ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 10/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

(22)

د. محمد سعيد حوى

القاعدة الحادية عشرة:

في ظنية ثبوت معظم السنة وأثرها في التعامل معها:

الاخبار تختلف مراتبها من حيث قوة ثبوتها:.

1-        فمنها ما يفيد العلم اليقيني القطعي وهي لا تحتمل خطأ او كذباً ابداً وهي ما عرف عند العلماء بالمتواترة وتعرف بأنها ما نقل جمع عن جمع من مبدأ السنة الى منتهاه يستحيل تواطؤهم على الكذب, فأي خبر او نص وصلنا بهذه الطريقة فهو قطعاً صحيح, صدق مطابق للواقع ومن نماذج ذلك القطعية القرآن الكريم, وبعض احاديث السنة القليلة.

ويلحق به من الاخبار والاحاديث ما يفيد العلم النظري وهو ما كان من رواية آحاد (أي ليس متواتراً) لكنه احتف بقرائن جعلته مما يفيد صحة الخبر دون ادنى شك عند اهل الاختصاص خاصة ومن هذه القرائن تعدد طرقه وكانت صحيحة كالمشهور من الاحاديث او ما اتفق الشيخان على صحته دون ان يوجه له نقد من العلماء.

2-        من الاخبار ما كان ظني الثبوت أي ورد بطريق آحادي (مشهور تعددت طرقه لكن لم يبلغ مبلغ العلم النظري, او عزيز: ما ورد من طريقين او فرد ويسمى الغريب ما ورد من طريق واحد) وهذا ان استوفر شروط الحديث الصحيح وهو ما يغلب على الظن ثبوته (الظن الراجح) يسمى صحيحا وهو ما اتصل بنقل العدل تام الضبط من غير شذوذ ولا علة.

ويلحق به عند بعض اهل العلم الحديث الحسن وهو ما كان فيه خلل يسير في الضبط لكن يبقى في دائرة الرجحان وهذا مما اختلف فيه اهل العلم اذ ربما الحقه البعض بالنوع التالي ويحتاج الى بحث خاص.

3-        مرتبة الشك او التردد: وهو ما ورد من الاخبار, وكان محل تردد اثبت ام لم يثبت فلا انت عندك الدليل القاطع على رده ولا على قبوله ويندرج تحت هذا النوع كثير من انواع الحديث الضعيف ونسبة قبوله 50% وعليه فلا يعمل به في الاسلام.

4-        الوهم .. وهو ما كان اقرب الى الرد وارجح.

ونحن اذا نظرنا في عموم السنة النبوية تقسم الى صحيح وحسن وضعيف وموضوع ثم هذا الضعيف يقسم الى مراتب حتى يكون منه ما هو ضعيف جداً.

وكل بحثنا الآن هو ما كان صحيحاً او حسناً, فان معظم احاديث السنة وبنسبة 95% تقديراً التي حكم العلماء بصحتها او حسنها هي من نوع الظن الراجح أي ليست من القطعي ولا مما يفيد العلم النظري, وعندما نقول انها من الظن الراجح في الثبوت فهذا يعني اننا امام اخبار حكمنا عليها بالصحة ويمكن ان لا تكون صحيحة بنسبة (ما) واما اخبار اختلف العلماء في الحكم عليها واجتهدوا وعليه فلا يجوز لأحد من اهل العلم ان يحجر على عالم آخر في الاجتهاد ولا يجوز ان تكون هذه الاحاديث التي هي ظنية في الثبوت سبباً في التكفير او التبديع او التضليل ما دام ان الذي يتعامل معها ممن هو من اهل العلم والاختصاص والتقوى.

ولذا نستطيع ان نقول ان الاخبار منها ما هو:.

1-        قطعي الثبوت قطعي الدلالة كقوله تعالى "أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة".

2-        قطعي الثبوت ظني الدلالة أي وان كان ثبت قطعياً فيمكن ان يختلف في فهمه كقوله تعالى "وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ " وقوله "أو لامستم النساء" فما مقدار المسح الواجب وما هو اللمس الناقض.

3-        ظني الثبوت قطعي الدلالة كقول ابن عمر: "فرض رسول الله زكاة الفطر على كل حر وعبد.." في اثبات فرضية صدقة الفطر لكنه ظني الثبوت فلو قدرنا ان انساناً انكره بلا دليل لا يكفر ولا يخرج من الملة, لكن لو ان احداً انكر فرضية زكاة المال كفر لانها ثبتت بنص قطعي ودلالة قطعية.

ثم هذا النص الذي هو قطعي الدلالة على فرضية صدقة الفطر اختلف في ثبوت بعض فقراته, فأضاف بعضهم في آخر (من المسلمين فهو ظني الثبوت من جهتين من حيث هو ومن حيث بعض فقراته ومن ثم اختلفت دلالته من حيث التفصيل.

4-        ظني الثبوت ظني الدلالة.

كالاحاديث التي تتكلم عن بعض البيوع المحرمة وهكذا اذا تحسن تتبعنا السنة النبوية, فمعظمها ظني الثبوت وكثير منها ظني الدلالة, تقف مثلاً مع احاديث "لا نكاح إلا بولي" و"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" فهذه ظنية الثبوت فقد صححها بعض العلماء وضعفها آخرون واعتبرها ابو حنيفة مخالفة لظاهر القرآن.

وعندما نقف مع قوله (صلى الله عليه وسلم) "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب", أو من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصلاته خداج".

هنا نحن أمام احاديث ظنية الثبوت بمعنى انه وان صحت عند اهل العلم لكنها لم تبلغ التواتر ويخالف ظاهر القرآن, فلذا رأى ابو حنيفة انه لا بد ان يوفق بينهما وبين القرآن فهي ظنية الثبوت ظنية الدلالة, اذ يمكن ان تفهم بمعنى "لا صلاة كاملة" وليس بمعنى بطلان الصلاة لماذا؟.

لأن الله يقول :" فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ" .. اننا اذا تتبعنا كل اعمال واجتهاد المجتهدين المعتبرين السابقين نجدهم يؤكدون ان معظم السنة ظنية الثبوت او ظنية الثبوت والدلالة ولذا نجدهم يختلفون اختلافاً واسعاً فيما بينهم في الاجتهاد دون ان يعيب احد على احد, فهذا الامام مالك وابو حنيفة لا يأخذان بحديث "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" على ظاهره ويؤولانه انه اراد بذلك التفرق بالكلام لا بالابدان بأن صدر من احدهما ايجاب ومن الآخر قبول تم البيع, اما اذا صدر من احدهما ايجاب وانصرف الآخر عن القبول فها بعد ذلك بالخيار.

ان تأصيل هذه القاعدة وهو ظنية ثبوت السنة يفتح لنا ابواباً عظيمة من الاجتهاد ويفتح باباً عظيماً من اعذار بعضنا بعضاً ويفتح باباً من الحوار العلمي الرصين الذي يحفظ فيه المسلم نفسه ويحفظ فيه عرض العلماء فلا يتطاول عليهم, ويفتح باباً من الخطأ والصواب ويفتح باباً لكثير من المراجعات الضرورية للاحكام والتصورات.. حسب الحاجة والدليل, وبالتالي من رد حديثاً صحيحاً في ظاهره سنده او اوله بما يخرجه عن ظاهره ينظر ان كان من اهل العلم والاختصاص والتقوى فلا حرج عليه, ما دام له دليله الخاص في ذلك سواء اقتنعنا به او لم نقنع وهو داخل في اطار حديث رسول الله "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر".

اما ان كان الذي يرد الاحاديث الصحيحة او يؤولها تأويلاً يخرجها عن ظاهرها, ليس من اهل العلم والاختصاص او ليس ممن يعرف بتقوى الله في ذلك فهذا مما يحكم بفسقه لأنه يقول بلا علم ولا برهان ولكن مع ذلك لا يكفر..

وانما يخرج من الملة من انكر معلوماً من الدين ضرورة فمن انكر رؤيا الله في الآخرة لم يكفره العلماء لأن الآية القرآنية الواردة في ذلك تحتمل التأويل والنص الحديثي الوارد ظني الثبوت وان كان صحيحاً وان كان في البخاري, ومن انكر عذاب القبر فعلى الراجح لا يكفر لأن الايات الواردة في ذلك تحتمل تأويلاً والنصوص الحديثية هي ليست من باب التواتر اللفظي وانما التواتر المعنوي, فبقيت في دائرة الظن الراجح.

وبعد ان اصلت هذا المعنى يرد هذا التساؤل ما الدليل على ظنية ثبوت السنة وبمعنى آخر حتى لو صح الحديث يبقى ظني الثبوت نقول نعم والدليل على ذلك امور اهمها:.

1- كونها رويت بالمعنى في كثير من الاحوال.

2- كونها مما تأخر تدوينه.

3- كونها رويت برواية الآحاد.

4- واقع اختلاف المحدثين في النقد والفقهاء في الاستدلال.

وكل قضية من هذه القضايا تحتاج الى وقفة خاصة وهذا ما سنبينه فيما بعد ان شاء الله.

يتبع..

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ