ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 18/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

-6 -

د. محمد سعيد حوى

لم يسمح النبي صلى الله عليه وسلم بتدوين السنة ابتداء, ولعل لذلك حكماً كثيرة, اضافة الى التأكيد على ان القرآن هو الأصل الجامع والقول الفصل, بيان ان الناس قد يخطئون على رسول الله وتحرير كل ما كتب كل انسان مستحيل, فلا يريد ان يدعي احد ان ما كتبه عن رسول الله حجة مطلقة, بل يريد ان تبقى السنة ظنية الثبوت ليبقى مجال الاجتهاد قائماً, ويبقى القرآن هو الكتاب الخالد الجامع الحكم الفصل.

ويؤيد هذا فقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى  في حضرة رسول الله فعندما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في لحظات وداع الأمة وقد اجتمع عنده الصحابة ماذا قال لهم؟.

لقد قال (صلى الله عليه وسلم) : "هلم اكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده" فقال عمر: ان رسول الله غلب عليه الوجع, وعندكم القرآن, حسبنا كتاب الله", واختلف الناس فأمرهم رسول الله ان يقوموا عنه "ينظر البخاري رقم 4432 ومسلم 1637".

وللأسف بعض الناس يطعن في عمر بسبب هذا الموقف ولا يتنبهون الى ان النبي (صلى الله عليه وسلم) قد اقر عمر ضمناً على موقفه والا فلو كان الامر حتماً وعزيمة من رسول الله لما قبل موقف عمر ولزجره وانتهى الأمر.

والشاهد في النص قول عمر بحضرة النبي (صلى الله عليه وسلم) "عندكم القرآن, حسبنا كتاب الله" أي فمهما وجد اختلاف او نزاع فالمرجع والحكم الفصل والقضاء لكتاب الله.

وهذا الفقه العمري في التأكيد على مرجعية القرآن العظيم الاصل الجامع والقاضي على ما سواه, ما رواه عبدالرزاق في المصنف (20484) بسند صحيح الى عروة بن الزبير قال: اراد عمر بن الخطاب ان يكتب السنن, فاستشار اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في ذلك, فاشاروا عليه ان يكتبها, فطفق يستخير الله فيها شهراً, ثم اصبح يوماً وقد عزم الله له, فقال اني كنت اريد ان اكتب السنن, واني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فاكبوا عليها وتركوا كتاب الله, واني والله لا البس كتاب الله بشيء ابداً" والحديث صحيح عن عروة وعروة وان لم يدرك عمر فقد ولد في اوائل خلافة عثمان, لكنه من اعلم اهل المدينة في عصره وهو يحدثنا عن امر اشتهر عن عمر وصدقه الواقع والتاريخ اذ لم يكن تدوين رسمي للسنة الا في عهد عمر بن عبدالعزيز.

وهنا نلحظ هذا الفقه وذاك الأفق وبعد النظر عند عمر كأنه يقول: الدستور الخالد الذي يسع الزمان والمكان وكل المستجدات والذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه, والذي علينا ان نزيد حرصاً في فهمه والتفقه به والعمل بكل ما فيه ونصونه من أي مخالفة انما هو كتاب الله. وقطعاً لا يعني هذا عدم العمل بالسنة, او التقليل من شأنها او ردها حاشا لله ثم معاذ الله.

ولكن واضح ان السنة لم توثق كما وثق القرآن فقد يدعي المدعون بعد ذلك ما لم يثبت, او ان السنة ربما جاءت لتحاكم وقائع خاصة او تجيب عن مشكلة محددة وليس لتكون حكماً عاماً لكل ظرف كما هو واضح من بعض اجابات رسول الله كحكمه لمن وقع على اهله في رمضان فقال: "تصدق به على نفسك".

لقد كان عمر رضي الله عنه فقهاً منه في جعل القرآن هو الأصل والدستور الجامع القاضي على ما سواه يدعو الى التقليل من الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حذراً وهيبة ان يتقوّل عليه وتأكيداً على مرجعية القرآن.

ولهذا المعنى دعا عمر وعائشة وغيرهم ابا هريرة ان يقلل من الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مما حمل ابا هريرة ان يرد على ذلك قائلا: "يقولون ان ابا هريرة قد اكثر, والله الموعد, ويقولون ما بال المهاجرين والانصار لا يتحدثون مثل احاديثه, ثم يبين عذره في ذلك ودعاء رسول الله له بالحفظ" انظر البخاري رقم 118 ومسلم 2492.

والشاهد رغبة الصحابة بالاقلال من الرواية حذراً من جهة وتأكيداً على القرآن من جهة اخرى.

ويؤكد على هذا ما سبق نقله عن عمر "انكم تأتون قوماً لهم ازيز بالقرآن فلا تصدوهم بالأحاديث او لا تشغلوهم".

ومرة اخرى نؤكد ان السنة وحي كما القرآن, ولو كنت جالساً بحضرة النبي (صلى الله عليه وسلم) واسمع منه مباشرة لم يجز لي ان اتردد بالسمع والطاعة والقبول والخضوع فلا فرق بين الوحيين من حيث وجوب الطاعة والامتثال والعمل والحجية.

انما الأمر متعلق بكيفية ورود السنة لنا اذ هي ظنية في معظمها ثبوتاً وقد يحيط بها ما يجعلها متعلقة بواقعة او حكماً خاصاً ومن ثم فالسنة لا يمكن ان تعارض كتاب الله ولا يجوز ان يقال تقدم السنة على كتاب الله اذ لا تعارض اصلاً فاذا وجد هذا التعارض فقطعاً القرآن هو المقدم اذ هو القطعي الذي تكفل الله بحفظه كاملاً, ثم ان طبيعة القرآن من حيث اعجازه هو الذي يسع الزمان والمكان والمستجدات ويوحد الأمة ومن ثم ابقى النبي صلى الله عليه وسلم السنة من غير تدوين ليبقى باب الاجتهاد واسعاً في هذا الميدان توسعة وتيسيراً على الناس.

فالقرآن فرض الحجاب على المرأة دون تفصيل كيفيته وهذا يوسع على الناس من خلال النظر فيما ورد في السنة فيما صح او لم يصح فتقع التوسعة.

والقرآن اجمل فرائض الوضوء ونواقضه, وجاءت امور اخرى في السنة تحتمل الاجتهاد والتصحيح والتضعيف فيقع التيسير.

ان اصول الاحاديث الصحيحة التي اليها المرجع في الأحكام قليلة جداً.

فهذا الامام الشافعي يسأل كم اصول الاحكام فقال: خمسمائة فقيل له كم اصول السنن فقال خمسمائة (مثاقب الشافعي لأبن كثير ص 181), اذن احاديث لأحكام بفرائضها وسننها التي هي حجة واصل لا تتجاوز بنظر الشافعي الف حديث.

ان مشكلتنا اليوم مع قوم يريدون تجاوز كتاب الله او نسيانه او عدم التفقه به, او انهم لا يحسنون فهم كتاب الله, ويتساهلون في التصحيح والتضعيف والنقد باسم الانتصار للسنة فيثقلون كاهل السنة وكاهل الأمة خلاف مراد الله ومراد رسوله, ومن ثم ونحن نؤكد حجية السنة الثابتة, لا بد ان نؤكد على قاعدتين اخريين اضافة لكل ما ذكر سنتحدث عنهما ان شاء الله:.

الاولى: لا تحدث بكل ما سمعنا عن رسول الله.

الثانية: حسن فهم السنة على ضوء القرآن كما يفهم القرآن على ضوء السنة.

والله الموفق..  

يتبع..

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ