ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  15/11/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


انهيار السلام نهاية إسرائيل

الجزء الأول

د. محمد احمد جميعان

drmjumian@yahoo.com

بين بعض معارضي السلام التقليديين وأنصار السلام المتحمسين حقل ألغام ونمطية في التفكير ، فإما ان تكون هجّاءً للسلام كيفما كان لتنال رضى بعض المعارضة وخطابها المكرر ، وإما ان تكون مّداحا للسلام ولو كان على حساب غبائنا لتنال رضى المتحمسين من أبناء السلام ولا تحرم من خيراته من الوظائف والمناصب ؟! وبين هؤلاء وأولئك أجد نفسي باحثا مستقلا اطرح فكرا ورأيا بمنهجية وأساس اصل فيه الى نتيجة محتملة بناء على كل المستجدات التي أراها حاضرة او مستقبلية.

ما جعلني أقول ذلك هو ما وصلني من بعض الردود على بحث سابق نشر على نطاق واسع  بعنوان ظاهرة التشيع بين غياب الإحصاء وتجاهل الأسباب والحلول طرحت فيما طرحت من الحلول اقتراحا سياسيا بتجميد عملية السلام تمهيدا لإلغائها تبعا للظروف الدولية والإقليمية... حيث أرسل لي من أرسل من بعض المعارضة ان هذا الطرح يجب ان يتضمن إلغاء فوري لعملية السلام التي والتي ...وليس تجميدها ؟! وهنا أقول بصراحة من منطلق النقد والنقد الذاتي البناء تخطئ المعارضة إذا اعتقدت ان لها دورا مؤثرا في إفشال عملية السلام وهي وان كررت ذلك فإنما تلبس نفسها ثوبا يفوق قدرتها على أي تأثير في هذا المجال ، بل ان الأمر قد تعدى ذلك لدى بعض أحزاب المعارضة ليس الى عدم التأثير فقط بل الى فقدان المصداقية لدى الشارع في هذا المجال ويكفي ان أشير هنا الى بعض رموز المعارضة الذين قبلوا ان يكونوا وزراء وسفراء ومناصب أخرى في حكومات كانوا ينعتونها بالتطبيع واوسلو وغيرها وهي تحمل مسؤولية معاهدات السلام ومضامينها في الوقت الذي  يرفض المستقل صاحب الفكر والرأي والموقف ان يكون وزيرا في حكومة تخالف فكره وموقفه ؟!!

 بالمقابل أرسل لي من أرسل من أنصار السلام من يتهمني ويلوح لي بان معاداة السلام وعدم تشجيعه سوف تحرمك من المكاسب والوظائف وغيرها وسوف تغلق عليك الأبواب وهي بالفعل مغلقة ؟!

 ولكن السلام كما أرى هو اكبر من نشاط المعارضة وأعقد من نفوذ أنصار السلام لأنه يرتبط بالأمة وقيمها والتاريخ وأثره في النفس والعقيدة وعمقها بالفطرة وبالتربية التي ترافق الإنسان منذ ولادته وبالحقوق التي يتمسك الإنسان بها ويقاوم من اجلها وبالدهاء والنوايا والتكتيك والاستراتيجية  بشكل أعمق واعقد من كل ما جرى ويجري في حضارتين وثقافتين وعقيدتين وأمتين كل يتمسك بحقوقه فكيف يمكن ان ينشأ سلام ؟! ومع ذلك فان هذا الواقع الذي رسمت يتيح المجال للتفكير اكثر واكبر في عملية السلام لعلنا نجد ما خفي على المعارضة من مكاسب السلام ، وبالمقابل ما خفي على أنصار السلام من مصائب على إسرائيل والمنطقة..حيث المعارضة تندب السلام وترى فيه ما ترى من بوائق وفجائع ، وحيث أنصار السلام يبشرون به خيرات ونعم من لبن وعسل ولم تلتفت المعارضة الى مكاسبه على القضية والصراع كما لم يلتفت أنصار السلام الى مصائبه وما سوف تؤول إليه من نتائج التي لم تكن لتكون لولا هذه العملية المنهارة ، ولان المكاسب التي اقصدها هنا هي مصائب أيضا على إسرائيل نفسها فلا حاجة لفصلهما ما دامت النتيجة واحدة.

 

فكرة السلام الإسرائيلي

ان السلام الذي تستميت إسرائيل للحصول عليه وتحقيقه حسب ما تراه مناسبا لم يكن رغبة مجردة بالسلام او التعايش او وليد مرحلة او ظروف طارئة بل هو نتاج تفكير وتخطيط وتدبير صهيوني محكم بدأ كفكرة في رأس مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس عصابات الهغانا في تاريخ إسرائيل حين دخل على بن غورين مؤسس دولة إسرائيل ذات يوم في أعقاب النكبة عام 1948ليبشره بأنه عثر على فكرة يبتلع بها الأرض بسهولة ويقبل معها الفلسطينيون والعرب وجود إسرائيل وقيام دولتها وكان رد بن غورين مستحيل ذلك إلا بالقوة والقوة وحدها وقد لا تنفع القوة على المدى البعيد والدائم؟ فأجابه بيغن لا ليس بالقوة لان القوة لا تدوم يا سيدي بل بالسلام ( شلوم ) نعطيهم بعض الأرض مقابل السلام والاعتراف بدولتنا ؟؟!! وكان رد مؤسس دولتهم متردد وكأنه يقول ماذا لو انهارت عملية السلام او لم نجد ممثل حقيقي يعطينا السلام ؟ واختصر كل ذلك بقوله متسائلا وهل يقبل العرب بذلك ؟! فأجابه بيغن وهل تشك في عبقريتنا ؟! وأخيرا اقتنع بن غورين بالفكرة ونالت إعجابه بعد طول تفكير لان الخيارات معدومة ولا خيار سوى ما طرحه بيغن او نهاية دولتهم بشكل سريع .. وهكذا كانت البداية وبدأوا العمل على هذه الفكرة بعد ان احتلوا مزيدا من الأرض عام 1967 ليقايضوا بها ما اغتصبوه عام 1948 .. إلا ان الرياح لم تأتي ولن تأتي كما أرادها مناحيم بيغن بل سوف تأتي بما لم يفصح عنه بن غورين عندما أبدى تردده بالإجابة..وهذا ما نراه واقعا أمام أعيننا من فشل في العثور على قائد مؤثر او قيادة مؤثرة تقبل بما يريدون لان من تعثر عليهم ويقبلوا بالمحادثات المفرغة كما يقول شمعون بيرس رئيس دولة إسرائيل الحالي نفسه إما إنهم غير مؤثرين او غير مقبولين لدى الشعب الفلسطيني او إنهم غير ثقاة ويلعبون على الحبال ولا يقبلوا ما تريده إسرائيل او إنهم لا يؤمنون بالسلام أصلا إلا بهدنة مؤقت .. وها هي عملية السلام بحكم المنهارة او هي في الإنعاش الذي يمهد للانهيار إذا أردنا التحوط والدقة...

 

اتفاقيات السلام الرسمية

وهنا أشير باختصار وفي سياق الموضوع الى الاتفاقيات الرسمية التي تم التوقيع  عليها بين العرب الرسميين وبين إسرائيل والتي أودعت في الأمم المتحدة وتم التوقيع عليها باعتبارها معاهدات سلام مع إسرائيل وهي:

ـ اتفاقيات كامب ديفيد المصرية ــ الإسرائيلية  التي جاءت بعد حرب رمضان ( اوكتوبر ) 1973 وتحديدا في  أعقاب زيارة الرئيس المصري محمد السادات الى الكنيست الإسرائيلي في القدس في 19/11/1977، حيث أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن  توصل الجانبين المصري والإسرائيلي الى هذا الاتفاق بعد أسبوعين من المفاوضات في 17/9/1978؟! 

ــــ حيث جاءت بعدها اتفاقية اوسلو  ومذكرة واي ريفر الفلسطينية ــ الإسرائيلية حيث تم التوقيع على إعلان المبادئ بين الكيان الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية في 13/9/1993 على إقامة سلطة حكم ذاتي لمدة لا تتجاوز خمس سنوات تؤدي بعدها الى تسوية دائمة طبقا لقراري مجلس الأمن ( 242 ، 338 ) وكان من المفروض ان تنتهي الفترة في 13/9/1998 إلا أنها ما زالت مستمرة لغاية ألان  رغم تأكيد ذلك في مذكرة ( واي ريفر ) التي وقعت أيضا بينهما في واشنطن في 23/10/1998 ؟!

ــــ تبع ذلك إعلان واشنطن واتفاقية وادي عربة الارد نية ـــ الإسرائيلية ، حيث وقع الاعلان في 14/9/1993 وبعد نحو سنة واحدة تم توقيع اتفاقية وادي عربة في 26/10/1994.

 

حقائق تكشفت من عملية السلام

ان لعملية السلام التي جرت وتجري مكاسب تمثلت في حقائق ما كانت لتتكشف لولا عملية السلام ومجرياتها الفاشلة وهي هي ذاتها في الوقت نفسه مصائب على إسرائيل وضعت إسرائيل عل عتبة نهايتها فعلا ، اذكر بعضا منها على سبيل التوضيح :    

1ـ الم تكشف هذه العملية عورات من بشر بالسلام وتبين أنه وهم وسراب وكلام أشبعوه كلاما حتى تحول الى تندر ويأس وإحباط وكان المفروض حسب اتفاقيات اوسلو ان ترى الدولة الفلسطينية النور بعد خمسة سنوات من المعاهدة ولكنها تحولت بقدرة قادر الى خارطة الطريق الطويلة التي لن تنتهي إلا بنهاية إسرائيل المحتومة ..

 2ـ الم تخيب هذه العملية ظن الكثيرين الذين اعتقدوا ان بمقدورهم صنع السلام واذ بهم في عداد من أحبطوا وخيبت آمالهم بل ان البعض منهم أمضى بقية عمره ليس رئيسا لأول جمهورية موعودة كما كان يحلم ويمني نفسه بل الى سجن وحصار وإقامة جبرية كان الذل عنوانها ولم يجد من يقف معه من أبناء السلام وأصحابه ليفك أسره وحصاره وذهب الى ربه مسموما . كيف لنا ان نعرف ان تبني السلام وصحبة السلام لا تحمي حتى من حمل السلام نفسه وكان يسميه سلام الشجعان لولا هذه العملية التي كشفت العورات .

3ـ الم ُيقتل في ظل هذا السلام عدد كبير ممن أيدوه وآخرين من نشطاء السلام ومن الرعايا الغربيين ومن الأبرياء الصامدين في غزة والضفة لمجرد أنهم اعترضوا وتظاهروا وحملوا الحجارة ؟! فلم يستطع السلام تحمل أطفالا وأبرياء وكان البعض منهم يعتقد ان اللبن والعسل بانتظارهم واذ بهم ضحايا للسلام نفسه .. كيف لنا ان نعرف ذلك لولا عملية السلام التي رأيناها؟

4ـ الم يخسر مناضلوا البيانات والفهلوات والفنادق المصنفة ومحترفوا التطبيل الذين لهثوا وراء السلام مقام شعبهم بعد ان فضحتهم صناديق الانتخابات وأصبحوا يتلهون بما تبقى من آمال ضائعة وقد فقدوا شعبيتهم وسيطر عليهم من وقف صامدا مقاوما ولم يتوهم وكان له وقع ومقام في شعبه... كيف لنا ان نعرف هذه الحقائق ويسود في بعض الأرض من يعمرها لولا عملية السلام تلك؟

5ـ ان المعاناة والإحباط والنفق المعتم الذي تكشف من عملية السلام قد ولد من رحمه حركات مقاومة تولت الزمام وأحيت الآمال وأعادت الأمة الى جهادها وماضيها العريق على وقع الآمال التي تبخرت من عملية السلام ، ولم تكن لتكون بهذه القوة والعنفوان والتضحية لولا التحدي والاستفزاز وتكشف العورات وانبلاج الفجر والحقائق المرة التي رأيناها منذ اوسلو ولغاية الآن.

6ـ وحتى على المستويات الرسمية فقد تكشف لمعظم الأنظمة في المنطقة ان إسرائيل دولة لا تريد السلام ولا تسعى له وان السلام حلم بعيد المنال ، حيث كانت الخيبة لديهم كبيرة وغير متوقعة وفقدوا إيمانهم بجدوى عملية السلام وأصبح الحديث عن عقلية القلعة التي تحكم قادة إسرائيل التي لا تسمح بإيجاد حل سلمي للقضية خلافا للواقع الذي كان سائدا قبل عملية السلام حيث كان الحديث فيه عن آمال كبيرة وعريضة لتحقيق السلام ، وهذه النتيجة بكل تأكيد مرشحة الى مزيد من التأكيد والصراحة والوضوح .

7ـ حسابات السلام المحمومة والموهومة دفعت الصهاينة الى تحريض الإدارة الأمريكية على إسقاط الرئيس العراقي القائد صدام حسين لأنه كان يقف عائقا كبيرا في وجه عملية السلام حسب تحليلاتهم لأنه كان رحمه الله يحرض الأمة على مواجهة إسرائيل واقترح عمليا ان يتم قصف إسرائيل بشكل متواصل الى ان يتم إسقاط كيانها ، وهذا هو السر وبيت القصيد في إسقاط النظام وإعدامه صدام وليس ترهات أسلحة الدمار الشامل وعلاقته بالقاعدة التي ثبت بطلانها ولا حتى النفط الذي كان ينساب إليهم بسهولة ويسر ، ولكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن الصهيونية وغرقت امريكا في مستنقع العراق وأفغانستان معا وأصبحت تفتش عن مخرج بعد ان تحولت الساحة العراقية الى معسكر تدريب وإعداد وتعبئة  للمقاومة التي سوف يكون لها الأثر الكبير في دحر إسرائيل مستقبلا وهذا ما سوف نراه ويتوقعه كل مراقب للأحداث

8ـ ان السلام وحساباته الخاطئة التي أغرقت امريكا واشغلتها في العراق وأفغانستان أفسح المجال لتعاظم القوة الإيرانية وقوة حزب الله وسوريا وحماس وأصبحت تشكل طوقا ناريا مفزعا وقاتلا على الكيان الإسرائيلي وأصبح معه  الحديث واضحا وصريحا عن زوال إسرائيل ، بل ان تعاظم قوة حزب الله في ظل السلام الموهوم مكنه من مواجهة الجيش الذي لا يقهر وأصبح هذا الجيش مقهورا في عده وعتاده وقادته وتقرير فينقراد خير شاهد على ذلك .

9ـ ان تحريض الصهيونية للإدارة الأمريكية لتحطيم كل من يقف في وجه السلام كان وبالا عليهم إذ استنزفت القدرات الأمريكية عسكريا ومعنويا وماليا واقتصاديا وتكشفت مواقع الضعف ومواضعه في السياسات الأمريكية ومؤسساته الاستخبارية والعسكرية والمالية وأصبح معه الحديث داخل امريكا وخارجها ومن اقرب حلفائها عن ضرورة إعادة امريكا لحساباتها لتبقى داخل حدودها وتتخلى عن عرش العظمة الأوحد بعد الهزائم والانهيارات المالية والوضع مرشح للمزيد وبشكل متسارع ، وعندما تضعف امريكا او تتراجع او تعيد حساباتها في عدم او كيفية دعم إسرائيل فان ذلك يعني ان إسرائيل تكشفت عوراتها وهي عاجزة عن حماية نفسها بل هي ساقطة جغرافيا وسكانيا وعسكريا لولا المظلة الحديدية الأمريكية...

10ـ وهنا لابد من تنويه ان هذه المكتسبات مهما بلغت لا تعطي صكوك غفران لمن اخطأ او سار على الدرب وفشل في عملية السلام ولكن الشعوب هي التي تحاسب وصناديق الانتخاب هي التي تحكم والتاريخ هو الذي يكتب ولا يرحم .. وما هذه المكتسبات لعملية السلام سوى مصائب على الكيان الاسرائيل سوف نرى نتائجها في انهياره محتوم بعد الفشل الذي نراه في عملية السلام .. 

 

أسباب فشل عملية السلام

أولا ـ ان بذور الفشل في عملية السلام كامنة داخلها في حقائق دينية عقائدية راسخة في العقول والقلوب وقومية لا تقبل القسمة وتاريخية لا يمكن نسيانها وحقوقية تأبى النفس الأبية التفريط فيها وسياسية بل واستراتيجية معقدة لا يمكن القفز عليها هكذا من قبل أي كان إلا من يعتقد في نفسه عبقرية خارقة للقدرات البشرية التي خلقها الله عز وجل وهو اعتقاد قد يوازي الغرور او المستحيل او الوهم أحيانا

ثانيا ـ هواجس الأمن الإسرائيلية الدائمة الحضور والمزروعة في عقولهم عمقا ورعبا وتاريخا وهم يسترجعون ما جرى لهم في الحقب والقرون الماضية ، فهم يريدون من كل فلسطيني وعربي ومسلم ان يضع توقيعة بل بصمة يديه  على معاهدة السلام ويثبت انه صادق في نواياه قبل ان تعيد إسرائيل الأرض وتسمح بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة (يعني ان تبقى على الدوام في غرفة الإنعاش لتبقى تنعم بالحياة) ، فلو وجدوا قيادة مؤثرة توقع معهم السلام كما يريدون لقالوا بان ذلك غير كاف ولطالبوا بعد ذلك ان يوقع عليها من هم تحت سن الأربعين من الشعب الفلسطيني وإذا حصل ذلك فإنهم لن يكتفوا بل سيطالبون ان كل واحد قادر على مسك القلم من الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم قيادة حركة حماس المعلنة والسرية ان يوقعوا على المعاهدة وإذا حصل فإنهم لن يكتفوا بل ستأتي مرحلة جديدة لإثبات المصداقية وحسن النوايا التي قد تمتد الى سنين لا يعلمها الاالله وإذا جاءت هذه السنين سيقولون بعد ذلك وماذا عن العرب والمسلمن في أصقاع الأرض لا بد من إحضارهم للتوقيع وإعطاء ضمانات على نواياهم وان حصلت كل هذه المعجزات واحضر لهم ما أرادوا وقدم لهم ما طلبوه فلن يقبلوا إلا بالوقوف معهم ودعمهم في تجريد حزب الله من سلاحه وتصفية امينه العام السيد حسن نصر الله وإسقاط النظام الإيراني وتدمير قدراته العسكرية والاقتصادية وان حصل ذلك وما كادوا يفعلون واطمأنت نفوسهم برهة من الوقت بعد كل هذا الدمار وهذه المحارق ( جمع محرقة ) سيقولون لم يبقى إلا طلب واحد وخذوا بعدها دولة فلسطين بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كما تريدون ولكن لكم سطح الأرض ولا علاقة لكم بباطنها وعليكم ان توطنوا اللاجئين في دولكم ولا باس ان أصبحت القضية وانتقلت صراعات داخلية في هذه الدول بين اللاجئين والسكان الأصليين الذي سوف يطالبونهم بالعودة الى أرضهم التي تحررت بعد انتهاء موجبات الضيافة ولكن بعد استيفاء الشرط الأخير وهو إحضار الشيخ إسامة بن لادن حيا ليوقع المعاهدة ويصدر بيان لأتباعه وأنصاره للكف عن مقاتلة يهود ولاباس سنعطي وعدا لأسرته لن نقتله بل سنحميه ويمضي بقية عمره بالسجن لدينا ؟؟! ولا تستغربوا ذلك فان القرآن الكريم سبق الجميع في وصف تعجيزهم وهواجسهم التي لا تنتهي وما عليكم سوى العودة الى سورة البقرة وحديثها عن بني إسرائيل سيما حديث البقرة وأوصافها بعد ان ذبحوها وما كادوا يفعلون...

ثالثا ـ رفض الشعوب العربية والإسلامية قاطبة لعملية التطبيع لاعتبارات فطرية وتربوية وعقائدية وقومية ووطنية لا تقبلها النفس بسهولة إلا من البعض الذين لا يمكن قياسهم في سياق مليار عربي ومسلم وكان قصد بعض هؤلاء المطبعين فضولي او مصلحي او مادي مؤقت لا علاقة له بالسلام والتطبيع ، لان لب عملية السلام وبيت القصيد فيها ليس المعاهدات السلمية التي وقعتها النظم والمنظمات الرسمية بل هو عملية التطبيع التي تلت ذلك ليصبح الكيان الإسرائيلي وشعبه اليهودي جسما مقبولا وطبيعيا في داخل الأمة وليس المنطقة فحسب ، وهنا الفاجعة الكبرى التي لم تتوقعها إسرائيل وكثير من الرسمين وهو وقوف الأمة عربا ومسلمين شعوبا وقبائل وكافة الشرائح في وجه التطبيع بكافة أشكاله ولم يستطع التطبيع ان يحقق شيئا يذكر رغم الجهود الكبيرة والمعقدة التي بذلت ورغم الأموال التي صرفت ورغم الملاحقات والعقوبات التي فرضت كل ذلك ذهبت أدراج الرياح ويكفي هنا ان أشير الى ما قالته رئيسة الوزراء الإسرائيلية المكلفة ليفني في مؤتمر دولي في الدوحة في مطلع عام 2008 حين قالت بكل وضوح وصراحة لقد فشلت عمليات التطبيع وما زلنا في المنطقة العدو الأول للرأي العام العربي والإسلامي واستجدت الأنظمة الرسمية ان يغيروا المناهج التعليمية لعلها تحقق التطبيع وهو استجداء الغريق الذي يتعلق بقشة او هي الطلقة الأخيرة التي ربما تحمي السلام من الانهيار كما تعتقد ليفني..

رابعا ـ رغم توقيع معاهدات السلام من قبل النظم السياسية والمنظمات القيادية للشعب الفلسطيني في إطار عام ورسمي وبرتوكولي إلا ان في داخل الكثيرين منهم عدم رغبة او رضى او قبول او اقتناع بل ان البعض كان يجاهر إعلاميا بالحديث الصريح مثل ( خذ وطالب ، ارض نقف عليها ، السياسة فن الواقع أي ليس سلام استراتيجي وهكذا..)  بأنه مجرد تكتيك يقتضيه الحال الدولي والإقليمي وطبيعة المرحلة والمصلحة المؤقتة . وكان الأكثر وضوحا هو ما تكشف من مذكرات كتبت لبعض الرسميين ومن محاضرات ألقيت وتصريحات خرجت وتحليلات نشرت لكثير من الوزراء والسياسيين المسؤولين بعد ان تركوا مواقعهم الرسمية وأصبح لديهم متسع من الحرية والتحرر من القيود والمعادلات الدولية ليقولوا قناعتهم كما هي دون مواربة او إخفاء .

خامسا ـ بل ان مجريات عملية السلام أثبتت لكثير من القادة والأنظمة والرسميين فيها الذين ما زالوا في مواقعهم ان السلام بعيد المنال في ظل عقلية القلعة التي تحكم قادة إسرائيل وأصبح هناك من يدق ناقوس الخطر في تأخر إقامة الدولة الفلسطينية بكل جرأة ووضوح كما كان ذلك بوضوح في خطاب الملك عبدالله الثاني أمام الكونجرس الأمريكي خلال جلسة مشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب في 7/3/2007، وأصبح هناك من يتحدث عن وضع مصيري لعملية السلام في ظل التعنت الإسرائيلي ، وقد ساد شبه إجماع بين الأنظمة العربية بضرورة مراجعة عملية السلام من خلال مراجعة المبادرة العربية او سحبها وقد أعلن ذلك صراحة أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى وهذا الواقع مرشح للتصاعد والتصعيد في ظل هواجس الأمن والتجبر والعنجهية والتعالي والمجازر والاغتيالات التي تمارسها إسرائيل بكل تأكيد.

 

سادسا : ان قدرية التاريخ في مفاصله الكبرى حقيقة أكدت عليها الأديان والمعتقدات السماوية كافة سيما ما يتعلق ببني إسرائيل حيث وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يحدث أصحابه عن المفاصل المهمة في تاريخهم المستقبلي ومنها قتال بني إسرائيل غربي النهر وهزيمتهم ودحرهم عن بيت المقدس ، لذلك لا يمكن اعتبار عملية السلام إلا ممهدة للحدث الأكبر في التاريخ وهو نهاية إسرائيل لتكشف العورات وتبرئ الذمم وتشحذ الهمم وتكمل الاستعداد والإعداد باتجاه البشرى العظمى التي اخبرنا عنها القران الكريم في سورة الإسراء ( فإذا جاء وعد الآخرة ليسئوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علو تتبيرا/ الآية 7 من سورة الإسراء) وفصلته الأحاديث النبوية في روايات كثيرة ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلن اليهود انتم شرقي النهر وهم غربية ...) بل وجاء ذلك في المعتقدات اليهودية التوراتية أيضا  حيث طائفة كبيرة من اليهود يصل تعدادها الى نحو مليون نسمة يقيم اغلبها في امريكا تؤمن بزوال إسرائيل بعد تجمعهم في ارض فلسطين وهي تسعى الى تفكيك إسرائيل حتى لا تقع مذبحة كبرى بحق اليهود بعد تجمعهم في فلسطين ، كما ان المسيحية المتصهينة التي ينتمي إليها الرئيس الأمريكي جورج بوش تؤمن ان زوال إسرائيل على يد جيش يأتي من الشرق وهم بعد تدميرهم للعراق تبعا لهذا المعتقد يحسبون ألف حساب ان يكون ذلك من طرف إيران ويسعون الى تدميره..

 

هل وصلت إسرائيل الى نهايتها؟

ان كافة المعطيات والمستجدات المتسارعة تشير الى مرحلة جديدة تغيب فيها شمس إسرائيل ، وان انهيار عملية السلام وتصاعد الإعداد والاستعداد للمقاومة وحلفائها في المنطقة بداية النهاية لتدحرج إسرائيل  نحو نهايتها ، وان إسرائيل تدرك ذلك جيدا تبعا لكل المظاهر والمؤشرات الميدانية لديها حيث يزداد التخبط وتنعدم الخيارات وتتدنى معها المعنويات التي لولاها ولولا امريكا لما بقي هذا الكيان قائما لغاية الآن .  

وهذا ما سوف يتم تفصيل الحديث فيه لاحقا في الجزء الثاني 

=============================

انهيار السلام نهاية إسرائيل

الجزء الثاني

في الجزء الأول كان الحديث في فكرة السلام الإسرائيلية وما جاء بعد ذلك من معاهدات سلام وما تكشفت عنه عملية السلام من حقائق كانت مكاسب للقضية ومصائب على إسرائيل وخلصنا الى أسباب فشل عملية السلام من اساسها وفي هذا الجزء متابعة للحديث فهل وصلت إسرائيل الى نهايتها 

" هل وصلت إسرائيل الى نهايتها "

د. محمد احمد جميعان

ان الإجابة على هذا السؤال تطلب الحديث في المستجدات المحلية والإقليمية والدولية التي تبدلت وتغيرت على الساحات المختلفة بعد ستين عاما من النكبة وبعد ان فشلت عملية السلام في ان تأتي بحل مقنع وهي تحتضر وتنتظر الإعلان الرسمي لانهيارها بعد ان فشلت على ارض الواقع .

أولا ـ المتسجدات المحلية الإسرائيلية

تعيش إسرائيل حالة من القلق الذي يصل حد الرعب غير المسبوق في تاريخها، فهناك هواجس لدى الإسرائيليين جميعا لا يخفونها على كافة مستوياتهم القيادية العسكرية والسياسية والشعبية من قرب زوال كيانهم ويظهر ذلك جليا مما يلي:

ا_ أحاديثهم الصريحة في إعلامهم وصحافتهم بالذات حول تخوفهم على مستقبلهم من التطورات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة الآن في العراق وإيران ولبنان وغزة وسوريا وتهديدات القاعدة واحمدي نجاد وحسن نصرالله  سيما بعد حرب تموز 2006 التي كشفت عوراتهم وجعلتهم في ارتباك دائم. 

ب_  وكان أوضح من ذلك تلك المناورات الإسرائيلية الكبرى التي أطلقت عليها إسرائيل نفسها المناورة الأكبر والأوسع  في تاريخها والتي اشتملت على سيناريوهات مرعبة لأسلحة غير تقليدية تضرب إسرائيل بكاملها .

ج_ هناك إحباط ويأس عميق في الكيان الإسرائيلي ولدى السياسيين خاصة وفي الشارع الإسرائيلي عموما من مجريات عملية السلام التي لم تسفر لهم عن شئ بعد ثلاثين عاما من مخاضها الأول  حيث لم تحقق لهم الاستقرار بل زادت الصمود في وجههم والعنف عليهم  والمواجهة لهم والحديث الجدي هذه المرة عن زوال كيانهم ولم تحقق لهم التطبيع المنشود الذي كانوا يحلمون به واقتصرت عملية السلام في أضيق أبوابها وعلى استحياء في بعض الأحيان على الأنظمة الرسمية بل أصبحت إسرائيل بشكل أكيد العدو الأول في المنطقة بأسرها وهذا ما جاء في تصريح وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني في مؤتمر الدوحة للديمقراطية والتجارة الحرة هذا العام 2008 حين قالت وهي محبطة وبائسة ان إسرائيل بعد السنوات الطويلة من عملية السلام ما زالت العدو الأول  للرأي العام العربي والإسلامي ولم تتوانى ان تستجدي من الحاضرين المساعدة في تغيير المناهج المدرسية لعل الحال يتغير .

     د_ لقد فقدت إسرائيل قدرة المبادأة والمبادرة في العمليات العسكرية    والتظاهر بالحكمة والدهاء  وحسن تقدير الموقف وأصبحت تعيش حالة تخبط ولجلجة ، نرى ذلك واضحا من خلال صراع السياسيين فيها وما جاء في تقرير فينقراد بعد حرب تموز 2006 وهو تخبط استمد حالته تلك بشكل كبير من التخبط الأمريكي نفسه في المنطقة ، وما عرض السلام المفاجئ على سوريا وارتكاب المجازر اليومية بحق الأطفال والمدنيين والاغتيالات المتكررة في غزة ثم طلب التهدئة بعد ذلك إلا جزء من هذا التخبط الكبير الذي تعيشه .

 

 ثانيا ـ المستجدات الإقليمية

     لقد شهدت المنطقة بعد احتلال العراق وسقوط بغداد تطورات أفجعت إسرائيل وأدمت امريكا وجاءت بما لا تشتهي السفن الإسرائيلية الأمريكية، لان إسقاط الرئيس الراحل صدام بالأساس هو من اجل عيون إسرائيل حين هدد بضربها بشكل متواصل حتى انهيارها وكان هذا التهديد هو سبب قرار امريكا احتلال العراق وإسقاط نظامه ولم يكن له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بأسلحة الدمار الشامل او القاعدة او الديمقراطية ولا حتى البترول الذي ارتفع سعره الى أضعاف ما كان قبل احتلال العراق،  ولكن التخبط وضيق الأفق الأمريكي والحماقة الإسرائيلية هذه المرة كانت وبالا وتهلكة على إسرائيل من حيث: 

 ا_ تحولت الساحة العراقية الى ساحات تدريب للمقاومة الوطنية والقومية والإسلامية وتحولت الى مدارس تخرج المقاومين اكبر وأوسع واقرب من الساحات الأفغانية حيث تتحول هذه القدرات الميدانية المدربة والمنظمة لتحرير فلسطين وهذا ما أفصح عنه تنظيم القاعدة على لسان ايمن الظواهري في شريطه الأخير بشكل صريح وواضح وهو ما تتحدث عنه أيضا فصائل المقاومة العراقية كافة من ان  الهدف القادم هو إسرائيل .

ب_ تعاظم القدرات الإيرانية التقليدية وغير التقليدية العسكرية والتقنية بشكل كبير لم يكن متوقع حيث أفسح التورط والتوحل الأمريكي في العراق المجال أمام الإيرانيين لتعاظم قوتهم وأصبحت تشكل تهديدا مباشرا لإسرائيل ولعل التهديدات المباشرة التي أطلقها الرئيس الإيراني مؤشرا واضحا على تعاظم إيران بشكل أصبح الحديث عن زوال إسرائيل من قبل رئيس الدولة أمرا سهلا وهينا جعل إسرائيل تعيش حالة رعب تسبق الانهيار بأذن الله

ج_ تمكن حماس بشكل مفاجئ وسريع ومذهل من السيطرة على غزة ومقرات السلطة بما فيها من أسلحة ووثائق وغيرها أربك الإسرائيليين وفاجأهم وأفسح المجال للحركة حرية التدريب والتنظيم والتسليح الممكن وبناء أجهزة استخبارية قادرة على جمع المعلومات الاستخبارية واستثمارها وحفر الأنفاق الدفاعية والأخرى وما الى ذلك بعيدا عن الأعين الإسرائيلية وبشكل فاق كل التوقعات ويكفي ان نشير الى ان إسرائيل حاولت اجتياح القطاع بشكل واسع إلا ان المقاومة ودفاعتها غير المخترقة أوقعت الخسائر في صفوف الإسرائيليين وجعلتهم ينسحبوا بشكل سريع معلنين صراحة إلغاء خطتهم تلك.

د_ صمود حزب الله ومقاومته المنظمة والمؤثرة والقادرة في حرب تموز الذي أذهل الإسرائيليين والأجهزة الاستخبارية في امريكا والمنطقة وجعلهم أمام واقع جديد قلب الموازين راس على عقب وتحولت معه إسرائيل من قلعه تهابها المنطقة الى قيادة مهلهلة ومرتبكة وجيش يمكن قهره وهزيمته ومجتمع مفكك ومرعوب سهل الانهيار لو تواصلت عليه عمليات القصف بشكل قوي وكبير ومكثف .

ه _ أثبتت حرب تموز ان زمن القدرات الخارقة للأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية قد ولى وان الواقع ألان يقول ان إسرائيل لم تعد قادرة على الاختراق كما كانت في السابق بل أصبحت محل اختراق من قبل حزب الله نفسه وهذا ما رأيناه من الأهداف العسكرية والحيوية التي قصفها حزب الله مقابل قصف عشوائي ومكشوف للأهداف التي قصفتها إسرائيل في لبنان  

و _ هناك حديث في أوساط الخبراء العسكريين عن قدرات سورية متطورة في مجال الصواريخ والأسلحة غير التقليدية قادرة على تدمير كافة الأهداف الحيوية في إسرائيل..

ز _ استطاعت إيران وسوريا وحزب الله وحماس والجهاد وفصائل أخرى مواليه لهم تشكيل جبهة ممانعة وبناء حلف عسكري واستخباري وطوق ناري صاروخي حول إسرائيل قادر حسب المعلومات الصحفية والمتسربة والخبراء العسكريين من تدمير الأهداف الحيوية والسكانية الكثيفة في إسرائيل في ضربة واحدة ، وهنا يجدر الإشارة والتذكير بتصريحات أمين عام حزب الله حسن نصر الله حول القدرة على زوال إسرائيل وحديث الرئيس الإيراني ونائب القائد العام للقوات الإيرانية حول محو إسرائيل من الخريطة فيما لو أقدمت على ضرب إيران

ح_ بوادر تذمر وتحول أكيدة يمكن ملاحظتها من الأنظمة الرسمية في المنطقة تجاه إسرائيل على ضوء عملية السلام ومبادرة السلام العربية بالذات التي باتت ميتة غير قابلة للإنعاش وتصريحات أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى في هذا الاتجاه واضحة وصريحة.

ط _ هناك تصاعد كبير في عمليات المقاومة في الجغرافيا العالمية يمكن اعتبارها حالة جهادية غير مسبوقة في التاريخ ، ورغم تناقض فكر ومنهجية بعض حركات او فصائل المقاومة إلا أنها تلتقي جميعا حول تحرير فلسطين وإزالة إسرائيل بل يمكن ملاحظة تنافس بين هذه الحركات فيمن سيحرر فلسطين ويقدم لها اكثر . 

ي_ وعلى ضوء تصاعد أعمال المقاومة تلك هناك حالة تعبوية كبيرة في الشارع العربي والإسلامي وبالذات تجاه ما يجري في غزة والعراق ، وهذه الحالة مع تكرار ما يجري وديمومته وتصاعد متواتر في عمليات المقاومة سوف تتحول الى موقف وفعل مؤثر يدعم المقاومة بأشكال متعددة وسوف يؤثر في موقف الأنظمة تجاه إسرائيل وعملية السلام . 

ثالثا ـ  المستجدات الدولية

   وهي مستجدات انبثقت بشكل مباشر وغير مباشر من احتلال العراق وإسقاط نظامه أيضا وتمثلت بما يلي :

أ_ أصبحت إيران رقما صعبا ومؤثرا في المعادلة الدولية من خلال تعاظم الدور الإيراني الذي يصل حد الهيمنة أحيانا في المنطقة وتأثيرها الفاعل والمحسوس على مجريات الإحداث في أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين والمنطقة والذي سبق وفصلت فيه بحثا منفردا له بعنوان " إيران العظمى من استثمار الفرص الى صناعتها"، وأصبح الحديث صراحة من راس الدولة عن إزالة إسرائيل .

ب_ التوسع الاقتصادي والاستثماري للدولة الإيرانية والقطاع الخاص فيها بشكل كبير ومنافس وملفت لكل المراقبين في العالم خاصة في الدول الآسيوية سيما الهند والصين وباكستان ودول الاتحاد السوفييتي سابقا وجنوب شرق آسيا إضافة الى فنزويلا وأمريكا اللاتينية وهو توسع ينم عن تخطيط ورؤى كبيرة يصعب معها فرض حظر عليها فيما لو تم القرار بذلك من قبل امريكا او المجتمع الدولي .  

ج_ تخبط وعجز أمريكي ودولي واضح لا يخفى على احد في معالجة الملف النووي الإيراني في مقابل موقف حازم وحاسم وعنيد من قبل إيران في استمرار مشروعها النووي وهذ ناجم من تعاظم الدور السياسي والاستراتيجي الإيراني الذي يقترن بتعاظم تصاعدي للقدرات التقنية والعسكرية الإيرانية.

د_ انبهات وتراجع تدريجي متسارع وخارج عن التوقعات أحيانا للدور الأمريكي كدولة عظمى التي تعتمد عليها إسرائيل بشكل مباشر وتأثير ذلك على هيبة إسرائيل وقدراتها  في المنطقة سيما بعد تورط امريكا  في العراق وأفغانستان وما حصل من هزة مالية واقتصادية كبيرة يصفها بعض الخبراء بالانهيار والتحول نحو نظام مالي جديد على حساب الدولار وعظمة امريكا ، وهناك من الخبراء والمراقبين من يذهب بعيدا حول انحسار الدور الأمريكي داخل حدودها بعد انسحابها من العراق مباشرة ، وفي كل الاحوال فقد نجم عن ذلك خسائر فادحة مباشر على الاقتصاد الأمريكي جراء مئات المليارات التي أنفقت في الحرب دون مقابل إضافة الى خسائر دولية هائلة وغير مباشرة لبعض حلفائها بعد انخفاض الدولار وارتفاع أسعار النفط الى حدود غير مقبولة نجم عنه خلخلة وعدم استقرار لبعض الأنظمة جراء ارتفاع جنوني ومستمر في الأسعار وما تبع ذلك من أزمة مالية كبيرة ومؤثرة ما زالت نتائجها تتداعى لغاية الآن ، كل ذلك أوصل الجميع أصدقاء و حلفاء وأعداء لأمريكا بان تخبط سياساتها الخارجية والمالية والاقتصادية والعسكرية في السنوات الأخيرة كان غباء لا ينم عن دراسة ومؤسسية او حكمة او تعقل او عظمة بقدر ما ينم عن عقلية عقائدية للرئيس بوش تحتل حماية إسرائيل فيها جزءا كبيرا يتحدث عنها باستمرار أوصلت امريكا الى هذا المستنقع وهذا يبدو واضحا في النقاشات الحادة بين الحزبين في امريكا وبين امريكا وحلفائها الأوربيين والآخرين في المنطقة والتي نسمعها ونقرؤها يوميا والتي سوف تزداد حدة وتدحرجا في الشهور القادمة                             

ه_ هناك تغير واضح في المزاج العالمي والمزاج الأوروبي بالذات تجاه إسرائيل إذا استثنينا بريطانيا نسبيا وفرنسا برئاسة ساركوزي ، فلم تعد إسرائيل تلك الدولة التي تحظى بالإعجاب والتعاطف بل أصبح يشار إليها على إنها مشكلة الشرق الأوسط الملتهب وهي سبب مباشر لأعمال الارهاب والعنف في المنطقة، وهذا ما تشير إليه يوميا الصحافة الدولية عموما والأوروبية بشكل او آخر .

وـ إعادة إحياء الدور الروسي وريث الاتحاد السوفييتي في المنطقة والعالم، والندية التي ظهر بها في مواجهة امريكا كقوة عظمى ، وفشل الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي الى روسيا والتي جاءت في أعقاب زيارة الرئيس السوري الناجحة هناك وما تلا ذلك من زيارات متكررة للقطع البحرية الروسية للموانئ في المنطقة وبعض دول العالم الحليفة السابقة للاتحاد السوفييتي

زـ الانتخابات الأمريكية الأخيرة التي جاءت بالرئيس الأسود من أصول إسلامية افريقية ومن أب مسلم باراك حسين اوباما الى البيت الأبيض وما يعني ذلك من تغيير ولو كان بطيئا ولا أريد التعليق اكثر فالأيام تفصح لنا ولكن الأكيد ان الرئيس بوش الأب ومن بعده الابن كان وبالا ودمارا لأمريكا والمنطقة وكان نعمة لن تتكرر لإسرائيل كمل يقول ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي اولمرت الذي أضاف ان اسم بوش سوف يحفر بماء الذهب لدى اليهود .. فما هو الذي بعد الذهب ؟!

تساؤلات وخلاصة

كلما اثيرموضوع نهاية إسرائيل او زوالها يخرج البعض ليتحدث بالواقعية والاستفادة من التجارب مستندا الى التاريخ القريب المليء بالهزائم المختلفة والأصوات الدعائية المرتفعة التي كانت تتحدث عن " جوع يا سمك ورميهم في البحر وهكذا " غافلا عن التاريخ البعيد او ماضي الأمة المشرق الذي جعلها اعز حضارة واقدر امة وأشجع رجال وأقوى حجة وأفصح بيان استطاعت من خلاله ان تشكل امتدادا مساحيا وعمقا جغرافيا على امتداد الكرة الأرضية في زمن قياسي لم يكن له مثيل في تاريخ الحضارات الغابرة او المعاصرة .. ومع ذلك فان مقارنة ميدانية بين هذا الماضي الذي يشيرون إليه والحاضر الذي نرى فيه نور الحقيقة القادم وقائع لا ينكرها احد يمكن ايجازها :

1ـ نعم لقد صدح احمد سعيد من صوت العرب عن رميهم في البحر وتجويع السمك ليبتلعهم ولكننا لم نكن نمتلك القوة والقدرة على تدمير إسرائيل او حتى هزيمتها في معركة كبرى فقد غلبت المؤامرات والدعايات وتحصيل الشعبية على الامكانات والقدرات والجاهزية بالمقابل فان الحديث الآن عن زوال إسرائيل يرافقه قوة واقتدار يربك ليس إسرائيل وحدها بل وأمريكا التي تقف خلفها التي تقف عاجزة عن اتخاذ موقف تجاه ملف اسمه " الملف النووي الإيراني " ناهيك عن سيل الأحاديث المتكررة لاحمدي نجادا عن زوال اسرئيل وتحدي الغرب وأمريكا وإسرائيل ان يحاولوا ضرب إيران ، وحتى لا نبعد كثيرا فان المعلومات العسكرية ومراكز الدراسات تشير الى ان حزب الله في لبنان وحده دون غيره قادر ولديه جاهزية وترسانة من الصواريخ تفوق الأربعين ألف والبعض يتحدث عن سبعين ألف صاروخ قادرة على إحداث تدمير هائل في إسرائيل فيما لو تم توجيهها الى مراكز ومعامل كيماوية وأبراج سكنية وأحياء مكتظة وان ضربة مثل هذه من قبل حزب الله على إسرائيل كفيلة ان تحدث هثيان مدني وذهول عسكري تضع إسرائيل على عتبة الانهيار الذي سيتبعه تدفق بشري هائل الى فلسطين يسيطر على كافة المرافق فيها فكيف إذا كان الحديث عن محور متكامل وطوق ناري متآلف يشمل حزب الله وإيران وسوريا وحماس وحشد بشري جاهز للتدفق فيما لو نفذ هذا السيناريو...

  2ـ لم يعد سرا حجم الاختراق ألمخابراتي المذهل وبالذات الإسرائيلي للمنظمات والفصائل الفلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية ما قبل عملية السلام فقد تحدث عن ذلك الكثير من مدراء وضباط المخابرات السابقين وصدرت مؤلفات بذلك وصل حدا ان الشين بيت كان يعد البعض من الكوادر عند التحقيق معهم ان يصبح قائدا فيما لو اعترف وتعامل معهم ، وهذا الاختراق اخذ بعدا خطيرا في تاريخ القضية الفلسطينية وحول هذه الفصائل الى مجرد أسماء وبيانات وأصوات إعلامية ودعائية وتنسيق وضباط ارتباط وحجوزات بالفنادق والشقق المفروشة بعيدا عن واجبها الأساس وهو العمل الميداني والمقاومة بل وأخذها الى إثارة الفتن وطحن وصراعات فيما بينا وكانت الذروة الأسوأ في ذلك مواجهة وقتال الأنظمة والدول والعواصم التي احتضنتها منذ البداية الى ان أصبحت تنافسها على الحكم والسلطة بشكل دمر هذه الفصائل ماديا ومعنويا وأبعدها عن حاضنتها الشعبية والعربية والإسلامية وجعلها محل نفور وعزلة وإحباط الى ان توجت ذلك في سابقة مخزية ومستغربة غير معهودة في التاريخ بإلغاء بند المقاومة والتحرير الكامل لفلسطين في ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية التي وجدت أصلا من اجل ذلك عام 1964 ( أي قبل احتلال عام 1967 ) وبعدها هرولت هذه الفصائل مسرعة الى السلام الموعود ( بإقامة الدولة القابلة للحياة ) وسارع البعض الى القشور والإجراءات الشكلية والبروتوكولية الى فرش البساط الأحمر واخذ يستعرض حرس الشرف قبل إقامة الدولة لهذا السلام الذي كانت نتائجه معروفة للجميع ، بالمقابل فنحن الآن أمام مقاومة قادرة وعقائدية وحقيقية ومحصنة ومثمرة على ارض الواقع في العراق الذي أصبح مدرسة وميدان تدريب لتخريج المقاومين وفي لبنان وغزة وصلت حد تحرير الأرض وإطلاق الأسرى وكانت عصية على الاختراق الاستخباري وهي تنجز بشكل متواصل ومتواتر لم نشهده من قبل وهنا لابد من الإشارة الى ان المقاومة العراقية في اغلبها واللبنانية من خلال حزب الله وحركات المقاومة الإسلامية والشعبية في غزة وراس حربتها حماس فهي منذ تأسيسها استفادت من هذه التجربة ولم تنجرف الى صراعات مع الأنظمة او اختراقات على غرار ما حصل في السابق لذلك حققت هذه الإنجازات وحصلت على هذه الشعبية المتنامية بين الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي في زمن قياسي غير مسبوق .

   3ـ الإرادة في قرار المواجهة مع إسرائيل وإزالتها كان في السابق يرتبط في اغلبه بتثبيت الكراسي وتحصيل الشعبية والنجومية والهتافات والتصفيق وما رافق ذلك من مؤامرات ودكتاتوريات وانقلابات وصراعات للقوميين وإعدامات للإسلاميين أمثال سيد قطب وقد أعجبني قول لأحد الناصريين بمثابة نقد ذاتي حين وصف القائد جمال عبد الناصر قال  " ان عبد الناصر عظيم الأمجاد عظيم الأخطاء " بالمقابل فان الإرادة في قرار المواجهة مع إسرائيل وإزالتها يرتبط الآن في ثلاثة إبعاد متلازمة وعازمة على تحقيق الهدف هي عمق عقائدي متلهف للمواجهة ومصلحة استراتيجية إيرانية وتحالفية مع حزب الله ترتبط بأجندة متكاملة بمشروع طموح فوق العادة لقيادة الأمة الإسلامية مفتاحه الأساس هو زوال إسرائيل على أيديهم وبدون ذلك لن تستطيع إيران تحقيق مشروع عظمتها وثالثا الإعداد والاستعداد المتواصل قدرة واقتدار وتشكيل حلف متماسك وقادر على المواجهة وتحقيق الهدف ومن يريد الاستزادة والتفصيل فهي موجودة في بحث لي سابق ومنشور بعنوان " مدى جدية واستراتيجية تصريحات الرئيس الإيراني احمدي نجاد

4ـ الاستعداد للتضحية وتحمل الخسائر وهنا لا أريد المقارنة فهذا الاستعداد كان موجود في السابق لدى أبناء الأمة ولكن لم تكن هناك قيادة موحدة وقيادة مقاومة قادرة وعازمة ونظيفة على استثمارها باتجاه التحرير بل وللأسف استثمرتها باتجاهات أخرى أما الآن فالوضع مختلف تماما وقد رأينا ذلك بوضوح في العراق الذي هو رصيد قادم وفي لبنان وغزة والأيام سوف تثبت ذلك اكثر وأكثر..                                                           

5ـ ان معظم الدراسات وكافة المعطيات والمستجدات المتسارعة تشير الى مرحلة جديدة تغيب فيها دولة إسرائيل كنظام سياسي وعسكري وأيدلوجي دون المبالغة في رمي اليهود بالبحر كما كان يقال سابقا بل في استيعاب من يبقى منهم على ارض فلسطين في إطار دولة فلسطينية ديمقراطية تحكمها صناديق الانتخاب ، وان انهيار عملية السلام القادم قريبا وتصاعد الإعداد والاستعداد المتواصل للمقاومة وحلفائها في المنطقة ومنهجية القلعة والحماقة والهواجس الأمنية التي تسيطر على العقلية الإسرائيلية هي بداية النهاية لتدحرج إسرائيل  نحو نهايتها بشكل متسارع ، وان إسرائيل تدرك ذلك جيدا تبعا لكل الحوارات والدلائل والمظاهر والمؤشرات الميدانية والإعلامية والسياسية لديها حيث يزداد التخبط وتنعدم الخيارات وتتدنى معها المعنويات التي لولاها ولولا امريكا لما بقي هذا الكيان قائما لغاية الآن ،،،،   

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ