ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 07/09/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

(26)

د. محمد سعيد حوى

قضية تدوين السنة وآثارها:

مسألة تدوين السنة من المسائل التي جعلتها ظنية الثبوت وتحتاج  الى مزيد من التحري والتدقيق في نقد كل حديث على حدة وفق قواعد هذا العلم الشريف.

و كان توجهاً قوياً عند بعض الصحابة والتابعين يرفض تدوين السنة مطلقاً، وذكرنا حججهم ونسكمل اليوم عناصر الموضوع.

ادولة القائلين بجواز التدوين :

ذهب جمهور من اهل العلم الى ان التدوين كان موجوداً من العصر الاول وان شيئاً لا يمنع من ذلك، واستدلوا ب:.

1-        ان حديث ابي سعيد الخدري: "الا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن.." انما هو موقوف على ابي سعيد الخدري, أي من كلامه، وليس من كلام النبي والى هذا ذهب البخاري ، على خلاف مسلم الذي يرى انه حديث صحيح مرفوع الى رسول الله.

2-        ما ثبت من وجود عدد من الصحف كتبت في عهد النبي:

أ‌- الصحيفة الصادقة التي كتبها عمرو بن العاص.. وقد قال له رسول الله: اكتب فوالله ما يخرج منه إلا حق.

ب‌-       صحيفة علي بن ابي طالب وفيها مقادير الديات وفكاك الاسير..

ت‌-       صحيفة سعد بن عبادة (سنن الترمذي 2/280) وفيها ان النبي قضى باليمين والشاهد.

ث‌-       كتبه عليه الصلاة والسلام الى امرائه وعماله.. والى الملوك..

ج‌-        قوله صلى الله عليه وسلم: اكتبوا لأبي شاة.. وغير ذلك  كتب في العهد الاول.

 

مواقف اهل العلم من قضية التدوين:.

امام تعارض الادلة الظاهري تعددت مناهج العلماء في هذه المسألة:.

-  فمنهم من افرط وادّعى ان كثيراً من السنة دوّن وانه لا يصح شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي.

-  ومنهم من ادّعى انه لم يصح عن النبي شيء في النهي لكن ما كتب كان قليلاً جداً.

-  ومنهم من يرى ان النهي ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

-  ومنهم من حاول ان يوفق بين الامر بالكتابة والنهي فذكروا في ذلك اقوالاً لا تكاد تقبل لا شرعاً ولا عقلاً ولا وقاعاً, من ذلك:.

-  قول بعضهم ان الاذن كان موجوداً والنهي مخصوص عن ان يكتب القرآن والسنة في صحيفة واحدة.

-  ومن ذلك قول من قال ان النهي كان خوف ان يلتبس القرآن بالسنة ويختلطا فلما امن اللبس جاز.

-  ومنهم من قال الاصل النهي فاذا وجدت الحاجة والضرورة ومع وجود امن اللبس والاختلاط جازت الكتابة.

-  ومنهم من قال كان النهي اول الأمر ثم نسخ, مع ان ابا سعيد راوي حديث النهي من صغار الصحابة أي ينبغي ان يكون سمعه في اواخر عهد النبي .

ونحن اذا تأملنا في كل هذه الاقوال نجدها لا تثبت امام النقد العلمي المتين. فالذي لا يستطيع ان يجادل فيه مجادل:.

1-        ان النهي عن كتابة السنة ثابت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن ابي سعيد الخدري.

2-        وان ذلك لم ينسخ لكون ابي سعيد من صغار الصحابة.

3-        وان الحالات التي اذن بها النبي صلى الله عليه وسلم كانت محدودة جداً في ظروف خاصة .

4-        ان دعوى ان صحيفة عبدالله بن عمرو بن العاص انتقلت الى احفاده ووصلت الى عمرو بن شعيب لا تثبت امام النقد العلمي فكم انفرد عمرو بن شعيب (ابن حفيد عبدالله بن عمرو بن العاص) بأحاديث جاءت بأحكام ردها جمهور اهل العلم.. وقلّ من يتنبه الى هذه المشكلة.

5-        ان الشيء الثابت والأكيد ان جمهور الصحابة بل كبارهم رفض التدوين بعد رسول الله رفضاً قاطعاً كما نقل عن عمر بن الخطاب وغيره.

6-        يؤكد كل ما مضى – وهو ان السُنة لم تكن مدونة – الا على نطاق محدود جداً, وضمن اعمال فردية بسيطة، فصحيفة علي التي يذكرونها ليس فيها الا سطر او سطرين – يؤكد عدم التدوين ما اخرجه البخاري ان عمر بن عبدالعزيز كتب الى ابي بكر بن حزم في المدينة: "انظر ما كان من الحديث عن الرسول  فاكتبه فاني خفت دروس العلم (أي انقراض العلم أي ذهاب واختفاء السنة) وذهاب العلماء" صحيح البخاري .

فبدأ التدوين عملياً ورسمياً بعد نهاية القرن الاول وكان من اول من نهض لذلك الامام الزهري المتوفى 124هـ فلو كان التدوين موجوداً معروفاً بشكل واسع فلماذا يكتب عمر بن عبدالعزيز الى عامله في المدينة يأمره بكتابة السنة.

وامام هذه الحقيقة الواضحة ان بدء تدوين السنة عملياً جاء متأخراً قرناً كاملاً – ونحن هنا لا نناقش جواز التدوين, كما فعل البخاري اذ اراد ان يثبت جواز تدوين السنة بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، انما نناقش حقيقة ثابتة:.

-  ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تدوين السنة تدويناً عاماً.

-  ان الصحابة في عامتهم استمروا على ذلك.

-  ان التوسع في التدوين لم يبدأ الا في نهاية القرن الاول.

 

السؤال الكبير لماذا؟.

-  اذا قال قائل خوف اختلاف القرآن بالسنة، فهذا مردود، لأن القرآن محفوظ حفظاً خاصاً من الله.

-  واذا قال قائل خوف ان ينشغل الناس بالسنة عن القرآن، فهذا يحمل في طياته شيئاً خطيراً اذ اما ان يجعلنا ان نؤكد على ضرورة ان يكون التفقه بالقرآن هو الاساس وهذا ما يعتقده كثيرون.. اليوم.

او ان الانشغال الكبير في السنة ليس صحيحاً او كأن السنة ستأتي بما هو خارج عن القرآن، وكل ذلك ليس صحيحاً على اطلاقه فالتفقه انما يكون من خلال الكتاب والسنة معاً، ولا بد ان يعطي كل حقه وكما وجد قوم اختصوا بحفظ القرآن وتعليمه وتلاوته وتفسيره, فكذا وجد علماء حملوا السنة وحفظوها وربما جمعوا بين الامرين.

والسنة لا تأتي بما هو مخالف لكتاب الله، انما تفصل وتبين وتؤكد وتوضح.

"وأنزلنا إليك الذِّكر لتبين للناس ما نزل إليهم، ولعلهم يتفكرون" النحل 44.

وقال تعالى: "وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون" النحل 64.

اذن، لا بد من البحث الدقيق في التعليل الحقيقي لماذا منع رسول الله من تدوين السنة؟ ولماذا سار على ذلك اصحابه؟.

ان الجواب على ذلك والذي يطمئن اليه الباحث ان النبي قصد قصداً شرعياً ان تبقى السنة دون القرآن في ثبوتها وقطعيتها، وان يبقى القرآن الكتاب الخالد الجامع المانع والمرجع الاعظم للأمة، كل الأمة تصدر عنه وترجع اليه في كل شؤونها العظمي الى يوم القيامة بما يحقق وحدتها وينير دربها ويصحح مسيرتها ويعصمها من الزلل والانحراف.

والقرآن وحده، بما بني عليه من الايجاز والاجمال والاعجاز والثبوت القطعي وبما اشتمل عليه اسلوبه من خصائص ليست لغيره ففيه الوفاء بالمعنى والقصد باللفظ وفيه البيان والاجمال.

وكون كلام الله الخالد المعجز.. المحفوظ حفظاً خاصاً وعاماً – السنة محفوظة حفظاً تبعياً عاماً وليس بالضرورة لكل نص -.

فالقرآن باعتباره كذلك هو وحده الذي يسع الزمان والمكان والمستجدات هذا من جهة.

ومن جهة اخرى، القرآن بني على الاجمال والسنة على التفصيل، فلو ثبتت السنة ثبوتاً قطعياً كما ثبت القرآن لضاق الأمر على الناس، اذ لا يكون مجال الاجتهاد واسعاً وامثلة ذلك كثيرة:.

1-        القرآن اجمل فرض الحجاب، وفصلت السنة واختلف العلماء في صحة بعض الاحاديث في الحجاب، مما يعطي رخصة واسعة للقائلين بعدم وجوب تغطية الوجه.

2-        القرآن اجمل اركان الوضوء ونواقضه مما يخفف على الناس في الاركان والنواقض الاخرى.

3-        القرآن لم يتكلم بالتفصيل عن اشراط الساعة وفصلت السنة لأن قصد القرآن التوجيه والمباشر للعمل والاستعداد وليس الانشغال بالتفاصيل.

4-        القرآن تكلم عن حد الجلد للزاني وفصلت السنة مما فتح باباً للاجتهاد يسع الزمان والمكان.. وامور لا تعد ولا تحصى.

وبذلك يصلح القرآن ان يكون الدستور الخالد الجامع، ويفسح المجال للاجتهاد والتيسير ومواكبة كل المستجدات ضمن قواعد الاجتهاد وضوابطه الشرعية الدقيقة.

اذن في عدم تدوين السنة.

فتح باب واسع جداً للاجتهاد وليعذر بعضنا بعضاً وللتيسير ولمواكبة المستجدات مع بقاء المسلمين وحدة واحدة دون تنافر او تنابز او تفرق .

يتبع..

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ