ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 03/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الصراع في "قيرغيزستان" والموقف الروسي

د.خالد ممدوح العزي*

الحالة القيرقيزية :

تحتل "قيرغيزستان اليوم"الصدارة لكل عناوين الصحف ونشرات الإخبار على الفضائيات العربية والأجنبية بعد الانقلاب الدموي الذي شاهدته البلاد في 7 نيسان ابريل من هذا العام بعد أن أدت الصدامات إلى دخول البلاد في دوامة الحرب العرقية . يجتهد المحللون السياسيون والمنظرون والخبراء الإستراتيجيون بالتكهن لما سيحصل لاحقا في الجمهورية الإسلامية،وما ستؤول إليه الأمور في الجمهورية، من خلال سيناريوهات عديدة ومتنوعة لمستقبل الجمهورية ومصير مناطق جنوب أسيا السوفياتية السابقة، ولكن قبل الدخول في أي شرح أو تحليل من قبلنا لبد من الوقف أمام حقيقة أساسية ،بان جمهورية "قيرغيزستان" هي مناطق نفوذ روسيا الطبيعية "جيو- سياسي"فالانقلاب الذي نفذه"القيرغيزيون" كان بموافقة ومباركة روسيا .

لان صراع النفوذ انتقل إلى مناطق نفوذ روسيا ومناطق نفوذها التاريخية منذ أيام القياصرة عندما لم تكن هذه الدول،دول مستقلة ومعروفة على الخريطة السياسية الدولية،لكن مع تطور الوضع الجيو- سياسي، والجيو-استراتيجي ،بدأت المصالح تختلف لهذه الدول تختلف من حيث السيطرة على هذه المناطق الفقيرة،روسيا التي أحكمت السيطرة على هذه الدول الإسلامية الجنوبية طوال الفترة السابقة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، لكن بعد انقلاب ،الأول الذي سميت،"ثورة التوليب آو السوسن " الذي تم دعمها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أثناء ثورة الورد الملونة في مناطق نفوذ روسيا الاتحادية .

الاستفتاء على الدستور الجديد :

 أعلنت روزا أوتونبايفا رئيسة "قيرغيزستان" المؤقتة،عن إقرار الدستور الجديد للبلاد، بعد الاستفتاء الذي أجري يوم الأحد في 27 "حزيران يوليو " من هذا العام ، فكان الإقبال الشديد من قبل السكان الذي يحق له الاقتراع وكذلك القومية الاوزبكية التي تعيش في جنوب البلاد الذي ذهبت الرئيسة إلى مدن الاشتباك الأخير ذات والصراع العرقي، فالإقبال كان مدهشا بسبب كثافة الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم لصالح تعديل الدستور فان أهم بند في الاستفتاء الذي حصل ، هو تحديد صلاحية الرئيس ،ونقل السلطة من يد الرجل الواحد في البلاد إلى البرلمان ،وهنا نرى طلب 90%من الذين اقترعوا لصالح الاستفتاء،طالبوا بالتغير الديمقراطي في السلطة من خلال التأكيد على أن تصبح السلطة في يد البرلمان وتتحول "،قيرقيزستان"، إلى دولة برلمانية، فالاستفتاء الذي تم التصويت له من اثنين ملون ونصف ناخب من الذين يحق لهم الاقتراع في الجمهورية بالرغم من الأوضاع الغير مستقرة في البلاد على التالي :

1- يدعو الاستفتاء الناخبين إلى تأييد تعديلات في الدستور من شأنها نقل سلطات من رئيس البلاد إلى رئيس الوزراء، وتمهيد الطريق أمام إجراء انتخابات برلمانية في أكتوبر، والاعتراف الدبلوماسي بالحكومة المؤقتة.

2- وستُجرى الانتخابات البرلمانية كل خمسة أعوام،

3- لن يحكم الرئيس إلا لولاية واحدة مدتها ستة أعوام،

4- تبقى الرئيسة المؤقتة حتى نهاية عام 2011،لحين تنظيم انتخابات برلمانية .

وبهذا الاستفتاء التي رفضت الرئيسة المؤقتة تأجيله تكون قطعت الطريق والفرص أما الذين يسعرون نار التمزق والانقسام والحرب في الجمهورية ،وبعد هذا النجاح الذي تم تحقيقه من خلال الاستفتاء والاستجابة الشعبية له،المواقف الدولية" الإدارة الأمريكية ،والاتحاد الأوربي ،وروسيا الاتحادية"،التي أتت من مختلف الاتجاهات كانت مؤيدة للاستفتاء الذي تم في الجمهورية،لقد نجحت الدبلوماسية الروسية في الخروج، من الأزمة التي التفت حولها نتيجة الحرب العرقية التي حاولت تمزيق الجمهورية، ذات النفوذ الروسي،وروسيا غير قادرة على حل الأزمة العالقة التي دفع بها الرئيس المخلوع المحرض على تهيج الشارع وتحويل الأزمة إلى حرب عرقية يستطيع أن يدخل عليها كبطل قومي حام المصالح القومية والعرقية في البلاد مفشلا كل الحلول واستتباب الأمن في البلاد وهذا حال قادة الجمهوريات الأخرى في وسط أسيا، مستمدين شرعيتهم وبقائهم من خلال تسعير الحرب الإثنية والقومية التي تحافظ أكثر على وجودهم في السلطة .

الرد الروسي على تطور الأزمة:

جاء الرد الروسي الرسمي معلقا على الاستفتاء الذي باركته روسيا، من خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع زميله الأمريكي خلف البحار: الذي حذر به "الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف " من تقسيم قيرغيزستان، الجمهورية السوفياتية السابقة .

"نأمل أن يتم بعد الانتخابات تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات (...) وإلا فان "قيرغيزستان" قد تشهد تدهورا وحتى تقسيما"،هنا الخوف الذي لايزال يسيطر على الوضع الهش في البلاد من خلال الحالة التي وصلت بها . وأضاف ميدفيديف "نحن جميعا قلقون من أن يتمكن المتطرفون في هذه الظروف، من الوصول إلى السلطة". وأوضح "يجب إذن إن نحل المشاكل نفسها التي نواجهها في مناطق أخرى مثل أفغانستان". لكن المسؤولين ألاميركيين يرون أنه في حال استمرار أعمال العنف في الجمهورية ، سيتاح المجال بذلك إلى التدخل الأجنبي، التي تشارك بها روسيا وشركاء إقليميون آخرون. ويمكن تشكيل هذه القوة من الدول الأعضاء في "منظمة معاهدة الأمن الجماعي"، وهو تحالف من الجمهوريات السوفياتية السابقة، أو ربما يشكل "حالفا من الدول الراغبة"، يضم قوات من تركيا، بجانب روسيا وكازاخستان والدول المجاورة الأخرى. فروسيا التي لاتزال تلتزم الصمت والاتزان حيال الأزمة ،محاولة حل المشكلة بطرق دبلوماسية ودولية ،وعدم تورط نفسها بمستنقعها ، ولكنها لن تترك قيرغيزستان وحدها تواجه مصيرها بنفسها وتقدمها هدية لأحد،لا الكلمة كلمة موسكو،وكان الوقت الكافي لدى موسكو طوال الفترة الماضية من اجل تقديم حل ينقض الموقف حتى لو بغير بصمات روسية والاستفتاء كان بداية جيدة لعملية الأنقاض والسيطرة.

موقع قيرغيزستان الجغرافي :

تقع حجهورية قيرقيزستان في شمال شرق أسيا الوسطى ، وتتوزع معظم أقاليمها في القسمين الغربي والأوسط لسلسلة جبال" تيان شان "،وتحدها كازاخستان شمالا، وأوزبكستان غربا،وطاجيكستان من الغرب الجنوبي،والصين من الجنوب الشرقي، لا تطل قيرقيزستان على البحار،تحتل الجبال أكثر من ثلاثة أرباع أراضي الجمهورية ،الأمر ألذي يؤكد وجود انهار في جوف الجبال باختفاء كميات هائلة من مياهها في موسم الربيع . تقع في أقصي شمال شرق قيرقيزي بحيرة "ايسيك كول" الجبلية التي بنيت على شواطئها مصايف ومخيمات سياحية عديدة . وثمة بحيرة اسمها "مير تسخاربيرة :"تقع على ارتفاع 3500 متر فوق سطح البحر وتبعد عن بحيرة كول حوالي 50كيلوا متر، قيريقيزيا التي تنقسم جغرافيا الى قسمين القسم الجنوبي والقسم الشمالي حيث تدور المعارك التي تفصل في نمو الجنوب عن الشمال بفضل الحواجز الطبيعية من سلسلة الجبال التي تبعدهما عن بعضهم بالسيارة حوالي 10 ساعات بالوقت التي تقدر المسافة بين الجنوب والشمال 300 كيلو متر خط نار .

التنوع الديمغرافي :

قرغيزستان تحظى بتنوع عرقي كبير حيث يمثل القيرغيز نسبة 50 في المائة والأوزبيك 10 % والطاجيك 25 % والروس 9 % ، في حين تتوزع النسبة الباقية على التتار والإيرانيين الأمر الذي يجعل منها أهم بؤرة توتر في الإقليم تهدد استقرار المنطقة والنفوذ الروسي في آسيا الوسطى.ويبلغ عدد سكان قيرقيزستان حوالي 6 ملايين نسمة حسب إحصاء وكالة مكتب مرجع السكان التابع للأمم المتحدة لعام 2007م .

العلاقات الدبلوماسية والسياسية لقيرغيرستان :

أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين قيرغيزيا وروسيا الاتحادية "مارس،آذار" عام 1993 م، وتتمتع قيرغيزيا بعضوية رابطة الدول المستقلة وهيئة الأمم المتحدة ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي ومنظمة شنغهاي للتعاون،ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ورابطة اتحاد الدول المستقلة لدول الاتحاد السوفياتي .

اتفاقية الأمن الجماعي :

اتفاقية الأمن الجماعي التي تعتبر قيرقيزستان جزاء منها ، لقد ثم عقدت اتفاقية الأمن الجماعي CSTO وتشمل كافة دول آسيا الوسطى إضافة إلى روسيا وأرمينيا وأذربيجان وبيلاروسيا ومولدوفا، وعرفت في "مايو،أيار،من العام 1992، باسم اتفاقية طشقند، وهدفت الاتفاقية إلى إقرار مبدأ الحماية المشتركة والرد الجماعي على أي عدوان تتعرض له إحدى الدول الأعضاء. وتم تحويلها في "مايو،أيار"من العام 2006 إلى "بناء دولي متعدد الوظائف" له الحق في إنشاء قوة ردع سريعة، متبعة منهج حلف الناتو في هذا الشأن. وكانت هذه المنظمة قد اقترحت منذ عام 2004 الاتصال بالناتو لترتيب الأمن، خاصة بعد أن استبعد دورها في غزو أفغانستان.

النزاع العرقي المتجدد في الجمهورية :

فالنزاع الذي بدأت شرارته العلنية في التاريخ الحديث ، في حزيران من 1990،من أواخر القرن العشرين على اثر انهيار الإمبراطورية السوفياتية السابقة، والسباق السريع لرجال الاستقلال الجدد الذين حافظوا على مواقعهم القديمة التي تمت ورثتها ،من قبل الأمناء العاميين لأحزاب الجمهوريات، والذين وأصبحوا فيما بعد رؤساء جمهوريات لبلدهم، لكن بدل حل النزاعات القومية والأثينية التي جمدتها كل الحكومات السوفياتية ،عمدوا هؤلاء القادة لتسعير نيرانها من اجل الالتفاف حولهم وإعطاء شعبهم شرعية الاستمرار في الحكم، فالنزاع الحالي في قيرقيزستان لم يكن جديدا، إنما كان مجمدا في ثلاجة النظام السابق، فالأزمات العرقية الخلافية لم تجد مكاننا لها في الحل أمام الأزمات السياسية الكبرى التي سيطرت على العهود السابقة.

في 4 – 6" يونيو،حزيران"من عام 1990 وقع النزاع في إقليم" اوش" بين الاوزبك والقيرغيز، فالصراع الذي أيقض روحه تسعيرة فاكهة الفراولة "الفريز" الصيفية ، في إقليم الجنوب ، مما دفع بالرئيس السابق للاتحاد السوفياتي" مخائيل غرباتشوف"إلى إرسال قوة عسكرية لإخماد نيران معركة "الفريز"الحاصلة في جمهورية قيرقيزستان الشعبية الاشتراكية،بين الاوزبك الأقلية الذين يعملون في الزراعة والقيرقيز الأكثرية، رعاة الأبقار والأغنام وصيدوا الحيوانات.بعد ذلك انهار الاتحاد السوفياتي وتفرق الإخوة الأحباء وكل دولة انتخبت رئيسا لها ، لعام 1990 م، تم انتخاب عسكر آكاييف كأول رئيس لجمهورية قيرغيزستان . قيرغيزيا المستقلة المرة الثانية ، تنتخب دكتور اكاييف البروفسور في الاقتصاد الذي عمل في أكاديمية العلوم السوفياتية ودرس الاقتصاد السياسي في جامعة مدينة فرنزي الحكومية "بيشكيك اليوم"وكان الأمين العام للحزب الشيوعي القيرقيزي،الرئيس الفعلي لدولة قيرقيزستان،الذي فشل في إدارة وإنعاش بلاده النامية ،بالوقت الذي أنعش حسابات أولاده المالية واصهرا ته وأقربائه في البنوك الخارجية،هو صاحب الحض الأوفر والمرشح القوي وقتها الذي تمكن من الفوز بالرئاسة، بدل موقعه من اليسار إلى اليمن من اجل الوصول واحتلال هذا الموقع الذي لم يتأخر اكاييف أبدا للوصول والسيطرة عليه، فاسم اليمين الدستور على القرآن، بعد أن حفظ ودرس الإلحاد، وكتب لينين وماركس،لان حب السيطرة هو الأساس لدى هذه الطبقة المخملية الجديدة في قيادة الدول المستقلة ،بعد الانقلاب الذي حدث في ، أب من العام 1990، تم إعلان استقلال قيرغيزستان الثاني يوم 31 أغسطس"آب "من عام 1991 بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. فهذا النزاع القديم الجديد بيداء اليوم من خلال الانقلاب الذي وقع في الجمهورية تحت شعار الإصلاح وتنفيذ الوعد ليأخذ شكلا جديدا من الصراع بين الشمال الغني والجنوب الفقير المتخلف ليتحول الى صرع مختلف في الجنوب نفسه بين العرقيات والقوميات التي ، نمت لديها روح النزعة الانفصال التي أصبحت اليوم موضة جديدة لدى القوميات،فالخوف من الحقد القومي الذي أصبحت موضة جديدة تتعرض لها القوميات الصغيرة في مناطق سيطرة القوميات الكبرى، وتطالب بالاستقلال من اجل حماية نفسها ومن سفك الدماء،لقد بطلت مقولة الحروب الدينية، والغرب الذي يساعد المسيحيين على المسلمين كما روج لها في حروب يوغسلافيا السابقة،المسيحيين ضد المسلمين،وفي العراق الحرب الطائفية السنة ضد الشيعة،أما اليوم السنة ضد السنة ،العرق أقوى من المذهب،والطائفة والدين ،هذا صراع "الباشتون –الطاجيك"في أفغانستان ،"الباشتون، السندينيون – البنجابيون "،في أفغانستان ...الخ...

الموقع الجيو- سياسي لقيرغيزستان :

 إن موقع قيرغيزيا بين الصين وروسيا وكازاخستان وطاجكستان، جعلها في دائرة الصراع السياسي بين الدول ذات النفوذ القوي في تلك المنطقة،خصوصاً روسيا والصين والولايات المتحدة، حيث تدور الحرب الأميركية في أفغانستان على الإرهاب، مما يتطلب وجود ممرات لها آمنة لدعم القوات الأميركية والأطلسية في أفغانستان، وأوجدت لها قاعدة عسكرية في تلك الجمهورية في فترة ضعف روسيا وبداية الحرب على الإرهاب. نعتقد أن مشروع الدرع الصاروخية الأميركية الذي تبنته إدارة جورج بوش الابن لنشره في شرق أوروبا وقرب الحدود الروسية، أيقظ الدب الروسي لبناء فضائه من جديد، وبدأ مرحلة جديدة من الصراع البارد باستخدام القوة الناعمة بين القوتين الكبيرتين باستخدام الأوراق المتاحة لديهما كافة، وهو ما عبّر عنه فلاديمير بوتين في مؤتمر ميونيخ السنوي عام 2007، عندما حذّر من خنق روسيا والاقتراب من حدودها، وكذلك حذّر من هيمنة القطب الواحد في العلاقات الدولية، إذ قال: "إن السياسة الأميركية لا تترك أحداً يشعر بالأمن".

نرى أن الفترة المقبلة ستشهد مساومات وشداً وجذباً بين القوتين الكبريين حول كثير من القضايا الدولية، كالملف النووي الإيراني ومشروع الدرع الصاروخية والتمدد الروسي في أميركا اللاتينية، والوجود الأميركي في آسيا الوسطى، والدعم الأميركي لدول الفضاء الروسي السابق كجورجيا وأذربيجان وغيرهما، مما يؤكد أن تسجيل النقاط بين القوتين لا يزال قائماً، وآخرها إلغاء أذربيجان لمناورات عسكرية بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية

ثورة السوسن:

في 24 مارس/آذار عام 2005 قامت ثورة السوسن بعد أزمة حادة للسلطة وقعت بعد إجراء الانتخابات البرلمانية وأسفرت عن وقوع اضطرابات شعبية في الأقاليم الجنوبية الفقيرة وبالتحديد في مقاطعتي،"جلال أباد"ومدينة "أوش"معقل الرئيس القيرقيزي، المخلوع حيث جرت المظاهرات الجماهيرية الواسعة بمشاركة ممثلي مختلف الأحزاب. واستولى المتظاهرون على المباني الإدارية في المقاطعتين، ووقعت اشتباكات بين القوات الخاصة والمدنيين. وتمخضت الانتفاضة عن إسقاط نظام الرئيس عسكر آكاييف ووقوع أعمال النهب والعنف العديدة في الأسواق والمراكز التجارية للعاصمة. فصعدت المعارضة برئاسة كرمان بيك باكييف إلى السلطة في بيشكيك. أما الرئيس عسكر آكاييف الذي فر من البلاد مع عائلته وكبار معاونيه متنازلا عن موقعه كرئيس للجمهورية،وقع بعد فترة على بيان استقالته الطوعية من منصبه متخذا من موسكو مكانا أمنا له والذي منح فيها حق اللجوء السياسي فيها. بعد ذلك عمدت روسيا إلى تهدئة الأوضاع في الجمهورية،والوصول إلى مخرج ينقذ الجمهورية من الأزمة التي فرضت عليها ،على اثأر تلك الثورة الملونة التي قامت بها المعارضة القيرقيزية والجمهوريات السوفياية الأخرى،وفقا للدعم الأميركي العلني، الذي حاول السيطرة على مناطق نفوذ روسيا التاريخية دون مرعت الأوضاع الجيو- سياسية، نظرا لقراءة أمريكة مسبقة،تقوم على اعتبار موسكو فقدت دورها الإقليم والدولي،ويجب ملء الفراغ في هذه المناطق،السوفياتية السابقة.

أسفرت ،و2005 جرت الانتخابات الرئاسية في البلاد التي أجريت في صيف عام عن انتخاب كرمان "بيك باكييف رئيسا للبلاد"، وتم تعيين" فيلكس كولوف" في منصب رئيس الوزراء، لكن ذلك لم يحول ذلك دون الصراع من اجل السلطة في قيرغيزستان، طوال هذه الفترة التي لم ترى الجمهورية فيها النور بسبب الخلاف بين القادة الجدد من ناحية،ورئيس البلاد من ناحية أخرى الذي لم ينفذ إي شيء من الوعود المقدمة لجماهير الدولة الفقيرة التي تزداد فقرا، لقد جمع الرئيس حوله جماعة خاصة أصبحت تستفيد من أملاك وثروة الدولة، وهذا حال الدول الإسلامية كلها التي تعاني من السيطرة الدكتاتورية والشمولية،وسيطرة جماعات الضغط الخاصة ،وهي جماعات الأقارب والأصدقاء التي تتصرف بأملاك الدولة على هواهم ، فالرئيس لا يهمه شيء طالما الأقرباء يفرون الدعم ويؤمنون له الاستمرارية في قيادة الدولة فحال قيرقيزستان لا يختلف عن حال أخواتها في "أسيا ستان، أوفي عرب ستان". فكل الأنظمة في الدول الإسلامية في أسيا هم عملة واحدة لوجه مختلفة ،هي أنظمة الدكتاتورية والتسلط والرجل الواحد وحكم وسيطرة العائلة والأقارب والأصدقاء جميعهم،أنظمة القمع والتطرف الفساد والبيروقراطية هي أنظمة الحديد والسيطرة بالنار وسفك الدماء من اجل سيطرة الأشخاص ،فهم يضحون بالغالي والنفيس لكي يبقوا على العرش الأبدي على ذالك الكرسي الهزاز،ما أصعب فراق الكرسي.

انقلاب المعارضة في قيرقيزستان :

في 29 "ابريل،نيسان" عام 2009 أجرت المعارضة الجديدة مظاهرة بطلب تنفيذ التعهدات التي التزم بها الرئيس ورئيس الوزراء لدى انتخابهما. في 23"يوليو،تموز"عام 2009،جرت الانتخابات الرئاسية التي فاز بها "كرمان بك باكييف"،و لم تستطع المعارضة مقاومة الضغط الإداري،والمالي والأمني ،الذي فرضته عليها مجموعة الرئيس المنتخب ،فكانت خطوات المعارضة المعلنة على هذا الضغط الانسحاب من هذه الانتخابات الغير متكافئة أمام قوة الرئيس الحالي الذي يسيطر على كل مرافق الحياة في الدولة الفقيرة،عندها عمدا مرشحا المعارضة "ألماز بك اتامبايف وجينيش بك نزاربيايف"،اللذان رفضا المشاركة في الانتخابات بحجة عدم شرعيتها التي فقدت هذه الانتخابات تأيد السكان من خلال تحريك الشارع ضد سياسة الرئيس المخلوع من خلال جملة مطالب عملت على طرحها في الشارع،فكانت الاستجابة لها بشكل سرع من قبل سكان الجمهورية الذين وصول إلى تحت خط الفقر،فعمدت المعارضة الجديدة على تشكيل جبهة واسعة النطاق ضمن عدة شروط سياسية، واجتماعية،وقانونية ،من خلال عدم تنفيذ شروط ثورة السوسن الذين شاركوا فيها، مع الرئيس الحالي الذي وعد بتنفيذ إصلاحات سريعة جدا يستفيد منها سكان البلاد جميعا،لكن باكييف، استمد قوته في بطاء الوعود، المفترض تنفيذها ،مما ساهم بإعادة الاحتجاجات والإضرابات والاعتراضات مجددا إلى شوارع العاصمة بيشكيك،إضافة إلى الحالة الاقتصادية الرديئة التي تسيطر على البلاد وتساهم بإشعال فتيل الحرب في الجمهورية وتفتح الأبواب على مصراعيها إمام التدخلات الأجنبية الطامعة ،بموضع قدم في دولة قيرفيزستان الفقيرة ذات الموقع الجيو- سياسي واستراتيجي هام للتحرك في منطقة وسط أسيا، والذي سوف يكون لنا "دراسة مفصلة عن هذه المنطقة ذات الأهمية الكبرى والتعددية الإثنية ". لكن من الأسباب الأساسية التي استعملتها المعارضة الجديدة أدبياتها لتعبئة الشارع الهادر، والمتململ من سياسة النظام الحالي ،هي فترة إطالة الإصلاحات الذي وعد بها الرئيس،ونظامه الحالي ، بعد قيام ثورة السندس ، فكانت من الأمور الأساسية التي أدت إلى الانقلاب الثاني تفاقم الوضع الحالي في الجمهورية والتي نشير إليها:

1- غياب لجنة الإصلاح المهتمة بتعديل الدستور الجديد للبلاد.

2-المماطلة بتنفيذ الوعود الذي وعد به الرئيس في ولايته الأولى ولم تنفذ

3- وضع "فيلكس كولوف" في السجن،في الفترة الأخيرة .

4- أصلح التلفزيون،وانجاز بناء التلفزيون الاجتماعي.

5-المطالبة باستقالة الأخوين المدعي العام ورئيس شرطة بشيكيك.

6- تشكيل الحكومة الشعبية التي تم الاتفاق عليها سابقا.

7- تصفية "بيزنيس" العائلة،وعدم تسليم الأقرباء مناصب في الدولة .

8-إجراء انتخابات نيابية في الدولة وإدخال أعضاء جدد من أنصار الرئيس والذي يبلغ عددهم 300 عضوا، الذين دعموه في مواصلة فترة رئاسية ثانية من خلال التلاعب بالأصوات.

9- إهمال التنمية في البلاد وتحديدا في الجنوب في منطقة وادي فرغانا التي سوف نتكلم عن هذه المنطقة بالتفصيل.

10 تنمية الخلافات العرقية والإثنية، وتأجيجها من اجل توفير الدعم للرئيس .

11- الانهيار الاقتصادي السريع في البلاد بسبب الفساد وسيطرت البيروقراطية على مرافق الدولة، وغياب التحديث الاقتصادي الإنتاجي.

12- الخلاف السياسي بين سلطة الرئيس وتحكمه بشؤون الدولة والسيطرة عليها ،والمعارضة الرافضة لسياسة الشريك السابق في تصرفاته وتوجهاته السياسية.

13- الحيلولة دون تولي أشخاص من فئة المجرمين السلطة في البلاد.

الانقلاب الثاني 7 نيسان في قيرقيزيا :

الانتفاضة الدموية التي قادتها المعارضة في "قيرغيزستان" يوم 7 نيسان من الحالي، بنظام الرئيس باكييف، وأجبرته على مغادرة البلاد بعد تدخلات إقليمية ودولية. هذا هو حال الانتفاضة الدموية التي أنهت عهد حكم الرئيس كرمان بك باكييف الموالي للولايات المتحدة، والذي تسلم السلطة في قيرغيزستان، بعد أن أسقطت ثورة "الزنابق" المدعومة من واشنطن، في ربيع العام 2005، أول رئيس دولة في آسيا الوسطى وصل إلى الحكم منذ انتهاء العصر السوفياتي، عسكر أكاييف الذي أجبر على الفرار إلى الخارج والذي اخذ حق اللجوء في موسكو . لقد انهيار نظام الرئيس القيرغيزي كرمان بك باكييف بسرعة لافتة، بعد ساعات على التظاهرات الشعبية الدامية، تمكنت المعارضة الحالية القيرغيزية من الاستيلاء على الحكم في هذه الدولة السوفياتية السابقة، وشكلت حكومة "ثقة وطنية" برئاسة وزيرة الخارجية السابقة "روزا أوتونباييفا البالغة من العمر 59 عاما"، التي ترأس أيضاً الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي،والدبلوماسية السابقة للبلد.

خلافات باكييف مع روسيا:

منذ قدوم الرئيس باكييف إلى الحكم من خلال الثورة الملونة التي أزعجت موسكو بوصول رئيس بعيد عنها وغير موالي لها في جمهورية تعتبر تاريخيا ذات نفوذ روسي من أيام الإمبراطورية الروسية،فروسيا التي أرغمت نفسها التعامل مع الرئيس الجديد، مقنعه نفسها بهذا التغير الجديد ،من خلال فتح صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع الرئيس باكييف الذي حاول اللعب على روسيا والاستفادة المادية والسياسية ،من خلال فتح العلاقة الغامضة مع الولايات المتحدة الأميركية، فكان التذبذب في سياسته الخارجية بين أميركا وروسيا هو الذي أفقد مصداقية لدى الجانبين. في شباط 2009، طالبت روسيا من الرئيس المخلوع عن طريق المعارضة القريبة منها بإقفال القاعدة الأميركية "ماناس" في شمال البلاد، بعدما رفض تمديد العقد، وحدث هذا الأمر، بعد أن حصلت السلطات في بشيكيك على قرض من روسيا بقيمة ملياري دولار، ومساعدة مالية بقيمة 150 مليون دولار. ومع ذلك، تراجع الرئيس المخلوع باكييف عن وعده لروسيا وللمعارضة بشأن إغلاق قاعدة "ماناس"، وأبرم صفقة مع الولايات المتحدة تقتضي زيادة بدل إيجار القاعدة إلى 180 مليون دولار سنوياً، الأمر الذي أثارة ثورة غضب لدى موسكو والمعارضة القيرغيزية في آن معاً، التي اتهمت الولايات المتحدة بأنها قدمت "رشوة سياسية" للرئيس. لقد عبّرت مجلة "تايم" الأميركية الصادرة في شهر آذار 2010عن المخاوف الأميركية، إذ تحدث مسؤول من الإدارة الأميركية علناً عن مخاوف واشنطن من الخطط الروسية في" قيرغيزستان"، بان : "قاعدة "ماناس" في قيرغيزستان تشكل انجازا بالنسبة إلى أمريكا ... روسيا لا تريد ذلك، فدفعوا الروس " ملياري دولار لإخراجنا من هناك، إلا إن أوباما أجرى محادثات صريحة مع الرئيس ميدفيديف، وقال له إن لنا عدواً مشتركاً في أفغانستان، لذلك سيساعدنا "وجود القاعدة في قيرغيزستان"، على مقاتلة ذلك العدو المشترك، ولو خسرنا ذلك، لكان ضربة كبيرة، إنها محور مهم لنقل جنودنا إلى أفغانستان وإخراجهم منها".

ففي المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس المخلوع في مينسك بعد سحبه إلى روسيا البيضاء لقد برر باكييف تمديد العقد لاستمرار القاعدة الأمريكية في "ماناس" بان حكومته وهو فعليا كانوا يردون إقفال القاعدة ولكنهما قبل إعطاء الرد النهائي إلى الجانب الأميركي انهالت،عروض الاستقبال من الدول المجاورة ،فكان سؤال باكييف لماذا يوافق الجميع على فتح القواعد العسكرية ويجب علينا أغلقها بالوقت الذي نحن بأمس الحاجة إلى مال،فسرعنا فورا إلى قبول العرض الأمريكي الذي قدم لنا برفع سعر العقد بحال قبلنا بالتجديد "،فما كان مننا إلا أن نقبل العرض المقدم وتم تجديد العقد لمدة عام . فروسيا التي تعمل على تزويد دول الاتحاد السوفياتي بالغاز والنفط بأسعار، خاصة وفقا لاتفاقية كشنيوف الموقعة بين الدول المستقلة عام 1991 ، التي تحاول من فترة إلى أخرى، تغير السعر وفقا لأسعار السوق والعرض والطلب بزيادة بسيطة،في بداية العام الجديد عدلت روسيا أسعار النفط والغاز المرسل إلى قيرقيزستان مما ساهم بارتفاع جميع الأسعار المحلية، بالوقت التي تعاني الجمهورية من حالة تضخم اقتصادية رهيبة،بسبب الفساد ،والهدر العام في الأموال ، وغياب الإنتاج،وعدم الاستثمار الخارجي بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وعدم الاستتباب السياسي في البلاد . لقد سيطر الغلاء الفاحش على البلد بسبب ارتفاع الأسعار فعم جو التظاهر وعدم الرضاء على سياسة الحكومة والرئيس وتعاملهم مع الملف الاقتصادي والمعيشي بالوقت الذي أرسلت فيه روسيا معونات اقتصادية ومالية إلى الدولة ، لم يعرف مصيرها مما أخضب روسيا بعد السؤال عن مصير هذه الأموال، عندها سمحت روسيا للمعارضة بالتحرك في الشارع من اجل إسقاط النظام ، فكان يوم اللقاء الروسي- الأمريكي في براغ لتوقيع اتفاق" ستارت 2"،بينها وبين الولايات المتحدة . روسيا الذاهبة إلى توقيع الاتفاق وهي على قدرة من القوة التي تسمح لها بتحرك جيو-سياسي كبير،يمنع الولايات المتحدة من التعليق على مشاكل ثانوية ،لان الروس يقبضون ثمن ملفات يجب حلها من حساب أمريكا، لذا لم تستطيع الولايات المتحدة التعليق على هذا الملف سوى بالإدانة وتقديم مساعدات إنسانية للشعب القرقيزي، روسيا التي تحاول الحفاظ على مصلحتها الإستراتيجية في ظل الهجمة الدولية للعديد من الدول الطامحة إلى لعب دور ريادي في أسيا الوسطى على حساب إضعاف النفوذ الروسي في المنطقة .

وادي فرغانا ومشكله:

يعتبر وادي فرغانا من البؤر المتوترة في العالم كما هو الحال في وادي سوات الباكستاني ،ويرى العديد من المحللين بان المشكلة تكمن في التداخل الإثني للقوميات القيرقيزية ،الطاجيكية ، والأوزبكية ،التي ساهمت بنم هذه الصراعات المعقدة على مدار التاريخ واستمرت هذه الحالة في الماضي إلى حيث سيطر الروس في دولة الاتحاد السوفياتي على كل المنطقة وجمدت هذه الصراعات،لتعود مجددا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ونمو النزعة القومية الداعية للاستقلال ،تمتد هذه المنطقة بين سلسلة جبال "تيان شان وغيسار الآي"، لمنطقة سهلية تبلغ مساحتها 2200 كيلو متر مربع وتعتبر من أكثر المناطق في العالم اكتظاظا بالسكان،حيث تعيش فيها العشرات الأثينية والقومية ،وتعتبر هذه المنطقة من أكثر المناطق في العالم توثر، وكانت هذه المنطقة سابقا ومازالت ،مسرحا هاما لإعمال العنف والقتال الأثيني والقومي ،فان الخبراء يحملون تقسيم هذه المنطقة بشكلها الآني ،إلى الزعيم الراحل جوزيف ستالين الذي ترك الإقليم مسرحا متشابكا للنزاع القومي الذي لم يجد حلا نهائيا له،من اجل تأجيج الانقسامات التي تساعده على تطبيق سياسة" فرق تسد"، لكن علماء الطوبوغرافيا ،يؤكدون أن تقسيم تلك الحدود المتعرجة والمتداخلة التي رسمها القادة السوفيات وقتها في "وادي فرغانا"، كانت أفضل الحلول الممكنة،نظرا للتوزيع الديموغرافي الذي تسيطر عليه الأقليات،العرقية والقومية المتداخلة ، المنتشرة في تلك المنطقة . فالفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة في المنطقة فيتساوى فيها الجميع، لذا تنتشر في هذه المنطقة كل أنواع مخالفة القانون بسبب الحياة المعيشية المتدهورة للسكان الذين يبلغ عددهم حوالي 17 مليون نسمة ،تنشط في المنطقة البطالة،والفقر والجوع ، الذين يساعدوا سكان الاقليم على تجارة وتهريب المخدرات،نمو عالم الجريمة المنظمة التي تتطور فيها العصابات المختلفة ، تنمو في المنطقة وتنشط المنظمات والحركات الدينية الإسلامية المختلفة من أقصى التطرف حتى الاعتدال الرسمي ، تنمو الخالية الإرهابية في الوادي التي تمارس نشاطا مشبوها .

الأزمات القيرقيزية المتكررة :

فإذا كانت مظاهرات العام 1990 قد قمعت بقوة الجيش السوفياتي ولم يكتب لها النجاح فأطلقت يد الجريمة في هذه المنطقة التي أصبحت اقوي واقدر على الرد والوقف بوجه الآخرين، لكن في عامي 1999 و2000 حاول مقاتلو الحركة الإسلامية في أوزبكستان التوغل في أراضي قيرغيزيا في مقاطعة" بانكين المعاصرة" ، لكنهم انهزموا وانسحبوا إلى أوزبكستان. عندها وقعت اشتباكات بين السكان المحليين وقوات الأمن في منطقة "أقسيه"، في 16 – 18 "مارس،آذار"من العام 2002، فكانت مطالب المتحاربين تتلخص بالتالي :

1- حيث وقف السكان دفاعا عن نائب البرلمان" عزيم بيك بيكنزاروف" ،

2- كما طالب السكان بالتخلي عن إبرام اتفاقية الحدود القرغيزية الصينية.

عندها قامت المعارضة القيرغيزية بتنظيم مظاهرات احتجاج في بعض الأقاليم وعامة البلاد،والتي وأسفرت الاشتباكات عن سقوط عدا من الضحايا، وأدت الأزمة في منطقة "أقسيه" إلى استقالة حكومة رئيس الوزراء آنذاك" كرمان بيك باكييف" الذي سوف يتحول إلى قطب أساسي للمعارضة ضد نظام عسكر اكاييف،ويتولى الرئاسة بعد نجاح ثورة السندس في العام 2005م. ليتحول الصرع في فترة باكييف الى صرع بين الجنوب والشمال لعدم تنفيذ وعوده التنمية والإصلاح التي ابرمها المعارضة مع الرئيس فورا وصوله إلى الرئاسة الجديدة،فالجنوب الذي أصبح سكانه بشكل عام ، يعشون تحت نير الفقر والحرمان ، مما أتاح لجميع القوى الدولية والمحلية من محاولة بسط نفوذها ،ولقد وفرت هذه الحالة للتطرف الإسلامي من اختراق قوة التطرف من العمل بشكل علني في الإقليم،كذلك نمو تجار وتجارة المخدرات،الذين وجدوا مكانا أمنا في الإقليم لممارسة التهريب إلى الدول لمجاورة من بلد المنشأ في أفغانستان،وكذلك نمو العصابات المحلية و التوغل في المنطقة.

 المصلحة الروسية بظل الأزمة القيرقيزية:

تعتبر جمهورية قيرقيزستان من الجمهوريات السوفياتية السابقة التي انهارت مع انهيار الاتحاد ،والتي نالت استقلالها عام 1990 م. فالارتباط الاجتماعي والأمني والعسكري والاقتصادي لم ينفك عن روسيا ،روسيا التي ورثت الاتحاد السوفياتي وروسيا القيصرية، لاتزال تعتبر قيرقيزستان إحدى حدائقها الخلفية،التي يني عليها إستراتيجيته الجو – سياسية، فكالكريملين الذي بدء قلقا جدا من الوجود الأمريكي العسكري والتغلغل ألاستخباراتي والسياسي في الجمهورية دول أسيا الوسطى خاصة بعد محاولة نشر الدرع الصاروخية في ارو ربا التي رأت موسكو بذلك ،خاصة بعدى أن أمنت لها الدعم الكامل للوجود الأمريكي في حربه ضد الإرهاب في أفغانستان ولكنى مع تجاهل الدور الروسي وإحكام الضغط عليه من خلال السيطرة والتمدد في كل من أفغانستان والعراق وجورجيا والدخول إلى مناطق بحر قزوين،للإحكام بمناطق التمدد والنفوذ الروسي ،لذا أصبحت روسيا قلقة جدا من، هذا الوجود الذي هو موجه ضدها وضد مصالحها ، فكان الرد الروسي على هذا التمدد والانفراد بالمنطقة من خلال جملة عناوين بارزة ،ابتدأ من تطوير العلاقة مع أوزبكستان بعد فشل ثورة القطن ،وغلاء القاعدة الأمريكية فيها إلى حرب القوقاز، إلى عقد "اتفاقية ستارت 2 "،حسب الشروط الروسية الجديدة ، إلى الانقلاب،والتي تتضمن فيها تسهيل خط الإمداد العسكري والإداري واللوجستية للقوات المتعددة الجنسيات في أفغانستان .

لذا عمدت روسيا مرارا وتكرار إلى إغلاق قاعدة "ماناس" الأمريكية في "قيرقيزستان" لحصر التواجد الأمريكي فيها للقبض على القرار السياسي في فلك هذه الجمهوريات السوفياتية السابقة ، فكان التلاعب الذي مارسه الرئيس المخلوع ، في القفز ما بين الطرف الروسي والأمريكي ". روسيا التي تحاول محاصرة التواجد الأمريكي فيها، من اجل حسم المعركة نهائيا لصالح روسيا ونفوها ،فروسيا التي تخوض معركة مفتوحة مع الطرف الأمريكي أصبحت مناطق أسيا الوسطى رحاها، ومناطق نفوذها وخاصة هذه المناطق تعاني من العديد من المشاكل التي تقبض على خناقهم :

1-البيروقراطية، والفساد الإداري، السياسي والاقتصادي،

2- التسلط من قبل الأنظمة التي تدير هذه الجمهوريات ،

3- استخدام هذه الجمهوريات ممرا لتجارة المخدرات والأفيون نحو الدول الأوروبية وروسيا،

5- نمو الحركات الإسلامية المتشددة في منطقة وادي فرغانا ،"حزب النهضة الأوزبكي والحركة الأوزبكية، حزب التحرير المتواجد تاريخيا في هذه المنطقة ،إضافة إلى نمو خلايا القاعدة في هذه الجمهوريات القريبة من مناطق التوتر الرسمي في أفغانستان، من خلال الحرب الذي تخوضها مجموعات القاعدة وطالبان، في أفغانستان ضد الولايات المتحدة وقوات الناتو.

6- توزيع الثروات الاقتصادية التي تتمتع بها هذه البلاد، الغيرعادل بسبب سيرة قوى الأنظمة التي فشلت في تطوير وتنمية البلاد .

7- فشل هذه الدول في إيجاد منظمة تحالف تستطيع إن تفرض إستراتيجية في المنطقة من خلال التحالف وإقامة العلاقات مع الدول ككل .

بالإضافة إلى قوى الصراع الأساسي الدائر بين روسيا وأميركيا على مناطق أسيا الوسطى، ظهرت بهذا الوقت قوى ثانوية، تحاول أن تلعب دورا في إدارة هذا الصراع المستحدث مثل:"إيران ،الصين ،إيران الهند ،تركيا"،والتي سوف نقوم بشرح كل هذه المواقف لاحقا من خلال تقديم دراسة كاملة مفصلة عن دول أسيا الوسطى والقوقاز التي تتشابه جميعا من خلال تركيبتها الديموغرافية والسياسية والاجتماعية والجغرافية والأمنية إضافة إلى طبيعة الصراع الذي يدور ولهم وعليهم من القوى الأساسية والثانوية .

الموقف الأمريكي من الأزمة :

قيرغيزستان إذا نقطة توتر جديدة بين الولايات المتحدة وروسيا،كما يبدو الحال، أنه في واقع الأمر، العكس هو الصحيح،اليوم وفي لحظة انفجار الصراع في الجمهورية ذلك أن هذا البلد الآسيوي القاصي الضعيف يطرح فرصة جديدة أمام موسكو وواشنطن للعمل معا كشريكين. أما مسؤولي إدارة أوباما الذين يقلون"بانهم لا ينظرون بأي حال من الأحوال إلى هذا الأمر باعتباره قضية لا بد فيها من منتصر ومهزوم، بل على العكس، إننا نحرص على تنسيق مواقفنا بصورة وثيقة مع موسكو". أمريكا التي تبحث عن بؤر توتر جديدة في العالم،تستفيد منها على المدى البعيد وخاصة هذه المنطقة هي قريبة من مناطق نفوذها التي تسعى إلى تثبيته في مناطق أسيا الجنوبية "أفغانستان وباكستان، لكن مستنقعها التي لاتزال موجودة على أرضه وتكوى بلهيبه يوميا،يجعلها تتريث في التفكير بسبب ،عدم قدرتها على التحرك ف هذه المنطقة التي تتفجر مجددا ، وكذلك عدم الاستفادة من التصعيد مع روسيا التي تخوض معها حربا ضد عدوا واحدا وهو التطرف الإسلامي ،والحاجة إلى المجال الجوي الروسي للدعم والإمداد ،والمعركة الدبلوماسية التي تخوضها أمريكا ضد إيران من خلال العقوبات المنبثقة عن مجلس الأمن بالموافقة الروسية والصينية لذلك كان الموقف الأمريكي،منطقي من خلال النظر إلى طبيعة الأزمة،لعدم الصدام مع روسيا او الصين في هذه المنطقة الأسيوية الإسلامية، لذا أبقت الولايات المتحدة وروسيا على اتصالات وثيقة بينهما منذ تفجر الأزمة الأسبوع الماضي. وتعاونت الدولتان على وضع تقرير جرى عرضه على مسؤولي الأمم المتحدة، أرسى قواعد العمل الجماعي، إذا ما دعت الضرورة إليه. الولايات المتحدة التي تقدم بالفعل مساعدات إنسانية، مع استعدادات لتقديم المزيد. علاوة على حزمة مساعدات أكبر من المقرر الإعلان عنها في وقت متأخر من هذا الأسبوع تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار من صندوق أميركي جديد لمواجهة الأزمات المعقدة. ورغم أن الولايات المتحدة لم تتلق أي طلب بالمساعدة العسكرية، فإنها تدرس توفير مساعدة في مجال المراقبة والاستطلاع واستخدام طائرات عسكرية أميركية لنقل جنود أو إمدادات. أما الأمر الجيد بالنسبة لهذا التوجه الأميركي - الروسي تجاه الأمن فيكمن في أنه يبتعد عن الفكرة الخاطئة التي تدور حول أن الدولتين محصورتان في "لعبة كبيرة" تتصارعان في إطارها على النفوذ في آسيا الوسطى. تتشارك الدولتان في ذات الأعداء، الجماعات الإسلامية المسلحة، والعصابات الإجرامية التي تهدد استقرار المنطقة. وتتمثل أهمية قيرغيزستان بالنسبة للولايات المتحدة في أنها توفر قاعدة جوية لها في "ماناس" التي تحولت إلى نقطة ترانزيت أساسية لنقل مزيد من القوات والإمدادات إلى أفغانستان. وحاليا، تمثل "شبكة التوزيع الشمالي"، تلك قرابة 70% من الشحنات المتجهة إلى داخل منطقة الحرب، حسبما أوضح مسؤول أميركي، مع عمل نحو 1300 أميركي داخل قاعدة "ماناس" الحربية .

ولا شك في أن حل التعاون محل المناورات السياسية الكبرى داخل آسيا الوسطى يعد تغييرا إيجابيا عما كان عليه الحال منذ بضع سنوات. وإذا تم توسيع نطاق هذا النموذج للتعاون الروسي - الأميركي ليشمل التعاون بحزم مع إيران، ربما نعني بدايات نظام يستحق أن يطلق عليه "الأمن المشترك".

الموقف الصيني من الأزمة الحالية :

فالروس الذين يسعوا جاهدين إلى حل الأزمة من خلال إشراك منظمة التعاون الأمن الجماعي بدل منظمة شنغهاي للتعاون كي لا يعطوا أي دور لصين في الدخول الى قلب الأزمة وخاصة هي التي كانت تتطلب سابقا من الحكومة، باستحداث قواعد عسكرية في قيرقيزستان نظرا للدور التي تحتله هذه الدولة إضافة إلى الحماية التي تشكلها الصين إقليمها الشرقي في تركمانستان الشرقية،بعد الأزمات التي باتت تعصف بهذا الإقليم المتوتر في إقليم "أغور" ذات الأغلبية المسلمة، بالوقت التي تشعر به الصين بوجود قوة أو قاعدة أميركية، إلى إشعال بؤر التوتر في الصين بظل التنافس الأمريكي الصيني ،فالصين يهمها إخماد الأزمة المستحدثة دون أن يمتد سعيرها إلى حدودها وهي لا تعترض على التدخل الروسي ،فالروس والصينيون ذات علاقة مشتركة وليس في حرب نفوذ ،بالرغم من المصالح المنفردة لكل دولة على حدا تعمل على تنفيذها وفقا لإستراتجيتها الخاصة .

الموقف الروسي من الأزمة :

على الرغم من دعوات الحكومة المركزية القرغيزية للكريملين لإرسال قوات لمواجهة إحداث العنف التي خرجت عن السيطرة بين القومية القرغيزة والأوزبيكة، فالحكومة الروسية لا تريد أن تتورط في صراعات أثنية لها امتداداتها في دول آسيا الوسطى،

فالموقف الروسي الحذر والمتحفظ في قيرغيزيا بالتوازي مع النفوذ الأمريكي الذي يواجه نفس المعضلة في حال اتخاذه أي موقف قد يفسر على انه تدخل يصب في مصلحة طرف على حساب الأخر، خصوصا أن تحالف الشمال الأفغاني السابق الذي تحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية كان يتشكل من الأوزبيك والطاجيك، الأمر الذي قد ينقل الصراع في قيرغيزستان إلى مستوىأعلى من العنف لتتسع أكثر لتشمل طاجيكستان وأوزبيكستان ويمتد أثرها إلى أفغانستان، روسيا التي تتمهل في اخذ أي قرار سياسي قبل التدخل في قيرغيرستان لأسباب عديدة بالرغم من امتلكها للإمكانيات العديدة ،ولكن يأتي التريث وفقا للظرف التالية :

 1- روسيا التي تورطت سابقا في أفغانستان، على الرغم من أن الحكومة الأفغانية، هي التي من طلبت روسيا بالتدخل بعد إحدى عشر نداء مواجها إلى الحكومة السوفياتية السابقة، لقد كان الدخول في المستنقع الأفغاني لمدة 10 سنوات، والتي أدت إلى اختلاف جدي مع الدول الإسلامية والعلم الإسلامي،بأكمله التي تبلورت الصورة بذهاب متطوعين عرب للقتال إلى جانب المجاهدين،والذين عرفوا فيما بعد بعرب الأفغان.

2- حرب الشيشان، الذي اندلعت بين الدولة الروسية والمنشقين عنها،والتي لاتزال ذوي طلاقتها تسمع حتى اليوم ،فكان للمطوعين العرب والإسلاميين، بصماتها البارزة في هذه الحرب التي أخذت نوعا من أنواع الحرب الطائفية، فأراد لروسيا من خلال هذه الحرب تورط روسيا وتخريب علاقاتها مع العالمين الإسلامي والعربي بالرغم من الصمت العربي والإسلامي ،الذي سيطر عليه الموقف السلبي الداعم ضمنيا للمتمردين.

3- الحرب في يوغسلافيا المتفتتة التي آخذ فيها الصراع الدائر الطابع الطائفي العلني، فروسيا التي كانت إلى جانب صربيا في حروبها ضد التقسيم والتشرذم، فكان العرب والمسلمين في الجانب الأخر، فكان للمتطوعين العرب والمسلمين الدور البارز في هذه الصراعات،التي أدت إلى مجاز كبرى من الطرفين دفع ثمنها الشعب المنقسم طائفيا، والتي كانت سببا مباشرا في تقسيم البلاد جغرافيا ،من خلال أجاد كيان اصطناعي اسمه كوسوفو،"يكون تدخلها يكرر نفس السيناريو في قيرقيزستان على يد الروس،فيتم المساومة بعدها ،

4- الحرب الدامية في طاجيكيستان،التي أتت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ،بين قوى التمرد الإسلامي ، والدولة الصاعدة المدعومة من قبل روسيا، والتي لاتزال القوات الروسية الخاصة مرابضه فيها تحمي الحدود مع أفغانستان وتخوض يوميا حربا دروس مع تجار الأفيون.

5- العلاقة التي حكمتها نوعا من التو ثر الغير أجابي مع أوزبكستان،التي تغيرت نحو الأفضل بعد محاولة الانقلاب التي وقعت غب الدولة عام 2007، والتي اتهمت بها الإدارة الأمريكية ،على أعقاب الثورات الملونة في فضاء روسيا الإقليمية بعد أن أدى هذا الانقلاب إلى مقتل أكثر من 1000 شخص من قبل النظام الحالي ،مما دفع بالأمم المتحدة بالطلب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق وإرسالها إلى أوزبكستان،فعد القضاء على ثورة القطن ،ساد التوتر على العلاقات مع العالم الغربي مما دفع الرئيس بإقفال القاعدة الأمريكية في الدولة،مما دفع الرئيس الحالي"إسلام كريموف" بالتقرب من موسكو وطلب المساعدة منها بعد ما كانت العلاقات تسودها أنواع الحضر والتوتر .

لهذه الأسباب مجتمعة تقف روسيا إمام مشكلة قيرغيرستان مكتوفة الأيدي،بانتظار إيجاد أفضل الحلول التي تتيح لروسيا من السيطرة على الوضع دون الدخول في وحل هذا المستنقع الذي يغرق روسيا ويشعل المنطقة كلها بلهيب حروب أثنية تكاد لا تنتهي معالمها . بحال تجدد العنف وعدم سيطرة الحكومة الحالية على زمام المبادرة في الجمهورية رغما عن كل المساعدات المقدمة من روسيا يبقى السيناريو الأقوى الذي يفرض نفسه،والذي سوف يطروح بقوة،والذي تسعى روسيا،إلى تنفيذه، للامساك بمشكلة "قيرغيرستان"،من خلال قوة عسكرية،من قبل منظمة شنغهاي للأمن،لان قوى النزاع جميعها متمثلة في هذه المنظمة،من خلال قيادة كازاخية ،ومشاركة أوزبكية ،وطاجيكية ،والصين،ودعم لوجستي روسي،

-او من خلال منظمة الأمن الجماعي والتي تضم إضافة إلى روسيا، (قرغيزستان وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان وأرمينيا وبيلاروسيا) وهذا الاتجاه الذي تحاول روسيا السير به قدما، والذي يتبع ما قاله" نيقولاي باتروشيف"، أمين مجلس الأمن القومي الروسي، في كلمة افتتح بها اجتماع دول منظمة الأمن الجماعي في نيسان الماضي من هذا العام في طشقند :"إن الدول الأعضاء مدعوة لتبني موقف مشترك من أحداث قيرغيزستان الدراماتيكية، وبحث الإجراءات المطلوب اتخاذها جماعيا لوقف النزاع الإثني الدائر في هذا البلد، مشددا على ضرورة استخدام ما لدى المنظمة من آليات ووسائل من أجل ذلك وفقا لميثاقها" وروسيا ميلة أكثر إلى أن تلعب هذه المنظمة دورا أساسيا في حل النزاع من خلال تشكيل قوة عسكرية قوية تعيد السيطرة المجددة على المنطقة من خلال تفعيل دور المنظمة . إن إشراك دول آسيا الوسطى سيؤدي حتما إلى تخفيف وطأة التدخل الروسي، في الجمهورية،ويخرج روسية من مأزق التدخل ، الذي يبعدها على أنها تتدخل وتنحاز لصالح أثنية محددة أو عرق ضد أخرى، فمن المعلوم أن ثلاث دول من دول منظمة التعاون وهي " طاجكستان وأوزبكستان وقرغيزستان"، تشترك في الحدود وتتداخل فيها القوميات في منطقة وادي فرغانا المعروف، باعتباره احد أهم معاقل الإسلاميين في آسيا الوسطى. وهنا السؤال الذي لايزال يبحث في الكواليس، وهو عن كيفية المشاركة الروسية العسكرية في هذه القوة،روسيا التي لا تحبذ المشاركة بقوة ،فالمشاركة العسكرية المباشرة في هذه القوة، لان كل الإطراف المشاركة تمثل الموقف والرأي الروسي وتحديدا كازاخستان التي تقوم هي بنفس الدور الذي يمكن أن تقوم به روسيا ويقطع الطريق على كل الأفكارأو التخوف الذي ينتاب أوزبكستان من دخول روسيا العسكري إلي هذه المنطقة بقوة والتي تعتبر إن الدور القادم أتي عليها في التغير . فالذي تابع ويتابع الإحداث التي تدور اليوم في بيشكيك، وحالة الصراع الدموي التي وصلت إليها لا يستطيع ألمراء إلا أن يروضه الحزن والأسى والخوف معا، للحالة الأليمة التي تعصف في الدول الإسلامية عامة، وقيرقيزي خاصة ، موسكو التي باركة الانقلاب في الجمهورية كانت حريصة كل الحرص على عدم التدخل المباشر في العملية الانقلابية والصراع الداخلي فيها سوى المراقبة لسير الأحداث لأنها المعنية المباشرة بوضع الدولة التي تعتبرها حديقتها الخلفية لها ،"فالرئيس ديمتري ميدفيديف"هو الذي طلب من الرئيس"الكازاخي نيزاربايف"إن يتدخل ويجلب الرئيس المخلوع بكييف من مدينته الجنوبية "أوش"، حيث أصبحت المدينة اليوم مكان القتل ومعقل التمرد على الحكومة ، وأخذه ومنحه حق اللجوء السياسي، فموسكو التي حاولت إعطاء دور رئيسي لكازاخستان الموالية لها، ولكي لا تعطي أية مبرر لأوزبكستان في اخذ أي مواقف ضد روسيا ،من خلال تحميل روسيا أية عواقب لتطور الوضع المأساوي في الجمهورية .روسيا التي رفضت منذ البداية إعطاء باكييف حق للجوء في موسكو بالوقت الذي منحت روسيا، الرئيس السابق اسكر اكاييف حق اللجوء في موسكو . هذا ما عبر عنه موقف الرئيس "ميدفيديف" أتناء اجتماع دول منظمة شنغهاي في طشقند عندما قال ان قيرقيزستان دولة حليفة لنا جميعا ولن نتركها تواجه قدرها بمفردها ،ولكن علينا جميعا مسعدتها ،وكذلك الموقف الرسمي لروسيا الذي عبر عنه الرئيس" ميدفيديف" أثناء زيارتها إلى كندا في 24 "حزيران يوليو"، الحالي قبل انعقاد قمة دول 8 والعشرين الصناعية بقوله روسيا لن ترسل أية قوة عسكرية إلى قيرقيزستان،بل اكتفت بار سال مائة وخمسون عسكري من القوات الخاصة لحماية المصالح الروسية وتعزيز القاعدة العسكرية الروسية في العاصمة بيشكيك.

منظمة المؤتمر الإسلامي:

لايزال الغموض يسيطر على موقف دول منظمة المؤتمر الإسلامي من خلال الحالة التي وصلت إليها جمهورية قيرقيزستان بسبب الصراع الدموي الدائر بين الأقلية الاوزبكية والأكثرية القيرقيزية، فالحياد السلبي التي تعتمدها دول هذه المنظمة يفسح المجال إمام تدخل إقليمي، لعدم اتضاح الموقف الرسمي الإسلامي من أدانت هذه الإحداث والتدخل الفعلي لمحاولة الالتفاف عليها أو لجهة تشجيع روسيا من اتخاذ أية مبادرة فعلية تفرض علي الجانبين الالتزام بها، مدعومة من الجانب الرسمي الإسلامي الممثل بموقف المنظمة ، وقطع الطريق أيضا أمام تنامي التطرف الإسلامي التي تعتبر هذه المناطق مناطق نموا سريعا لها بسبب تردي الحياة الاقتصادية والاجتماعية فيها لكن بدون المبادرة الإسلامية،تبقى الدول غير قادرة على التدخل المباشر لتطويق ذيول الحادثة، وقطع الطريق أمام امتداد لهيب النار،إلى كل دول أسيا الإسلامية التي تعج بالقوميات والأثينيات المختلفة والتي تتبع الديانة الإسلامية والمذاهب السنية .

ختام قصة المأساة للشعب القيرقيزي:

قيرغيزستان: هي ممر الحرير الأول عبر التاريخ رابط الشرق بالغرب .

قيرغيزستان :هي بلد الشيوعي الأول وبطل الثورة البلشفية عام 1917 ،والذي سميت العاصمة في الزمن الشيوعي باسمه "فرونزي "الذي غيرت اسمها إلى بشيكيك بعد انهيار الشيوعية ،لكن اسم فرونزي لم يختفي من روسيا الذي لاتزال تعرف باسمه أشياء كثيرة في روسيا "كمحطة المترو في موسكو وشوارع كثيرة في روسيا، التمثيل، عروض السينما ،المحلات الكبرى، كتب التاريخ ،...الخ ...".

قيرغيزستان: هي بلد الكاتب السوفياتي العظيم "جنكيز إطماطف،الذي كتب رواية عن المعلم الأول الذي ذهب ليعلم في القرى النامية في أيام الثورة الشيوعية والتي لاتزال هذه القصة تدرس حتى اليوم في المناهج الروسية الحديثة . قيرغيزستان هي الدولة الأسيوية الغير سلافية التي لا يتكلم شعبها سوى اللغة الروسية ،ويتعلم فيها في المدارس والجامعات، فالشعب القيرقيزي الذي يتداول لغة، أصبحت لغته ويملك ثقافة ،روسية ويعمل شعبه في روسيا، فكيف لا يطلب المساعدة من روسيا. فكيف لموسكو إذا أن لا تمد يد العون لهفي أحلك الظروف الذي يعيشها هذا الشعب إلى هذا الجزاء من التاريخ ،الثقافة، الحضارة وتاريخ روسيا القديم والحديث وصانع النصر معها ومستخرج ثروة النفط في أقاصي سيبيريا ،فالوقوف إلى جنبه بأصعب لحاضت عمره، بالوقت الذي يتعرض اليوم هذا الشعب ، لا صعب الظروف المعيشية بسبب القتال ألاثني والعرقي الذي يمزق بلاده،فروسيا التي تتمهل في المساعدة وإنما تحاول المساعدة بطريقة مدروسة كي لا تقع في فخ يبعدها نهائيا عن الشعب والمنطقة وتتحول عدة ،بوجه الشعب الإسلامي القيرقيزي أو الاوزبكي .

ــــــ

*باحث ومتخصص بالشؤون الروسية ودول الكومنولث

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ