ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 05/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


صفات العربي في معجم وبستر الأمريكي

فايز قنديل*

لقد اقترف معجم ( وبستر الأمريكي ) جريمة ثقافية شائنة إذا جاز وصف الثقافة بالإجرام أو وصف الإجرام بالثقافة ، وهذه الجريمة هي تعريف معجم وبستر الأمريكي في احدث طبعاته بان العربي " وناقل الكفر ليس بكافر " بان العربي هو " المتشرد والمنحرف والمتسكع والصعلوك والمتسول والمنبوذ والغبي والهمجي الذي يبتر أعضاء البشر ويقطع الطرق "

والحق يقال أن بعض هذه الأوصاف الحقيرة وجدت منذ بضعة عشر عاما طريقها إلى بعض أفلام الكرتون المصنوعة للأطفال في التليفزيون وكان فيلما أمريكيا يقوم على حكاية علاء الدين والمصباح السحري ، وفيه ظهر أحد البدو العرب يركب جملا وهو يتغنى بأنه من اؤلئك الناس الذين يحتجزون الجواري في الحريم وأنهم يقطعون الطرق ويجدعون الأنوف نلاحظ هنا أن ذلك المسلسل نطق بكلمات في وصف العربي تشبه بعض ما ورد في معجم وبستر الأمريكي ولهذا فلا مفاجأة إذا ولا فجيعة في هذا الذي أورده معجم ( وبستر ) في تعريف العربي ، ولكن ثمة سؤالا مشروعا هو : ما الذي دها اؤلئك القوم إذ أنهم حتى وان تهجموا في عالم الغرب على العرب والمسلمين فيما مضى إلا أن بعض كتابهم ومؤرخيهم وفلاسفتهم حاولوا إنصاف العرب بمقدار ما تسمح لهم ثقافتهم وتربيتهم بذلك ، أي بمقدار ما يخترقون ركام العصور وما تفيض به من عداوة بين الإسلام والغرب وبين الشرق والغرب تلك العداوة التي حددها الشاعر الروائي الإنجليزي بل شاعر الاستعمار البريطاني وربما شاعر الاستعمار الغربي( رود يارد كسيبلينغ) حددها بقولة ( الشرق شرق / والغرب غرب ولن يلتقيا .

إنها عداوة قديمة أذن بين الشرق والغرب منذ الحروب الفارسية اليونانية في العصور القديمة وربما منذ حروب طروادة التي خلدها ( هميروس كبير شعراء اليونان القدماء وهو مؤلف (الإلياذة ) وهي الحرب التي قامت لاسترداد الأميرة اليونانية الإغريقية القديمة " هيلانة " من زوجها الآسيوي " هكتور " والذي سباها إلى مدينة طروادة على الساحل الأسيوي لتركية القديمة المعروفة بآسيا الصغرى أو الأناضول وكذلك منذ الحرب ( البوتية ) أي البونيقية بين روما وقرطاجة أي بين الفينيقيين ( وهم جيل من العرب العاربة – خرجوا أصلا من شبه جزيرة العرب فهم الآراميون في الداخل والفينقيون في الساحل . ثم جابوا بحار العالم القديم فحلو في شمال أفريقيا وبنو دولتهم هناك تلك الدولة التي أنجبت هانيبال وهملقار وكادت تحتل روما نفسها ، روما التي عادت واحتلت قرطاج في تونس ودمرتها في العصور القديمة تماما كما فعل موسوليني الإيطالي الفاشي بعد ذلك في ليبيا المعروفة تاريخيا هي وتونس بأفريقيا وكذلك إرتريا والصومال بل إثيوبيا المسيحية الشهيرة بالحبشة ، ثم تحددت هذه العداوة واستشرت بعد الفتوحات العربية الإسلامية في معركة اليرموك التي أطاحت بالاستعمار البيزنطي لبلاد الشام ومصر . ثم بعدي فتح الأندلس على يد موسى بن نصير وطارق بن زياد ثم اشتدت تلك العداوة عداوة الغرب للعرب و الإسلام في الحروب الفرنجية المسماة بالصليبية ) ثم عصور الاستعمار الأوربي الحديث الذي هزمه العرب منذ هزموا نابليون ومرغوا غطرسته في مدينة عكا بفلسطين وفي القاهرة بمصر العربية قبل أن تهزمه روسيا القيصرية ثم الدول الأوربية مجتمعة بعد ذلك لكي تتجدد هذه العداوة مع وقف بريطانيا الغازية للثورة العرابية في مصر أواخر القرن التاسع عشر ثم تجددت واستشرت بغدر الدول الغربية بالأمة العربية في الحربين العالميتين الأولى والثانية انطلاقا من اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا ومن تصريح بلفور المشؤوم الذي اقتطعت بريطانيا بموجبه فلسطين العربية للصهيونية لكي تزداد هذه الكراهية الغربية للعرب بهذا الغزو الهمجي الأمريكي للعراق والذي فتح أعمق الجراح في الوجدان العربي والوجدان الإسلامي فضلا عن أحاديث الرئيس الأمريكي جورج ووكر بوش حديثه الصريح عن حرب صليبية رغم ادعائه وادعاء الدوائر الأمريكية أن المسألة مسألة ذله لسان كما يزعمون . أما هذه أل يزعمون فلسوف نبرهن على إنها فعلا يزعمون .

وإذا فمن المشروع أن يتساءل المرء إذا عرف عن الجريمة الثقافية التي اقترفتها مؤسسة (وبستر ) الأمريكية بهذا التعريف الجائر الظالم الحاقد على العرب والمسلمين ، ما الذي دها اؤلئك القوم ؟ إذ انه رغم هذه العداوة الغربية ( العريقة التليدة ) إذا جاز التعبير وهو تعبير غير جائز طبعا فهي عداوة تاريخية قديمة ، رغم هذا فقد ظهر فلاسفة وشعراء وكتاب أوربيون وأمريكيون احبوا العرب حبا جما . وبهرتهم حضارة العرب والمسلمون الحية المتجددة في متعدد تجلياتها الروحية والمادية ونظموا فيها أشعارا بل ملاحم شعرية وتواريخ أي ( مؤلفات في التاريخ ) تفيض بحبهم للعرب وإعجابهم للحضارة الإسلامية .

وهذه نماذج مما كتبوه ونعرفه جميعا ، ولكن قبل أيراد هذه النماذج لا بد من القول انه كان يشيع في بعض الشعوب الأوربية أقوال شعبية مأثورة ، فالشعب البولوني أو البولندي مثلا لديه مثل أو قول مأثور هو " ذا أردت أن ترهب عدوك فاذهب إليه وأنت ترتدي الزي العربي " وأما رومانيا على البحر الأسود فان فيها مقاطعة تدعى ( باسا رابيا ) ومعناها من هنا مر العرب (pass) تعنى مر أو عبر وارابيا تعني العرب , وما دمنا في صدد أوروبا الشرقيه فان الروائي الروسي الإنساني العظيم ( ليو تولستوي ) الذي دافع عن شعوب القوقاز ومجد نضالهم ضد الاستعمار الروسي القيصري خصوصا وانه كان ضابطا في الجيش القيصري , وخلف للإنسانية إلى جانب ملحمته الروائية المعروفة ( بالحرب والسلام) وهي عن الحروب النابوليونية في روسيا , خلف لنا رواية تفيض بالتعاطف مع ثورات الشعوب القوقازية المسلمة , ضد القيصر الروسي وعنوانها ( الحاج مراد ) , تولستوي هذا يسجل انه عندما كان الجنود الروس في الجيش القيصري يسمعون هتاف القتال يتصاعد من جنود نابليون بونابرت وهو ( فيف لا فرانس ) أي تحي فرنسا كان الجنود الروس يظنون الجنود الفرنسيين يهتفون ( الله اكبر ) لكثرة ما سمع الجنود الروس هذا التكبير من جنود الدولة العثمانية في الحروب المستمرة بين روسيا القيصرية والدولة العثمانية

وإذا فمن نماذج إعجاب وانبهار بل وحب بعض كتاب الغرب وفلاسفته الذين تعالوا على الثقافة السائدة في أوروبا العادية للعرب والمسلمين بوجه الإجماع كما أسلفنا قبل قليل من قول المستعرب الألماني ( نولد كه) وهو أول الباحثين الأوربيين المحدثين نسبيا قولة في الشعر الجاهلي فقد كتب عام 1861 ما يلي : وأنا هنا انقل حرفيا عن الأستاذ العربي المصري الدكتور عبد الرحمن بدوي وهو فيلسوف العرب في القرن العشرين والذي عرب في سلسلة كتبه الشهيرة في حقبة الخمسينات أي ( الروائع المائة ) وقد عرب مائة من روائع الغرب مثل ( تشايلد ها رولد) للشاعر الإنجليزي لورد يايرون وديوان كبير شعراء ألمانيا عبر العصور وهو ( غوتة ) الذي استلهم فيه شعر التصوف العربي والإسلامي وخصوصا شعر حافظ الشيرازي وعنوانه ( الديوان الشرقي للشاعر العربي ) إذا عن المستشرق أو المستغرب الألماني ( نولد كه ) أو نيلد كه ) نقل عبد الرحمن بدوي قولة :

" ومهما يكن من شدة التغييرات والتحريفات التي أصابت نصوص القصائد القديمة ( أي الجاهلية ) ومهما تعرضت له روايتها من اضطراب فانه من هذه الشذرات تفوح روح منعشة تدل على أن قوة الشعر العربي البدوي وجماله لم يضيعا و كما أن أناشيد هوميروس وهو شاعر ملحمة الإلياذة اليونانية وبالرغم من كل ما أصابها من تغييرات وبرغم من كل غموض في معانيها , لا يزال يرف منها ربيع الإنسانية الوضاء وكما أن قصائد بيو دلف وهو شاعر بريطاني قديم ينتمي إلى ( البريتونز ) أصحاب بريطانيا الأصليين قبل الغزو الإنكليزي لهم بقيادة وليم الظافر وهو أي ( بيو دلف ) صاحب مؤلف أو تنسب إليه ( ملاحم أوسيان ) .

وكما أن قصائد ( التبلنغن ) وهي الأساطير الألمانية الجرمانية القديمة والتي قامت عليها إحدى أشهر اوربرات المؤلف الموسيقي الألماني ( ريشارد فاغنر ) تمكننا من النفوذ ببصرنا العميق إلى روح الو ثنية الألمانية القديمة فإنها تتلقى من القصائد العربية القديمة صورة حيه للعرب القدماء بفضائلهم وعيوبهم , بعظمتهم ومحدود يتهم ,إنها ليست شعرا يسعى لتقديم صوره ( فوق الحسية ) أو يودي إليها أساطير متفوقة أو دائرة من الأفكار المعبر عنها بالشعر وإنما هي شعر جعل مهمته الرئيسية وصف الحياة والطبيعة كما هي في الواقع مع قليل من التخيلات . بيد أنة في نطاق حدوده عظيم وجميل وتسري فيه روح الرجولة والقوة ( روح تهزنا هزا , إذا ما قارناه بروح العبودية والاستجداء التي تجدها في آداب كثير من الشعوب الأسيوية الأخرى) هذا بعض ما قاله شيخ المستعربين الألمان ( نولد كه) والذي استشهد ببيت شعر للشاعر الإسلامي ( السعد بن ناشب ) والذي هدم بلال بن أبى بردة ( أو الحجاج بن يوسف ) داره بالبصرة واحرقها فقال أي السعد بن ناشب وقصيدته هي إحدى قصائد ديوان الحماسة الذي جمعه أبو تمام قال :

سأغسل عني العار بالسيف جالبا علي قضاء الله ما كان جالبا

ويعقب شيخ المستعربين الألمان ( نولد كه ) على هذا البيت بقولة ( بهذا يمضي العربي الحر إلى ساحة القتال ولقاء الموت هذه الروح الرجولية التي تتجلى في قصائد الإعراب القدماء ساكني الصحراء ) ويمكن أن تكون قدوه نقتدي بها نحن ( أي الشعب الألماني ) .

( والآن يبرز أمام الشعب الألماني السؤال عما إذا كان هذا الشعب قد عقد العزم على أن يغسل بدمه العار القديم ؟

هل نريد تقديرا للعرب والإسلام ابعد من هذا من مستعرب ألماني غير مسلم بطبيعة الحال ويدعو بني قومه الألمان في عام 1861الا امتشاق الحسام لتوحيد وطنهم الممزق , هذه الوحدة التي تحققت بعد ذلك بتسعة أعوام على يد الإمبراطور ( فيلهلم ) ووزيره الشهير (اتو فون بسمارك ) هكذا كان الغرب ومفكروه ينظرون إلى العرب قبل مائة وخمسة وأربعون عاما لكي يأتي احدث طبعة من قاموس ( ووبستر ) الأمريكي فتنال منهم شر نيل بهجاء العربي وذمه وبالتالي هجاء الإسلام فالعرب هم مادة الإسلام واصلة , وإذا ذل العرب ( لا سمح الله ) ذل الإسلام ( لا سمح الله ) .

والآن إلى انموذج ثان . من محبة أولي الفضل والعدل والعقل من مفكري الغرب ( من مفكري أوروبا ومؤرخيها) أي إلى مقاطع من كتاب المؤرخ البريطاني ( ستانلي لين بول ) وعنوانه ( قصة العرب في اسبانيا ) وقد عربة عام 1947 الأديب المصري وعالم اللغة الشهير ( الأستاذ علي الجارم تحت عنوان ( العرب في اسبانيا ) ولكن وقبل إيراد هذه المقاطع نقرا سطورا فصيحة , بليغة , بهية و جميله كتبها علي الجارم في تقديمة لهذا الكتاب يقول علي الجارم " إن ستا نلي لين بول يحب العرب ويتغنى بمجدهم ويؤلف لأبناء أمته ( أي الانكليز ) في تاريخ العرب كتابا أو قل قصيدة طويلة الذيول , كلها ثناء وإطراء وحب وإعجاب و عطف و حنان ولوعه وبكاء . فهل كان يصح في حكم البر بالعربية أن يبقى أبنائها محجوبين عن هذا الكتاب دهرا طويلا , لقد ترجمت هذا الكتاب فارتاحت نفسي لأني في حين واحد أذعت فضل العرب على لسان رجل ليس منهم ثم أذعت فضل هذا الرجل لأنه جدير بإعجاب العرب وقد يداخلك بعض الريب في أن المؤلف متعصب للعرب , لأنك تراه يقتنص الفرص للإشادة بدينهم وسياستهم للأمم ثم بآدابهم ومدنيتهم التي يعدها شعلة النور في أرجاء أوروبا بعد أن خمدت مدنية الرومان وزالت حضارة اليونان ثم أنه رسم عبد الرحمن الداخل وعبد الرحمن الناصر والمنصور بن أبي عامر صورا من القوه والحزم والعدل والدهاء لم يستطع مؤرخ عربي أ ن يجمع ألوانها وإذا غمز ( لين بول ) من بعض الأمراء بنقد كان خفيف في المس رقيقا حتى أنه لم يبخل بفضلة من عطفه على ملوك الطوائف الذين بددوا شمل الدولة فأحسن رثاء دولتهم وبكى فيهم الهمة والسخاء وإنها ض العلوم وإعلاء شان الأدب والشعر وأما حديثة عن مملكة غرناطة فلم يكن إلا أنات وزفرات ودموعا فقد وقف على إطلال الأندلس,كما يقف العاشق المحزون , فبكى مدينة زالت , وفنونا بادت , وعزا طاح مع الرياح , وملكا كان لم يمض علية ليلة وصباح ومجالس أنس كانت نغما في مسامع الدهور ودروس علم هرعت إليها الدنيا . نعم أن ستانلي لين بول كان يحب العرب حقا ولكن هذا الحب لم يجاوز به الحق ولم يخدعه عن نفسه ولم يسلبه صنعة المؤرخ المحقق وكل ما في الأمر انه كان صريحا في نشر الحقائق فصدح بها حين أنكرها أو شوه من جمالها كثير ممن يكتمون الحق وهم يعلمون .

إن لين بول لم يكن متعصبا للعرب ولكن كان لهم منصفا وعلى تاريخهم أمينا ولهم أخا وصديقا حين قل الأخ وعز الصديق على أن في الكتاب عتابا في مواطن العتاب ولوما في مواضع اللوم وتعنيف المحب المخلص حين يحسن التعنيف .

هذا بعض ما قدم به الأستاذ علي الجارم لكتاب العرب في أسبانيا لمؤلفة الإنكليزي ستانلي لين بول , وسنتلو عليكم بعد ذلك بعض ما كتبه لين نفسه عن مملكة قرطبة , حاضرة الخلافة الأموية في الأندلس فيقول " ورونق قصور قرطبة وبساتينها ومع استهوائه القلوب , يغرينا بجمال آخر لا يقل عن رونقها الظاهر فلقد كانت عقول أهل قرطبة كقصورها في الحسن والروعة فان علمائها وأساتذتها جعلوا منها مركزا للثقافة فكان الطلبة يفدون أليها من جميع أنحاء أوروبا ليتلقوا العلم عن جهابذتها الإعلام حتى إن الراهب ( هرو سويدا ) وهي بعيدة في ديرها السكسوني ( يغود رشيم ) حينما أخبرت بشنق الراهبة ( بولوجيوس ) وهي من حركة الاستخفاف الشهيرة لم تستطع إلا أن تثني على قرطبة وتسميها " المع مفخره للدنيا وكان يدرس بقرطبة كل فروع العلوم البحتة وكان ( أبو الطيب خلف ) جراحا ذائع الصيت في القرن الحادي عشر وبعض عملياته الجراحية يطابق اليوم العمليات الحديثة وجاء ابن زهر بعده بقليل فكشف عن أساليب كثيرة في العلاج والجراحة وقد بلغت الأندلس الغاية في الفنون , فبناء مدينة كالزهراء أو مسجد كالمسجد الجامع ما كان ليتم على هذا الوضع الرائع إلا إذا بلغ العمال قمة المهارة في صناعتهم .

هذا بعض ما كتبه المؤرخ الإنكليزي ( ستانلي لين بول ) عن حضارة العرب التي أضاءت أوروبا انطلاقا من الأندلس فما الذي دها الدوائر الغربية لكي يقترف قاموس " وبستر الأمريكي جريمة حتى يصف العربي بما ليس فيه ان عداوة العنصريين في القارة الأمريكية للعرب وتعصبهم على الإسلام وإمعانهم بالتنكيل بعرب فلسطين والعراق يفسر هذه الجريمة الثقافية بل الجريمة التي اقترفها معجم وبستر بحق الثقافة

ولكن ثمة أمر عجيبا ذلك ان الصهاينة الموصوفين بالمحافظين الجدد بالولايات المتحدة الأمريكية من أمثال جاك فيث وزاخيم ،و ولف ويتز وغيرهم وهم من اليهود الأمريكيين قد كان أسلافهم حتى في القرن التاسع عشر يتمسحون بالعرب والحضارة العربية ومنهم رئيس وزراء بريطانيا في أواخر القرن التاسع عشر وهو اليهودي الصهيوني حتى قبل إعلان الحركة الصهيونية بعشرين عاما ونعني بنيامين دزرائيلي . دزرائيلي هذا الذي اشترى أسهم الخديوي في شركة قناة السويس لحساب بريطانيا بتمويل من مصرف روتشلد اليهودي الصهيوني العالمي وبذلك قدم دزرائيلي أول رشوة صهيونية للإمبراطورية البريطانية لكي تصدر تصريح بلفور المشؤوم بعد ذلك بنحو أربعين عاما .

ولنذكر هنا أن دزرائيلي ألف أول رواية أو قصة يمكن أن تعتبرها تمهيدا للحركة الصهيونية وعنوانها ( ايل روي ) وايل روي هذا كان احد الشخصيات اليهودية في الدولة العثمانية ( وهناك في فلسطين مستعمرة تدعى ايل روي على الخط الحديدي الحجازي بين بيسان وحيفا

وعلى كل حال دزرائيلي هذا زار إسبانيا سائحا وعندما زار قصر الحمراء وهنا ننقل عن الكاتب الفرنسي اليهودي الديانة ( اندريه موروا ) فقد جلس دزرائيلي على عرش الحمراء واتخذ هيئة جعلت الحارسة الاسبانية العجوز تسأله ( هل هو من نسل عرب أسبانيا ) فأجاب قائلا " هذا قصري وكأنه يعتقد حسب كلام موروا أن اليهود لم يسلبوا فلسطين وحسب بل أرادوا سلب تاريخ الأندلس الذين ازدهرا اليهود في ظلهم بل وخرجوا مع الأندلسيين إلى الأقطار المغاربية عام 1492 أي عام سقوط الأندلس هذه الأقطار المغاربية التي أطعمتهم من جوع وامنتهم من خوف على أية حال فلنمعن في سرد نماذج أخرى من تقديرات ذوى الفضل والعقل والعدل من مؤرخي أوربا وكتابها فيما كتبوه عن العروبة والإسلام .

ففي أواخر القرن الميلادي الثاني عشر اندلعت في القارة الأمريكية حرب الاستقلال أي حرب استقلال الولايات المتحدة الأمريكية عن أمها بريطانيا . وعندما أصدرت الولايات المتحدة دستورها الذي وضعه آباء الاستقلال الأمريكي وخصوصا توماس جيفرسون تصدرته العبارة التي دخلت بعد ذلك في معظم وسائر العالم وفي لائحة حقوق الإنسان التي أصدرتها الثورة الفرنسية عام 1789 ، ثم في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق العالمي لحقوق الإنسان اللذين صدرا عن منظمة الأمم المتحدة وهذه العبارة الخالدة هي صيحة عمر بن الخطاب في وجه ابن الأكرمين " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا "

ولم تكن هذه الصيحة الخالدة على عظمتها مجرد عبارة في ديباجة الدستور الأمريكي ، بل لقد قال ( توماس جيفرسون ) نفسه حرفيا " نحن الأمريكيون مدينون بالكثير للفقه الإسلامي وخصوصا في ممارسة الانتخاب ( بالبيعة الجماعية ) التي صارت المجمع الانتخابي لكل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ثم بالبيعة الفردية ( أي تصويت المواطن الأمريكي للمرشح الذي يختاره رئيسا للجمهورية . ويلاحظ أي عربي متابع لما ينشر عن الحضارة العربية في الأوساط الأوروبية والأمريكية يلاحظ أنهم كانوا يتحدثون عن الحضارة اليونانية و الرومانية والحضارة الإسلامية باعتبارها المقومات الرئيسية للحضارة الغربية أي الأوربية الحديثة ولعل ابرز وأجمل كتاب صدر في السبعينات عن هذه القصة الحضارية كان كتاب المستشرقة الألمانية السيدة (سيغريد هاونكه ) شمس العرب تسطع على الغرب السيدة( سيغريد هاونكه) درست العلوم الطبيعية والرياضيات والكيميائية وتخرجت بها ثم درست التاريخ العربي لكي تؤلف كتابها العظيم ذاك فكان في ذروة الموضوعية الشعرية ( إذا جاز التعبير أي انه علم وتاريخ موضوعي ولكن في لغة وأسلوب جميل شاعري جذاب يستهوي القارىء ، ولقد طبع ونشر في معظم اللغات الحية فضلا عن أن ذلك الكتاب أشبه بملحمة شعرية رائعة في تمجيد الحضارة العربية الإسلامية ولكنه يلاحظ منذ بداية التسعينات أي منذ حرب الخليج الثانية اخذوا يتجاهلون الحضارة العربية كل التجاهل وليس بعض التجاهل فهم مع الآسف الشديد يتحدثون عند ما يتحدثون عن الحضارة الغربية ( أي الأوربية فأنهم يتحدثون فقط عن الحضارة اليونانية والرومانية وعن المسيحية واليهودية باعتبارها مقومات الحضارة الأوربية المعاصرة ولا شيء عن العرب والحضارة الإسلامية ولست ادعي أن الأوربيين كانوا جميعا منصفين للعرب أو محبين لهم ، فلقد تعصب الكثيرون منهم على العرب كالمستشرق ( مارغوليوت ) مثلا .

ولكن المؤرخ البريطاني العالمي الكبير ( ارنولد تونيبي ) كان له موقف أخر في كتابه العالم والغرب ) وفي موسوعته حول تاريخ الحضارة كما انه ندد بالنظرة الاحادية الجانب والتي ينظر بها الغرب إلى حضارته باعتبارها الحضارة السائدة أو التي يجب أن تسود وكأن ارنولد توبيني كان يتنبأ بمخاطر العولمة التي كشرت عن أنيابها في أواخر القرن العشرين وقد كانت تطل على استحياء في أواسطه وخصوصا في كتاب المفكر الفرنسي ( شرايبر) رئيس تحرير صحيفة الاكس برس ) الفرنسية وعنوانه ( القرن الأمريكي) إذا لم تخني الذاكرة .

ولكن عندما بنى الأمريكيون عمارة عالية في باريس أشبه بناطحات السحاب شوهت المشهد العام للعاصمة الفرنسية هبت الصحف الفرنسية تقول أن تلك العمارة كانت واحدا وعشرين طابقا ولكن من السطحية والتفاهة وقد تحسن الإشارة إلى إن الغرب لا يحترمنا نحن العرب إلا إذا كنا أقوياء فبعد حرب تشرين التحريرية التي كانت عنوانا على قوة العرب وكيف يمكن أن تكون في المستقبل ، ظهرت مؤسسة سياسية تدعي الحوار العربي الأوربي لكنها مع الأسف أسفرت عن حصيلة ضعيفة للغاية لا تزيد عن بعض اللقاءات في العواصم العربية والأوربية وعن معهد يدعى معهد العالم العربي ( في باريس ) وحتى هذا المعهد تعاقب على إدارته بعض المتصهينيين ، وبدلا من أن ينطلق فيه إشعاع الحضارة العربية باعتبارها احد أقوى الأسس للحضارة الغربية الحديثة فقد اقتصرت مناشطه على بعض المعارض الفنية وبعض الحفلات التي تقدم الموسيقا العربية والموشحات ومعظم مشاهديها من العرب المقيمين في فرنسا

كذلك يحسن أن نشير إلى أحداث لندن مؤخرا ( التفجيرات ) وهي الأحداث التي لا يقبل بها احد إلا أننا يجب أن نتذكر بالمقابل ان الغوغاء البريطانية هاجمت التجمعات الإسلامية في لندن قبل عدة سنوات وان الغوغاء الفرنسية هاجمت التجمعات العربية وخصوصا الجزائرية في المدن الفرنسية بل لقد بلغ الأمر ببعض المجرمين الفرنسيين أن القوا بعض الجزائريين من احد الجسور على نهر السين وحتى في دول المنظومة الاشتراكية ( أوائل الستينات اندلعت موجه من العنصرية ضد الطلبة الآسيويين والإفريقيين وكان الهتاف العنصري الرهيب ضدهم " أيها القردة " عودوا إلى الأشجار .

لقد استنفذ الغرب قوة المهاجرين العرب والمسلمين والآسيويين والأفارقة كايد عاملة رخيصة فضاق بهم الآن ذرعا .

وطبعا لابد لهذا كله أن يوتر الأجواء فإذا اضيف الظلم الغربي للشعب الأفغاني والشعب الفلسطيني والشعب العراقي فانه سوف يؤدي إلى ما حدث فعلا وهذا ما أدركه المتحررون من الساسة الغربيين منذ زمن وعلى رأسهم جورج غالوي الذي تحدى أعضاء الكونغرس الأمريكي في حوار داخل الكونغرس

ان هذا الظلم الذي انزله الغرب بالعرب المسلمين وعواقبه قد أدركها توني بلير رئيس الحكومة البريطانية نفسه ولكنه إدراك ناقص حتى الآن فقد تحدث عن الجوع والفقر سببا لما اسماه " الإرهاب " ولكنه لم يتحدث عن الغزو الاستعماري لفلسطين و العراق وأفغانستان كسبب للمقاومة

على أن أعجب العجب في هذه العلاقة الودية العدوانية إذا جاز التعبير بين العرب والغرب أن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أجاز نشر كتاب أحد أجداد الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش حول الرسول العربي الكريم ( محمد عليه الصلاة والسلام ) وهذا الكتاب كما قال احد كتاب صحيفة( الوفد ) المصرية يعتبر من أفحش وأشنع ما كتب عن الإسلام والمسلمين عن( النبي محمد صلى الله عليه وسلم ) ويزعم كاذبا باغيا أن العرب والمسلمين ( أعراق منحطة ) وحشرات وجرذان . وهذا الافتراء الذي كتبه أحد أجداد الرئيس جورج بوش عام 1830 يشبه افتراء كبير الحاخامات الشرقيين في " إسرائيل " غوفاديا يوسف بان العرب يتكاثرون كالحشرات والأفاعي .... الخ وبالمقابل قد كتب المؤرخ الأمريكي ( ول ديورانت ) في قصة الحضارة صفحات طويلة تدخل في مجال العرفان الغربي للحضارة الإسلامية بعد نكران غيره ونكران ( معجم وبستر ) الذي وصف العربي ( بالمتشرد والمنحرف والمتسكع والصعلوك والمتسول والمنبوذ والغبي والهمجي الذي يبتر أعضاء البشر ويقطع الطرق يقول ( ويل ديورانت ) وإذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من اثر في الناس قلنا أن محمدا كان من أعظم عظماء التاريخ ونجح في تحقيق أغراضه نجاحا لم يدانه فيه أي مصلح أخر في التاريخ أن عصور التاريخ الذهبية دون غيرها هي التي أنجبت فيها ذلك المجتمع في مثل هذا الزمن القصير .

ذلك العدد الجم من الرجال الذين زاع صيتهم في الحكم والتعليم والآداب واللغة والجغرافية والتاريخ والرياضيات والفلك والكيمياء والفلسفة والطب كما أنجب الإسلام في الأربعة قرون الفاصلة بين هارون الرشيد وابن رشد وأما كلمات المفكر الانكليزي ( توماس كارلايل ) في كتابه ( الأبطال ) فهي أشهر من التذكير بها فقد كتب عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام وكان يرد على كتاب جد الرئيس بوش فلقد صدر كتاب كارلايل في الحقبة نفسها . كتب يقول :

" انه من اكبر العار على أي فرد متمدين من أبناء هذا العصر إن يصغي إلى ما يظن من إن دين الإسلام كذب وان لنا أي لكتاب أوروبا إن تحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة فان الرسالة التي أداها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرنا ، وهذه الأقوال كتبت أوائل القرن التاسع عشر لنحو مائتي مليون من الناس وصاروا الآن مليارا وأكثر وبعد مولد الرسول عليه السلام بقرن من الزمن أصبح لدولة العرب ( رجل في الهند ورجل في الأندلس ) أشرقت دولة الإسلام حقبا عديدة ودهورا مديدة بنور الفضل والنبل والمروءة والبأس والنجدة ورونق الحق والهدى على نصف المعمورة ) هذا ما قاله مفكر أوربي مسيحي ( في الإسلام ) وهو آية في العرفان . فما الذي دها قاموس وبستر الأمريكي ليجأ بهنا بالنكران عندما عرف العربي بتلك الكلمات الوضيعة التي سردناها قبل قليل" .

إن في صدور بعض مفكري الغرب داء دويا ضد العروبة والإسلام ولا شفاء لهم منه إلا إذا عرف العرب قوتهم الحضارية والاقتصادية والبشرية والاستراتيجية فجلوا عنها الصدأ وعظموها وطوروها وهذا على ما يبدو شأن الأمة العربية والشعوب الإسلامية وليس شأن معظم الحكومات العربية والإسلامية مع الأسف .

ـــــــــــ

* عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين

 41kandil@gmail.com

kandil41@yahoo.com

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ