ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 08/09/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حقائق عندهم وأحلام عندنا

فهمي هويدي

خلال الأيام الثلاثة التي أمضاها وزير الخارجية التركي في القاهرة، نجح الرجل في إبهارنا بقدر ما أصابنا بالحسرة والحزن.

سمعته يقول إنه خلال السنوات الست الأخيرة زار «الجارة» سورية 36 مرة، فكدت أداري وجهي من الخجل، لأنني كنت أعلم أن وزير الخارجية المصري زار السودان ــ الجارة الأكثر أهمية لمصر-مرتين فقط خلال الفترة ذاتها (في مرتين أخريين ذهب مشاركا في القمتين العربية والأفريقية ولم يكن قاصدا السودان).

رغم أنها لم تكن زيارته الأولى للقاهرة، التي عاش فيها ثلاثة أشهر أثناء تحضير أطروحته للدكتوراه، إلا أن الدكتور أحمد داود أوغلو «50 سنة» سعى لأن يتواصل مع أوسع شريحة من المصريين، تراوحت بين كبار المسؤولين والصحافيين والمثقفين وشباب الديبلوماسيين.

وفى كل لقاءاته كان حريصا على أن يحقق هدفين،

أولهما أن يشرح لسامعيه كيف تفكر تركيا فى محيطها،

والثاني أن يتعرف على انطباعات النخبة المصرية وآرائها إزاء التحركات التركية.

كان الدكتور أوغلو قادما من زيارة وساطة بين بغداد ودمشق، بعد أزمة التفجيرات الأخيرة بالعاصمة العراقية التى اتهم بعض البعثيين فى سورية بالضلوع فيها. وكانت تلك الوساطة والرحلات المكوكية ما برح الرجل يقوم بها طول الوقت، متنقلا بين مختلف العواصم مدخله للحديث عن دور «الإطفائي» الذي أصبحت تقوم بها تركيا على مختلف الجبهات.

إذ خلال السنوات الست التى عمل فيها كبيرا لمستشاري رئيس الوزراء ثم وزيرا للخارجية أخيرا، لم تثر مشكلة فى الجوار التركي الممتد من القوقاز إلى حدود الصين، أو في منطقة الشرق الأوسط إلا وكان حاضرا فيها بشخصه.

فى رأيه أن تركيا، تماما مثل مصر، بلد لا يستطيع أن ينكفئ على نفسه، وإنما لكل منهما دوره الذى رسمته له الأقدار. بحكم التاريخ وأمر الجغرافيا. وإن أى بلد يستطيع أن يغير أشياء كثيرة فى سياساته ومسيرته، لكنه لن يستطيع أن يغير من التاريخ أو الجغرافيا، وإن ظل بمقدوره أن يغير من مفهومه للاثنين وكيفية تعاطيه معهما.

مهمته التى يقوم بها كانت فرصة لكى يطبق خلاصة خبرته الأكاديمية كأستاذ للعلوم السياسية فى جامعة «بالكنت» باستانبول. وقد بسط رؤيته فى عدة كتب وأبحاث، أهمها كتاب «العمق الاستراتيجى ومكانة تركيا الدولية» الذى طبع عام 2001 وتجرى ترجمته الآن إلى العربية. وقد سبق للدكتور إبراهيم البيومى غانم أستاذ العلوم السياسية أن ترجم له كتابين صدرا في القاهرة، أحدهما عن العالم الإسلامى والتحولات الحضارية. والثانى عن الفلسفة السياسية فى النظر الإسلامى والغربى.

كتابه عن مكانة تركيا الدولية أصبح المرجع الملهم للسياسة الخارجية لبلاده، منذ تولى حزب العدالة والتنمية السلطة في عام 2002. إذ زود الحراك السياسي التركي بطاقة انطلاق هائلة لم تعرفها في تاريخها المعاصر. في ظلها تحولت تركيا من جسر بين الشرق والغرب إلى مركز مؤثر في التفاعلات السياسية على الجانبين.

في تنظيره للدور التركي ذهب إلى أن نقطة الارتكاز الأساسية فيه هي ثبات الجبهة الداخلية وتماسكها، وتمتعها بدرجة عالية من الحرية والديموقراطية والقوة الاقتصادية. واستقرار الوضع الداخلي والاطمئنان إليه تتلوه خطوة أخرى تقوم على ما يسميه «تصفير» المشكلات في المحيط الاستراتيجي، بمعنى التصالح مع كل الجيران وجعل المسائل المعلقة معهم عند درجة الصفر. وهو ما نجحت تركيا في تحقيقه سواء فيما خص سورية. التي هددت أنقرة بتوجيه ضربة عسكرية إليها يوما ما «عام 1998». وفيما تعلق باليونان وأرمينيا ودول البلقان. وسجل المرارات التاريخية مع كل منهما حافل بالألغام. وإنجاز هذا الهدف مكَّن تركيا من التقدم باطمئنان لإثبات حضورها في الفاعل المنظمات والمحافل الدولية. وهي الساحة التي تتحرك الآن عليها بثبات وهدوء، سواء على صعيد منظمات الأمم المتحدة، أو مجلس التعاون الخليجى، مرورا بمنظمة آسيان ومنظمة الوحدة الأفريقية والعالم العربي. حيث عقدت تركيا اتفاقات للتعاون مع كل هذه الجهات.

يتباهى الدكتور أحمد داود أوغلو في ختام كل مناقشة بأن بلاده ما كان لها أن تحقق ما حققته إلا حين ثبتت ديموقراطيتها واستقلت إرادتها، وامتلكت رؤية استراتيجية واضحة. اهتدت بها فى مسيرتها. وهو كلام حين سمعته انتابني شعور بالحزن والانكسار، لأن ما أصبح سياسة تمشي على الأرض عندهم، لايزال عندنا أمل نصبو إليه وحلم يبدو بعيد المنال.

ــــــــ

المصدر : صحيفة الرؤية الكويتيه 6/9/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ