ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 10/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الأصولية الشيعية لا يمكن تجاهلها

حسان قطب*

الحديث المتجدد عن الأصولية والتشدد في الإعلام اللبناني وبعض الإعلام العربي يقود دائماً باتجاه واحد.. ويحرص البعض على أن يبقى هذا الفهم وهذا الشعور منقاداً في هذا الإتجاه...

فالأصولية أو التشدد هي في معناها الحقيقي الإلتزام بتوجهات معينة ومحددة واعتناق عقائد ومبادئ لا يمكن التراجع عنها بل لا يحق لأحد من أبناء هذا المذهب أو الطائفة الإخلال بمسلماته أو تغيير شئ من مندرجاته.. وهذه الحالة أو هذا التوجه ليس حكراً على أبناء طائفة أو مذهب.. أو أتباع فكر عقائدي أو علماني أو يساري أو عرقي أو أي شكل أخر من أشكال التموضع والإلتزام.. بل هي حالة منتشرة في أصقاع العالم دون استثناء..

وفي هذا الإطار يمكن القول أن التدخل الذي تمارسه الحكومات الأوروبية في منع الحجاب هو التزام أو محاولة إلزام مواطنين أوروبيين من أصول عربية أو إسلامية بفكر علماني أو يساري بقوة القانون أو بقوة الحملات الإعلامية الهادفة إلى إنزال أفكار معينة في عقول المواطنين المقيمين والوافدين على حد سواء..

وفي لبنان نرى اليوم حملة واسعة النطاق إعلامية وسياسية تتحدث عن الأصولية القادمة إلى ربوع لبنان عبر الوافدين الخليجيين وكأن أبناء الخليج هم مجموعة من القتلة والمرتزقة وعشاق الدم يبحثون عن منطقة صراع أو مناطق القلق والتوترات حول العالم لتنفيس حقدهم وغضبهم وفرض مفاهيمهم على من سواهم من العرب والمسلمين والمسيحيين..؟؟؟.. وهذا الإتهام إنما يقصد منه الإيهام بأن السلاح المنتشر في مربعات وإقطاعيات أمنية معينة إنما هو لمواجهة هؤلاء الوافدين... الراغبين في تغيير خريطة لبنان وتركيبته الكيانية..

وهذا غير صحيح على الإطلاق.. فالوافدين الخليجيين إلى لبنان هم بين أهلهم وإخوانهم... ولكن هذا البعض يسعى لتغطية اندفاعته نحو التطرف الأصولي والجنوح والانعزال والتقوقع داخل مجتمعه وبين جمهوره ليسهل عليه قيادتهم في الاتجاهات المناسبة له وعلى الصعد كافة.. السياسية والإقتصادية والتربوية والأمنية.. فيقوم بتركيز هجومه وإطلاق الإتهام بالأصولية نحو فريق معين في محاولة لإخافة فريق كبير وشريحة مهمة من اللبنانيين من شريكها الأساسي في الوطن... وبالأمس أطلق أحد العناوين السياسية جملة اتهامات بحق أحد الأحزاب متهماً إياه بالتدريب والتسلح أيضاً في محاولة لإخافة فريق أخر... متناسياً هذا وذاك أن السلاح هو في يد فريق واحد وبكثافة تتجاوز الحاجات الشخصية والحربية حتى.. كل هذه الاتهامات هي محاولة لتبرير ممارسات مخابراتية وحملات إعلامية وعقبات سياسية يضعها هذا البعض في طريق إعادة بناء الدولة وتفعيل مؤسساتها وتعزيز قدرات قواها الوطنية الواحدة الموحدة من جيش وطني وقوى أمن وسائر قطاعات القوى الأمنية.. وهذا الواقع وهذه الحملة دفعت المسؤول السياسي السابق في حركة أمل السيد نسيب حطيط إلى إطلاق صوته عالياً داعياً المراجع السياسية والدينية في الطائفة الشيعية في لبنان إلى مراجعة هذا الواقع وتصحيحة لخطرة تداعياته على الطائفة الشيعية أولاً وعلى لبنان ثانياً..حيث يقول..السيد نسيب حطيط... في مقالةٍ له نشرت وهذه مقتطفات منها.....

"يشكل الدين عند البعض وسيلة للعيش الذاتي، الباذخ دون تعب أو عناء. فإن ما تشهده الساحات الدينية والثقافية والاجتماعيــة في قرانا ومدننا، توجب على أحد أن يشير بالبنان إلى قضية تجاوزت حدودها الاجتماعية والسلوكية، بغطاء ديني، ظاهر، وهي كثافة رجال الدين المعممين (عمامات بيضاء وسوداء) بحيث يتجاوز عدد رجال الدين في بعض القرى العشرة أو الخمسة عشر، ومتوسطها حوالى الخمسة، مما جعل العديد الإجمالي لرجال الدين عند الطائفة الإسلامية الشيعية يتجاوز حوالى ألف وخمسمئة رجل دين، أي بمعدل رجل ديــن لكل ألـف نسمة، وحتى لا يفسر كلامنا اتهاماً أو خطأ فإننا نورد الوقائع التالية:

ـ إن الإسلام دين، لا يبعد معتنقيه عن السياسة، وأن لكل مسلم، سواء كان رجلاً عادياً أو رجل دين، الحق في اعتناق الفكرة والنهج السياســي الذي يريد، ومعاداة من يريد من التنظيمات، تحت شعار حرية الخيار الســياسي، وإلاّ كيف يمكن القبول بأن ينضم عشرات رجال الدين في أقل من ستة أشهر طمعاً بالراتب والسيارة والعطاءات والحوافز، أو كيداً لبعض التنظيمات أو المرجعيات في صفوف أحد التيارات السياسية المجاهرة بالتحالف مع أميركا وضد المقاومة وسلاحها، والقبول بالمخططات الأميركية، ومن ثم عندما لاحت بوادر انتهاء المشروع، انفضوا عنه معلنين تأييدهم الظاهري، لخيار المقاومة، وكأن المبادئ وحدود الحرام السياسي تتبدل وفق المعايير المالية والعطاءات المادية.

ـ يؤسس بعض رجال الدين، مشاريع خيرية ودينية، ويشكلون الجمعيات الدينية، لجمع التبرعات والأموال الشرعية لكفالة الأيتام والفقراء، والمشاريع الثقافية أو الاجتماعية، وسرعان ما تتحول هذه المؤسسات التي جمعت باسم الدين، وباسم الطائفة، وباسم الفـقراء والمعوزين، ملكاً حصرياً لعائلته وأصهاره، وفي أحسن الحالات لبطانته، والأمثلة كثــيرة لمشاريع تعليمية، تحولت إلى مؤســسات عائلية حصرية.

ـ إن تأسيس بعض الحوزات الدينية، واستقبالها للطلاب لا يخضع للضوابط، فليس من آلية لمتابعة هذا الطالب ـ رجل الدين، الذي ينتقل من الإطار النظري ـ الأكاديمي إلى الممارسة العملية والوقوع بالتناقض الخطير، بين المثاليات والوقائع، فيسقط معظمهم في التجربة.

ـ كان رجل الدين يعرف بتقواه وفقره، وتواضعه، وزهده، أما اليوم ومع بعض الاستثناءات فإن منزل رجل الدين أو إمام البلدة، يمثل (إمام المنازل) وسيارته إمام السيارات، وعيشه عيش الملوك، متمايزاً عن بيئته بشكل فاضح حتى يتخيل للناظر إذا مر أمام اجتماع لرجال الدين، أنه أمام معرض للسيارات الفخمة..

ـ إن رجال الدين ليسوا معصومين عن الخطأ، سواء الهيّن أو الفادح، ومع ذلك فهم الشريحة الوحيدة في هذا العالم التي لا تخضع للمساءلة، حتى من أطرها الشرعية.

ـ إن معظم رجال الدين ليسوا منتجين مالياً، وإنما يعيشون من الأموال الشرعية أو عطاءات الناس أو من رواتبهم الحزبية، وبالتالي فإن المال الشرعي العام يتحمل وزر معيشتهم مع عائلاتهم.

ـ أين هي الآليات القــضائية، الخاصة، لمحاكمة رجال الدين الذين يرتكبون الأخطاء، والأفعال السلوكية، فلم نسمع يوماً أن عوقب رجل دين مع وجود مخالفات يعرفها أولو الشأن من مرجعيات دينية.

ـ أين هي الضوابط، لافتتاح الحوزات الدينية، وأمام تفريخ (الديوانيات الدينية) في شقق أو بضعة غرف، ويطلق عليها اسم الحوزات الدينية التي تخرّج من سيطلق الفتوى التي تتناول دماء الناس وأموالهم وأعراضهم... الظاهر أننا على أعتاب مرحلة من (الإكليروس الديني) الذي يجد لنفسه العصمة والقداسة، ويفرضها على الناس، وإلا اتهمت بالكفر والإلحاد، بمجرد أنها اكتشفت عيوب البعض وخداعه وتقصيره... عسى أن يبادر من بيدهم الأمر إلى العلاج الهادئ والحكيم، لما يتعرض له مشروع (العمامة الواعية) من إغراق (بالعمامة المهنة) أو (العمامة الوراثية) أو (العمامة الجاهلية)، فإذا ما انتشرت وانتصرت العمائم الثلاث الدخيلة، تعرض الدين للانحراف، والرسالة للضعف والناس للضياع، حينها يتمكن العدو من النصر، لأن سلاحاً أساسياً من أسلحتنا وهو (السلاح العقائدي) يكون قد فقد ذخائره من عقولنا وسلوكياتنا، والله من وراء القصد". أنتهى كلام السيد حطيط..

ما ذكره السيد حطيط أو ألمح إليه في مقالته برزت بعض ملامحه فيما جرى في مدينة صور حين طالب اللقاء العلمائي في مدينة صور بإلغاء حفل سياحي بحجة الحفاظ على طابع المدينة وكأن إدارة ذاتية قد تم تسليمها مقاليد المدينة تقوم إلى جانب البلدية وسائر المؤسسات الرسمية بتحديد المسموح والممنوع..  حيث أوردت صحيفة السفير نقلاً عن مراسلها في مدينة صور....

"لا تزال قضية إلغاء حفل راقص لإحدى الفرق البرازيلية في مدينة صور تتفاعل ومعها النقاش الذي دار بين بلدية المدينة واللقاء العلمائي برئاسة الشيخ علي ياسين.... وفي هذا السياق أصدر اللقاء العلمائي بيانًا رطب فيه الاجواء مع البلدية ضمنه مدح بالبلدية وعدم المس بالتحالف بين الثنائي الجنوبي (حزب الله وحركة أمل)، مع تأكيده على صوابية قرار الالغاء.... وشكر التجمع البيان كل من ساهم في الحفاظ على عراقة مدينتنا وتثبيت هويتها وانتمائها الممتد إلى خط الإمام السيد موسى الصدر والمرجع السيد عبد الحسين شرف الدين"... وفي المقابل أصدر عدد من الجمعيات والمنتديات الثقافية في صور بيانًا على إثر اجتماع عقدوه أن منع الحفل يضر بسمعة صور السياحية ووجهها الحضاري وينعكس سلبا على النشاط الاقتصادي في المدينة.  و"خشيتهم من أن يتحول الامر الى سابقة يليها المس بالحريات في بلد التعايش ومدينة الانفتاح"، مبدين تخوفهم "من أن يكون الإلغاء القسري مؤشرا ومقدمة لاجراءات تمس الحريات الفردية والعامة من شأنها ان تدفع بالمدينة بالانضمام الى قائمة المدن «المغلولة» بإجراءات القمع والتحريم. وخلص البيان إلى التأكيد على حق الجميع بالتعبير عن الرأي دون فرضه على الآخرين واحترام مشاعر الجميع".

هذا الواقع الذي نعيشه في لبنان اليوم والذي يراه الجميع دون استثناء والذي تتجلى أهم مظاهره في تعطيل تشكيل الحكومة لمدة تزيد عن أربعة أشهر إلى الآن دفع.. رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام، المطران بشارة الراعي أن يدعو إلى "التخلي عن كلمة الشراكة التي لها معنى تجاري واعتماد الشركة التي لها بعد عمودي وتعني الاتحاد مع الله، وبعد أفقي يعني الوحدة مع كل الناس والابتعاد عن الخلافات والاتهامات والتخوين لأنها لا تبني وطننا". وقال: "علينا بناء الشركة التي تولد الثقة والتجرد وهذا ما يتطلبه العمل السياسي". ورأى الراعي "أن ما نعيشه اليوم هو خلاف مذهبي على من يحكم لبنان وأن قوى 14 و8 آذار دليل على صراع سني - شيعي حول من يحل مكان المارونية السياسية". وقال "نحن في لبنان نعيش أزمة حكم وليس أزمة نظام"، مشدداً على "ان وحدتنا هي في ثقافة العيش معاً لان لبنان يحكم بالشركة وبتقاسم المسؤولية وبذلك نمنع السير باتجاه المشروع الدولي الذي يعمل لاقامة دويلات"... وأسف الراعي "لتحول العمل السياسي في لبنان اليوم عملاً ميليشيوياً".

وهذا الكلام المسؤول إنما يشير إلى حقيقة ما يجري وإلى مسؤولية الفريق الذي يسعى لتعطيل إتفاق الطائف وتعديل الدستور وصولاً إلى فرض هيمنته على سائر مكونات المجتمع اللبناني كما أمسك بزمام جمهوره وفريقه.. إذاً الأصولية فكر وممارسة... وما ذكره السيد حطيط في مقالته يؤشر بوضوح إلى مخاطر الأصولية أو الفكر الأصولي الذي بدأ يتمدد داخل القرى والمدن الشيعية في لبنان.. ليس لبناء وطن ولكن لحماية مكتسبات ومميزات دينية ودنيوية.. شرحها السيد حطيط بوضوح وإسهاب..

فالعائلات الشيعية ال11000، التي استثمرت في مشاريع صلاح عزالدين الغامضة وغير الواضحة كانت نتيجة ثقة أضفاها انتماؤة إلى فريق يقود هذه الطائفة سياسياً وفكرياً ومالياً.. ويدعي حمله مسؤولية الحفاظ على حقوقها ومكتسباتها.. وهو الفريق عينه الذي قاد هجوم السابع من أيار واضعاً البلد بأسره تحت خطر الإنقسام المذهبي وعلى شفير حرب أهلية.. وهذا الواقع اللبناني المتردي هو نفسه الذي وصف خطورة حاله سمير جعجع بالقول بأن "سلاح "حزب الله" سيجرّ سلاح الحركات الأصولية إلى الساحة اللبنانية"، مشيرًا الى أن "حزب الله" لا يزال يسير بمشروعه، "فهو صاحب نظرة كاملة متكاملة للشرق الأوسط، وهذه النظرة أكبر من لبنان الذي يُشكل عنصراً من عناصر هذا المشروع"..  هذا الواقع المرير الذي يعيشه المجتمع اللبناني، هو نفسه الذي يعيشه المجتمع العراقي على يد مجموعات الصدر والحكيم.. والمجتمع البحريني على يد الحركة الانفصالية في البحرين والمجتمع اليمني على يد مجموعة الحوثي التي قادت البلاد نحو حرب أهلية مدمرة رغم أن اليمن في أشد الحاجة لخطط التنمية وتعزيز الوحدة بين جنوبه وشماله.... والمجتمع الإيراني الذي يعاني من فوقية القرارات والتوجهات التي تتجاهل كافة مكونات المجتمع الدينية والعرقية والسياسية.. وهذا كله يؤسس لانقسام طائفي ومذهبي وعرقي في كافة هذه المجتمعات نتيجة ثقافة الإنعزال المالي والتربوي والسياسي والأمني.... وفي هذا الإطار يمكن القول أنّ الأصولية الشيعية حالة لا يمكن، بل لا يجب تجاهلها...

إذاً فالفكر الأصولي ليس حكراً على مجموعة بعينها بل هي فكر يقود إلى فعل وممارسة وتربية وتوجيه يمارسه من يملك مشروعاً يتجاوز ثقافة العيش المشترك.. والتفاعل مع سائر الحضارات والمجتمعات.. والإلتزام بالمفاهيم الديمقراطية... التي تؤسس لمبدأ تداول السلطة بالطرق الدستورية..

ـــــــــ

*مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات

المصدر: المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات

6/10/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ