ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 11/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

- 50 -

د. محمد سعيد حوى

نقد حديث العرباض بن سارية متناً:.

مر معنا نقد حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه سنداً، وهو الحديث الذي فيه "وعظنا رسول الله موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون".

ليتبين لنا ان الحديث قد روي من خمسة طرق عن العرباض، ولكنها معلولة جميعاً ولا يتم الوقوف على حقيقة الحديث الا باستكمال النقد متناً.

نقد المتن:.

يلاحظ ان الرواة اختلفوا – مع ضعفهم او جهالة بعضهم – في رواية هذا الحديث على النحو الآتي:.

اولاً: روى الحديث ضمرة بن حبيب عن عبدالرحمن بن عمرو السلمي بلفظ: "قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي الا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافاً كبيراً، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضو عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وان كان عبداً حبشياً، فانما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد".

فليس في ذكر موضوع البدعة.

كذا اخرجه احمد 4/126 وابن ماجه 43 وضمرة بن حبيب بن صهيب الزبيدي او عتبة الحمصي, ثقة.

2-وفي رواية خالد بن معدان عن عبدالرحمن بن عمرو السلمي نجد الاختلاف عليه فيه. فقد اضطرب الضحاك بن مخلد ابو عاصم النبيل فقد رواه 51 مرة بلفظ "وكل بدعة ضلالة" كما في سنن الدارمي (95) ورواية الطبراني (617) وابو نعيم في المستخرج (1/35) ولم يذكر "كل محدثة بدعة" (وهذا اللفظ محل الاختلاف, والتي يبني عليها بعضهم تعميم معنى البدعة في كل امر جديد، وتابعه على ذلك عيسى بن يونس عند ابي نعيم فلم يذكر "وكل محدثة بدعة", كما رواه البنوي في تفسيرة (2/145) وفي شرح السنة (102) من طريق احمد بن منصور عن الضحاك بلفظ فان كل بدعة ضلالة (ولم يذكر كل محدثة بدعة) ورواه الترمذي (676) والطبراني (618) من طريق بقية عن بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن عبدالرحمن بن عمرو بلفظ "اياكم ومحدثات الامور فانها ضلالة".

وكذا رواه الطبراني في مسند الشاميين (1379) من طريق بقية عن سليمان بن سليم عن يحيى بن جابر من غير ذكر "وكل محدثة بدعة".

وكذا رواه ابن ماجه (42) والطبراني (922) والحاكم 1/77 عن يحيى بن ابي المطاع بلفظ واياكم والامور المحدثات فان كل بدعة ضلالة ولم يذكروا "كل محدثة بدعة".

بينما روى الحديث احمد (4/126) وابو داود (4607) وابن حبان (5) والحاكم (1/176) كلهم من طريق الوليد بن مسلم ثنا ثور بن يزيد حدثني خالد بن معدان حدثني السلمي وحجر بن حجر بلفظ "اياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" وتابعه عبدالملك بن الصباح عن ثور بن يزيدي عن ابن ماجه (44) وعبدالملك صدوق ويخطئ.

 والخلاصة ان الحديث رواه الوليد بن مسلم (وهو ثقة تكلم فيه من جهة تدليسه وعبدالملك بلفظ "واياكم ومحدثات الأمور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" وقد خالفهم الأكثرون:.

1-        فرواه سليمان بن سليم (ثقة) عن يحيى بن جابر (ثقة) عن السلمي.

2-        وضمرة بن حبيب (ثقة) عن السلمي.

3-        وعيسى بن يونس (ثقة).

4-        والضحاك بن مخلد في اشهر الروايات عنه كلهم عن طريق عبدالرحمن السلمي فلم يذكروا (وكل محدثة بدعة).

5-        وكذا رواه مهاصر بن حبيب (في مسند الشاميين).

6-        ويحيى بن ابي المطاع كلهم عن العرباض فلم يذكروا "وكل محدثة بدعة".

وهكذا نجد انفسنا ان متن الحديث اضطرب فيه ولكن الأكثر وهم ثقات لم يذكروا لفظة "كل محدثة بدعة" وهي محل الاختلاف كما ذكرنا فان النهي عن البدع ثابت في الشرع لكن ماهية البدعة فهي محل الخلاف اذ يحتج من يثبت لفظ "وكل محدثة بدعة" على تبديع كل من فعل شيئاً لم يفعله رسول الله بينما جمهور العلماء ان البدعة ما كان جديداً محدثاً لا اصل له، اما ماله اصل يرجع اليه فليس ببدعة.

ثانياً: المسألة الاساسية الثانية في فقد المتن قوله "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ".

والاشكال في هذا كما اشرت من قبل من هم الخلفاء الراشدون المهديون، من يعينهم, ما المقصود سنتهم؟ وهل ثمة شيء لم يبينه رسول الله؟ وهل سنتهم معصومة لا تخطئ؟ واذا كان الأمر كذلك فلماذا اختلفوا فيما بينهم؟ وعند الاختلاف بسنة من نأخذ وهل ثمة مصدر للتشريع غير الكتاب والسنة.

قد يذهب بعض اهل العلم ان المقصود بسنة الخلفاء الراشدين طريقتهم في اختيار الخليفة من بعدهم، او اجتهادهم وفهمهم في التطبيق العملي للكتاب والسنة وما يستجد ومع ذلك فكل ذلك تأويل للنص ولنا ان نفهم هذا المقطع في ضوء قوله تعالى "يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الأمر منكم, فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول" النساء 59.

ومجموع فهم العلماء لهذا النص القرآني القطعي ان مصدر التشريع الملزم امر الله ورسوله ثم ان اولي الأمر طاعتهم من طاعة الله ورسوله وبمقدار التزامهم بأمر الله ورسوله دل على ذلك ان النص لم يكرر لفظة (اطيعوا) عند ذكر اولي الأمر وخصه بقوله (منكم) أي من المسلمين المطيعين لله ولرسوله ثم قال بعد ذلك "فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول" فهذه ثلاث اشارات تؤكد ان طاعة ولي الأمر تبع لطاعة الله ورسوله اما ان يكون لأحد من الخلق بعد رسول الله طاعة مستقلة فلا.

وبعد:.

فان الحديث مما يثير اشكالات فاذا نظرنا نظرة نقدية في السند وجدناه مما لا يرتقي الى درجة الصحة بحال من الأحوال اذ مداره على مجاهيل او ضعفاء او معلول بالانقطاع.

واما متنه، فلا يجوز ان نبني على حديث فيه علل كثيرة واضطراب في سنده، لا يجوز ان نبني عليه قواعد في الشريعة قاطعة وان كان لا بد من العمل بهذا الحديث فلا بد ان نفهمه في ضوء الكتاب وصحيح السنة الثابتة.

فاما الطاعة: فقد اثبتها القرآن لله ولرسوله استقلالاً ولأولي الأمر من حكام وعلماء تبعاً لأمر الله ولأمر رسوله كما هو نص القرآن الذي مر معنا.

واما البدعة، فقد ثبت النهي عنها والتحذير منها مثل حديث "من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد".

لكن لا يجوز لأحد ان يدّعي "ان كل محدثة بدعة" فلأنها اولاً غير ثابتة  في النص، وثمة امور احدثت وليس ببدعة وان معنى ومفهوم البدعة مخلتف فيه اساساً.

اننا نلاحظ ان فئة من الناس جعلوا منهجهم الفكري مبنياً على ثلاث قواعد:.

1-        العقيدة اولاً.

2-        الطاعة المطلقة في الأمر البشري المسلم.

3-        تبديع كل أمر محدث.

وبنوه على مثل هذا الحديث:.

ونقول نعم العقيدة اولاً, ولكن ما مفهوم العقيدة، اليس الولاء والبراء من العقيدة؟ اليس الاقرار بتحكيم شرع الله من العقيدة؟ اليس الثقة بالله والتوكل عليه واخلاص العبادة من العقيدة؟ اليس استقامة السلوك من آثار العقيدة السليمة؟.

اما ان نحصر العقيدة في الصفات الخبرية ونحوها ونحاكم الناس اليها فهذا لا يكفي, واما ان نقول العقيدة اولاً، ثم نبرر ارتكاب بعضهم الجرائم في حق انفسهم والأمة فلا وتجد بعضهم ينظر الى من خالفه في مسألة في العقيدة نظرة تكفير او تضليل ولو كان من اتقى الناس.

واما الطاعة فما لم تكن صادرة عن طاعة الله ورسوله ورد النزاع الى الله ورسوله فلا. واما التبديع في كل امر محدث فلا، اذ لا بد ان ينظر الفقيه في المحدث فان كان مما تختلف فيه انظار المجتهدين وكان له اصل فانه يخرج عن حد الابتداع، الى باب الاجتهاد المأذون به شرعاً.

ومن هنا ترى ان اعتماد بعض الوعاظ والخطباء لعبارة ثابتة  في كلامه "وكل محدثة ضلالة" ليس بسديد.

ثم لا بد من التأكيد ان عبارة "وكل ضلالة في النار" لم ترد في أي من روايات الحديث.

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ