ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء  02/12/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


موجبات تغير الفتوى

(5)

من موجبات تغير الفتوى: تَغيُّر الرأي والفكر

د.يوسف القرضاوي

وكما أن تَغيُّر المعلومات من موجبات تَغيُّر الفتوى: نجد تغيّر الرأي والفكر من الموجبات أيضا.

فقد لا تتغير المعلومات، ولكن يتغيّر فكر المجتهد بناء سعة إطلاعه، ونظره في فكر المدارس المختلفة، ومقارنة بعضها ببعض، أو بناء على تأمل ومراجعة للأمر المتعلق بدراسته، أو بناء على مناقشة علمية حوله، ينكشف ما كان خافيا، ويظهر ما كان غامضا،  بحيث يتغير ـ نتيجة لذلك ـ رأي المجتهد وحكمه.

وقد يكون ذلك بحكم تقدم السن، وزيادة النضج، واتساع الخبرة والتجربة في الحياة، وقد يتغير فكر العالم تغيّرا جذريا، بمقتضى مؤثرات شتّى، فينتقل من التشديد والتعسير إلى التخفيف والتيسير، أو من الحرفية والظاهرية إلى رعاية المقاصد وعلل الأحكام. فهو هنا ينتقل من منهج إلى منهج، أو من مدرسة إلى مدرسة أخرى. كما رأينا عددا من علمائنا قديما ينتقل من مذهب إلى مذهب، أو من أهل الحديث إلى أصحاب الرأي أو العكس، كما فعل الإمام أبو جعفر الطحاوي وغيره.

وهذا التغير الجذري له أثره في تغيير الفتاوى الجزئية التي تصدر عن الفقيه، فمن انتقل من التشديد إلى التيسير، أو من الظاهرية إلى المقاصدية: ظهر ذلك في فتواه من غير شك.

ولما ذكرناه هنا من أمثلة تغيّر الرأي والفكر أمثلة شتّى.

 

تغيير رأي الفاروق في المسألة الحمارية

وهذا ما رأيناه في رأي سيدنا عمر رضي الله عنه في قضيته المعروفة في في علم الفرائض أو المواريث باسم ( الحمارية) أو(الحجرية) وهي قضية يترك فيها الميت من ورثته: زوجا وأُمًّا واثنان فصاعدا من ولد الأم، وأخا شقيقا لأب وأم – أو أكثر من أخ- فقضى فيها عمر مرة بأن للزوج النصف، وللأم السدس، وللإخوة لأم الثلث، يشتركون فيه، ولا شيء للإخوة لأب وأم.

ومرة أخرى، عرضت القضية على عمر، فقضى فيها بنفس القضاء السابق، فقال له الإخوة الأشقاء: يا أمير المؤمنين، هب أن أبانا كان حمارا – وفي رواية: حجرا – ألسنا من أم واحدة؟ فراجع عمر نفسه، وأشرك فيها الإخوة لأب وأم مع الإخوة لأم في الثلث بالتساوي[1].

 

تغيير رأي الشافعي ومذهبيه القديم والجديد

وأعتقد أن بعض اجتهادات الإمام الشافعي التي غيّر فيها مذهبه في مصر عن مذهبه في العراق، كانت من هذا النوع، أعني غيّر اجتهاد بناء على تغير رأيه وتفكيره، ولا سيما بعد أن أصّل الأصول، وفرّع الفروع، وناقش الأئمة، ورد عليهم بحججه، ودان الجميع له بالإمامة، وبلغ غاية النضج العلمي، الذي يمكن أن يرتقي إليه فقيه.

 

تعدد الآراء في المسألة الواحدة عند كثير من الأئمة:

ولعل كثيرا مما يروى عن الأئمة الكبار أمثال مالك وأحمد من روايات عدة في المسألة الواحدة، مرجع بعضها إلى تَغيُّر الرأي والفكر عند الإمام.

 

ولي في هذا نصيب

وأنا شخصيا أجد عندي بعض فتاوى تغيّر اجتهادي فيها، بناء على تغيّر الرأي والفكر، لا تغيّر المعلومات، ولا تغيّر المكان ولا الزمان، مثل فتواي في شراء البيوت للأقليات المسلمة عن طريق البنك الربوي إذا لم يتيسر بنك إسلامي، فقد كنت أُحرّم ذلك مطلقا قبل ذلك، وخالفت فيه الفقيه الكبير الشيخ مصطفى الزرقا الذي كان يرخص في ذلك، ثم بعد مدة من الزمن تغير رأيي، وأصبحت أنظر للأمر من جوانب شتى، فانتهيت إلى إجازة ذلك بضوابطه وشروطه، وهو ما أخذ به مجلس الإفتاء الأوروبي، ووافق عليه بالأغلبية[2].

------------------------

 [1]  قال ابن قدامة في المغني: هذه المسألة تسمى المشركة، وكذلك كل مسألة اجتمع فيها زوج وأم أو جدة واثنان فصاعدا من ولد الأم وعصبة من ولد الأبوين، وإنما سميت المشركة لأن بعض أهل العلم شرّك فيها بين ولد الأبوين وولد الأم في فرض ولد الأم، فقسمه بينهم بالسوية.

وتسمى الحمارية لأنه يروى أن عمر رضي الله عنه أسقط ولد الأبوين فقال بعضهم : يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حمارا، أليست أمنا واحدة ؟ فشرك بينهم. ويقال: إن بعض الصحابة قال ذلك فسميت الحمارية لذلك. انظر: المغني (7/ 22).

 [2]  انظر: الفتوى بالتفصيل في كتابنا: فتاوى معاصرة / ج3 / ص 625 وما بعدها , وانظر : في فقه الأقليات المسلمة / ص 154 وما بعدها .

ــــــــــــ

المصدر : موقع القرضاوي/ 24-1-2008

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ