ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 04/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

- 49 -

د. محمد سعيد حوى

ما زلنا في قاعدة جمع احاديث الباب وطرق الحديث والفاظه ليتبين الخطأ من الصواب.

حديث العرباض بن سارية:.

"وعظنا رسول الله موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون...". وقد صحح الحديث الترمذي فقال: حسن صحيح وحسنه البغوي وغيره. ومع هذا فان في الحديث اشكالات يثيرها بعض أهل العلم واهمها:.

اولاً: في الحديث قوله "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عُضّوا عليها بالنواجذ".

والاشكال هنا متعدد الوجوه:.

1-        من هم الخلفاء الراشدون المهديون حتى تتبع سنتهم؟ ومن الذي يحددهم؟ وهل المقصود الخلفاء الأربعة وحسب؟ وهل المقصود فقط الذين تولوا الحكم من بعده؟ أم يدخل في ذلك راشدون مهديون عبر التاريخ أمثال عمر بن عبدالعزيز وصلاح الدين الأيوبي ومحمد الفاتح ونور الدين زنكي؟.

2-        ما المقصود بإتباع سنتهم فهل هم يسنون شيئاً غير ما أتى به النبي.؟.

أليس قد أكمل الدين..؟.

وهل يجوز لأحد ان يسن بعد رسول الله شيئاً؟

3-        هل هناك مصدر للتشريع سوى الكتاب والسنة؟.

4-        وهل تكون سنة الراشدين ملزمة؟ وهل هم من المعصومين؟.

5-        وإذا كان الراشدون يطبقون هديه صلى الله عليه وسلم ويقتدون بسنته فما الداعي للنص على إتباع سنة الراشدين.

6-        لماذا رفض علي رضي الله عنه يوم البيعة ان يبايع على سنة الخليفتين وقال أبايع على سنة الله ورسوله. (خ 6781).

فهو رفض ان يسير على منهج الشيخين في الأمور الاجتهادية، فكيف يلزم بها.

7-        ثم ان الخلفاء الراشدين اجتهدوا في أمور وخالف بعضهم بعضاً فيها فسنة أبي بكر التسوية في العطاء وسنة عمر التمييز بحسب السابقة وغيرها من الأمور فسنة من نتبع عند الاختلاف؟.

8-        ان المشهور في غير حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يوصي عند الاختلاف بكتاب الله والاستمساك به، وهذا موقف عمر عند وفاة رسول الله.

بل ان الحديث يغفل الوصية بكتاب الله والاستمساك به, والنصوص الكثيرة المعروفة عن النبي تؤكد على الاستمساك بكتاب الله, قال تعالى: "ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين".

ولا شك ان القرآن أمر بطاعة رسول الله, وهذا ليس محل نقاش إنما ان يقتصر على سنة رسول الله عند الاختلاف وان يقرن معها بشيء آخر فهذا محل النقاش.

ثانياً: الحديث فيه توجه الى مطلق السمع والطاعة وان عبداً حبشياً. ونحن نعلم ان العبد – أي الرقيق – لا يكون خليفة, حتى اضطر كثيرون الى تأويل هذه الفقرة, إضافة الى ما في النص من ترسيخ روح تخالف الروح الإسلامية التي تأمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة الحق, والدفاع عن المظلومين ورد المظالم. اضافة الى كثرة النصوص التي تؤكد على المساواة بين البشر جميعاً ولا فضل لأعجمي على عربي ولا العكس الا بالتقوى، والإسلام جاء ليزيل جميع الفوارق وهذا النص يثير الآخرين إذ يُشعر بانتقاصهم عند البعض. (مع العلم ان هناك نصوصاً أخرى ذكرت الطاعة وان كان عبداً برأسه زبيبه (خ 661 و6723) فلا بد ان تفهم على وجه صحيح).

ثالثاً: ان ورد في بعض طرق الحديث قوله اياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة..

والإشكال:.

1-        من المحدثات ما ليس ببدعة ولا ضلالة، وقد فعل ذلك الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون. فنسخوا المصاحف وجمع عمر الناس على عشرين ركعة في التراويح وسماها بدعة قائلاً "نعمت البدعة" وهو من الخلفاء الراشدين المأمورين باتباعهم في نص الحديث، فكيف يُحدث؟ وكيف يكون كل ما أُحدث بدعة؟ وكيف نؤمر بإتباعه؟.

وأوجد عثمان الآذان الأول يوم الجمعة؟ وأفتى معاوية بإقرار جمهور الصحابة بأن يكون نصف صاع من قمح الشام يساوي صاعاً من تمر المدينة في صدقة الفطر وما اعترض الا أبو سعيد الخدري.. وغيرها.

2-        العلماء غير متفقين على تعريف البدعة فمنهم من يذهب الى ان كل ما لم يفعله رسول الله بدعة! ولكن الجمهور على خلاف ذلك فلو كان الحديث صحيحاً لما كان لهم ان يختلفوا أو لحُسم الأمر.

والخلاصة:.

-  الحديث يجعل في ظاهره من مصادر التشريع اجتهادات الخلفاء الراشدين فهل يسلم بهذا.

-  وكل أمر محدث بدعة وهو ضلالة وقد أحدث الصحابة أنفسهم أمورا فما العمل؟.

-  انه مخالف لمنهج الحكم في الاسلام.

أمام هذه الإشكالات الخطيرة ومع شدة اشتهار الحديث بين الناس كان لا بد من وقفة متأنية مع الحديث سنداً ومتناً.

فإذا صح الحديث سنداً صحة لا منازع فيها نكون بين أمرين:.

ان نلجأ الى نقد المتن وحسب إذ من الممكن ان يخطئ الرواة ليكون هذا النقد وفق النصوص الشرعية الثابتة كتاباً وسنة. أو نلجأ الى تأويل الحديث بما يوافق النصوص الشرعية. أما اذا لم يصح الحديث سنداً فسيكون الأمر مختلفاً.

 

نقد الحديث سنداً:.

بعد تتبعي لطرق الحديث وجدته يدور على خمسة رواة كلهم عن العرباض بن سارية.

وفيما يلي بيان لهؤلاء الرواة, ونقد لاحوالهم، والحديث شامي أي لم يروه الا أهل الشام عن العرباض بن سارية وكان العرباض نزل في حمص من الشام.

1-        عبدالرحمن بن عمرو السلمي الشامي عن العرباض, مجهول، ذكره ابن حبان في الثقات (5/111) ولم يوثقه احد (تهذيب الكمال (17/304-307).

ولا يعرف له الا هذا الحديث عند أبي داود والترمذي وابن ماجه ولم يرو له باقي أصحاب الكتب.

2-        حجر بن حجر الكلاعي الحمصي لم يرو عنه الا خالد بن معدان مجهول أيضا (ذكره ابن حبان في الثقات, وينظر ميزان الاعتدال 1/366 وتهذيب الكمال 5/472.

وتفرد برواية هذا الحديث مقروناً بعبدالرحمن السلمي: الوليد بن مسلم، وفيه كلام كثير (ميزان 4/374-348).

3-        يحيى بن أبي المطاع.

وثق لكن استبعد معظم النقاد سماعه من العرباض بن سارية بالرغم من انه صرح في بعض الروايات بالسماع منه.

وقال الذهبي: فلعله أرسله فهذا في الشاميين كثير الوقوع يروون عمن لم يلحقوهم (ينظر تهذيب الكمال 31/540 وميزان الاعتدال 5/528).

وضعّف إسناد حديثه محقق سنن ابن ماجه: د. بشار معروف، ورجح انقطاع السند (رقم 42).

وهو قليل الحديث جداً ليس له في الكتب الستة الا هذا الحديث.

4-        مهاصر بن حبيب.

ذكره ابن حبان في الثقات (5/454) وقال أبو حاتم لا بأس به (الجرح والتعديل (8/439-440), ولم يوثقه صراحة احد من المتقدمين وأبو حاتم يستخدم هذه العبارة أحيانا فيمن يعتبر به أي فيه ضعف.

ثم تفرد برواية هذه الطريق إسماعيل بن عياش الحمصي, عن ارطاة بن المنذر عنه, وقال بعض أهل العلم (ان إسماعيل اذا روى عن الشاميين فثقة، لكننا نجد النسائي يقول: ضعيف وقال ابن حبان: كثير الخطأ في حديثه وضرب عبدالرحمن بن مهدي على حديثه (ميزان 1/240-244).

فإذا تفرد إسماعيل بذكر هذه الطريق مخالفاً الطرق المعروفة عن العرباض فهل يسلم له، مع ما في مهاصر بن حبيب من ضعف أو جهالة.

5-        عبدالله بن أبي بلال:.

ما روى عنه سوى خالد بن هدان مجهول (ميزان 2/399).

ولا أرى فائدة هنا من استكمال نقد الأسانيد لانها تدور في النهاية على هؤلاء الرواة الخمسة وانه من العجب، ان ترى حديثاً له خمسة طرق عن صحابي ثم لا تجد بينهم ثقة بل لا تجد الا المجاهيل.

فعبدالرحمن بن عمرو وحجر وعبدالله بن ابي بلال مجاهيل وابن ابي المطاع لم يسمع من العرباض على الراجح.

والمهاصر بن حبيب فيه جهالة مع تفرد إسماعيل المتكلم فيه في رواية حديثه.

 

(التقوية بالمتابعات والشواهد):.

درج بعض أهل العلم على تقوية هكذا حديث بأن الرواة تابع بعضهم بعضاً على الحديث (مع ان الحديث فيه اختلاف واضطراب في المتن سنراه).

انه من الممكن ان نقبل حديثاً هكذا شأن سنده في الفضائل والرقائق والمواعظ لكن ان يكون الحديث يقعد قواعد ويؤصل أصولا.

ثم هذه القواعد تثير الكثير من الإشكال والشبه ويكون رواته بين المجهول والضعيف أو يكون معلولاً بالانقطاع وعلى تعدد الطرق لا تجد طريقاً يسلم فهذا مما يستدعي تأنياً وتوقفاً هذا من جهة السنة. فماذا عن المتن.

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ