ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 17/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

(39)

د. محمد سعيد حوى

نواصل استعراض نماذج من النصوص الحديثية صححت ولا تصح وقد اعتمدت في تحريم آلات الطرب مطلقاً في سياق حديثنا عن قاعدة ضرورة استيفاء شروط الاحتجاج بالحديث وانتفاء العلل وكان الحديث السابق حول الحديث المعلق في صحيح البخاري في تحريم المعازف واستعرضنا بعض علله.

وفيما يلي الحديث الثاني:.

2- حديث "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة" والحديث اخرجه البزار من طريق الضحاك بن مخلد قال ثنا شبيب بن بشر البجلي قال سمعت انس بن مالك به. قال البزار: لا نعلمه عن انس الا بهذا الاسناد.

نقد الحديث:.

1-        الحديث من رواية شبيب بن بشر, قال فيه ابو حاتم: لين الحديث وقال ابن حبان: يخطئ كثيراً، نعم قال فيه ابن معين: ثقة.

وقال لم يري عنه غير ابي عاصم (وهذه اشارة الى انه من الوحدات) فمع هذا الاختلاف في حال الراوي وضبطه هل يجوز ان يكون حجة على الخلق فيما ينسب الى الله ورسوله؟.

2-        قد يقال ان الراوي قد توبع (أي شاركه غيره في الرواية) فقد تابعه في هذه الرواية عيسى بن طهمان عن انس وعيسى هذا من رجال البخاري (ثقة).

لكن ابن حبان بين علة خاصة في حديث عيسى عن انس اذ قال: عيسى ينفرد بالمناكير عن انس كان يدلس عن ابان عن ابي عياش ويزيد الرقاشي.. لا يجوز الاحتجاج بخبره.

ومن هنا نعلم لماذا قال البزار: لا نعلمه عن انس الا بهذا الاسناد (أي اسناد شبيب بن بشر) وكأنه لم يقر برواية عيسى بن طهمان.

قد يقال له شاهد من حديث جابر بن عبدالله عن عبدالرحمن بن عوف بلفظ: نهيت عن صوتين احمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب مزامير شيطان, وصوت عند مصيبة.." اخرجه الحاكم, وقال الترمذي: (حديث حسن).

اقول: الحديث عن طريق محمد بن عبدالرحمن بن ابي ليلى, وهو سيء الحفظ جداً.

واذن لم يثبت هذا الشاهد الى جابر.. فكيف ندعي ان حديث جابر يشهد لحديث انس ومتابعة عيسى بن طهمان لم تثبت فيبقى الحديث من رواة شبيب, والأمر كما قال البزار.

اما قول الترمذي: حسن, فهذا يحتاج الى بحث خاص في مفهوم مصطلح الحسن عند الترمذي وانه في دائرة الضعيف.

وهكذا نجد انموذجاً اخر لحديث يصحح بالشواهد والمتابعات دون النظر الدقيق في علله الخفية واذا لم يثبت هذا عن رسول الله (ص) فكيف يقال انه يشهد لحديث ابي عامر الاشعري في المعازف وهو الآخر لم يثبت عند رسول الله كاملاً (خاصة كلمة المعازف).

عن عبدالله بن عباس مرفوعا: "ان الله حرم الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر" ووجه التحريم فيه لآلات الطرب ذكر الكوبة وانها تعني (الدربكة).

أقول: هذا جزء من حديث رواه قيس بن حَبْتَر عن ابن عباس، ونصه:.

"سألت ابن عباس عن الجر الاخضر والجر الابيض والجر الأحمر (الجرار التي يشرب بها) فقال ابن عباس: ان اول من سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) عنه وفد عبد القيس, فقال: "لا تشربوا في الوباء (آنية من القرع) والمرفت (آنية مطلية بالزفت) والختم (نوع من الجرار) ولا تشربوا في الجرار واشربوا في الاسقية.. "الحديث ومن غير ان اطيل على القارئ الكريم".

فقد صحح بعضهم هذا الحديث واعتبره دالاً على تحريم آلات الطرب لأنه نهى عن (الكوبة) وقالوا الكوبة هي من آلات الطرب كالطبل في تفسير بعض العلماء.

واقول: الحديث فيه علل:.

أ‌- مدارة على قيس بن حبتر وقد تفرد به بهذا اللفظ عن ابن عباس, وقد وثقه ابو زرعة والنسائي.

لكن قال ابن حجر: قال مهنأ (تلميذ احمد بن حنبل) سألت ابا عبدالله (يعني احمد بن حنبل) ما عندك؟ كيف هو؟ ومن اين هذا؟ فقال: لا ادري. وقال ابن حزم مجهول.

2-        ان قيس بن حبتر تفرد بهذا اللفظ وقد رأينا ان بعض (العلماء عدّه في المجاهيل وهو مع ذلك مخالف للحديث المشهور عن ابن عباس وابي سعيد الخدري وابن عمر في حديث وفد عبد القيس وليس في شيء منها ذكر الكوبة.

3-        ان اللفظة موضوع الشاهد كلمة (الكوبة) ما هو معناها؟.

فقد فسر بعضهم بالطبل او ما نسميه (الدربكة) فهل هذا هو المراد بها هنا.

لو نظرنا في كل روايات الحديث نجدها تتكلم عن آنية الشرب, ما يجوز وما لا يجوز, فما علاقة الكوبة بالطبل, أليس الاوْلى ان تفسر بنوع من آنية شرب الخمر, اذ جاء بعدها ونهى عن كل مسكر. فنص الحديث كله عن الأشربة والآنية.

فاذا علمنا ان كلمة الكوبة هنا لا تدل صراحة على الطبل.

وعلمنا انه تفرد بهذه اللفظة قيس وهو متكلم فيه وعلمنا انه مع تفرده خالف الروايات الصحيحة المشهورة عن ابن عباس وان الموضوع كله حديث عن آنية الشرب، فهل يجوز بعد ذلك ان نقول ان هذا دليل على تحريم الطبل او تحريم آلات الطرب بالمطلق.

وهناك احاديث اخرى في هذا الموضوع لعلنا نتطرق اليها.

ومرة اخرى اؤكد ليس هدفي ان اقدم فتوى في حكم آلات الطرب فان فيها تفصيلات لا بد ان يحيط بها المفتي الفقيه ومتى تجوز ومتى لا تجوز وما دليل كل ذلك.

لكن المأساة انك تجد من مشايخنا الافاضل من يشتد في هذه المسألة حتى يحرم كل انواع الغناء والطرب, وربما يعتبره من اشد الكبائر, وتجده معتمداً في تحريمه ونكيره على هذه النصوص مدعياً صحتها اما لذاتها او بمجموع طرقها.

ولكننا نلاحظ كيف لا يتنبه الى ما في هذه النصوص من علل فادحة مؤثرة تمنع من الاحتجاج بهذه الاحاديث فضلاً عن الحكم بصحتها منفردة او مجتمعة.

وهذا من اسوأ ما نعانيه اليوم في تعاملنا مع نصوص منسوبة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).

فلا أحد يمكن ان يُشكك بوجوب اتباع رسول الله والاهتداء بهديه والعمل بسنته، لكن مشكلتنا الاساسية في ما ينسب الى رسول الله بينما هو غير صحيح النسبة ثم يأتي من يدّعي صحة هذه النصوص غير متنبه الى العلل الخفية (وما ذكرت نماذج من ذلك) ثم المأساة الاخرى اذا وجد من الباحثين من يحاول البحث والتحقيق سارع البعض الى الاتهام والادعاء اننا نهدم السنة او لا نقبل حديث رسول الله.

والحق لن نقبل ان ينسب الى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما لم يثبت انه قد قاله او فعله حقاً صلى الله عليه وسلم.

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ