجية لتمرير مخططاتها بخصوص الحرب وبالمنفعة لمنتجي الدعاية كجزء من لعبة التسويق, التي تستهدفها جهود الدبلوماسية الأمريكية الخارجية,كما أن كلمة تأثير هو المصطلح العسكري للعمليات النفسية(9) التي يعرفه حلف شمال الأطلسي بوصفها "النشاطات البسيكولوجية" المخططة في أزمنة السلم والحرب,للتوجه إلى مستمعين معادين أو أصدقاء أو محايدين بهدف التأثير على مواقفهم وسلوكهم بشكل يؤثر على أنجاز الأهداف السياسية والعسكرية,وعلى سبيل المثال النشاط التي قامت به وحدة الكوماندوز"سولو" وطائراتها العسكرية الأمريكية في مجال إلقاء المنشورات فوق العراق وأفغانستان وكذلك مشروع إذاعات الشرق الأوسط  مثل راديو سوا..الخ.

تعتبر العمليات النفسية عنصرا مهما من عناصر الحرب الإعلامية حتى وان كانت عنصر خفيا, وفي المواقف النادرة يظهر عملها إلى السطح في وسائل الإعلام الرئيسة, أن الخط الدعائي التي تخوضه في عمليات الدعاية البيضاء تشمل برامج مبثوثة مرئية ومسموعة ومنشورات توزع لتصل إلى الرأي العام المعادي والتأثير عليه وبهدف إيصال الرسالة, وعلى سبيل المثال الفرق الأمريكية المتخصصة في العمليات النفسية الموجودة في العراق تضم أحدى عشر طابورا ونحو ألف موظف موجودين ميدانيا في العراق, يقدم الدعم لهم من الولايات المتحدة الأمريكية كما يقول قائد الطابور التاسع المتخصص في العمليات النفسية العقيد "غلن آيرز", تمكنا دعوة الصحفيين في مركز "فوت براغ" الذي كلف 1.8ملبون دولارا, وأنتج أكثر من150مليون منشور وزعت على العراق وأفغانستان ,يقول قائد المجموعة الرابعة العقيد "جيمس تريد وول"أن الفريق العامل في المجمع يساند عمل ما يقارب 900جندي متخصصين في هذه العمليات منتشرين في13 بلد ,هنا يكمن الجانب الخفي لعمل هؤلاء والذي لم يغطى إعلاميا.

مارست طوابير العمليات النفسية الدعاية الرمادية من خلال مقالات تنشر في صحف أسبوعية عراقية وتأتي من لدن مجمع" فوت براغ" ومن الصعوبة اكتشاف أنها تأتي من الولايات المتحدة وذات طابع عسكري, وفي مقابل هذا تشتري الولايات المتحدة وتوزع70الف نسخة من هذه الصحف(10).وتمارس أيضا الدعاية السوداء من خلال محطات فضائية وإذاعية لتضع أقنعة سميكة على هوية مالكيها الحقيقيين وتمارس بذلك تضليلا إعلاميا حقيقيا.

 

التضليل والخداع و أسلحة الدمار الشامل

حاولت إدارة الرئيس السابق "بوش" وفي أطار حملة التضليل الإعلامي, عدم أعطاء المعارضة في الولايات المتحدة  وأوربا فرصة التعبير عن مواقفهم الرافضة للحرب ضد العراق, وعمدت إلى التقليل من قيمة وأهمية دعاة السلام, بل وتسطيحهم وإظهارهم كأنهم كائنات سطحية غريبة ساذجة وهامشية, ولجأت الإدارة إلى بث أخبار مزورة أو ناقصة تزعم إن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل ويشكل خطر وشيكا, وركزت على علاقة مزعومة بين الرئيس العراقي الراحل والقاعدة لدرجة إن 42% من الأمريكيون  اعتقدوا حسب استطلاع لصحيفة "نيويورك تايمز" وال" سي بي أس" إن الرئيس العراقي مسئول مباشرة عن أحداث 11ايلول على "مركز التجارة الدولي" وفي استطلاع أخر لشبكة "أي بي سي" عبر55 %  من الأمريكيين عن اعتقادهم بان الرئيس العراقي كان يدعم تنظيم القاعدة مباشرة, وعمدت أجهزة التضليل الأمريكية إلى إغراق وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية بمقابلات مع حبيبات وزوجات وأمهات وأبناء الجنود الأمريكيين الذين يخوضون حرب في الصحراء ضد العراق لأجل تحقيق الديمقراطية ونشر الحرية والمثل والقيم الأمريكية كما روج لها, ولمسناها دموية طيلة السنوات العجاف؟ بما يسمى "تحرير العراق", كما وذكر الموقع الالكتروني، لـ(الغارديان اوبزرفور)   جرى ذكر العراق في7118 مقالا بين الأول من كانون الثاني يناير والسادس من حزيران2003, بما في ذلك 961 مقالا يأتي على ذكر العراق وأسلحة الدمار الشامل, وسجل موقع "اندبندنت" الالكتروني 5872 مقالا يتحدث عن العراق منها931 مرة يذكر العراق وأسلحة الدمار الشامل,أي لم تتوقف وسائل الإعلام عن ذكر أسلحة الدمار الشامل دون مراجعة صحة الادعاء أو التأكد من صحة التصريحات والتقارير والمعلومات وهذه من ابرز مقومات العمل الإعلامي المهني المحايد (12).

 

أسلحة الدمار الشامل

لم يكن التضليل بشأن أسلحة الدمار الشامل احتكارا أمريكيا, فحلفاء الولايات المتحدة في الحرب وخصوصا بريطانيا ضللت الرأي العام البريطاني, بترويج أكذوبة أل (45 دقيقة) ملف أعدته لجنة الاستخبارات المشتركة(jic)التابعة لرئاسة الوزراء, عقد "توني بلير" مؤتمر صحفي في دائرته الانتخابية"سد جف يلد"شمال شرق بريطانيا في3ايلول2002دافع فيه بقوة عن فكرة القيام بعمل عسكري ضد العراق بغية أقناع ناخبيه, وأكد أن بغداد تمتلك أسلحة دمار شامل, وتعهد "توني بلير" إن يقدم الإثباتات بنفسه وأمام مجلس العموم " قدم ما عنده من إثباتات تضمنها ملف مزور كانت قد أعدته لجنة الاستخبارات المشتركة(jic)التابعة لرئاسة الوزراء والتي تضم ممثلين عن مختلف أجهزة الاستخبارات وعدد من كبار المسئولين وممثلي الحكومة والخبراء من بينهم" ديفيد كيلي" الذي وجد منتحرا؟, ويتألف الملف من خمسون صفحة ومما جاء فيه إشارة تقارير الاستخبارات بوضوح إلى إن العراق يعمل على زيادة ما عنده من أسلحة دمار شامل وأنه يوحي للبلدان الأجنبية بإمكانية استعمالها(استعمال أسلحة الدمار الشامل في غضون45 دقيقة) بعد إصدار الأوامر بذلك,  وتكشف هذه الوثائق أيضا إن برنامج العراق العسكري متطور, وإن العراق حاول الحصول على كميات كبيرة من اليورانيوم من النيجر-أفريقيا(***), ومن المعلوم ليس هناك في العراق أي برنامج نووي مدني أو عسكري وبالتالي ليس ثمة ما يبرر الحصول شرعيا على اليورانيوم وكذلك أسبانيا واستراليا مارسوا أيضا التضليل والتلاعب كل على طريقته , وفي أسبانيا اتهمت نقابة الصحفيين التلفزيون الرسمي (TV1)التلاعب بالأخبار وتقدمت بشكوى قضائية ضده, كما تألفت في6/3/3003لجنة في التلفزيون للحد من التلاعب وتضخيم المعلومات عن أسلحة الدمار الشامل العراقية,وفي استراليا اتهم المسئول السابق في جهاز الاستخبارات الأسترالية "اندرو ويلكي" الحكومة بالكذب لتبرير مشاركتها بالحرب, وقال إن الحكومة تعمدت تشويه الحقائق وخدعت الرأي العام (كانت وقاحة حقيقة أحيانا وكانت المعلومات تضخم إلى حد الغش) هل من محاسب أو رقيب على ترويج الأكاذيب التي سببت غزو واحتلال العراق وتدميره (13) .         

 

العراق وأكذوبة التهديد

لم يكن العراق في الحقيقة يشكل أي تهديد كما صرح به الرئيس الأمريكي السابق "بوش" في خطاباته بعد أن تبددت المبررات الرئيسية لشن الحرب كأسلحة الدمار الشامل أو العلاقة مع القاعدة, ولغرض عرض الأمور بشكل موضوعي وواقعي كان العراق يتعرض للهجمات الجوية الأمريكية منذ عام1991 وحتى واحتلاله2003,ويخضع لحصار صارم دام اثني عشر سنة يجعله غير قادر على استخدام القوة من خلال:-

أولا. لم يكون العراق دولة جوار للولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا, أو دول تحالف الراغبين كما يسموه وهم (الدول المشاركة بغزو العراق) ولا توجد حدود جغرافية مشتركة برية وبحرية وجوية أو حدود سياسية بينهما مما يشكل تهديد لهذه الدول ضمن مقومات أو بيئة الحرب.

ثانيا. نفذ العراق جميع قرارات الأمم المتحدة ونزعت جميع أسلحة الردع الاستراتيجية وحتى الصاروخية ذات البعد الميداني.

ثالثا. العراق دوله عالم ثالث وليست دولة ارتكاز ضمن محاور الصراع الدولي.

رابعا. خضع العراق لحصار اقتصادي شامل وصارم  منذ عام 1990 وحتى الغزو عام 2003مما يجعله دولة فقيرة غير قادرة على تامين مقومات وأدوات ووسائل  الحرب الحديثة والصراع أو الدفاع عن العراق ضد دولة كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية محصنة بقدرات هائلة ومعززة بتحالف دولي.

خامسا. استنزف العراق الكثير من قدراته العسكرية في حرب عام 1991 وفرضت عليه قرارات تخفض من حجم قوته العسكرية المتبقية من 45 الى20 فرقة وخضع كما ذكرنا أعلاه إلى تفكيك مصانعه العسكرية وقوته الصاروخية بل لم يمتلك العراق أي سلاح ردع استراتيجي, ليكون رقم ضمن معادلة الصراع ولا يمتلك سوى صورايخ بمديات محدودة لا تتعدى 80كم ضمن قدرات الدفاع القطري المحدود ولا ترتقي لمقومات الدفاع السوقي أو الاستراتيجي أي أن العراق لا يشكل  تهديد عسكريا دوليا أو إقليميا.

سادسا.فرض خطوط الحضر(no fly zoon) شمال وجنوب العراق (32.33.36) مما يحدد حركته وكشف ومعالجة أي مناورة عسكرية ضمن الحدود ألجغرافيه لدولة العراق.

سابعا.الحرب على العراق لم تنهي عند عام1991 بل جرى وقف أطلاق نار, واستمرت الحملات العسكرية الأمريكية خارج أطار الشرعية الدولية, باستهداف العراق وقتل المدنين للاعوام1992.1993.1996.1998 وعمليات التجريد الجوي المستمرة  قبيل الغزو دون رد عسكري عراقي صاروخي أو تصدي جوي, فلم يسقط العراق طائره واحده من الطائرات الأمريكية  التي تخترق أجوائه مما يدل على نية العراق السلمية والتزامه بمقررات الأمم المتحدة وعدم خروجه عن الشرعية الدولية.

ثامنا. منع الحصار القدرة العسكرية العراقية من التطور أو التحديث أو إدامة التسليح لتمكنها من القيام بمهام عسكرية محدودة , أي أن العراق لا يمثل تهديدا عسكريا؟ كما صوره الرئيس الأمريكي السابق بوش وإدارته وكذلك رئيس الوزراء البريطاني السابق "توني بلير" وحكومته للعالم .

لن تعثر فرق التفتيش قبل وبعد الحرب على أسلحة دمار شامل وكان رئيس الوزراء البريطاني قد أفاد أن العراق قادر على استخدام أسلحة الدمار الشامل خلال 45 دقيقة وهذه كذبة كبرى وتضليل للرأي العام البريطاني والعالمي وقد شكل وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد  وحدة مخابراتية خاصة عملها الرئيسي البحث عن أدلة لوجود أسلحة دمار شامل وكذلك وجود  وثائق او دلائل علاقة بين العراق والقاعدة وفشلت في تقديم أي دليل واثبت لجان البنتاغون ذلك أيضا واعترفت بها وزارة الدفاع رسميا, إن حزمة الأكاذيب المنسقة التي برر فيها الرئيس الأمريكي السابق الحرب والذي اعتبر احتلال العراق وقتل وتشريد الملايين ونشر الخراب والفوضى نصر يستحق التضحيات, ونسى أن يذكر المجازر والجرائم والابادة والتعذيب والاغتصاب وقتل الأطفال والنساء والشيوخ تلك المجازر وجرائم الحرب ارتكبتها قوات الاحتلال في العراق منذ الغزو ولحد الآن يندى جبين الإنسانية حين ذكرها.

لقد ساهم الإعلام الأمريكي بصناعة وتسويق الهدف الإستراتيجي(استراتيجية التواجد-الوصول) لتفصح الولايات المتحدة الأمريكية عن نواياها من منطلق هوس القوة العسكرية, كما عملت مراكز الإعلام في أمريكا على تعبئة الذاكرة الأمريكية بصورة مستمرة على تشويه العرب, والمسلمين, ورسخت في عقل المواطن الأمريكي الخوف من عدو مستمر(سياسة الخوف التخويف), على سبيل المثال, الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل وغيرها من المبررات المضللة, لذا لم ينضج جيل سياسي أمريكي خارج إطار هذا الفكر الإستراتيجي لحد الآن , كما أن السياسة الأمريكية نتاج لعناصر داخلية ,تتفاعل ضمن الأقطاب السياسية الرئيسية,الجمهوريين, الديمقراطيين, اللوبي الصهيوني, جماعة الضغط , مراكز البحوث ,مؤسسات الإعلام والعلاقات العامة ,شركات النفط ,المعلومات,المجمع الصناعي العسكري ,المرتزقة والمتعهدين,كلها تشكل الإطار العام للضغط على السياسة الخارجية الأمريكية والساعية للهيمنة على مصادر الطاقة في العالم والتحكم بها,إضافة إلى تعزيز مكانة إسرائيل سياسيا وعسكريا كرقعة مصالح أمريكية غربية في الشرق الأوسط وكحليف استراتيجي , لذا ينصهر العمل السياسي والعسكري والإعلامي الأمريكي في بودقة واحدة لتحقيق الاستراتيجية العليا/ الشاملة للولايات المتحدة الأمريكية ؟ هل أن حجم الضحايا البشرية والخسائر المادية الموثقة وفقا للإحصائيات بأرقام فلكية وتدمير البنية التحتية الاجتماعية والبنيوية لدولة العراق والانهيار الاقتصادي في أمريكا والعالم من جراء تلك الحرب الخطأ الدموية يعد تغيير أو تحريرا أو ديموقراطية أو حرب بالوكالة لآجل من ومن المستفيد الحقيقي من الحرب أليس من الضروري بحث ذلك ؟.

ــــــــ

الهوامش:

(1) مسح أجرته المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة"UNHCR"

(2) الحاكم المدني السيئ الصيت"بول برايمر" الذي أصدر قرارات حل مؤسسات الدولة السيادية,وأصدر أوامر وقرارات تشكيل القوات المسلحة العراقية في ظل الاحتلال من المليشيات الحزبية الطائفية والعرقية التي تشكلت خارج العراق, وتكون البنية التحتية للقوات العراقية الحالية مبنية على أسس مليشياوية طائفية وبمنظار المحاصصة الحزبية.

(3) اعترف الرئيس الأمريكي السابق ورموز إدارته أنهم شنوا الحرب بناء على معلومات كاذبة.

صرح وزير الخارجية السبق كولن باول بأنه استند على معلومات كاذبة زودته بها وكالة الاستخبارات المركزية CIA وقدم اعتذاره  عن خطابه في الأمم المتحدة حول امتلاك العراق أسلحة دمار شامل.

(4) شيلدون رامبتون وجون ستوبر:- أسلحة الِخداع الشامل - الدار العربية للعلوم- بيروت-لبنان- الطبعة الأولى-2004,ص52

(5) المصدر والصفحة نفسيهما.

(6) ج.فاليتوس,كريتزمان ود:نظرة نفطية, كيف حدث للمصالح النفطية أن ألقت بظلها على تركيز   الحكومة على أسلحة الدمار الشامل,معهد الدراسات السياسية ,آذار, 2003, انظر دايفيد ميلر,ص185.

(7) م.رينر: رؤى الطاقة ما بعد صدام, انترناشيونال هيرالد تربيون, 2003 انظر دايفيد ميلر, ص186.

(8) شيلدون رامبتون وجون ستوبر:- أسلحة الِخداع الشامل - الدار العربية للعلوم- بيروت-لبنان- الطبعة الأولى-2004,ص78.

(9)   ديفيد ميلر:- أخبرني أكاذيب,بيسان للنشر والتوزيع والإعلام,بيروت, لبنان, الطبعة الأولى نيسان2007, ص145 .

(10)ملف الميديا العراقية(( الحرب النفسية على العراق)) راديو هولندا,انظر دايفيد ميلر ص147.

(11) المصدر نفسه,دايفيد ميلر ص154- لموند26/3/3003

(12) مصدر سبق ذكره دافيد ميلر, ص333, انظر الملحق (14) تصريحات مضللة لساسة الأمريكيين, أطروحة الدكتوراه للباحث الموسومة-الإعلام والاستراتيجية العسكرية الأمريكية في حربي الخليج 1991/2003

(13) مصدر سبق ذكره ديفيد ميلر, اخبرني أكاذيب,ص 230

(*)احتضن"المُحافظين الجُدد"احمد ألجلبي الذي كلف بمهام زعزعة الأمن في العراق عبر عمليات إرهابية وقد فشل بذلك وطلق عليه الجنرال "انتوني قائد القيادة المركزية الأمريكية" تحت إدارة الرئيس السابق كلينتون بسخرية شديدة عن الهجوم العسكري للمؤتمر الوطني العراقي على العراق بزعامة احمد ألجلبي( بعملية خليج الماعز)التي حلم بها بعض القابعين في لندن ممن يرتدون الحرير ويضعون في معاصمهم ساعات رولكس-war In Iraq Boston globe وكشف التدقيق المالي الذي أجرته وكالة المخابرات الأمريكية المركزية في أواسط التسعينيات أن ألجلبي متورط في تلاعب محاسبي بمال دافعي الضرائب الأمريكيين وعلى الرغم من ذلك ظل ألجلبي يتردد باستمرار على أروقة السلطة في واشنطن حتى إن بعض الدوائر الصقور المؤيدين لإسرائيل الذين تمتد جذورهم إلى إدارة ر يغن وإدارة بوش الأب وعرفوا باسم "المُحافظين الجُدد"كانوا يشيرون إلى ألجلبي بلقب (جورج واشنطن العراق),انظر شيلدون رامبتون وجون ستوبرص45.

(**) أطروحة الدكتوراه للباحث, الموسومة"الإعلام والاستراتيجية العسكرية الأمريكية –حربي الخليج1991/.2003,فص4 مبحث2,إعلام الخبراء.

(***) أكذوبة 45 دقيقة فبركها احد العراقيين المرتبط بالمخابرات البريطانية ام16.

-------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ