ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 11/08/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

إسرائيل منجم ذهب استراتيجي في اللعبة 

الصفرية الأمريكية

د.مهند العزاوي*

يشهد العالم العربي فوضى سياسية وعسكرية واقتصادية, وتجريف شامل للقدرة العربية الشاملة في ظل وباء الاحتراب الديني الطائفي والقومي الإثني,وشهد استنزاف القوة والقضم الجيوبوليتيكى,  في ظل عولمة الامبريالية وتعاظم دور الشركات الخاصة في الهيمنة  على القرار الدولي(صناعة الحرب والأمن) , وقد مزقت الجسد العربي المثخن أصلا بخلافات منحوتة بعناية في أروقة المخابرات الأجنبية والإقليمية, وفق سياسة "فرق تسد" الاستعمارية , ابتداء من "سايكس بيكو" التي أرست دعائم خلاف جيوبولتكي دائم بين الدول العربية وصولا الى مشروع الشرق الأوسط الكبير,وقد اوحت دوائر الإلحاق الأمريكية بان امن عدد من الدول العربية مرتبط بالمظلة الأمنية  الأجنبية او الإقليمية الناشئة, بغية تصفير قدرة التكامل والحماية ضمن النسق العربي, وتحويل منحى الصراع الى التنافس على رقعة الظهور.

 أصبح الوطن العربي هدف استراتيجي بعد حرب تشرين73 ,خصوصا بعد اتساق المواقف السياسية والعسكرية والاقتصادية لعمالقة القدرة العربية اينذاك مصر وسوريا والعراق والسعودية كمحور جيوسياسي فعال ومؤثر في صنع القرار السياسي الدولي, وسرعان ما اتجهت أمريكا لتطبيق استراتيجية طويلة الأمد, وتنفيذ مراحل اللعبة الصفرية عبر التقطيع العمودي والاستقطاب الجانبي , وتداخلها مع مراحل استراتيجية التواجد والوصول, وكان أول محطة لتجريف القدرة العربية انسلاخ مصر من الصراع, وتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل منفردة , وأعقبها تجزئة المشرق العربي وفق سياسة المحاور, ثم صناعة بيئة الحرب بين العراق والكويت[1], وقد انزلاق الطرفان للفخ الاستراتيجي, والذي يعد المرحلة الوسطية من استراتيجية التواجد العسكري الفعلي في المنطقة, وعلى أثرها انتشرت فوضى الخلاف العربي, وتمسكت الدول العربية بسياسة الطوق المحكم والخطوط الحمر الأمريكية ضد العراق, وصولا الى خطيئة احتلاله , وتحطيم دولته وقدرته الشاملة, وتلك المرحلة الأخيرة ضمن سياسية الوصول الى مصادر الطاقة والأسواق, ولابد من تقويم استراتيجي لوضع العالم العربي, فنجد أمريكا وإسرائيل وإيران يمارسون نظرية"الهندسة المعكوسة" ضد العالم العربي , وتستهدف كافة البنى التحتية المجتمعية-الشعب- المجتمع –الأسرة, وتحرص على أذكاء النزعة السفلية للفرد والمجردة من المنظومات القيمية, وعملت على مسح الذاكرة الحضارية العربية بعناصر قوتها البعد العربي والإسلامي, وفي فلسطين تمارس سياسة السلام مقابل الاستسلام في ظل الاحتراب السياسي على وهم السلطة, والعراق محتل وتعصف به الكوارث الإنسانية المختلفة, وشعبه محطم ويدمر بالكامل, ويخضع لمعايير التجريف الشامل, وفي لبنان  هواجس الحرب الأهلية والخارجية , وتعصف به كما يعصف بالعراق النفوذ الأجنبي والإقليمي ,إضافة الى استنزاف السودان واليمن والصومال ...الخ, وتقوم أمريكا بتوسيع  الفوضى عبر مزدوجي محاربة الإرهاب وتجارة الأمن ,  ,والتركيز على إذكاء حرب الأفكار والإيديولوجيات وتنمية أدواته المسلحة لإعادة تشكيل الخارطة السياسة العربية الى دويلات صغيرة متناحرة .

 

الإستراتيجية الأمريكية ومسلك اللعبة الصفرية

تعد مراكز الدراسات ومعاهد البحوث الأمريكية بشقيها الديمقراطي والجمهوري, دراسات استراتيجية تتسق مع مفاهيم عولمة الامبريالية الأمريكية, وتخصص لها ملايين الدولارات , وفي الغالب انها تصنع قرار الحرب من وجهة الصفقة التجارية ,وتعالج تداعياتها على الحكومة والشركات الداعمة لها والممثلة فيها, وتهيكل عقول الرأي العام الامريكي نحو صناعة العدو, وتساهم سينما الأمن القومي في ترويج العدو القادم وتنمط العرب والمسلمين بالإرهاب, بل وتذكي العنف والجريمة والتفكك المجتمعي والانهيار القيمي في المجتمعات العربية ,عبر أفلامها ومسلسلاتها الموجهة والتي تبث عبر القنوات الناطقة باللغة العربية وهذا ما تطلق عليه دوائر العلاقات العامة بالتأثير وسياسة الإلحاق المجتمعي, ناهيك عن برامج تغيير الفكر .

 اتسمت الإستراتيجية الأمريكية بالثبات النسبي مع تغير نسبي في الاستراتيجيات الوسيطة و التكتيكات المستعارة والمكتسبة, وتتسق النظريات الأمريكية بمفاهيم امبريالية توسعية تحت يافطة الديمقراطية والعولمة , وان "الديمقراطية للعرض فقط وليس للتطبيق" ولكنها حصان طروادة لغزو الدول وتغيير أنظمتها وتجريف قدراتها المختلفة , ويهيمن البنتاغون على السياسة الخارجية الأمريكية تحت مزدوجي الأمن القومي وصناعة الحرب والإرهاب الدولي, وقد حققت أمريكا مطلع التسعينات نقلة نوعية في القدرة العسكرية من خلال مكننة القوة ونقل المتفجرات بمختلف الوسائل, وتجزئة القدرة النووية واستخدامها بالحروب دون رادع, وكذلك الهيمنة على الفضاء الذي يعتبر التحول الذكي في القدرة الحربية والمخابراتية, ناهيك عن اتساع ميدان المعلومات والثورة الرقمية,  والتي تتسق مع الفضاء لتكون قدرة بحد ذاتها, إضافة الى التحول الاستراتيجي في صيانة القوة وخصخصة الحرب, والاعتماد على المرتزقة في صناعة النزاعات والعنف ومحاربته بنفس الوقت كصفقة تجارية, ناهيك عن القدرة على التحول من الحرب التقليدية الى الحرب المركبة وصناعة بيئة الإرهاب, والزعم بمكافحته بحرب عالمية تخترق المحظورات وتنتهك سيادة الدول وتماسكها الوطني , وبذلك قد حققت سياسة الإلحاق السياسي والمخابراتي وتوسيع القدرة المكتسبة, وعند مقارنة ذلك نجد ان هذا الاستنزاف وتحطيم القدرة العربية الشاملة , مخطط له بدقة وعناية , نظرا للتحالف الاستراتيجي مع إسرائيل, وقد يظن البعض انها تؤثر على أمريكا, وفي حقيقة الأمر انها ولاية أمريكية بوشاح إسرائيلي شرير  في قلب العالم العربي, يخلق الفعل ويخترق المفاصل اللينة في النسق العربي, ويتلاعب بالمتناقضات , ويحقق الولوج الى عناصر القوة ويبددها , لتصبح تلك الدول مكشوفة حربيا الى تسعى للحماية الدولية , وبذلك قد حققت الغاية الإستراتيجية من وجودها, ولعل ابرز سمات الإستراتيجية الأمريكية الحالية ولعبتها الصفرية مع العالم العربي هي:

1.  الوصول الى منابع الطاقة الرخيصة بأقل تكلفة ممكنة

2.  القواعد والتسهيلات العسكرية عبر دول التقاطع الاستراتيجي

3.  أعادة رسم الحدود السياسية للدول العربية وتقسيم الدول الكبيرة الى دويلات متناحرة

4.  تغيير موازين القوة وصولا الى اللعبة الصفرية بدلا من نظرية الساق لتوازن القوى

5.  تمكين الشركات الحاكمة في أمريكا من فتح الأسواق الجشعة في العالم العربي

6.  أذكاء الصراع الطائفي في عمق المجتمعات العربية .

7.  احتكار القوة واستخدامها ضد الدول الضعيفة او التي يجري أضعافها.

8.  نسف الشرعية الدولية وتسخير مؤسساتها لإدامة غزواتها وشرعنه حروبها.

9.  تعاظم النزعة العسكرية وعسكرة السياسة ونشر الفوضى وتجارة الأمن.

إسرائيل منجم الذهب الاستراتيجي ومعبر اللعبة الصفرية

يشكك البعض في طبيعة الأصل الاستراتيجي الامريكي الصهيوني وشكل التخادم السياسي والعسكري والاقتصادي بينهما, تبنت مقولة (ان مصلحة أمريكا أن تكون لها أمة من الأصدقاء شعوبها وحكوماتها مناصرون ثابتون ودعاة للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط الأكبر)[2] , ويؤكد "روبرت ساتلوف"  ان إسرائيل ليست فقط أصلا استراتيجيا وإنما منجم ذهب استراتيجي, ليحسم النقاش حول دور إسرائيل في تحقيق الأهداف والغايات الإستراتيجية الأمريكية في العالم العربي  ونستعير مقتطفات من المناظرة وكما يلي:-

1. القيمة الإستراتيجية لإسرائيل بالنسبة للمصالح القومية الأمريكية تتفق عليه الأغلبية الكاسحة من الأمريكيين بل وتتفق عليه الأغلبية الشاسعة من استراتيجيات كلا الحزبين الكبيرين والأغلبية الكبيرة لقادة الجيش والمتخصصين في الأمن القومي والأطياف السياسية؟.

2. بعد حرب الستة أيام ساعدت إسرائيل على احتواء التمدد السوفيتي في المنطقة , وحماية حلفاء أمريكا الآخرين ,وأعطت إسرائيل أيضا الولايات المتحدة معلومات استخباراتية مفيدة عن القدرات السوفيتية."

3. دولتانا(أمريكا وإسرائيل) تتقاسمان طرق الحكم وتنظيم المجتمع ورؤية دور الحرية وحقوق الأفراد وطرق الدفاع عن هذه المُثل, فهذا التشابه في الثقافة والقيم يصب في قلب المصلحة القومية، ويظهر نفسه في كثير من الطرق من كيفية تصويت إسرائيل في الأمم المتحدة , وحتى كيفية رؤية شعبها لدوره في كونه على خط المواجهة ضد الكثير من نفس التهديدات التي نواجهها.

4. تكمن مصلحة أمريكا في أن يكون لدى إسرائيل اقتصاد مرتبط ارتباطا وثيقا باقتصادنا ومثل هذا التطور في مجال تكنولوجيا المعلومات والطب عالي التقنية وفي التكنولوجيا الخضراء (الصديقة للبيئة) مثل السيارة الكهربائية, وشراكتنا مع إسرائيل هي ليست أصل استراتيجي فحسب لأن إسرائيل ليست جزء من المشكلة الاقتصادية  ومع اقتصادها القائم على التقنية رفيعة المستوى تكون إسرائيل بالفعل جزء من الحل, وفي الحقيقة فإن قوة علاقتنا ساعدت على تحول إسرائيل من حالة السلة الاقتصادية إلى محطة التوليد الاقتصادية و أن تكون شريكا اقتصاديا لنا.

5. عملية السلام باعتبارها "مجرد عملية بدون سلام" , وأن إسرائيل القوية مع العلاقة الأمريكية الإسرائيلية القوية في جوهرها كانت محورا مركزيا لعملية السلام التي نعرفها؟ "عملية السلام كانت وسيلة للأمريكيين لتحقيق النفوذ في كل أرجاء إقليم الشرق الأوسط الكبير، وبعبارة أخرى فإنها ساعدت على محو ما يمكن أن نراه من لعبة المباراة الصفرية." وقد نتج هذا النوع من عملية السلام الجدير بالثناء عن حرب 1973 عندما بدأ تطوران متداخلان في التشكل وهما نمو العلاقات الإستراتيجية الثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل, والتي انطلقت في المجالين الاقتصادي والعسكري، وظهور عملية السلام في شكلها الحالي بقيادة أمريكا, ومنذ ذلك الحين قد تغيرت الساحة العربية الإسرائيلية بصورة مثيرة لصالح المصالح الأمريكية, وان إحدى الإنجازات العظيمة للتعاون الأمريكي الإسرائيلي والذي ظهر من خلال شراكتهما في عملية السلام هو تقليص الصراع العربي الإسرائيلي حتى تحول إلى صراع إسرائيلي فلسطيني.

6. أتطلع إلى مناقشة كل أمثلة الحالات التي كانت فيها علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل عاملا إما في السياسات في العراق وأفغانستان أو في قدرتنا على العمل في هاتين الدولتين. تلميح: دبلوماسي أمريكي مقيم في بغداد شرح لي مؤخرا كيف أن قضية إسرائيل في كثير من الأوقات لم تناقش في حملة الانتخابات العراقية هذا العام، أعني صفر.

7. وإني في الحقيقة أجد نفسي مائلا للقول إن ما نحتاجه بالفعل في الشرق الأوسط هو المزيد من "إسرائيل" ليس المزيد من الدول اليهودية بالطبع، لكن بحيث تكون حلفاء أقوى وأكثر ديمقراطية وموالاة لأمريكا ويمكن الاعتماد عليها بشكل أكبر. وسيكون جميلا بالتأكيد أن تكون لدينا واحدة أو اثنتان من هذا النوع في الخليج, فغياب هذه النوعية من الحلفاء هو تحديدا ما أوقعنا في مثل هذه المشكلة العويصة خلال السنوات الثلاثين الماضية. فقد كان لدينا حلفاء بعناهم أسلحة تقدر بمليارات ومليارات الدولارات لكنهم لا يستطيعون حماية حدودهم أو تأمين التدفق الحر للنفط ولا يمكنهم العناية بأنفسهم بدون الاعتماد على دوريات الحراسة الأمريكية التي تهب لنجدتهم. وفي غرفة الواقعيين ينبغي أن يكون هذا الدرس واضحا: ما ينبغي أن نطلبه بالفعل كحلفاء هو دول تستطيع – حيث تكون أمريكا القوية بجوارهم – أن تعتني بأنفسها وتسلط الضوء على قيمنا في أثناء ذلك. وبعبارة أخرى، نستطيع أن نستخدم دولتين أخريين مثل إسرائيل.

8. الجانب العسكري ثم هناك قائمة طويلة من المميزات المتصلة بالجانب العسكري، والتي أهدتها إسرائيل للولايات المتحدة مباشرة، وذلك بأفعالها وخلال علاقتها الثنائية معها، وسوف أذكر منها القليل فقط:

    أ‌-  منذ 1983 والجيشان الأمريكي والإسرائيلي ارتبطا بتخطيط للطوارئ، والمنشآت الإسرائيلية يمكن أن تصير متاحة للولايات المتحدة لو احتاجت الأخيرة ذلك. وقد استخدمت القوات الأمريكية الكثير من المنشآت الإسرائيلية بداية من مطار بن غوريون وحتى مواقع الانتشار مسبقاً, وتقوم كل الهيئات المسلحة الأمريكية الأربعة روتينيا بالتدريب في منشآت قوات الدفاع الإسرائيلية.

   ب‌-  نشرت الولايات المتحدة نظام الإنذار المبكر (رادار أكس باند) للدفاع الصاروخي على أرض إسرائيل, وتكمل هذه المنشأة أصول الدفاع الصاروخية الأمريكية الأخرى, وهي متاحة لهيكل الدفاع الصاروخي الإقليمي لأمريكا.

   ت‌-  بدأت أمريكا احتياطيات تغطية الحرب في إسرائيل منذ خمس عشرة سنة، وهذا المخزون هو بالفعل الأدنى, حيث أن القيمة الإجمالية تقترب من مليار دولار، وهي ملك الولايات المتحدة، ويستطيع البنتاغون أن يستخدمها في أي وقت شاء, وقد أظهرت أمريكا أنها قادرة على نقل إمدادات الجيش من إسرائيل إلى أي موقع حرب بالمنطقة، على سبيل المثال أرسلت جرافات لإزالة الألغام وبلدوزرات إسرائيلية إلى العراق أثناء حرب الخليج الأولى في 1991.

   ث‌-  يمكن لإسرائيل أن تكون موقعا في غاية النفع للدعم اللوجستي الاستراتيجي أو أي بروز لقوة في شرق البحر المتوسط، وفي الحقيقة فإن البحرية الأمريكية قد أجرت زيارات لا تحصى للموانئ في حيفا دعما للعمليات الأمريكية.

    ج‌-  أثبتت إسرائيل أنها مصدر رئيسي لمكافحة فعالة للإرهاب وتكتيكات وإجراءات وتقنيات مكافحة التمرد والتي لعبت دورا رئيسيا في النجاح الأمريكي (حتى الآن) في العراق كما ان إسرائيل كانت أيضا مبتكرا بارزا في تقنيات وتكتيكات وتكنولوجيا وإجراءات المركبات الهوائية التي بلا قائد، وتعتمد عليها أمريكا الآن بصورة واسعة في أفغانستان..

    ح‌-  إسرائيل من خلال استخباراتها وتكنولوجيتها والدروس المستفادة من خبرتها في مكافحة الإرهاب والحرب غير المتوازنة – قد أنقذت حياة الأمريكيين, وعندما تضيف إلى هذا جهود إسرائيل المتفردة في منع الانتشار مثل تدميرها للمفاعلات النووية في العراق (1981) وسوريا (2007) سنجد أن مساهمة إسرائيل في أمننا أكبر من ذلك.

    خ‌-  بطريقة حسابية بسيطة يمكنني من خلالها القول بأن علاقتنا بإسرائيل قد ساعدت على إحداث ازدهار استراتيجي للولايات المتحدة بلغة الصفقات.

هل يحتاج العرب برهان أكثر من هذا لدحض سراب المفاوضات والسلام

تصفير القدرة العربية بين سياسية الإلحاق والقضم الجيوبولتيكي

يعتبر العالم العربي حزمة جيوسياسية هامة على الصعيد الدولي, وبقعة اهتمام وصراع وتنافس لأمريكا وأوربا واسيا , وأضحت الدول العربية بين سندان الأطماع الدولية ولعبته الصفرية وسياسة إلحاقه السياسية والمخابراتية والمجتمعية ومطرقة الأطماع الإقليمية والقضم الجيبوليتيكي , ويبدوا ان النسق العربي مبعثرا متصدعا , ويقف على شفير الهاوية بين اختلاف وخلاف, وتنافس ونزاع,ويستوجب ان يشرع النظام الرسمي العربي بالتقويم الاستراتيجي لواقعه,  وفق المعايير التالية:- النسق والتكامل السياسي – الحالة الاقتصادية -القدرة العسكرية– الدفاع العربي المشترك- التقدم الصناعي – التنمية الزراعية - السلة الغذائية- التنظيم –القدرة البشرية - القدرة الشاملة - التنمية الشاملة - الاكتفاء الذاتي - المنظومات القيمية – التنمية الدموغرافية – المنظومة الفكرية والبحثية- النسق الاستراتيجي - صيانة القوة - إدامة التوازن والردع الاستراتيجي - تقييم التحالفات الدولية والإقليمية وأثرهما على تماسك النظام العربي.

نشهد اليوم تجريف شامل للقدرة العربية, واندثار المنظومات القيمية, واستنزاف ديموغرافي متعدد الأوجه يركز على أذكاء نزعة الفرد والتضحية بالأسرة والمجتمع والوطن والأمة , ونشهد خواء فكري منظم وفق سياسة الإلحاق والتأثير الأمريكي, ناهيك عن حقيقة اندثار القدرة العربية بعناصرها الرئيسية والفرعية , وبات هذا الانهيار واضحا عبر ملامح الاختراق الناعم والشامل لمكامن القدرة,وقد أصبحت دول العالم العربي تواجه تهديدات وشيكة ومحتلمة, تقع ضمن مرتبة المخاطر الكبرى , وأبرزها شبح التقسيم إلى دويلات طائفية أثنية عرقية, وانتشار فوضى الحروب المركبة , ومخاوف اتساع رقعة الفوضى والاحتراب من العراق و السودان والصومال واليمن ولبنان الى الدول العربية الاخرى, ولعل أبرز تداعيات تجريف القدرة هي:-

1.  غياب النسق العربي وقدرته على التأثير في القرار الدولي .

2.  تشظي النظام الرسمي العربي وانهيار مرتكزات الأمن القومي .

3.  القضم الجيوبولتيكي والنفوذ الليبرالي والهيمنة على الممرات والمضايق البحرية.

4.  فقدان القدرة العسكرية في ظل سباق التسلح النووي والصاروخي .

5.  الصراع الإقليمي بين إيران وإسرائيل وتداعياته على المنطقة.

6.  تسويق الخطيئة العراقية كأنموذج ديمقراطي كاذب .

7.   تعاظم الصراع السياسي بين القوى الفلسطينية, وأكذوبة مفاوضات السلام الوهمية.

8.  تفكك السودان وتقسيم الكعكة بين أمريكا وأوربا واسيا.

9.  الحرب المزمنة في  الصومال وإذكاء النزاع الإسلامي.

10.                     تداعيات التفكيك الدموغرافي السياسي في اليمن واستنزاف القدرة.

11.                     عدم صيانة القوة  واحتواء القوة اللامتماثلة كجزء من القدرة الشاملة.

12.                     جرثومة الاحتراب الطائفي  وحرب التفتيت الدموغرافي.

13.                      مخططات الشركات المتعددة الجنسيات التي تذكي الصراعات والعنف في المنطقة.

14.                     شبح الحرب المحتملة في المتوسط والخليج العربي والعمليات المضادة.

15.                     الإرهاب الدولي وعمليات الإرهاب السياسي (الحروب الخاصة).

16.                     الفقر والبطالة وخطر العمالة الأجنبية الوافدة .

17.                     تفكيك البني التحتية المجتمعية وفق أساليب التقطيع الناعم العمودي والأفقي.

18.                     اندثار المعايير القيمية العربية الإسلامية والوطنية.

19.                     غياب سياسة الاحتواء السياسي والمجتمعي .

20.                     تنميط وسائل الإعلام الغربية المسلمين والعرب بالإرهاب.

21.                     تجارة و انتشار تعاطي المخدرات في العالم العربي  .

22.                     تجارة وحيازة ونقل الأسلحة والمتفجرات.

23.                     غياب حس الانتماء العربي  لدى مؤسسات النظام الرسمي العربي

24.                     اندثار معايير المواطنة العربية.

يفتقر العالم العربي لمراكز صنع القرار التي تتخطى الخطوط الحمراء الأمريكية, وتعالج تداعيات الاستهداف وفلسفة اللعبة الصفرية وأدواتها الشريرة, ونجد ان عدد من مراكز الدراسات العربية بين مطرقة الراعي المالي وسندان التحديدات السياسية, وتجمل الوضع الكارثي بالأمنيات, ولم نشهد مناظرات وندوات عربية تنطلق من مبدأ البحث الموضوعي الحر والتحسب الاستراتيجي والوقاية الانسيابية,  ويبدوا وهم او حلم تفكير مؤسسات النظام الرسمي العربي باستعادة المبادة الإستراتيجية  وتقيم التحالفات  ونتائجها وفق نظرية الكلفة والتأثير,وقد أصبحت في الوقت الحاضر ضرورة ملحة, نظرا للأهمية الجيوستراتيجية للعالم العربي وحزمة التهديدات القائمة والوشيكة وتداعيات القضم الجيوبولتيكي, ونهب الموارد الإستراتيجية من قبل القوى الدولية والإقليمية,وضرورة صيانة القوة, ناهيك عن  ظاهرة تفكيك النسيج الدموغرافي للشارع العربي كالوشائج والعادات المشتركة ,وقد تراجعت في ظل تطبيق سياسة الإلحاق الأمريكية على المجتمعات العربية, وتجديد آليات التصدي وفق فلسفة استراتيجية ناجعة لان العرب يخوضون صراع وجود اليوم, وبات من الضروري تفعيل عناصر القدرة العربية الصلبة, ومزاوجتها مع القدرة الناعمة والذكية لصيانة القدرة الشاملة من جديد, وحشد مفاعيل القوة والضغط للتكامل السياسي والاقتصادي والعسكري العربي, واعادة تمركز القوة في معادلة الأمن القومي العربي الشامل, والتي تلقي بظلالها على معادلة التوازن الإقليمي, وتشكل رقما هاما في صنع القرار السياسي الدولي , وبذلك يعالج التجريف الصفري للقدرة العربية الشاملة ,والتي تعتبره أمريكا والأضداد الإقليمين انجاز استراتيجيا مهما, لان ترحيل الأزمات والملفات الشائكة لا تجدي نفعا , ويكفي أخفاء الرؤوس في الرمال فان القادم أكثر تعقيدا وهمجية.

ــــــــــــ

*مدير مركز صقر للدراسات الإستراتيجية

saqarc@yahoo.com


[1] . أشارت عدد من المصادر العسكرية الأمريكية أن سيناريو حرب على العراق أعد منذ عام 1989م قبل اجتياح العراق الكويت، حيث عكف فريق (بوش الأب) وأقرب مستشاريه على دراسة القيام بعملية عسكرية فـي الخليج تمهيداً للتدخل ضد العراق، وكان الجنرال "كولن باول" و"نورمان شوارزكوف" على علم بهذه الخطة، التي كانت تتضمن حشد آلاف العسكريين الأمريكيين, وفـي أكتوبر 1990 م قام الجنرال "باول" و"شوارزكوف" بمراجعة الخطة الموضوعة، واتخذ الرئيس الأمريكي قراره بزيادة عدد القوات الأمريكية فـي الخليج. يقول "اريك لوران" ((كانت الأجهزة العملاقة تعمل يومياً وعلى مدار الساعة فـي مقر قيادة (شوارزكوف) العامة فـي (ماك ديل) وهي تستلم دون انقطاع المعلومات الجديدة، وكان قيد الإعداد مخطط معلوماتي،أسم رمزي غامض (TPFD)  "انتشار Deployment قوة Force. مرحلة Phase. وقت Time"، تدرب فـيه أكثر من مليون عنصر, وضعت خطط لجميع الاحتمالات منها متطلبات الدفاع الجوي، أجهزة الاتصالات الضرورية,التفاصيل اللوجستية المتعلقة بالأفراد والعتاد والأرزاق والسكن وطرق تسييرها لتنسيق هذه العملية)) وفقاً لطبيعة العمل لصحراوية , وحمل هذا البرنامج رقم الرمز 1002 / 90 وتسمية    (Tip Fiddle) وكانت العمليات تجري بسرية تامة باستثناء البنتاغون كان يعرف بوجود هذه الأعداد, انظر المبحث الأول الفصل الرابع , أطروحة الدكتوراه,الإعلام والإستراتيجية العسكرية الأمريكية في حربي الخليج, د.مهند العزاوي.

[2] . روبرت ساتلوف , المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى , مناظرة مركز نيكسون منتصف 2010, حول إسرائيل: ليست فقط أصلا استراتيجيا وإنما منجم ذهب استراتيجي..

 

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ